حلقة 34: كسر حجراً كبيراً واحد وعشرون قسماً ورمى بذلك الجمرات - تأخير رمي جمرة العقبة الكبرى إلى أول أيام التشريق - ذبح وحلق قبل أن يرمي جمرة العقبة - غسل وتطيب حصوات رمي الجمرات - نحر الهدي عند وصول مكة قبل في ذي العقدة

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

34 / 50 محاضرة

حلقة 34: كسر حجراً كبيراً واحد وعشرون قسماً ورمى بذلك الجمرات - تأخير رمي جمرة العقبة الكبرى إلى أول أيام التشريق - ذبح وحلق قبل أن يرمي جمرة العقبة - غسل وتطيب حصوات رمي الجمرات - نحر الهدي عند وصول مكة قبل في ذي العقدة

1- لقد كسرت حجر كبير إلى واحد وعشرين حجر ورميت به في اليوم الثاني، أي في اليوم الأول من أيام التشريق، فهل يعتبر رميي هذا صحيحا أم أنه يعتبر حجر واحد على حسب أصله؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه أما بعـد: فالسنة والأفضل أن يلقط الإنسان حجر من الأرض من دون تكسير، يلقط حجرات من الأرض من دون تكسير، لأن التكسير قد يؤذيه، قد يضره، قد يطير منه شيء، فإذا أخذه من الأرض فذلك أولى وأسلم وإذا كسره فلا حرج، إذا كسره من حجرٍ كبير، واستخرج من ذلك واحد وعشرين حصاة، أو سبع حصيات أجزأه ذلك، ولو مكسراً من حجر، فإذا رمى كل جمرةٍ بسبع حصيات من هذا الحجر الكبير فإنه يجزئ ولا بأس، ولكن ذكر العلماء أن كونه يلتقط حجراً صغار من دون تكسير يكون أولى وأسلم وأبعد عن الخطأ، لأنه قد يطير إليه شيء في التكسير، قد يضره، يضر عينه، يضر غير ذلك وإلا فلا حرج في ذلك.   
 
2- لم أتمكن من رمي جمرة العقبة يوم العيد، فرميتها ليلة اليوم الأول من أيام التشريق، فهل يلزمني شيء في ذلك أم لا؟
الرمي يوم العيد مجزئ كله، لأن يوم العيد كله محل رمي، لكن من فاته ذلك بأن غابت عليه الشمس ولم يرم، ورمى بعد غروب الشمس أجزأه الصحيح، كثير من أهل العلم يقولون أنه لا يجزئه ولكن يؤجل الرمي إلى الزوال من اليوم الحادي عشر فيبدأ به عن يوم العيد ثم يرمي اليوم الحادي عشر، هكذا قال جماعة من أهل العلم وهو المشهور عند أهل العلم، ولكن الصواب أنه لا حرج في ذلك، وأنه يجزئه، إذا غابت الشمس ثم رمى بعد غروبها عن يوم العيد أجزأه على الصحيح وإن أخره خروجاً من الخلاف ورماه بعد الزوال عن يوم العيد للنية ثم رمى ذلك اليوم، الحادي عشر بإحدى وعشرين حصاةً عن ذلك اليوم بعد الزوال كان ذلك حسناً أيضاً، وفيه خروج من الخلاف.  
 
3- والدي بعد أن وصل "منى" ذبح كبشاً وحلق رأسه ولبس ثيابه، فهل فعله هذا صحيح أم يلزمه هدي؟
المشروع أنه لا يلبس ثيابه حتى يرمي جمرة يوم العيد، ثم يحلق أو يقصر والذبح بينهما، هذا هو الأفضل، يرمي ثم يذبح ثم يحلق أو يقصر، هذا هو السنة، ثم بعد هذا يتطيب ويلبس ثيابه، هذا هو الأفضل، فالذي ذبح أو حلق ولبس ولم يرم لا يجوز له ذلك، لكن ليس عليه شيء لأنه جاهل، ما دام جاهلاً فلا شيء عليه في اللبس وإنما عليه إذا انتبه أن يخلع ثيابه، يعني المخيطة، ويرمي الجمرة يعني جمرة العقبة، ثم يلبس بعد ذلك، أما تقديمه الذبح على الرمي فلا يضر، لأن النبي سئل عليه الصلاة والسلام عن من ذبح قبل أن يرمي فقال: (لا حرج) - عليه الصلاة والسلام - ولكن السنة يوم العيد أنه يرمي أول جمرة العقبة، سبع حصايات كل واحدة لحالها، يكبر مع كل حصاة يقول: الله أكبر ويرمي، الله أكبر ويرمي، هذه السنة، بحجر صغير، يشبه بعر الغنم الذي ليس بالكبير، ثم بعد ما يرمي الجمر ينحر هديه إذا تيسر ذلك، ثم يحلق رأسه وهو الأفضل، وإن قصر فلا بأس، لكن التقصير يكون من جميع الرأس، من عموم الرأس، من أطراف الشعر، بعض الناس قد يأخذ شعرات من جانب، أو من جانبين، لا، لا ينبغي هذا، بل يعم رأسه بالتقصير كما يعمه بالحلق، ثم بعد هذا يكون قد تحلل التحلل الأول، يعني بهذا العمل يكون قد تحلل التحلل الأول، فيلبس المخيط، ويغطي رأسه ويتطيب، ويفعل ما يفعله الحلال، ما عدا النساء، ما عدا زوجته فإنه لا يأتيها حتى يطوف، فالذي مثلاً جهل فرمى ولبس أو ذبح ولبس أو حلق ولبس لا شيء عليه لأجل الجهل، لكن يخلع الثياب في وقته إذا نبه، يخلع ويلبس إزاره ورداه ويكمل، يرمي كما رمى، ويحلق كما حلق، فإذا رمى وحلق أو قصر يلبس الثياب بعد ذلك ويتطيب لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما رمى ونحر وحلق طيبته عائشة، عليه الصلاة والسلام وتحلل، ثم ركب إلى البيت فطاف طواف الإفاضة - عليه الصلاة والسلام- ويروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (إذا رميتم وحلقتم فقد أحل لكم الطيب وكل شيءٍ إلا النساء)، فالحاصل أنه إذا رمى وحلق أو رمى وقصر حل له كل شيء حرم عليه بالإحرام، إلا النساء، فإذا رمى وحلق وقصر وطاف طواف الإفاضة، طواف الحج، وسعى إن كان عليه سعي، تم الحل، حينئذٍ يلبس المخيط، يتطيب، تحل له زوجته،..........رمى، الرمي الأخير إلا في أيام التشريق. طيب.. لو رمى وحلق وطاف بالبيت ولكنه لم يذبح، هل يجوز له؟ لا يجوز، لكن إذا رمى وحلق وطاف ولو لم يذبح، حل له كل شيء حتى النساء، يلبس المخيط، يغطي رأسه، يتطيب، يأتي زوجته، لأن هذا الذبح ما يتعلق بالحل على الصحيح، ما يتعلق به، لكن الأفضل أنه يسردها كما فعلها النبي - صلى الله عليه وسلم - أولاً، يرمي الجمرة، هذا أول شيء، صباح العيد أو في آخر الليل إن كان من المستضعفين، أو كان من الأقوياء فالسنة أن يتأخر حتى يرميها الضحى، بعد طلوع الشمس، الرمي، ثم ينحر الهدي، سواء كان غنم أو بقر أو إبل يذبح، يأكل منه ويتصدق ثم يحلق، يحلق رأسه والحلق أفضل، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا للمحلقين بالمغفرة والرحمة ثلاث مرات والمقصرين واحدة، أو يقصر بدل الحلق من عموم رأسه، وبهذا يتحلل، التحلل الأول، يعني يحل عليه المخيط ويغطي رأسه، والطيب وغير ذلك، ويبقى عليه النساء، فإذا طاف طواف الإفاضة، طواف الحج، يوم العيد أو بعده وتعسر عليه إن كان ما سعى، ما طاف طواف القدوم، يسعى مع طواف الحج أو كان متمتعاً قد طاف وسعى للعمرة وتحلل فإنه يسعى سعياً ثانياً لحجه، فإذا طاف وسعى حل من كل شيء حرم عليه بالإحرام، من النساء وغير النساء وهذا الترتيب هو السنة، أن يرمي ثم يذبح ثم يحلق أو يقصر والحلق أفضل، ثم يطوف ويسعى إن كان عليه سعي، هذا الترتيب المشروع، هذا هو الأفضل، وهذا هو السنة، لكن لو قدم بعضها على بعض، بأن نحر قبل أن يرمي، حلق قبل أن يذبح، طاف قبل أن يذبح، طاف قبل أن يرمي، طاف قبل أن يذبح، لا حرج في ذلك، النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن هذا، قال له رجل يا رسول الله نحرت قبل أن أرمي قال: لا حرج، وقال الآخر: حلقت قبل أن أذبح قال: لا حرج، وقال له آخر - عليه الصلاة والسلام - أفضت قبل أن أرمي قال: لا حرج، قال الراوي، وهو ابن عباس: فما سئل يومئذٍ عن شيءٍ قدم أو أخر إلا قال: لا حرج، وهكذا جاء في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وهذا يدل على التوسعة بحمد الله، وأن الأمر موسع وهذا من إحسان الله عز وجل لعباده، لأن هذا اليوم يكثر فيه النسيان، يكثر فيه الجهل، فمن رحمة الله أن جعل الأمر واسعاً، من ذبح قبل أن يرمي لا حرج، ومن حلق قبل أن يذبح لا حرج، من طاف قبل أن يرمي، طاف قبل أن يذبح، طاف قبل أن... لا حرج، هذه كلها بحمد الله موسعة، إنما الأفضل والأولى أنه يرمي ثم يذبح ثم يحلق أو يقصر والحلق أفضل ثم الطواف الأخير، ويلبس ثيابه إذا رمى وحلق، أو رمى وقصر، يلبس ثيابه ولو كان ما قد طاف، يلبس ثيابه ويغطي رأسه، ويطوف بثيابه العادية، بعد رميه وحلقه أو تقصيره.  
 
4- أنا حجيت بوالدتي، والتقطت لها جمار من مزدلفة لجميع الرمي، فطلبت مني غسل الجمار وتطيبها، وقلت لها قد فعلت ذلك، وأنا كاذب، لأنه لا وقت عندي، فما حكم طلبها، لغسل الجمار وتطيبها، وما حكم كذبي على أمي، هل يقبل حجي أم لا؟
أما غسل الجمار وتطييبها هذا لا أصل له، لا تغسل ولا تطيب الجمار، تؤخذ ويرمى بها بس، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما غسلها ولا طيبها - عليه الصلاة والسلام - وهو المقتدى به، وهو الأسوة عليه الصلاة والسلام وهو المشرع فلا يستحب غسل الجمار ولا تطييبها، بل يرمى بها، تؤخذ من التراب ويرمى بها، هذا هو المشروع، وأما كونه قال لأمه، قلت لأمك أيها السائل أنك فعلت، أنك غسلتها وطيبتها كاذباً فعليك التوبة إلى الله والاستغفار ولا تعود إلى مثل هذا، وحجك صحيح بحمد الله، لا يضر حجك هذا بحمد الله، إنما هو نقص، نقص في الحج، نقص في الدين، الكذب فعليك الاستغفار والتوبة، كان الواجب عليك أن تقول لها: يا أمي ما يستحب هذا، يا والدة لا يستحب غسلها ولا تطييبها، لأن الرسول ما فعل هو وأصحابه، وعلينا أن نتأسى بهم، تعلمها السنة لأنها جاهلة، تعلمها، لكن لعلك كنت جاهلاً أنت أيضاً، ما كنت تعرف السنة، فالحاصل أنه لا حرج عليك، حجك صحيح، وعليك التوبة والاستغفار عن كذبك، وعليك أن تعلم أن غسل الجمار وتطييبها لا يستحب ولا يشرع، بل هو بدعة فعليك أن تعلم الناس، تعلم إخوانك وجماعتك الذين معك في أي حجٍ حجيت أو في مجلس هذا شيء لا يشرع، وهكذا أرجو من سمع هذا المقال وهذا البرنامج أرجو منه إذا سمع الفائدة أن يبلغها غيره، وصيتي لإخواني المستمعين أن يبلغوا ما يسمعوا من الفائدة لأن العلم هكذا يكون بالتبليغ، النبي عليه السلام كان إذا خطب الناس يقول لهم: (فليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلَّغٍ أوعى من سامع)، وكان يقول: (بلغوا عني ولو آية)، عليه الصلاة والسلام، فعلينا أيها الأخوة أن نبلغ العلم، وأن نتواصى بالحق ونتعاون على البر والتقوى حتى ينتشر العلم، إذا أنت نقلت الفائدة ونحن ننقل الفائدة، والمرأة نقلت الفائدة لأخواتها ولأقاربها،والأخرى نقلت اتسع العلم وكثر، فوصيتي للمستمعين دائماً أن ينقلوا العلم، إذا سمعوه من هذا البرنامج أو غيره، نور على الدرب، إذا سمعوا الفائدة من أهل العلم ينشرونها، في مجالسهم، وفي أحاديثهم بينهم، حتى يعم العلم، سواء كان ذلك يتعلق بالعقيدة والإخلاص لله سبحانه وتعالى، والحذر من الشرك أو كان يتعلق بالصلاة أو بالصيام، أو بالحج، أو بالمعاملات، على كل حال، تبليغ العلم مطلوب، لا من الرجال، ولا من النساء، عليكم جميعاً أيها المستمعون رجالاً ونساء أن تبلغوا ما تسمعوا من الفائدة، في كل مكان تستطيعونه، رزق الله الجميع التوفيق والهداية.  
5- طلب منا بعض الرفاق نحر هدينا فور وصول مكة، فذبحنا في خمس وعشرين ذي القعدة، والآن ذهبت أيام التشريق وقد رأينا جميع الناس يذبحون في يوم العيد فما بعده، فهل عملنا صحيح، وما الذي يجب علينا وفقكم الله، علما أننا الآن عازمون على الذهاب عن السعودية؟
الواجب على من عليه هدي لكونه حج قارناً أو متمتعاً بالعمرة إلى الحج أنه يذبح أيام الذبح، وهي الأيام التي ذبح فيها النبي وأصحابه - عليه الصلاة والسلام - يوم العيد وأيام التشريق الثلاثة، أربعة أيام، هذي أيام الذبح، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قدم ومعه هدي، إبل، فلم يذبحها حتى جاء يوم العيد، وهكذا أصحابه، فالذي ذبح قبل العيد عليه أن يعيد، إذا نحر هديه قبل أن يتعيد، قبل يوم العيد، عليه أن يعيد ذلك، يشتري في مكة هدي، ويذبح في مكة، بعد الحج، متى تيسر له ذلك، يذبح في مكة، في الحرم، ويقسم بين فقراء مكة، بين فقراء الحرم، بدلاً من ذبح الهدي الذي ذبحه قبل وقته، فإن كان عاجزاً ليس عنده قدرة فإنه يصوم عشرة أيام بدلاً من ذلك الهدي، هذا هو المشروع، ونسأل الله للجميع التوفيق. 

442 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply