بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
سن الزواج في الغرب: في القانون والدين، هل هو عادة مُحكَّمة أم حقائق ثابتة؟
بعض المواقف النقدية التي تصدر من الغرب، الديني أو العَلماني، لا تستند لقيمٍ أخلاقيَّة ثابتة، وإنما عادات ألفوها، أو أحيانًا معلومات مغلوطة تلقها غيرهم عنهم، وأصبحوا يحاكمون بها قيم الآخرين ويدينونهم بها!
ومن تلك العادات (سن الزواج)، التي أخذ الغرب، المتدين والليبرالي، في إدانة الآخرين والحط من قيمهم، لأنها تختلف عن قيمهم الغربيَّة. والعجيب أنَّ الغرب متقلب المزاج مُتغير العادات، يأخذ ويترك ثم يرجع يأخذ، وفي كل مرة يعيب ويدين من يخالفه في الأخذ والترك، لأنه يرى نفسه المركز فقط!
والمعلومات التي سأسوقها هنا، كما ذكرتُ، مختصرة جدًا، لأنه ليس من همتي أن أخصص لها مقالة بحد ذاتها. ومعظم هذه المعلومات مأخوذة من سايمون الفريدو كاراباللو (Simon Alfredo Caraballo)، وهو باحث فنزويلي-أمريكي، حاصل على ماجستير من جامعة تكساس، بالولايات المتحدة الأمريكية.
فيذكر سايمون كاراباللو أنَّ المصادر المسيحية -كالموسوعة الكاثوليكية، ودائرة المعارف الكتابية، وغيرها- تؤكد أنَّ يوسف النجَّار "خطيب مريم"، كان عمره (90) عامًا، وعمر مريم (۱۲) عامًا، أي الفارق بينهما يزيد على(۷۷) عامًا!
وينص الكتاب المقدس -عند اليهود والمسيحيين- على زواج الصغيرات وقبل البلوغ، كما جاء في العهد القديم ما نصه: (لَنَا أُختٌ صَغِيرَةٌ ليس لها ثديان ُ، فَمَاذَا نَصنَعُ لأُختِنَا فِي يَومِ خِطبَتِهَا؟).
ويؤكد سايمون كاراباللو أنَّ زواج الفتيات الصغيرات عند البلوغ في الغرب الديني والعَلماني أمر طبيعية لا غرابة فيه في البيئات والأزمنة الماضية -وحتى في هذه الأزمان-، ولم يكن الناس يعيبون على بعضهم في ذلك إطلاقًا.
ففي عام ۱۱۹۹م تزوج الملك البيزنطي ألكسيوس الثاني من فتاة اسمها أنجياس وكان عمرها حينذاك 9 سنوات فقط. كما تزوج الملك البيزنطي إيزاك أنجلوس الثاني إمبراطور المجر من الأميرة المجرية مارجيرت ماريا وعمرها 9 سنوات أيضًا.
وفي الرواية القَصصيَّة الشهيرة للأديب الإنجليزي شكسبير وهي (روميو وجوليت) -ومع أنها رواية رومانسية خياليَّة وليست حقيقيَّة لكن كانت تكتب في ضوء العادات الزمنية تلك- كانت الفتاة جولييت لا يتجاوز عمرها 13 سنة، ومع ذلك كانت أمها تعتبر أنها تأخرت كثيرًا عن سن الزواج مقارنة بقريناتها!
ويؤكد سايمون كاراباللو أنه في عصرنا الحالي يبلغ سن الزواج القانوني للفتيات في ولاية نيوهامشاير الأمريكية (13) عامًا، و(14) عامًا في تكساس. وفي أسبانيا حتى سنة ۱۹۹۰م كان سن الزواج القانوني هو (۱۲) عامًا، ثم رفع مؤخرًا إلى (13) عامًا.
وقبل ۱۰۰ سنة فقط، كان سن الزواج في كندا (۱۱) عامًا فقط. بل إلى فترة ليست بالبعيدة –كما يؤكد سايمون كاراباللو- كانت الفتيات يتزوجن بمجرد البلوغ، خصوصا في المناطق الريفية التي لا يلتحقن فيها بالمدارس.
ويُبيِّن سايمون الفريدو كاراباللو أن سن البلوغ أمر نسبي يختلف من منطقة إلى منطقة ومن إقليم إلى آخر، فكثيرًا ما يبدأ في المناطق الاستوائية من سن التاسعة، بينما قد يتجاوز الرابعة عشرة وأكثر في غيرها من المناطق.
أما سن الزواج الشرعي في القانون الديني اليهودي، فيقول أبين هاعيزر: "السن المفروض لصحة التزوج بلوغ الثالثة عشر سنة للرجل، والثانية عشر سنة للمرأة. ولكن يجوز نكاح من بدت عليه علامات بلوغ الحلم قبل هذا السن. ومن بلغ العشرين ولم يتزوج فقد استحق اللعن".
والغرب اليوم يعيب ما يفعله غيره بما فعله هو بالأمس، وسيعيب على غيره ما سيفعله هو اليوم أو في الغد، يعيب الآخر وفقًا لعاداته هو في لحظته الآنية، التي يراها الآن هي المعيار الذي يقيس عليه حضارة وتقدمية الآخر أو تخلفه ورجعيته وظلاميته. وكأنه وجب على العالم أن يهتز إذا اهتز الغرب!
والسبب ببساطة، هو أنَّ الغرب اليوم يقوم على المبادئ الليبرالية، قيم السوق والعرض والطلب والأغلبيَّة الذوقيَّة، ومن أراد الاستزادة فليرجع تغريدات بعنوان: "تأملات في المبادئ الأخلاقيَّة في النفس الإنسانية بين تأسيس الدين والإطراد الليبرالي في الحرية".
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد