حلقة 24: كيفية نصح الأقارب - من مسائل عقوق الوالدين - المسح على جبيرة الجرح - مدة الوقوف في المحشر - حكم الصلاة خلف النمام - حكم بناء القبور على سطح الأرض

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

24 / 50 محاضرة

حلقة 24: كيفية نصح الأقارب - من مسائل عقوق الوالدين - المسح على جبيرة الجرح - مدة الوقوف في المحشر - حكم الصلاة خلف النمام - حكم بناء القبور على سطح الأرض

1- تقول المسلمة: إن عائلتها يتكلمون في أعراض الناس بحق وبغير حق، وتقوم بمحاولة منعهم من ذلك إلا أنهم يردون عليها بكلمات نابية ويطلبون منها الابتعاد عنهم مما يثير أعصابها، ثم تزوج أخوها وأصبحت زوجته تهين والدتها ولا تساعدها في المنزل، وتشارك في إهانة الناس في الكلام فيهم، فماذا تفعل هذه الفتاة المسلمة تجاه والديها وزوجة أخيها؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه أما بعــد: فهذه السائلة نرجو لها خيراً كثيراً لأن إنكار المنكر مما شرعه الله لعباده، ولأن ذلك من صفات المؤمنين والمؤمنات، كما قال الله سبحانه: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ولا شك أن الكلام في أعراض الناس والغيبة للناس من المنكرات، قال الله جل وعلا: ولا يغتب بعضكم بعضاً، الغيبة ذكرك أخاك بما يكره، ولما سئل النبي عن ذلك - عليه الصلاة والسلام - قال: (إن كان في أخيك ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته)، والخلاصة أنها مأجورة على إنكارها بل هذا هو الواجب عليها إذا حضرت، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -في الحديث الآخر: (من رد عن عرض أخيه بالغيب رد الله عن وجهه النار يوم القيامة)، فإنكار المنكر على من فعله أمر لازم على الرجال والنساء جميعاً، وعليها أن تجتهد وأن تسأل الله لهم الهداية، وتخاطبهم بالتي هي أحسن، تنصح لهم، تبين لهم أن هذا فيه خطر، وأن هذا من أسباب غضب الله وأشباه ذلك من الكلام، لعل الله يهديهم وهكذا مع زوجة أخيه التي تهين الوالدة، وتتكلم في الأعراض تنصحها أيضاً وتقولها لها اتقِ الله وراقبي الله، لعل الله يهديها بأسبابها، هكذا أيها الأخت السائلة ينبغي أن تفعلي هذا، استقيمي على إنكار المنكر واصبري فلا بد من الصبر كما قال لقمان لابنه: يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور، فالآمر الناهي لا بد له من أذى، ولا بد له من أن يسمع ما يكره، فعليه أن يصبر، وقد وصف الله الرابحين في كتابه الكريم بأنهم صبَّر، فقال جل وعلا: والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر، هذه صفات الرابحين، صفات أهل الإيمان والصدق، إيمان صادق وعمل صالح، وتواصٍ بالحق وتواص ٍ بالصبر.  
 
2- في الواقع أفيدكم أن لي أخت من الأم وقد تزوجت من رجل فأنجبت منه بنتاً ثم طلقها، ثم تزوجت من رجل آخر لا تريده ولا نحن أيضاً نريده، خاصة والدتي، ولكن إخوانها من الأب هم الذين أجبروها، فعندما حضر زوجها رفضت والدتي أن تذهب إليها، وأن تشير على أختي، وبعد ذلك سكن بجوارنا ولم يخبرنا فعندما علمت والدتي أتت إليهم لكي ترى أختي، فقالت أختي لوالدتي: أنت لست والدتي لأنك لم تأتيني في الزواج، فقالت والدتي: أنا لم آتيك إلا لأراك ولزيارة الرحم، وبعد وقت قصير سافر بها زوجها إلى مدينة بعيدة منا، وقد حرم والدتي من رؤية ابنتها، ومن رؤيتنا إليها نحن أيضاً، ولم يخبرنا بالعمل الذي هو فيه، ولم يخبرنا بالتلفون لكي نتصل أو تتصل والدتي وتطمئن إليها، علماً بأن أختي قد قالت لوالدتي عندما أسافر أجعلك تبكين علي وأنت التي ترسلين علي، فنرجو من فضيلتكم ماذا تفعل والدتي، هل والدتي حقاً لها أن ترسل إليها، علماً بأن للوالدين حقاً علينا نحن الأبناء، وأن الرسول قد خص بالأم أحق من الأب؟ نرجو الإفادة وفقكم الله.
على كل حال الوالدة لها حق كبير، وبرها واجب، وبرها أعظم من بر الأب، النبي - صلى الله عليه وسلم -لما سئل: قال يا رسول الله من أبر؟ قال: أمك، قال ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. فلها ثلاثة الأرباع وله الربع. لكن هذه البنت يعني أساءت التصرف، وذهبت ولم تقابلها ولم توادعها ولم تخبرها بمكانها، فلا حرج على الوالدة في هذه الحالة إذا لم تكتب إليها، فإنها لا تعلم مكانها فلا حرج عليها في هذه الحال، والواجب على البنت التي سافرت أن تكتب لأمها وأن تسأل عن حالها، وأن تدعو لها كثيراً، وأن تصلها، يعني هذا من البر، فالإثم على البنت التي قصرت في حق والدتها إذا لم تكتب إليها ولم تراسلها ولم تصلها، أما الأم فلا شيء عليها في هذه الحالة لأنها لا تعلم مكانها وحقها أكبر، فإن احتسبت هي الأم وسألت عنها حتى تعرف مكانها وكتبت إليها وكلمتها بالهاتف، تسألها عن حالها، هذا عمل طيب ومن صلة الرحم ولها أجر كبير في ذلك، وإن قصرت بنتها فهي لا تقصر وتفعل ما هو أحسن، لأن الرسول عليه السلام قال: (ليس الواصل بالمكافي ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها)، هذا الواصل في الحقيقة، الواصل الكمال هو الذي يصل من قطعه، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام:(ليس الواصل بالمكافي ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها).  
 
3- أصاب إصبع رجلي الإبهام جرح تعفن وأدخلت المستشفى وأجريت لي عملية وبقي هذا الجرح ستة أشهر لم يبرأ، يغير له الأطباء يوماً بعد آخر ويربطونه بالشاش، وكلما توضأت امسح على الإصبع، فهل يجزئ هنا المسح أم التيمم، مع العلم أن الماء يصل إلى جميع محلات الوضوء ما عدا الإصبع المربوطة، وإذا ربط الشاش فوق الدواء لم يخرج منها شيء؟
لا شك أن مسح الجبيرة كافٍ عن التيمم، فإذا مسح على الجبيرة التي على الجرح التي فيها الجرح عند غسل الرجل التي فيها الجرح كفى ذلك والحمد لله، ولا يحتاج إلى التيمم، وهذا هو الواجب عليه عند وجود الجرح الذي عليه شاش، عليه جبيرة، يمسح على الجبيرة يعمها بالمسح ويكفيه عند غسل الرجل، والحمد لله.   
 
4- كم يدوم وقوف الخلق في المحشر قبل أن يقضى بينهم؟
على كل حال، الموقف عظيم، ومدته كما أخبر الله جل وعلا أن مقدار ذلك اليوم خمسون ألف سنة، وهو يوم طويل عظيم، أما مقدار الوقوف قبل انصرافهم فالله أعلم به، لكنه طويل، موقف طويل عظيم، أما المقدار وضبطه فالله أعلم سبحانه وتعالى.  
 
5-   هناك مسجد بالمستشفى للصلاة، ولكبر المستشفى ووسعها فإنه في أوقات الصلاة تتجمع فئة قليلة وتكون من بينها إمام للصلاة ويتركون المسجد، وهناك كذلك أيضاً فئة غير كثيرة تصلي بالمسجد، ونحن الأطباء كنا نتجمع وراء طبيب مصري يصلي بنا في سيب من أسياب المستشفى، وبعد مدة اكتشف الأطباء أن هذا الطبيب الإمام رجل ينقل الفتنة ويتكلم في حق الناس، وينقل النميمة، فهل لي أن استمر بالصلاة وراءه أو أن أذهب للمسجد، وبالفعل انتقلت إلى المسجد، وهل أنا ملزم بإعادة الصلاة التي صليتها وراءه؟
الواجب على من في المستشفى ممن يستطيع الصلاة في المسجد أن يصلي في المسجد، الذي بقرب المستشفى سواء كان طبيباً أو ممرضاً أو عائداً أو مريضاً يستطيع الحضور في المسجد، الواجب عليهم أن يصلوا في المسجد؛ لأن الله جل وعلا شرع عمارة المساجد لتقام فيها الصلاة، كما قال الله جل وعلا: في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، فالحاصل أن الواجب على من في المستشفى الذي يقدر على الوصول إلى المسجد أن يصلي في المسجد، وفي الحديث عنه - صلى الله عليه وسلم -قال: (من سمع النداء فلم يأتِ فلا صلاة له من عذر). أخرجه ابن ماجة في الدار قطني وغيرهم بسندٍ جيد، وكذلك سأله أعمى قال يا رسول الله: ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: هل تسمع النداء للصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب، فالنبي - صلى الله عليه وسلم -قال له: أجب، ولم يأذن له أن يصلي في بيته، مع أنه كفيف وليس له قائد يلائمه، وفي ورايةٍ: أنه بعيد الدار، فدل ذلك على وجوب أداء الصلوات في المساجد، ولا فرق بين أهل المستشفى وغيرهم، والذين يصلون في بعض المستشفى قد خالفوا السنة وتركوا الواجب. أما الصلاة خلف الطبيب الذي ينقل النميمة، ويحمل بعض الأذى هذا الصلاة صحيحة، الصلاة خلف العاصي صحيحة، ولكن ينبغي أن لا يؤم الناس إلا خيارهم، المتمسك، الأخيار في الإمامة، فينبغي أن يختار للإمامة أفضل الناس، أقرؤهم ثم أعلمهم بالسنة.. الخ كما جاء الحديث عنه - صلى الله عليه وسلم -أنه قال: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كان في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سوا فأقدمهم سناً)، يعني إسلاماً، فالحاصل أنه يختار للإمامة الأحسن فالأحسن والأفضل فالأفضل، ولا يؤم الناس من هو معروف بالنميمة أو غيرها من الفسق بل مثل هذا يجب على المسؤولين أن يبدلوه وأن لا يقروه، بل يلتمس غيره، ممن هو أفضل منه، إذا تيسر ذلك، ولو صلى خلفه الناس صحت الصلاة، لأنه.... الصلاة بنفسه، صحت الصلاة خلفه، لكن ينبغي أن لا يقرب للإمامة إلا من هو معروف بالعدالة والاستقامة، وأما الكافر ما تصح الصلاة خلفه، من حكم بكفره لا تصح الصلاة خلفه، وإنما هذا في شأن الفاسق العاصي الذي ليس بكافر، وإذا لم يتيسر له إمام أصلح منه صلى خلفه، ولو صلى خلفه أيضاً للحاجة إلى ذلك أو لبعد مساجد أخرى أو ما أشبه ذلك، لا بأس، المقصود أن الصلاة خلفه صحيحة، ولكن إذا تيسر من هو أولى منه وأفضل منه فيصلى خلفه هو أفضل وأحسن خروجاً من خلاف العلماء القائلين بعدم الصحة، لا تصح الصلاة خلف الفاسق، وقد صلى ابن عمر رضي الله عنهما خلف الحجاج في الحج وكان الحجاج من أفسق الناس ومن أظلمهم.  
 
6- في مصر يبنون قبور فوق سطح الأرض، والأغنياء يبنون قبور، أما الفقراء فهم يدفنون في القبور القديمة، وكثيراً ما نشاهد أجسامهم من خلال القبور القديمة المهدومة وأصبحت هذه عادة، وقد فكرت في بناء عدة قبور للفقراء في قريتي ولكن ترددت، لأن السنة النبوية تحتم بدفن المسلم تحت التراب، وأقنعت الناس جميعهم بذلك، ولكنهم لم يستجيبوا، فهل لي أن أبني قبور للفقراء فوق سطح الأرض تمشياً مع العادة، أم لا تجوز هذه الحسنة، ولو بنيتها فهل لي أجر وثواب؟
السنة الحفر في الأرض للقبور، أن يحفر فيها للأرض وأن يعمق فيها، إذا كانت الأرض صالحة، إذا كانت الأرض صالحة فالسنة أن يحفر فيها، ويعمق الحفر إلى نصف الرجل فوق السرة، فوق نصف الرجل يعني فوق العورة وأن يكون فيه لحد، يجعل فيه جهة القبلة يكون فيه الميت، هذه السنة، لكن لو كانت الأرض رديئة ما تماسك، ضعيفة، فلا بأس أن تضبط بالبناء، أن يحفر أن يضبط، يحفروا له حفراً ويضبطوا بالبناء أو بالألواح حتى لا ينهدم، لا بأس بهذا عند الحاجة، أما البناء لا يبنى، يحفر لهم في الأرض، ويضبط التراب بألواح أو بحجارة حتى يستقر التراب فوق ذلك، هذا هو السنة، الدفن في الأرض لا البناء، أما البناء لا ينبغي، لكن إذا أرد الإحسان يحفر لهم حفراً مناسباً ويحيي السنة، لا يوافقهم على ما أحدثوا بل المؤمن يحيي السنة، ويدعو إليها، ويصبر على ما في ذلك من مشقة، هكذا ينبغي للمؤمن، ومن البلايا التي وقعت الآن في الناس .....ونهي طويل في البناء على القبور، قبر يكون في الأرض أو على سطح الأرض، ثم يبنى عليه قبة أو مسجد، هذا من البدع ومن المنكرات العظيمة، ومن وسائل الشرك وهذا واقع في مصر والشام والعراق وغير ذلك، وقد كان واقعاً في مكة المكرمة وفي البقيع حتى أنهى الله ذلك على يد الحكومة السعودية وأحسنت في ذلك جزاها الله خيراً لأنها أزالت البدع، والرسول - صلى الله عليه وسلم -نهى عن ذلك، نهى عن البناء في القبور وعن تجصيصها، وقال: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبياءهم مساجد)، هذا هو الواجب على حكام المسلمين، أن يمنعوا البناء على القبور وأن يمنعوا اتخاذ مساجد عليها، والصلاة عندها، وأن لا يطاف بها، وأن لا تدعى من دون الله ولا يستغاث بأهلها، كل هذا من المنكرات، لكن البناء من وسائل الشرك، أما دعاء الميت والاستغاثة بالميت، وطلب المدد، هذا من الشرك الأكبر، والعبادة لغير الله سبحانه وتعالى كما هو واقع في بعض البلاد، هذا ينبغي الحذر منه وتحذير الناس منه. أيها السادة إلى هنا نأتي إلى نهاية لقائنا هذا...   

598 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply