حلقة 46: حكم السقط بعد شهرين من الحمل - حكم الدم بعد الأربعين في النفاس، ومباشرة الزوج لها - أُصلِّي جميع الفروض ما عدا صلاة الفجر، ففيها مفرط

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

46 / 50 محاضرة

حلقة 46: حكم السقط بعد شهرين من الحمل - حكم الدم بعد الأربعين في النفاس، ومباشرة الزوج لها - أُصلِّي جميع الفروض ما عدا صلاة الفجر، ففيها مفرط

1- لي جارة حملت وسقط حملها بعد شهرين، ولا يعرف هل هو ذكر، أو أنثى، وقد دفن في جانب من الحارة، ولم يدفن في مقبرة المسلمين، فما حكم هذا الدفن؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعـد: فالمرأة إذا أسقطت جنيناً فيه تفصيل: إن كان الجنين دماً محضاً، فهذا ما يسمى جنين، ولا يسمى نفاس الدم الخارج بسببه، ولا يكون لها حكم النفساء، بل عليها أن تصلي وأن تصوم وتحل لزوجها؛ لأن هذا لا يسمى نفاس، ما زال ابن شهرين أو ابن ثلاثة أشهر، هذا في الغالب ما تخلق، فهذا يكون دماً فاسداً، وتصلي وتصوم والدم المجتمع الذي سقط يدفن في أي مكان، في البيت، في الحوش، ما يذهب إلى المقابر، ما فيه حاجة، لأن هذا ليس بإنسان، وعليها أن تصلي وأن تصوم، وتعتبر هذا الدم دماً فاسداً، مثل الدم الذي يخرج من الجراحات الأخرى، دم فاسد لا يمنعها من الصلاة والصوم، ولا يمنع زوجها من غشيانها؛ لأنه دم فاسد لا يسمى نفاساً ولا يسمى حيضا، أما إن كان الدم قد اجتمع فيه لحمة، تجمع منه لحمة، وفيه خلق إنسان ولو خفي، رأس، رجل، يد، إذا علم ذلك، علمت به المرأة، أو القابلة لها التي عندها ثقة أن هذا اللحم فيه خلق الإنسان فهذا يسمى نفاس، يسمى ولد ويعتبر نفاس، فليس لها حينئذٍ أن تصلي ولا أن تصوم، وليس لزوجها أن يقربها، يعني أن يطئها؛ لأنها نفساء ما دامت اللحمة التي خرجت فيها خلق الإنسان، ولو ما مر عليها أربعة أشهر في اعتقادها، لأن الجنين قد يخلق فيه قبل ذلك، والغالب أنه لا يخلق إلا في الطور الثالث، بعد المضغة، لكن جاء فيما يدل في بعض الأحاديث على أنه قد يقع قبل ذلك، فالحاصل إذا كان في خلق الإنسان يعتبر نفاس، وعليها أن تمتنع من الصلاة والصوم، وعلى زوجها أن يمتنع من إتيانها، من غشيانها، حتى تطهر، فإذا طهرت ولو لعشرة أيام، اوعشرين يوم، تباح لزوجها، ليس من شرط الطهارة أن تكمل أربعين لا ، لو طهرت وهي بنت عشرين، أو بنت ثلاثين، فالطهارة صحيحة، تصلي وتصوم وتحل لزوجها، وليس للنفاس حد محدود قبل الأربعين يعني ليس له حد محدود؛ لأن النساء يختلف، فقد تطهر مرأة لشهر، وتطهر لخمسة وعشرين يوماً، وقد تطهر لأقل من ذلك، أو لأكثر من ذلك، كل هذا واقع، والحكم مناط بالطهارة، انقطاع الدم ورؤية الطهارة، فإذا رأت الطهارة انقطع الدم، ورؤية ما يدل على الطهارة بأن ترى الماء الأبيض أو بأن تحتشي بقطنة في فرجها، ونحوها من البياض فلا يتأثر، تخرج وهي ما تأثرت بشيء، هذه علامة الطهارة، فتغتسل وتصلي وتصوم وتحل لزوجها ولو أنها ما مضى عليها من النفاس إلا عشرون يوماً أو ثلاثون يوماً، فإن استمر الدم حتى كملت الأربعين يوم ، والدم معها، فإن هذا الدم الزائد يعتبر دماً فاسداً بعد الأربعين، وتصلي وتصوم وتحل لزوجها، وتتحفظ في هذا الدم بالقطن ونحوه، وتتوضأ في كل وقت لكل صلاة، كما تفعل المستحاضات، المستحاضات غير الحيض، المستحاضات التي يستمر معهن الدم بعد الحيض، والحُيَّض شيء والمستحاضات شيء آخر، الحُيَّض هن اللاتي يجلسن فوق الحيض المعتاد، يقال لها حائض، التي يأتيها الدم في وقتها المعتاد يعتبر دمها حيضاً فهذه تسمى حائض، لا تصلي ولا تصوم ولا تحل لزوجها، والمستحاضة هي التي تصاب بدمٍ زائد حال الحيض، يستمر معها، هذا الدم الزائد يسمى استحاضة، إذا جاء تغتسل، تصلي وتصوم ، وإذا جاء وقت الحيض المعتاد وقفت عن الصلاة والصوم وحرمت على زوجها حتى تنتهي أيام الحيض، هذه النفساء كذلك، مثل الحائض، في وقت النفاس، وقت الدم في النفاس لا تصلي ولا تصوم ولا تحل لزوجها، فإذا ذهب هذا الدم لشهرٍ أو عشرين يوماً طهرت واغتسلت وصلت وصامت وحلت لزوجها، ولو ما كملت الأربعين، وهذا الدم الذي ليس فيه خلق الإنسان ليس له حكم الولد، لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين كل هذا، أما إذا كان فيه خلق الإنسان فإنه يعتبر جنيناً ويكون لها حكم النفاس، لكن إذا كان ما نفخت فيه الروح، ما تحرك في بطن أمه، لا بأس أن يدفن في عرض البيت، في حفرة في الحوش، لا حرج؛ لأنه ما صار له حكم الأموات حينئذٍ، ما نفخت فيه الروح ، ما بعد تحرك في بطن أمه ليس له حكم الأموات، لكن حكم الإنسان في وجوب النفاس، في حكم النفاس فقط، أما إذا نفخت فيه الروح ، تحرك ثم ولدته ميت، أو حياً ثم مات، هذا يغسل ويصلى عليه ، يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين، هذا الذي ينبغي، هذا هو تفصيل هذه المسألة. 
 
2- سمعنا في حلقة ماضية مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز لقاء، وقد قال في هذا اللقاء: أن المرأة إذا طهرت قبل الأربعين، فلها أن تصلي وتصوم، لكن لو عاد إليها الدم خلال الأربعين، فهل يعتد بصومها الذي صامته، وهل يجوز لزوجها مباشرتها في الأربعين؟
نعم، إذا طهرت المرأة في الأربعين كما تقدم تصلي وتصوم وتحل لزوجها ولو ما كملت الأربعين، لأن الحكم مناط بالطهارة، فإذا رأت الطهارة وهي بنت عشرين يوماً في النفاس أو ثلاثين يوماً في النفاس فطهارتها صحيحة، وعليها أن تغتسل غسل النفاس وتتوضأ وضوء الصلاة، تصلي وتصوم وتحل لزوجها، ولو أنها ما كملت الأربعين، بسبب وجود الطهارة، فلو عاد الدم في الأربعين، رجع الدم عليها، طهرت مثلاً في شهر، ثم جلست ثلاثة أيام أو أربعة أيام طاهرة، ثم عاد عليها الدم في الخامس والثلاثين أو السادس والثلاثين، فالصحيح أن هذا الدم يعتبر نفاساً، لا تصلي فيه ولا تصوم، ولا تحل لزوجها، لكن صومها الذي في أيام الطهارة وصلاتها صحيحة، ما تعاد، صومها الذي في أوقات الطهارة صوم صحيح، ليس عليها أن تعيده بعد ذلك، أن تقضيه، لا، صوم وقع في محله، صلاة وقعت في محلها، فالصوم صحيح، والصلاة صحيحة، وكون زوجها باشرها في ذلك كذلك لا حرج عليه، لأنه باشرها في وقت الحل، وقت الطهارة، أما بعد رجوع الدم في الأربعين، فإن هذا الدم الذي رجع، قال بعض أهل العلم: أنه مشكوك فيه، والصواب: أنه ليس مشكوكاً فيه بل هو دم نفاس، يعتبر دم نفاس، مثل الدم الذي يعود في وقت الحيض، فلا تصلي ولا تصوم، فإذا مضت الأربعون ولم ينقطع قد تقدم أن هذا الزائد يعتبر دماً فاسداً بعد الأربعين، تصلي وتصوم فيه وتعتبره دم استحاضة، عليها أن تتحفظ فيه بقطن ونحوه، وتتوضأ في وقت كل صلاة، وتصلي الصلوات في أوقاتها، أو تجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء لا بأس، وتحل لزوجها كما تقدم، والجمع بين الصلاتين ، الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء أفضل للمستحاضات ومن في حكمهن هو أفضل لهن مع ذلك أن يغتسلن، في الظهر والعصر غسلاً واحدا، والمغرب والعشاء غسلا واحدا، والفجر غسلاً واحدا، إذا تيسر ذلك، كما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم بعض المستحاضات. .... لكن إذا صامت مثلا عشرة أيام خلال الأربعين في رمضان ثم عاد عليها الدم خلال الأربعين، هل يعتد بصومها الذي.....؟ يعتبر صومها صحيح، يعتبر صومها صحيح ولا تقضيه لأنه وقع في وقت الطهارة، وهو صوم صحيح.   
3- أُصلِّي جميع الفروض ما عدا صلاة الفجر، فهي تفوتني كل صبح، إلا ما شاء الله تعالى، وأنا في حيرة من أمري وقلق من هذه الحالة التي أنا فيها، ومشغول، يقول: أرجو أن أجد حلا لمشكلتي هذه؟
هذه المشكلة ليست لك وحدك، بل معك فيها ناس كثير، وشباب كثير، وغير شباب أيضا، وهو التأخر عن صلاة الفجر، ولهذا أسباب من أهمها ومن أخطرها: السهر وعدم النوم المبكر، هذا هو السبب الوحيد الغالب على الناس يسهرون لمشاهدة التلفاز، أو لأسبابٍ أخرى، فإذا سقط في آخر الليل نائماً عجز أن يقوم في آخر الليل حتى، ولو كان عنده ساعة تنبه لا يسمعها، حتى ولو جاءه منبهون يعجزون عنه بسبب ثقل النوم وغلبته عليه، فالعلاج الوحيد لهذا الأمر-مع سؤال الله التوفيق والإعانة- العلاج الوحيد هو عدم السهر، أن ينام المؤمن مبكراً، وأن لا يضر نفسه بمشاهدة التلفاز حتى يمضي عليه الليل الكثير، أو يشتغل بأشياء أخرى من سماع أغاني أو سماع قيل وقال من أصحابه وزملائه،أو موانع أخرى تمنعه من النوم المبكر، وإذا عالج الأمر بهذه الطريقة -إن شاء الله- ييسر، أنت يا أيها السائل الواجب عليك أن لا تسهر، وأن تنظر في الأسباب التي منعتك من القيام، فإن كانت الأسباب أنك تتأخر في النوم، تسهر، فاتق الله، وبادر بالنوم في أول الليل، بعد صلاة العشاء، بادر بالنوم حتى تستطيع القيام لصلاة الفجر وتصلي مع المسلمين في جماعة المسلمين، وهذا واجب عليك، والتساهل بهذا محرم، ومن التشبه بالمنافقين، فالمنافقين لا يأتون الصلاة إلا جبارى ولا يشهدون العشاء والفجر، هذه من أعمالهم الخبيثة، فالواجب على المسلم أن يحذر مشابهة المنافقين، وأن يجتهد في أداء فريضة الله في أوقاتها مع إخوانه المسلمين، هذا كرجل، والمرأة كذلك عليها أن تتقي الله وأن تجتهد في أداء الصلاة في وقتها بعد طلوع الفجر، قبل الشمس، ولا يجوز أبداً لأحدٍ من الناس أن يؤخرها بعد طلوع الشمس، كما يفعل بعض الناس يؤخرها فإذا قام لعمله بعد طلوع الشمس صلَّى، هذا غلط عظيم، ومنكر كبير، لا يجوز لا للرجل ولا للمرأة، ليس للرجل أن يؤخر ذلك حتى يقوم للدراسة، أو للعمل، ثم يصلي بعد طلوع الشمس، هذا لا يجوز،هذا محرم ، قد ذهب جمع من أهل العلم إلى أن من فعله كفر، لأن تأخير الصلاة عن وقتها كفر إذا تعمد ذلك؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر. هكذا بعض الطالبات تؤخر صلاة حتى تقوم للدراسة بعد طلوع الشمس، وهذا أيضاً منكر ولا يجوز، والواجب عليها بتقوى الله وعلى أهله التنبيه على آباءهن وأمهاتهن، وعلى إخوانهن التنبيه على ذلك، وعلى آباء الشباب كذلك، وأمهات الشباب، كل هذه أمورٌ عظيمة يشترك فيها أهل البيت في إثمها، إذا لم يتعاونوا على زوالها والمسلمون شيء واحد، وأهل البيت شيء واحد يجب أن يتعاونوا في نصيحة المتخلف، والأخذ على يديه حتى يستقيم على طاعة الله وأداء فرائضه، هذا هو الواجب على الجميع، فإن كان هناك أسباب أخرى غير السهر، فالواجب عليك أن تعالجها وأن تنظر ما هي الأسباب كأن النوم يطير عنك في أول الليل ما تنام، اسأل الأطباء لعل عندهم دواء يزيل عنك هذا القلق، وهذا السهر، ويحصل لك الراحة والطمأنينة حتى تنام، وإن كان هناك علل أخرى عالجها، وإن كنت ليس عندك من يوقظك، فاجعل عندك الساعة المعروفة المنبهة وأكد فراش على الوقت المناسب الذي هو وقت الأذان، أو قرب الأذان حتى تسمعها وتقوم، على كل حال واجب العلاج، والعلاج لا يخفى على العاقل ، العلاج واضح ، تارةً بالساعة ، تارة بالمنبهين، تارةً بعدم السهر، الواجب العلاج على الرجل والمرأة على جميع الناس، على الشباب والشيب، على البنات والعجايز، على جميع، ليس هذا خاص بأحدٍ دون أحد، الواجب على الجميع أن يعالجوا ما يقع لهم من هذا التأخر وأن ينظروا في الأسباب حتى تزال هذه الأسباب التي تقتضي التأخر حتى لا يصلي إلا بعد الشمس، هذا منكر عظيم، يجب أن يعالج من ابتلي به الوضع حتى يصلي الصلاة في وقتها مع الجماعة إن كان رجلا، وحتى تصليها المرأة في بيتها في وقت قبل طلوع الشمس، وأسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.   

633 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply