حول الحكم الشرعي لمشاريع العملات الرقمية


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

من أكثر ما يشغل المستخدمين المسلمين في مجال العملات الرقمية هو الحكم الشرعي للتعامل مع كل عملة. وبالتأكيد فإنه من الصعوبة حصر العملات التي توافق مشاريعها للمعايير الشرعية في قائمة واحدة نظرًا لظهور عملات ومشاريع جديدة كل يوم، وكذلك تغير أنشطة مشاريع العملات نفسها من وقت لآخر. ولذلك من المهم الإحاطة بقواعد عامة في معرفة الحكم الشرعي للعملات الرقمية، وفيما يلي أهم القواعد التي في حال تحققها يمكن التعامل مع العملة بيعًا وراءً واعتبارها "حلال":

• أن يكون المشروع قائمًا بالفعل وليس مجرد وعود على الورق، لأن كثير من العملات يتم تداولها في السوق ومن ورائها مشروع نظري لا وجود له، فيصبح البيع والشراء عليها مجرد شكل صوري، وحقيقتها انها وسيلة لتبادل الأموال بما يتضمن ذلك من مراباة محرمة.

• ألا يتضمن مشروعها أي نشاطٍ محرم.. مثل المعاملات الربوية أو القمار أو الإقراض والاقتراض، أو أن يكون نشاط العملة يتعلق بصناعة السوق AMM أو توفير السيولة Liquidity، لما يتضمن ذلك من فوائد ربوية نظير توفير السيولة.

• مشاريع الدي فاي DeFi ليس كلها محرمة، المحرم منها ما يقدم خدمات ربوية صريحة مثل الإقراض أو الاقتراض بفوائد أو توفير السيولة liquidity أو زراعة العائد Yield Farming. وإذا كانت تقدم فقط حلول لتقنية الـ DeFi أو بنيتها التحتية لتستخدمها المشاريع المختلفة فهذا ليس سببًا للتحريم، مثل استخدام البنوك الربوية للتطبيقات الحاسوبية وشبكات الانترنت فهذا لا يحرم هذه التطبيقات أو الشركة التي تقدم خدمة الانترنت.

• مشاريع الألعاب ليس كلها محرمة. إلا إذا كانت تقوم على تجميع العملة أو النقاط وهناك احتمالية خسارتها بأي شكل من خلال اللعب فهذه أشبه بالقمار، وإذا كانت اللعبة تقوم على ربح العملة أو النقاط أو أي شكل من أشكال الرموز NFT من خلال اللعب والمنافسة مع اللاعبين دون أن يتضمن ذلك خسارة أيٍّ منها فهذه بعيدة عن الحرام إن شاء الله.

والألعاب التي تقوم على الميتافيرس Metaverse وبناء وبيع العقارات والمقتنيات وخلافه وهي في إطار الرموز غير القابلة للاستبدال NFT.. فهذه لا وجه لتحرميها.

• عملات الأندية لا تحرم لكونها أندية، إلا إذا اشتملت على أنشطة محرمة أخرى.

• في حال كان مشروع العملة في أصله حلال ولكنه يتضمن أنشطة فرعية محرمة، فهذه عملات تقع في دائرة الشبهات والأولى اجتنابها.

ومن مجالات العمل والربح في سوق العملات الرقمية ما يعرف بالتحصيص أو الستاكينج Stacking، وهو وسيلة لتحديث لآلية التعدين ومصادقة المعاملات لتصبح آلية إثبات الحصص POS - Proof of stake، ويتم توزيع مكافأة التعدين على الذين قاموا بالحجز Stack. وهذه وإن كانت جائزة في أصلها لكنها تنطوي على جزءٍ محرم فيما يتعلق بمصادقة بعض المعاملات الربوية خاصةً في مشاريع الدي فاي DeFI، ومن هنا فيجب تجنب هذا الاستاكينج في الشبكات التي تدعم مشاريع الدي فاي DeFI حتى لا نشارك في كتابة ومصادقة معاملات ربوية.

وهناك التحصيص Stacking الذي يتم في المنصات من خلال حجز عملاتك لتشارك مع المنصة في التحصيص الأكبر على الشبكة كتعدين ومصادقة معاملات، والارباح العائدة على تحصيص المشتركين هنا هو فوائد ربوية صريحة على مشاركتهم مع المنصة في حجز أموالهم وليس على مشاركتهم في التحصيص بشكل مباشر.

وأما التحصيص Stacking في برك السيولة ومشاريع الدي فاي DeFi مباشرةً فلا شك في حرمتها كونها مشاركة في عمليات ربوية محرمة.

وبالتالي فلا يجوز التحصيص إلا في الشبكات والعملات التي لا تنطوي على عمليات محرمة أو مشاريع دي فاي DeFi.

ولا يسع المستخدم الملتزم بالقواعد الشرعية أن يجهل أهم قاعدة في سوق العملات الرقمية.. وهي ان التداول المباح فقط هو التداول الفوري spot الذي يتم فيه البيع والشراء حقيقةً للسهم أو الرمز او العملة، والتي تعكس قيمة مشروع أو خدمةٍ حقيقية.

وما دون ذلك من أنواع التداول كالخيارات والفروقات والمشتقات بأنواعها والعقود الآجلة والدائمة.. فجميعها معاملاتٌ محرمة مخالفةٌ للقواعد الشرعية بشكلٍ صريح.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply