بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
معاشر المؤمنين الكرام: القرآن الكريم: هو الصراط المستقيم والذكر الحكيم. حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِين، وَنُورُه المبِين، لَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، وَلَا يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ، نميرٌ عذبٌ، وموردٌ ثجَّاج، كلما ازدادت البصائر فيه تأمُلًا وتفكُرا، زادها هِدايةً وتبصُرا. ووالله إن سعادةَ العبدِ، وصلاحَ أمرهِ في الدنيا والآخرة، لن تكون إلا بهذا القرآن العظيم، الذي إن تمسكنا به فلن نضِلَّ أبدًا. ووالله ما في الدنيا شيءٌ يفعلُ بالقلوب ما يفعلهُ القرآن. فهو يوقظها من غفلتها، ويُزيح الران عنها، ويُذكِي فيها جذوةَ الإيمان والتقوى، ويحركُ فيها كوامِن الخير والهدى. {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا القرآن عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُون}.
ونحن اليومَ بين يديِّ سورةٍ هي بنصِّ الحديث الصحيح: *أَعْظَمُ السُّوَرِ فِي الْقُرْآنِ*، وفي حديث صحيح آخر: قال ﷺ: "مَا أُنْزِلَ فِي التَّوْرَاةِ وَلا فِي الإِنْجِيلِ وَلا فِي الزَّبُورِ وَلا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهَا"، سورةٌ عظيمةٌ كريمة، لا تصِحُ الصلاةُ بدونها. سورةٌ مباركةٌ تميزت بفضائلها الكثيرة، وأسمائها المتعددة، والشيءُ إذا عظمُ شأنهُ وعلا مقامهُ تعددت أسماؤه، فمن أسماء هذه السورة العظمية: *فاتحة الكتاب*؛ لأنها أول سور القرآن، وتسمى *أمُّ القرآن*؛ لأنَّ جميع معاني آيات القرآن الكريم ترجع إليها، ولأنَّ كلَّ آيات القرآن تُفصِّيلٌ لما أُجمل فيها. وتسمى سورة الْحَمْدُ، لابتدائها به. وتسمى سورة الصلاة، لقوله تعالى في الحديث القدسي: "قَسَمْتُ الصَّلاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي". وتسمى: *السبع المثاني والقرآن العظيم*، قال تعالى: }وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ{. وتسمى كذلك *الْكَافِيَةُ*، لأنها تكفي عن غيرها في الصلاة، ولا يكفي غيرها عنها. كما تسمى سورة *الرقية*، وَسورة *الشِّفَاءُ*، لأن لها من خصوصيَّة الشِّفاءِ ما ليس لغيرِها، بنصَّ الحديث الصحيح. فتعالوا بنا أحبتي الكرام، نتأمل هذه السورة العظيمة، ونتدبر آياتها، نستخرج شيئًا من دررها وكنوزها، نتعلم شيئًا من معانيها ودلالاتها، نستلهم شيئًا من فوائدها وهِدَاياتِها، ونتخَلَّقُ بإرشَاداتِهِا وتَوجِيهَاتِهِا، فَنُحَقِق مُرادِ اللهِ، وننَالُ مَرْضَاتِهِ.
وابتداءً فينبغي لقارئ القرآن أن يبتدأ قراءته بالاستعاذة، (أعوذ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)، لقوله جلَّ وعلا: {فَإِذَا قَرَأْتَ القرآن فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}، ثم يبتدئُ قراءتهُ مُستعينًا بالله، متبركًا بذكر اسمه، فيقول: (بسم الله الرحمن الرحيم)، كما قال تعالى لنبيه: }اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ{. والبسملة وإن كانت ليست آيةً من الفاتحة، لأنها لم تذكر في الحديث القدسي الصحيح، "قسمت الصلاة بين وبين عبدي". إلا أن ابتداء القراءة بها أمرُ مشروع.
وافتتحَ اللهُ تعالى هذه السورة العظيمة بحمد نفسهِ والثناء عليها، }الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ{، وفي ذلك دعوةٌ لعباده أن يثنوا عليه سبحانه بما هو أهلُه. والألف واللام في بداية الآية لاستغراقِ جميع المحامِد، ولاستحقاقه سبحانه لها، فهو المستحقُ لكل الحمدِ والثناء، لكمال ذاته وصفاته، فالحمدُ كلهُ لله، والشكرُ كله لله، أبلغُ ما يكونُ الحمدُ والشكر وأشمله، وأتمهُ وأعمهُ وأكملُهُ.
الحمدُ كلهُ لله لأنَّهُ: {رَبِّ الْعَالَمِينَ}، أوجدهم من العدم، ورباهم بالنعم، والحمدُ كُله للهِ لأنَّهُ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، أرحمُ بهم من أُمهاتهِم، خلقَ مائةَ رحمةٍ، أنزلَ منها في الدنيا واحدةً، وادَّخرَ البقيةَ ليومِ الدين. والحمدُ كلهُ للهِ لأنَّهُ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، ومن سيقضي بينهم بالحق ويجازيهم، قال تعالى: {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}. والحميد أسمٌ من أسماء الله الحسنى، ذكره الله في القرآن خمسة وعشرين مرة، {وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}، فهو المحمودٌ بكل لسان، المحمود في كل حينٍ وآن، وعلى كل حال، سبحانه وبحمده حمِدَ نفسه، وحمدته الخلائق كُلها، {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ}، وفي صحيح مسلم: قال ﷺ: "الحمد لله تملأُ الميزان، وسبحان اللهِ والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السموات والأرض". وفي حديث صححه الالباني قال ﷺ: "إنَّ أفضلَ عبادِ اللهِ يومَ القيامةِ الحمَّادون".
}الحمد لله ربُّ العالمين{، والـربُّ: هو الخالق الرازق السيِّد المالك، المتصرِّف، المربِّي لجميع العالمين بأصناف النِّعَم، ولعباده خاصَّة بالهداية للإيمان والهدى، و}العالمين{: جمع: عالَم، وهم أصنافُ المَخلوقات وأنواعِها المختلفة، المتقدِّم منهم والمتأخِّر، كلٌّ قَد عمَّه ربُّه بأنواعٍ من النعم لا تحصى، وهداه لِمَا خُلق له.
}الرحمن الرحيم{: اسمان ووصْفان كريمان جليلان جميلان من أسماء الله الحسنى وصفاته العلا، مُشتقَّان مِن الرحمة على وجهِ المبالغة، والرحمنُ أشدُّ مبالغةً من الرحيم. فـ} الرحمن{ هو ذو الرحمةِ العظيمةِ الشامِلة لجميع الخلائق، كما قال تعالى: }ورحمتي وسعت كل شي{، والرَّحيم ذو الرحمةِ الخاصة بالمؤمنين، كما قال تعالى: }وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا{.
}مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ{، وفي قراءة ملك يوم الدين: وهو الملك المالك المتصرّف في ملكه بما يشاء وكيف يشاء؛ يحكمُ لا معقب لحكمه، ولا يٌسأل عما يفعل. و}يَوْمِ الدِّينِ{ هو يوم الجزاء والحساب؛ وما أدراك ما يوم الدين: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّين * ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ}، }يؤمئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية{، {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُم* فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه}.
{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، هذه قلبُ الفاتحةِ وكنزُ أسرارِها، آية ٌعظِيمةُ القَدرِ والمعنى، واسِعةُ المقصِدِ والمغزَى. أُلفت حولها كتبٌ ومجلدات. وإذا تأمَّلت فيها وفيما قبلها: ستَجِد أنَّ اتجاهَ الخطابِ يتغيرُ عندها من الغائِبِ إلى الحاضِرِ، لكأنَّ العبدَ حين يبتدأ السورة فيُثنى على ربِّهِ بالحمدِ وبما هو أهلُهُ، أقتربَ من ربِّهِ جَلَّ وعلا، فيُخاطِبهُ قائِلًا: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}. ولكَأنَّ العبدَ يخاطبُ ربِّهِ قائلًا: (أصالةً عن نفسي، ونيابةً عن إخوانيَ المؤمنين)، يا ربَّ: إيَّاكَ وحدَكَ نعبُدُ، ولا نعبُدُ غيرَكَ. وإيَّاكَ وحدَكَ نستَعِينُ، ولا نَستَعِينُ بغيرِكَ. يا ربّ: نعبدك وحدك حُبًا وخوفًا ورجاءً، وطاعةً وتعظيمًا، ونستعينُ بك وحدك، توكلًا وثقةً واعتمادًا. والاستعانة هي الاعتمادُ على الله تعالى في جلْب المنافِع، ودفْع المضار، مع الثِّقة به في تحصيلِ ذلك. فلا حُصُولَ على هِدايةٍ، ولا استِقَامَةَ على طاعةٍ، ولا بُلُوغَ لغَايةٍ، إلا بالاستِعانَةِ باللهِ تعالى، (فاستَعِن بالله ولا تَعجز). وإذا عُلم أنّ هِدايةَ التوفيق لكل ما سبق لا تكونُ إلا منْ عندِ اللهِ وحدَهُ، وأنه لا فوزَ ولا نجاةَ إلا بها، رأينا حِكمةَ الله ورحمتهِ في تشريعه لعباده هذا السؤال العظيم: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}، أي: دُلَّنا ووفِّقنا يا رب، وأرشِدْنا وأعنا على سلوك الطريق القويم، الذي لا مَيل فيه عن الحقِّ، ولا زيغ عن الهُدى، والذي يوصلُ إلى رِضاك وجنتك، وهو دين الإسلام وشرعه القويم، كما قال تعالى: {وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ}.
{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}، أي: اهدنا طريق الذين أنعمتَ عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، الذين علموا الحق وعمِلوا به، قال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}.
{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}، أي: وجنِّبنا طريق المغضوب عليهم الذين علموا الحق ولم يعملوا به كاليهود ومن تشبه بهم، وجنِّبنا طريق الضالين الذين لم يهتدوا إلى الحق لجهلهم وضلالهم، فهم يتعبدون بأهوائهم وآرائهم المخالفة لشرع الله، كالنصارى ومن تشبه بهم. اعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون}.
اتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا من الذين {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَاب}.
معاشر المؤمنين الكرام: لهذه السورة العظيمة المباركة فوائدُ عظيمة، وهداياتٌ نفيسة: منها تأكيدُ سِ عةِ رحمةِ الله، فهو الرحمنُ الرحيم، قال عن نفسه: }وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ{، وفي صحيح مسلم قال ﷺ: "إن لله مائة رحمة، أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام، فبها يتعاطفون، وبها يتراحمون، وبها تعطف الوحش على ولدها، وأخَّر الله تسعا وتسعين رحمة، يرحم بها عباده يوم القيامة".
وقال عن نبيه ﷺ: }وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين{.
ومن الفوائد: تذكرُ المسلمُ باستحقاق اللهٍ لجميع المحامد، مما يجعلُ القلبَ يمتلئُ حبًا لله، كما قال تعالى عن المؤمنين: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ}، ومن أحبَّ الله اجتهدَ في طاعته، وحرص على طلبِ رضاه. كما أنّ المسلمَ إذا تذكرَ أنّ اللهَ جلّ وعلا هو مالك يوم الدين، وأنه سيحاسب عباده على كل ما فعلوا، فسيخاف ذلك المقام العظيم، {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}.
ومن الفوائد العظيمة أنّ في تكرار قول العبد: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}، تأكيدُ وتجديد البراءةِ من الشرك والرياء، وفي تكرار قوله: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، تأكيدُ وتجديد البراءة من الكِبْر والعُجْب، كلما تذكر العبدُ أنه لا غني له عن الاستعانة بالله. ومن الفوائد أن تقديم العبادة على الاستعانة في قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، لأن العبادة هي الغاية من وجود الخلق، والاستعانة هي الوسيلة، فقُدِّمت الغاية لأهميتها.
وكون الخطاب بصيغة الجمع: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، تأكيدٌ على أهمية صلاة الجماعة، كما قال تعالى: {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}، وفي الآية أيضًا حثٌ على التعاون على البر والتقوى وما ينفع المسلمين في أمور دينهم ودنياهم. ومن الفوائد: أن سؤال الله الهداية للطريق الصحيح هو أعظم وأهم سؤال، وفي الحديث القدسي، كلكم ضالٌ إلا من هديته فاستهدوني أهدكم.
ومن الفوائد: أنَّ الصراط المستقيم طريقٌ قديم، سلكه جميعُ الصالحين من قبلنا، وليس طريقًا جديدا محدثا، وفي ذلك إبطالٌ لجميع البدع المحدثة، فهي ليست من منهج الـمُنعمِ عليهم الذين قال الله عنهم: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}.
ومن الفوائد: أن آخر آية: قسَّمت الناس وأحوالهم إلى ثلاثة أقسام: قِسمٌ علم الحقّ وعمِلَ به، وقِسمٌ: علم الحق ولم يعمل به، وقِسمٌ جهِل الحق وضلَّ عنه، فعلى المسلم أن يحرص على تعلَّم الحق وسؤال الله الهداية والثبات عليه في كل الأمور والأحوال، وأن يحذر من طريق المغضوب عليهم وطريق الضالين، {وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.
ومن أعظم فوائد سورة الفاتحة، أنَّ جميع معاني آيات القرآن الكريم ترجع إليها، وأنَّ كلَّ آيات القرآن تُفصِّيلٌ لما أجملته هذه السورة العظيمة، ولذلك سميت أم القرآن، وتفصيل ذلك يطول.
فلعلنا أن نأتي عليه في خطبة أخرى بإذن الله، فما أعظم هذه السورة المباركة، وما أجلَّ شأنها، ولعلنا الآن استشعرنا شيئًا من عظمة قوله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ}. أفلا يتدبرون القرآن، فَيتَدَارَسُونَ آياتهِ، ويَسْتَلْهِمُونَ هِدَاياتِهِ، ويستنزلونَ بركاته، ويَسْتَشْفُونَ بعِلاجَاتِهِ، ويَتخَلَّقُون بإرشَاداتِهِ وتَوجِيهَاتِهِ، فَيُحَقِقوا مُرادِ اللهِ، وينَالُونَ مَرْضَاتِهِ.
ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، واحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد