حلقة 130: كلمة بمناسبة أول يوم من رمضان - هدي الصحابة في استقبال رمضان - بعض الخصائص والميزات التي اختص الله بها رمضان - الحكمة من الصيام - كيف تصوم الجوارح في رمضان؟ - لماذا اختص الله الصوم من بين سائر العبادات ؟

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

30 / 50 محاضرة

حلقة 130: كلمة بمناسبة أول يوم من رمضان - هدي الصحابة في استقبال رمضان - بعض الخصائص والميزات التي اختص الله بها رمضان - الحكمة من الصيام - كيف تصوم الجوارح في رمضان؟ - لماذا اختص الله الصوم من بين سائر العبادات ؟

1- هل من كلمة بمناسبة أول يوم من رمضان ؟

بسم الله والحمد لله, وصلى الله وسلم على رسول الله, وعلى آله وأصحابه أما بعد: فإني أوصي إخواني في هذا الشهر الكريم بتقوى الله- عز وجل-, وأن يعتنوا بصيامه, ويصونوه من كل ما يجرحه من سائر المعاصي القولية والفعلية, لقول النبي-صلى الله عليه وسلم-في الحديث الصحيح: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)، وقوله- عليه الصلاة والسلام-: (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)، وقوله-صلى الله عليه وسلم-: (الصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث, ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم)، فالمؤمن في هذا الشهر الكريم يجتهد في أنواع الخير, من القراءة للقرآن والإكثار منها من ذكر الله- عز وجل-, بالتسبيح, والتهليل, والتحميد, والتكبير, من الصدقات للفقراء والمساكين, من كثرة الصلاة النافلة في الليل والنهار إلى غير هذا من وجوه الخير, مع الدعوة إلى الله إن كان عنده علم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وعيادة المريض, واتباع الجنائز إلى غير هذا من وجوه الخير يجتهد في أنواع الخير، يقول النبي- صلى الله عليه وسلم- يقول الله-عز وجل-: (كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف يقول- سبحانه-: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي، للصائم فرحتان، فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)، الصائم له شأن له فرحة عندما يفطر عندما أباح الله له الأكل والشرب يفرح بذلك، وأن الله-جل وعلا-أعانه على أداء الصيام, ويسر له تناول ما شرع الله له من الإفطار, ويفرح يوم القيامة بصومه لما له من الأجر العظيم في ذلك والخير الكثير, فينبغي للمؤمن أن يجتهد في إتقان هذا الصيام وصيانته وحمايته من كل ما يجرحه من فعل المعاصي, وكذلك ينبغي له أن يستكثر من أنواع الخير ولا سيما قراءة القرآن فإنه يشرع في هذا الشهر الكريم العناية بالقرآن الكريم, والإكثار من تلاوته, وفي الحديث الصحيح عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: (من قرأ حرفاً من القرآن فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: آلم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف)، ويقول-صلى الله عليه وسلم-: (اقرؤوا هذا القرآن فإنه يأتي شفيعاً لأصحابه يوم القيامة)، ويقول-صلى الله عليه وسلم-: (يؤتى بالقرآن يوم القيامة وبأهله الذين يعملون به تقدمهم سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن صاحبهما)، فالقرآن حجة لصاحبه أو عليه حجة له إن أدى حقه واستقام على ما فيه من الأوامر وترك النواهي فهو حجة له، ومن أسباب دخوله الجنة، وأما إن أضاعه ولم يقم بالواجب بأن ارتكب المحارم وقصر في الأوامر فهو حجة عليه، وصيامنا نعمة من الله علينا عظيمة، نعمة عظيمة، فالمشروع لكل مسلم وكل مسلمة أن يصوم هذا الصيام حتى يجد ثوابه كاملاً لقوله-صلى الله عليه وسلم-: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً-إيماناً بأن الله شرعه واحتساب الأجر عنده- سبحانه وتعالى-غفر له ما تقدم من ذنبه)، (ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)، (ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)، فهذا فضل عظيم، وثواب كثير, فأوصي إخواني جميعاً من الرجال والنساء بتقوى الله والحذر من محارم الله في هذا الشهر الكريم, والعناية بأنواع الطاعات والاستكثار منها مع صيانة الصيام وحفظه مما يجرحه، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية والقبول.  
 
2- للسلف الصالح سماحة الشيخ هدي في استقبالهم لهذا الشهر الفضيل، كيف كان هدي الصحابة-رضوان الله عليهم- في استقبالهم لهذا الشهر؟
يستقبلونه بالفرح والسرور والتواصي بالعمل الصالح فيه؛ لأنه شهر عظيم هبة من الله إدراكه، كان النبي- صلى الله عليه وسلم- يبشر أصحابه ويقول: أتاكم رمضان شهر مبارك، شهر مبارك ، شهر جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعا، فالمؤمن يستبشر بهذا الشهر ويجتهد في أداء الأعمال الصالحة فيه ويفرح به كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يبشر أصحابه به- عليه الصلاة والسلام-.
 
3- اختص الله-عز وجل-هذا الشهر بخصائص ومميزات، حبذا لو حدثتمونا عن بعضها؟
الشهر العظيم له خصائص من أن الله جعل صيامه من أسباب تكفير السيئات, وهكذا قيامه من أسباب تكفير السيئات لمن صامه وقامه إيماناً واحتساباً، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا، روي في الحديث( إن الله أعطى هذه الأمة خمس خصال لم تعطها أمة من قبلها)، فخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا، ويزن الله كل يوم جنته، ويقول يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم المؤنة والأذى ويصلون إليك، ويغفر لهم في آخر ليلة، قيل يا رسول الله أهي ليلة القدر قال لا: ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا قضى عمله، فالمؤمن في هذا الشهر يغتنم الفرصة بأنواع الأعمال الصالحات بأنواع الذكر, بالصدقة بفعل أنواع الخير، بقراءة القرآن والاستكثار من ذلك بالتدبر والتعقل.  
 
4- لا شك أن للصيام معانٍ سامية عظيمة، فنسأل يا سماحة الشيخ ونقول: ما هو الغرض من الصيام؟.
الغرض من الصيام هو التقرب إلى الله-جل وعلا-وترك الشهوات التي كان يحتاجها طاعة له، وتعظيماً له, وتقرباً إليه بما شرع-سبحانه وتعالى-؛ لأن الله يحب من عباده أن يتقربوا إليه بترك ما تحبه نفوسهم طاعة له وتقرباً إليه، فإن من طبيعة الإنسان محبة الأكل والشرب, والاتصال بأهله فالله -جل وعلا- فرض عليه ترك ذلك في أيام الصيام تقرباً إليه، وابتلاء وامتحاناً له، هل يؤثر محاب الله أو يؤثر هواه، فإذا وفقه الله لإيثار محاب الله وطاعته -سبحانه وتعالى-, وصيانة صيامه عما حرم الله عليه كان ذلك دليلاً على قوة إيمانه, وقوة يقينه، ورغبته بما عند الله- عز وجل-. 
 
5- كيف تصوم الجوارح في رمضان؟
صيام الجوارح كفها عن محارم الله، إذا صام الإنسان يصوم لسانه عن محارم الله, يصوم بصره يغضه عن محارم الله، يده يكفوها عن محارم الله، رجله لا يمشي بها إلى محارم الله، وهكذا مثلما قال جابر-رضي الله عنه- يقول: "إذا صمت فليصم سمعك, وبصرك, ولسانك عن الكذب والمحارم, ودع أذى الجار وليكن عليك وقار وسكينة, ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء، ويقول-صلى الله عليه وسلم-في الحديث الصحيح: (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه), فالمؤمن يصوم جوارحه عن الظلم والتعدي, ويغض بصره عن المحارم, وسمعه عما لا يحل له، ولسانه عما لا يحل له.  
 
6- لماذا اختص الله-عز وجل-الصوم من بين سائر العبادات بقوله: (الصوم لي وأنا أجزي به)؟
استنبط بعض أهل العلم من هذا أنه سر بينه وبين الله فاختصه الله بنفسه؛ لأنه شيء لا يعلمه إلا الله، لو أكل أو شرب, أو جامع ما درى عنه أحد من الناس إلا زوجته إذا جامعها, ولو أكل في محل خاص أو شرب لم يعلمه أحد إلا الله، فإذا ترك هذه الأشياء في السر والجهر مراقبة لله، وطاعة لله وتعظيماً له فالله- سبحانه- يقدر له هذا التعظيم وهذه العناية ويدخر له فضل هذا العمل العظيم وجعله خاصاً به سبحانه (الصوم لي وأنا أجزي به)، جعل الله له فيها كرامة وزيادة في الأجر؛ لأنه سر بين الله وبين عبده-سبحانه وتعالى-.
 
7- الصيام هل هو لأمة محمد- صلى الله عليه وسلم- أم لجميع الأمم؟
مشروع لجميع الأمم، قال الله- سبحانه-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(البقرة:183) ، فهو كتب علينا كما كتب على من قبلنا, وذلك من رحمة الله وإحسانه إلى عباده أن يصوموا ويتقربوا إليه بترك شهواتهم طاعةً له وتعظيماً له, فيجازيهم أحسن الثواب وأجزله-سبحانه وتعالى-.
 
8- رجل عليه صيام ليوم واحد، وجاء رمضان ولم يصم، ماذا يعمل؟
يؤجل فإذا خرج رمضان يصوم اليوم الذي عليه، ويطعم مسكين كما أتى به جماعة من الصحابة-رضي الله عنهم-عن تأخيره إذا كان أخره بغير عذر, أما إن كان مريض جاء رمضان وهو مريض ما برئ في السنة كلها فهو معذور يقضيه ولو بعد ذلك ولا شيء عليه، لكن إذا أخره تساهلاً فإنه يقضي اليوم أو الأيام ويطعم عن كل يوم مسكيناً كفارة زيادة مع التوبة إلى الله, والندم, والإقلاع, وعدم العودة إلى التأخير.
 
9- من رأى شخصاً يفطر ناسياً هل يذكره بالإمساك؟
نعم ينبهه إذا رآه يأكل أو يشرب ينبهه ويقول أنت صائم، تنبه لأنه منكر، منكر ظاهر وإذا كان يغفر له لأجل نسيانه، لكن لا يغفر لمن حضر ألا ينبهه.
 
10- هل هناك نصيحة حول شهر رمضان المبارك ؟
أضيف الوصية السابقة، الوصية للعلم بهذا الشهر، العناية بتقوى الله, وأن يحذر ما حرم الله عليه في هذا الشهر الكريم, وأن يبذل وسعه في الإكثار من الأعمال الصالحات التي يستطيعها في هذا الشهر الكريم؛ لأنها فرصة عظيمة.

405 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply