1- هل يشرع صيام الست من شوال لمن عليه أيام من رمضان قبل قضاء ما عليه؛ لأني سمعت بعض الناس يُفتي بذلك، ويقول: إن عائشة - رضي الله عنها- كانت لا تقضي الأيام التي عليها من رمضان إلا في شعبان، والظاهر أنها كانت تصوم الست من شوال لما هو معلوم من حرصها على الخير؟
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: في هذه المسألة لا يجوز فيما يظهر لنا أن تصام النافلة قبل الفريضة لأمرين: أحدهما : أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال : (من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر). والذي عليه قضاء من رمضان لا يكون متبعاً للست من شوال لرمضان ؛ لأنه قد بقي عليه من رمضان فلا يكون متبعاً لها لرمضان حتى يكمل ما عليه من رمضان ، فإذا كان الرجل عليه صيام من رمضان لكونه مسافراً أو مريضاً ثم عافاه الله، فإنه يبدأ بقضاء رمضان، ثم يصوم الست إن أمكنه ذلك. وهكذا المرأة التي أفطرت من أجل حيضها أو نفاسها فإنها تبدأ بقضاء الأيام التي عليها ثم تصوم الستة من شوال إن أمكنها ذلك ، إذا قضت في شوال. أما أن تبدأ بصيام الست من شوال ، أو يبدأ الرجل الذي عليه صوم بالست من شوال فهذا لا يصلح ولا ينبغي. والوجه الثاني: أن دين الله أحق بالقضاء، وأن الفريضة أولى بالبدء والمسارعة من النافلة ، الله - عز وجل- أوجب عليه صوم رمضان ، وأوجب على المرآة صوم رمضان فلا يليق أن تبدأ بالنافلة قبل أن تؤدى الفريضة. وبهذا يعلم أنه لا وجه للفتوى بصيام الست لمن عليه قضاء قبل القضاء، بل يبدأ بالقضاء فيصوم الفرض ثم إذا بقي في الشهر شيء وأمكنه أن يصوم الست فعل ذلك وإلا ترك ؛ لأنها نافلة بحمد لله. وأما قضاء الصيام الذي عليه من رمضان فهو واجب وفرض، فوجب أن يبدأ بالفرض قبل النافلة ويحتاط لدينه للأمرين السابقين: أحدهما أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: (ثم أتبعه ستاً من شوال). والذي عليه أيام من رمضان ما يصلح أن يكون متبعاً للست من رمضان ، بل قد بقي عليه ، فكأنه صامها في أثناء الشهر، كأنه صامها بين أيام رمضان ، ما جعلها متبعةً لرمضان. والأمر الثاني: أن الفرض أولى بالبداءة، وأحق بالقضاء من النافلة، ولهذا جاء في الحديث الصحيح : (دين الله أحق بالقضاء، أقضوا الله فالله أحق بالوفاء - سبحانه وتعالى). أما قوله عن عائشة ، فعائشة - رضي الله عنها- كانت تؤخر الصوم إلى شعبان قالت لما كانت تشغل برسول الله - عليه الصلاة والسلام-، فإذا أخرت الفريضة من أجل الرسول - صلى الله عليه وسلم- فأولى وأولى أن تؤخر النافلة من شغله - عليه الصلاة والسلام-. فالحاصل أن عائشة ليس في عملها حجة في تقديم الست من شوال على قضاء رمضان؛ لأنها تؤخر صيام رمضان لأجل شغلها برسول الله -عليه الصلاة والسلام- فأولى وأولى أن تؤخر الست من شوال، ثم لو فعلت وقدمت الست من شوال فليس فعلها حجةً فيما يخالف ظاهر النصوص.
2- هل يجوز قراءة القرآن الكريم والإنسان على غير وضوء؟ أفيدونا وفقكم الله؟
ج/ لا حرج أن يقرأ القرآن وهو على غير وضوء ، قراءة القرآن من الذكر ، قالت عائشة - رضي الله عنها - : كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يذكر الله على كل أحيانه. فالنبي - صلى الله عليه وسلم- كان يذكر الله كثيراً في جميع أوقاته ، يسبح الله، ويحمد الله، ويذكره كثيراً في كل وقت - عليه الصلاة والسلام-، والقرآن من الذكر، فإذا قرأ القرآن وهو على غير وضوء يعني عن حفظ ، عن ظهر قلب فلا بأس بذلك ، أن يقرأ ولو على حدث أصغر ليس أكبر فلا بأس عليه ، وأن يقرأ القرآن على غير طهارة ، لكن ليس من المصحف، بل عن ظهر قلب ، أما من المصحف فلا ، فلا يقرأ من المصحف إلا بطهارة ؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما جاء في الحديث: نهى أن يمس القرآن إلا طاهر. وهو حديث جيد لا بأس به ، له طرق، حديث عمرو بن حزم أن النبي - صلى الله عليه وسلم- نهى أن يمس القرآن إلا عن طهارة ، لا يمس القرآن إلا طاهر ؛ ولأن الصحابة - رضي الله عنهم وأرضاهم- أفتوا بأنه لا يمس القرآن إلا طاهر ، يعني لا يقرأ من القرآن إلا طاهر، ذكر هذا شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمة الله عليه – عن الصحابة أنهم كانوا يفتون أنه لا يقرأ القرآن إلا طاهر، يعني لا يمس القرآن إلا طاهر، وهكذا قال الأئمة الأربعة والجمهور أنه لا يجوز للمحدث أن يمس المصحف، أما كونه يقرأ عن ظهر قلب فلا بأس ، يعني يقرأ حفظاً، لا بأس أن يقرأ القرآن هذا كله إذا كان الحدث أصغر ، أما إذا كان جنب فلا ، لا يقرأ القرآن لا من المصحف ولا عن ظهر قلب ؛ لأنه ثبت عن رسول الله - عليه الصلاة والسلام - أنه كان لا يمتنع من القرآن إلا من الجنابة ، كان إذا كان على جنابة لا يقرأ القرآن - عليه الصلاة والسلام-. في رواية عنه من حديث علي قال : (أما الجنب فلا ، ولا آية). هذا يدل على أن الجنب لا يقرأ القرآن لا من المصحف ولا عن ظهر قلب. وهكذا الحائض عند بعض أهل العلم والنفساء؛ لأن حدثهما أكبر، وقال آخرون من أهل العلم إن الحائض والنفساء ليستا من جنس الجنب؛ لأن حديثما يطول، ومدتهما تطول، وليس الأمر بأيديهما، فإنهما ينتظران انقطاع الدم، وحصول الطهارة، فيغتسلان بعد ذلك ، أما الجنب فالأمر بيده متى ما انتهى من حاجته من أهله أمكنه الغسل في الحال، أو التيمم إذا كان عاجزاً عن الغسل، وأمكنه أن يقرأ بعد الغسل، فهو متيسر له الغسل أو التيمم عند العجز عن الغسل بخلاف الحائض والنفساء، فإنهما لا يتيسر لهما ذلك إلا بعد انتهاء الدم ، وانقطاع الدم، وحصول الطهارة فعذرهما أشد ، ولهذا ذهب جماعة من أهل العلم إلى أنه يجوز لهما القراءة عن ظهر قلب من غير مس المصحف، وهو قول جيد، ولاسيما عند الحاجة كمعلمة أو الطالبة إذا احتاجت إلى ذلك، فإنه لا حرج عليهما في قراءة القرآن عند الحاجة، ولا بأس إن شاء الله لعدم الدليل. أما حديث: (لا تقرأ الحائض ولا النفساء من القرآن). فهو حديث ضعيف عند أهل العلم. المقدم: لكن سماحة الشيخ قد يتعلل بعض الناس ويقول: إذا كان القرآن يقرأ على ظهر قلب والإنسان ليس طاهراً يعني عليه الحدث الأصغر، وإذا أتى إلى قراءة القرآن في المصحف فإنه يلزمه الطهارة، قد يقول: إن هذه الطهارة هي للمصحف نفسه للورق وليس لكتاب الله - عز وجل- وهو القرآن؟ الشيخ : يجاب بأن الورق عظم من تعظيم القرآن، إن عظم الورق من تعظيم كتاب الله المكتوب فيه، فلا يقرأ فيه وهو على غير طهارة ، يمسه، تعظيماً للذي حمل كتاب الله ، وأما إذا قرأ عن ظهر قلب ، فالقرآن في جوفه ، القرآن في جوفه لا يضره ذلك؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ على كل أحيانه، وهو القدوة - عليه الصلاة والسلام- وهو المعلم، وقال لنا : (لا يمس القرآن إلا طاهر). فنحن بهذا امتثلنا أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، وامتثلنا فتوى الصحابة، فكون القرآن في أجوافنا ونقرأ لا يضرنا ذلك إذا كنَّا على غير طهارة بخلاف المصحف الذي قد تعين لحمل القرآن في أوراقه فصار مكتوب فيه كلام الله، فمن تعظيم كلام الله أن لا يقرأ إلا عن طهارة من هذا المصحف الذي حمله وعين فيه. ثم الأمور توقيفية، العبادة توقيفية لا مجال للرأي فيها ما دام النص جاء بعدم مس القرآن إلا وأنت طاهر، وأفتى به الصحابة وهم أعلم الناس بسنة النبي - عليه الصلاة والسلام-، الصحابة أعلم الناس بالسنة، وأعلمهم بالأحكام الشرعية فإذا أفتوا بهذا ففتواهم أولى من غيرهم.
3- هل يجوز للإنسان أن يقرأ وهو مضطجع؟
الأكثر استماعاً هذا الأسبوع
أكثر السلاسل تفاعلاً