حلقة 505: استخدام وسائل تنظيم الحمل للحاجة - الإجهاض قبل الأربعين - صفة النية في الصلاة وحكم التلفظ بها - نية الصيام.. كيفيتها ومتى تكون؟ - التأمين التجاري والتأمين التعاوني - حكم تعدد الزوجات

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

5 / 50 محاضرة

حلقة 505: استخدام وسائل تنظيم الحمل للحاجة - الإجهاض قبل الأربعين - صفة النية في الصلاة وحكم التلفظ بها - نية الصيام.. كيفيتها ومتى تكون؟ - التأمين التجاري والتأمين التعاوني - حكم تعدد الزوجات

1- إذا كانت الزوجة تتعرض للمرض والتعب والتدهور في الصحة بسبب الحمل والولادة بفترات متقاربة، ومع هذا كله لا يوجد لدينا الأغذية اللازمة للمرأة الحامل والمرضعة، ولا يوجد لدينا رعاية صحية متكاملة؛ لأن المعيشة في الريف قاسية، هل يجوز استخدام أي وسيلة من وسائل تنظيم الحمل لتلافي ما ذُكر؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على عبده ورسوله نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين. أما بعد: فلا حرج في استعمال الوسائل المباحة لتنظيم الحمل إذا كان على المرأة مشقة، إما لمرض أصابها وإما للأسباب التي ذكرها السائل، فلا مانع من أن تستعمل حبوبا أو شرابا أو غير ذلك مما يباح لأجل تنظيم الحمل حتى لا يضرها الحمل وحتى لا يضر بتغذيتها ...... إليها والإحسان إلى أولادها، فإذا كان في تنظيم الحمل إحسان إليها من جهة صحتها، وإحسان إلى أولادها من جهة التربية فلا حرج في ذلك، والحمد لله.   
 
2- زوجتي حملت بعد أن أنجبت مولودها بثلاثة أشهر وعشرين يوماً، وقد تذمرت كثيراً من ذلكم الحمل، وحللت طبياً فأفاد الأطباء أن الجنين في عشرين يوم تقريباً، وتسأل سماحة الشيخ: هل لها أن تتصرف بذلكم الجنين لتتمكن من تربية هذا المولود الذي فرحت به كثيراً، ولا سيما أنه لم يسبقه إلا بنات؟
الأفضل عدم التعرض للإسقاط؛ لأن الله جل وعلا قد يجعل فيه خيرا كثيرا؛ ولأن الرسول - صلى الله عليه وسلم – حرض على كثرة النسل وقال عليه الصلاة والسلام: (تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة) فاحتساب الأجر في تكثير الأولاد أمر مطلوب لا سيما وليس عندها إلا طفل واحد وليس عليها مرض فالأولى لها والأفضل لها عدم التعرض لإسقاطه، فإن أسقطته في الأربعين لمصلحة تراها ووافق زوجها على ذلك فلا حرج، لكن الأفضل والأولى ترك ذلك لما تقدم من المصلحة العظيمة وتحقيق ما قاله النبي عليه الصلاة والسلام، لكن ما دام الجنين في الأربعين لم يتجاوز الأربعين فالأمر فيه أسهل وأوسع، وترك الإسقاط فيه أفضل. - يقول -سماحة الشيخ- إن له بنتين سبقتا هذا المولود فلديه ثلاثة أطفال الآن. ج/ لا حرج، لا حرج إذا كان فيه مشقة لا حرج، وهذا من باب التنظيم ولا سيما في الأربعين أمره أسهل. - لكن تنصحونها بالصبر؟ ج/ مهما أمكن الصبر فهو أفضل، فهو أفضل، ونسأل الله أن يعينها.  
 
3- هل عندما أقف مستقبلاً القبلة أتحدث بالنية في قبلي ثم أكبر تكبيرة الإحرام، أم أن ما قمت به من وضوء ووقوف واستقبال القبلة يعتبر ترجمة لنية الصلاة ولا يلزمني التحدث بها في قلبي بل أكبر مباشرة؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.
نعم يكفيك ذلك ما دمت قمت للصلاة التي تعلمها ظهر عصر مغرب إلى غير ذلك يكفي، ولا حاجة إلى التحدث بها عند الإحرام، أنت جئت لها وجلست لها وانتظرتها وقمت حين سمعت الإقامة تقصد الصلاة التي أقيمت، هذا يكفي، وهذا هو النية، ولا حاجة إلى سوى ذلك. أما ما يفعله بعض الناس من التلفظ بأن يقول: نويت أن أصلي كذا وكذا إماما أو مأموما أو كذا هذا لا أصل له، بل هو بدعة في أصح قولي العلماء؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم – لم يكن يتلفظ بالنية، وهكذا أصحابه - رضي الله عنهم – ما كانوا يتلفظون بالنية، وهكذا التابعون وأتباعهم من الأئمة الأربعة وغيرهم ما كانوا يعرفون هذا. فالمشروع للمؤمن أن يكتفي بالقلب فهو بمجيئه للصلاة وجلوسه ينتظر الصلاة وبقيامه للصلاة حين أقيمت الصلاة كل هذا يعتبر نية، فلا حاجة بعد ذلك إلى أن يتحدث بها بقلبه ولا أن يتلفظ بها بلسانه.  
 
4- أفيدونا عن نية الصيام، فقد سمعت حديثاً معناه يقول: (من لم يبيت نية الصيام من الليل فلا صيام له)، فكيف يكون التبييت، هل هو في القلب أم بالتلفظ، وما حكم من نسي النية في الليل ونوى بها عند السحور، هل يصح صيام من قام من النوم وقت أذان الفجر تماماً ولم يجد فرصة للسحور، بل تمضمض فقط وصام، هل يصح ذلك إذا كان في رمضان، أو تطوع، أو كان الصيام نذراً؟ جزاكم الله خيراً.
معنى الحديث أنه ينوي في الليل، ولو لم ينوِ إلى قرب الفجر، متى نوى صدق عليه أنه بيتها، فإذا نوى في آخر الليل أو في وسط الليل أو في أول الليل أنه يصوم غدا فقد نوى، وهذا كله إذا كان فريضة، أما إذا كان الصوم نافلة فلا يلزم أن ينوي ذلك بالليل، فإذا نوى بالنهار قبل أن يأكل قبل أن يتعاطى مفطرا فلا بأس أن ينوي من أثناء النهار؛ لما ثبت في صحيح مسلم عن عائشة - رضي الله عنها- أن النبي - صلى الله عليه وسلم-: دخل عليها ذات يوم فقال: (هل عندكم شيء؟) قالت: لا. قال: (فإني إذن صائم) فصام من أثناء النهار عليه الصلاة والسلام، فإذا أصبح الإنسان ولم يتعاطَ مفطرا لا أكلا ولا شربا ولا غيرهما ثم نوى في أثناء النهار الصوم فلا حرج في ذلك، ويكتب له الصوم من حين نوى، يكتب له أجر الصائم من حين نوى، هذا في النافلة أما في رمضان وفي النذور والكفارات وقضاء رمضان فلا بد من النية من الليل؛ لأن الواجب عليه أن يصوم جميع النهار، ولا يتحقق هذا إلا بالنية السابقة للنهار.  
 
5- هل صحيح صدر من سماحتكم فتوى تحلل التأمين الشامل على السيارة كما هو منشور في الإعلان المرفق في إحدى الصحف قبل يومين، الرجاء توضيح ذلك في برنامج (نور على الدرب)، جزاكم الله خيراً، وإن لم يكن صدر منكم شيئاً رجاءً تعميم ذلك على الصحف، وقد أرفق الإعلان سماحة الشيخ هل ترون أن أقرأ الإعلان؟
نعم. يقول الإعلان: بسم الله الرحمن الرحيم: ((وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ))[المائدة:2] شركة التأمين الإسلامية المحدودة، بشرى لأهالي المنطقة الشمالية للدوائر الحكومية، للشركات، للمؤسسات، للممتلكات الفردية، نظراً لأهمية التأمين على الممتلكات وجوازه بقرار مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية إثر اجتماعهم بهذا الخصوص، وعلى رأسهم فضيلة الشيخ عبد الله بن حميد، رئيس مجلس القضاء الأعلى بالمملكة رئيساً، وفضيلة الشيخ محمد علي الحركان، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي نائباًً للرئيس، وفضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن باز، وخروجهم بالقرار رقم (51) بجواز التأمين التعاوني بدلاً من التأمين التجاري، وبناءً عليه فقد تم -بحمد الله- في مدينة جدة التوقيع على الصيغة النهائية بإنشاء مقر لشركة التأمين الإسلامية، إبراهيم بن عبد الله المطوع وكيل معتمداً بالمنطقة الشمالية، ويتبعه الجوف، القرياط، طريق عرعر.. إلى آخره، وذكروا الأشياء التي يؤمِّنون عليها، ويسأل سماحة الشيخ أخونا المستمع كما بدأت هذه الرسالة؟ ج5/ نعم صدر من مجلس هيئة كبار العلماء قرار بجواز التأمين التعاوني وتحريم التأمين التجاري، وأنا أشرح للمستمع حقيقة هذا وهذا، فالذي صدر من المجلس جوازه هو التأمين التعاوني، وهو أن يجتمع جماعة من الناس فيشتركون في تأمين تعاوني كل واحد يبذل مالاً معيناً على أن يكون هذا المال لمصالح محدودة، كأن يشتركوا في أن هذا المال يكون لما قد يقع من كوارث بينهم فينفقون من هذا المال فيها، وكأن يفتقر أحدهم فينفق عليه من هذا المال، ونحو ذلك مما يصرفونه في وجوه البر والتعاون بينهم، وليس للتجارة وتحصيل الأرباح وإنما ذلك للإحسان فيما بينهم لفقيرهم ومن يصاب بكارثة منهم ونحو ذلك من المسلمين لمساعدتهم لا لقصد الربح والنماء، هذا هو التأمين التعاوني، أن يجتمع أهل قرية أو قبيلة أو جماعة من الموظفين على مال معين منهم كل واحد يبذل كل شهر كذا أو كل سنة كذا ويتفقون على أن هذا المال ينفق فيما قد يصابون به من أسباب صدام سيارات، انقلاب سيارات، كوارث تصيب بعضهم، فينفق على من أصيب من هذا المال، ويؤدى عنه الدين أو الدية ويواسى فقره ويشترى له حاجته من هذا المال ليس هذا مالا لهم بل هو لوجوه البر وأعمال الخير فيما بينهم، وليس المقصود منه الربح والتجارة حتى يؤمنوا على سيارة فلان أو سيارة فلان، لا، وإنما المقصود أن ينتفعوا به، ولا مانع من أن يجعلوا فيه وكيلا يتجروا فيه والربح لهذه المصلحة، ولهذا المشروع، ليس لهم، بل الربح لهذا المشروع. فهذا هو التأمين التعاوني الذي أقره مجلس هيئة كبار العلماء، وصدر به قرار رفع للمقام السامي لمقام خادم الحرمين الشريفين، وليس هو التأمين الذي يعرفه الناس بالتأمين التجاري، وهو أن تؤمن على سيارتك عند شركة أو على بيتك أو على عينك أو على رجلك أو على ولدك أو كذا هذا محرم وهذا هو النوع الثاني، وهو الذي يقال له التأمين التجاري، وهو أن يتقدم إنسان إلى شركة أو إلى تاجر فيعطيه مالا معينا كل شهر أو كل سنة على أنه يغرم له ما قد يصيب سيارته أو ما قد يصيبه هو إذا مات أو ما أشبه ذلك في مقابل ما أعطاه من المال، فهذا يقال له: التأمين التجاري، تارة يكون على الحياة وتارة يكون على نفس الإنسان إذا أصابه شيء من صدم أو غيره، وتارة يكون على سيارته، وتارة يكون على بيته، إلى غير هذا ، هذا هو المحرم هذا هو التأمين التجاري، وهو محرم لما فيه من الغرر ولما فيه من الربا؛ لأنه يدفع مالا قليلا ويأخذ مالا كثير، وربما أنفق أموالاً كثيرة ولم يصب بكارثة فضاع عليه ماله، فصار غرر وربا، وربما دفع مائة وأخذ آلافا بسبب ما قد يصيبه. فالحاصل أنه محرم لما فيه من الغرر ولما فيه من الربا، ويسمى هذا التأمين التجاري، وهذا صدر به قرار بتحريمه، وبهذا يتضح الفرق بين النوعين: التأمين التجاري لمصلحة الشخص يريد منه أن يغرم له ما قد يتلف عليه من سيارة أو بيت أو مزرعة أو دابة أو غير ذلك ولو نفسه فقد يسلم حتى لو مات يسلم لورثته كذا وكذا، أو صدم ومات أو انكسر أو كذا يسلم له كذا وكذا. وهذه الشركة التي أعلن عنها إن كان مقصودها هذا فهذا ليس بالتأمين التعاوني، وهذا العنوان يكون تلبيسا، ولا يجوز هذا، أما إن كان مقصودهم أنهم يحسنون فيما بينهم فيما قد يصيبهم إذا تلفت سيارة أحدهم أو أصيب بصدمة أو دين أو فقر فيما بينهم وليس قصدهم الربح وإنما قصدهم التعاون فيما بينهم من هذا المال المزبور الذي قد يجعلون فيه من يتصرف فيه حتى ينميه وحتى يستفاد منه لكن ليس لقصد التجارة وإنما قصد تعاونهم فيما بينهم لرفع مستوى فقيرهم ومواساته وتسديد الدين عنه وتعويضه عما قد يصيبه في سيارته أو قد يصيبه في بيته أو ما أشبه ذلك ليس لقصد الربح والفائدة، والله أعلم. يقول مقدم البرنامج: سماحة الشيخ الملاحظ أن مثل هذا الإعلان قد صنع الفتوى لتتكيف مع تجارته فهؤلاء فيما يظهر من الإعلان أنه تجاري بحت، فهم يؤمنون عن الحوادث وعن النقد وعن خيانة الأمانة وعن السرقة وعن المسئولية المدنية وكل الأخطاء..! ج/ سنطلب إن شاء الله نظامهم ونعمل ما يلزم من جهة ما يستحقون في هذا الإعلان إذا كان مخالفا لما صدر به القرار. نسأل الله أن يهدي الجميع. - الملاحظ أنه مخالف للفتوى تماماً سماحة الشيخ؟ ج/ هذا هو ظاهر الإعلان، نسأل عنه إن شاء الله.
 
6- يسأل سماحة الشيخ عن الحكم فيمن يعدد الزوجات، وهل يصغي إلى الأقوال القائلة بأن ذلك يخالف الفطرة، وجهونا جزاكم الله خيراً؟
قد شرع الله -عز وجل- لعباده تعدد النساء إذا استطاع الزوج ذلك ولم يخف الجور والعول في قوله جل وعلا: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ.. (النساء:3) وقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم عدة من النساء، وتوفي صلى الله عليه وسلم وعنده تسع، وهذا من خصائص عليه الصلاة والسلام فيما زاد عن أربع، أما الأمة فليس لهم إلا أربع فقط، فقد فرق النبي صلى الله عليه وسلم بين من أسلم على أكثر من أربع وأمره أن يفارق الزائد وخيره أن يختار أربعاً ويفارق ما زاد على ذلك. فالواجب على المسلم أن يقف عند حد الله وأن لا يزيد على ما شرع الله وهو الأربع، فإن استطاع أن يتزوج أربعا وقام بحقهن فلا حرج عليه في ذلك، بل ذلك أفضل له إذا استطاع ذلك؛ لما في ذلك من المصالح من عفة فرجه وغض بصره وتكثير الأمة وتكثير النسل الذي قد ينفع الله به الأمة وقد يعبد الله ويدعو لوالديه فيحصل لهم بذلك الخير العظيم. ولو لا أنه أمر مطلوب وأمر مشروع وفيه مصالح جمة لما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، فهو أفضل الناس وخير الناس وأحرصهم على كل خير عليه الصلاة والسلام، وقد جعل الله في تزوجه بالعدد الكثير من النساء مصالح كثيرة في تبليغ الدعوة ونشر الإسلام من طريق النساء ومن طريق الرجال، فإذا تزوج المؤمن اثنتين أو ثلاثا أو أربعا لمصالح شرعية لأنه يحتاج إلى ذلك أو لقصد تكثير الأولاد أو لقصد كمال العفة وكمال غض البصر؛ لأنه قد لا تكفيه الواحدة أو الاثنتان أو الثلاث فكل هذا أمر مطلوب شرعي. ولا يجوز لأي مسلم ولا لأي مسلمة الاعتراض على ذلك، ولا يجوز انتقاد ذلك، ولا يجوز لأي إذاعة ولا أي تلفاز أن ينشر ما يعارض ذلك، بل يجب على جميع وسائل الإعلام أن تقف عند حدها، وليس لها أن تنكر هذا الأمر المشروع، ولا يجوز لمن يقوم على وسائل الإعلام أن ينشر مقالا لمن يعترض على ذلك لا في الوسائل المقروءة ولا في الوسائل المسموعة ولا في الوسائل المرئية، بل يجب على وزراء الإعلام في الدول الإسلامية أن يحذروا ذلك، وأن يتقوا الله وأن يبتعدوا عما حرم الله -عز وجل-، وهل يرضى مسلم أن تبقى النساء عوانس في البيوت والإنسان يستطيع أن يأخذ اثنتين وثلاثا وأربعا؟! هذا لا يجوز أن يفعله مسلم أو أن يراه مسلم يخاف الله ويرجوه، وهل يجوز لمسلمة تخاف الله وترجوه أن تنكر ذلك؟ وهي تعلم يقينا أن كونها مع زوج عنده زوجة أو زوجتان أو ثلاث خير لها من بقائها بدون زوج حتى تموت عانسة لا زوج لها؟ وربما رزقها الله بهذا الزوج الذي ليس لها إلا جزء منه ربما رزقها الله ذرية صالحة تنفعها في الدنيا والآخرة، وربما حصل لها في ذلك عفة فرجها وغض بصرها وحصن سمعتها وسلامة عرضها، فالواجب على الدول الإسلامية عامة وعلى حكومتنا خاصة إظهار هذا الأمر وتأييد هذا الأمر والإنكار على من عارض هذا الأمر في أي وسيلة مرئية أو مسموعة أو مقروأة بل يجب إنكار ذلك. وإنه ليسوؤني ويسوء كل مسلم يخاف الله أن يسمع في إذاعة أو يشاهد في تلفاز أو يقرأ في صحيفة من يعترض على شرع الله ويدعو إلى الاقتصار على الواحدة إلا على الوجه الشرعي إذا خاف ألا يقوم بالواجب أو عجز عن أن يقوم باثنتين فهذا قد وضحه الله سبحانه وتعالى، لكن من استطاع أن يتزوج اثنتين أو ثلاثا أو أربعا فلا حرج عليه، بل هو مأجور ومشكور إذا نوى بذلك إظهار دين الله وتكثير الأمة وغض بصره وإحصان فرجه والإحسان إلى أخواته في الله المحتاجات إلى النكاح، فهو مشكور ومأجور. والواجب على جميع المسلمين وعلى جميع المسلمات أن يرضوا بما شرع الله، وأن يحذروا الاعتراض على ما شرعه الله، وأن يخافوا نقمته سبحانه، وعقابه في اعتراضهم ومخالفتهم لأمر الله -عز وجل-، وقد قال الله -عز وجل- في كتابه العظيم: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (محمد:9) فأخشى على من كره هذا المشروع أن يحبط عمله وأن يخرج من دينه وهو لا يشعر!! نسأل الله العافية، وقال تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ(محمد:28) فالمقصود أنه يجب على المؤمن أن يرضى بما شرعه الله وأن يبغض ما أبغضه الله وأن يكره ما كرهه الله وأن يحب ما أحبه الله في جميع الأمور إذا كان مسلما مؤمنا يخاف الله ويرجوه، نسأل الله للجميع الهداية والسلامة. يقول مقدم البرنامج: الواقع سماحة الشيخ وأنتم تتفضلون بهذا التوجيه المخلص: كثيرا ما نسمع عن كثرة العوانس في البيوت فهل لكم من كلمة سماحة الشيخ؟. ج/ هذا ثابت عندنا؛ ولهذا نوصي جميع النساء ألا يمتنعن من الزوج الذي عنده زوجة، نوصيهن جميعا أن يحرصن على عفتهن وسمعتهن الحسنة، وعلى حفظ فروجهن وغض أبصارهن وعلى حفظ أعراضهن، أن يبادرن بالزواج ولو كن جارات ولو كانت ثانية أو ثالثة أو رابعة، فأنا أوصي بهذا وأسأل الله أن يهدينا جميعا لما يرضيه. وأوصي الأزواج القادرين أن يتزوجوا وأن يعفوا كثيرا من نساء أمتهم، وأن يحرصوا على تكثير النسل، وعلى حفظ فروجهم وغض أبصارهم بما أحل الله لا ما حرم الله. كثير من الناس -نعوذ بالله- يأبى أن يتزوج ثانية ولكنه يرضى بالصديقات فيما حرم الله!! وتعلم زوجته ذلك وذلك قد يكون أحب إليها من زوجة مسلمة على الوجه الشرعي!! فهي تعلم عنه أنه يذهب إلى المحرمات وإلى الصديقات وإلى الزنا ولكن لا يهمها ذلك، لكن لو تزوج لغضبت وأنكرت!! ولا حول ولا قوة إلا بالله، فترضى بالحرام أو تقر الحرام ولكن لا ترضى بالحلال! هذه من المصائب ومن ضعف الدين ومن ضعف الإيمان وقلة البصيرة، نسأل الله الهداية والسلامة. - الوقع كدت -سماحة الشيخ- أ طلب من سماحتكم نصيحة إلى الأخوات المتزوجات فكثير من الإخوة عندما يتزوج وهذه نيته يريد على الأقل أن يكتسب الإنفاق على أخت مسلمة لا عائل لها، زوجته تغادر المنزل وتقوم وتولول وتفسد أولاده عليه وتؤنبهم عليه أيضاًَ!!؟؟ ج/ هذا منكر، هذا منكر مثل ما سمعت، هذا منكر، وليس لها أن تفعل ذلك، ليس لأي زوجة أن تنكر على زوجها ذلك، وليس لها أن تعترض عليه، وليس لها تسيء إليه ولا إلى أولاده، وإنما فعل ما أباح الله له. نعم، إذا ظلم إذا جار عليها إذا لم يعدل فلها أن تتكلم، ولها أن تشكوه إلى المحكمة إلا أن تصبر وتحتسب، أما مادام لم تر منه إلا الخير أو حتى الآن ما قد فعل شيئاً فإنها تصبر وتحتسب وترجو الله أن يقدر لها الأصلح، وأن يعينها على الصبر، وسوف يجعل الله فرجا ومخرجا، يقول الله -عز وجل- في كتابه العظيم: ..فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً(النساء: من الآية19) ويقول سبحانه: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (البقرة:216)، فالله هو الذي يعلم سبحانه وتعالى، فربما كان هذا الزواج سببا لعطفه عليها ومزيد من محبته لها؛ لأنه رأى من الثانية ما لم ير من الأولى، ورأى أن خصال الأولى أحسن وأن سيرتها أطيب وأن دينها أكمل فيعطف عليها أكثر، وربما طلق الثانية وزاد حبه للأولى، فلا ينبغي لها أن تجزع من هذا وربما كان خيرا لها، فإن نجح في زواجه وعدل بينهما فالحمد لله، المؤمن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، فينبغي أن تحب لأخواتها في الله أن يرزقهن الله أزواجا وذريات، هكذا المؤمن مع أخيه، يقول الله النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) وهكذا لا تؤمن حتى تحب لأختها ما تحب لنفسها هذا معنى كلامه عليه الصلاة والسلام، لأن قوله يعم الرجال والنساء والله المستعان. سماحة الشيخ إذا قامت المرأة الداعية إلى الله بالنصح المخلص على هذا المنوال الذي تفضلتم به إذا قامت به للأخوات المتزوجات لعل له تأثير؟ نعم، نعم أنا أوصي الداعيات إلى الله والمتعلمات والعالمات أوصيهن جميعاً أن يتقين الله وأن يبحثن هذا الموضوع كثيراً وأن يرشدن ما أرشدنا الله إليه ويوصين أخواتهن بهذا الأمر وينصحن لهن ما فيه من الفوائد والمصالح وأن يكن عوناً للأزواج المؤمنين على هذا المشروع الناجح المفيد للرجال والنساء جميعاً، فإن كلام الداعية المؤمنة والمرشدة المؤمنة قد يؤثر على أخواتها فأنا أوصي جميع طالبات العلم وجميع المدرسات وجميع من لديهن علم أن يساعدن في هذا الموضوع وأن يرشدن فيكون لهن في ذلك خير كثير. والله المستعان. 

527 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply