حلقة 595: التداوي من أجل الولد - أسباب إجابة الدعاء - ما يقال عند الذبح، وشروط الأضحية - حكم الاختلاط بغير المحارم - حكم نبز الملتزمين بالتشدد - وجوب تغطية المرأة وجهها - زيارة قبر النبي للنساء - الرفق في التعامل مع الوالدين

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

45 / 50 محاضرة

حلقة 595: التداوي من أجل الولد - أسباب إجابة الدعاء - ما يقال عند الذبح، وشروط الأضحية - حكم الاختلاط بغير المحارم - حكم نبز الملتزمين بالتشدد - وجوب تغطية المرأة وجهها - زيارة قبر النبي للنساء - الرفق في التعامل مع الوالدين

1-   أنا سيدة متزوجة منذ عامين ولم أُرزق بأولاد بعد، وكنت قد ذهبت للأطباء المتخصصين أنا وزوجي وتأكدنا من سلامتنا نحن الاثنين، ولا سبب عند أحد منا، أشار علي بعض الأهل بعمل بعض الوصفات البلدية، والتي هي في اعتقادهم تسبب الحمل، ومنها: أن أجلس فوق خلاص السيدة الحامل بعد أن تلد، ولكني رفضت فعل مثل هذه الأشياء وشبيهاتها خوفاً من أن أغضب الله عز وجل، ولكوني أعلم أن هذا شرك بالله عز وجل، وأخيراً جاءوا لي بنبات من المدينة المنورة اسمه (كف مريم) وقالوا: إنه يوضع في الماء عند الغروب في آخر ليلة جمعة من الشهر العربي، ثم يُؤخذ ماؤه قبل الغروب في يوم الجمعة ويغسل به بعض أجزاء الجسم مع ترديد القرآن الكريم والدعاء لله عز وجل، وأكدوا لي أن سيدات استعملوه ثم رزقهم الله بالذرية بعد ذلك، ففعلت ذلك، وأنا لا أدري إذا كان هذا قد يُغضب الله أم لا، علماً بأني حريصة كل الحرص ألا أفعل شيئاً من ذلك يغضب الله. والسؤال أولاً: هل ما فعلت يُعد شركاً بالله عز وجل أم لا؟ ثانياً: أرجو أن تنصحوني بأي شيء، أو بأي عمل أستطيع أن أتقرب به إلى الله عز وجل لكي يتقبل الدعاء ويرزقنا بالذرية الصالحة، جزاكم الله خيراً.

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد.. فأسأل الله أن يزيدك أيها الأخت في الله من الخير والعلم النافع والعمل الصالح والرغبة فيما عند الله والحذر من أسباب غضبه، ولا شك أن الواجب على كل مكلف من الرجال والنساء هو تقوى الله والحذر من أسباب الغضب، وأن لا يتعاطى شيئاً مما حرم الله عليه، وأنتِ في تحرِّيك الخير وحرصك على ما أباح الله تشكرين على ذلك، ولا شك أن ما قيل لك من الجلوس على خلاص امرأة نفساء أمرٌ لا أصل له، سواءٌ أرادوا بذلك الدم الذي خرج منها أو أرادوا شيئاً غير ذلك المشيمة أو غير ذلك كل هذا لا أصل له. أما التداوي بشيء من النبات من المدينة أو غير المدينة إذا جرب ونفع فلا بأس بذلك، إذا وجد نبات في المدينة أو غير المدينة تفعله المرأة بطريق التدخين أو بطريق سحقه وغسل الجسد به أو بعض الجسد أو شربه أو غير ذلك فلا بأس بذلك إذا جرب ونفع؛ لأن التداوي جائز بل مشروع ولا حرج في ذلك أن يتداوى الإنسان بما أباح الله له (عباد الله تداووا ولا تداووا بحرام) النبي -صلى الله عليه وسلم- شرع للأمة التداوي، فلا حرج في ذلك إذا وجد نبات جرب في أنه من أسباب الحمل، أو وجد علاج آخر مما أباح الله كالكي لبعض البدن أو شراب ما أباح الله أو فاكهة مما أباح الله أو أشبه ذلك مما جرب ونفع مما هو مباح، وأما الدعاء فينبغي للمؤمن أن يلح في الدعاء أنتِ والزوج، كلٌ منكما يشرع له الإلحاح في الدعاء في طلب الله عز وجل أن يمنحكما الذرية الصالحة، ولاسيما في أوقات الإجابة مثل آخر الليل جوف الليل، مثل آخر الصلاة قبل السلام، مثل وقت السجود حال السجود في الصلاة فإنه محل دعاء، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء)، وإذا كان على طهارة وقت استقبال القبلة كان ذلك من أسباب الإجابة، فأوصيكما جميعاً بدعاء الله والضراعة إليه وسؤاله سبحانه بصدق وإخلاص وضراعة وانكسار أن يمنحكما الذرية الطيبة، وهذا من أنفع العلاج ومن أعظم الأسباب، وفق الله الجميع.   
 
2-  متى يستجاب الدعاء هل يستجاب لكل أحد أم أنه هناك شروطاً معينة تنصحون بها؟
الله سبحانه وعد الإجابة لعباده لقوله سبحانه: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ (60) سورة غافر، وقوله سبحانه: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ (186) سورة البقرة، لكن للإجابة أسباب، منها: الانكسار والضراعة إلى الله ودعاؤه بصدق وإخلاص وقلب مقبل على الله، ومنها: تجنب المعاصي والحذر من المعاصي والإقبال على الله عز وجل فإن المعاصي من أسباب منع الإجابة، ومنها: عدم الغفلة كونه يدعو بقلب حاضر مقبل على الله لا بقلب ساهٍ غافل فإن سهو القلب وغفلة القلب وعدم إقبال القلب على الله عند الدعاء من أسباب منع الإجابة، وقد تؤخر الإجابة لحكمة بالغة، كما في الحديث الصحيح يقول -صلى الله عليه وسلم-: (ما من عبدٍ يدعو الله بدعوى ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته في الدنيا، وإما أن تُدَّخر له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من الشر مثل ذلك)، قالوا: يا رسول الله إذاً نكثر؟ قال: (الله أكثر) فهذا يفيد أن الله سبحانه قد يمنع الإجابة ويؤخرها إلى يوم القيامة يعطيه بها الخير في الجنة، وقد يصرف عنه شراً أنفع له مما طلب، فربك حكيم عليم سبحانه وتعالى، فهو الحكيم العليم فيما يقضيه ويقدره جل وعلا، فالعبد يلح في الدعاء ولا يستبطئ الإجابة ولا ييأس، يسأل ويكثر من الدعاء ويلح ولا ييأس، ويعلم أن ربه حكيم عليم، قد يعجل الإجابة وقد يؤخرها، وقد يعطيه سبحانه خيراً مما طلب. 
 
3- يُقال إن الحمل يأخذ الموتى من قبورهم، وخاصة من كان برجه الحمل، إلا إذا أحد قام بالحراسة على الميت فترة ثلاثة أيام، فهل هذا الكلام حقيقة، أم أنه إشاعة فقط؟ أفيدونا أفادكم الله.
هذا كلام باطل لا أصل له، بل إشاعة خالية من الصحة لا أصل لها، بل هذا من خرافات العامة وأشباه العامة.  
 
4-   متى يكبر على الذبيحة التي تُذبح في العيد، ومتى تُذبح؟ هل يصح أن تظل لمدة أسبوع، أم تذبح مباشرة في ذلك اليوم، أم كيف ذلك، وما هي شروط الذبيحة كون بعضها كسراء أو عوراء أو كبيرة في سنها، ماذا في ذلك؟ أفيدونا عن هذه المواضيع، جزاكم الله خيراً.
السنة عند الذبح أن يقول: باسم الله والله أكبر، سواءٌ ضَحية أو للأكل، باسم الله والله أكبر، في جميع الأوقات يقول الذابح عند الذبح: باسم الله والله أكبر، عندما يحرك يده للذبح، أما الضحية فتذبح في أربعة أيام: يوم العيد يوم عيد النحر والأيام الثلاثة التي بعده أربعة، الجميع أربعة على الصحيح من أقوال العلماء كلها أيام ذبح، يوم العيد واليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر إلى غروب الشمس، هذه الأيام الأربعة كلها أيام ذبح، وأما الضحية المجزئة فقد بينها النبي -صلى الله عليه وسلم- قال عليه الصلاة والسلام: (أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء البيِّن عورها، والعرجاء البين ضلعها، والمريضة البين مرضها، والهزيلة التي لا تُنقي) ليس فيها نقي ليس فيها مخ هزيلة ضعيفة، هذه الأربع لا تجزئ في الأضاحي ولا في الهدايا وقت الحج ولا في العقيقة التي تذبح للمولود يوم السابع كل هذه لا تجزئ فيها، يقول -صلى الله عليه وسلم-: (أربع لا تجوز للأضاحي العوراء البين عورها) أما إذا كان العور ما هو ببين في عينها شيء لكن ما هو ببين لا يضر ما يمنع (والعرجاء البين ضلعها) أما إذا كان عرجها يسير يعفى عنه (والمريضة البين مرضها) إذا كان مرضها يسير ما يبين يعفى عنها (والهزيلة التي لا تنقي) ليس فيها نقي هزيلة ضعيفة القوة هزيلة من جهة عدم المخ فيها، هذه الأربع لا تجزئ في الأضاحي ولا في الهدايا في وقت الحج ولا في العقيقة عن المولود ولا في النذور، من نذر أن يذبح شاة أو بقرة أو غير ذلك لا بد أن تكون سليمة من هذه العيوب، وهناك نوع خامس وهو العضباء التي ذهب أكثر قرنها وأذنها الصحيح أنها لا تجزئ؛ لأنه ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- النهي عن الضحية بالعضباء، وهي التي ذهب أكثر قرنها أو أذنها أو ذهب قرنها وأذنها كلها هذه خامسة، والله ولي التوفيق.  
 
5-  يعتقد بعض الناس -سماحة الشيخ- أن الناس لا يذبحون إلا بعد أن يذبح إمامهم الأضحية، هل هذا صحيح؟
الصواب أنه لا يلزم، متى صلي صلاة العيد جازت الأضحية ضحى الناس إذا كان في البلد بعد صلاة العيد، وإذا كان في البوادي أو في منى بعد ارتفاع الشمس قيد رمح يذبح، إذا كان ما عندهم صلاة كالبوادي وأهل منى.  
 
6-  أنا متحمل شئون بعض الأسر لكون آبائهم مهاجرين، وأسأل هل لي أن أختلط بهم أو لا؟
الاختلاط فيه تفصيل: فالاختلاط الذي مع الرجال ومع الأطفال الصغار لحاجتهم لا بأس به، أما الاختلاط بالنساء فهذا يحتاج إلى أولاً: عدم الخلوة بواحدة منهن لا تجوز الخلوة بواحدة منهن إذا كانت غير محرم، أما المحرم كخالتك وعمتك لا بأس، أما إذا كان غير محرم لا يجوز لك الخلوة بها، ثانياً: ليس لك أن تختلط بهن وهن سافرات أو غير متحجبات أو غير معتنيات بالستر، بل عليك أن تغض بصرك وترشدهن إلى الستر الواجب والحجاب الواجب، فإذا كن متحجبات مستورات فلا بأس أن تجلس معهن لحاجة كنصيحة، أو سؤالهن عن حاجة من حاجات البيت أو ما أشبه ذلك مع غض البصر عما قد يبدو من نقص واحدة أو عدم ضبطها مع النصيحة لمن قصرت حتى تكون كاملة الحجاب، وعليك أن لا تخلو بواحدةٍ منهن لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا يخلون رجلٌ بامرأة إلا ومعها ذو محرم) وقوله عليه السلام: (لا يخلون رجلٌ بامرأة فإن الشيطان ثالثهما)، فهذا تفصيل هذا الكلام الذي ذكرت وسألت عنه.  
 
7- ما رأيكم فيمن ينكر على بعض الملتزمين بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويصفونهم بالتشدد، وأضرب على ذلك مثلاً: عدم مصافحة غير المحارم، فإنهم يتهموننا بالتخلف، فبماذا تنصحون هؤلاء؟
من نبز الملتزمين بالحق بالتشدد فقد أخطأ وغلط، فالملتزم بالحق يوصف بالخير والاستقامة، يوصف بالاعتدال، ويدعى له بالتوفيق والثبات، ما يقال: متشدد! ولا متنطع! بل يقال: ملتزم ومستقيم، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (30) سورة فصلت، ويقول الله عز وجل: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (13-14) سورة الأحقاف، فالله جل وعلا أمر عباده بالاستقامة فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ (15) سورة الشورى، وقال -تعالى-: فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ (112) سورة هود، والاستقامة هي لزوم الحق والثبات عليه بأداء الواجب وترك المحارم، هذه هي الاستقامة هذا هو الالتزام، فالذي لا يصافح غير المحارم هذا ملتزم مشكور مأجور، والذي يصافح النساء ولسن محارم آثم مفرط متعدي جافي غير ملتزم، فالمقصود أن الذي يصف الملتزمين بطاعة الله وأداء ما أوجب الله عليهم وترك ما حرم الله عليهم بالتشديد أو بالتشدد أو التَزَمُّت كل هذا غلط، فعليه أن يستغفر الله وعليه أن يتوب إلى الله وأن يترك هذا العمل، ومن قصر عن طاعة الله وفرط في الواجب هذا يقال له: جافي ويقال له مقصر وغير ملتزم، أما المشدد فهو الذي يبتدع في الدين، وهو الذي ينهى عما أباح الله، فيقول مثلاً: لا تصافح المحرم لا تصافح الرجل، أو يقول مثلاً: لا تجهر بذكر الله بعد الصلاة، يبتدع في الدين، أو يقول إذا جاء يوم المولد يوم الثاني عشر من ربيع الأول: اجعل حفلة بالمولد، هذا ابتداع تشديد، كذلك يقول: اجعل حفلة لعيد أمك أو عيد ولدك أو عيد أبيك في وقت من السنة هذا كله من الزيادة والتشديد، أو يأتي ببدعٍ أخرى يدعو إليها بأن يشرع للناس ما لم يأذن به الله، كأن يقول: إذا كان في ليلة كذا صلِّ صلاة كذا وفي ليلة كذا صلِّ صلاة كذا صلوات ما شرعها الله، هذا يقال له مبتدع يقال له متشدد، أو يقول للناس: إذا صليتم لا بد أن تكون الصلاة طويلة زائدة على ما شرع الله، هذا تشديد، أو يقول: إذا صمت فلا تكلم الناس أو لا تبيع ولا تشتري، وما أشبه ذلك مما يكون فيه النهي عما أباح الله أو تشريع ما لم يأذن به الله، هذا التشديد.  
 
8- إنها فتاة محتجبة، ولكن يوجد عندهم فتيات يقلن: إن الوجه ليس بعورة، هل هذا صحيح؟
هذا ليس بصحيح، هذا قاله بعض أهل العلم ولكن ليس بصحيح، والصواب أنه عورة هذا هو الصواب من قولي العلماء أنه عورة؛ لأنه أعظم الزينة والله يقول سبحانه: ( وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ الآية (31) سورة النــور، فالوجه أعظم الزينة وبه تعرف المرأة هل هي جميلة أو ذميمة، وهو داخل في قوله تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ (53) سورة الأحزاب، فالواجب على النساء التحجب وعدم إبداء الوجه لغير المحارم؛ لأنه أعظم الزينة ولأنه فتنة وربما سبب شراً كثيراً لمن كشفت وجهها عند غير محارمها، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وكان هذا جائزاً في أول الإسلام، جائز في أول الإسلام، ثم نهى الله عن ذلك بعدما أنزل آية الحجاب.  
 
9- إنها زارت قبر النبي صلى الله عليه وسلم فلاحظت أن هناك أناساً أنكروا عليها، ترجو توجيه سماحة الشيخ.
زيارة القبور للنساء فيها خلاف بين العلماء، من أهل العلم إن النساء يزرن القبور كالرجال، وهو قول بعض أهل العلم، والقول الثاني: أنهن لا يزرن القبور لا قبر النبي ولا غيره عليه الصلاة والسلام، وهذا القول أرجح القولين وأصح؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح لعن زائرات القبور، وفي اللفظ الآخر: زوارات القبور، فدل ذلك على أنهن لا يزرن القبور، وكن أولاً مع الرجال يزرن القبور عموماً، ثم نهى الله النساء وبقيت الرخصة للرجال، والسر في ذلك -والله أعلم- لأنهن فتنة وصبرهن قليل فشرع الله لهن ترك ذلك لئلا يَفتن أو يُفتن في زيارة القبور، فيدعون لأمواتهن بالمغفرة والرحمة في البيوت والطرقات وفي المساجد ولا حاجة إلى زيارة القبور.  
 
10-   أنا متزوجة ولدي طفل، وكنت حاملاً وزوجي يعمل بالسعودية، وعندما حضر إلينا بالسودان قد نزل بمنزل شقيقه لضيق منزلنا، وقد أحضر إلي أشياء خاصة، وعندما أراد أن يسلمني هذه الأشياء قام بقسمتها بيني وبين زوجة شقيقه بالنصف، لدي سؤال: هل يجوز شرعاً هذه القسمة، وأنا كزوجة في الشرع؟ أريد رداً واضحاً بما أني قد تضررت من هذه القسمة، وأرى كأنها ضرتي، وفي الختام أرجو أن أجد الرد، والسلام عليكم ورحمة الله.
لا حرج في هذه القسمة، الزوج له الحرية في أن يعطيك ويعطي زوجة أخيه وزوجة عمه وزوجة أبيه، وله أن يعطي أيضاً من يرى من قريباته لا حرج عليه في ذلك، ولا يجوز لك أن تكرهي ذلك أو تتضرري من ذلك أو يكون عليك مشقة من ذلك، إذا أحسن إليك وأعطاك ما يجب لك من الكسوة والنفقة فلا حرج عليه إذا وسع الله عليه وأحسن إلى زوجة أخيه من باب الصلة ومن باب البر لأخيه والمجاملة لأخيه، كونه سكن عندهم أيضاً فهذا من مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال أن يكرم زوجة أخيه وزوجة عمه وزوجة أبيه، وكذلك من مكارم الأخلاق أن يحسن إلى جيرانه وأقاربه جميعاً من ذكورٍ وإناث فينبغي أن تعينيه على هذا الخير وأن تكوني زوجة صالحة تعين على الخير وتساعد على بر الوالدين وعلى صلة الرحم وعلى إكرام الجيران إذا أعطاك حقك، فإذا أعطاك ما يجب من الكسوة اللائقة والحاجات اللائقة ثم وسع الله عليه وأعطى زوجات إخوته أو أعطى أخواته أو عماته أو خالاته أو نساء جيرانه على وجه ليس فيه ريبة ولا فتنة فلا بأس بذلك هذا كله عملٌ طيب مشروع ينبغي لمثلك أن يساعده على هذا وأن يشكره على هذا؛ لأنه من مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال إذا أدى حقك.  
 
11-   إن أبي رجل صالح ولكن فيه عيب واحد، وهو أنه في بعض الأوقات يصيح بكلام قد لا يكون جميل علينا أو على الناس، فأزجره بكلام يرده إلى الصواب ولا يخرج كلامي معه عن سنة الأدب، ثم ألينه حتى يعود إلى الصواب، وإذا كنت أليّنه برفق لا يعود فهل هذا عليَّ حرام؟ وقد وضحت لكم السؤال، أفتوني جزاكم لله خيراً.
المشروع لك الرفق وليس لك زجره ولا رفع الصوت عليه ولكن تنصحه بالرفق والأسلوب الحسن عما يحصل منه من الهفوات أو رفع الصوت في غير محله، وأما الزجر والشدة فهذا حرام عليك، لا يجوز لك، ولو كان قصدك حسناً، فليس لك أن ترفع صوتك على أبيك وعلى أمك وليس لك زجرهما ولا الشدة عليهما قال الله سبحانه في كتابه العظيم: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا*وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) (23-24) سورة الإسراء، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين)، ويقول -صلى الله عليه وسلم- لما سئل: أي الأعمال أفضل؟ قال: (الصلاة على وقتها)، قيل: ثم أي؟ قال: (بر الوالدين)، قيل: ثم أي؟ قال: (الجهاد في سبيل الله)، فالواجب عليك الرفق بالوالدين والإحسان إليهما وعدم رفع الصوت عليهما وعدم الزجر والشدة عليهما، أصلحك الله وبارك فيك.  
 
12-   هناك عادات عند بعض الناس لا ندري هل هي من الإسلام أم هي بدعة، مثلاً: في بعض المناطق في الريف هناك بعض الناس يقولون قبل تكبيرة الإحرام للصلاة: نويت أصلي صلاة الظهر -مثلاً- مقتدياً أو إماماً الفرض الحاضر.. وهلم جرا، بصوت يسمعه من كان بجانبه، هل هذا صحيح؟ وجهونا جزاكم الله خيراً.
هذا لا أصل له بل هو من البدع التي أحدثها بعض الناس، وإن كان قال ذلك بعض أهل العلم المتأخرين لكنه ليس بمشروع، والصواب أنه لا يقول ذلك ولكنه ينوي بقلبه، فلم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول ذلك ولا أصحابه -رضي الله عنهم- ولا الأئمة من العلماء في القرون المفضلة ولا يعرف ذلك عن واحدٍ منهم، فلا يقول: نويت أن أصلي الظهر كذا أو العصر كذا أو المغرب كذا أو العشاء كذا أو الفجر كذا إماماً أو مقتدياً أو منفرداً كل هذا لا يقال؛ التلفظ بالنية ليس بمشروع، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) يعني فهو مردود، وقال عليه الصلاة والسلام: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) يعني فهو مردود، وكان يقول في خطبة الجمعة عليه الصلاة والسلام: (أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة)، فنصيحتي لجميع إخواني المسلمين في كل مكان أن لا يقولوا هذا اللفظ عند الصلاة أن لا يتلفظوا بالنية؛ لأنه لا أصل لذلك، ولكن إذا قام للصلاة فقد نوى، إذا سمع الإقامة فقد نوى الصلاة، أو قام في بيته يصلي سنة الضحى أو يتهجد بالليل أو الرواتب إذا قام إلى الصلاة بقلبه ناوياً فقد حصل المقصود ولا حاجة إلى أن يقول نويت أن أصلي كذا لا في المسجد ولا في البيت لا منفرداً ولا مع الإمام، ولا يقوله الإمام أيضاً. وفق الله الجميع لاتباع السنة والاستقامة عليها.  
 
13-  هناك بعض الناس إذا بدأ قراءة التشهد يبدؤها بقوله: الحمد لله، هل ورد في هذا شيء؟
لا، ليس بمشروع، يبدؤها بقوله: التحيات، هذا المشروع، المحفوظ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه علمهم أن يقولوا: "التحيات لله" هذا أول التشهد.

469 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply