حلقة 97: حكم من حنث في يمينه - حكم تناول حبوب منع الحمل - حكم العقيقة - خروج المعتدة من بيتها للضرورة - الصلاة في ثوب به دم كبد الإبل - ترك الاغتسال لمدة خمسة شهور للضرورة

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

47 / 50 محاضرة

حلقة 97: حكم من حنث في يمينه - حكم تناول حبوب منع الحمل - حكم العقيقة - خروج المعتدة من بيتها للضرورة - الصلاة في ثوب به دم كبد الإبل - ترك الاغتسال لمدة خمسة شهور للضرورة

1- هو أنني حلفت ووضعت يدي في كتاب الله بأنني لا أفعل كذا، ولكن بعمليتين غير إرادتي وقعت في العملية وتكررت مني مرتين، والآن بعد مضي زمن كثير ندمت أشد الندم على ما فعلت، ثم تبت إلى ربي رغم أنني لا أقصر في أمر من أمور الله، والله على ما أقول شهيد، فماذا أفعل؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وصفوته من خلقه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فقد بين الله - سبحانه وتعالى - حكم اليمين، فإذا حلف الإنسان أنه لا يفعل كذا سواء وضع يده على المصحف أم لم يضع ، المهم إذا حلف أنه لا يفعل كذا ففعله عن اختياره لا ناسياً ولا مكرهاً، بل باختياره فإن عليه كفارة اليمين؛ لقول الله- عز وجل -: لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ [(89) سورة المائدة].. الآية. فالله - سبحانه - بين لنا أن هذا مكروه، وكفارة اليمين، فإذا قال والله ما أكلم فلاناً، أو والله لا أزور فلاناً ، أو والله لا آكل طعام فلاناً ، أو ما أشبه ذلك ، ثم فعل ذلك ذاكراً مختاراً فإن عليه كفارة اليمين المذكورة آنفاً، وهي إطعام عشرة مساكين ، نصف صاع من قوت البلد لكل واحد ، يقدر بنحو كيلو ونصف ، سواء كان رز أو ذرة أو حنطة أو تمر أو غير ذلك من قوت البلد ، يتصدق بنصف صاع من قوت بلده، أو يكسوهم كسوة تجزؤهم في الصلاة كقميص أو إزار ورداء لكل واحد ، أو يعتق عبداً مؤمناً أو أمة مؤمنة ، فإن عجز عن ذلك صام ثلاثة أيام ، هذه كفارة اليمين، وينبغي أن تكون متتابعة ، كما قال ابن مسعود - رضي الله عنه-. وهكذا لو قال: والله لأفعلنَّ كذا، و كذا والله لأكلمنَّ فلاناً، والله لأزورنَّه، فلم يفعل فالحد الذي حده بالنية فعليه كفارة اليمين، كأن ينوي أن يزوره في اليوم الفلاني، أو في الليلة الفلانية، أو يحدد ذلك باللفظ هذا اليوم ، فيقول: والله لأزور فلاناً هذا اليوم أو هذه الليلة فلم يفعل فعليه كفارة اليمين مثلما لو قال والله لا أزوره ، والله لا أكلمه ثم فعل.  
 
2- كثير من الناس يؤيد تحديد النسل وذلك عندما يرزقه الله عدة أولاد، ويكتفي ويعطي زوجته حبوب منع الحمل، يقول: نريد نصيحة المسلمين ونصيحتنا عامة بذلك، حيث أنني أعتقد أن ذلك من التشبه بالغرب، ومن أعمال الغرب؟
لا شك أن تحديد النسل أمر لا يجوز ، وفيه مضار كثيرة ، إضعاف للأمة ، وتقليل لعددها، والشريعة جاءت بالحث على أسباب التوالد والتوعية في ذلك، ومن ذلك قوله - عليه الصلاة والسلام -: (تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة). وفي لفظ: (مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة). فتزوج الولود مما حث عليه الشارع، ولأن في كثرة الأولاد تكثير الأمة العابدة لله وحده من المسلمين ، وفيه أيضاً ربما العولة يدعو لوالده فيستفيد من ذلك، وربما قاموا بأعمال جليلة تنفع المسلمين من طلب العلم ، من أعمال تنفع الأمة في عاجل أمرها وأجله ، فيكون في ذلك خير كثير إذا صلحت نيته ، وساعدهم على هذا الخير، أو دعا لهم بما يعينهم على هذا الخير. فالمقصود أنهم على خير والأمة على خير إذا كثروا وصلحوا ، والتوفيق بيد الله إنما عليه فعل الأسباب ، والتوجه إلى الله بطلب الهداية لهم والتوفيق لهم مع الأخذ بالأسباب التي تسبب هدايتهم من حسن التربية والتوجيه والملاحظة والعناية والأخذ على يد السفيه وغير ذلك، فلا يجوز تحديد النسل، ولأن الموجودين ربما ماتوا قد يحدد عند ثلاثة أو أربعة أو خمسة يموتون فيندم غاية الندامة فلا وجه للتحديد، لكن إذا دعت الحاجة إليه أو الضرورة لكون المرآة مريضة يضرها الحمل تقرير الأطباء أو لأنها تلد هذا على هذا بسرعة تشق عليها تربيتهم فأعطاها ما يمنع الحبل سنة أو سنتين حتى تستطيع التربية والقيام على شؤون الأولاد فهذا لا باس به، بصفة مؤقتة.  
 
3- إن لها أربعة أطفال وأن والدهم لم يتمم لهم إلا اثنين منهم، وتقول: هؤلاء الاثنين هل يجوز لي أن أتمم لهم بعد مضي هذه المدة؛ وتذكر أن والدهم توفي قبل خمسة عشر عاما؟
لا بأس العقيقة مشروعة للوالد يعق عن أولاده عن الذكر شاتان وعن الأنثى شاة هذا هو المشروع وقد أمر بذلك، أمر بذلك عن الذكر شاتان وعن الأنثى شاة وقال عليه الصلاة والسلام: (كل غلام مرتهن بعقيقته، تذبح عنه يوم السابع، ويحلق، ويسمى). فإذا كان والدهم قد عق عن اثنين فلا بأس أن تعقي أيها الوالدة عن الاثنين الباقيين، ولك أجر في ذلك إن شاء الله. المقدم: بالنسبة للعقيقة يشاع أن الوالد إذا لم يباشرها بنفسه وباشرتها والدتهم أن الأجر يكون دائما للأم وليس للوالد شيء في ذلك؟. الشيخ: هذا غلط، كل على قدره، ما عقه الوالد له أجره، وإن عقت الوالدة فلها أجرها، وخاصة إذا كان الطفل توفي صغيراً، كل على حسب عمله ونيته. المقدم: يقولون إن توفي الولد صغيراً وكانت المقدمة للعقيقة والدته أن الأجر يكون دائماً للوالدة فقط، وليس للوالد شيء من ذلك البتة؟ الشيخ: هذا غلط، قول على الله بغير علم، فلها أجرها على ما فعلت، والأب له أجره على ما فعل، كل منهما له نصيبه من الأجر فيما فعل مع الولد، من إحسان، ومن تربية، ومن نفقة.  
 
4- هذا وأنا بدوية في الصحراء وعندنا غنم، فكنت أقوم برعيها وأقوم بالبحث عنها عندما تضيع واحدة منها، وأنا في الحداد، وكان عندنا جيران وعندي أولاد، وكنت دائما أرفع الصوت: تعال يا فلان.. وأذهب يا فلان.. وكان بيت أخو زوجي قريب منا، وكانوا يدعونني للقهوة فأجلس معهم وأتناول القهوة، فما حكم ذلك؟ وهل يلزمني شيء بعد هذه المدة؟
أما ما يتعلق بالكلام ونداء الأولاد فهذا لا بأس به، وليس معها ....... لا حرج في ذلك، كذلك مسألة رعاية الغنم إذا كانت قريبة من البيت وحول البيت لا تذهب بعيداً وإنما حول البيت فالأمر في هذا واسع إن شاء الله. أما كونها تذهب بعيداً لترد الضالة والغائبة من الغنم فهذا لا ينبغي للمحادة ، المحادة تلزم بيتها، لكن الخروج اليسير لجمع الغنم حول البيت وفي النهار أمره واسع وسهل ........ ما يتعلق بالبادية وكذلك كون بيت أخي زوجها جنبها يليها وربما تزورهم فالأمر فيه واسع، ولو أنها جلست في بيتها ولم تذهب كان أحوط؛ لأن الرسول قال: (امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله). فلو أنها بقيت في البيت ولم تذهب إلى الجيران للزيارة كان هذا أحوط، ولكن إن شاء الله لا يضر ذلك وليس عليها شيء، لكونهم متقاربين ومتجاورين في الصحراء، فهذا لا يضرها شيء، لكنها في المستقبل لو قدر أنها حدت على غيره، أو سئلت عن هذا الشيء من جيرانها أو نحو ذلك فينبغي للمحادة أن تبقى في بيتها ، وأن تلزم بيتها إلا من حاجة، مثل أن تذهب تشتري حاجة ، أو للطبيب ، أو تأتي بالغنم من المرعى القريب، الذي لا يسمى سفر بل هو قريب من البيت، هذه أمور خفيفة مثل خروجها لحاجتها للسوق تشتري خبـزها وتأتي طعاما لبيتها ، فهكذا رد الغنم التي حول البيت ، وردها من المرعى القريب الذي لا يعد سفراً ، بل هو قريب كل هذا لا بأس إن شاء الله. وصوتها كذلك تكلم الرجال أو ترفع صوتها على أولادها تعال يا فلان أو اذهب يا فلان كل هذا لا حرج فيه. أما الشيء البعيد التي ترد الضالة من محل بعيد قد يتعرض لها خطر أو يعد سفراً فهذا لا يصح، وعليها التوبة مما فعلت من ذلك إذا كان الشيء بعيد.  
 
5- لقد وقع على ثوبي نقط دم من كبد الإبل وأنا أقطعها، ولا أعلم ذلك إلا من بعد أن شفتها، وإنني قد صليت في ثوبي صلاة الظهر والعصر والمغرب، فهل أقضيها أم لا؟
لا قضاء، ما أصاب الثوب من نقط الدم، ولم تعلميها إلا بعد الصلاة فلا إعادة على الصحيح، إذا مشى الإنسان النجاسة وجهلها في ثوبه ولم يعلم إلا بعد الصلاة فلا قضاء عليه على الصحيح من أقوال العلماء؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ذات يوم يصلي وفي نعليه أذى، فأخبره جبرائيل - عليه الصلاة السلام - بأن فيهما قذراً فخلعهما ولم يعيد أول الصلاة - عليه الصلاة والسلام-، فدل ذلك على أن الصلاة لا تعاد إذا كان هناك نجاسة في نعل أو في ثوب ولم يعلم بها إلا بعد الصلاة، لكن الحدث ، لا، إذا كان مثلاً صلَّى يظن أنه على طهارة ثم بان أنه على غير طهارة فهذا يعيد على كل حال عند جميع أهل العلم، صلَّى الإنسان أو صلت المرآة تحسب أنها على طهارة ، ثم ذكر أو ذكرت أنها حين صلت ليست على طهارة قد خرج منها بول أو ريح أو ما أشبه ذلك هذا تعيد الصلاة عند جميع أهل العلم، ليس مثل النجاسة. المقدم: لكن هل يعتبر الدم الواقع من كبد الإبل نجس؟ الشيخ: .... ما يعد ، لأن هذا في أثناء الكبد شيء يتعلق في اللحم ما يعد شيئا، ما يعد إلا طاهرا، هذا هو الأقرب فيه، ما يكون فيه أثناء اللحم، أثناء الذبح في أثناء لحم البطن، في الكبد، في الأمعاء، في أشباه ذلك. المقصود أن الدم الذي يبقى في اللحوم وفي العروق لا يضر، إنما الذي ينجس ويضر المسفوح الذي عند الذبح، لكن على كل حال لو فرضنا أن فيها نجاسة من نقط الدم الأخر يسمى نجساً ومن الدم المسفوح أو من النجاسات الأخرى من بول وغيره لم تعلم به إلا بعد الصلاة فلا إعادة.   
 
6- أفيد فضيلتكم بأنني قد أصبت بمرض أجري لي عملية بالمستشفى، وعند طلوعي من المستشفى أفادني الدكتور المختص: بأنه يجب علي عدم الغسل بالماء لمدة خمسة شهور، بما فيها شهر رمضان المبارك، أرجو إفادتي! هل أبقى على ما قال الدكتور خمسة شهور، أم أغتسل وأصلي وأصوم رمضان؟ وما الحكم في الفروض التي أصليها؟
الظاهر أن لك عذرك في ذلك في عدم الغسل تتيمم عن الجنابة، لكن من الاحتياط ينبغي سؤال غيره من الأطباء الذين لهم خصوصية في هذا المرض، من باب التأكد ،سؤال طبيب ثاني، ولاسيما الأطباء المسلمون الذين يوثق بهم إذا أخذت الحيطة بسؤال ثاني أو ثالث هذا طيب، أما إذا كان الذي أخبرك هو الطبيب المختص وهو الذي.... العلاج، وأنت مطمئن إلى خبره ، لا يظهر لك منه ما يدل على تساهل في الإسلام، أو كراهة لحكم للإسلام فالحمد لله هذا من أمور الطب، ومما يخشى منه الخطر لو خالفته فلا بأس أن تأخذ بقوله، ولا تغتسل حتى تمضي المدة احتياطاً لصحتك وسلامتك، ولكن من باب الاحتياط، ومن باب التوثق ينبغي أن تسأل طبيباً آخر، أو طبيبين إذا تيسر ذلك من باب الحيطة.  
 
7- يوجد عندي ابنة عم، وأريد الزواج منها، ولكن بنفسي من ذلك أن أخوها أكبر منها رضع مع أختي التي هي أصغر مني، فهل تحل لي، وهل أخواتي يحلون لأولاد عمي؟
أما هي تحل لك؛ لأن رضاع أخيك فيها من والدتك لا يضر، رضاع أخيها من أمك لا يضر، ولا يحرمها عليك، فهي تحل لك. أما هو فإن كان رضاعاً شرعياً بأن كان خمس رضعات، أما هو فإن رضع خمس رضعات فأكثر في الحولين صار أخا لكم، صار أخاً لك ولإخوانك، وصار عما لبناتكم، لا يحل لك شيء منهنَّ. أما إن كان رضاعه أقل من خمس، فإنه لا يكون أخا لكم، أو كان رضاعه في غير الحولين وهو كبير ما يكون أخا لكم، فإذا كان رضاعه خمس رضعات فأكثر في الحولين فإنه يكون أخا لكم ، ويكون عما لبناتكم ولا لأخوتك ولا يحل له أن ينكح منهن أحد. أيها السادة كنا في هذا اللقاء مع فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز...  

494 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply