حلقة 143: حكم الذهاب إلى العرافين والدجالين لشراء الذرية - حكم الحديث في أمور الدنيا داخل المساجد - لم تصم منذ فترة فماذا عليها - العمرة في غير أشهر الحج هل تسقط الفريضة - حكم زواج من تزوج من ابنته من الزنا - حكم الذبح للأولياء والصالحين

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

43 / 50 محاضرة

حلقة 143: حكم الذهاب إلى العرافين والدجالين لشراء الذرية - حكم الحديث في أمور الدنيا داخل المساجد - لم تصم منذ فترة فماذا عليها - العمرة في غير أشهر الحج هل تسقط الفريضة - حكم زواج من تزوج من ابنته من الزنا - حكم الذبح للأولياء والصالحين

1-   أنا شاب أؤدي الصلاة المفروضة وأحافظ عليها والحمد لله، لكني تزوجت امرأة وخلفت منها ثلاثة أولاد، وما خلفت من ولد عاش سنتين ومات، فسمعت أناس يدعون أنهم صوفة، أي منجمين -أو صوفة- فألح علي أهل القرية أن أذهب إليهم وأشتري منهم الذرية، هذا حسب ادعائهم وأنا رفضت ذلك، وأقول إن الله هو الذي يحيي ويميت، يهب لمن يشاء الذرية

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد: فإن الذهاب إلى المنجمين والعرافين والكهنة أمر منكر في الشريعة الإسلامية، وقد حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- من ذلك، فقال -عليه الصلاة والسلام-: (من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعون يوما) خرجه مسلم في الصحيح، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم-)، فالإتيان إلى الكهنة والعرافين والمنجمين أمر منكر لا يجوز في الشريعة، وقد أصبت في امتناعك من الذهاب إلى هؤلاء المنجمين، وليس عندهم علم بهذا، فإن أمر الذرية إلى الله -سبحانه وتعالى-، هو الذي يهب لمن يشاء ما يشاء -سبحانه وتعالى-. وقد تكون هناك أمراض داخلية في رحم المرأة يمكن عرضها على الأطباء المختصين والطبيبات المختصات، فربما ظهر لهم أسباب ما يصيب الأولاد بعد الولادة، قد يكون هناك أمراض في الرحم، وأمراض داخلية تخرج معهم، وتبقى معهم حتى يموتوا، وقد يكون ذلك لأمر آخر لا يعلمه إلا الله -سبحانه وتعالى-، ولا مانع من أن تجرب امرأة أخرى أو أكثر، تتزوج امرأة ثانية ثالثة، تلتمس الذرية، ولعل الله -جل وعلا- يهبك ذرية طيبة تعيش، ولا حاجة إلى الاقتصار على واحدة، فالله قد وسع ويسر وأباح للرجل الزواج للحاجة، وأباح له أن يجمع ثنتين أو ثلاثا أو أربعا، فأنت يا أخي يمكنك أن تسبب وأن تزوج امرأة أخرى، لعل الله يهبك منها ذرية تعيش، والحمد لله، وعليك أن تقول: (إن لله وإنا إليه راجعون، قدر الله وما شاء فعل)، وقد قال الله -سبحانه-: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ[البقرة: 155-157]، وصح عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (ما من عبد يصاب بمصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم آجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها، إلا آجره الله في مصيبته وأخلفه خيراً منها). ثم يا أخي الذرية في الحقيقة هم الذين يقدمون أفراطاً هؤلاء هم الذرية، ولهذا صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (ما تعدون الرقوب فيكم) قالوا: من لا يولد له، قال: (لكن الرقوب هو الذي لم يقدم من ولده شيئاً)، وصح عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (من مات ثلاثة أفراط لم يبلغوا الحلم كن له حجابا من النار)، فأنت بحمد على خير مع الصبر والاحتساب ولكن هذا لا يمنع الأسباب، عليك أن تأخذ بالأسباب وأن تعرض المرأة على الطبيبات الطيبات والأطباء المختصين إذا لم توجد امرأة جيدة مختصة في هذا الشيء، لعل الله -جل وعلا- ييسر دواء نافعاً يحصل به الشفاء من هذا المرض، وفي إمكانك أيضا أن تتزوج امرأة ثانية وثالثة حتى يتيسر لك الذرية المطلوبة التي تعيش إن شاء الله.  
 
2- بنينا مسجداً في القرية لكن عندما يجلس فيه الناس لانتظار الصلاة يتحدثون بحديث غير ذكر الله ولا كلام الرسول، وإذا نهيناهم لا ينتهون، نرجوا من فضيلتكم أن تفتونا كيف نعمل معهم؟
مثل هؤلاء ينصحون كما فعلتم، ينصحون بأن يشتغلوا بذكر الله بقراءة القرآن بالتسبيح والتهليل بالاستغفار أو بالصمت، فالمساجد ليست محلا لهذه الدنيا، وإنما هي محل لذكر الله وقراءة القرآن والصلاة والعبادة ومذاكرة العلم، فهؤلاء ينصحون ويوجهون إلى الخير، ويبين لهم أن هذا أمر مكروه، لا ينبغي لهم أن يكون حديثهم في أمور الدنيا، بل ينبغي لهم أن يشتغلوا بشيء ينفعهم في الآخرة من ذكر الله، وقراءة القرآن، والتحدث بما ينفعهم في الآخرة، هكذا ينبغي للمؤمن. أما الشيء القليل من حديث الدنيا لا بأس، إذا تحدثوا قليلاً، أو تحدث الإنسان مع أخيه قليلا في أمر عارض من الدنيا لا حرج في ذلك، لكن كونها تتخذ مجالس لأحاديث الدنيا هذا أمر مكروه لا ينبغي. 
 
3- امرأة تبلغ من العمر ثلاثين سنة ولم تصم خلال هذه المدة، وهي لم تنكر وجوب الصيام، إلا أنها مكلفة بأعمال شاقة، وهي رعي الإبل والأغنام في البادية، فما الحكم في حالها هل تقضي الصوم أم لا؟
الواجب عليها أنها تقضي الصوم، مع التوبة إلى الله، والاستغفار والاستكثار من العمل الصالح من صلاة وصدقات، وذكر الله -عز وجل-، هذا الواجب عليها، تقضي ما مضى من الصيام مع التوبة الصادقة والندم على ما مضى منها، وكثرة الاستغفار وذكر الله -عز وجل-، والصدقة إن كان عندها مال، وسائر الأعمال الصالحات كما قال -عز وجل-: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى[طـه: 82]، وقال في حق المشرك والزاني والقاتل إذا تاب: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ[الفرقان: 70]، فعليها أن تتوب إلى الله توبة صادقة وأن تقضي الصيام، وعليها مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم زيادة، إطعام مسكين عن كل يوم من الأيام الماضية التي تركتها في السنوات الماضية قبل رمضان الأخير، تطعم عن كل يوم مسكين ولو كانت شهوراً كثيرة إذا كان عندها قدرة، أما إن كانت فقيرة فلا شيء عليها، عليها الصيام ويكفي، أما إن كانت موسرة وعندها مال تطعم عن كل يوم مسكين كما أفتى به جماعة من أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام-. والإطعام يكون نصف صاع عن كل يوم، يعني كيلو ونصف تقريباً من قوت البلد، من أرز أو ذرة من قوت البلد -إن كانت قوت البلد- أو حنطة أو تمر حسب قوت البلد، مع الصيام، والله يتوب على التائبين -سبحانه وتعالى-.    
 
4- هل العمرة تسقط الفريضة إذا أوديت في غير أشهر الحج؟
نعم، متى أدى المسلم أو المسلمة العمرة في أي شهر سقطت عنه العمرة الواجبة، فإذا أداها في شعبان أو في جمادى أوفي صفر أو في غير ذلك صح ذلك وكفت، وسقط بها الواجب، سواء كان المؤدي امرأة أو رجلاً. 
 
5- ما كيفية زيارة مسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟ وهل الأدعية الواردة في كتيبات الزيارة التي يزور به المزورون في الأماكن المقدسة صحيحة أم لا، وأرشدونا عن كيفية الزيارة الصحيحة؟
زيارة مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سنة؛ لأنه أحد المساجد الثلاثة، وقد قال فيه النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى)، فشد الرحال إلى هذه الثلاثة سنة وقربة وطاعة، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام)، فقصد هذا المسجد العظيم للصلاة فيه والقراءة فيه والتعبد أمر مطلوب وشرعي، وهكذا المسجد الحرام مسجد مكة، وهكذا المسجد الأقصى القدس، كل هذه المساجد قصدها وشد الرحيل إليها قربة وطاعة، فإذا وصل إليها المؤمن صلى فيها ما يسر الله، وتعبد فيها بالاعتكاف أو بالقراءة أو بحضور حلقات العلم، كل هذا طيب. وأما مكة فيحصل فيها أيضا الزيادة على هذا الطواف بالكعبة، ويمكن أداء العمرة كذلك، والحج في وقته، هذا يختص بمكة الحج، العمرة والحج هذا من خصائص مكة. أما المسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- فالزائر له مثل بقية المساجد، يصلي فيه، يتعبد بالقراءة، يحضر حلقات العلم في الإكثار من ذكر الله -عز وجل-، كل هذا مطلوب، وهكذا الاعتكاف، وهكذا المسجد الأقصى، إذا زاره المؤمن صلى فيه، وقرأ فيه، وذكر الله فيه، وتعبد الله فيه بأنواع العبادة: من الصلاة والذكر والقراءة والاعتكاف ونحو ذلك، كل هذا مشروع. ويستحب لمن زار المدينة أن يسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم- وعلى صاحبيه، فيتوجه بعد أن يصلي ركعتين في المسجد، إذا صلها في الروضة كان أفضل، إذا صلى الركعتين في الروضة كان أفضل، وإن صلها في بقية المسجد كفى ذلك، ثم بعد هذا يتوجه إلى قبره -عليه الصلاة والسلام-، فيقف أمامه -عليه الصلاة والسلام- ويسلم عليه، -عليه الصلاة والسلام- ويقول: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته صلى الله وسلم عليك وعلى آلك وأصحابك، ويدعو له، جزاك الله عن الأمة خيراً، أشهد أنك بلغت الرسالة، وأديت الأمانة، ونصحت الأمة، وجاهدت في الله حق جهاده، إذا قال هذا الكلام هذا كلام طيب وصحيح وصدق، ثم يتقدم قليلاً فيسلم على الصديق -رضي الله عنه- أبو بكر، فيقول: السلام عليك يا أبا بكر الصديق ورحمة الله وبركاته، جزاك الله عن أمة محمد خيراً، رضي الله عنك، ثم يتقدم قليلاً ويسلم على عمر الفاروق -رضي الله عنه- عمر بن الخطاب ويقول: السلام عليك يا عمر بن الخطاب ورحمة الله وبركاته، جزاك الله عن أمة محمد خيراً، ورضي الله عنك، ويدعو لهما ثم ينصرف، هذا هو المشهور في السلام على رسول الله وعلى صاحبيه الصديق وعمر -رضي الله عنهما-. ويشرع له أيضا أن يزور البقيع فيسلم على أصحاب البقيع، ويدعو لهم بالمغفرة والرحمة؛ لأن الرسول كان يزورهم -عليه الصلاة والسلام-، وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية)، هكذا يسلم على أهل القبور ويدعو لهم، اللهم اغفر لهم وارحمهم، مثلما دعا الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأهل البقيع، وهكذا يستحب له أن يزور الشهداء، شهداء أحد، فيدعو لهم ويستغفر لهم ويترحم عليهم -رضي الله عنهم- وأرضاهم، هذا هو المشروع. أما ما يفعله بعض الجهلة كونه يدعو النبي -صلى الله عليه وسلم- أو يستغيث به أو يتمسح بجداره الحجرة هذا منكر لا يجوز، ولكن يسلم وهو واقف من غير أن يمسح الحجرة أو القضبان أو الجدران أو الاسطوانات كل هذا غير مشروع بل بدعة، لا يتمسح بالجدران ولا بالاسطوانات ولا بقضبان الشبك، ولا بغير هذا، ولكن يقف أمام النبي -صلى الله عليه وسلم- ويسلم، وهكذا أمام الصديق وأما عمر -رضي الله عنهما- ويسلم ثم ينصرف، هذا هو المشروع ولا يدعو النبي ولا يدعو غيره، لا يقول: يا رسول الله انصرني، أو اشفع لي، أو أغثني، أو المدد المدد، هذا منكر لا يجوز, بل هو من الشرك الأكبر، وهكذا عند الصحابيين الصديق وعمر -رضي الله عنهما- لا يقول لهما: أغيثاني، أو انصرناني، أو المدد المدد كما يفعل بعض الجهلة عند بعض القبور، هذا منكر بل هذا من الشرك، طلب الغوث من الميت والمدد من الميت هذا من الشرك الأكبر عند أهل العلم، وهكذا عند زيارة قبور البقيع لا يقول لهم: المدد المدد، ولا انصروني، أو اشفوا مريضي أو اشفعوا لي، لا ولكن يسلم عليهم ويدعو لهم بالمغفرة والرحمة ثم ينصرف، وهكذا شهداء أحد إذا سلم عليهم يدعو لهم كما دعا لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- ويستغفر لهم، ويترحم عليهم وينصرف. ويستحب لمن زار المدينة أيضا أن يزور مسجد قباء ويصلي فيه ركعتين كما كان النبي يزوره -عليه الصلاة والسلام- وأخبر -صلى الله عليه وسلم-: (أن من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء، فصلى فيه ركعتين كان كعمرة)، فزيارة مسجد قباء سنة وقربة تأسيا بالنبي -عليه الصلاة والسلام- في ذلك، هذا هو المشروع لمن زار المدينة، أما كونه يقصد محلات أخرى آبار أو مساجد أخرى أو بقاع هذا غير مشروع، المشروع لمن زار المدينة هو ما ذكرنا. أولا: الصلاة في مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم: السلام عليه وعلى صاحبيه، ثم: زيارة البقيع، ثم زيارة الشهداء، ثم زيارة مسجد قباء، كل هذه سنة وليست بواجبة، لو أنه ما زارها ما فيه شيء، ولكن هذا سنة ومستحب وليس بواجب. 
 
6- هناك رجل كان على صلة بامرأة بغير زواج فأنجب منها طفلة، وافترقا فترة طويلة، ثم تقدم لخطبة بنت تعرف عليها ووافقت على الزواج منه، فتزوجها وبعد فترة اكتشف أنها بنته الغير شرعية من تلك المرأة، فما حكم الإسلام في ذلك، وماذا يفعل؟
أولا عليه التوبة مما جرى منه، من الزنا والرجوع إلى الله والندم والإقلاع والصدق في ذلك وكثرة الاستغفار والعمل الصالح. ثانيا: هذا النكاح باطل، ما دام أنها ابنته من الزنا فالذي عليه جمهور أهل العلم، أنه نكاح باطل، لأنها خلقت من مائه فلا يجوز له نكاحها، وإن كانت غير شرعية، بنت غير شرعية ولكنها تدخل في عموم -جل وعلا-: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ[النساء: 23]، فهي بنت غير شرعية، خلقت من مائه فيكون نكاحها باطلا، ولا تنسب إليه، ولا تكون محرماً له، ولكن نكاحها باطل عند أهل العلم، لأنها خلقت من مائه غير الشرعي، فيحرم عليه نكاحها ولا تنسب إليه. 
 
7- هناك رجل تزوج امرأة ثم غاب فترة طويلة استمرت سنين، فلما طال غيابه عنها تزوجت المرأة من رجل آخر فأنجبت منه طفلين، وبعد ذلك حضر الزوج الأول فما الحكم في هذه الحالة؟ وإذا كان طلاق المرأة من الرجل الثاني وزواجها من الأول باطل فلمن يكون الأبناء، للرجل أم للمرأة؟
هذه المرأة التي تزوجت إن كانت تزوجت من غير فسخ من الحاكم ولا طلاقاً من زوجها فنكاحها باطل، وأولادها أولاد شبهة يلحقون بزوجها الذي تزوجها بغير وجه شرعي؛ لأنهم ولدوا على شبهة، فالزوج الثاني الذي نكحته أولاده تابعون له لأنه نكاح شبهة ولكنه باطل، لأنه حصل من دون طلاق من الزوج ولا فسخ من المحكمة، بل هذا جرأة منها وتساهل منها، فبطل ولكن الأولاد حصلوا عن شبهة وعن ظن الزوج أن هذا الزواج صحيح فينسبون إليه، ويحكم له بهم إذا كان الأمر هكذا عن شبهة وعن ظن أن زواجه بها صحيح. أما إن كان قد تعمد وطأها باسم النكاح ويعرف أنه نكاح باطل وأنها غير مطلقة وأن الحاكم ما فسخها ويعلم هذا كله فهذا زنا، يقام عليه حد الزنا، وأولاده ينسبون إلى المرأة لا ينسبون إليه. أما إذا كان تزوجها ظنا أنها مخلوعة أو أنها مطلقة ما درى أنها مع الزوج، فهذا نكاحه باطل ولكن أولاده يلحقون به، لأنه من شبهة، وأما الزوج الذي قدم بعد ذلك وهي لم تفسخ منه ولم تطلق منه فهذا باق على النكاح هي زوجته، تفسخ من على الزوج الذي أخذها بغير حق وتعتد، فإذا اعتدت من هذا الزوج الذي نكحها بشبهة تعود إلى زوجها الأول؛ لأن نكاحه باقي لم يفسخ ولم يحصل منه طلاق، فالحاصل أن المسألة هذه مسألة كبيرة والواجب أن تحل من جهة المحكمة حتى يؤدب هذا الزوج الذي أخذها بغير حق، إذا كان الأمر كما قاله السائل، فإنه يستحق بكل حال، لأنه ما تثبت في الأمر. وإن كان يعلم أنها مزوجة وأنها ذات زوج ثم أقدم على نكاحها باسم نكاح باطل، هذا يستحق أن يقام عليه الحد حد الزنا، إن كان محصنا يرجم، وإن كان بكراً يجلد مائة جلدة ويغرب عاماً. فالحاصل أن هذه مسألة مهمة يجب أن تحال إلى المحكمة حتى تنظر فيها المحكمة، وحتى تحقق فيها، وحتى تعمل ما يقضي به الشرع المطهر، والله المستعان. 
 
8- نريد إيضاح الأدلة عما يوجد في بلادنا، بلدة الجاح باليمن، حيث يوجد أناس كثيرون يذبحون للأولياء، سواء كانوا أمواتاً أو أحياء، ويدعونهم ويطلبون منهم جلب المنافع ودفع المضار، ووصل الأمر بهم عندما نصحناهم أن قالوا لنا: أنتم مشركون! فماذا يجب علينا نحوهم؟
قد أحسنتم في إنكاركم عليهم وبيان أن عملهم هذا منكر، وأما إنكارهم عليكم وزعمهم أنكم مشركون فهذا من أغلاطهم وجهلهم، كما قيل: رمتني بدائها وانسلت، هم المشركون بعملهم هذا، إذا كانوا يسألون الموتى ويتقربون إليهم بالذبائح وينذرون لهم ويدعونهم وبهم يستغيثون هذا الشرك الأكبر، إذا فعلوه ما يسمونهم بالأولياء سواء كان أحياء أو أمواتاً، يعتقدون فيهم أنهم ينفعونهم ويضرونهم، وأنهم يجيبون دعوتهم، وأنهم يشفون مريضهم، وأن لهم فيهم سراً يدعون معهم، ويستغاث بهم، وينذر لهم هذا شرك أكبر والعياذ بالله، وهذا عمل المشركين مع اللات والعزى ومنات ومع أصنامهم ومع آلهتهم الأخرى، الواجب على ولاة الأمر في اليمن أن ينكروا هذا الأمر، وأن يعلموا الناس ما يجب عليهم من شرع الله، وأن يمنعوا هذا الشرك، ويحولوا بين العامة وبينه، وأن يهدموا القباب التي على القبور ويزيلوها؛ لأنها فتنة، ولأنها من أسباب الشرك، ولأنها محرمة، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يبنى على القبور، ولعن من اتخذ مساجد عليها، فلا يجوز البناء عليها، لا مسجد ولا غيره، بل يجب أن تكون بارزة ضاحية ليس عليها بناء، كما كان قبور المسلمين في المدينة المنورة وفي كل بلد إسلامي لم يتأثر بالبدع والأهواء. ودعاء الأموات والاستغاثة بالأموات أو بالأشجار والأحجار أو بالجن أو بالملائكة وعبادتهم من دون الله بطلب المدد منهم أو الغوث أو شفاء المرضى أو رد الغياب أو دخول الجنة أو النجاة من النار، كل هذا شركاً أكبر. وهكذا الذبح لغير الله قال الله سبحانه: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي -أي ذبحي- وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ[الأنعام: 162-163]، وقال تعالى: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ[الكوثر:1-2]، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لعن الله من ذبح لغير الله)، فالذبح لغير الله من الكواكب والجن والملائكة والأولياء وغيرهم شرك أكبر نعوذ بالله؛ لأن الذبح عبادة يجب أن يكون لله وحده، وهكذا النذر عبادة، فإن نذر للأولياء ذبيحة أو طعاماً أو نقوداً صار شركاً أكبر نعوذ بالله، وهكذا الاستعاذة بهم والاستغاثة بهم، ودعاؤهم لتفريج الكروب وقضاء الحاجات ونحو ذلك كل هذا من الشرك الأكبر، وهكذا طلب المدد، المدد يا فلان، المدد يا فلان، فعلى العلماء أن ينكروا هذا، ويعلموا هؤلاء الجهال ويرشدوهم، وعلى ولاة الأمور أن ينفذوا حكم الله فيهم، وأن يزجروهم على هذا الأمر، وأن يحولوا بينهم وبينه، وأن يؤدبوا من لم يرتدع، وأن يستتيبوه من هذا الشرك الوخيم، هذا الواجب على العلماء وعلى الحكام والأمراء، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. المذيع/ والعامة يهجرونهم؟ لمن عرف هذا منهم ولم يستجيبوا لداعي الحق يجب أن يهجروا، يجب أن يهجروا وينكر عليهم هذا العمل السيء، حتى يتوبوا إلى الله منه، وحتى يستقيموا على الطريق السوي. 
 
9- ذكرتم في حلقات سابقة من هذا البرنامج عدم زيارة الأضرحة، وأنها من الشرك بالله فهل زيارة النبي يونس والنبي جرجيس في نينوى تدخل ضمن ذلك؟ وهل الصلاة فيها غير جائزة؟
الزيارة قسمان، زيارة القبور قسمان، زيارة شرعية، وزيارة بدعية شركية، أما الزيارة الشرعية، فهذه مشروعة لقبور الصالحين والمسلمين جميعاً، وإذا عرف قبر من قبور الأنبياء كقبر نبينا -صلى الله عليه وسلم- تشرع له الزيارة من دون شد الرحل، شد الرحل لا يشد الرحال لقبور، لا تشد إلا للمساجد الثلاثة: المسجد الحرام، ومسجد النبي -صلى الله عليه وسلم-، والمسجد الأقصى، هذه الثلاثة تشد لهم الرحال. أما القبور لا تشد لها الرحال، لكن إذا كان الإنسان في البلد وقصدها زائراً فهذا سنة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة)، في اللفظ الآخر: (تذكركم الموت)، فزيارة القبور سنة وقربة وقد فعلها النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفعلها أصحابه -رضي الله عنهم وأرضاهم-، فإذا زار المسلم قبور المسلمين في بلده ودعا لهم واستغفر لهم كان هذا قربة وطاعة، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية)، هكذا علمهم النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان يزور -صلى الله عليه وسلم- القبور بنفسه، ويدعو للموتى ويستغفر لهم، ويقول: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد)، وفي لفظ: (نسأل الله لنا ولكم العافية)، فعلى المؤمن أن يفعل مثلما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا زار القبور، مثلما علم أصحابه يسلم عليهم يدعو لهم بالمغفرة والرحمة، يستغفرون لهم، يقول: نسأل الله لنا ولكم العافية، هذه الزيارة الشرعية، وهكذا إذا زار قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- في المدينة، إذا زار المسجد ثم زار قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- يسلم عليه ويدعو له يقول: صلى الله وسلم عليك وعلى أهلك وأصحابك، جزاك الله عن أمتك خيراً، وهكذا إذا زار قبور الصالحين في أي مكان يدعو لهم بالمغفرة والرحمة ويستغفر لهم، نسأل الله لنا ولهم العافية. أما قبر يونس فلا يعلم بنينوى، جميع قبور الأنبياء لا تعلم ولا تعرف، فدعوى أنه موجود في نينوى أو في غيرها أمر باطل لا أصل له، ذكر العلماء أنه لا يوجد قبر معروف من قبور الأنبياء البتة إلا قبر نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- في المدينة وإلا قبر الخليل في الخليل في المغارة المعروفة هذا هو المعروف، أما قبور بقية الأنبياء فهي غير معروفة، لا يونس ولا غيره من الأنبياء والرسل قبورهم الآن غير معلومة، ومن ادعى أن قبر يونس موجود أو فلان أو فلان كله كذب لا صحة له، ولا نعلم نبياً يقال له جرجيس ولا يعرف من الأنبياء يسمى جرجيس فالمقصود أنه ليس هناك قبر معروف غير قبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في المدينة وغير قبر الخليل في بلد الخليل في المغارة المعروفة. والزيارة التي ذكرتم للرجال والنساء؟ أما الزيارة الشرعية فللرجال، أما النساء فلا يشرع لهن الزيارة على الصحيح، النبي صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور، فدل ذلك على أن النساء لا يزرن القبور وإنما الزيارة للرجال خاصة في أصح قولي العلماء لما جاء من الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن زائرات القبور، جاء هذا من حديث أبي هريرة ومن حديث حسان بن ثابت رضي الله عنه ومن حديث ابن عباس، فلا يشرع لهن الزيارة ولا تجوز لهن الزيارة، ولكن يدعون لموتى المسلمين في بيوتهم في المساجد والبيوت، وإذا زاروا المدينة دعوا للنبي صلى الله عليه وسلم في المسجد أو في بيوتهم صلى الله عليه وسلم وآله في أي مكان عليه الصلاة والسلام مثلما قال عليه الصلاة والسلام لا تتخذوا قبري عيداً ولا بيوتكم قبوراً وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم عليه الصلاة والسلام، إذا صلى عليه المؤمن والمؤمنة في أي مكان بلغ ذلك، يقول صلى الله عليه وسلم: إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام عليه الصلاة والسلام، فمشروع لك أيها السائلة أن تصلي عليه صلى الله عليه وسلم في أي مكان وعلى بقية الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأما زيارة هذا القبر الذي قال أنه موجود هذا لا أصل له ثم النساء لا يزرن القبور على الصحيح ولكن يدعون لموتى المسلمين ويستغفرن لموتى المسلمين في أي مكان. بهذا أيها الأخوة المستمعون نأتي إلى ختام هذه الحلقة والتي عرضنا فيها رسائل.... 

354 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply