حلقة 13: حكم اشتراط الولي على الزوج إذا طلق ابنته أن يدفع مبلغ معين - المراد بصداق المرأة - صلى الفرض منفرداً ثم أقيمت صلاة الجماعة..هل يعيد؟ - حكم الاغتراب عن الزوجة أكثر من السنة - طلاق الغضبان

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

13 / 50 محاضرة

حلقة 13: حكم اشتراط الولي على الزوج إذا طلق ابنته أن يدفع مبلغ معين - المراد بصداق المرأة - صلى الفرض منفرداً ثم أقيمت صلاة الجماعة..هل يعيد؟ - حكم الاغتراب عن الزوجة أكثر من السنة - طلاق الغضبان

1- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: إن بعض الآباء حينما يزوج ابنته يشترط على الزوج إذا طلق ابنته بعد الزواج أن يدفع مبلغ مائة ألف ريال مثلاً، هل هذا يجوز أم لا، علما بأن زوجها الذي يطلقها لن يؤدي واجباً نحو هذا الزوج؟ أفيدوني جزاكم الله خير ودمتم؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى وآله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعــــد: فلم يثبت في الشرع المطهر تحديد للمهور، بل ما تراضى عليه الزوجان، أو الزوج وولي المرأة من المهر فلا بأس، قل أو كثر، ولكن دلت السنة في أحاديث كثيرة على شرعية التقليل من المهور وعدم التكلف والمغالاة، هذا هو السنة، لما في ذلك من تشجيع الزواج، وإعفاف الشباب والفتيات، وتسهيل هذا الأمر الشرعي، فالمغالاة من أسباب تعطيل الرجال والنساء جميعاً، لا من جهة المهور ولا من جهة الولائم، والتساهل في المهور والولائم والتخفيف في ذلك والتيسير في ذلك هو الذي ينبغي، وهو من أعظم الأسباب في تأهيل أكثر النكاح وتقليل السفاح، ومن أعظم الأسباب لعفة الرجال والنساء ومن أعظم الأسباب لكثرة الأمة فينبغي لكل مسلم أن يعتني بهذا وأن يحرص على التخفيف والتيسير في المهور والولائم مهما أمكن ذلك، وإذا اتفق الزوجان على مهرٍ معين ولو كان كثيراً لزم، على حسب الشروط، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: (إن أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج). متفق عليه، فإذا شرط عليه مالاً معيناً يدفعه عند الطلاق ودخل على ذلك لزم، فإذا زوجه على أنه يدفع لها أولاً مثلاً خمسة آلاف، وعند الطلاق عشرة آلاف أو عشرين ألف، أو أكثر أو أقل فإنه يلزم، فيكون المال المعين للأخير مؤجلاً إلى الطلاق، ويلزم الزوج إذا طلق أن يؤديه إلا إذا سمحت المرأة الرشيدة بذلك وأعفته من ذلك فلا بأس، لأن الله سبحانه وتعالى يقول: وأن تعفوا أقرب للتقوى، إذا سمحت وأبت وطابت نفسها بشيءٍ من المهر فلا بأس، لقول الله عز وجل: فإن طبن لكم عن شيٍ فكلوه هنيئاً مريئاً، فالمقصود أن الشروط التي تكون بين الزوجين في النكاح معتبرة ولازمة إذا كانت موافقة على الشرع المطهر، ومن ذلك شرط المهر المعين، المعجل والمؤجل، هذا هو الصواب.
 
2- ما المراد بصداق المرأة؟ هل هو الأشياء التي يشترى منها حلي وتجهيز من أواني وملابس وغيره، أم أن الصداق يسلم في يدها ويشترى الحلي وخلافه من نقود أخرى؟
الصداق يتنوع، كل ما يدفع لها في مقابل استحلال فرجها هو المهر، كل شيء يدفع لها، .... الزوج في مقابل عقد النكاح فهو مهرها، سواء كان نقوداً أو حلياً أو فرشاً أو غير ذلك، كل ما يدفع لها من المال سوا كان نقداً أو غيره فهو يعتبر مهر، إذا كان شرطاً في النكاح، أما إذا كان بعد النكاح فهذا من باب التبرع، من باب المساعدة، لكن ما كان شرطاً في النكاح يتفقان عليه في موافقتها ورضاها بالعقد فهذا هو المهر، ولا يختص بالنقود، بل يدخل فيه ما يشترط من غير النقود مثل الملابس مثل الحلي مثل الذهب والفضة أو غير ذلك مثل ما يسمونه الآن غرفة النوم، إلى غير ذلك. 
 
3- إلى حضرة الأفاضل المقدمين أو المشتركين في تقديم برنامج نور على الدرب في إذاعة الرياض تحية الإسلام وبعد: نشكركم على برنامجكم والرد على أسئلة المستمعين، يقول: ما حكم من صلى الفرض منفرداً ثم أقيمت جماعة، هل يعيد الصلاة مع الجماعة، وإذا أعاد الصلاة مع الجماعة هل ينويها قضاء أو نفل، أو يعيد الفرض نفسه الذي صلاه قبل الجماعة؟
يشرع لمن صلى فرداً ثم جاءت جماعة أن يصلي معهم، اغتناماً لفرض الجماعة، وتكون صلاته معهم نافلة والأولى هي فرضه، هذا هو الصواب، ومما يدل على هذا قوله عليه الصلاة والسلام لأبي ذر لما ذكر الأمراء الذي يؤخرون الصلاة عن وقتها قال: (صل الصلاة لوقتها فإن أدركتها معهم فصل معهم فإنها لك نافلة)، ولما دخل رجل وقد صلى الناس قال عليه الصلاة والسلام: (ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه). فالحاصل أنه إذا صلى الفرض فرداً ثم جاءت جماعة شرع له أن يصلي معهم حتى يدرك فضل الجماعة، وإن كان صلى قبل الناس يحسب أنهم قد صلوا ثم جاء الناس وجاء الإمام فيشرع لهم أن يصلي معهم وتكون فرضه الأولى والثانية نافلة. حتى وإن كان في الأولى منفرداً؟ سواء كان منفرداً أو في جماعة، إذا صلى الأولى فرضه منفرداً أو في جماعة ثم حضر جماعةً أخرى فصلاته معهم نفل لا فرض، ومن هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم لما قيل له في يوم منى، في حجة الوداع، عن شخصين أنهما لم يصليان دعاهما فقال: (ما منعكما أن تصليا معنا)، قالا: قد صلينا في رحالنا، قال عليه الصلاة والسلام: (إذا صليتما في رحالكما ثم أدركتما الإمام ولم يصلي فصليا معه فإنها لكما نافلة)، فأمرهما أن يصليا مع الإمام إذا حضر وهو في الصلاة وأخبر أنها نافلة لهما وأن صلاة الفريضة هي التي تقدمت.
 
4- هل يجوز الانتقال من جماعة في المسجد إلى جماعة أخرى، وأي الصلاة تكون هي الصلاة الواجبة عليه، وأيها تكون السنة؟
إذا صلى مع جماعة فلا وجه لانتقاله مع جماعة أخرى، إذا حضر مع جماعة ثم جاءت جماعة أخرى فيكمل مع الجماعة التي أحرم منها، ولا نرى وجهاً لانتقاله إلى جماعةٍ أخرى. بعد أن تصلي مع جماعة أحرمت معهم، ثم جاءت جماعة أخرى تصلي فإنه لا ينتقل إليها، بل عليه أن يصلي مع الناس، فإن الجماعة الأخيرة تصلي مع الجماعة الأولى ولا تنفرد، لأن هذا اختلاف لا وجه له، وبدعة في الشرع،كونه يٌصلَّى جماعتين أو ثلاث، يصلى جماعتان في المسجد أو ثلاث، هذا لا وجه له، بل الواجب أنهم إذا جاءوا والإمام لم يصلي صلوا معه إذا لم يكن به مانع، أما إذا كان الإمام الأول فيه مانع لكونه مثلاً كافراً لا تصح الصلاة خلفه، هذا له وجه شرعي، لكن إذا كان الإمام ممن تصح الصلاة خلفه فإنها لا تتعدد الجماعات بل يصلون جميعاً، ولا يتعدد في المسجد جماعات في وقتٍ واحد، لكن إذا صلى في الجماعة الأولى وجاء ناس ما صلوا فإنه يصلي بجماعتهم، والقول بأن بعض السلف أنهم صلوا فرادى، قول ضعيف ليس بصواب، فالصواب أنه إذا جاؤوا وقد صلى الناس يصلي معهم لا فرادى. احرص على فضل الجماعة، واعمل بالأحاديث العامة، ومن ذلك ما يروى عنه صلى الله عليه وسلم قال: (صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده وصلاته مع الرجلان أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله)، فالجماعة مطلوبة فإذا فاته الصلاة مع الجماعة الرسمية التي هي الجماعة الأساسية في المسجد ثم أدرك جماعةً يصلون صلى معهم في جماعتهم ولا يصلي وحده.
 
5- أسأل عن حكم من يترك زوجته قرابة السنة والسنتين في السفر، وإني سمعت أنه لا يجوز للرجل أن يغادر أو يترك أهله أكثر من أربعة شهور، مع العلم بأن ظروف العمل لا تسمح للفرد أن يسافر إلا بعد تمام السنة على الأقل؟ أرجو الإفادة وشكراً لكم؟
لا مانع إذا سافر الإنسان لطلب العيشة، طلب الرزق أن يعمل ويكتسب للنفقة على أهله أو سافر يطلب العلم فلا بأس أن يغيب أكثر من أربعة أشهر وأكثر من ستة أشهر، نعم كان عمر رضي الله عنه اجتهد، كان يأمر الرجل أن لا يغيب أكثر من ستة أشهر إذا أمكنه الرجوع إلى أهله وهذا من إجتهاده -رضي الله- عنه والحرص على عفة الفروج وعلى سلامة المجتمع من الأخطار، فإذا تيسر له أن يزور أهله بعد ستة أشهر فهذا حسن وإلا فليس بلازم إذا كان في أمرٍ مباح أو عمل شرعي مثل طلب العلم أو كان في طلب الرزق والكسب الحلال لينفق على أهله فهو في هذا في عملٍ مهم ولا حرج عليه، ولكن إذا كان يخشى شراً على أهله أو يخشى أن الحالة تسوء بينه وبينهم فينبغي له أن يلاحظ العودة إليهم سريعاً في الوقت المناسب ولا يرتبط ارتباطاً طويلاً قد يفضي إلى فرقة بينه وبين أهله، قد يفضي إلى مظلمةٍٍ عليهم، ولا سيما إذا كان يخاف عليهم من الفساد فينبغي له أن يلاحظ هذا بأن ينقلهم معه أو الزيارة التي تكون قريبة لا بعيدة، ويتفق مع من يعمل عندهم على هذا الشيء، وكذلك إذا كان في طلب العلم يحرص على الزيارة في أوقاتٍ مناسبة، كالإجازة الصيفية أو غيرها من الأوقات التي يمكنه أنه يزور فيها حتى يجمع بين المصلحتين، مصلحة طلب العلم والعمل ومصلحة أهله وزيارتهم وقضاء حاجتهم.
 
6- أنا شاب متزوج منذ سبع سنوات بقريبة لي، وقبل تاريخ هذه الرسالة بسنة حدث بيني وبين زوجتي شجار عنيف جداً دام أكثر من ثلاثة أشهر، يقول: بعدها أنها أصبحت تطلق عليه الشتائم الكثيرة والكلام السيئ، وأنا أعاملها معاملة حسنة لأنني شاب مؤمن أعمل بما يرضي الله ورسوله، وزاد الأمر حدة وهي كل يوم وعلى مدار ثلاثة أشهر تزيد النار حطباً والطين بلة، فأجبرتني على أن أطلق عليها كلام: (طلقتك، طلقتك طلقتك، طلقتك) أي أكثر من مرات عديدة، وعندما أطلقت هذا الكلام كنت في حالة غضب شديد، وغياب عقل، أطلقت هذا الكلام بغية أن تكف عن أقاويلها البذيئة المرعبة للبدن وهي تزيد في ذلك، وأنا أكرر عليها ألفاظ مطلقة مطلقة مطلقة، وأخيراً لم يجد الأمر نفعاً، فأرسلت إلى والدها، وأخذها إلى بيته، وظلت عنده أكثر من سنة، وأنا لا أوافق أهلي على إرجاعها بسبب أخلاقها الشرسة وأقاويلها المرعبة الكاذبة، وأخيراً أرادوا تزويجها من شخص فلم تقبل بالزواج من أي إنسان، وقالت لأهلها إذا أردتم تزويجي سأشرب سماً وأموت، أو أحرق نفسي بالنار وأخلص من الحياة، أثناء هذا الهجر الطويل كانت تريد أن ترجع لي، ولكنني كنت لا أقبل بها زوجة أبداً بسبب معاملتها القاسية.. إلخ، فأقنعوني أهلها بتزويجها إلي خشية أن تقتل نفسها، فأجبرت على قبولها، وصارت لها عندي خمسة أيام، وأنا لا أقرب منها خشية الإثم والحرام، ووجدت أن أخلاقها صارت بعد هذا الهجر حسنة، ويقول: إنها تعطيني حقوقي كاملة وتحترمني وتكفر عما بدر منها من أقاويل، فما هو الحل بالله عليكم أخبروني سريعاً؟ والسؤال: هل وقع طلاق ولم تعد تحل لي، ألا يوجد فتوى لهذه المشكلة؟ أفيدوني وفقكم الله؟
إذا كان الطلاق المذكور وقع منك حال شدة الغضب، وغيبة الشعور وأنك لم تملك نفسك ولم تضبط أعصابك بسبب كلامها السيئ وسبها لك وشتائمها ونحو ذلك، وأنك أطلقت هذا الطلاق في حال شدة غضب، وغيبة الشعور وهي معترفة بذلك أو لديك، من يعرف ذلك من الشهود والعدول فإنها لا يقع الطلاق لأن الأدلة الشرعية قد دلت أن شدة الغضب وإذا كان معه غياب الشعور كان أعظم، فلا يقع به الطلاق، ومن ذلك ما روى أحمد وأبو داود وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طلاق ولا عتاق في إغلاق. قال جماعة من أهل العلم الإغلاق الإكراه وهو الغضب يعنون الغضب الشديد، فالغضبان قد أغلق عليه أمره وقد أغلق عليه قصده فهو شبيه بالمعتوه والمجنون والسكران من شدة الغضب، فلا يقع طلاقه وإذا كان مع ذلك تغيب الشعور وأنه لم يحضر ما صدر منه بسبب شدة الغضب فإنه لا يقع الطلاق، والغضبان له ثلاث حالات: حالة يتغير معه الشعور، هذا يُلحق بالمجانين، ولا يقع الطلاق عند الجميع، عند جميع أهل العلم، والحال الثاني هنا: إذا اشتد به الغضب ولكن لم يفقد شعوره بل عنده شيء من الإحساس وشيء من العقل، ولكن سد به الغضب حتى ألجأه إلى الطلاق هذا لا يقع طلاق على الصحيح أيضاً، والحال الثالث أن يكون غضبه عادياً ليس بالشديد جداً بل عادياً كسائر الغضب الذي يقع من الناس، ليس بالشديد، ليس بالموجع، هذا يقع معه الطلاق عند الجميع، والسائل حاله إما من الوسط أو من الشديد الذي قد تغير معه الشعور حسب ما ذكر في سؤاله فيكون طلاقه غير واقع وزوجته معه، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، نسأل الله للجميع الهداية والصلاح وحسن العاقبة.
 
7- حلفت بالطلاق، يقول: اختلفت أنا وأخي أكبر مني، وفي شدة خلافنا انفعلت منه، وقلت له: ترى امرأتي طالقة إذا لم أذبحك، وبعدما ذهبت مني شدة الزعل، ندمت على ما قلت، ما هو الجواب لي؟ أرشدوني أرشدكم الله؟
ظاهر من كلامه أن مقصوده حث نفسه على قتل أخيه، ذبح أخيه، وليس المقصود طلاق الزوجة، فإذا كان المقصود من هذا الطلاق حث نفسك على الذبح كما هو ظاهر من كلامك أيها السائل فإن عليك كفارة يمين، حكمه حكم اليمين، إذا كان المقصود من ذلك أن تقتل أخاك، هذا المقصود أو طلقت لأجل هذا، فإن عليك كفارة يمين ولا شيء عليك، لا يقع الطلاق على زوجتك، وعليك كفارة اليمين لأن هذا في حكم اليمين على الصحيح من أقوال العلماء وكفارة اليمين إطعام عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد من تمرٍ أو رز أو حنطة أو غير ذلك من قوت البلد، عشرة، يطعم كل واحد نصف صاع من قوت البلد أو يكسوهم كسوةً تجزئهم الصلاة كالقميص أو الإزار والرداء،كل واحد يُعطى إزار ورداء يكفي ذلك، ثم إن عجز ولم يستطع لفقده وعدم قدرته فإنه يصوم ثلاثة أيام.

688 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply