حلقة 139: علاج السحر - من يقرأ آيات للإنجاب - من طلق وهو عاقلاً مختاراً - من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها - باب التوبة مفتوح لأصحاب الكبائر - حكم من حلف أن يتزوج - الطلاق بالثلاث - حلف يمين بالطلاق

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

39 / 50 محاضرة

حلقة 139: علاج السحر - من يقرأ آيات للإنجاب - من طلق وهو عاقلاً مختاراً - من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها - باب التوبة مفتوح لأصحاب الكبائر - حكم من حلف أن يتزوج - الطلاق بالثلاث - حلف يمين بالطلاق

1- سمعت من أحد العلماء قوله: أن من يظن أنه قد عُمل له سحر عليه أن يأخذ سبع ورقات من السدر ثم يضعها في سطل ماء، ويقرأ عليها سورة المعوذات, وآية الكرسي, وسورة قل يا أيها الكافرون، وقوله تعالى: وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ(البقرة: من الآية102), وسورة الفاتحة، فما صحة هذا، وماذا يفعل من يظن أنه قد سحر؟

الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فلا شك أن السحر حق، وأنه يقع ويؤثر بإذن الله- عز وجل-كما قال-سبحانه وتعالى-: وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ- يعني ملكين- حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ(البقرة: من الآية102)، فالسحر له تأثير ولكنه بإذن الله الكوني-سبحانه وتعالى- إذ ما في الوجود شيء إلا بقضاء الله وقدره-سبحانه وتعالى-, ولكن هذا السحر له علاج وله دواء، وقد وقع على النبي- صلى الله عليه وسلم- وخلصه الله منه وأنجاه الله من شره، ووجدوا ما فعله الساحر فأخذ وأتلف وأبرأ الله نبيه من ذلك-عليه الصلاة والسلام-، وهكذا إذا وجد ما فعله الساحر من تعقيد خيوط أو ربط مسامير بعضها ببعض أو غير ذلك فإن ذلك يتلف؛ لأن السحرة من شأنهم أن ينفثون في العقد ويضربون عليها وينفثون فيها لمقاصدهم الخبيثة فقد يكون ما أرادوا بإذن الله وقد يبطل فربنا على كل شيء قدير-سبحانه وتعالى، وتارة يعالج السحر بالقراءة سواء أقرأ المسحور نفسه إذا كان عقله معه وسليم أو قرأ غيره عليه, فينفث عليه في صدره أو في أي عضو من أعضائه, ويقرأ عليه بالفاتحة, وآية الكرسي, وقل هو الله أحد، والمعوذتين, وآيات السحر المعروفة من سورة الأعراف, وسورة يونس, وسورة طه، فمن سورة الأعراف- قوله تعالى-:وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ (لأعراف:119) ، ومن سورة يونس قوله: وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ(يونس:82)، ومن سورة طه قوله- سبحانه-: )قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (طـه:69), ويقرأ أيضاً سورة الكافرون: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (الكافرون:1) إلى آخرها، وسورة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (الإخلاص:1)، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ(الفلق:1)، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (الناس:1), والأولى أن يكرر سورة قل هو الله أحد, والمعوذتين ثلاث مرات، ثم يدعو له بالشفاء اللهم رب الناس أذهب البأس اشفه أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما، ويكرر هذا ثلاثا، رب الناس أذهب البأس، اشفه أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما يعني مرضا، وهكذا يرقيه بقوله: بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك بسم الله أرقيك، ويكررها ثلاثاً، ويدعو له بالشفاء والعافية وإن قال في رقيتك: أعيذك بكلمات الله التامات من شر ما خلق وكررها ثلاثا فحسن، كل هذا من الدواء المفيد, وإن قرأ هذه الآيات والدعاء في ماء ثم شرب منه المسحور واغتسل بباقيه تروش به كان هذا من أسباب الشفاء والعافية, وإن جعل في الماء سبع ورقات من السدر الأخضر دقها وجعلها في الماء كان هذا أيضا من أسباب الشفاء, وقد جرب هذا كثيرا ونفع الله به وقد فعلناه مع كثير من الناس فنفعهم الله بذلك, فهذا دواء مفيد ونافع للمسحورين, وهكذا ينفع الدواء لمن حبس عن زوجته؛ لأن بعض الناس قد يحبس عن زوجته لأسباب ولا يستطيع جماعها فإذا أتى بهذه الآيات وهذا الدعاء فإن قرأه على نفسه أو قرأه عليه غيره ,أو قرأه في ماء ثم شرب منه واغتسل بالباقي, أو جعل عليه ورق السدر السبع وقرأ فيه ما تقدم ثم اغتسل به كل هذا نافع بإذن الله للمسحور وللمحبوس عن زوجته, والشيء بيد الله- سبحانه- إنما هي أسباب والله الموفق- سبحانه وتعالى- وكل شيء في يده سبحانه وتعالى- الدواء والداء هو كله بقضائه وقدره-سبحانه وتعالى-وما أنزل داء إلا جعل له شفاء فضلاً منه- سبحانه وتعالى- لكن علمه من علم وجهله من جهله، والله الموفق.  
 
2- من كان عقيماً ولا ينجب أطفال وقرأ الآيات التي دعى بها زكريا- عليه السلام- عندما كان عقيماً، مثل قوله تعالى: رب لا تذرْني فرْدا وأنْت خيْر الْوارثين[الأنبياء:89]، وقوله سبحانه: رب إني وهن الْعظْم مني...[مريم:4] الآية، هل هذا صحيح؟
لا أعلم لهذا أصلاً لكن إذا فعلها الإنسان لا بأس, وإن دعى بغير هذا اللهم ارزقني ذرية طيبة، اللهم هب لي ذرية طيبة وما أشبه هذا من الدعوات كله طيب، وإذا قال: رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ(الأنبياء: من الآية89), فهذا لا بأس به، لكن لا يقول: اشتعل الرأس شيبا وهو كاذب وهو شاب أبعد؛ لأن هذا ما يوافق الواقع، ولكن يقول ما يناسب الواقع, فإذا كان شيبة كبير السن صدق عليه ذلك، وأما أن يقوله وهو شاب لا، لكن يدعو ربه بما تيسر من الدعوات التي تناسب مقامه. وإذا كان على سبيل قراءة الآية؟ لا ما نعلم له أصلا، ولكن المطلوب والمشروع أنه يدعو ربه يضرع إلى الله ويسأله- سبحانه وتعالى- أن يهبه ذرية صالحة, وأن يوفقه للذرية الطيبة, وإذا أيضاً تسبب بسبب آخر وهو أن ينكح زوجة أخرى ولود قد عرف أنها من بيت يلد أهله أو أنها قد جربت قد تزوجت وجاء لها أولاد, إذا تزوج عدة نساء يطلب الأولاد لعل الله- جل وعلا- جعل في بعض تلك الزوجات من يحمل فهذا من الأسباب الطيبة.    
 
3- بعد سوء تفاهم بيني وبين زوجتي بمصر سافرت إلى العراق للعمل ثم ضاقت بي الظروف النفسية نتيجة لما أعانيه من التعب النفسي وتأنيب الضمير على ما حدث بيننا قبل أن أسافر، وتخيلت زوجتي أمامي وأنا بالعراق، ثم انفعلت بغضب، وقلت: أنت طالق ثلاث مرات، فهل يقع الطلاق في مثل هذه الحالة التي يسميها علم النفس أحلام اليقظة؟
إذا كان المتكلم بهذا عقله معه فإنه يقع الطلاق ولو كانت غائبة، فإنه تخيلها وقال: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، يتخيلها في نفسه ويتصورها أمامه, أو قال: هي طالق، هي طالق، هي طالق، أو فلانة طالق طالق طالق، يقع الطلاق، لكن على حسب ما وقع منه، إن كان قال مرة فهي مرة, إن كانت مرتين فهي مرتين إن كان ثلاث فثلاث، إذا قال: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، أو قال: هي طالق، هي طالق، هي طالق، وقع ثلاثاً، إلا أن يريد التأكيد كررها لتأكيد الكلام ما أراد الثلاث فهو على نيته لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) فهو على نيته, وأما إن كان قالها وليس له نية أو أراد الثلاث فإنها تقع الثلاث، إلا إذا كان شعوره غائباً قد فقد الشعور هذا شيء آخر، وأما ما دام عنده شعور ومعه عقل فإنه يقع.  
 
4- أنا أسكن مع زملائي وحصل نقاش بيننا فحلفت وقلت: وعلي اليمين أني لا أكل مع زملائي طوال هذه الرحلة، وفعلاً نفذت اليمين ولكن هذا منع النقاش وحصل خصام، وفي هذا يقول الحديث الشريف، عن النبي- صلى الله عليه وسلم-: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث)، فما رأي الشرع في هذا؟ علما بأنني لازلت محافظا على يميني؟
يقول النبي- صلى الله عليه وسلم-: (إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فكفر عن يمينك وأت الذي هو خير)، متفق عليه، ويقول- عليه الصلاة والسلام-: (إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير)، فأنت أيها الحالف إذا رأيت أن رجوعك إلى إخوانك وأكلك معهم أنسب وأصلح تكفر عن يمينك ولا حرج عليك، والكفارة هي إطعام عشرة مساكين عشرة عدد أصابعك تعطي كل واحد نصف صاع من التمر، أو من الأرز، أو من الحنطة من قوت البلد، وهو كيلوا ونصف تقريباً، أو تكسوهم كسوة من قميص قميص, أو إزار ورداء فإن عجزت صمت ثلاثة أيام كنت فقيراً لا تستطيع صمت ثلاثة أيام, والمقصود بهذا أنك تعمل الأصلح إن كان الأصلح عدم الأكل معهم لأنهم فساق أهل الخمور وأهل فساد فالبعد عنهم أولى وأمضي يمينك ولا ترجع إليهم والتمس أصحاباً آخرين خيراً منهم, أما إن كانوا طيبين وأكلك معهم لا يضرك في دينك فلا بأس أن ترجع إليهم وتكفر عن يمينك ولا تهجرهم، أما إن كان هجرهم حق؛ لأنهم أهل فسق أهل فساد قد أعلنوا فسادهم بشرب المسكرات, أو التظاهر بما حرم الله من الأمور الأخرى فهؤلاء يستحقون الهجر وترك صحبتهم أولى ولا حرج عليك في ذلك ولا يدخل في الحديث: (لا يحق لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث)؛ لأن الحديث إنما هو فيما يتعلق في أمور الناس فيما بينهم خصوماتهم ودنياهم, فليس لأحد أن يهجر أخاه من أجل الدنيا، أو الخصومة التي بينه وبينه أكثر من ثلاث لهذا الحديث الصحيح، أما إذا كانت الهجرة من أجل إعلان الفسوق والمعاصي وإظهار البدع فهؤلاء يهجرون حتى يتوبوا ولو أكثر من ثلاثة أيام ولو سنة ولو سنتين, وقد ثبت عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه هجر ثلاثة من الصحابة تخلفوا عن الغزو بغير عذر شرعي، فهجرهم النبي- صلى الله عليه وسلم-, وأمر الناس بهجرهم حتى مضى عليهم خمسون ليلة ثم تاب الله عليهم وأنزل براءتهم ثم تاب عليهم وأنزل توبتهم- سبحانه وتعالى- فكلمهم النبي وكلمهم الناس, فالمقصود أن الهجر إذا كان للدنيا والخصومات فإنه ثلاث فأقل، أما إذا كان لله من أجل البدع وإظهار المعاصي فهذا لا يتقيد بمدة معينة إلا بالتوبة, متى تابوا ورجعوا عن ما هم عليه من الباطل كلمهم إخوانهم وتركوا هجرهم.  
 
5- أنا أصوم وأصلي الآن لكن مضت فترة من أيام شبابي وأنا لا أصوم ولا أصلي، وارتكبت ذنوباً من الكبائر، فهل لي من توبة فقد شربت الخمر وزنيت، فهل لي من كفارة ولو صيام سنة كاملة؛ لأن هذه المنكرات كانت قبل زواجي؟
باب التوبة يا أخي حتى الآن مفتوح فالتوبة تجب ما قبلها, قال الله-تعالى-: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(النور: من الآية31)، وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (التحريم:8), وقال النبي- صلى الله عليه وسلم-:(التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، وقال-صلى الله عليه وسلم-: (التوبة تهدم ما كان قبلها، والإسلام يهدم ما كان قبله)، فإذا كنت تبت إلى ربك وندمت على ما فعلت من ترك الصلوات, من شرب الخمور, ومن الزنا ومن غير ذلك فالله يتوب عليك-سبحانه وتعالى-, فالواجب عليك الصدق في ذلك, وأن تندم على ما مضى من أعمالك السيئة, وأن تعزم على ألا تعود فيها, وتقلع منها وتحذرها خوفاً من الله وطمعاً في ثوابه والله يتوب عليك-سبحانه وتعالى-، وإياك والجزع, وإياك وسوء الظن بالله لا, أحسن ظنك بربك، يقول الله -عز وجل- فيما رواه عنه النبي- صلى الله عليه وسلم-: (أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني)، فعليك بظن الخير بربك- سبحانه وتعالى- فقد أخبر أنه يتوب على التائبين, فعليك أن تحسن الظن بربك- جل وعلا-, وترجوه فضله وإحسانه, وعليك الصدق في التوبة التي صدرت منك، أن تندم ندماً صحيحاً, وأن تقلع من الذنوب, وأن تعزم ألا تعود فيه عزماً صادقاً وإن كان عندك مظالم للناس رددتها إليهم وبهذا يتوب الله عليك، ويغفر ذنوبك كلها- سبحانه وتعالى-.  
 
6- حلف يميناً بعد شجار بينه وبين أحد أقربائه بأن قال: علي اليمين أن أتزوج، ويقول إن زوجته التي معه لم يحصل منها أي شيء، فهل لهذا كفارة أو لا بد أن أتزوج؟
أنت بالخيار إن تزوجت فلا شيء عليك إذا رأيت المصلحة في الزواج, وإن لم تر المصلحة في الزواج ورأيت أن بقاءك مع زوجتك أولى فعليك كفارة اليمين, وهي إطعام عشرة مساكين كما تقدم.  
 
7-   أقسمت على زوجتي طلاق بالثلاث بأن تخرج من منـزلي، وتكون علي حرام كأمي وأختي، مع سبق النية بأن أطلقها، وفعلاً خرجت من المنـزل وذهبت إلى أهلها، وبعد فترة من الزمن عادت إلى المنـزل بواسطة الأهل وبدون علمي، وإلى الآن لم أعاشرها معاشرة الأزواج؟
ما دمت قصدت بهذا طلاقها وفراقها فإنها هذا الطلاق يقع به واحدة إذا كان بهذا اللفظ الذي قلت، قلت طالق بالثلاث تقع به واحدة على الصحيح من أقوال العلماء، ولك الرجوع إليها ما دامت في العدة تقول راجعت زوجتي فلانة ويكفي هذا، والسنة أن يكون بحضرة شاهدين تقول هذا الكلام بحضرة شاهدين من أخيار المسلمين تقول راجعت زوجتي فلانة ويكفي إذا كنت ما طلقتها قبل هذا طلقتين إذا كان ما سبق منك شيء قبل هذا من الطلاق مرتين فإن هذا يكون واحدة, فإن كان سبق منك واحدة قبل هذا يكون هذه ثانية ولك المراجعة، فإن كان سبق منك طلقتان فهذه تكون الثالثة ولا رجعة ما دمت أردت بهذا طلاقها وفراقها بالكلية وإخراجها من البيت مطلقة، ومتى رجعت إليك؛ لأن هذا الطلاق ما قبله طلقتان فإن عليك أيضاً كفارة الظهار لأنك حرمتها أيضاً فعليك مع ذلك كفارة الظهار قبل أن تقربها وقبل أن تمسها, وكفارة الظهار هي عتق أمة أو عبد إذا تيسر ذلك لوجه الله، فإن لم تستطع ذلك تصوم شهرين متتابعين عن هذا الظهار, فإن لم تقدر على ذلك لظروفك فعليك أن تطعم ستين مسكيناً، عليك عند العجز عن الصيام إطعام ستين مسكيناً أي ستين فقير من فقراء المسلمين تعطيهم ثلاثين صاعاً كل صاع بين اثنين, والصاع أربع حفنات باليدين الممتلئتين المعتدلتين كل حفنة مد، والأربع صاع بصاع النبي-عليه الصلاة والسلام-ملء اليدين المعتدلين المملوءتين وهو معروف, أو تكسوهم كسوة كل واحد يعطى قميص, أو إزار ورداء, أو تعتق عبد أو عبدة, لكن تقدم إذ عجزت عن المقصود في هذا أن ما فيه إلا الإطعام ما فيه كسوة الكسوة هذا في كفارة اليمين، المقصود عليك في هذا إطعام ستين مسكين، كل مسكين له نصف الصاع فقط، ومقداره بالوزن كيلوا ونصف تقريباً من قوت البلد، من تمر أو أرز، أو حنطة, أو ذرة إن كانت قوت البلد، أو شعير إن كانت قوت البلد يكفي هذا، قبل أن تمسها قبل أن تقربها إذا عجزت عن الصيام وعن العتق هذا عن الظهار، أما الطلاق فعرفت أنه يقع طلقة واحدة ولك مراجعتها في حال عدتها؛ فإن كانت قد خرجت من العدة فلا بد من نكاح جديد بالشروط المعتبرة شرعاً.  
 
8- حلفت على زوجتي وأنا في حالة غضب يمين بالطلاق بالثلاث، وأن تكون محرمة علي مثل أمي وأختي، إذا ذهبت إلى منـزل والدها طول غيابي، وحتى الآن لم تذهب، وعندما قرأت حديثا عن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يدخل الجنة قاطع رحم)، أود أن أرسل لها رسالة وأقول لها: اذهبي إلى أهلك، لكن ما الحكم في يميني؟
إذا كنت أردت بذلك منعها فقط ولم ترد فراقها إن ذهبت, وإنما أردت منعها فقط من الذهاب إلى بيت والدها فهذا له حكم اليمين، وعليك كفارة اليمين إذا ذهبت ولا بأس بذلك، وإن كنت أردت إلا بإذنك ليس لها الذهاب ناوي إلا بإذنك ثم أذنت لها فلا شيء عليك, أما إذا كنت ما نويت إلا بإذنك وأردت طلاقها وتحريمها إن ذهبت فإنك إذا أذنت لها وذهبت يقع طلقة واحدة عليها في أصح قولي العلماء, وعليك كفارة الظهار إن كنت أردت تحريمها فعليك كفارة الظهار, وهي عتق رقبة عبد أو أمة مؤمنة, فإن عجزت ولم تستطع هذا العتق فصيام شهرين متتابعين, فإن لم تستطع أطعمت ستين مسكيناً ثلاثين صاعاً لكل مسكين نصف صاع وهو كيلوا ونصف تقريباً قبل أن تمسها سواء كان من رز, أو من تمر, أو من حنطة يعني من قوت البلد هذا هو الواجب عليك قبل أن تمسها ويقع عليها طلقة واحدة، إذا كنت أردت إيقاع الطلاق عليها وتحريمها، وإن كنت ما أردت الطلاق وإنما أردت المنع منعها من الذهاب فقط، فإن عليك كفارة يمين إذا ذهبت إلى والدها, إلا أن تكون أردت في قلبك إلا بإذنك، تذهب إلا بإذنك فإنك إذا أذنت لها فلا شيء عليك. والله أعلم، وينبغي لك أن تحذر هذا, هذا ما يجوز، ليس للمسلم أن يحرم أهله, وليس له أن يطلق بالثلاث فالطلاق الشرعي واحدة، يطلق واحدة فقط، ثم إذا ما طابت نفسه طلقها الثانية وهكذا أما كونه يجمع الثلاث الطلقات لا يجوز، كما أنه لا يجوز له أن يحرم زوجته بل هو منكر من القول وزور كما بينه الله في كتاب العظيم, فالواجب على المسلم أن يتقي الله, وأن يحذر ما حرمه الله عليه، ومما حرمه الله عليه الطلاق بالثلاث، والتحريم من زوجته والظهار منها، كل هذا منكر، فالواجب على كل زوج أن يتقي الله وأن يتحرى الطلاق الشرعي فيطلقها طلقة واحدة، إذا عزم على الطلاق يطلقها طلقة واحدة فقط، حال كونها طاهراً لم يجامعها وليست في حيض ولا في نفاس، هذا هو المشروع أن يطلقها في حال طهرها وعدم الوقوع بها، يعني عدم جماعها أو في حال حملها تكون حامل هذا هو الطلاق الشرعي ويكون الطلاق واحدة لا بالثلاث، وأما التحريم فلا يجوز ليس له أن يحرمها يقول أنتي حرام علي، أو هي حرام علي مثل أمي، أو أختي كل هذا لا يجوز، بل هذا مما أنكره الله على عباده وأرشدهم إلى تركه- سبحانه وتعالى-. نسأل الله للجميع الهداية.  
 
9- هل شحوم الإبل إذا وضعت بالطعام بصفة إدام تنقض الوضوم أم لا؟
الصحيح من أقوال العلماء أنها لا تنقض لأنها لا تسمى لحم، الشحم ليس بلحم والنبي صلى الله عليه وسلم قال: توضئوا من لحوم الإبل، والشحم عند العلماء ليس بلحم، وإنما اللحم الهبر المعروف ولكن إن توضأ من ذلك احتياطاً فحسن وإلا فلا يلزم. بهذا أيها الأخوة المستمعون نأتي إلى ختام هذه الحلقة والتي عرضنا فيها...  

463 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply