حلقة 52: حكم من شك في هل صام رمضان بداية شبابه أم لا - بنات الأخ من الرضاع - هل على المفطر في السفر كفارة - هل الجنابة تبطل الصيام أم لا - حكم استقبال رمضان والتهاني بقدومه - تأخير قضاء رمضان - التهاون والتكاسل في الصلاة

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

2 / 50 محاضرة

حلقة 52: حكم من شك في هل صام رمضان بداية شبابه أم لا - بنات الأخ من الرضاع - هل على المفطر في السفر كفارة - هل الجنابة تبطل الصيام أم لا - حكم استقبال رمضان والتهاني بقدومه - تأخير قضاء رمضان - التهاون والتكاسل في الصلاة

1- كان العلم قليلا في قديم الزمان، وكان العلماء قليلون أيضاً، وقد قال لي أهلي: إن الشاب لا يصوم من رمضان إلا العشر الأيام الأولى، وإنني لا أدري هل صمت العشر الأيام الأولى أم صمت الشهر كله، فهل يجب علي القضاء أم لا يجب؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعـد : فلا ريب أن صوم رمضان فريضة، على كل مكلف من المسلمين من الذكور والإناث، وهو أحد أركان الإسلام الخمسة، فإذا كانت السائلة لم تصم رمضان أو العشرين الأخيرة من رمضان بعد بلوغها الحلم فإن عليها القضاء، والبلوغ يكون بأحد أربعة أمور في حق المرأة ، يكون بالحيض ، ويكون بإتمام 15 سنة ، ويكون بالإنبات ، إنبات الشعر الخشن حول الفرج أو العانة، ..... الشعرة ، ويكون بالأمر الرابع وهو الإنزال، إما في اليقظة ، إنزال المني عن شهوة ، أو في النوم وهو الاحتلام ، فإن وجد واحد من هذه الأربعة صارت المرأة مكلفة، تجب عليها الصلاة والصوم والحج مع الاستطاعة، فإذا كانت السائلة قد تركت شيء من رمضان بعد بلوغها فعليها القضاء، ولا يلزم الترتيب ، بل تقضيه ولو مفرقاً ، وعليها إطعام مسكين عن كل يوم في أصح قولي العلماء عن تأخيرها ذلك الصيام ، نصف صاع من تمر أو رز أو حنطة أو شعير أو زبيب ، أو غيره من قوت البلد، وعليها التوبة والاستغفار عما جرى من التأخير ، فإن التأخير معصية ، تأخير الصوم عن رمضان معصية ، فعليها التوبة والاستغفار عن ذلك ، والتوبة يمحو الله بها ما قبلها ، إذا كانت توبة صالحة نصوحا محا الله بها ما قبلها.  
 
2- لي أخ من الرضاعة وله ثلاث بنات، هن: معزية بنت حسن، وفاطمة بنت حسن، وجميلة بنت حسن بن سالم بن قاسم، وأخي المذكور متوفى قبل والده وصرنا عصبة، هل البنات لي محرم، وأجوز لهن محرم أم لا؟
إذا كان أخو السائل قد ارتضع من أم السائل خمس رضعات فأكثر ، أو السائل رضع من أمه وهو حسن هذا إذا ارتضع من أمه خمس رضعات فأكثر فإنه يكون أخاه وتكون بناته بنات أخٍ من الرضاعة ، محارم، فإذا تيقن هذا بأن كانت أم السائل أرضعت حسن المذكور فإنه يكون أخاه من الرضاعة أو زوجة أبيه أرضعته حسن المذكور خمس رضعات فأكثر، أو أم حسن أرضعت السائل خمس رضعات فأكثر فإن السائل يكون أخاً لحسن هذا ، ويكون عماً لبناته وعماً لبنات بناته وهكذا، يكون عمهن من الرضاع، ويكون محرماً لهن ، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- : (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب). أما إذا كانت الرضعات أقل من خمس ، أو كانت الرضعات فيها شك ، ما يدرى هل ارتضع أو لم يرتضع وإنما يقال أنه أخوه من الرضاعة، من غير جزم ، هذا لا يكن محرماً للسائل ولا يكون عماً لهن ، إن لم يرضع عن ثابت بشهادة المرضعة الثقة ، أو شهادة غيرها من الثقات أن أم حسن أرضعته، أو أن أمه أرضعت حسن فصار أخاً له ، أو زوجة أبيه ، أو زوجة أبي حسن أرضعته ، هذا هو الحكم في هذه المسألة. فالواجب التثبت في الأمر حتى إذا ثبت الرضاع فإنه يكون عماً لبنات حسن المذكور ، وهكذا بناتهن وبنات أولادهن هو عمهن. 
 
3- سافرت في رمضان وأفطرت يوماً فما هي كفارته؟
إذا كنت أفطرت في السفر فعليك القضاء فقط وليس عليك كفارة، إن أفطرت في السفر فلا حرج ، بل سنة ، يقول الله -عز وجل- : وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [(185) سورة البقرة]. فالله وسع ويسر -سبحانه وتعالى-، ورخص للمسافر والمريض أن يفطرا، فإذا سافرت إلى جهةٍ من الجهات فأفطرت يوماً أو أكثر فعليك القضاء، ولا كفارة عليك، إلا إذا تأخر القضاء إلى رمضانٍ آخر ولم تقض فعليك القضاء بعد رمضان مع إطعام مسكين عن كل يوم، نصف صاع من تمر أو الرز أو غيره من قوت البلد عن التأخير ، أفتى به جماعة من الصحابة -رضي الله عنهم وأرضاهم-، وهو أصح قولي العلماء ، يعني تقضي يومك الذي أفطرته وتفدي فدية، تكفر بإطعام مسكين إذا كان القضاء تأخر إلى ما بعد رمضان أخر-......  
 
4- هل الجنابة تبطل الصيام أم لا ؟
الجنابة لها حالان: إن كانت الجنابة وقعت في الليل ، يعني جامع أهله في آخر الليل مثلاً ، ثم أصبح قبل أن يغتسل فلا حرج ، الصوم صحيح ، والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان يأتي أهله ....... ويغتسل بعد الصباح -عليه الصلاة والسلام-. أما إن كانت الجنابة في النهار ، بأن جامع أهله في النهار ، فهذا آثم، وعاصٍ لربه -عز وجل-، والصوم يبطل، وعليه كفارة ، إذا كان تعمد ذلك عليه كفارة، عتق رقبة ، فإن عجز صام شهرين متتابعين ، فإن عجز أطعم ستين مسكينا، لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، هذه هي الكفارة في حق من أتى أهله في رمضان، في النهار ، وصومه يبطل وعليه قضاء على ذلك اليوم الذي جامع فيه أهله في النهار. أما إذا كان الجماع في الليل ولكن أصبح جنباً لم يغتسل فلا حرج في ذلك.  
 
5- ما حكم استقبال رمضان والبشارة به والتهاني به من قبل الأصدقاء والرفاق؟
رمضان شهر عظيم ، شهر مبارك يفرح به المسلمون، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه يفرحون به ، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يبشر أصحابه بذلك ، فإذا فرح به المسلمون واستبشروا به ، وهنأ بعضهم بعضاً بذلك فلا حرج في ذلك كما فعله السلف الصالح؛ لأنه شهر عظيم ومبارك يفرح به ، لما فيه من تكفير السيئات، وحط الخطايا والمسابقة إلى الخيرات، في أعمال صالحة أخرى.  
 
6- لقد تركت بعض الأيام من شهر رمضان في العام الماضي وأنا محرج، حيث سيداهمني، أو يداهمني رمضان هذا العام، وأنا لم أصم ما بقي علي من رمضان العام الماضي، فهل أصوم الذي من العام الماضي أو أتركه وأؤجله وأصوم مع المسلمين رمضان هذا العام الذي علينا؟
يلزم السائل -وفقه الله- أن يبادر بالصوم في المدة الباقية وأن يقضي ما عليه من الصوم ، هذا الواجب عليه قبل رمضان ، ولا يجوز له التأخير والتساهل ، لكن لو غلبه أمر كمرض منعه من الصوم فإنه يصوم بعد رمضان ، وعليه إطعام مسكين عن كل يوم بسبب التساهل الذي ألجأه إلى التأخير ، أما الآن فيلزمه الصوم ، يلزمه أن يبادر ويصوم ما عليه ويقضي قبل رمضان، هذا هو الواجب عليه ، إلا إذا منعه مانع كالمرض ، فما استطاع فلا بأس أن يؤجل إذا عجز بسبب المرض حتى جاء رمضان فإنه يؤجله ويصومه بعد رمضان -إن شاء الله-، وعليه إطعام مسكين عن كل يوم لأنه تساهل في التأخير قبل المرض ، إما لو أخره بسبب المرض في جميع السنة ، يعني من حين أفطر وهو في مرض، إلى الآن فيه مرض حتى جاء رمضان فلا شيء عليه إلا القضاء ، يقضي بعد ذلك، إذا عافاه الله يقضي بعد رمضان ولا شيء عليه ، أما الذي أخر الصيام تساهلاً وعدم عناية فإن هذا عليه التوبة والاستغفار، وعليه أن يقضي ويطعم إذا أخره إلى ما بعد رمضان، أما إذا صام في رجب أو في شعبان لا بأس، ما عليه شيء ، يصوم ولا حرج عليه. 
 
7- ما حكم من ترك الصلاة تكاسلاً حتى يخرج وقتها، هل عليه إثم في ذلك، وهل تنطبق عليه صفات المنافقين؟
تأخير الصلاة جريمة عظيمة، ومنكر عظيم، وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أن من ترك الصلاة عمداً حتى خرج وقتها أنه يكفر بذلك، كفر أكبر، وردِّة عن الإسلام – نعوذ بالله –، ويحتجون على هذا بما ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة). رواه مسلم في الصحيح. فهذا ظاهره أنه يكفر بذلك إذا أخرها حتى يخرج وقتها، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: (العهد الذين بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر). وقال : (رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله). فتأخيرها جريمة عظيمة، ومنكر عظيم، فالذي مثلاً يؤخر الفجر حتى يصليها الضحى، هذا منكر عظيم، يجب أن يصليها قبل طلوع الشمس، ويهتم بذلك، وهو مع كونه أتى جريمة قد تشبه بالمنافقين، وقد كفره جماعة من أهل العلم بذلك، فالواجب على المسلم أن يعتني بالصلاة، وأن يؤديها في وقتها مع المسلمين في جماعة في المساجد، وليس له تأخيرها أبداً، لا مع المسلمين ولا في البيت، بل يجب أن يبادر حتى يؤديها في الوقت مع المسلمين في مساجد الله، والمرآة كذلك عليها أن تبادر بأن تصلي الصلاة في وقتها، في بيتها، ولا يجوز لها التأخير كما تفعل بعض الطالبات تؤخر الصلاة حتى تقوم بعد طلوع الشمس للمدرسة، هذا لا يجوز، هذا منكر عظيم، وهكذا بعض المدرسات تؤجل الصلاة، صلاة الفجر إلى أن تطلع الشمس ثم تقوم للتدريس وللصلاة، هذا منكر عظيم، يجب أن تصلى الصلاة في وقتها، قبل طلوع الشمس، وإذا كانت يغلبها النوم فيجب أن تتخذ ما يعينها على اليقظة، مثل ساعة منبهة تؤقت على وقت الصلاة، أو تستعين بأهل البيت حتى يوقظونها حتى تصلي الصلاة في وقتها، وهكذا العشاء لا تؤخر إلى بعد نصف الليل، وقت العشاء ينتهي إلى نصف الليل، هذا وقتها الاختياري، وكذلك المغرب لا تغرب حتى يغيب الشفق، فتصلى قبل الشفق، والشفق الحمرة التي في المغرب، يجب أن تصلي المغرب قبل ذلك، قبل أن يغيب الشفق، وهكذا الظهر لا تؤجل حتى يصير الظل كل شيء مثله بعد ظل الزوال بل تصلى في أول الوقت بعد الزوال، والأصل أن لا تؤجل حتى تصفر الشمس بل تؤدى في وقتها، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- كان يؤديها في وقتها، ولما سئل عن ذلك صلَّى الصلاة يوماً في أول وقتها، ثم صلاها في آخر وقتها، يعني الصلاة الخمس، ثم قال: (الصلاة بين هذين الوقتين). والله يقول -سبحانه-: إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا [(103) سورة النساء]. يعني مفروضة بالأوقات، فالله يخبر أنها مفروضة بالأوقات، فلا يجوز لأهل الإسلام أن يؤخروها عن أوقاتها، بل يجب أن تؤدى في وقتها، ويروى عن عمر -رضي الله عنه- ما يدل على الشدة في ذلك، وهو فيما قال -رضي الله عنه-، وثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال -عليه الصلاة والسلام- : (من حافظ على الصلاة كانت له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليه لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف، -نسأل الله العافية). هؤلاء كبار الكفار وصناديدهم – نعوذ بالله –. قال بعض أهل العلم : إنه يحشر من ضيع الصلاة مع هؤلاء لأنه إذا ضيعها من أجل الرياسة حشر مع فرعون، وإن ضيعها من أجل الوزارة ونحوها حشر مع هامان وزير فرعون، وإن ضيعها من أجل الشهوات والنعم والمال حشر مع قارون الذي أعطاه الله المال فبطر وتكبر وعصى نبي الله موسى فخسف الله به وبداره الأرض – نسأل الله العافية – عقوبة عاجلة مع النار، وإن ترك الصلاة وضيعها بسبب أعمال التجارة والبيع والشراء حشر يوم القيامة مع أبي بن خلف تاجر أهل مكة، فالواجب على أهل الإسلام الحذر غاية من التساهل بالصلاة، والواجب على تؤدى في أوقاتها، المرأة تؤديها في الوقت، والرجل يؤديها في جماعة في المساجد، ولا يجوز التشبه بالمنافقين في التساهل بالصلاة، وعرفت أن بعض أهل العلم يقولون أن من تركها تهاوناً حتى خرج وقتها كفر بذلك، وهذا قول صحيح. ترك الصلاة تهاون وتساهل بها كفر أكبر - نسأل الله العافية – لأن السنة تؤيده. السنة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تؤيد هذا القول، فإن الباب فيه حديث صحيح كما تقدم، فيجب على المسلم أن يحذر هذا الأمر الخطير، وأن يحافظ على الصلاة في وقتها، وأن يستعين على ذلك بكل ما يستطيع من ساعةٍ وغيرها حتى يؤدي الصلاة في وقتها مع إخوانه المسلمين، وحتى تؤدي المرآة صلاتها في وقتها، في بيتها قبل خروج الوقت، فهي عمود الإسلام، وهي أهم الفرائض بعد الشهادتين، -نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق-.  

574 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply