حلقة 154: تشاجرت أنا وزوجتي، فقلت لها طالق؛ لأجل أن تسكت - حكم صلاة من زاد ركعة في المغرب من أجل إتمام صلاة المأتم - تثبت الرجعة للزوج على زوجته حتى ولو عارض وليها - حكم من ردد لفظ الطلاق ثلاث مرات على من عقد له عليها

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

4 / 50 محاضرة

حلقة 154: تشاجرت أنا وزوجتي، فقلت لها طالق؛ لأجل أن تسكت - حكم صلاة من زاد ركعة في المغرب من أجل إتمام صلاة المأتم - تثبت الرجعة للزوج على زوجته حتى ولو عارض وليها - حكم من ردد لفظ الطلاق ثلاث مرات على من عقد له عليها

1- تشاجرت أنا وزوجتي قبل مدةٍ فقلت لها: طالق؛ لأجل أن تسكت، فقالت كلمةً ثانيةً وكنتُ غاضباً منها جداً ومن كلامها، فقلت لها مرةً أخرى: طالق، ومكثت مدةً لا أتكلم معها، وأما اليوم فإني أحياناً أتكلم معها في أغراض البيت، أو إذا لزم شيءٌ للأولاد وغير هذا لا يوجد شيء، فما الحكم في هذا؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فإن الله -جل وعلا- قد شرع لعباده الطلاق ليتخلص كل واحد من الزوجين من صاحبه، إذا لم تستقم الحال، ولم يحصل ما يقيم العلاقة على الوجه المرضي، وجعله -سبحانه- ثلاثاً يراجع بعد الأولى، وبعد الثانية، وليس له رجع بعد الثالثة، وحرم إيقاعه في الثلاث جميعاً قد يكون واحدة بعد واحدة، كما قال -جل وعلا-: الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ[البقرة: 229]، فإذا طلقها طلقة واحدة فله مراجعتها ما دامت في العدة، ثم إذا راجعها بقت على حالها زوجة شرعية كحالها الأولى، فإن طلقها الثانية فله مراجعتها أيضاً من دون عقد نكاح، كما بعد الطلقة الأولى، فأنت أيها السائل طلقتها طلقتين، فلك المراجعة ما دامت في العدة، ما دامت لم تحيض ثلاث حيضات بعد الطلقة الأولى، ولا تزال زوجة لك حتى تطلقها الطلقة الثالثة، هذا إذا كان الغضب خفيفاً. أما إذا كان الغضب شديداً، فإذا حصل بينكما تنازع شديد وكلمات جارحة منها شديدة حتى اشتد غضبك، ولم تملك نفسك بالإمساك عن الطلاق، فهذا الطلاق حينئذ عند الغضب الشديد لا يقع على الصحيح من أقوال العلماء. والغضب ثلاثة أحوال، الناس في الغضب لهم ثلاثة أحوا ل: إحداها: أن يشتد الغضب حتى يفقد الشعور ويكون كالمجنون والمعتوه، فهذا لا يقع طلاقه جميع أهل العلم؛ لأنه بمثابة المجنون والمعتوه زائل العقل، فهذا لا يقع طلاقه إذا زال عقله بشدة الغضب، ولم يملك نفسه، ولم يضبط ما يقول ولم يحفظ ما يقول. الحال الثاني: أن يشتد معه الغضب ولكنه يفهم ما يقول ويعقل، إلا أن الغضب اشتد معه كثيراً ولم يستطع أن يملك نفسه لطول النزاع، أو المسابة أو المشاتمة أو المضاربة، فاشتد الغضب لأجل ذلك، هذا فيه خلاف بين أهل العلم، والأرجح أنه لا يقع أيضاً، فإن كان الغضب من هذا القبيل فالطلاق غير واقع، وإن كان غضبه من الحالة الثالثة وهي الغضب الخفيف الذي يحصل منه التكدر من الزوج، وكراهة لما وقع من المرأة، ولكنه لم يشتد معه شدة كثيرة تمنعه من التعقل والنظر لنفسه، بل هو غضب عادي وخفيف، فهذا يقع معه الطلاق عند جميع أهل العلم. لكن إذا كانت المرأة في حال حيض عند الطلاق، أو في حال نفاس أو في حال قد جامعتها فيه، حال طهر قد جامعت فيه، فجمهور أهل العلم يرون وقوع الطلاق مع الإثم، لأن الطلاق يجب أن يكون في حال طهر لم تجامعها فيه، أو في حال حمل، هذا هو الطلاق الشرعي، أن تكون المرأة حاملاً أو في طهر لم تجامعها فيه، فإن كانت في طهر جامعتها فيه، أو في حال حيض أو نفاس فقد اختلف العلماء في ذلك فجمهور أهل العلم يرون أنه يقع الطلاق مع الإثم، والقول الثاني: أنه لا يقع، لأنه طلاق غير شرعي، ولم يصادف الحالة التي شرع الله بها الطلاق، فلم يقع، وهذا القول هو الأرجح من حيث الدليل، لما ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أنه طلق امرأته وهي حائض، فأنكر عليه النبي ذلك -عليه الصلاة والسلام-، وأمره بالمراجعة، وأن يمسكها حتى تحيض ثم تطهر، أن يمسكها أولاً حتى تطهر من حيضها الذي طلقها فيه، ثم تحيض، ثم تطهر بعد ذلك، ثم إن شاء طلق وإن شاء أمسك، فهذا ظاهر بأن طلاقه لم يقع كما قاله جمع من أهل العلم، بقوله: أن أمره بالمراجعة، ثم بالإمساك حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم قال: (فإن شئت فأمسكها، وإن شئت فطلقها قبل أن تمسها، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء) يعني في قوله -سبحانه-: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ[الطلاق: 1]، فهذا يدل على أن الطلاق في طهر جامعها فيه أو في حال حيض أو نفاس طلاق غير شرعي، وطلاق في العدة التي لم يأمر الله بالطلاق فيها، وهذا هو المختار، وإن كان خلاف قول الجمهور، فأنت أعلم بنفسك، وما جرى عليك حين الطلاق، فإن كان غضباً اشتد مع شدة واضحة قوية لطول النزاع بينكما، وسوء الكلام الذي صدر منها حتى لم تملك نفسك، أو كانت في طهر جامعتها فيه أو في حيض فالطلاق غير واقع، وإن كانت في حال حمل أو في حال طهر لم تجامعها فيه، وكان الغضب ليس بشديد بل غضب عادي، فإن الطلاق واقع، وقد مضى عليها طلقتان، ولك مراجعتها، ما دامت في العدة، فإذا طلقتها بعد هذا مرة ثالثة حرمت عليك حتى تنكح زوجاً غيرك، والواجب على المؤمن أن يتقي الله في كل شيء، وأن ينظر في الأمر إذا أراد الطلاق، لا يعجل في الطلاق، بل ينظر، فإن كانت الزوجة المستقيمة والحالة مستقيمة فلا وجه للطلاق، ولا ينبغي الطلاق، وهكذا إذا أمكن التعديل، وأمكن العلاج، فلا تنبغي العجلة في الطلاق، ثم إذا عزم على الطلاق فلينظر هل هي في طهر لم يجامعها فيه، أو في حال حمل فلا بأس بالطلاق، إذا كانت في طهر لم يجامعها فيه أو في حال حمل، أما إن كانت في طهر جامعها فيه، أو في حال حيض أو في نفاس فلا يجوز الطلاق. فالواجب على المؤمن أن ينظر في هذه الأمور، وأن لا يعجل في طلاقه لأهله، بل ينظر ويتأمل، وينظر في العواقب ولا يعجل، ثم ينظر في حال المرأة هل هي حبلى أو في طهر لم يجامعها فيه، أو في حالٍ أخرى، حتى يطلق على بصيرة، وحتى يكون طلاقه طلاقاً شرعياً موافقاً لما جاء به النص.  
 
2- صليت المغرب مع جدي وقد سبقني بركعة واحدة، وبدلاً من أن يجلس للتشهد الأخير بعد الثالثة نهض ليأتي بركعةٍ زائدة، فأمسكته بيدي وقلت: سبحان الله، ولكنه أصر على ذلك، وعندما جاء بهذه الركعة، لم أسلم أنا ونهضت لأكمل صلاتي بركعة هي في العدد رابعة، ولم أحتسب ركعته الرابعة له، والثالثة لي، وبعدما انتهت الصلاة قلت له: لما زدت ركعة؟ فقال لي: لكي تكمل صلاتك معي -جهلاً منه- فما حكم هذه الزيادة في صلاته من غير سهوٍ وجهلٍ منه بحكم ذلك؟ وماذا عليه فعله الآن، وما حكم صلاتي أنا، حيث أنني زدت ركعة رابعةً إذ لم أحتسب زيادته، وأيضاً سجدتُ للسهو جبراً للزيادة المعلومة؟
أما عملك أنت فقد أصبت حين نبهته قلت: سبحان الله، وأمسكته ليجلس، لأن هذا هو الواجب عليه أن يجلس إذا نبه، ولا يأتي بالزيادة، وأنت الواجب عليك أن تجلس وتنتظر إذا سلم قمت وأتيت بالركعة التي فاتتك، ولا تتابعه في الزيادة، هذا هو المشروع، إذا قام الإمام إلى رابعة في المغرب، أو إلى ثالثة في الفجر، أو إلى خامسة في الرباعية، كالظهر، فإن المأموم ينبهه يقول: سبحان الله، سبحان الله، والمرأة تصفق، ويلزمه الرجوع، يلزم الإمام الرجوع إلا إذا كان عنده يقين أنه لم يخطئ، وأنهم هم مخطئون, وإلا فعليه الرجوع والجلوس حتى يكمل صلاته، ثم يسلم، وعليه سجود السهو قبل ذلك، قبل أن يسلم سجدتي للسهو، فإن كان عنده يقين أنهم مخطئون وهو مصيب كمل صلاته، وكملها، أما المأمومون فهم يعملون بيقينهم، فإن كان عندهم يقين أنه زائد جلسوا وانتظروه حتى يسلموا معه، وإن كان ما عندهم يقين تابعوه وكملوا معه، لأنه إمامهم وعليهم متابعته، وليس لهم مخالفته إلا إذا كان عندهم يقين أنه مخطئ، فإنهم يجلسون ولا يتابعونه في الزيادة. وهذا الذي قام إلى خامسة، أتى بركعة زائدة، جهلاً منه من أجل أن تكمل معه الصلاة هذا صلاته صحيحة للجهل، مثل الذي قام لخامسة في الرباعية أو ثالثة في الثنائية أو رابعة في الثلاثية جهلاً منه، يحسب أنه لا يرجع إذا قام واستوى قائماً، بعض الناس يظن أنه إذا استوى قائماً لا يرجع بل يكمل، وهذا غلط وجهل، وصلاته صحيحة لجهله، ولكن ينبغي له أن يتعلم صلاته، ويتفقه في صلاته، حتى لا يعود لمثل هذا الجهل. والمقصود أنه إذا أتى بالخامسة أو بالرابعة في الثلاثية، أو بالثالثة في الثنائية جهلاً أو نسياناً فصلاته صحيحة، ولكن يسجد للسهو إذا كانت للنسيان يسجد للسهو. أما لو تعمد الخامسة في الرباعية، أو الثالثة في الثنائية، أو الرابعة في الثلاثية، مثل المغرب وهو يعلم الحكم الشرعي وتعمد القيام فهذا متلاعب، وصلاته باطلة، لكن الغالب أن هذا لا يقع تعمداً، إنما يقع من أجل الجهل أو النسيان، فتكون الصلاة صحيحة، وعليه سجود السهو إذا كان للنسيان، والمأموم عليه أن لا يتابعه في الخطأ، إذا عرف المأموم أنه مخطئ فلا يتابعه، بل ينبهه ولا يتابعه، لا في الزيادة ولا في النقص، بل المأموم يعمل بيقينه، فإن كان إمامه زائداً جلس، وإن كان الإمام ناقصاً، قام المأموم يكمل ما عليه، إذا لم يطاوعه الإمام، هذا هو الواجب على المأموم، وهذا هو الواجب على الإمام، كما سمعت نعم. المذيع/ لكن هذا الشخص الذي لم يحتسب هذه الركعة التي زادها الإمام ليكمل صلاته بها ثلاثاً، وزاد عليها ركعة من عنده، هل فعله هذا صحيح؟ نعم لا يتابعه في الزيادة. المذيع/ هو تابعه وزاد ركعة. المأموم لا يتابع في الزيادة، فهذا غلط والقضاء يكون بعد السلام، بعد سلام الإمام، فالركعة التي زادها قبل السلام لا تجزئ، ولكن بسبب الجهل لا تبطل صلاته، وتكون التكملة بعد السلام، القضاء استقرت الشريعة أن القضاء يكون بعد السلام، إلا في صلاة الخوف في بعض أنواع صلاة الخوف، فأما القضاء الشرعي المعتاد الذي بينه الرسول للأمة -عليه الصلاة والسلام- فيكون بعد السلام. المذيع/ إنما ليس عليه إعادة الصلاة؟ نعم ليس عليه إعادة الصلاة.   
 
3- إذا طلق رجل امرأته طلقةً واحدةً شرعيةً ولم يراجعها قبل أن تنقضي عدتها، ولكنه أراد مراجعتها، فقام وليها بدعوى ومشكلاتٍ بغية انتهاء العدة، لكي لا أسترجعها إلا بعقد جديد، وينال هدفه من ذلك، فما الحكم؟
الواجب على الولي أن يساعد على الخير, أن لا يقف حجر عثرة في طريق الرجعة، فالزوج له أن يراجع ما دامت العدة، ولم يطلقها إلا طلقة واحدة أو ثنتين، له أن يراجع ويشهد شاهدين على الرجعة، شاهدين عدلين على الرجعة، وتثبت له الرجعة، وإن عارضه وليها، وإن أبى عليه وليها، فإنه لا يضره ذلك، وعليه أن يشاهد شاهدين عدلين أني أرجع زوجتي فلانة ما دامت في العدة، وتبقى زوجة له بهذه المراجعة، وعلى وليها أن يتقي الله، وأن يمكن الرجل من زوجته إذا كانت الزوجة راضية بذلك. أما إذا كان الزوجة آبية، وهناك خصومة فهذه ترجع إلى المحاكم، يراجع المحكمة هو وزوجته ووليها، والحاكم ينظر في الأسباب الذي أوجبت النزاع. أما إذا كانت المرأة راضية، والعدة لم تنته، والطلاق واحدة أو ثنتين، فله أن يراجعها ولو لم يرض الولي، ولو لم ترض هي أيضاً، يشهد شاهدين أنه راجعها مادامت في العدة، والطلاق واحدة أو ثنتان له أن يراجع في هذه الحال، وتثبت الرجعة, وإن لم ترض الزوجة، وإن لم يرض الولي، إذا أشهد شاهدين بذلك، أو اعترفت المرأة بذلك، والولي ليس له أن يعارض بغير وجه شرعي، فعليه أن يساعد على الخير، وليس له المعارضة إلا بوجه شرعي.  
 
4-   أنا شخصٌ عقدت على فتاةٍ عقدَ زواج رسمي، وفي يوم من الأيام غضبت من الأهل عندما كانوا يتكلمون معي في عملٍ يخصّ مخطوبتي فتلفظت بكلمة طالقة، ورددتها ثلاث مرات دون أن تعلم هي، وإلى الآن لم تعلم، فهل وقع الطلاق هنا، وما نوعية الطلاق،
إذا كان واقع ما ذكره السائل فإنه يقع عليها طلقة واحدة فقط، إذا كان لم يدخل بها، إنما عقد ولكن لم يدخل بها، فإنه يقع عليه طلقة واحدة وله العود إليها بنكاح جديد، بعقد جديد، من غير حاجة إلى زوج جديد، بل نكاح جديد يكفي، والطلاق الثاني والثالث لا يلحقها، لأن المرأة إذا لم يدخل بها لا يلحقها إلا طلقة واحدة تبينها بينونة صغرى، والطلاق الثاني والثالث لا يلحق لأنها ليست في عدة، وله العود إليها بنكاح جديد إذا رضيت في ذلك، كخاطب من الخطاب. جزاكم الله خير الجزاء. أيها الأخوة الكرام في حلقتنا اليوم عرضنا رسائلكم على فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز...   

479 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply