بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إن الأولاد من زينة الحياة الدنيا، ونرجو أن يكونوا ذخرا لنا في الدنيا والآخرة، وإنهم سلاح ذو حدين إما لنا أو علينا، وكلا الأمرين بيد الله تبارك وتعالى فبيده الهداية والضلال، ولكن بفضل الله تعالى علينا جعل بأيدينا هداية الدلالة والإرشاد ونحن مطالبون بها أشد المطالبة وذلك من خلال قول النبي صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكل مسؤول عن رعيته) فهذه الذرية التي كنت تتمناه فقد أعطاك الله تعالى إياها وسيسألك عنها وقد تكون تلك الذرية لك أو عليك فاعمل على الأسباب التي تجعلهم ذخرا لك عند الله تبارك وتعالى، وسأذكر في هذه الحلقة بإذن الله تعالى أكثر من خمسة عشر مجالا من المجالات التي من خلالها يكون الأولاد ذخرا لنا وصدقات جارية بإذن الله تبارك وتعالى.
المجال الأول: التفاؤل الكبير بأنهم سيكونون صدقات جارية لنا فهذا التفاؤل هو المدخل لجميع هذه المجالات، وعدم اليأس من حالة راهنة أو موجة فاسدة يعيشها الأولاد فكلما خاصمك الشيطان بالفساد فخاصمه أنت بالتفاؤل واعمل على تحقيق ذلك التفاؤل وعلى أرض الواقع فإن هذا التفاؤل هو انفتاح كبير لنفسيتك الإيجابية على العمل في صلاحهم وإصلاحهم.
المجال الثاني: عليك بتعليمهم أو كن سببا في تعليمهم أحكام دينهم الواجبة والمستحبة ومن ذلك تسجيلهم في المدارس ليتعلموا وحضورهم حلق العلم والعلماء ليتفقهوا فما علموا وعملوا إلا كان لك مثل أجورهم فيا بشراك، كما يمكن أن يكون تعليمهم باللفظ أو بالقدوة أو بالهدية ونحو ذلك.
المجال الثالث: وضع صندوق للصدقة في البيت يتصدقون من خلاله مكفرين ومقبلين ثم يفتح شهريا ويدفع للفقراء والمساكين أو للمشاريع الدعوية فما تصدق أحد منهم إلا كان لصاحب هذه الفكرة مثله من الأجر فهم بذلك صدقة جارية لك وربما كانت الصدقة في الصندوق سرا فكان صاحبها ومن دله عليها تحت ظل العرش كما ورد في الحديث الصحيح في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله وذكر منهم ورجل تصدق بصدقة أخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه)
المجال الرابع: استحضار النية عند الزواج بأنه إذا رزقه الله تعالى تلك الذرية أن يجعلهم صدقات جارية فإنه يؤجر عليها الإنسان ولو لم يعمل العمل لظروف قدرها الله تبارك وتعالى.
المجال الخامس: إعداد درس في البيت أو حلقة ذكر يتعلمون من خلالها الفضائل والأعمال الخيرة فكلما جلسوا في تلك الحلقة وتعلموا وعلموا غيرهم كان لك مثل أجورهم فهم بهذا صدقة جارية لك.
المجال السادس: دلالتهم على الفضائل من الأقوال والأفعال ذات الأجور العظيمة وهذا المجال من أيسرها ومن أهمها فكلما عملوا بهذا العمل كان لمن دلهم عليه مثله من الأجر وذلك مثل قوله عليه الصلاة والسلام: (من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر) رواه البخاري ومسلم.
وغير ذلك من الأذكار اليسيرة ذات الأجور العظيمة فما أيسره من عمل وما أعظمه من أجر، فيا أيها الوالدان الكريمان ابذلا جهدكما في دلالة أولادكم على مثل هذا ولو في كل أسبوع ذكرا من الأذكار يعملون به فيعود لكم مثله، وأيضا من الأفعال كصلاة الضحى وصلاة الوتر والسنن الرواتب ونحو ذلك فالفرصة سانحة أمامكم فاستثمروها قبل أن تتغير الأحوال فالأيام والليالي حبلى.
المجال السابع: تسجيلهم في حلقات القرآن الكريم المنتشرة في بلدنا المبارك في المساجد للبنين وفي الدور النسائية للبنات فما خطوا خطوة أو قرأوا آية أو علموا خيرا فمرصود لكم مثله بإذن الله تبارك وتعالى.
المجال الثامن: وضع برنامج للقراءة الثقافية لزوال جهلهم ومزيد علمهم ورفعة أفكارهم وتوسيع مداركهم وتحسين تصرفاتهم فهذه أعمال صالحة تجازونا عليها بالمثل.
المجال التاسع: وضع برنامج لهم لإحياء القيم الإيجابية فلو شحنتموهم في كل أسبوع قيمة أو خلقا حسنا يتخلقون به ويكون واقعا لهم فلكم مثل أجورهم فأنتم ستطرحون خلال العام قرابة الخمسين خلقا وقيمة، وهذا العدد زاد أخلاقي كريم مبارك.
المجال العاشر: توصيتهم بنشر ما يفعلوه ويعلموه من الفضائل القولية والعملية على جلسائهم واصدقائهم لأن هذا قد يغيب عن أذهانهم كثيرا فيا بشراكم بمثل أجور أعمالهم.
المجال الحادي عشر: افعلوا الفضائل من الأعمال والأقوال أمامهم أحيانا ليقتدوا بكم ويهتدوا بهديكم فربما كسبتم أجرا عظيما من غير أن تتحدثوا إليهم وهذا من الدعوة بالقدوة.
المجال الثاني عشر: الدعاء بصلاحهم وإصلاحهم فربما أن الدعاء الدعاء وافق ساعة إجابة فأفلح الجميع برضوان الله تبارك وتعالى وإجابته ففاز فوزا عظيما فأكثر من قول اللهم أصلح قلوبنا وقلوبهم وأعمالنا وأعمالهم.
المجال الثالث عشر: حثهم على المشاركة في الأعمال الخيرية والتطوعية في المجتمع واختاروا لهم ما ترونه مناسبا لهم ليكسبوا هم الخبرات وتكسبوا أنتم الخيرات وفضل الله تبارك وتعالى واسع.
المجال الرابع عشر: كونوا سببا في أن أبناءكم يصبحون أئمة ومؤذنين فهذه المنزلة وهي الإمامة أو المئذنة سيتبعها من الأعمال الخيرة الكثيرة ما الله به عليم سواء في السلوك أو في الإيمانيات والتصرفات فهي تربية للابن من جهة وأيضا ينال مثل أجره من جهة أخرى فاحرص كل الحرص على ذلك فهي مكسبة للخير مصدة عن الشر بإذن الله عز وجل.
المجال الخامس عشر: عليك بتعويدهم الإحسان إلى الناس وبذل الخير لهم فإذا أخذوا هذه الصفة منك فما أحسنوا إلى أحد إلا ولك مثل أجورهم لأنك دللتهم عليه وهم بهذا يفتقرون إلى إرشاداتكم لهم في تطبيق ذلك وتشجيعهم وتحفيزهم وأن تكونوا قدوة لهم وهم ينظرونكم في إحسانكم إلى الآخرين فالقدوة لا تقل أهميتها عن التشجيع اللفظي والتحفيز.
المجال السادس عشر: تعليمهم الفاتحة وقصار السور التي سيقرأونها في صلواتهم كلها في جميع عمرهم فإن استطعت أن لا يسبقك أحد في تعليم ذلك لأولادك فافعل ليكون لك مثل أجور قراءتهم.
معاشر الآباء والأمهات هذه ستة عشر مجالا من خلالها تأتيكم الأجور من خلال عمل أولادكم وهذا من الوجه الإيجابي للذرية فيا بشراكم إذا امتلأت كفة الحسنات لديكم بأعمال يعملها غيركم ولكم مثل أجر ذلك العامل، فانظروا في هذه المجالات وغيرها مما يماثلها ثم اجعلوها واقعا عمليا لكم فهي والله التجارة الرابحة في الدنيا والآخرة ففيها مربحان عظيما.
الأول صلاح الذرية، والثاني الأجور التي تكسبونها من خلال تلك المجالات وأمثالها وكفى بها فرحا واستبشارا بفضل الله تبارك وتعالى ورحمته. وإن رؤيتكم لأبنائكم وهم يزاولون تلك الأعمال في هذه المجالات ونحوها إنما هي عاجل بشرى المؤمن فهو نعيم في الدنيا تخالطونه ونعيم في الآخرة ترجونه بإذن الله تعالى، ولكني أهمس في آذان الوالدين بأن هذه المجالات تحتاج إلى جهودكم المستمرة مع أولادكم ودعواتكم لهم بحيث يشعرون بأنكم قمتم بما يجب عليكم تجاههم أما من تركهم وما يشاؤون واكتفى بهداية التوفيق فقط فهذا لم يقم بالواجب عليه شرعا فإن عليه هداية البيان والإرشاد لأنه مسؤول عنهم يوم القيامة أصلحنا الله تعالى وأصلح لنا وأصلح بنا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد