حلقة 117: تارك الصلاة هل يصلى عليه إن مات - الضم والإرسال في الصلاة - جمع الصلوات من دون عذر - الصلاة على التربة - حكم الغناء - حكم المضاربة - لحم الحمار والضفدع والحصان

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

17 / 50 محاضرة

حلقة 117: تارك الصلاة هل يصلى عليه إن مات - الضم والإرسال في الصلاة - جمع الصلوات من دون عذر - الصلاة على التربة - حكم الغناء - حكم المضاربة - لحم الحمار والضفدع والحصان

1-  أرجو أن تبينوا لنا ما حكم تارك الصلاة، وهل يجوز أن يصلى عليه إذا مات؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فإن الصلاة عمود الإسلام، وهي أهم الفرائض وأعظم الواجبات بعد الشهادتين, وقد اختلف العلماء-رحمهم الله-في تاركها تهاوناً وكسلاً وهو يقر بوجوبها وأنها حق وأنها فرض ولكنه يتساهل في تركها, فذهب جمع من أهل العلم إلى أنه لا يكفر ولكن يكون قد أتى إثماً عظيماً ومعصية عظيمة أعظم من الزنا, والسرقة, وأعظم من الربا, واللواط وشبه ذلك. وذهب آخرون من أهل العلم إلى أنه يكفر بذلك كفراً أكبر، وهذا هو القول الصواب وهو الحق أنه يكفر كفراً أكبر لأدلة كثيرة منها قوله- جل وعلا- عن أهل النار لما سئلوا: مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (المدثر:43), فدل ذلك على أن من ترك الصلاة فليس من أهل الجنة، بل هو من أهل النار، ومنها قوله- صلى الله عليه وسلم-:(رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة)، ومتى .... تلك العمود سقط ما عليه، ومنها قوله- عليه الصلاة والسلام-: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)، رواه مسلم في صحيحه, وهذا كفر معرف بآل وشرك معرف بآل, وذلك يدل على أنه الكفر الأكبر والشرك الأكبر، أخرجه مسلم في صحيحه، ومنها ما رواه الإمام أحمد, وأهل السنن بإسناد صحيح، عن النبي-صلى الله عليه وسلم-أنه قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، في أدلة كثيرة أخرى، وعلى هذا لا يصلى عليه, ولا يغسل, ولا يكفن, ولا يدفن في مقابر المسلمين بل يخرج في أي جهة من الجهات ويدفن كما يدفن غيره من الكفرة حتى لا يتأذى الناس بنفسه وجيفته, هذا هو الصواب في هذه المسألة الخطيرة التي كثر فيها اليوم الكلام, وقل والعياذ بالله من يحافظ على الصلاة في الجماعة وفي وقتها عند من هداه الله، المقصود أن ترك الصلاة أمر خطير فإن كان عن جحد لوجوبها فهذا كافر بالإجماع, أما إن كان تهاوناً وكسلاً فالصواب أنه كافر كفراً أكبر، وقد كثر كما تقدم من فعل هذا الأمر, ومن تكاسل عن الصلاة فالواجب الحذر، الواجب الحذر ، الواجب على من يدعي الإسلام أن يتقي الله وأن يحافظ على الصلاة في وقتها، وأن يؤديها في الجماعة طاعة لله ورسوله فإن الصلاة من حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع نسأل الله السلامة.  
 
2- هل يجوز سبل اليدين أثناء الصلاة أم التكتف وأيهما أصح؟
القبض في السنة وهو أن يضم يده اليمنى على يده اليسرى على صدره هذا هو السنة وهذا هو الأفضل, ولو أرسل يده على جنبيه صحت صلاته لكنه مكروه, والأفضل والسنة أن يضع يمينه على شماله على كفه اليسرى ورسغه وساعده لما ثبت في الحديث الصحيح عن وائل بن حجر - رضي الله عنه - قال: (رأيت النبي-صلى الله عليه وسلم –يضع يده اليمنى على كفه اليسرى الرسغ والساعد إذا كان قائماً في الصلاة)، وفي صحيح البخاري-رحمة الله عليه- عن سهل بن أبي حازم عن سهل بن سعد-رضي الله عنه- أنه قال:(كان الرجل يؤمر أن يضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة)، قال أبو حازم: ولا أعلمه إلا ينمي ذلك- يعني يرفع ذلك-إلى النبي-صلى الله عليه وسلم , فهو يدل على أن وضع اليمين على الشمال في الصلاة على صدره هو السنة وهو الأفضل، وجاء في هذا عدة أخبار عن النبي-صلى الله عليه وسلم -.  
 
3- إن بعض إخواننا المصلين يجمعون في أوقات الصلاة مثلاً صلاة الظهر مع العصر، وصلاة المغرب مع العشاء، وصلاة الصبح لوحدها، أي أن صلاتهم هذه تصبح في ثلاثة أوقات في اليوم الواحد، هل هذا جائز أم لا؟
هذا لا يجوز, الواجب أن تصلى الصلوات في أوقاتها الخمسة فالظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، والفجر في وقتها، هكذا وقتها الله- عز وجل- وصلاها جبرائيل بالنبي - صلى الله عليه وسلم – هكذا, والنبي-صلى الله عليه وسلم-لما سئل عن ذلك صلاها بالناس هكذا, صلى الظهر حين زالت, وصلى العصر حين صار ضل كل شيء مثليه، وصلى المغرب بعدما مضى وقت قبل أن يغيب الشفق، وصلى العشاء قبل نصف الليل، وصلى الفجر بعدما أسفر جدا وقال الصلاة بين هذين الوقتين ، فلا يجوز للمؤمن أن يخالف ما شرعه الله ورسوله وليس له أن يجمع الصلاتين الظهر والعصر والمغرب والعشاء إلا بعذر كالمرض والسفر والمطر أما من غير عذر فلا.  
 
4- هل يجوز الصلاة على التربة وما فائدتها أثناء الصلاة؟
كأن السائل يريد التربة التي يعتادها الشيعة وهي حجر يزعمون أنهم أتوا به من كربلاء يسجدون عليه، هذا بدعة لا أصل له ولا يجوز أن يصلى عليه، ولكن لا تبطل الصلاة، إن وضع جبهته وأنفه عليه لا تبطل لكنه بدعة لا يجوز فعله, وهذا مما أحدثه الشيعة وغلطوا فيه الله يهديهم ويعيذنا وإياهم من الشيطان المقصود أن هذا بدعة، وليس للمؤمن أن ينقل التربة من مكان إلى مكان يصلي عليها بل يصلي على ما تيسر, إن كان على الحصبة صلى على الحصبة, إن كان في الرمل صلى في الرمل, إن كان المسجد مفروش صلى على فراش وليس له أن يحمل حجراً أو طيناً أو قطعة خشب أو غير ذلك يسجد عليها لا، هذا من البدع التي لا دليل عليها.  
 
5- هل يمكن أن يشيد الإنسان صدقة جارية ويهبها لأحد الأصدقاء أو الأقرباء غير الأب والأم وهل يمكن أن يصل أجرها إليه؟
قول السائل أن يشيد صدقة جارية معنى التشييد لم أفهمه, فإن كان المراد بالتشييد التسبيل والتوقيف بأن يسبل ويوقف ويحبس قرضاً تكون صدقة جارية, أو عمارة تكون صدقة جارية, أو دكان يعني حانوت يكون صدقة جارية هذا لا بأس يسبله ويجعل غلته لأبيه, أو أمه, أو أقاربه تنفعهم، الصدقة تنفع الميت والحي جميعاً, أو يجعل غلته في إصلاح المساجد, أو في مواساة الفقراء والمحاويج, أو في قضاء دين المدينين, أو في بناء أرفقة للفقراء وما أشبه ذلك هذه يقال لها صدقة جارية، ويقال لها وقف،ويقال لها إسبال, ويقال لها حبس، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية, أو علم ينتفع به, أو لد صالح يدعو له)، أما إن كان المراد بالتشييد الإخراج يعني البلوغ إجمالاً المال يعني يخرج نقود, أو طعام, أو ملابس من ماله يتصدق به على بعض أصدقائه, أو على بعض أقربائه, أو على بعض جيرانه المحتاجين, أو على غيرهم فكذلك لا بأس بهذا، والأجر يلحق، الأجر يلحق الميت والحي، إذا أخلصها لله ونوى التقرب إلى الله بذلك فإنه ينفعه ما أخرجه من نقود, أو ملابس, أو أطعمة, أو لحوم إذا أعطاها بعض الفقراء, أو بعض الأصدقاء للتقرب إلى الله, أو لأنه فقير, أو ما أشبه ذلك من الأسباب الشرعية كل هذا ينفع الميت والحي. 
 
6- نويت الذهاب لمقابلة والدتي القادمة من خارج المملكة للحج، فهل يجوز لي أن أنوي بعد ذلك أداء الفريضة معها مع أن النية الأولى هي لمقابلة الوالدة وليس لأداء الفريضة؟
إذا توجه الإنسان إلى جدة مثلاً بقصد مقابلة الوالدة أو غيرها من الحجاج والسلام عليها ولا ينوي الحج ولا عمرة ولا شيء ثم بدا له أن ينوي الحج معها فليحرم من جدة مثلاً، ولا حرج عليه، لأنه ما نوى إلا في جدة, أما إذا كان نوى الحج قبل أن يأتي جدة أو نوى العمرة فهذا يحرم من ميقات بلده، كأن يأتي من طريق المدينة، يحرم من المدينة, ومن طريق الساحل يحرم من الجحفة رابغ، ومن طريق الطائف يحرم من ميقات الطائف وهكذا، أما الذي قصد جدة ولا يريد حجاً ولا عمرة وإنما جاء ليقابل بعض القادمين ثم بداً له أن يحرم فلا بأس يحرم من جدة ولا حرج عليه. 
 
7-  نرجو منكم توضيح الآيات أو الأحاديث التي تحرم الغناء؟
نعم يقول الله- جل وعلا- في كتابه المبين: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (لقمان:7)، قال أكثر أهل العلم إن المراد بلهو الحديث الغناء، فهو لهو الحديث، وقال بعضهم إضافة إلى ذلك أيضاً أصوات المزمامير, والملاهي كالعود, والطنبور, وشبه ذلك، هذا هو لهو الحديث المحرم، وهو من أسباب الضلالة عن سبيل الله، والإضلال؛ فإن القلوب إذا تشبعت بالأغاني مرضت, وقست, وانحرفت, ووقعت في الضلال والإضلال, وثقل عليها سماع القرآن, واستكبرت عن سماعه, فهو يفضي بأهله إلى فساد القلوب وانحرافها, وتثاقلها عن سماع القرآن, وأنسها بالغناء والفحش من الكلام، حتى قال عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-:"إن الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع"، هذا يبين لنا خطر الأغاني وشرها وآلات الملاهي, وقد جاء في المعنى أحاديث تدل على تحريم الأغاني والملاهي, ومن ذلك ما رواه البخاري في الصحيح عن النبي-صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحراء, والحرير, والخمر, والمعازف) فالحر هو الفرج الحرام الزنا، والحرير معروف، وهو محرم على الرجال، والخمر معروف وهو كل مسكر, والمعازف الأغاني والملاهي, فأخبر أنه يأتي في آخر الزمان قوم يستحلونها وهي محرمة، لضعف إيمانهم وقلة مبالاتهم, ولا حول ولا قوة إلا بالله.
 
8- هل يمكن أن أعطي شخصاً مالاً ليتاجر به ويعمل فيه لوحده والفائدة تقسم بيننا، نرجو توضيح ذلك من ناحية الحلال والحرام بالنسبة لي أنا الذي لم أشاركه في العمل؟
هذه الشركة يقال لها المضاربة, وقد فعلها أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -, وهي جائزة بإجماع المسلمين ليس فيها نزاع, يجوز للإنسان أن يدفع مالاً لآخر يعمل فيه يتجر فيه بأنواع التجارة ويكون الربح بينهما, أو يكون الربع للمالك وثلاثة أرباع للعامل أو العكس على ما اتفقا عليه فيكون فيه جزء مشاع معلوم هذا لا حرج فيه, أنصافاُ, أو أثلاثاً, أو أرباعاً أو غير ذلك المعنى بجزء مشاع معلوم, لكن لا يجوز أن يقول اعمل فيه على أن يكون لك مائة ريال كل شهر, أو خمسين ريال كل شهر أو ألف ريال، لا بد أن يكون جزء مشاع لك الربع, لك الثلث, لك النصف, لك السدس, والباقي لي، أو يقول لي أنا أيها المالك صاحب المال، لي السدس لي الخمس والباقي لك أيها العامل كل هذا لا بأس به أو الربح بيننا فلا بأس. 
 
9- حلال أم حرام لحم الحمير, والضفادع, والحصان؟
أما الحمير والضفادع محرم, فالرسول خطب الناس وأخبرهم أن الحمر الأهلية حرام، وقال: إنها رجس وأجمع العلماء على تحريمها الحمر الأهلية المعروفة، أما حمر الوحش ..... هذه لا بأس بها، المعروفة لها شكل آخر من الصيد، أما الحمر التي بيننا...... التي يحمل عليها فهذه يقال لها الحمر الأهلية, ويقال الحمر الإنسية, وقد حرمها النبي - صلى الله عليه وسلم -, وخطب الناس في ذلك مرات وبين لهم حكمها وأنها رجس, وأجمع المسلمون على تحريمها، وهكذا الضفادع نهى عن قتلها ولما نهى عن قتلها دل على تحريمها, أما الحصان فلا بأس به،خيل حل لنا الرسول-صلى الله عليه وسلم -نهى عن الحمر الأهلية وأذن في لحوم الخيل، قالت أسماء بنت أبي بكر- رضي الله عنها- نحرنا على عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - فرساً ....في المدينة فأكلناه, فهذا يدل على أن الخيل لا بأس بها، ولكن بعض أهل العلم يكرهها إذا كان لها حاجة وقت الجهاد، أما إذا كان ما هناك حاجة والمسلمون في غنية عنها فإنها لا بأس أن تذبح وتؤكل, أما إذا دعت الحاجة إليها في الجهاد فالأولى تركها للجهاد وعدم ذبحها ليستعين بها المسلمون في جهاد أعدائهم. 
 
10- نحن نسمع بأن من مات غرقا أو حرقا لم تمسه النار، نرجو رأي الدين في ذلك؟
نعم ثبت عن النبي-صلى الله عليه وسلم -في عدة أحاديث أنه أخبر أن الذي يموت بالغرق, أو بالطاعون, أو بالبطن (بالإسهال) أنه شهيد, المطعون شهيد، والمبطون شهيد، وصاحب الغرق شهيد، وصاحب الهدم شهيد، والمقتول في سبيل الله شهيد، والميت في سبيل الله شهيد، في عدة شهداء آخرين، وهذا من فضل الله-جل وعلا-يعني يكون لهم ميزة في الأجر ثواب جزيل، لكن أفضلهم الشهداء في سبيل الله الذين يقتلون في سبيل الله هم أفضلهم, لا يغسلون, ولا يصلى عليهم؛ لأنهم أحياء عند ربهم يرزقون، وأما الشهداء الآخرون غير الشهداء في سبيل الله, كالمبطون, والمطعون وصاحب الهدم, والغرق هؤلاء يغسلون, ويصلى عليهم, ويلحق بهم من يموت نانقلاب السيارات أو بصدام السيارات فإن هذا يشبه الميت في الهدم، فيرجى لهم الشهادة, ولكن يغسلون ويصلى عليهم مثل الذي يموت بالبطن, والغرق. 
 
11- هل الاستماع إلى المسلسلات والأفلام والغناء التي تذاع من محطات التلفزيون والإذاعات العربية والأجنبية حرام أم حلال؟
هذا فيه تفصيل إذا كانت المسلسلات مما يذاع غيرها في فيديو أو غيره سليمة تشرح أمراً ينفع الناس في الدين والدنيا، كأن تذكر تاريخ غزوة من غزوات النبي-صلى الله عليه وسلم -, أو تذكر تاريخ عمل إسلامي، أو تراجم إسلامية, أو تذكر شيئاً من المصانع النافعة للمسلمين أو ما أشبه ذلك، فهذا لا بأس به، وهكذا الفيديو الذي يسجل شيئاً نافعا للمسلمين من أحاديث دينية قرآن، أحاديث عن اختراعات نافعة، أشعار جليلة طيبة عربية، في الجود، في الشجاعة، في الإحسان إلى الفقراء، في الجهاد في سبيل الله في غيرها من طرق الخير هذا لا بأس به، أما إذا كانت المسلسلات ونحوها من الفيديوهات ونحوها مما يضر المسلمين كعرض الصور الخليعة, والأغاني, و أشباه ذلك فهذا لا يجوز؛ لأنه يضر المسلمين, ويسبب انحراف أخلاقهم, وربما أفسد عقائدهم, فلا يجوز الاستماع لذلك. 
 
12-   هل يقصد بقول الله تعالى: (( قلْ هلْ يسْتوي الذين يعْلمون والذين لا يعْلمون )) [الزمر:9] وقوله صلى الله عليه وسلم: العلماء ورثة الأنبياء علماء الطب أو الكيمياء أو غيرهم، أم يقصد فقط علماء الشريعة؟
المقصود الآيات التي في العلم أو الأحاديث التي في العلم كلها عند أهل العلم علوم الشريعة, علوم الكتاب والسنة هي التي فيها الفضل العظيم والخير الكثير، وأما ما يتعلق بعلوم الطب, والهندسة والاختراع, والجيولوجيا, وأشباه ذلك من العلوم لها أهلها وعلى حسب مقاصدهم يكون حكمهم, فمن تعلم الهندسة, أو الطب لينفع المسلمين, وليغنيهم عن أعدائهم, فهذا مأجور على حسب نيته، وهكذا من تعلم اختراع شيئاً من آلات الحرب لينفع المسلمين، أو تعلم الجيولوجيا أو شبه ذلك لينفع المسلمين قصده نفع المسلمين فهذا له أجره، لا يكن حكمه حكم علماء الشريعة لكن يكن له أجر على نيته, أما إن تعلمها للدنيا ومقاصد الدنيا أن يأكل, ويتوظف, ويعيش فهذا مباح لا له ولا عليه؛ لأنه مأمور بالكسب مأمور بطلب الرزق؛ لكن لا يكن كمن تعلمها ليأكل الحلال, ويستغني عن الحاجة إلى الناس, أو ينفع المسلمين ويغنيهم عن أعدائهم فالنية تختلف, فمن تعملها لينفع المسلمين فله أجر, ومن تعلمها ليستغني بها عن الحرام ويكسب الحلال فله أجر، ومن تعلمها لا لقصد إلا مجرد أن يعيش ويأكل ويشرب ما همه حلال ولا غيره, ولا همه نفع المسلمين ولا غيره إنما تعلمها لمصالحه الدنيوية فقط، الدنيا فقط فهذا..... أنه مباح فقط.  
 
13-    لي أصدقاء أعزاء علي، ودامت بيني وبينهم صداقة دامت عدة أعوام، وكنت أزورهم في منزلهم كل صباح، علما أنهم ليس لي بهم صلة رحم بل صداقة وأتردد عليهم كثيرا، وطبعا بدون أي قصد علاقة شريفة، وفي يوم من الأيام واجهتني مشكلة من شخصين لهم صلة بأصدقائي، أي أقصد الأسرة التي كنت أتردد في زيارتهم، فقالوا لي: لماذا تتردد على أهلنا أنت عندك قصد غير شريف! فتلون وجهي وتشردت أفكاري! علماً بأنني متزوج وعند وصولي إلى منزلي سألتني زوجتي لماذا تلون وجهك، وكنت اليوم غير طبيعي؟ شرحت لها الموقف وحلفت أمامها ألا أزور أصدقائي في منزلهم مرة أخرى، علما بأنني أعمل في المملكة العربية السعودية، ووصلني من هؤلاء الأصدقاء ثلاث خطابات، ولكن مشكلتي هي أنني حلفت بالحرام، أي علي الحرام ألا أصل هؤلاء الأشخاص في منزلهم، فما رأي الدين في ذلك؟
ما دام الأمر على ما قلت, وأنك تزورهم لله وفي الله محبة في الله فليس هناك أسباب محرمة وإنما زيارة محبة, وزيارة شريفة ليس فيها محذور شرعاً فإنه لا حرج عليك أن تزورهم, وعليك كفارة يمين عن التحريم الذي قلت, قلت: علي الحرام لا أزورهم إذا كنت قصدت منع نفسك في زيارتهم فعليك كفارة اليمين, وهي إطعام عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، تمر, أو رز, أو غيرها، أو تكسوهم كسوة قميص, أو إزار ورداء فيكفي هذا، هذا إذا كان القصد منع نفسك من زيارتهم, أما إذا كانت المقصود تحريم زوجتك وأنها حرام عليك إن زرتهم قصدت هذا فعليك أن تعتق عبد أو عبدة, فإن لم تستطع تصوم شهرين متتابعين, فإن لم تستطع تطعم ستين مسكيناً ثلاثين صاعاً، كل مسكيناً ثلاثين صاع ، كل صاع بين اثنين كل واحد له نصف الصاع، قبل أن تمسها هذا إذا كان قصدك تحريمها, أما إذا كان المقصود إنما هو منع نفسك من زيارتهم شددت على نفسك بهذا لتمتنع من زيارتهم ما قصدت تحريم زوجتك فهذا يكفي فيه كفارة اليمين والحمد الله. 
 
14-    إنني مقيم في الأردن، أما مشكلتي فهي أنني عندما عزمت على السفر إلى الأردن، أقسمت يميناً قاطعاً على نفسي بأنني لن أدخن طوال مدة غيابي في الأردن، وقد وضعت القرآن الكريم على جبهتي، وبعد ذلك وجدت نفسي أنني أدخن، فما حكم الإسلام في ذلك؟
عليك التوبة إلى الله, من التدخين لأنه محرم فلا يجوز ضرره كثير عظيم, فعليك يا أخي أن تتوب إلى الله وأن تندم على ما فعلت, وأن تعزم على ألا تعود في ذلك، وعليك كفارة اليمين عن الحلف، إطعام عشرة مساكين, أو كسوتهم، عشرة تطعمهم على نصف صاع تمر, أو رز، أو تعشيهم, أو تغديهم, أو تكسوهم كسوة يكفي هذا, وعليك التوبة إلى الله من التدخين والحذر منه لأن شره كثير ومضاره عظمية هداك الله وأرشدك. 
 
15-    إنه طلق زوجته ولم يعلمها، واجتمعت بها بعد أن طلقتها ثم أرسلتها إلى منزل والديها، ثم سافرت حيث أعمل، بعد ذلك أرجعتها هاتفياً، لكنني ما زلت لم أكتب الرجعة، وهي الآن بمنـزلي، فهل يمكن لي الجماع بها عندما أعود وذلك قبل أن أكتب الرجعة أم لا؟
ما دام الطلاق طلقة واحدة ليس قبلها طلقتان فلك مراجعتها وجماعها مراجعة ولكن الأفضل أن تكون النية عند الجماع نية المراجعة، المقصود نويت في المراجعة والحمد لله وهي زوجتك الآن ولو أشهدت على المراجعة لكن أفضل وأحسن وإذا نوى الإنسان المراجعة بجماعه كان ذلك كافياً والحمد لله هي زوجتك ومضى عليها طلقة وبقي طلقتان، أما إن كان مضى لها طلقتان فهذه تكون الثالثة ما تصلح. أيها الأخوة في الله باسمكم جميعاً نشكر سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز....  

652 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply