حلقة 922: هل يشترط في الخطيب أن يلبس عمامة؟ وأن يكون متزوجاً - القراءة الجماعية بعد صلاة الجمعة والدعاء الجماعي - إمامة من عمرة خمسة عشر عاما - أوقات النهي وحكم الصلاة فيها - الحكمة من النهي عن الصلاة في أوقات النهي - ترك سنة المغرب والعشاء

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

22 / 34 محاضرة

حلقة 922: هل يشترط في الخطيب أن يلبس عمامة؟ وأن يكون متزوجاً - القراءة الجماعية بعد صلاة الجمعة والدعاء الجماعي - إمامة من عمرة خمسة عشر عاما - أوقات النهي وحكم الصلاة فيها - الحكمة من النهي عن الصلاة في أوقات النهي - ترك سنة المغرب والعشاء

1- هل يجب على الخطيب عندما يصعد على المنبر أن يضع شيئاً على رأسه على سبيل المثال: العمامة، وهل يجوز للشاب غير المتزوج أن يكون خطيباً؟

فالسنة لكل مؤمن إذا قصد الصلاة أن يأخذ زينته، ويوم الجمعة بوجهٍ أخص يستحب فيه أخذ الزينة، قال الله جل وعلا: يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ (31) سورة الأعراف. فالسنة للخطيب وغيره أخذ الزينة يوم الجمعة أو يوم العيد، وإذا كان غطاء الرأس في بلده معروفاً ومن الزينة شرع له ذلك، وإذا كان أهل بلده لا يعتادون ذلك فلا حرج، ولكن غطاء الرأس بالعمامة المعتادة والزينة المعتادة يكون أفضل، وليس شرطاً؛ لأن الرأس ليس بعورة.
 
2- في يوم الجمعة بعد أن يسلم الإمام ونسلم بعده يقرأ آية الكرسي، ثم يسبح الله ويحمده ويكبره ونحن كذلك وراءه، ثم يرفع يديه بالدعاء ونحن معه، ثم نقرأ سورة الفاتحة، فهل في عملنا هذا شيء، أم يجب أن يختم كل فرد الصلاة بمفرده ولا يختمها مع الإمام؟
هذا العمل بدعة لا يجوز، وليس من سنة النبي عليه الصلاة والسلام، كونكم تبدؤون جميعاً بعد السلام بآية الكرسي ثم تسبِّحون جميعاً ثم ترفعون يديكم كل هذا لا أصل له، هذه بدعة، وإنما السنة إذا سلم الإمام وهكذا المأموم وهكذا المنفرد السنة للجميع بعد السلام أن يقول: "أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام". هكذا كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، يبدأ بهذا، ثم ينصرف إلى الناس عليه الصلاة والسلام فيقول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قـدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد)، هذه السنة للإمام والمأموم والمنفرد بعد السلام من الصلوات الخمس، ولا يُشرع رفع اليدين في هذه الحالة، وكل واحد يذكر الله في نفسه، ما يكون ذكراً جماعياً، كل واحد عليه أن يذكر الله في نفسه، والمأموم كذلك، كل واحد يذكر الله في نفسه كما شرع الله، أما أن يأتي الجميع بذلك بصوت جماعي فهذا من البدع، أو يبدأ بآية الكرسي فهذا خلاف السنة، بل يبدأ بالاستغفار ثلاثاً ويقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، هكذا ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من حديث ثوبان، وثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- من حديث ابن الزبير، ومن حديث المغيرة أنه كان يقول بعد ذلك: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير. لا حول ولا قوة إلا بالله. لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إيـاه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن. لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون. اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجدُّ). روى بعض هذه الأذكار ابن الزبير وبعضها رواه المغيرة، وكلها صحيحة.
 
3- أنا تلميذ في الصف الثالث الإعدادي وأبلغ من العمر الخامسة عشرة، وأحياناً أصلي بوالديَّ وبعض الأصدقاء إماماً، فهل في هذا شيء، علماً بأنهم غير متعلمين ولا يعرفون القراءة؟
لا حرج في ذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله)، فإذا صليت بهم النافلة أو في الليل أو الفريضة إذا فاتتك مع أهل المسجد فلا حرج أن تؤمهم، وكان عمرو بن سلمة يؤم جماعته وهو ابن سبع سنين؛ لأنه كان أقرأهم، فالمقصود أنك إذا كنت أقرأهم فأنت أولى بالإمامة؛ لكن ليس لك أن تصلي في البيت بل يجب أن تصلي مع المسلمين في المسجد، وعلى أبيك وعلى أهل بيتك من الرجال، يجب أن يصلوا في المساجد، لكن في مثل النافلة، التهجد من الليل، صلاة الضحى لو صليت بهم، وإذا قُدِّر أن الصلاة فاتتك في المسجد وصليت بهم فلا بأس.
 
4- عن أوقات النهي، وماذا لو صلى المرء في أحد هذه الأوقات؟
أولها: بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، هذا وقت نهي لا يصلى فيه إلا سنة الفجر وفريضة الفجر، أو تحية المسجد. الثاني: بعد طلوع الشمس إلى أن ترتفع قيد رمح. الثالث: عند وقوفها قبيل الظهر بشيء قليل، عندما تقف في كبد السماء، يسمى وقت الوقوف في رأي الناظر حتى تزول إلى جهة الغرب، وهو وقت قصير نحو ثلث ساعة أو ربع ساعة ليس بالطويل. الرابع: بعد صلاة العصر إلى أن تصفرَّ الشمس. والخامس: عند اصفرارها إلى أن تغيب، فهذه أوقات النهي، ولا يجوز للمسلم أن يصلي فيها إلا الفرائض التي تفوته فله أن يصليها في كل وقت، وهكذا فريضة الفجر يصليها مع سنتها بعد طلوع الفجر، وهكذا ذوات الأسباب مثل سنة تحية المسجد، ومثل صلاة الكسوف لو كسفت الشمس بعد العصر، ومثل صلاة سنة الوضوء، فهذه يقال لها: ذوات الأسباب، وهكذا لو طاف بعد العصر في مكة، لو طاف بالبيت بعد العصر أو بعد الفجر صلى سنة الطواف؛ لأنها من ذوات الأسباب.
 
5- لماذا نُهينا عن الصلاة في هذا الوقت، وهل لنا أن نصلي عند الحاجة في هذه الأوقات؟
ربك حكيم عليم له الحكمة البالغة فيما يأمر به وفيما ينهى عنه، وقد عُلل ذلك في بعض الأحاديث بأن فيه تشبهاً بعُبَّاد الشمس الذين يصلون للشمس عند طلوعها وعند غروبها، فكان في النهي عن الصلاة في هذه الأوقات سداً لذريعة التشبه بعاد الشمس، هذه الحكمة، لكن إذا كانت الصلاة فريضة أو من ذوات الأسباب فلا حرج، وتكون هذه الصلاة مقدَّمة على سد الذريعة، إذا كانت صلاة مؤكدة كالفريضة وذوات الأسباب فُعلت ولم تمنع من أجل التشبه، أما كون الإنسان يبتدئ الصلاة بدون سبب هذا هو الذي يظن فيه التشبه ويخشى عليه منه التشبه؛ لأنه بدأها من دون سبب شرعي.
 
6- أصلي صلاة المغرب والعشاء في المسجد فرضاً، ولا أصلي السنة بسبب دراستي، فهل يجوز هذا؟
السنة نافلة، السنة نافلة من فعلها فقد أحسن وله الأجر ومن تركها فلا شيء عليه.
 
7- تفسير سورة التكاثر إذا أمكن؟
الله يقول سبحانه محذراً عباده من التكاثر الذي يصدهم عن الخير ويشغلهم عن الحق يقول سبحانه: أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ*حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (1-2) سورة التكاثر. أخبر سبحانه عن أكثر الخلق أنه ألهاهم التكاثر يعني في الأموال والأولاد وغير ذلك من حظوظ الدنيا حتى ماتوا، حتى زاروا القبور، والمقصود التحذير من هذا الشيء والترهيب، وأن يجتهدوا في طاعة الله ورسوله وأن لا يشغلهم التكاثر عما يرضي الله ويقرب لديه.
 
8- في شهر رمضان وفي الأيام الأخرى التي أصومها يحدث لي بعض الوساوس، وهو أنني عندما أتوضأ وآتي إلى المضمضة أشك أحياناً أن الماء قد دخل فمي، فأجلس أخرج الريق أكثر من ست مرات؛ خوفاً من أن يكون الماء قد دخل، فكم مرة أخرج الماء بعد المضمضة من الوضوء أثناء الصيام؟ جزاكم الله خيراً.
الواجب على كل مسلم الحذر من الوساوس، فإن الشيطان عدو مبين، فالواجب الحذر منه ومن وساوسه، يقول الله سبحانه: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6) سورة فاطر. والله شرع المضمضة في الوضوء والغسل فلا بد من المضمضة، ولا يجوز الاكتفاء بالمسح على الشفة، بل يجب أن يتمضمض الإنسان ثم يُريق الماء من فمه كما يستنشق أيضاً، ووجود الماء في فمه لا يضر صومه، ولا يخل به، ولكن عليه أن يبصق الماء لا يبلعه، يبصق الماء إذا كان صائماً، والحمد لله، أما الوساوس فيجب الحذر منها والتعوذ بالله من الشيطان. والريق لا يضر الصائم، ريق الصائم لا يضره، فكون المؤمن يتحرج من المضمضة من أجل الصوم فهذا غلط كبير، جهل، فالمسلم يتمضمض ويستنشق ويحذر ما حرم الله عليه من ابتلاع الماء أو المبالغة في الاستنشاق الذي يوصل الماء إلى جوفه.
 
9- علي يسأل سماحتكم عن الشروط التي لا بد أن تتوفر في خطيب الجمعة؟
خطيب الجمعة يجب أن يكون ممن تتوافر فيه العدالة ويفهم كيف يخطب، كيف يخطب الناس، وبعض أهل العلم يشترط فيه أن يكون مكلفاً ولكن ولو صلى وهو غير مكلف أجزأ، فإن إمامة غير المكلف مجزئة كما أَمَّ عمرو بن سلمة جماعته، والرسول يقول: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله)، فإذا كان قارئاً يجيد الخطبة فالحمد لله، والأولى أن يكون مكلفاً معروفاً بالخير، معروفاً بالعدالة الظاهرة، معروفاً بالخير حتى تطمئن قلوب الجماعة، ولكن ليس شرطاً أن يكون مكلفاً، وليس شرطاً أن يكون من أعلم الناس أن يكون عالم، بل متى أحسن الخطبة ولو كان ليس بعالم، متى أحسن الخطبة ولو من صحيفة أجزأ ذلك، وإذا كان معروفاً بالعدالة والاستقامة فهذا هو الواجب، يكون معروفاً بالعدالة والاستقامة والسيرة الحميدة، فهذا هو الواجب.
 
10- يسأل سماحتكم عن خطبة العيدين هل هي خطبة واحدة أم خطبتان، وما الدليل على ذلك؟
خطبة العيد خطبتان، يخطب خطبتين كالجمعة، هكذا قال أهل العلم، وقاسوا العيد على الجمعة، وورد في بعض الأحاديث التي تدل على أن خطب العيد خطبتين لكن في أسانيدها ضعف، والعمدة في ذلك أن العيد كالجمعة؛ لأن العيد للعام، والجمعة عيد الأسبوع، فالعلماء قاسوا صلاة العيد على صلاة الجمعة، فخطبوا خطبتين، هذا هو المشروع خطبتان كالجمعة؛ لأنها عيد السنة، العيدان هما عيد السنة، والجمعة عيد الأسبوع، وكذلك فيه العمل بالخبر الضعيف الذي يعضده قياس العيد على الجمعة.
 
11- اعتدنا أنا وإخوتي الذين هم أكبر مني سناً أن ننادي والدتنا باسمها، وهي راضيةٌ عن ذلك، فهل نأثم؟
لا أعلم ما يدل على الإثم، لا أعلم شيئاً في ذلك، لكن إذا تيسر أن تدعى بالكنية: أم فلان، أو يا والدتي أو يا أماه أو يا أمي قد يكون هذا أحسن في الأدب، وإلا فلا أعلم حرجاً إذا قال: يا فلانة يا فاطمة يا نورة يا حفصة لا حرج في ذلك، لكن من الأدب الشرعي ومن التلطف أن تدعى بالكنية: يا أم فلان أو يا والدتي أو يا أمي ونحو ذلك، هذا أحسن في الأدب.
 
12- إمام المسجد في قريتنا متفرغ للإمامة، ويقوم بكتابة القرآن وإعطائه للمرضى ليلبسوه ويسمى بالحجاب!! وهذه الإمامة متوارثة، أي: عن جدٍ وأب، ونفس العمل -أقصد الرقى وكتابة القرآن- هوَ هو مصدر كسبهم، فما هو تعليق سماحتكم على هذا، أرجو أن توجهونا، وكيف أتصرف ولاسيما إذا كان من قرابتي؟
تعليق القرآن الكريم على المرضى أو على الأطفال كل ذلك لا يجوز في أصح قولي العلماء، بعض أهل العلم أجاز ذلك، ولكن لا دليل عليه، والصواب أنه لا يجوز تعليق القرآن ولا غيره من الدعوات أو الأحاديث لا على الطفل ولا على غيره من المرضى ولا على كبير السن؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن التمائم، والتمائم هي ما يعلق على الأولاد أو على الكبار، وتسمى الحروز، وتسمى الحُجُب، فالصواب أنها لا تجوز، لقوله صلى الله عليه وسلم: (من تعلق تميمةً فلا أتم الله عليه)، (من تعلق تميمةً فقد أشرك)، (إن الرقى والتمائم والتولة شرك). ولم يستثنِ شيئاً، ما قال: إلا القرآن. بل عمَّم عليه الصلاة والسلام، فوجب الأخذ بالعموم، الواجب الأخذ بالعموم؛ ولأن تعليق القرآن وسيلة إلى تعليق غيره، فإن الناس يتوسلون بالمباحات إلى ما حرم الله، فكيف بشيءٍ له فيه شبهة، وقد أفتى به بعض أهل العلم! فهذا يسبب التساهل، فالواجب الحذر من ذلك، الواجب الحذر من ذلك أخذاً بالعموم وسداً للذرائع والوقوع في الشرك، فإن تعليق التميمة من القرآن وسيلة إلى تعليق التمائم الأخرى، فهكذا الناس لا يقفون عند حد في الغالب، والواجب الأخذ بالعموم، وليس هناك دليل يخص الآيات القرآنية ويستثنيها، والرسول صلى الله عليه وسلم أفصح الناس وأنصح الناس ولو كان يُستثنى من ذلك شيء لقال: إلا كذا وكذا. أما الرقية فلا بأس أن يرقي بالقرآن، ويرقي بالدعوات الطيبة، كان النبي يدعو عليه الصلاة والسلام، وقال: (لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً)، فقوله: (إن الرقى والتمائم والتولة شرك). يعني الرقى المجهولة، أو الرقى الشركية التي فيها توسل بغير الله أو دعاء غير الله، فالرقى المذكورة في هذا الحديث هي الرقى المخالفة للشرع، أما الرقية الشرعية فلا بأس بها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً)، أم التمائم فكلها ممنوعة سواء كانت من القرآن أو من غير القرآن، هذا هو الأصح من أقوال أهل العلم، أما التولة فهي السحر، ويسمى العطف، الصرف والعطف، فالسحر لا يجوز كله، ولا يحل لأحد أن يتعاطى السحر، بل يجب الحذر من ذلك، والسحر -في الحقيقة- لا يتوصل إليه إلا بالشرك، إلا بعبادة الجن والاستغاثة بهم وخدمتهم بطاعتهم في معاصي الله؛ ولهذا قال الله سبحانه وتعالى في حق الملكين: ..وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ.. (102) سورة البقرة، فبين أن الملكين يخبران من يتعلم أن تعلم السحر كفر؛ فالله يقول جل وعلا: وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ.. (102) سورة البقرة. فتعليم السحر وتعلمه منكر عظيم بل من الشرك الأكبر؛ لأنه لا يتوصل إليه إلا بعبادة الجن والاستغاثة بهم والتقرب إليهم بما يرضيهم من الذبائح والنذور. نسأل الله العافية والسلامة.
 
13- دعوت البعض للإسلام وأبتغي بذلك ثواب الله، وبحمد لله أسلموا، وبعد ذلك بمدة تكلمت بهذا العمل إلى أبناء قريتي، وعند ذلك أحسست بالندم وخفت الرياء، فهل أنا على صواب أو لا؟
ليس في إخبارهم بأنه أسلم على يدك كذا كذا رياء، إذا كان قصدك الخبر ليس فيه رياء، أما إذا كان قصدك أن تمدح فينبغي ترك ذلك، لكن إذا كان القصد إخبار أهلك بما يسر الله على يديك من الخير حتى يفرحوا ويسروا فهذا لا بأس به، والحمد لله. 
 
14- قطعت دراستي بسبب مرض أرغمني على ذلك، ولكن لم أتوقف عن حفظ القرآن ومطالعة كتب التفسير والحديث في بيتي؛ وذلك لأني أعيش في بيئة مليئة بالبدع، وأريد تصحيح عقيدتهم بقدر المستطاع، فهل أثاب على هذا الجُهد؛ لأني أخشى أن أقع فيمن يطلب العلم ليقال عالم؟
ليس في هذا بأس بل أنت مأجور إذا اجتهدت في تعلم القرآن والعلم النافع من طريق الكتاب والسنة فأنت على خير؛ حتى تنفع الناس وحتى توجه الناس إلى الخير وترشدهم أنت مأجور، إذا قصدت وجه الله عز وجل، ولم تقصد الرياء والسمعة، الله جل وعلا يقول: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ.. (5) سورة البينة. فلا بد من الإخلاص لله، ويقول صلى الله عليه وسلم: (أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر)، فسئل عنه، فقال: (الرياء). فالإنسان يُعلم ويرشد وينصح لوجه الله لا للرياء، فإذا قصدت بتعليمهم وإرشادهم ونصيحتهم وجه الله والدار الآخرة فأنت على خير عظيم، وعلى أجر عظيم، أما إذا قصدت الرياء فلا يجوز هذا، ولكن تحذر وتجاهد نفسك حتى تكون في تعليمك قاصداً وجه الله لا رياءً ولا سمعة، ثم عليك أن تسأل أهل العلم عما أشكل عليك، تسأل علماء السنة الذين تعرفهم عما أشكل عليك، ولا تكتفي بالمطالعة؛ لأنه قد يفوت عليك بعض الشيء، قد تجهل بعض الشيء، فأنت مع المطالعة والعناية وتدبر القرآن تحضر مجالس العلم عند أهل العلم، وتسألهم عما أشكل عليك حتى تستفيد علماً إلى علمك، وحتى تكون على بصيرة فيما تفتي فيه وفيما تُعلِّم. رزقك الله التوفيق والهداية.
 
15- قرأت رواية لأبي هريرة رضي الله عنه عن الإسراء والمعراج، وذكر فيها جبريل عليه السلام، وذكر ميكائيل، أرجو أن تعرفوني بميكائيل هذا؟
ميكائيل ملك من الملائكة موكَّل بالقطر، بالمطر، وأما جبرائيل فهو الروح الأمين، وهو السفير بين الله وبين الرسل في نقل الوحي من الله إلى رسله عليهم الصلاة والسلام. وهو المراد في قوله جل وعلا: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) سورة الشعراء، يعني جبرائيل،عَلَى قَلْبِكَ.. (194) سورة الشعراء، يعني محمد عليه الصلاة والسلام. وأما ميكائيل فهو ملك من الملائكة العظام، ومن أشرف الملائكة وهو موكَّل بالقطر.
 
16- يقول الله جل وعلا في سورة النمل: ((قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ*قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ..)) [النمل:39-40]، من الذي عنده علم من الكتاب، أهو من الجن، أم من الملائكة؟
الله أعلم، قال بعض أهل العلم: إنه شخص يقال له آصف بن سليمان، وأن عنده معلومات، ولكن ليس هناك دليل يوضح من هو المراد، فالله أعلم بذلك.
 
17- ما حكم من ينتسب إلى مذهب يؤمن بأن القرآن مخلوق!! وأن الناس لن يروا الله يوم القيامة! مع العلم أن من ينتسبون إلى هذا المذهب أغلبهم لا يقرون بخلق القرآن! ولا يؤمنون به، ويقولون: نحن لا نؤمن بأن القرآن مخلوق، لكننا ننتسب إلى هذا المذهب؛ لأن آباءنا كانوا ينتسبون إليه فقط! وما حكم من يؤمن بخلق القرآن، أيعتبر خارجاً عن ملة الإسلام، وجهونا في هذا؟
نعم، الذين يقولون أن القرآن مخلوق معناه إنكار أنه كلام الله، فهذا كفر أكبر، وهكذا من قال: إن الله لا يُرى من أنكر رؤية الله في الآخرة، ورؤيته في الجنة فهذا كفر أكبر؛ لأنه قد كذب الله وكذب رسوله عليه الصلاة والسلام، فكل طائفة أو شخص يقول: إن القرآن مخلوق فهذا معناه أنه ليس كلام الله، بل هو كلام المخلوق الذي تكلم به! والله صرح بأنه كلامه سبحانه وتعالى في قوله تعالى: وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ (6) سورة التوبة. وقال سبحانه: ..يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ.. (15) سورة الفتح. والرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول للناس: (ألا رجل يؤويني حتى أبلغ كلام ربي)، يطوف عليهم في مكة قبل الهجرة فيقول لهم يطلب منهم أن يجيروه وأن يؤوه حتى يبلغ كلام الله. المقصود أن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة كلهم صرَّحوا بأن القرآن كلام الله، والقرآن دلَّ على أنه كلام الله، فمن زعم أن القرآن مخلوق فقد زعم أنه ليس كلام الله فيكون كافراً بذلك مكذباً لله ورسوله ولإجماع المسلمين. وهكذا من أنكر صفات الله، وأنكر رؤيته، من قال: إنه ليس بحليم ولا حكيم ولا عزيز ولا قدير، ولا، ولا، فهو كافر كالجهمية، وكذلك من أنكر رؤية الله وأنهم لا يرونه في الآخرة ولا في الجنة فهذا كافر كفراً أكبر -أعوذ بالله، نسأل الله العافية-؛ لأنه قد كذب الله ورسوله، والله يقول جل وعلا في حق الكفرة: كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ (15) سورة المطففين. فإذا حجب الله الكفار معناه أن المؤمنين يرون ربهم سبحانه وتعالى. وقال -تعالى-: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ*إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (22-23) سورة القيامة. (ناضرة): يعني بهية جميلة، (إلى ربها ناظرة) تنظر إليه سبحانه وتعالى. وقال جل وعلا: لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ.. (26) سورة يونس، جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجه الله). وجاء في الأحاديث الصحيحة المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنكم ترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته). وقال في اللفظ الآخر: (كما ترون الشمس صحوة ليس دونها سحاب، وكما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته). يعني رؤية واضحة ظاهرة بارزة ليس فيها شبهة ولا شك، فالمقصود أن المؤمنين يوم القيامة يرون ربهم رؤيةً ظاهرة كما تُرى الشمس صحوة ليس دونها سحاب يعني رؤيةً بارزة. وهكذا في الجنة يرون ربهم جل وعلا فمن أنكر هذا وقال إنه لا يرى الله فقد كذب الله ورسوله فيكون كافراً. نسأل الله العافية.

579 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply