حلقة 134: حساب التطليقات السابقة - لا يزول اسم البكر بمجرد العقد - إذا أشترط على الزوج ألا يتزوج على زوجته - من بقي في منى مدة هل له قصر الصلاة؟ - تصح الصلاة خلف العاصي - دعاء الميت ليشفي المريض - تفسير قوله تعالى لقد تاب الله على النبي

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

34 / 50 محاضرة

حلقة 134: حساب التطليقات السابقة - لا يزول اسم البكر بمجرد العقد - إذا أشترط على الزوج ألا يتزوج على زوجته - من بقي في منى مدة هل له قصر الصلاة؟ - تصح الصلاة خلف العاصي - دعاء الميت ليشفي المريض - تفسير قوله تعالى لقد تاب الله على النبي

1- المرأة إذا طلقت طلقة واحدة أو طلقتين وعاد زوجها إليها بعقد جديد، هل تحتسب عليه الطلقات السابقة؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فإن المطلقة إذا كانت رجعية وهي التي طلقت طلقة واحدة أو طلقتين على غير مال وقد دخل بها، فإنها تعود إليه على بقية الطلاق، لا يبقى له إلا ما بقي من الثلاث، فإن كان طلقها واحدة عادت إلى طلقتين وإن كان طلقها طلقتين عادت على طلقة لم يبق لها إلا طلقة هذا الذي عليه أهل العلم. وإذا طلقت بائناً ثم عاد إليها بعد زوج، هل تحتسب عليه الطلاق السابق. كذلك ولو عاد بعد نكاح من زوج آخر إذا كان لم يطلقها إلا طلقة فإنها تعود عليه بطلقتين, وإن كان طلقها طلقتين تعود بطلقة؛ لأن الزوج الجديد لا يهدم الطلاق السابق إذا كان أقل من ثلاث وإنما يهدمه إذا كان ثلاثاً, وأما إذا كان أقل من ثلاث فإنه لا يهدم البقية عند جمهور أهل العلم, بل ترجع إليه على ما بقي لها من الطلاق، حتى ولو كان بعد زوج.   
 
2- إذا طلقت البكر قبل الدخول، هل تكتب عند العقد عليها مرةً ثانية لزوجٍ ثاني هل تكتب بكراً أم ثيباً؟
نعم بكراً، إذا كان لم يدخل بها فهي بكر، والعقد الجديد الذي طرأ عليها وهو لم يدخل بها لا يخرجها عن بكارتها ما دامت لم يدخل بها، فهي على بكارتها.  
 
3- إذا شرط الولي على الزوج ألا يتزوج على موليته ثم فعل، هل يحق للزوجة أن تطلب الفسخ بدون عوض؟
نعم إذا شرط عليه ألا يتزوج عليها فالشرط صحيح على الأصح من أقوال أهل العلم، ولها الفسخ إذا تزوج عليها، وإن رضيت فالحمد لله.   
 
4-  إذا كان الحاج قادماً لمدة طويلة إلى منى قبل أيام الحج، وبقي فيها إلى نهاية الحج، هل يقصر الصلاة أم ماذا يفعل؟
إذا قدم الحاج قبل عرفة بأيام فإنه يفصل فإن كان قبل خروجه إلى منى بأربعة أيام فأقل فإنه يقصر كما فعل النبي-صلى الله عليه وسلم-فإنه قدم-صلى الله عليه وسلم-في حجة الوداع في اليوم الرابع، صبيحة اليوم الرابع من ذي الحجة ولم يزل يقصر حتى سافر-عليه الصلاة والسلام-أما إذا كان قدم قبل ذلك الذي قدم في أول ذي الحجة أو قبل ذلك فإن الجمهور على أنه يتم أربعا ولا يقصر؛ لأنه قد أقام إقامة طويلة فإن بينه وبين يوم التروية وهو يوم الصعود إلى منى بينه وبينها أيام أكثر من أربعة أيام فعلى هذا يتم أربعاً عند جمهور أهل العلم.  
 
5-  إذا كان الحاج رمى في اليوم الأخير الجمرة الوسطى حصاتين معاً، والجمرة الأخيرة حصاتين معاً، هل عليه فدية أم فديتان؟
فدية واحدة، الرمي كله لا يوجب إلا فدية واحدة، فإذا ترك الرمي كله، بأن ترك بعضه بأن ترك رمية جمرة واحدة من الجمرات الثلاث, أو ترك رمي يوم كامل كله ليس فيه إلا فدية واحدة يتداخل بعضه في بعض، لكن ذكر العلماء أنه إذا كان المتروك حصاة واحدة أو حصاتين من الجمرة الأخيرة فإنه يعفى عنها عند جمع من أهل العلم, وإن ترك ثلاثاً لم يعف عن ذلك بل يكمل فإن فات الوقت فعليه دم, وبكل حال فالجمرات تتداخل إذا تركه كله أو ترك رمي يوم من أيام التشريق غير اليوم الثالث، بأن ترك رمي الحادي عشر أو الثاني عشر, أو ترك جمرة واحدة يعني سبع حصيات, أو أربع حصيات, أو خمس حصيات, أو ثلاث حصيات فإن عليه دم. ويلاحظ في مسألة الرمي، أن الدم إنما يجب عند فوات الوقت, أما ما دام الوقت موجوداً فإنه يكمل, لكان لو كان فات الوقت بأن انتهت أيام منى ولم ينتبه إلا بعد ذلك فهذا هو محل الدم، أما لو نبه في أيام التشريق فإنه يرجع ويكمل ما فاته.   
 
6- سمعت فتوى بأن الصلاة تصح وتجوز خلف شارب الدخان وحالق لحيته، ولكنها لا تصح ولا تجوز خلف المسبل، فوجدت حرجاً في نفسي إذا دخلت مكاناً فيه شخصٌ مسبل، فإنني لا أصلي خلفه حتى وإن كان في المسجد، ولا أصف وراءه ولا بجانبه، واستدل من أفتاني على هذا بأن هناك حديثاً يقول فيه الرسول- صلى الله عليه وسلم-: (إن الله لا يقبل صلاة مسبل)؟
الصواب الذي عليه المحققون من أهل العلم أن العاصي تصح الصلاة خلفه كما تصح صلاته في نفسه, سواء كان العاصي شارب دخان, أو شارب خمر, أو مرابياً, أو عاقاً, أو مسبلاً, أو غير ذلك, ولكن ينبغي للمؤمن أن يختار الإمام الصالح إذا كان عنده مساجد يختار الإمام الصالح ويصلي خلف الإمام الصالح فإن الصلاة خلفه أكمل وأتم, وأما صلاته خلف العاصي فهي صحيحة ولكن ينبغي ألا يقر العاصي، ينبغي أن يسعى في إزالته إذا لم يقبل النصيحة, أولاً ينصح يوجه الخير وينصح فإن هداه الله فالحمد الله و إلا فينبغي الاتصال بمن له الأمر حتى يزال وحتى يعين من هو خير منه، أما الصلاة فصحيحة ولو كان مسبلاً على الصحيح، فإن ما جاء من الوعيد في حق المسبل لا يمنع من صحة صلاته ولا يمنع صحة الصلاة خلفه, وعلى كل حال لا يجوز له الإسبال لا في الصلاة ولا في خارجها، ولكن الصلاة خلفه صحيحة، وصلاته صحيحة، لكنه آثم. وهذا الحديث الذي سمعناه، هذا الحديث رواه أبو داود وغيره ولا بأس به، ولكنه من باب الوعيد.    
 
7- الصلاة في مكة وفي بيوتها هل هي مضاعفة مثل الصلاة عند الكعبة؟
نعم الصواب أن المضاعفة تعم الحرم كله، حرم مكة ولكن فعلها حول الكعبة يكون أفضل من جهة الجمع كثرة الجمع من جهة أنه محل متفق عليه من جهة الفضل، ولكن من جهة عموم المضاعفة فالصواب أنها تعم، تعم جميع مساجد مكة وحرم مكة كله إلى الأميال إلى حدود الحرم؛ لأن الكل يسمى بنفس الحرم، جميع الحرم يسمى المسجد الحرام، فالصلاة فيه مضاعفة؛ لكنها فيما حول الكعبة ومع الجماعة التي حول الكعبة مع الإمام الذي يكون في نفس الحرم يكون أفضل ذلك أفضل وأكمل لقربه من الكعبة, ولأن محل متفق عليه ولكثرة الجمع.  
 
8- ما حكم المسح على الشراب الخفيف؟
الشراب لا بد أن يكون ساتراً صفيقاً فإذا كان خفيفاً يرى من ورائه اللحم يظهر من روائه صفت اللحم هل هو أسود, أو أحمر, أو كذا هذا لا يجوز المسح عليه؛ لأن حكمه حكم العدم وجوده كعدمه, فلا بد أن يكون الشراب ساتراً صفيقا يستر ماً تحته.  
 
9- إذا كان عند شخص زوجة وطلقها، فهل له أن ينكح أختها في عدتها، وإذا ماتت فهل له أن يتزوجها في الحال
إذا طلق امرأة فليس له نكاح أختها, ولا عمتها, ولا خالتها إلا بعد العدة بعد انتهاء العدة إن كانت رجعية فهذا بإجماع المسلمين ليس له أن يتزوج أختها, ولا عمتها, ولا خالتها, إلا بعد انتهاء العدة؛ لأن الرجعية زوجة، أما إذا كانت بائناً طلاقاً بائناً كانت الطلقة الأخيرة من الثلاث, أو مطلقة على مال المخلوعة فهذا فيه خلاف ولكن الأرجح أنه لا يتزوجها إلا بعد انتهاء عدة أختها, أو بنت أختها, أو بنت أخيها، أما إذا ماتت فهذا لا بأس أن يتزوجها ولو بعد يوم أو يومين من موتها، إذا كانت الزوجة ماتت فقد انتهت عدتها بالموت، انتهى الزواج بالموت، ففي هذه الحال لا حرج أن يتزوج أختها, أو عمتها, أو خالتها, للحاجة من حين ماتت الزوجة.  
 
10- إذا اجتمعت جنائز رجل وامرأة وطفل: فأيهما يقدم إلى الإمام؟
السنة أن يقدم إلى الإمام الرجل، ثم الطفل الذكر, ثم المرأة، تكون إلى جهة القبلة المرأة ويكون وسطها عند رأس الرجل، حتى يكون موقف الإمام من الجميع موافقا للسنة, فيوضع الرجل عند قرب الإمام, ثم يليه الطفل الذكر, ثم يليه المرأة هذه السنة, والمرأة إلى جهة القبلة, والرجل يكون إلى جهة الإمام, ويكن وسط المرأة مساوياً لرأس الرجل.  
 
11- كنت مدرساً للطلاب لتحفيظ القرآن الكريم في إحدى القرى المجاورة براتب شهري، والراتب يدفع لي من قبل آباء الطلبة، وبعد فترة قصيرة تبين لي بأن هذا الراتب من مال حرام، ومع علمي بهذا استمريت في الدراسة لمدة ستة أشهر، أرجو إفادتي ما حكم هذا الراتب الذي تقاضيته في هذه المدة، وهل لي أجر في هذه الدراسة أم لا؟
إذا علمت أنه من مال حرام فلا تأكله ولا تأخذه, والذي دخل عليك تصدق به على الفقراء أو يصرف في مشروع خيري, وإن أكلت السابق الذي لم تعلم به فأرجو ألا يكون عليك شيء لأنك لم تعلم، والله يقول- سبحانه وتعالى- في المرابي: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ(البقرة: من الآية275)، فالذي دخل عليك قبل أن تعلم أرجو ألا يكون عليك حرج في ذلك؛ لأنك لم تعلم وإن تصدقت بمقابله وسلمت منه فذلك أحوط لك، أما الذي علمته أنه حرام ثم أخذته فليس لك، بل يجب عليك أن تخرجه من مالك, وتصرفه في بعض وجوه الخير مثل الصدقة على بعض الفقراء ولا تعلمهم بشأنه, مثل صرفه في تعمير بعض دورات المياه, مثل قضاء الدين عن معسر عليه دين أو ما أشبه ذلك، ولا تأكله أنت لأنك علمت أنه حرام فليس لك أن تأكله، وأما أنت فأنت مأجور إن شاء الله على تعليم القرآن, ولك أن تأخذ الأجرة على تعليم القرآن من بيت المال, أو من الأهالي وأنت على خير إن شاء الله، يقول النبي- صلى الله عليه وسلم-:(خيركم من تعلم القرآن وعلمه)، ويقول: (إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله)، فالمعلم يباح له أخذ الأجرة على الصحيح ولا حرج عليه وهو مأجور.  
 
12- عندنا في بعض المناطق الريفية أناس يعتقدون في الأولياء حسب قولهم، فإذا مرض أي واحدٍ منهم يقطعون من أذن الماعز أو الضأن ويقولون: يا فلان! أي يدعون الميت أن يشفي هذا المريض، ويذبحون الذبائح، ويطلبون أحد القراء يقرأ لهم المولد بعد أكل هذه الذبائح، وبعضهم يذبحون في المقابر، وبعضهم في بيوتهم، من أجل هذا الولي الميت بقولهم: أحي المريض، وقد التقيت ببعض هؤلاء الناس وعرفتهم أن هذا العمل غير جائز وأن الله هو الضار والنافع، وأنه هو المحيي والمميت وهو على كل شيء قدير، فما حكم هؤلاء في هذا الاعتقاد، وما حكم الذين يقرؤون لهم الموالد، وما حكم من أكل من هذه الذبائح؟
هذا عمل خطير وجرم عظيم نسأل الله السلامة, فإن الذبح للموتى, والذبح لأصحاب القبور وما يسمونهم بالأولياء الذبح لهم, والتقرب إليهم بالدعاء وطلب المدد كله من الشرك الأكبر, فالذي يذبح لأصحاب القبور, وما يسمونهم بالأولياء كالبدوي, والشيخ عبد القادر, والحسين, وما أشبه ذلك يطلبونهم المدد, ويطلبونهم العون, ويطلبونهم شفاء المرضى هذا كله شرك أكبر كله من عمل الجاهلية الأولى، من عمل قريش وأشباههم في الجاهلية هذا شرك أكبر، والذبيحة ميتة لا يجوز أكلها, ولا يجوز إقرارهم عليها بل يجب تنبيههم, وإنذراهم ,وتعليمهم أن هذا منكر وأن هذا شرك أكبر؛ لأن الله-سبحانه وتعالى-يقول: فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً(الجـن: من الآية18)، ويقول-جل وعلا-: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ(الأنعام: من الآية163)، والنسك الذبح، فكما أن الصلاة لله، فهكذا النسك والذبح لله، وقال- سبحانه-: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ(الكوثر:2)، فالنحر لله, والصلاة لله، فالذبح للأصنام, أو للأشجار, أو لأصحاب القبور لطلب المدد منهم, أو شفاء المرضى, أو ما أشبه ذلك هذا كله شرك أكبر لا من جهة الدعاء ,ولا من جهة الذبح, فالذي يذبح لهم كالذي يصلي لهم نسأل الله العافية, والميتة تكون حراماً الميتة الذبيحة تكون ميتة وحراما لا يجوز أكلها، أما مجرد إقامة المولد فهذا بدعة، إذا كان مجرد إقامة مولد الاحتفال بالموالد هذا من البدع المنكرة والرسول- عليه الصلاة والسلام- يقول: (من عمل ليس عليه أمرنا فهو رد)، ويقول-عليه الصلاة والسلام-: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، فالاحتفال بالموالد بدعة ومردودة على من أحدثها؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم -لم يفعل المولد ولا أصحابه لا خلفاؤه الراشدون, ولا غيرهم من الصحابة, ولا التابعون لهم بإحسان, والقرون المفضلة هذا شيء لا أصل له في الشرع, والواجب على أهل الإسلام تركه؛ لأن الخير في إتباع الرسول-صلى الله عليه وسلم -وإتباع أصحابه، والشر في خلاف ذلك، قال-تعالى-: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ(الشورى: من الآية21) ما لم يأذن به الله، وقال النبي-صلى الله عليه وسلم-: (إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة)، وإذا كان في المولد دعاء الميت ودعاء النبي-صلى الله عليه وسلم-والاستغاثة بالنبي-صلى الله عليه وسلم - كان شركاً أكبر، أما مجرد الاحتفال بالمولد وأكل الطعام والاجتماع على القصائد هذا بدعة منكر لا يجوز، فإذا كان فيه ذبح لغير الله, أو دعاء لغير الله كدعاء النبي, والاستغاثة بالنبي, وطلبه المدد, أو النصر, أو شفاء المرضى صار شركاً أكبر يعني صار هذا الدعاء شركا أكبر، صار المولد فيه بدعة وفيه شرك، فيجمع المولد حينئذ البدعة والشرك إذا كان فيه دعاء لغير الله, والاستغاثة بغير الله سواء كان في مولد النبي - صلى الله عليه وسلم - أو غيره مثل الموالد الأخرى مولد البدوي, أو مولد الشيخ عبد القادر، أو مولد الحسين، أو فاطمة, أو غير ذلك، كل هذه الموالد مبتدعة لا يجوز فعلها؛ لأن هذه محدثات في الدين لكن إذا كان فيها دعاء غير الله, أو أطلب المدد من غير الله, أو شفاء المرضى صار ذلك الدعاء وطلب المدد شركاً مع البدعة جميعاً نسأل الله السلامة، نسأل الله لنا ولهم الهداية. كذلك القراءة للموتى كونه يطلب قراء يقرؤون للموتى هذا أيضاً لا يجوز بدعة على الصحيح، وإنما يقرأ القاري لنفسه، ذهب بعض أهل العلم إلا أنه يجوز أن يثوب القراءة لغيره؛ لكن الصحيح أنه لا يجوز ذلك، ثم كونه استأجر هذا لا وجه له؛ لأنه لو استأجر ما له ثواب، لأنه ما قرأ إلا من أجل الأجرة فأي ثواب له وهو يقرأ من أجل الأجرة فقراءة القرآن للموتى بالأجرة هذا شيء لا أصل له، قال بعضهم أنه بغير نزاع لا يجوز.  
 
13- قال الله-تعالى-: لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ[التوبة:117]، إلى قوله-عز وجل-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ[التوبة:119]، يسأل عن تفسير الآيات القرآنية الكريمة؟
معناها واضح يخبر-سبحانه وتعالى- أنه تاب على النبي والمهاجرين والأنصار بسبب أعمالهم الطيبة واتباعهم للرسول - صلى الله عليه وسلم -ساعة العسرة وهي غزوة تبوك, فيذكر أنه تاب عليهم أنه تاب عليهم وأكد التوبة مرة أخرى بسبب أعمالهم الطيبة, وبسبب جهادهم في سبيل الله فتاب عليهم وعفا عنهم وغفر لهم- سبحانه وتعالى- بسبب أعمالهم الصالحة وتوبتهم الصادقة وهكذا الثلاثة الذين خلفوا وهم كعب بن مالك وصاحباه تخلفوا عن غزوة تبوك بسبب شيء من الكسل والتساهل حتى فاتهم الغزو وصار تخلفهم من دون العذر، فلما قدم النبي-صلى الله عليه وسلم -من تبوك وسألهم أخبروه أنه لا عذر لهم وإنما هو تساهل حتى فرط الأمر، فأمر النبي-صلى الله عليه وسلم- بهجرهم وعدم تكليمهم حتى يقضي الله فيهم، فمضى عليهم خمسون ليلة وهم مهجورون لا يكلمهم أحد، ثم أنزل الله توبتهم في هذه الآيات في قوله: وعلى الثلاثة... فتاب الله عليهم, وكلمهم النبي-صلى الله عليه وسلم-وأمر الناس وأذن لهم بتكليمهم بسبب الصدق،ولهذا قال الله تعالى: اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ، فالصدق عاقبته حميدة، والكذب عاقبته وخيمة, فهؤلاء الثلاثة صدقوا, وصبروا فتاب الله عليهم, وعفا عنهم- سبحانه وتعالى-.  
 
14- نلاحظ تناقضاً كبيراً بين المسلمين في القول والعمل، فالمسلمون الذين يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويعتادون المساجد ويؤدن الفرائض نجد من بعضهم سلوكاً يختلف عن سلوك أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم-، وعندما يسافر أحد من الناس إلى أوروبا التي أصبحت بلا دين، بعد أن تركت تعاليم الكنيسة يعود المسافر ويقول: لقد رأيت أخلاقاً أفضل من أخلاق المسلمين، فبماذا توجهون أمثال هؤلاء؟
أولاً: لا يجوز السفر إلى بلاد أهل الشرك؛ لأن السفر إليهم من أسباب الضلالة, ومن أسباب الرجوع عن الدين، ومن أسباب استماع شبههم وضلالاتهم وكيدهم للإسلام وربما ضل بأسبابهم وما يلقون عليه من الشبه, فلا يجوز للمسلم أن يسافر إلى بلاد أهل الشرك ولا للإقامة بينهم لما في هذا من الخطر العظيم, ولما يلقونه من الشبه, ولما يراه من الفساد العظيم هناك من الشركيات, والزنا, واللواط ,وسائر المعاصي الكثيرة, فربما تأثر بها وزاغ قلبه بأسباب ذلك، ولهذا قال-عليه الصلاة والسلام-: (أنا بريء من كل مسلم يقيم بين المشركين لا تراءى نارهما), وقد روي عنه-صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (من جامع مشرك أو سكن معه فهو مثله)، فيجب على المسلم أن يحذر السفر إلى بلاد أهل الشرك، والإقامة بينهم لا للتجارة ولا غيرها, فيجب الحذر ولا سيما في هذه الأوقات التي كثر فيها الشر, والفساد وانتشر فيها الكفر والإلحاد, فينبغي الحذر اللهم أن يكون ذا علم وذا بصيرة يدعو إلى الله، ويعلم الناس الخير, ويرشدهم إلى الحق فهذا معذور؛ لأنه يدعو إلى الله ويظهر دينه فهو نافع هناك، وقد يهدي الله على يده جماً غفيراً, أما الجاهل والذي ليس عنده بصيرة في دينه, فهذا يجب عليه الحذر وألا يسافر, أما كونه يغتر بأخلاقهم وأعمالهم فهذا من جملة الفساد الذي يخشى منه، وقد اغتروا بهم من جهة ما عندهم من صناعات, أو اختراعات, أو أشياء أخرى فيما بينهم اغتر هذا المسكين الجاهل الذي لا يعرف الإسلام, ولا أحكام الإسلام, وإنما يعرف بعض المسلمين, وبعض المسلمين عندهم أخلاق سيئة عندهم كذب, عندهم ربا، عندهم زنا، عندهم مسكر، ليس كل مسلم متحفظاً تاركاً لما حرم الله عليه، فقد يغتر هذا المسكين الذي سافر إلى بلاد الشرك ويرى عند بعض أولئك شيئاً من أخلاق دنيوية معيشية فيغتر بها, فيجب الحذر من السفر إليهم والإقامة بينهم, ويجب على المسلم أن يتصل بدينه, ويتمسك بدينه, ويكثر من قراءة القرآن وتدبر القرآن حتى يعرف دين الله، وهكذا يتبصر في سيرة النبي- صلى الله عليه وسلم-, وسيرة أصحابه الذين هم خير الخلق بعد الأنبياء حتى يعرف أعمالهم الطيبة, وسيرتهم الحميدة, وجهادهم الصادق, فيعلم أنهم هم أهل الخير, وهم القدوة, وهم السادة, وهم الذين الذي ينبغي التأسي بهم والسير على منهاجهم ,وإذا خالفهم من بعدهم من المسلمين في بعض الأخلاق فاللوم على من خالفهم, وتنكب طريقهم فعليك يا عبد الله أن تسلك الطريق المعروف الذي سلكه النبي -صلى الله عليه وسلم- وسلكه أصحابه في الأخلاق, والأعمال, والسيرة ولا تغتر بمن حاد عن طريقهم من المسلمين أو غيرهم، نسأل الله السلامة.  
 
15- سمعنا في الحديث: (لعن الله قوماً اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، ويحدث في كثير من الأقطار الإسلامية اتخاذ الأضرحة والمقامات لأولياء الله، وعندما ننهى عن ذلك يحتجون بأن قبر النبي صلى الله عليه وسلم، موجود بمسجده في المدينة المنورة، مما يحدث عندنا بعض الإشكال،
لا ريب أن الرسول-صلى الله عليه وسلم-قال: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، قالت عائشة-رضي الله عنها-: (يحذر ما صنعوا)، رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين, وقال- عليه الصلاة والسلام-: (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك)، أخرجه مسلم في صحيحه، وهذه الأحاديث وما جاء في معناها كلها واضحة في تحريم اتخاذ المساجد على القبور, أو الصلاة عندها, أو القراءة عندها, أو نحو ذلك, ولكن بعض الناس قد تشتبه عليه الأمور ولا يعرف الحقيقة التي جاء بها المصطفى- عليه الصلاة والسلام- فيعمل ما يعمل من البناء على القبور, واتخاذ المساجد عليها جهلاً منه وقلة البصيرة, وأما ما يتعلق بقبر النبي- صلى الله عليه وسلم- فلم يدفن في المسجد- صلى الله عليه وسلم- الرسول -صلى الله عليه وسلم- دفن في بيت عائشة ثم وسع المسجد في عهد الوليد بن عبد الملك في آخر القرن الأول، فأدخلت الحجرة في المسجد، وهذا غلط من الوليد لما أدخلها وقد أنكر عليه بعض من حضره من هناك في المدينة, ولكن لم يقدر أنه يرعوي لمن أنكر عليه, فالحاصل أن قبر النبي- صلى الله عليه وسلم- كان في البيت بيت عائشة-رضي الله عنها-ثم أدخلت الحجرة البيت في المسجد بسبب التوسعة فلا حجة في ذلك، ثم إنه من فعل الأمير، أمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك وقد أخطأ في ذلك لما أدخله في المسجد, فلا ينبغي لأحد أن يحتج بهذا العمل، فالذي فعله الناس اليوم من البناء على القبور, واتخاذ المساجد عليها كله منكر مخالف لهدي النبي-صلى الله عليه وسلم-, فالواجب على ولاة الأمور من المسلمين إزالته أي بلد فيها ولي الأمر من أمراء المسلمين, الواجب عليه أن يزيل هذه المساجد التي على قبور، وأن يسير على السنة وأن تكون القبور في الصحراء بارزة ليس عليها بناء لا قباب, ولا مساجد ولا غير ذلك، كما كانت القبور في عهد النبي-صلى الله عليه وسلم-في البقيع وغيره بارزة ليس عليها شيء، وهكذا قبور الشهداء، شهداء أحد لم يكن عليها شيء فالحاصل أن هذا هو المشروع أن تكون القبور بارزة ضاحية ليس عليها بناء كما كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهد السلف الصالح أما ما أحدثه الناس من البناء فهو بدعة ومنكر لا يجوز إقراره ولا التأسي به ولهذا وقع الشرك لما وجد العامة والجهال من القبور المشيد عليها مساجد والقباب المعظمة والمنقوشة والمطيبة ظنوا أنها تقضي حوائجهم وتشفي مرضاهم وتنفعهم فدعوها واستغاثوا بها ونذروا لها فوقع الشرك نعوذ بالله فالغلو في القبور كله شر ولهذا قال علهي الصلاة والسلام: إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين، نسأل الله السلامة والعافية.  
 
16-   زوجتي مقيمة معي في السعودية، وتريد أن ترسل صورتها لوالدتها بمصر لتطمئن عليها، وقد سمعت فتوى بأن التصوير بألآت التصوير حرام، فهل هذا من الضرورات التي تبيح المحضورات؟
ليس هذا من الضرورة ليس لها أن ترسل صورتها إلى أمها ولا إلى غير أمها، وليس هذا ضرورة تكاتبها تكلمها في الهاتف والحمد لله، أما إرسال الصورة فلا يجوز.

387 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply