أيام الذكر


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
عباد الله: نستقبل عشر ذي الحجة وما فيها من فرص العبادة والأعمال الصالحة، فإنهن الأيام المعلومات والمخصوصات بالتعظيم في محكم الآيات، وقد بيَّن فضلها وشرفها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله فيهن من هذه الأيام العشر، قالوا: يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله, إلا رجل خرج بماله ونفسه فلم يرجع من ذلك بشيء) .

عشر ذي الحجة ولياليها أيام شريفة ومفضلة، يضاعف العمل فيها، ويستحب فيها الاجتهاد في العبادة، وزيادة عمل الخير والبر بشتى أنواعه، فالعمل الصالح في هذه الأيام أفضل من العمل الصالح فيما سواها من باقي أيام السنة.

وذكر الله تعالى شعار هذه الأيام المباركة قال تعالى: "وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ". وقال صلى الله عليه وسلم: "فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد". رواه أحمد.

قال الإمام النووي رحمه الله في الأذكار: " يستحب الإكثار من الذكر فيها زيادة على غيرها ، ويستحب من ذلك يوم عرفة ما لا يستحب في غيره. لقوله تعالى : {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج: 28] .

والذكر والدعاء من أفضل الأعمال في العشرة الأوائل من ذي الحجة. قال البخاري في صحيحه وكان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران فيكبر الناس لتكبيرهما. وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام، وخلف الصلوات، وعلى فراشه، وفي فسطاطه، ومجلسه، وممشاه، تلك الأيام جميعًا.

والتكبير نوعان: التكبير المطلق: يبدأ من أول شهر ذي الحجة، إلى آخر أيام التشريق، غير مقيد بوقت معين. والتكبير المقيد: في أدبار الصلوات المفروضة، قال الحافظ في الفتح:" أصح ما ورد فيه عن الصحابة قول علي وابن مسعود أنه من صبح يوم عرفة إلى عصر آخر أيام منى".

ومن الصيغ الواردة في التكبير ما رواه عبد الرزاق عن سلمان بسند صحيح قال: كبروا. الله أكبر الله أكبر كبيرا. وورد عن عمر وابن مسعود: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

فارفعوا بالتكبير أصواتكم، واعمروا به مجالسكم وأسواقكم وأذيعوه في جوالاتكم أحياء لسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام، واحرصوا على العمل الصالح والذكر والثناء على الله في هذه الأيام العظيمة حتى يذكرنا الله فيمن عنده: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ).

ومما يدخل في الأذكار وينبغي الحرص عليه، الأوراد اليومية كأذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم، والأذكار الواردة بعد الصلاة، وكثرة الاستغفار بالليل والنهار.

وصوم يوم عرفة سنة؛ فعن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» أخرجه مسلم، فيسن صوم يوم عرفة لغير الحاج، وهو: اليوم التاسع من ذي الحجة، وصومه يكفر سنتين: سنة ماضية، وسنة مستقبلة فضلا من الله ومنة.

فليحرص المسلم على مواسم الخير؛ فإنها سريعة الانقضاء، وليقدم لنفسه عملا صالحا يجد ثوابه أحوج ما يكون إليه.

بارَكَ الله لي ولَكم في القرآنِ والسنة ونفعني وإيّاكم بما فيهِما منَ الآيات والذكر والحكمة، أقول قولي هذا، وأستغفِر اللهَ العظيم لي ولكم فاستغفروه، إنّه هو الغفور الرّحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد فاتقوا الله عباد الله حق التقوى، واعمروا العشر بالعمل الصالح، فهي الأيام التي أقسم الله بها في محكم الآيات، وهي أيام إجابة الدعوات ومضاعفة الحسنات، فاعمروها وقوموا فيها بطاعة الله وإظهار التكبير والتهليل والتحميد، ولنبادر باغتنام هذه الأيام الفاضلة، قبل أن يندم المفرّط على ما فعل ، وقبل أن يسأل الرّجعة فلا يُجاب إلى ما سأل.

وصلوا وسلموا على رسول الله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) ، ويقول صلى الله عليه وسلم: (من صلَّى علي صلاة صلىَّ الله عليه بها عشراً).
                                                          وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply