أول جمعة من شوال


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

اتَّقُوا اللَّهَ -مَعَاشِرَ المؤمنينَ-، واشكرُوهُ أنْ وفقكُم وأنْعَمَ عليكُم بإكمالِ شهْرِ رَمضَانَ، فلقدْ مضَى وانْقَضَى، وهوَ شَاهِدٌ للمُحسنينَ بإحْسَانِهم، وشَاهِدٌ عَلى العَاصِينَ بعصْيَانِهِمُ، فيَا ليْتَ شعْرِي مَنْ المَقْبولُ فنُهنِّيَهِ، ومَنْ المردودُ فنُعزِّيَهِ؟!

فَاسْتَقِيمُوا -عِبَادَ اللهِ-، وحَافِظُوا عَلى الأعْمَالِ الصَالِحةِ، فالرْبُ الذي يُعْبدُ فِي رَمَضانَ هوَ رَبُ الشهورِ كُلِهَا، ومَا أجْمَلَ الحسَنَةَ تتبعُهَا الحسنةُ، ومَا أقبحَ السيئةَ بَعْدَ الحسنةِ، فلا تُفسِدُوا مَا أسْلفتُم في شَهْرِ الصيامِ مِنْ صَالحِ العَملِ، وَلا تُكدِرُوا مَا صَفَا لَكُم فِيهِ مِنْ الأوقاتِ ولذّْة المُنَاجَاةِ.

واعْلَمُوا - ثَبتكُم اللهُ- أنَّهُ ليسَ للعِبادِةِ أوانُ انقطاعٍ إلا بالموتِ؛ قَالَ الحَسَنُ البَصريُّ -رحمه الله-: *إنَّ اللهَ لمْ يَجْعَلْ لعَملِ المُؤمنِ أَجَلًا دُونَ المَوتِ*، ثُمَ قَرَأ: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾[الحجر: 99].

بالأمسِ كَانتْ المساجِدُ مُزْدَحِمَةً بالرُكْعِ السُجُودِ، رَفَعُوا أكفَهُم بالتضرعِ للملكِ المَعبودِ، يَرْجُونَ فضْلَهُ وإحْسَانَهُ، ويؤملُونَ مَغْفِرَتَهُ ورِضْوَانَهُ، فلا تُعْرِضُوا -عِبَادَ اللهِ- عَنْ ذِكرِ رَبِكُم بَعْدَ أنْ أقْبَلتُم عَليهِ، بلْ قَابِلوا نِعَمَه سُبُحانَهُ، بالشْكْرِ وَحُسْنِ الثناءِ، والمُدَاوَمَةِ عَلى الطَاعَةِ، وسُؤَالِهِ القَبولَ، واجْعَلوا الاسْتِقَامَةَ شِعَارَكُم، ومَرْضَاةَ اللهِ غَايَتَكُم، كمَا قَالَ تَعَالى: ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى﴾[طه: 84].

ألا وإنَّ مِنْ مُتَابَعَةِ الإحْسَانِ بَعْدَ رَمَضَانَ صِيامَ ستةِ أيامٍ مِنْ شوال، نَدْبَكُم إليهَا نَبيكُم صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَامَ رَمَضانَ ثُمَّ أَتَبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

أخْي المُسلِمُ: لَقَدْ كُنتَ فِي رَمضانَ صَوامًا بالنَّهَارِ، قَوَّامًا بالليلِ، رَطْبَ اللسَانِ بالذِكِرِ وتلاوةِ القُرآنِ، وجوارحكَ نَاصبةٌ فِي عِبادِة المَلكِ الدَيانِ، فَلا تنْقلبْ عَلى عَقبيكَ فتصيرَ مِنْ حِزبِ الشيطَانِ؟ ولا تتركْ الصَلاةَ؛ فهي عِمادُ الدينِ، والصلةُ بينَ العَبدِ ورَبِهِ، فحَافظْ عَليهَا، وخُذْ حَظَكَ مِنْ نَوَافِلِهَا، تكُنْ مِنْ الفائزينَ.

 

الخُطبةُ الثَّانية

اتقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التقوَى، وحَافِظُوا عَلى أعْمَالِكُم وكُنوزِكُم التي ادْخَرْتُمُوهَا لآخِرَتِكُم، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾[محمد: 33]، ﴿وَلاَ تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا﴾ [النحل: 92].

ألا وَصلُّوا -عِبَادَ اللهِ- عَلى رَسُولِ الهُدَى؛ فقدْ أمَرَكُم اللهُ بذلكَ في كتابهِ، فقالَ جلَ وعَلا: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾[الأحزاب: 56].

الَّلهُمَّ صلِّ وسَلم عَلى مُحَمْدٍ وعَلى آلِهِ الطيبينَ الطَاهِرِينَ، وارضَ الَّلهُمَّ عَنِ الخُلفاءِ الرَاشِدينَ: أبي بكرٍ، وعُمرَ، وعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وعَنْ بقيةِ العَشَرةِ، وأصْحَابِ الشَجرَةِ، وعَنْ سَائِرِ الصَّحبِ الكِرام، وَعنَّا معهُم بِعَفْوِكَ وكرمِكَ وإحسَانِكَ يَا أرحَمَ الرَاحِمينَ.

الَّلهُمَّ أعِزَّ الإسْلامَ والمُسلمينَ، واجْعلْ هَذَا البلدَ آمنًا مُطمَئنًّا وسَائرَ بِلادِ المُسْلِمينَ.

الَّلهُمَّ وفِّقْ خَادِمَ الحَرَمينِ الشَرِيفَينِ، وَولِيَ عَهدِهِ لمَا تُحبُ وترْضَى، يَا ذَا الجَلالِ والإكْرامِ.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply