حكم الأضحية


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

أختلف العلماء في حكم الأضحية إلى قولين:

القول الأول: أنها واجبة وهو مذهب الأحناف فقد أوجبوها على الموسر والمعدم.

واستدلوا بالآتي:

١- عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من وجدَ سَعةً فلم يضحِّ، فلا يقربنَّ مُصلَّانا"(رواه أحمد).

وجه الدلالة من الحديث: قوله: "فلا يقربنَّ مُصلَّانا" فإنه يدل على ترك الواجب.

وكأنه قال: لا فائدة من صلاته مع تركه هذا الواجب.

وهذا الحديث قد رجح العلماء وقفه عن أبي هريرة والموقوف من الأحاديث الضعيفة فلا يحتج به.

٢- عن جندب بن سفيان رضي الله عنه قال: "شَهِدْتُ الأضْحَى مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ بالنَّاسِ نَظَرَ إلى غَنَمٍ قدْ ذُبِحَتْ، فَقالَ: مَن ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَلْيَذْبَحْ شَاةً مَكَانَهَا، وَمَن لَمْ يَكُنْ ذَبَحَ، فَلْيَذْبَحْ علَى اسْمِ اللَّهِ"(متفق عليه).

وجه الدلالة: قالوا إنه لما أمر من ذبح قبل الصلاة أن يذبح غيرها مكانها دل على الوجوب.

ويجاب بأن المراد من الحديث بيان وقت الأضحية وأنه بعد الصلاة ومن ذبح قبل الصلاة فلا تجزئه عن كونها سنة لا واجبة؛ لأن الإجزاء يطلق في حق الواجب والسنة.

٣- ولقوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}.

قوله: "وَانْحَرْ" أمر والأمر يدل على الوجوب.

ويجاب عليهم بأن المراد من الآية تعيين وقت النحر وأنه بعد الصلاة لا تعيين وجوب الأضحية، فيكون المعنى: إذا أردت أن تنحر فانحر بعد الصلاة.

٤- ولحديث: "على أهلِ كلِّ بيتٍ في كلِّ عامٍ أُضحيَةٌ" وأجيب عليهم بأن هذا الحديث ضعيف فلا يحتج به.

القول الثاني: أنها سنة مؤكدة وهو مذهب جمهور الصحابة والتابعين وجمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة، وهو أيضًا مذهب أهل الظاهر.

وقد استدل الجمهور بالأدلة الآتية:

١- حديث أم سلمة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دَخَلَتِ العَشْرُ، وأَرادَ أحَدُكُمْ أنْ يُضَحِّيَ، فلا يَمَسَّ مِن شَعَرِهِ وبَشَرِهِ شيئًا"(رواه مسلم).

قال الشافعي إن قوله: "وأَرادَ أحَدُكُمْ" يدل على عدم الوجوب.

٢- عن ابن عباس أنه قال صلى الله عليه وسلم: "ثلاثٌ هنَّ عليَّ فرائضُ ولكم تطوُّعٌ وعدَّ منها الوترَ".

٣- أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ضحى بكبشين قال: "اللهم هذا عني وعن من لم يضحي من أمتي".

٤- أن أفعال الصحابة رضي الله عنهم تدل على عدم الوجوب فقد روي أن أبا بكر وعمر كانا لا يضحيان خشية أن يقتدي بهم الناس ويعتقدوا أنها واجبة.

الراجح:

ومما سبق يتبين لنا أن الراجح هو مذهب جمهور العلماء أنها سنة مؤكدة وليست بواجبة لما سبق من الأدلة، وقد سبق وأن بينا ضعف أدلة القول الأول القائلين بالوجوب والرد عليها والله المستعان.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين  

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply