بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
تغريدات مؤثرة جدًا كتبها وزير التربية والتعليم السعودي السابق الدكتور محمد الرشيد يرحمه الله عن مرضه وعزله الصحي رحمه الله قائلًا:
سأكتب عدة تغريدات عن بعض تجربتي مع المرض، وبخاصة التنويم الأخير والعزل الصحي:
1- في الرخاء نتحدث عن بعض القيم كالصبر والاحتساب، وذلك سهل، ولكنها في أيام البلاء تصبح أعزَّ على النفس من الغراب الأبيض، والكبريت الأحمر.
2- في غرفة العزل كان كل شيء مهيأ، تلفاز، خزانة ملابس، حمام نظيف، ملابس جديدة كلَّ يوم مع رعاية مستمرة، ولكن كان ينقصها المهمان: العافية والحرية.
3- كنت سجينًا، شعرت بمعاناة السجناء، وأدركت سذاجتي إذ ظننت السجين قادرًا بسهولة على التأقلم مع وضعه، ما أعظم المناضلين الذين قضوا أعمارًا خلف القضبان.
4- كل شيء كان رتيبًا: أصوات الممرضات، تجديد المغذيات، فحص الضغط والحرارة.
الرتابة أكبر ما يخلق الملل، فجددوا حياتكم.
5- للتغلب على الوحدة والعزلة كنت أطيل الوقت، فما كان يستغرق خمس دقائق أجعله في ربع ساعة، ولكني أخفقت في صراعي مع الزمن، خرجت مثخنًا بالملل.
6- كونوا مع السجناء بدعائكم، إن عزلتهم –أكانت بحق أم بغير حق- قاتلة، الوحدة تثير الوساوس، وتفتح نوافذ للكآبة، وقد تورث أمراضًا نفسية وعضوية.
7- فتوى فلبينية: في عزلتي المرضية وبعد زراعة النخاع حذرتني الممرضة من بعض الحركات التي قد تؤذيني، وأفتت لي بجواز الصلاة على السرير.
8- بياض أغلب الأشياء في المستشفى لم يذكّرني الكفن -كما يقول أمل دنقل- بل ذكّرني النقاط السود في حياتي وحرّضني على محوها.
9- في غرفة العزْل الصحي وجدتُ مجالًا للتأمل واسعًا، لا يصلني سوى صوت المؤذن، ونداءات الممرضات، كلٌّ منا يحتاج إلى ساعات من العزلة، جرّبوا.
10- اضطررت في أثناء مراجعاتي للمستشفى إلى أن أكون راكبًا لا سائقا، فوجدت لذة في النظر والفرجة وقلّة التوتر. نصيحتي للنساء: لا تحرصن على القيادة.
11- كان المرض فرصة لتقليب أوراقي القديمة، مزقت بعضها، وجددت بعضها، وفتحت صفحات جديدة وما زلت أكتب فيها.
12- (الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى): جملة حفظتها صغيرًا وأدركت عمق معناها كبيرًا. هل نحتاج إلى قسوة التجارب لندرك الحقائق؟
13- بعد زراعة النخاع وجرعة الكيماوي ستة عشر يومًا بلا أكل، فاقدًا للشهية، وكنت أتجرع الماء كارهًا. إن ثمن العافية غالٍ، فمن ينبّه الأصحاء؟
14- بعض الأمراض مجهولة الأسباب كمرضي، ولكنّ كثيرًا منها معروفة أسبابه، واللبيب من استعان بالله وتجنب أسباب المرض، وبادر إلى المحافظة على صحته.
15- المرض الذي أصبت به هو نوع من (سرطان الدم)، وقد مكثت 8 أشهر قبل أن يُشخّص تشخيصًا دقيقًا، كاد يضيّعني عدد من المتاجرين بالطب وقليلي الذمم!!
16- المرض نعمة في بعض جوانبه، فقد زاد تعلقي بالله، والتمّ حولي عدد من المحبين، وزارني من لم أره منذ زمن، وعاد إلى نفسي بعض صفائها، فالحمد لله. وصيتي لكم اقرؤها بتمعن لنستشعر كم نحن نتقلب في نعم فيا رب أدمها علينا، دراستك الثانوية والجامعية وتخصصاتك كلها ستغدو هباءً من أول ليلة في قبرك!!
ويبقى تلقين الصف الأول الابتدائي:
من ربك، ما دينك، من نبيك. من لديهم صبر في القراءة!