بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
مما قال فضيلة الأستاذ الدكتور محمد أبو موسى في درس شرح كتاب «دلائل الإعجاز» بالجامع الأزهر الشريف.
يوم الأحد: 6 ربيع الآخر 1447ه الموافق لـ 28 من سبتمبر 2025م:
• مُهمٌّ جدًّا أن تَنظر في صُورة المعنى: ماذا فعل الثاني بعد الأوَّل؟ أو ماذا فعل كلُّ واحدٍ من الشاعرَيْن في هذه الصُّورة؟. مُهمٌّ جدًّا أن تَتبيَّن هذا، وتَعقِلَ هذا، وتكونَ عندك القُدرة على معرفة وتمييز ما صنعه الصَّانعُ فيما صَنَع.
• نحن الآن في البيان، والبيانُ صَنعة، والصانعُ فيه يَصْنعُ ويَعْمَل، وإذا أحكَمْتَ فَهْمَ علمِ صَنعةِ الصَّانع فيما يَعملُ في البيان كنتَ جديرًا بأن تُحْسِنَ فَهْمَ صنعة الصَّانع فيما يَصْنعُ في أيِّ بابٍ من أبواب الصَّنعة.
• قلتُ لكم: أحيانًا أجِدُ في كلام أهل العلم كلامًا في غير العلم الذي يتكلَّمون فيه، وهو أكثرُ فائدةً مِن كلامهم في العلم الذي يتكلَّمون فيه، خُصوصًا إذا كانوا يتَّجهون إلى تربية المَلَكَات الإنسانية.
• ليس في الأرض أفضلُ عند الله تعالى من الذين يَعملُون على تربية المَلَكَات الإنسانية.
• أنصحُ دائمًا: لا يَكُنِ الشِّعرُ أمامي لمعرفة موضع الشاهد فقط، وإنما لمعرفة حِيَلِ الشُّعراء في الإبانة عن المعاني.
• تعليقًا على قول أبي تمَّام:
يَشْتَاقُهُ مِنْ كَمَالِهِ غَدُهُ *** وَيُكْثِرُ الوَجْدَ نَحْوَهُ الأَمْسُ
قال شيخُنا: كأن الأيامَ تكون أيامًا إذا عاش فيها الكرامُ، وتكون بلاءً وخِسَّةً إذا عاش فيها اللئام، وحين أربِّي جيلًا على هذا المعنى سيسعى دائمًا إلى أن يكون كريمًا؛ حتى تشتاقَه الأيام.
• تعليقًا على قول ابن الرُّومي:
إِمَامٌ يَظَلُّ الأَمْسُ يُعْمِلُ نَحْوَهُ *** تَلَفُّتَ مَلْهُوفٍ وَيَشْتَاقُهُ الغَدُ
الذي أخذَه مِن قول أبي تمَّام:
يَشْتَاقُهُ مِنْ كَمَالِهِ غَدُهُ *** وَيُكْثِرُ الوَجْدَ نَحْوَهُ الأَمْسُ
قال شيخُنا: حين كرَّر ابنُ الرُّوميِّ جُملةَ أبي تمَّام: «يَشْتَاقُه الغَدُ» خَشِي عبد القاهر أن يغلبَك الإحساسُ بأنه كرَّر كلامَ مَن قبلَه، وخَشِي أن يَشغلَك هذا الإحساسُ عن الكلمة العالية التي يُريد عبد القاهر أن يَزرعَها في قلبك، وهي: «يُعْمِلُ نَحْوَهُ تَلَفُّتَ مَلْهُوفٍ»؛ لأن اللِّسانَ الذي صاغَها يُغفَر له أن يكون قد نقل: «يَشْتَاقُه الغَدُ».
• لم أقرأْ معكم هذا الشِّعرَ لأعلِّمكم علمًا، وإنما فقط لأَهْدِيَ أنا وأنتم فِطرتَنا إلى أن تَستقِيَ من هذا الرَّحيق المختوم.
• أفضلُ ما تُنتجه النَّفسُ الإنسانيةُ التي كرَّمها الله هو البيانُ العالي، والبيانُ العالي ليس شَقْشَقةَ لِسان، البيانُ العالي مَعانٍ رُوحيةٌ تَغْذُو القلوب، وتُهذِّب المَلَكَات، وتَصْنع الإنسانَ الذي هو مِن خير أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ للناس.
• لا يجوز لك أن تنسى أنك مِن خير أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ للناس، وأن الذي قال هذا هو خَالِقُ الناس وربُّ الناس.
• أُمَّتنا كانت خيرَ أُمَّةٍ لأن نَبيَّها خيرُ الخَلْق ولأن كِتابَها خيرُ الكُتب؛ فخيرُ الخَلْق وخيرُ الكُتب لا يُنتجان إلَّا خيرَ أمَّة.
• تدبُّرًا لقوله تعالى: {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ}، قال شيخُنا: ربُّنا قال هذه الكلمة؛ فلا يجوز لنا مطلقًا أن نتهاونَ وأن نتساهلَ في أن نكون الأعلَيْن، يقول لنا: ادْعُوا إلى السَّلْم نَعَم، ولكنْ وأنتم أقوياء، ادْعُ إلى السَّلام وأنت قويٌّ؛ فنِعْمَ السَّلامُ ونِعْمَ الذي دعا إلى السَّلام، أما أن تَدْعُوا إلى السَّلام وأنتم ضِعافٌ فهذا لا قيمةَ له، يُحذِّرنا ربُّنا من أن نَدعُوَ إلى السَّلام إلا ونحن أقوياء.
• قال الله لي ولك: «أنت الأعلى»؛ فلا بدَّ أن تَبذل أقصى طاقتك لتكون كما وَصَفَك الله سبحانه وتعالى، بهذا تحيا الأمَّة، بهذا نَصنع أجيالًا، بهذا نَحْمِي أرضَنا، بهذا نَحْمِي كرامتَنا ونَحْمِي وجودَنا، لا بالتَّساهل والنِّفاق والكذب، جرَّبْنا هذا، وضيَّعَنا هذا.
• المعاني التي في الشِّعر الذي ساقَه الكرامُ لبيان الشَّواهد = لساني يُريد أن يقول إنها أفضلُ من العلم الذي قاله الكرام، لكنِّي أتهيَّب مِن أن أذكرَ شيئًا أفضلَ من العلم.
• أنا أقرأ الشِّعرَ لأنظرَ فِطنةَ الشَّاعر.
• أبو تمَّام له شِعرٌ يُكرِّه الناسَ في الشِّعر؛ مثل قوله:
ذَهَبَتْ بِمُذْهَبِهِ السَّمَاحَةُ فَالْتَوَتْ *** فِيهِ الظُّنُونُ أَمَذْهَبٌ أَمْ مُذْهَبُ
لكنْ أحيانًا يَصفُو عقلُ أبي تمَّام ويَصنعُ بيانًا عاليًا.
• الحَجَرُ لو كان يَنطق لأحبَّ البيان؛ لأن البيانَ هو خُلاصة الرُّوح الإنسانية.
• ليس في الأرض أفضلُ مِن البيان؛ بدليلِ أن الله جعل معجزةَ خيرِ خَلْقِه هذا البيان.
• المتنبِّي في بعض الأحيان حين يقرأ معنًى يَروقُه لا بدَّ أن يَعْمَلَ فيه شيئًا؛ حتى لا يكونَ قد أحبَّ المعنى وذكرَه ولم يَصنعْ فيه شيئًا.
• المتنبِّي كان كثيرَ الأخْذ من أبي تمَّام، وكنتُ قد قرأتُ ديوان أبي تمَّامٍ قراءةً كاملةً، وبعدَه مباشرةً قرأتُ ديوان المتنبِّي قراءةً كاملةً، وكنت أجِدُ أنفاسَ أبي تمام في كثيرٍ من شِعر أبي الطيِّب، وهذا لن تُدركَه أنت مِن كلمتي هذه؛ فكلمتي لا قيمة لها، وإنما تُدركُه إذا قرأتَ شِعر الشاعرَيْن في زمنٍ واحد؛ ستُدرِك كيف كان نَفَسُ أبي تمام يَجرِي تحت نَفَسِ أبي الطيِّب.
• حياتي - كلُّها - رغبةٌ في أنْ أجِدَ قومي كما وصَفَهم الله: {خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}؛ فحين أقرأ في الشِّعر النماذجَ الإنسانيةَ العاليةَ أقول: يا ربِّي، لماذا لم نَجِدْ فينا هذا؟ لماذا لا نَجِدُ فينا الرَّجلَ الذي هو عُذْرُ الأيَّام في كل إساءةٍ أساءتها، الرَّجلَ الذي يَمحُو ذُنوبَ الأيَّام في كلِّ ما أذنبتْ فيه الأيَّام.
• الشُّعراءُ يُشوِّقونك إلى الإنسان الأفضل، وأنا حين أُشوِّق الجيلَ إلى الإنسان الأفضل فهذا أفضلُ عندي مِن أن أَشرحَ له أن الكنايةَ ذِكرُ الملزوم وإرادة اللازم، وأن الاستعارة هي كذا وكذا، وإن كان شرحُ الكناية والاستعارة ضروريًّا؛ حتى يَتبيَّن جودةَ الكلام الجيِّد، وأنا يجب أن أُذيقَه وأذوقَ معه جودةَ الكلام الجيِّد.
• تعليقًا على قول الكِنْدِيِّ:
عَزُّوا وَعَزَّ بِعِزِّهِمْ مَنْ جَاوَرُوا.
قال شيخُنا: يا سلام! ليس الجمالُ في: «عَزُّوا»، وإنما في: «عَزَّ بِعِزِّهِمْ مَنْ جَاوَرُوا»، وهو مِثلُ قول الشَّاعر اليهوديِّ:
وَمَا ضَرَّنَا أَنَّا قَلِيلٌ وَجَارُنَا *** عَزِيزٌ وَجَارُ الأَكْثَرِينَ ذَلِيلُ
أنا أريد أن أعيشَ لحظةً قبل أن أموت مع قومٍ عَزَّ بعِزِّهم مَن جاوروا. انظر الحياةَ مع هؤلاء كيف تكون، وانظر الحياةَ مع الأنذالِ الضِّعافِ الخِفَاف الذين لا قيمةَ لهم الذين جارُهم ذَلِيل!
• الكِنْدِيُّ شاعرٌ يمنيٌّ قديم، واليَمنُ حين تقرأون تاريخَها ستجدون أنها أقدمُ العرب، وهُم جِذرُ العرب، وهم العَربُ العارِبة، غيرُ العرب المستعرِبة، وأن أبناء إسماعيل بن إبراهيم الذين هم نحن، ومنهم رسولُ الله، من العرب المستعرِبة، أمَّا اليَمنُ فطِينتُهم نشأتْ عربية، ولذلك تَجِدُ شعراءها أحيانًا يَصِلُون إلى قمةٍ عالية.
• لن تَذُوقَ المعنى الجيِّدَ بأُذنك وبسَمْعِك، وإنما تَذُوقُه إذا قلَّبه لسانُك، ولسانُك هو الذي يَذُوق.
• تعليقًا على قول الإمام عبد القاهر: «فانظر الآن نَظَرَ مَن نَفَى الغفلةَ عن نفسه»، قال شيخُنا: هذه العبارةُ أفضلُ مِن كلِّ الذي قُلناه؛ لأنك إذا رَكَنتَ إلى الغفلة فقد دمَّرتَ نفسَك، ودمَّرتَ وجودَك، ودمَّرتَ سَمْعَك، ودمَّرتَ بصرَك، ودمَّرتَ كلَّ شيء.
• نَفْيُ الغفلة واجب، ورسالةُ كلِّ مسلمٍ أن يَنفِيَ الغفلةَ عن قومه.
• كلامُ العلماء في غير العلم يُفيد أكثرَ مِن كلامِهم في العلم.
• تعليقًا على قول الإمام عبد القاهر: «كيف والخَارِجِيُّ يقول: واحْتَجَّتْ لَهُ فَعَلَاتُهُ»، قال شيخُنا: أنا قلتُ لكم إنني لا أحبُّ الخوارج؛ لأنهم كفَّروا أصحابَ رسول الله، صلَّى الله عليه وسلَّم، ولكنَّ هذا الخَارِجِيَّ الذي قال هذا الكلامَ رجلٌ رائعٌ. يا أيُّها الخَارِجِيُّ، كنتَ عظيمًا جدًّا حين قلتَ هذا، لكنَّك كنتَ مغفَّلًا جدًّا حين كنتَ واحدًا مِن أتباع قَطَريِّ بن الفُجاءة.
• شَرُّ الشَّرِّ قد تَجِدُ فيه خيرًا، وخيرُ الخيرِ قد تَجِدُ فيه شرًّا.
• أمسِ كنتُ أقرأ رسالةَ حاطب بن أبي بَلْتعة إلى كفَّار قريش يُخبرهم بما يُجهِّزه رسولُ الله لهم، وهو ممَّن حَضَروا بَدرًا، وهو مِن أكرم أصحاب سيِّدنا رسول الله، صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فقلتُ: يا ربِّي، خيرُ الخير لا يَخلو مِن شَرٍّ، وشَرُّ الشَّرِّ لا يَخلو مِن خير.
• تعليقًا على قول البُحتريِّ:
وَأَحَبُّ آفَاقِ البِلَادِ إِلَى الْفَتَى *** أَرْضٌ يَنَالُ بِهَا كَرِيمَ الْمَطْلَبِ
قال شيخُنا: هذا البيتُ رائعٌ جدًّا، هذه هي الوطنيةُ يا سادة، لا تُذِلَّنِي على تُراب وطني وتَقُلْ لي: «حُبُّ الوطن»، لا تُذِلَّني على تُراب آبائي وتَقُلْ لي: «حُبُّ الوطن»، نَعَم، أحَبُّ آفاق البلاد إلى الفتى هي التي يَنالُ بها كريمَ المَطْلب، وليس الخساسة والدُّونية والإساءة والقهر، هذا معنًى جيدٌ جدًّا، يا ليتنا نُحفِّظ كلَّ أبنائنا بيتَ البُحتريِّ كما نُحفِّظهم «الفاتحة»؛ حتى يستحيي مَن يُسيء إلى تُراب الوطن، وحتى يستحيي كلُّ واحدٍ منَّا أن يُسيءَ لصاحبِه؛ لأننا - أنا وأنت - تُرابُ وطننا هو عِظامُ أبي وأبيك، ومستقبلُ وطننا هو مستقبل أحفادي وأحفادِك. أنا وأنت شركاء.
• راَقني قولُ سيِّدنا رسول الله، صلَّى الله عليه وسلَّم: "كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسئولٌ عن رعيَّته"؛ راقَني فيه أنه قال إن الأبَ راع، وإن الأمَّ راعية، وإن راعِيَ غَنمِ غيره راع، وإن رئيسَ الناس راع؛ فسوَّى بين راعي غنمِ غيرِه وبين رئيس الدولة؛ فإذا أحسنَ راعي الغنم وأساء رئيسُ الدَّولة فراعي الغنم أفضلُ عند الله من رئيس الدولة.
• حديثُ: "كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسئولٌ عن رعيَّته" حديثٌ يَبني أمَّة؛ كلُّنا - مِن راعي الغنم إلى رئيس الدولة - على مرتبةٍ واحدةٍ، والفضلُ لمن أحسنَ؛ فلو أحسنَ راعي الغنم وأساء رئيسُ الدولة فراعي الغنم عند الله مُقدَّمٌ على رئيس الدولة. هذا هو دِيننا؛ فحدِّثوا الناسَ عن هذا الدِّين، وقولوا للنَّاس: «هذا هو الدِّين»؛ لأن الناس أخطأوا في فَهْم الدِّين.
• تعليقًا على قول المتنبِّي:
وَكُلُّ مَكَانٍ يُنْبِتُ العِزَّ طَيِّبُ
قال شيخُنا: صدِّقْني يا أبا الطيِّب، لقد أحسنتَ كلَّ الإحسان لمَّا وقَع لسانُك على كلمة: «يُنْبِتُ العِزَّ»، وأن العِزَّ نَبات، وأن هناك أرضًا تُنبِتُ العِزَّ وأرضًا تُنبِتُ الذُّل.
• بَعْبَعْنا كثيرًا عن أبي الطيِّب، لكننا لم نقف عند فرائدِه ومعانيه التي تصنع الإنسانَ الأفضل.
• عبدُ القاهر الذي وَضَع علمًا - باتِّفاق أهل العلم - ولم يُسبَقْ بجُهودٍ كتلك الجهود التي سَبقتْ «سيبويه» في النَّحو، وإنما كلُّ ما سبقه رمزٌ وإيماءٌ ووَحْيٌ وإشارة؛ فأقام مِن هذه الرُّموز عِلمُا = فعبدُ القاهر، الذي وضَع أعْقدَ علمٍ، لمَّا وضَع مصطلحَ «الصُّورة» قال لك: «احذرْ أن تَظنَّ أننا في هذا تجاوَزْنا حَدَّنا»، وكأن صلاحيةَ عبد القاهر - عند عبد القاهر - لوضْع مصطلح لا تَجوز، أي إن عبد القاهر الذي وضَع علمًا لا يُجيز لنفسِه أن يَضَع مصطلحًا؛ فكأنه يقول لك: إذا كنتُ أنا مَن اخترع مصطلح «الصُّورة» فلك أن تُنكِر، ولكنِّي أخذتُه مِن كلام العلماء.
• يا شيخ عبد القاهر، أنت شيخُ العلماء، وأنت رأسُ العلماء، وتقول لنا إنك أخذتَ مصطلحَ «الصُّورة» من العلماء حتى نَقبلَ المصطلحَ منك؟! لقد قرأتُ هذا الكلامَ وأنا في سِنِّكم، وكان الهلافيت الصِّغار يتجرأون ويقول أحدُهم: «وأنا أُسمِّي هذا كذا»، فكنتُ أعجَبُ، فلمَّا قرأتُ كلام الشيخ هذا وضعتُه على أوَّل صفحة من أحد كُتبي الأوائل، وهو كتاب «التصوير البياني».
• إدراكُ دقائقِ مسائلِ النحو أيسرُ بكثيرٍ مِن إدراك دقائقِ مسائلِ البلاغة.
• فيكم كفاءاتٌ عندي أملٌ أن تكون جيِّدةً لو انقطعتْ للعلم؛ لأنني طول حياتي في التدريس، وكان عندي طلابُ علمٍ أفضلُ منِّي يومَ أن كنتُ طالبًا، وكان عندي أملٌ أن يكون هؤلاء من قيادات الأمَّة العقلية، ولكنْ منهم مَن صار عميدًا، ومنهم مَن صار مُديرًا، ورَضُوا بهذه الأشياء، وكنت أنصحُهم بالبُعْد عنها.
• مَنْ لم يَنقطعْ للعلم فلْيَتْرُكِ العلم، إلا أن يأخذَ منه ما يأكل به الخُبز.
• هي واحدةٌ من اثنتين: تُريد أن تكون من أهل العلم وخادمًا للعلم فانقطعْ. تُريد أن تتعلَّم ما تَعيشُ به فهذه قضيةٌ أخرى.
• كلُّ علمٍ تحتاجة الأمَّةُ هو مِن علوم الإسلام، وقد تَجِدُ عالمَ الأحياء أجرُه أعلى مِن عالم الفقه؛ لأن الأجرَ يكون بصِدْق النَّفْس، وإخلاصِها، وتوجُّهِها إلى الله، وخدمةِ هذه الأمَّة التي هي خيرُ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ للناس.
• المفروضُ أن القليلَ الذي تَسْمَعُه منِّي عقلُك يُنمِّيه ويُصيِّره كثيرًا، وتَستغني بما قلتُ عن الذي لم أقُلْ، أمَّا إذا كنتَ تَظنُّ أنني سأُعلِّمك فلن تتعلَّم، أنا أدُلُّك كيف تتعلَّم، والله معكم ويُعينكم.