حلقة 9: حكم المبيت في المزدلفة - المشعر الحرام وما يقال عنده - علاجات منع الحمل واستعمالها - قص شاربه وأظافره بعدما لبس الإحرام وقبل النية - حكم الأسهم البنكية - تريد من زوجها أخذ اختها للحج معهما بدون محرم

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

9 / 50 محاضرة

حلقة 9: حكم المبيت في المزدلفة - المشعر الحرام وما يقال عنده - علاجات منع الحمل واستعمالها - قص شاربه وأظافره بعدما لبس الإحرام وقبل النية - حكم الأسهم البنكية - تريد من زوجها أخذ اختها للحج معهما بدون محرم

1- ما حكم المبيت في المزدلفة؟ وهل يجوز للحاج أن يذهب من مزدلفة إلى منى قبل طلوع الفجر؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعـد: فقد دلت السنة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أن المبيت في مزدلفة أمر مفترض؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- بات بها، وقال: (خذوا عني مناسككم). فالواجب على الحاج أن يبيت بها إذا انصرف من عرفات بعد الغروب يقصد مزدلفة، فيصلي بها المغرب والعشاء قصراً وجمعاً، العشاء ثنتين والمغرب ثلاث، بأذان واحدٍ وإقامتين، ويبيت بها حتى يصلي بها الفجر، فإذا صلَّى بها الفجر جلس بها أيضاً يذكر الله ويدعو مستقبلاً القبلة، وإن قرب من المشعر فحسن، ولكن كل مزدلفة موقف، والحمد لله، وفي أي مكان منها، يذكر الله ويدعو مستقبلاً القبلة حتى يسفر، فإذا أسفر انصرف إلى منى كما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-. وهذا المبيت واجب عند أهل العلم على الصحيح وقال بعضهم يكفي المرور بها ولكنه قول ضعيف، ويجوز للضعفاء من النساء والصبيان، وكبار السن ومن كان معهم في صحبتهم الانصراف من مزدلفة في آخر الليل، بعد مضي نصف الليل، والأفضل بعد غروب القمر كما جاء في حديث أسماء بنت أبي بكر: فإذا غاب القمر انصرفوا إلى منى كما أذن النبي -صلى الله عليه وسلم- لسودة وغيرها ولأم سلمة، هذا هو المشروع، ومن بقي من الضعفة مع الناس فلا بأس فإذا انصرفوا من مزدلفة في آخر الليل توجهوا إلى منى ورموا الجمرة إن شاءوا، وإن شاءوا جلسوا في منى حتى يرموها نهارا، هم مخيرون، ومن رماها ليلاً كما رمت أم سلمة في آخر الليل فلا بأس. الضعفة يرمونها ليلاً في آخر الليل ثم ينصرفون إذا شاءوا إلى مكة للطواف ولاسيما النساء فإنهم يخشون أن تنزل بهم العادة الشهرية فتمنعهم من الطواف، فإذا توجهوا إلى مكة مسرعين آخر الليل للطواف فلا بأس، كل هذا لا حرج فيه بحمد الله. أما الأقوياء فالسنة لهم المبيت بمزدلفة حتى يصلوا بها الفجر، وحتى يقفوا بها بعد الفجر حتى يسفروا هذه السنة، ومن انصرف من الأقوياء مع الضعفة في آخر الليل أجزأه ذلك وصح حجه في أصح قولي للعلماء، ولكنه ترك الأفضل.
 
2- هل يجوز التقاط جميع الجمرات من مزدلفة للجمرات الثلاث في الأيام الثلاثة أم لا يجوز؟
التقاط الجمرات جائز من مزدلفة ومن بقية الحرم، ومن عادة العامة أنهم يلتقطون الحصى كلها من مزدلفة، وقد روي عن بعض السلف ذلك، ولكن الأفضل عدم ذلك، والرسول -صلى الله عليه وسلم- إنما التقط سبعاً يوم العيد، صبيحة العيد، التقطها له ابن عباس وأعطاها إياه -عليه الصلاة والسلام-، فجعل يقبضها في يده ويقول: (أمثال هؤلاء فارموا وإياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين). سبع، ما لقط إلا سبع، مثل حصى الخذف، صغيرة، يعني مثل بعر الغنم، غير الكبير، يعني بعر الغنم إذا لم تكن كبيرة، هذا هو حصى القذف، فوق الحمص ودون البندق، يرمي به الجمرة يوم العيد وإن لقطه من منى كفى ذلك فإن ظاهر الحديث أنه لقط من منى -عليه الصلاة والسلام- ، لقطه صباح يوم العيد من منى، ابن عباس، هذا ظاهر السياق، فإذا لقطه من منى أو من مزدلفة فلا بأس، كله طيب وكله كافي، أما بقية الجمار فيلقط من منى، هذا ظاهر السنة، وإن لقطه من مزدلفة وجمعها فلا حرج، لكن الأفضل أن لا يتكلف، يلقطه من منى ويكفيه والحمد لله، كل يوم (21) حصاة من منى، للجمرات الثلاث في الحادي عشر والثاني عشر، وهكذا الثالث عشر لمن لم يتعجل. ومما قد يرغب فيه العامة أنهم إذا وصلوا مزدلفة اشتغلوا بلقط الحصى قبل الصلاة قبل كل شيء، هذا غلط، ما له أساس، إذا صلى وتفرغ وتعشى إذا حب يلقطها لا بأس وإن تركها من منى كفى ذلك والحمد لله. المقصود أن العامة يتكلفون في هذا وليس له أصل، إن لقطها من مزدلفة فلا بأس بعد ما يصلي وبعد ما يستريح، وإن تركها حتى يلقطها منى كفى ذلك، والحمد لله.

 

 
3- إذا نقصت الأحجار التي تؤخذ من مزدلفة لجمرة العقبة هل يؤخذ لها من غير مزدلفة أم لا؟ وفقكم الله؟
تقدم الجواب على هذا، وإن أخذها من مزدلفة فلا بأس، لو ذكرها وإن أخذها من منى كافي ، فإذا أخذ من مزدلفة سبع ثم طاح منها شيء يأخذ من منى والحمد لله، ولا حاجة لأن ينقلها معه..... لا، يكفي .

 

 
4- هل هناك أدعية خاصة يقولها الحاج في مزدلفة، وما هو المشعر الحرام؟
المشعر الحرام، يدعو الإنسان بما شرع الله بالذكر ، يذكر الله ويدعو قال الله -جل وعلا-: فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ* ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ [البقرة(198)(199)]. فإذا أتى المشعر ذكر الله، إذا خرج من مزدلفة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير. لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده. سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن. لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، ويجتهد في الدعاء أيضاً، ويستغفر ربه -سبحانه وتعالى-.

 

 
5- ما حكم الدين في علاجات منع الحمل واستعمالها؟ حيث أنني متزوج وعندي أطفال، والطفل عندي لما يولد لا يرضع من أمه لأنه لا يوجد بها حليب، وتتم تغذية الطفل بواسطة علب الحليب المجفف مما يؤدي باستمرار إلى إصابة الطفل في النهاية بالتهابات واضطرا بات نتيجة هذه التغذية مما يضطرنا إلى مراجعة الطبيب والصيدلية التي تعتبر مراجعتها إرهاب بسبب ارتفاع التكاليف، حتى أني أعجز عن تأمين مصروف العائلة الشهري بسبب ارتفاع الأسعار وارتفاع تكاليف المعيشة التي لا تطاق، وأريد أن أعرف رأي الدين في استعمال علاجات منع الحمل حتى أستعملها، حتى أستطيع تأمين الحياة لعائلتي التي أجد مشقة في تأمين احتياجاتها الضرورية، وإذا كان الدين لا يسمح في استعمال العلاجات فما لي سوى أن أعتزل زوجتي، لذلك أرجو أن تتفضلوا علي بالإجابة؟
علاج منع الحمل كثير، لكن هناك حبوب معروفة يعرفها الأطباء إذا تناولتها المرأة لعدم توالي الحمل لمدة سنة أو سنتين لا بأس في ذلك، لأنها الحاجة إلى ذلك، لا حرج في ذلك، وإن أرضعت الطفل ولم تتركه للحليب المجفف فذلك أفضل لها، إذا تيسر لها أنها ترضعه وحصل فيها لبن فكونها ترضعه هذا من أسباب عدم حملها، ما دامت ترضعه حتى تفطمه، هذا في الغالب -بإذن الله-، إذا كانت ترضع فإنها لا تحمل في الغالب، فترضعه وتكفي زوجها مؤونة التعب في الصيدليات وشراء الحاجات الأخرى، فإذا قدر أنه ليس فيها حليب فإنه يعتني بما يجب هذا الطفل وسوف يعطيه الله من فضله: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً [الطلاق:2)]. وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً [الطلاق:4)]. فعلى والد الطفل أن يستعين بالله وأن يسأله من فضله وأن يتعاطى الأسباب الجيدة ، أسباب الرزق، وله البشرى ، سوف يعطيه الله من فضله سبحانه وتعالى ولا بأس أن تعاطى المرآة الحمل لمدة سنة وسنتين رفقاً بالوالد عن توالي الحمل، ورفقاً بها عن مشقة الحمل هذا بعد هذا بسرعة ، لا حرج في هذا -إن شاء الله- ، وإن صبرت على الحمل ، وصبره هو على الحمل ولو توالى فهذا خير إلى خير ولعل الله يخرج من أصلابهم من يعبد الله وينفع المسلمين. فالحاصل أن تعاطي حبوب الحمل لا بأس بها عند الحاجة إليها لكن لا يطول، لمدة سنة، سنتين، ثم تترك حتى تحمل وحتى يكثر الأولاد، والله هو الرزاق ولا ينبغي للوالد أن يخشى مشقةً من المؤونة فإن الله سوف ييسرها ويعينه إذا لجأ إليه، واستعان به -سبحانه وتعالى-.

 

 
6- عندما وصلنا إلى الميقات تطهرنا طهورنا للصلاة ثم لبسنا الإحرام، وبعد ذلك قلمنا أظافرنا وأخذنا من شواربنا، بعد ذلك لبينا بالحج، هل إحرامنا هذا صحيح، أم أنه لا بد من إزالة هذه الحشية قبل ملابس الإحرام؟ علما أن ذلك تم قبل التلبية، أثابكم الله؟
كل هذا لا حرج فيه، إذا قص شاربه ، قلم أظفاره، بعد لبس الإزار أو الرداء أو قبل ذلك، قبل النية، فلا بأس كله طيب. المقصود أنه يغتسل ويتطيب ويقلم أظفاره ويقص شاربه، وينتف إبطه إذا كان فيه شيء قبل أن ينوي، قبل أن ينوي العمرة أو الحج وقبل أن يلبي أيضاً ، هذا هو الأفضل، ولو ترك ذلك فما أخذ شيء من شاربه ولا ظفر ولا اغتسل ولا تطيب فلا حرج عليه؛ لأن كل هذه الأمور مستحبة، لو أحرم ولم يغتسل ولم يتطيب ولم يقص شارب، ولا ظفره فحجه صحيح، وعمرته صحيحة، والحمد لله.إنما هذه الأمور مستحبة عند الإحرام ولو فعل ذلك في الطريق أو في بيته أو أثناء الطريق قبل الإحرام بساعة أو ساعتين أو كذا أو أخذ شاربه في الطريق أو قلم أظفاره في الطريق أو نتف إبطه في الطريق، كفى ذلك، أو في بيته في البلد، كل هذا بحمد الله موسع.

 

 
7- في هذه الأيام كثر التعامل بالأسهم البنكية وغيرها، حتى أننا لا نجد بيتاً من بيوت المسلمين إلا وقد تعامل بها إلا من رحم الله، وتعاطاها، وقد يظن الكثير أن التعامل بها حلالا وآخرون يقولون إنه حراماً، فاختلط الأمر علينا، حتى وجدنا فيكم من يرشدنا ويرشد المسلمين إلى ما فيه هدايتهم وصلاحهم -إن شاء الله تعالى-، نرجو الإفادة في ذلك؟
لا شك أيها الأخ السائل أن البنوك الربوية يحرم التعامل معها ويحرم مساعدتها، فالبنوك التي تتعامل بالربا لا يجوز الاشتراك فيها ولا التعامل معها، لأن ذلك داخل في قوله – سبحانه -: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2)]. فلا يشترى منها سهام ولا تعان من شيء؛ لأنها تعان على الإثم في هذا، أما البنوك الإسلامية التي لا تعامل بالربا فلا بأس في الاشتراك فيها والتعاون معها؛ لأنه تعاون على البر والتقوى، فينبغي للمؤمنين أن يحذروا هذه الأشياء التي حرم الله عليهم فالتعامل مع البنوك الربوية مما لا يرضاه الله -سبحانه-، بل لا يجوز ذلك، سواءً كانت التعاون بالكتابة والوظيفة، أو التعاون بالمساهمة فيها وبذل المال فيها والمشاركة، كل هذا لا يجوز؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لعن كاتب الربا وآكل الربا وموكله وشاهديه؛ لأنهم يتعاونون في هذا، والتعاون على الإثم والعدوان أمر محرم، فالكتابة للربا، والشهادة على الربا، وأكل الربا، وإيكال الربا كله محرم، وهكذا أنواع التعاون مع المرابين.

 

 
8- حجيت بزوجتي، وعرضت علي ذهاب أختها معنا للحج - وأردت الامتناع، لأن أختها ليست محرماً لي، إلا أني خشيت بأن تظن زوجتي بأني لا أريد أختها تحج معنا فقط، أفيدونا عن حكم ذهاب أخت زوجتي معنا، وما حكم حجها هذا هل يكفي عن حجة الإسلام؟
الجواب أيها السائل: لا شك أن سفر المرآة بدون محرم أنه لا يجوز فقد صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال : (لا تسافر المرآة إلا بمحرم). فوجب على المسلمين امتثال أمر الله وأمر رسوله عليه الصلاة والسلام فلا يجوز للمرآة أن تسافر للحج ولا لغيره إلا بمحرم وهو أخوها أو عمها أو أبوها أو زوجها، فأخت الزوجة ليست محرماً وليس لها محرماً فليس لها أن تسافر معك، ولو غضبت أختها فليس لها أن تسافر معك لا للحج ولا لغيره ولكن أن تعتذر بالأمر الشرعي وتقول : لا يسعني أن تسافري معنا ولست بمحرم وهذا هو الواجب عليك وعليها الاقتناع بأمر الله وبحكم الله -سبحانه وتعالى- ، لكن لو حجت بغير محرم حجها صحيح، وعليها التوبة والاستغفار لما تعاطت من الإثم، والحج صحيح لأنه وقع موقعة لكن الوسيلة إليه غير جائزة فعليها التوبة إلى الله من ذلك، والاستغفار، وحجها صحيح.

426 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply