حلقة 22: حكم الرضعات الغير المعلومات - هل لمس الزوجة سهواً ينقض الوضوء ؟ - حكم الشرب أثناء أذان الفجر في رمضان - حكم المولد النبوي وحكم حضور احتفالات - حكم أعياد الميلاد - حكم قضاء الحاجة تجاه القبلة

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

22 / 50 محاضرة

حلقة 22: حكم الرضعات الغير المعلومات - هل لمس الزوجة سهواً ينقض الوضوء ؟ - حكم الشرب أثناء أذان الفجر في رمضان - حكم المولد النبوي وحكم حضور احتفالات - حكم أعياد الميلاد - حكم قضاء الحاجة تجاه القبلة

1- أرضعتني امرأة عندما كنت طفلاً بشهادة تلك المرأة ووالدتي رضعات غير معلومة، هل هن واحدة أو ثلاثة أم أقل أو أكثر، وكان الرضاع في يوم واحد فقط من العصر وحتى ميعاد النوم في الليل، فهل يحق لي الزواج من أحد بناتها، وخصوصا البنت الأخيرة التي أنجبتها؟ نرجو الإفادة وفقكم الله

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه أما بعـد: فقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) وقال عليه الصلاة والسلام: (لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان)، وقال أيضاً فيما ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعاتٍ معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمسٍ معلومات فتوفي النبي - صلى الله عليه وسلم -والأمر على ذلك، وقال عليه الصلاة والسلام: (إنما الرضاعة من المجاعة لا رضاع إلا في الحولين)، إلى غير ذلك، هذه الأحاديث وما جاء في معناها تدلنا على أنه لا بد من خمس رضعات فأكثر، فإذا كانت المرأة المرضع تشك في الرضاع الواقع منها، هل هو واحدة أو أكثر فإنه لا يحصل به تحريم الرضاع ولا تـثبت به الحرمة، ولا حرج أن ينكح بعض بناتها لأنها لم تثبت أنها أم له، حتى يثبت أنها أرضعته خمس رضعات أو أكثر، وبهذا يعلم السائل أنه لا حرج عليه في نكاح ابنة المرأة التي أرضعته هذا الرضاع الغير معروف، وإن ترك ذلك من باب ترك الشبهة ومن باب: (دع ما يريبك) فلا حرج، حسن، وإلا فليس عليه حرج في ذلك، إنما من باب ترك الشبهات وترك الريبة إذا ترك ذلك فهو حسن، عملاً بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)،فإنها قد تكون أرضعته عدة رضعاتٍ بلغت الخمس لكن لم تحفظ ذلك، فإذا ترك ذلك احتياطاً وهو.... الشبهة فهو مشكور ومأجور، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه).  
 
2- إذا حصل أن لمست يدي يد زوجتي عفواً -أو العكس- فهل ينقض الوضوء أم لا؟
مس المرأة سواء عمداً، سواء كان ذلك عمداً أو من غير عمد لا ينقض الوضوء على الصحيح، وقد اختلف العلماء في ذلك، فقال بعضهم: إن مسها ينقض مطلقاً، وقال بعضهم لا ينقض مطلقاً، وقال بعض أهل العلم ينقض مع الشهوة وهي التلذذ بمسها، ولا ينقض المس من دون ذلك، والصواب قول من قال إنه لا ينقض مطلقاً، لأنه ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم -أنه قبَّل بعض نساءه ثم صلى ولم يتوضأ، ولأن الأصل سلامة الطهارة وعدم انتقاضها إلا بدليل، وليس هناك دليل واضح ثابت يدل على انتقاضها بمس المرأة فوجب حينئذٍ أن تبقى الطهارة على حالها، وأن لا تنتقض بمس لعدم الدليل على ذلك بل وجود الدليل على أن مسها لا ينقض ولو كان بشهوة، لأن القبلة في الغالب لا تكون إلا عن شهوة، عن تلذذ، فالحاصل أن الصواب والراجح من أقوال العلماء أن مس المرأة بشهوة أو بغير شهوة لا ينقض الوضوء، سواء كانت زوجته أو غير زوجته، هذا هو الصواب، وأما قوله جل وعلا: أو لامستم النساء وفي قراءة: أو لمستم النساء، فالمراد بذلك على الصحيح الجماع، هذا قول ابن عباس وجماعة من أهل العلم وهو الصواب، أما قول من قال أن المراد مس المرأة كما يروى عن ابن مسعود رضي الله عنه يعني مسها باليد فهذا مرجوج، الله جل وعلا يعبر عن الجماع بالمسيس واللمس والمباشرة كما في قوله جل وعلا: ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد، وقال هنا: أو لامستم النساء فالمراد هنا الجماع، وهكذا قراءة من قرأ: أو لمستم، وفي قوله: أن تمسوهن في طلاق غير المدخول بها، فالمراد بالكل الجماع، هذا هو الصواب وهو الحق إن شاء الله. 
 
3- لكن سماحة الشيخ هناك من يقول: إن تقبيل الرسول - صلى الله عليه وسلم -لا يقاس عليه لأن الرسول يستطيع أن يمسك نفسه، وألا يقع فيما يقع فيه العامة الآن؟
ليس بشيء، هذا القول ليس شيء، هو المشرع لنا، هو المشرع لنا وهو القدوة عليه الصلاة والسلام، ولما قيل له في مثل هذا قال: (إني أخشاكم لله وإني أتقاكم له) - عليه الصلاة والسلام - لما سأله سائل قال يا رسول الله؟ قد غفر الله لك، في مسائل عديدة قال: (إني أخشاكم لله وأتقاكم له)- عليه الصلاة والسلام -، فالحاصل أنه القدوة والأسوة في كل شيء عليه الصلاة والسلام إلا ما قام الدليل على أنه خاص به عليه الصلاة والسلام.  
 
4- صليت مع جماعة ولكن الركعة الأولى قد فاتت علي ولما سلم الإمام سلمت معه، ثم افتكرت أن باقي علي ركعة قبل أن أكلم أحداً فهل أعيد الصلاة أم أكمل الصلاة التي بدأتها مع الإمام؟
إذا فات الإنسان بعض الركعات ثم سلم مع الإمام ناسياً فإن عليه أن يقوم ويكمل ولا يعيد الصلاة بل يكمل ما فاته، ركعة أو أكثر ثم يسجد السهو قبل السلام أو بعد السلام، وبعد السلام أفضل كونه سلم عن نقص، وتكفيه الصلاة وتجزئه والحمد لله، إذا سلم عن نقص ركعة فأكثر مع إمامه ناسياً وهو مسبوق، فإنه إذا انتبه يقوم فيأتي بالركعة التي فاتته أو الركعتين، ويسجد السهو بعد السلام، يكمل ثم يسلم ثم السجدتين للسهو بعد السلام، وإذا سجدهما قبل السلام فلا بأس، هذا إذا كان ذكر قريباً أما إن طال الفصل وتأخر ذكره لتسليمه مع إمامه فإنه يعيدها كلها، مثلاً سلم ونسي حتى طال الفصل، صلى من الظهر حتى بلغ العصر أو في الليل، يقضيها كلها، يعيدها كلها، أما إذا ذكر في الحال، في مجلسه، أو بعد قيامه بقليل، بخطوات، أو ما أشبه ذلك هذا يكفيه إعادة الركعة، قضاء الركعة، لأنه - صلى الله عليه وسلم -سلم من بعض الصلوات صلاة العصر أو الظهر وقام ومشى فدخل....... فنبهه ذو اليدين فرجع وكمل الصلاة، ولم يعدها فالذي يفعل مثل فعله - صلى الله عليه وسلم -ليس عليه إعادة بل يأتي بما فاته فقط، يعني يأتي بالركعة التي فاتته، أو الثنتين فإذا سلم سجد السهو كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام أما إذا طال الفصل كثيراً، يعني مثلاً ذهب عليه الوقت، نسي ما فاته في الظهر ولم يذكر إلا في العصر، أو ما فاته من العصر وما ذكر إلا في المغرب أو العشاء مثل هذا يعيدها كلها، يعني يعيدها من أولها لأنه طال الفصل.  
 
5- في شهر رمضان الكريم مع أذان الفجر أو أثناء أذان الفجر هل يسمح بشرب الماء قبل إنهاء الأذان؟
إذا كان الصائم لم يعلم أن الأذان للصبح، بل كان كعادة الناس على التحري وعلى الساعة والتقويم فلا بأس يشرب وهو يؤذن أو يأكل ما في يده وهو يؤذن لا بأس بهذا، لأن الأذان يخبر عن الصبح، عن مظنة الصبح ليس بدراية للصبح وإنما يخبر عما أراده بالساعة أو بالتقويم، وقد يكون الصبح خرج وقد يكون ما خرج، والله جل وعلا إنما أوجب الإمساك بالتبين، فينبغي للمؤمن أن يحتاط وينتهي من سحوره قبل الفجر، قبل الأذان حتى لا يقع في شبهة لكن لو قدر أنه أكل شيئاً يسيراً مع الأذان أو شرب حال الأذان فالظاهر أنه لا حرج عليه في ذلك إذا كان لم يعلم أن الصبح قد طلع.  
 
6- ما حكم المولد النبوي وما حكم الذي يحضره، وهل يعذب فاعله إذا مات وهو على هذه الصورة؟
المولد لم يرد في الشرع ما يدل على الاحتفال به، لا مولد النبي - صلى الله عليه وسلم -ولا غيره، فالذي نعلم من الشرع المطهر وقرره المحققون من أهل العلم أن الاحتفال بالموالد بدعة، لا شك في ذلك؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنصح الناس وأعلمهم بشرع الله والمبلغ عن الله لم يحتفل بالمولد، مولده - صلى الله عليه وسلم -ولا أصحابه، لا خلفاؤه الراشدون ولا غيرهم ولو كان حقاً وخيراً وسنة لبادروا إليه ولما تركه النبي - صلى الله عليه وسلم -ولعلمه أمته وفعله بنفسه، ولفعله وأصحابه وخلفاؤه رضي الله عنهم فلما تركوا ذلك علمنا يقيناً أنه ليس من الشرع، وهكذا القرون المفضلة، لم تفعل ذلك، فاتضح بذلك أنه بدعة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، وقال عليه الصلاة والسلام: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، في أحاديث أخرى تدل على ذلك، وبهذا يعلم أن هذه الاحتفالات بالمولد النبوي في ربيع الأول أو في غيره وهكذا الاحتفالات بالموالد الأخرى كالبدوي والحسين وغير ذلك كلها من البدع المنكرة التي يجب على أهل الإسلام تركها، وقد عوضهم الله بعيدين عظيمين، عيد الفطر وعيد الأضحى ففيهما الكفاية عن إحداث أعياد واحتفالات منكرة، مبتدعة، وليس حب النبي - صلى الله عليه وسلم - يقوم بالموالد، وإقامتها وإنما حبه - صلى الله عليه وسلم -يقتضي اتباعه وتمسكه بشريعته والذب عنها، والدعوة إليها، والاستقامة عليها، هذا هو الحب، قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم، فحب الله ورسوله ليس بالموالد ولا بالبدع ولكن حب الله ورسوله يكون بطاعة الله ورسوله والاستقامة على شريعة الله، بالجهاد في سبيل الله، بالدعوة إلى سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -والذب عنها والإنكار على من خالفها، هكذا يكون حب الرسول صلى الله عليه وسلم، ويكون بالتأسي به بأقواله وأعماله، والسير على منهاجه عليه الصلاة والسلام، والدعوة إلى ذلك، هذا هو الحب الصادق الذي يدل عليه العمل الشرعي والعمل الموافق لشرعه، وأما كونه يعذب أو ما يعذب هذا شيء آخر، هذا إلى الله جل وعلا، فالبدع والمعاصي من أسباب العذاب لكن قد يعذب الإنسان بأمر معصيته، وقد يعفو الله عنه إما لجهله وإما لأنه قلد من فعل ذلك ظناً منه أنه مصيب أو لأعمالٍ صالحة قدمها كانت سبباً لعفو الله أو لشفاعة الشفعاء من الأنبياء أو المؤمنين أو الأفراط فالحاصل أن المعاصي والبدع من أسباب العذاب وصاحبها تحت مشيئة الله جل وعلا، إذا لم تكن بدعته مكفرة، أما إذا كانت البدعة مكفرة، من الشرك الأكبر فصاحبها مخلد في النار، نعوذ بالله، لكن إذا كانت البدعة ليس فيها شرك أكبر، وإنما هي فروع خلاف الشريعة من صلواتٍ مبتدعة، أو احتفالات مبتدعة ليس فيها شرك، هذا تحت مشيئة الله كالمعاصي.  
 
7- بالنسبة للأشخاص هناك أيضاً من يجعل له عيدا لميلاده هو، هذا الشخص، ما حكمه؟
كل هذا منكر، عيدا ً له أو لأمه أو لبنته أو لولده كل هذه التي أحدثوها الآن تشبهاً بالنصارى أو اليهود، لا أصل لها، ولا أساس لها، عيد الأم أو عيد الأب، أو عيد العم أو عيد الإنسان نفسه، أو عيد بنته أو ولده، كل هذه منكرات، كلها بدع، كلها تشبه بأعداء الله، لا يجوز شيء منها أبداً، فعليه سد الباب والحذر من هذه المحدثات، ولكن بعض الناس كثرت عليه النعم، واجتمعت عنده الأموال فلا يدري كيف يتصرف فيها، لم يوفق في صرفها في طاعة الله، وفي تعمير المساجد ومواساة الفقراء وصار يلعب بها في هذه الأعياد وأشباهها، وإذا كان المراد إحياء سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فليس بالموالد، يحييها بالدروس الإسلامية في المدارس والمساجد والمحاضرات، هذا ليس بدعة، بل مشروع ومأمور به، يدرس السيرة النبوية، ويبين ما جاء في المولد من الأخبار في الدروس الإسلامية في المدارس والمعاهد، في المساجد في المحاضرات أما يجعل لها وقتاً مخصوصاً تقام فيه الاحتفالات كربيع الأول أو في غيره والمآكل والمشارب وغير ذلك، هذا لا أصل له، بل ومن البدع المحدثة.  
 
8- ما حكم المرور بين يدي المصلي في المسجد الحرام، وهل الحديث خاص في المسجد الحرام، أم يشمل مكة ومساجدها، وهل يأثم من مر من بين المصلي من غير قصد وليس متعمداً؟
أما المسجد الحرام الذي حول الكعبة فالمعروف عند أهل العلم أنه لا حرج في المرور بين يدي المصلي للحاجة، لأن الغالب هو الزحمة فيه، ومظنة عدم التيسر في السترة والسلام بين المارة، فالأمر فيه واسع، وهكذا عند الازدحامات في المسجد النبوي وغيرها من المساجد، ازدحام الناس، وتكاثر الناس ولم يتيسر للمسلم مرور إلا بين أيدي المصلين، فالظاهر والله أعلم أنه لا حرج في ذلك للضرورة والمشقة الكبيرة، وينبغي للمصلي أن يتحرى المكان الذي ليس فيه تعرض للمرور بين يديه، في لزوم السواري التي في المسجد وأشباهها حتى يكون بعيداً عن المرور بين يديه، أما مساجد مكة وغيرها، فالظاهر أنها كغيرها، ولهذا لما صلى النبي - صلى الله عليه وسلم -جعل أمامه عنزة، وصلى إلى عنزة عليه الصلاة والسلام، وهو في الأبطح في المسجد الحرام، فدل ذلك على أن المسجد مثل غيره في اتخاذ سترة، يعني في بقية الحرم لأن الحرم كله يسمى المسجد الحرام، لكن ما كان حول الكعبة فالأمر فيه أوسع وأسهل للزحمة غالباً، ولما جاء في ذلك من الآثار عن بعض الصحابة في عدم توقي مرور الناس؛ لأنه موضع زحمة في الغالب مظنة عدم القدرة على السلامة من المار ولأن في السترة ورد الناس مشقة على الطائفين وعلى غير الطائفين فالأولى والأقرب والأرجح أنه لا حرج في ذلك إن شاء الله ولا لزوم للسترة، لكن في بقية مكة، في بقية الحرم، ما يسمى المسجد الحرام، ينبغي اتخاذ السترة، ومنع المار، كما اتخذها النبي - صلى الله عليه وسلم -في الأبطح.   
 
9- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: (لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولكن شرقوا أو غربوا) والسؤال هنا: إن بعض المراحيض والحمامات في البيوت والمنازل تجاه القبلة فما الحكم؟
الأحاديث الصحيحة في النهي عن استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة كثيرة، تدل على تحريم استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة كبول أو غائط، وهذا في الصحراء أمر واضح، وهو الحق لأن الأحاديث صريحة في ذلك، فلا ينبغي ولا يجوز أبداً استقبال القبلة واستدبارها في الصحراء ببول أو غائط، أما في البنيان فاختلف العلماء في ذلك أكثر، فقال بعضهم: يجوز في البناء لأنه ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم -أنه في بيت حفصة قضى حاجته مستقبلاً الشام مستدبراً الكعبة، كما رواه البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، قالوا هذا يدل على أنه لا بأس باستقبالها واستدبارها في البناء لأن الإنسان مستور في الأبنية، والأصل أنه يفعل ذلك للتشريع ويتأسى به عليه الصلاة والسلام في أفعاله فلما فعل ذلك دل على جوازه، لأنه قضى حاجته على لبنتين مستقبلاً الشام مستدبراً الكعبة، وهذا يدل على جوازه في البناء، وقال آخرون: هذا خاص به عليه الصلاة والسلام، هذا فعله خاص به لأنه إنما فعله في البيت ولم يشتهر ولم يفعله في الصحراء فيدل هذا على أنه خاص به، وأنه يجب على المسلمين عدم الاستقبال وعدم الاستدبار حتى في البناء، عملاً بالأحاديث العامة التي فيها التعميم وعدم التخصيص، وهذا القول أظهر أنه ينبغي عدم الاستقبال وعدم الاستدبار مطلقاً في البناء والصحراء لكن كونه..... في البناء محل نظر لأن الأصل عدم التخصيص به - صلى الله عليه وسلم -لكنه يحتمل أن يكون هذا قبل النهي، ويحتمل أنه خاص به عليه الصلاة والسلام فلهذا لا يكون التحريم فيه مثل التحريم في الصحراء، فالأولى بالمؤمن أن لا يستقبل في الصحراء ولا في البناء وأن لا يستدبر، لكن في البناء أسهل وأيسر ولا سيما عند عدم تيسر ذلك لوجود المراحيض الكثيرة إلى القبلة، فحينئذٍ يكون الإنسان معذوراً لأمرين؟ الأمر الأول: وجود المراحيض التي إلى القبلة ويشق عليه الانحراف عنها، والأمر الثاني: ما عرفت من حديث ابن عمر في استقبال النبي - صلى الله عليه وسلم -للشام واستدباره الكعبة في قضاء حاجته في بيت حفصة فهذا يدل على الجواز والأصل عدم تخصيص فعل النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فيكون فعله جائزا مع أن الأولى ترك ذلك في البناء ويكون في الصحراء محرماً لعدم ما يخص ذلك هذا هو الأقرب في المسألة والله جل وعلا أعلم. أيها السادة إلى هنا نأتي على نهاية لقائنا هذا....

526 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply