حلقة 628: هل يجوز للجن أن يسكنوا في أجساد الإنس؟ - الوقاية من الجن - التثاؤب في الصلاة - السنة أن يُنوِّع في دعاء الاستفتاح - حديث من قرأ عشر آيات من سورة البقرة في ليلة - كيفية وضوء وصلاة كبير السن الذي لا يستطيع الحركة مصاب بالشلل؟

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

28 / 50 محاضرة

حلقة 628: هل يجوز للجن أن يسكنوا في أجساد الإنس؟ - الوقاية من الجن - التثاؤب في الصلاة - السنة أن يُنوِّع في دعاء الاستفتاح - حديث من قرأ عشر آيات من سورة البقرة في ليلة - كيفية وضوء وصلاة كبير السن الذي لا يستطيع الحركة مصاب بالشلل؟

1-   هل يجوز للجن الصالحين أن يسكنوا في أجساد المسلمين من الإنس، مع الدليل، مع العلم أن بعض الجن الصالحين لا يلحقون أذىً بالإنس، بل ينزلون ويتلبسون لكي يستمعون الذكر والقرآن، وبعض الجن الصالحين يقرأ القرآن ويُخرج مردة الجن من بعض الإنس بلسان صاحبه الإنسي الذي يسكن فيه؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعـد: فلا شك أنه لا يجوز للجن أن يسكن في أجساد الإنس ولا أن يتعدى عليهم ولا أن يؤذيهم، ومن أعظم الظلم ومن أعظم الأذى أن يخالط الجنيُّ الإنسي ويسكن في جسمه ويتلبس به، لما في ذلك من إفساد عقله وجعله في حكم المجانين، ومع ما في ذلك من الشرور الأخرى والأذى الآخر، والله يقول سبحانه: ..وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا (19) سورة الفرقان، ويقول سبحانه وتعالى في كتابه العظيم: ..وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (8) سورة الشورى. ويقول: ..وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (31) سورة الإنسان، فلا يجوز للجني أن يؤذي المسلم الإنسي ولا يجوز للإنسي أن يؤذيهم أيضاً ويضرهم، كلٌّ منهما عليه احترام الآخر والحذر من ظلمه، ومعلوم ما في حلول الجني في جسم الإنسي من أضرارٍ كثيرة، والفساد الكبير، سواء كان مسلماً أو كافراً، ليس له أن يسكن في جسم الإنسي وليس له أن يؤذيه ولا أن يضره، ومعلوم أيضاً ما يحصل للناس من النفرة من هذا الذي داخله الجني، وما يحصل عليه من المضرة والأذى في ذلك، فالواجب على الجن أن يحذروا ظلم الإنس، وأن يبتعدوا عن أذاهم، وإذا أراد سماع القرآن يسمعه في حلقات العلم ومن حلقات العلم من دون تلبسه بالإنسي، بإمكانه سماع القرآن وسماع الأحاديث بحضور حلقات العلم في المساجد وغيرها، أما احتجاجه على ذلك بأنه يحب أن يسمع منه القرآن فهذا غلط ودعوى خاطئة لا وجه لها. والله المستعان.  
 
2-  ماذا على الإنسي حتى لا يؤذي الجني سماحة الشيخ؟
على الإنسي أن يتعوذ بالأوراد الشرعية التي يعيذه الله بها من الجن، ومن ذلك آية الكرسي عند النوم، اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ.. إلى آخرها: ..وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255) سورة البقرة. ومن ذلك: قراءة (قل هو الله أحد) والمعوذتين عند النوم ثلاث مرات، ومن ذلك: أن يقول مساءً وصباحاً: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق. يقول صلى الله عليه وسلم: (من نزل منزلاً فقال: "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق" لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك)، وقال: (من قالها ثلاثاً في ليلة لم تصبه حمة) يعني سم ذوات السموم، ومن ذلك أن يقول: "بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم" ثلاث مرات، يقول صلى الله عليه وسلم: (من قالها ثلاث مرات لم يضره شيء) فيقول: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مرات صباحاً ومساءً، ومن ذلك أن يقول: "أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عينٍ لامَّة)، كان المصطفى عليه الصلاة والسلام يعوذ بهما الحسن والحسين كل ليلة، "أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عينٍ لامة". فهذه التعوذات الشرعية مما يحفظ الله بها العبد من أذى الجن وغيرهم، ومن ذلك: "أعوذ بكلمات الله التامات اللاتي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر ما ينزل من السماء، ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما يلج في الأرض، ومن شر ما يخرج منها، ومن شر فتن الليل والنهار، ومن شر كل طارق إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن". وفي الحديث الصحيح: أن العبد إذا دخل بيته مساءً وقال: "بسم الله" قال الشيطان لغيره: لا مبيت، فإذا سمى عند الأكل قال: لا مبيت ولا عشاء، فتسمية الله والتعوذ به سبحانه من أسباب السلامة من الشياطين، فينبغي للمؤمن أن يحافظ على ذلك وأن يأخذ بالأوراد الشرعية التي بينها الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك حفظ من الله عز وجل وسلامة للعبد من أذى الجن والإنس جميعاً.  
 
3-  إذا غلب الإنسانَ التثاؤب في الصلاة هل يسكت حتى يذهب التثاؤب، أم يستمر في الذكر والقرآن؟
السنة للمؤمن إذا حصل له التثاؤب أن يكتم ما استطاع، أن يكتم فمه ما استطاع، وأن يضع يده على فيه ولا يقول: هاه! ولا يفتح فاه، هكذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم وأمر، أمر بوضع اليد على الفم، وأن يكتم ما استطاع، وقال: (لا يقل هاه، فإن الشيطان يدخل في فيه)، ولكن يكتم ما استطاع ويضع يده على فيه، ولا يتكلم بشيء حتى ينتهي، لا يقرأ ولا يتكلم حتى ينتهي التثاؤب، هذا هو المشروع، إذا حصل التثاؤب يشرع له أمور عدة، الأمر الأول: أن يكتم ما استطاع، يعني يضم فمه ما استطاع، حسب الطاقة، الثاني: أنه يضع يده على فيه، الثالث: أنه لا يقول هاه، بل يحفظ لسانه ولا يتكلم بشيء، لا قليل ولا كثير، هكذا السنة التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وبذلك يعلم أنه لا يقرأ ولا يحدث أحداً ولا يتكلم بشيء حتى ينتهي التثاؤب؛ لأنه قد يتكلم بشيء غير مضبوط إذا كان معه التثاؤب، يغلبه التثاؤب، فيكون كلامه غير مضبوط فلا يتكلم حتى ينتهي.  
 
4-   ذكر النووي في كتاب الأذكار أنه يستحب ألا يُجمع بين جميع الأدعية الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعاء الاستفتاح أو في الركوع، فما هو رأي سماحتكم؟
السنة أن يُنوِّع في الاستفتاح، ما كان النبي يجمعها عليه الصلاة والسلام، الاستفتاح تارةً يستفتح بما جاء في حديث عمر: "سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك". وتارةً بما جاء في حديث أبي هريرة: "اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد". وهو في الصحيحين، وتارة يستفتح بما جاء في حديث عائشة: "اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق إنك تهدي من تشاء إلى صراطٍ مستقيم"، وهكذا في بعض الأحيان يستفتح بما جاء في حديث علي: "وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين.." الخ، وهو حديث طويل، رواه مسلم في الصحيح، أو بما جاء في حديث ابن عباس في البخاري وروه مسلم أيضاً، وهو حديث طويل: "اللهم لك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت ملك السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن.." الخ الحديث الطويل، فالمؤمن هكذا وهكذا، والمؤمنة كذلك، يعني تارةً يستفتح بهذا، وتارةً يستفتح بهذا، وإن استمر على واحد فلا بأس، وأصحها ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يستفتح إذا كبر للصلاة في الفريضة يقول: "اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد"، أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين. أما الأذكار في الركوع والسجود فإنه يأتي الإنسان بما تيسر، يشرع له أن يأتي بما تيسر، لكن يخص "سبحان ربي العظيم" في الركوع، و"سبحان ربي الأعلى" في السجود، يقول في الركوع: "سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم"، وإذا كررها ثلاثاً فهو أفضل، والواجب مرة، وذهب الجمهور إلى أنها مستحبة فقط، ولكن ذهب جمع من أهل العلم إلى وجوب هذا الذكر، "سبحان ربي العظيم" في الركوع، و"سبحان ربي الأعلى" في السجود، لأن الرسول حافظ عليها عليه الصلاة والسلام وقال: (صلوا كما رأيتموني أصلي)، وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لما نزل قوله تعالى: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (74) سورة الواقعة، قال: (اجعلوها في ركوعكم)، ولما نزل قوله تعالى: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) سورة الأعلى، قال: (أجعلوها في سجودكم)، فينبغي للمؤمن والمؤمنة المحافظة على ذلك: "سبحان ربي العظيم" في الركوع، و"سبحان ربي الأعلى" في السجود، والأفضل أن يكرر ذلك ثلاثاً وإن كررها أكثر فهو أفضل، ويستحب مع هذا أن يقول: "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي"، في الركوع والسجود، تقول عائشة رضي الله عنها: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي"). ويستحب أن يقول: "سبوح قدوس رب الملائكة والروح"، كان يقوله النبي أيضاً في الركوع والسجود عليه الصلاة والسلام. فإذا أتى بما تيسر من هذا كان هذا أفضل، وإذا اقتصر على البعض فلا بأس، وإن جمع الجميع فلا بأس، لكن لا يدع: "سبحان ربي العظيم" في الركوع ولا يدع "سبحان ربي الأعلى" في السجود ولو مرة، ويستحب له أن يكثر في السجود من الدعاء، يستحب له الإكثار من الدعاء في السجود، لقوله عليه الصلاة والسلام: (أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقَمِن أن يستجاب لكم)، يعني حري أن يستجاب لكم. رواه مسلم في صحيحه. وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء) رواه مسلم وغيره. فالسنة الإكثار من الدعاء في السجود مع قوله: "سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى"، ومع قوله "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي". وهكذا بين السجدتين، يقول: "رب اغفر لي، رب اغفر لي، اللهم اغفر لي وارحمني واهدي وارزقني وعافني، يكرر ذلك، وإن دعا بالزيادة: اللهم اغفر لي ولوالدي وللمسلمين فلا بأس، كله دعاء، والسنة أن يطيل هذا الركن، وهو الجلوس بين السجدتين، كان النبي يطيله حتى يقول القائل: قد نسي!، وهكذا بعد الركوع، السنة أن يطيل الاعتدال بعد الركوع، قال أنس رضي الله عنه: "كان النبي يطيل الاعتدال بع الركوع وبين السجدتين حتى يقول القائل: قد نسي" بعض الناس ينقر هذا الركن ولا يعطيه حقه بل يعجل، وهذا لا يجوز، بل الواجب الطمأنينة في جميع الصلاة، في الركوع والسجود، والاعتدال بعد الركوع، والجلوس بين السجدتين، يجب الاعتدال في هذا والطمأنينة، أما ذكر الاعتدال بعد الركوع فإنه لم يرد ما يدل على التكرار ولكن يأتي به إذا تيسر كله: "ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد"، هذا هو الكمال، وإذا اقتصر على قول: "ربنا ولك الحمد"، أو "اللهم ربنا لك الحمد" أجزأه، الإمام والمأموم والمنفرد، لكن إذا كمَّل كان أفضل، وإن اقتصر على قوله: "ربنا ولك الحمد ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد" فلا بأس أيضاً، ولكن الواجب: "ربنا ولك الحمد"، أو "اللهم ربنا لك الحمد"، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد)، فدل على ذلك، والباقي مستحب وكمال. وهكذا الواجب بين السجدتين أن يقول: "رب اغفر لي"، لأن النبي كان يحافظ على ذلك: "رب اغفر لي"، والواجب مرة، كالتسبيح في الركوع والسجود، ولكن إذا كرر ذلك ثلاثاً أو أكثر كان أفضل، "رب اغفر لي، رب اغفر لي"، بين السجدتين، وإذا زاد: "اللهم اغفر لي وارحمني واهدي وارزقني وعافني واجبرني" كان أفضل.  
 
5-   قال ابن كثير في تفسيره: روينا من طريق الشعبي أنه قال: قال عبد الله بن مسعود: (من قرأ عشر آيات من سورة البقرة في ليلة لم يدخل ذلك البيت شيطان تلك الليلة، أربع من أولها، وآية الكرسي، وآيتان بعدها، وثلاث آيات من آخرها) وفي رواية: (لم يقربه ولا أهله يومئذٍ شيطان، ولا شيء يكرهه، ولا يقرؤه على مجنون إلا أفاق)، هل هذا الحديث وارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
الحديث هذا ضعيف؛ لأن الشعبي لم يدرك من ابن مسعود ولم يسمع منه، فهو منقطع، ولكن ما يتعلق بآية الكرسي محفوظ، كان النبي صلى الله عليه وسلم قال لمن قرأه، قرأ آية الكرسي في الليل عند النوم: (لم يزل عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح)، والأصل في ذلك: أن أبا هريرة كان على وكيلاً على الصدقة، صدقة زكاة الفطر، فجاءه شيطان يأخذ من الصدقة، فأمسكه أول ليلة وهو لا يعرف أنه شيطان! فقال: دعني أنا ذو عيال وفقير، فتركه أبو هريرة ورحمه، ثم جاء في الثانية فكذلك، قال: دعني أنا فقير ذو عيال، ثم جاءه في الثالثة فأمسكه، وقال: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذه ثالث ليلة وأنت تقول: لا أعود، قال: دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ: اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ.. حتى تبلغ (وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) (255) سورة البقرة، فإنه لا يزال معك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، قال أبو هريرة: فأطلقته، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (صدقك وهو كذوب). "صدقك" يعني فيما قال "وهو كذوب"، الشيطان من شأنه الكذب، لكنه فيما قاله كله صحيح، من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح. فينبغي أن يقرأها المؤمن والمؤمنة عند النوم، وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الشيطان يفرُّ من البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة)، يعني كلها، فقراءتها في الليل من أسباب هروب الشيطان، فهي سورة عظيمة، وهي أطول سورة في كتاب الله عز وجل، فإذا قرأها المؤمن فهي من أسباب خروج الشيطان من بيته، ولكن لا يلزم أنه لا يعود، قد يخرج ثم يعود، فإذا حاربه بالأذكار والتعوذات كان هذا من أسباب السلامة، كما أنه إذا سمع النداء أدبر وله ضراط، فإذا فرغ الأذان عاد، يخطر بين المرء وبين قلبه يقول: اذكر كذا اذكر كذا، في صلاته، وهكذا إذا سمع الإقامة أدبر وله ضراط، فإذا انتهت الإقامة رجع حتى يوسوس للمؤمن ويقول له: اذكر كذا، اذكر كذا، فهو عدو الله حريص على إفساد عمل بني آدم، وإفساد عباداتهم والتشويش عليهم. فينبغي للمؤمن أن يكون حريصاً على التعوذات الشرعية، كما شرع الله له جل وعلا، حتى يقيه الله من شره سبحانه وتعالى. فالأذكار من أسباب طرد الشيطان، وهكذا التعوذات الشرعية، يقول الله عز وجل في كتابه العظيم: وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ.. (200) سورة الأعراف، فنزغات الشياطين هي وساوسه، فإذا تعوذ المؤمن بالله من الشيطان الرجيم كان هذا من أسباب السلامة والعافية من مكائد عدو الله، وهكذا الإكثار من ذكر الله يطرد الشيطان، يقول الله جل وعلا: وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) سورة الزخرف، فالإكثار من ذكر الله من أسباب طرد الشيطان والعافية من كيده ومن نزغاته، والغفلة من أسباب تسليطه، وقال تعالى: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ*مَلِكِ النَّاسِ*إِلَهِ النَّاسِ*مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (1-4) سورة الناس، قال العلماء: معنى ذلك أنه وسواس عند الغفلة، خناس عند الذكر، متى غفل العبد وسوس إليه، وآذاه، ومتى أكثر من ذكر الله خنس عدو الله، وتصاغر وانقمع. فينبغي لكل مؤمن ولكل مؤمنة الإكثار من ذكر الله أينما كان.  
 
6-   رأيت امرأة كبيرة في السن لا تستطيع القيام من فراشها أو الحركة، وهي مصابة بالشلل، سألت نفسي كيف تتوضأ هذه وكيف تصلي؟ أردت أن أسأل سماحتكم؟ جزاكم الله خيراً.
عليها أن تتقي الله ما استطاعت، تتوضأ كما أمر الله، يُقرَّب لها الماء وتتوضأ إذا كانت يداها صالحتين، أو يوضئها غيرها كأبيها أو أخيها أو أختها أو زوجها؛ لأن الله يقول سبحانه: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ.. (16) سورة التغابن، أما الاستجمار فينبغي إذا كانت تستطيع بيدها أن تستعمل الحجر أو اللَّبِن أو المناديل حتى تنظف الدبر والقبل من أثر الغائط والبول ثلاث مرات أو أكثر حتى يتنقى المحل من الأذى، ويكفي ذلك عن الماء، فإذا استطاعت أن تفعل هذا بيدها يعني تطهر محل الغائط بمناديل حتى تنقي المحل، حتى تنقي المحل من أثر الغائط ثلاث مرات أو أكثر، لا بد من ثلاث فأكثر، لا يقل عن ثلاث، وهكذا المسح في القبل ثلاث فأكثر حتى يتنقى المحل من أثر البول، وهكذا الذكر، الرجل، ولو أنه صحيح، ولو أنه سليم، ولو أنها سليمة المرأة، إذا فعلت هذا يكفي عن الماء، أما الوجه واليدان والرأس والرجلان فلا بد من الوضوء إن استطاعت بنفسها وإلا وضأها غيرها من زوجٍ أو خادمٍ أو أمٍ أو أختٍ أو نحو ذلك. فإن لم يتيسر لها أحد يوضئها تيممت إن استطاعت، تضرب التراب بيديها وتمسح بهما وجهها وكفيها بنية الطهارة، فإن لم تستطع يممها غيرها أيضاً، تسمح لغيرها، تأذن لغيرها ويقوم مقامها، ويضرب التراب بيديه ويمسح بهما وجهها وكفيها بالنية عنها، إذا لم يتيسر لها من يوضئها. فالحاصل أنها تتقي الله ما استطاعت في الوضوء والتيمم بنفسها أو بمن يقوم مقامها إن عجزت، وأما الاستنجاء فيكفي بالحجارة أو لَبِن أو مناديل ، وليس من اللازم أن تستعمل الماء فإذا استجمر الإنسان بالحجارة أو باللَّبِن أو بالمناديل ثلاث مرات أو أكثر حتى أنقى المحل كفى ذلك ولو كان صحيحاً، فالمريض من باب أولى.  
 
7-   حيث أنني وقع مني يمين، وقلت في يميني هذه: عليَّ الطلاق بالثلاث وتروح حرمانة مثل أمي وأختي، وهذا اليمين وقع علي بسبب قطعة أرض بيني وبين أخي، وحلفت اليمين على أنني لن أضع يدي على هذه الأرض، وحالياً مضطر؛ لأني محتاج، أرجو إفتائي؟ جزاكم الله خيراً.
عليك مراجعة الفتوى لديكم ..... أو مفتي مصر، وفيهما بركة إن شاء الله، فيهما الكفاية، نسأل الله للجميع التوفيق.  
 
8-   بالقرب من دارنا يوجد مسجد كنا نصلي فيه الجماعة، وبعد مدة وجدنا أن إمام المسجد وشيخه يبتدع أموراً لا أصل لها في الدين، كالدروشة وغيرها، فهل يجوز الصلاة وراءه، بماذا تفيدوننا وتنصحوننا؟ جزاكم الله خيراً.
هذا شيء مبهم، فإن الدروشة ليس لها حد معروف، لا بد من بيان هذه الدروشة؟ ما هي الدروشة؟ هل هي بدعة معروفة أو دعاء غير الله والاستغاثة بغير الله، أو ما هي الدروشة؟ ما يمكن الجواب عن هذا إلا ببيان الدروشة. إذاً في انتظار رسالة الأخ عبد الله الثانية حتى يوضح الموضوع؟ نعم.  
 
9-   هل هناك ضرر في اتباع أكثر من مذهب من المذاهب الإسلامية المعروفة، فإذا اتبعت المذهب الحنفي في بعض الأمور واتبعت الشافعي في غيرها، هل ذلك جائز؟ أفتونا جزاكم الله خيراً.
إذا كان الإنسان طالب علم واتبع المذهب الحنفي في مسائل ظهر له أنها صحيحة وأن مذهبه أولى من غيره، ثم اتبع مذهب الشافعي أو مالك أو أحمد في مسائل أخرى ظهر أن مذهبه فيها هو الصحيح حسب الأدلة فلا بأس في هذا؛ لأن المؤمن حسب ما أعطاه الله من العلم يتبع الدليل وينظر في الدليل، فما قام عليه الدليل وجب الأخذ به، سواء وافق مذهب الشافعي أو أبي حنيفة أو مالك أو أحمد أو غيرهم من أهل العلم، المهمُّ أن يوافق الدليل وأن يدل عليه آية أو حديث شريف صحيح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أما بالتشهي والهوى فلا، كونه يتلاعب تارةً كذا وتارةً كذا هذا ما يجوز، ولكن عليه أن يحرص على معرفة الدليل ويسأل أهل العلم عما يشكل عليه، فإذا عرف بالدليل إذا كان طالب علم عرف بالدليل أن هذا المذهب فيه نص أرجح وهناك في المسألة الأخرى أرجح فلا بأس، وإلا فعليه أن يسأل العلماء ويستفتيهم، ويعمل بما يرشدونه إليه من العلم.    
 
10-  هل يجوز زيارة الأئمة والصالحين، وما هي الكلمات التي تقال عند زيارتهم؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً
التزاور في الله سنة وقربة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: يقول الله عز وجل: وجبت محبتي للمتزاورين فيّ والمتحابّين في والمتجالسين في والمتبارين في. فالتزاور في الله فيه خير كثير ومصالح كثيرة، وإذا زاره سلم عليه وصافحه ودعا له كل واحد يدعو للآخر، وإذا حدث ... وآنسه بالحديث الطيب والمذاكرة فيما ينفعهم جميعاً في دينهم ودنياهم هذا من تمام الزيارة، وإذا أعانه على شيء مما يحتاجه إليه في أمور دينه ودنياه كذلك هذا من تمام المحبة وتمام الزيارة، ولا أعلم شيئاً خاصاً يفعله الزائر سوى السلام والتحدث مع أخيه والدعاء له بالتوفيق والصلاح والهداية والاستقامة.

465 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply