حلقة 163: الوفاء بالنذر - الأكل مع الناس من اللحم المنذور - معاملة الجار القاطع للصلاة والشارب للخمر - مسائل في الطلاق - زكاة الحلي - حكم من طلق زوجته دون أن تسمعه

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

13 / 50 محاضرة

حلقة 163: الوفاء بالنذر - الأكل مع الناس من اللحم المنذور - معاملة الجار القاطع للصلاة والشارب للخمر - مسائل في الطلاق - زكاة الحلي - حكم من طلق زوجته دون أن تسمعه

1- نذرت لله تعالى أن أذبح عجلاً لتفضله علي بزيارة الحرمين الشريفين، وفي نيتي وكما هو متبع في بلدنا ولتقارب المستوى المعيشي فلا يوجد الفقير المعدم ولا والغني المترف، فقصدي أن أذبحه وأولم وليمةً ثم أدعو كل المسلمين في بلدنا، ثم أدعو شيخاً وعالماً جليلاً معروفاً عندنا يقوم بوعظ المسلمين، وإقامة حلقات الذكر والاستغفار والتسبيح والتحميد لله والصلاة على رسوله -صلى الله عليه وسلم- في ليلة محددة، ويتناولون طعام العشاء، ثم نقضي ليلتنا تلك في ذكر الله والصلاة والتسبيح والتحميد، فهل في ذلك شيء يخالف شريعة الله، أو لا أكون بذلك قد وفيت بنذري؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فإن النذر منهي عنه، قد نهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (لا تنذروا فإن النذر لا يرد من قدر الله شيئاً وإنما يستخرج به من البخيل) لكن من نذر طاعة لله سبحانه كالصلاة والصوم وذكر لله -سبحانه- فإنه يوفي بهذا لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصيه) أخرجه البخاري في صحيحه، فعليك أيها الأخ السائل أن توفي بنذرك بذبح العجل وتوزيعه، صلح الوليمة كما نويت ولا بأس بذلك، للفقراء وغيرهم من أقاربك وجيرانك على حسب ما نويت، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)، وإحضار العالم للتذكير والوعظ بمناسبة اجتماع المسلمين هذا شيء طيب، كذلك إذا سبحوا الله، وذكروا الله سبح الله في نفسه، ذكر الله في نفسه كل هذا عمل صالح. أما الاجتماع على أذكار مخصوصة، وتسبيح مخصوص بصوت مخصوص جماعي هذا لا دليل عليه، وليس له أصل في الشريعة فيما نعلم، لكن إذا سبح كل واحد، واستغفر كل واحد في نفسه، وذكروا الله في أماكنهم، وسبحوا الله في أماكنهم، واستغفروه -سبحانه وتعالى- وشكروه، هذا كله طيب، وإذا كان في اجتماعهم قراءة للأحاديث الصحيحة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو قراءة للقرآن وهم يستمعون والعالم يفسر لهم معنى الآيات ومعنى الأحاديث هذا كله طيب. أما الحلقات التي يفعلها الصوفية على أذكار مخصوصة وأصوات مخصوصة ونغمة من النغمات المخصوصة فهذه لا أصل لها، بل هي من البدع، ولكن اجتماع الناس على العلم وقراءة القرآن واستماعه، وسماع كلام أهل العلم وتذكيرهم ووعظهم وتفسير الآيات للحاضرين، كل هذا طيب، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية، ويكون هذا في يوم معين أو وقت معين من الليل لا بأس، إلا أن يكون يقصد بذلك تعظيم ليلة مخصوصة مثل ليلة المولد هذا لا يجوز، لأن الموالد بدعة، والاحتفال بها من البدع المحدثة في الدين على الصحيح من أقوال العلماء، وقد تنازع العلماء المتأخرون في ذلك فزعم بعضهم أنه سنة وأن إقامة الأعياد لا بأس بها ولكنه قول مرجوح وضعيف، والصواب أن الاحتفال بالموالد بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، ....... ذلك في قوله -صلى الله عليه وسلم-: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) وفي قوله -صلى الله عليه وسلم-: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، والدليل على هذا مع الحديثين المذكورين أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يفعل ذلك في حياته، ولا فعله أصحابه بعد وفاته لا الصديق -رضي الله عنه- ولا عمر -رضي الله عنه- ولا عثمان ولا علي -رضي الله عنهما- ولا بقية الصحابة، كذلك ما فعله التابعون ولا أتباع التابعين في مولد النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا في مولد غيره، فدل ذلك على أنه بدعة، والخير كله في اتباع السلف الصالح، والسير على منهاج نبينا -صلى الله عليه وسلم- وصحابته، والنبي -صلى الله عليه وسلم-، يذكر والحمد لله في كل وقت: في الأذان والإقامة خمس مرات في اليوم والليلة، في التشهد الأول والتشهد الثاني، في سائر الأوقات يصلى عليه -عليه الصلاة والسلام-، فليس بحاجة إلى هذه البدعة، وهكذا سيرته -صلى الله عليه وسلم- يجب أن تدرس في المدارس والمعاهد والمساجد والكليات حتى تعرف سيرته -عليه الصلاة والسلام-، وحتى يتأسى بأقواله وأفعاله -عليه الصلاة والسلام-، فليس المسلمون بحاجة إلى بدعة المولد، فينبغي لأهل العلم أن ينتبهوا لهذا الأمر، وأن يوضحوا للعامة طريق أهل السنة والجماعة في هذا الباب غيره. نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق، وصلاح النية والعمل.  
 
2- هل يجوز له أن يأكل هو وأولاده وأهل بيته وأقاربه من هذه الوليمة؟
لا بأس بذلك ما دام نوى هذه النية أنه يذبحها ويجمع عليها الناس ويأكل هو وأهل بيته لا بأس الأعمال بالنيات، أما إذا ما نوى شيء فإنه يعطيها الفقراء خاصة، وما دام نوى أن يذبحها في البيت ويجمع عليها العلماء، ويجمع عليها الفقراء وغير الفقراء من أهل بيته وجيرانه فالأعمال بالنيات
 
3- لي جار لا يصلي ولا يصوم ويشرب الخمر ويلعب الميسر، وقد نصحته مراراً وتسبب ذلك في سوء تفاهم بيني وبينه وقال: إني أعرف كل نصائحك، فما الحكم في مثل هذا لجار ومعاشرته والإحسان إليه به بما أوصانا به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فهل أحسن جواره ولا دخل لي بعمله هذا، علماً بأنه قد يستلف مني بعض النقود بحجة حاجة أولاده، ثم أعرف بعد ذلك أنه استغلها في لعب القمار، وقد يردها لي من مكسبه من ذلك اللعب، فهل يجوز لي أخذها منه وهذا هو مصدره؟
هذا الجار جار سوء، والواجب هجره، والاستمرار في الإنكار عليه ونصيحته، لعل الله أن يهديه، والاستعانة في ذلك أيضاً بخيرة أقاربه وجيرانك الآخرين حتى تجتمعوا على نصيحته، وحتى ترشدوه إلى الخير والصواب، لعل الله يهديه بأسبابكم، لأن من ترك الصلاة كفر نعوذ بالله من ذلك، كما صح عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة) رواه مسلم في صحيحه، وهذا الرجل لا يصلي ولا يصوم ويشرب الخمر ويلعب القمار قد جمع شراً كثيراً نعوذ بالله، فهو جدير بالهجر لكفره وفسقه وشره الكثير، ولكن إذا كان فقيراً فلا مانع من أن تحسن إلى أهل بيته، لا بيده هو ولكن تعطي أهل بيته الفقراء والمحاويج من زوجته وأولاده وبناته، تحسن إليهم بما تيسر، أما هو فلا تعطيه شيئاً لأنه يستعين به على ما حرم الله، ولكن تعطي أهل بيته إذا استطعت بواسطة أهل بيتك أو غيرهم إذا كانوا فقراء محاويج، ولا تؤذه بشيء لأنه جار، وتحسن إليه بالنصيحة والدعوة إلى الله، حق الجار النصحية وبذل المعروف، لكن هذا الرجل يحتاج مع النصيحة إلى الهجر لكفره وإعلانه المعاصي والكفر. نسأل الله العافية. المذيع/ بالنسبة لوفائه الدين من دخل لعب القمار؟ أما قضاء الدين فلا تسأل، خذ دينك ولا تسأل، إذا أعطاك الدين لا تسأل، ما دمت لا تعلم أنه من القمار ولا من غيره فلا تسأل، خذ دينك. والحمد لله. المذيع/ لو فرضنا أنه توفي وترك مالاً من هذا الدخل أو من هذا الباب؟ ورثته يرثونه إلا إذا علموا أن هذا مال فلان أو هذا مال فلان يردونه إليه؛ لأن هذا مال أخذه بالقمار يردونه إليه، أو أن هذا ثمن خمر يتصدقون به، وإذا كانوا محاويج فهم أهل الصدقة.  
 
4- حلفت عليها مرةً قائلاً: والله العظيم إن لم تذهبي اليوم إلى بيتنا لتكوني طالقة، وكانت في بيت أبيها في حالة نفاسٍ، ولم يمر عليها خمسة أيام من وضعها لسوء تفاهم نشب بيني وبين أبيها، وكنت لا أقصد طلاقها، وإنما أقصد أن تخاف على نفسها من الطلاق وتذهب إلى بيتنا تاركةً بيت أبيها، ولكنني بعد أن هدأت لمت نفسي على هذا الحلف، وخوفاً من إصابتها بمرض أثناء ذهابها، المهم لم ينفذ الذهاب إلى بيتنا، وبعد مرور عدة سنين ولكثرة كلامها في موضوع لا أرغب في الاستماع إليه حلفت عليها قائلاً: والله العظيم إن لم تسكتي عن الحديث في هذا الموضوع الآن لتكوني طالقة، ولكنها تكلمت، وكان قصدي أيضاً أن أمنعها من الحديث وأخوفها بالطلاق، ولا أقصد تطليقها إنما أقصد طاعتي في السكوت، فهل في هذين الحلفين وقع علي يمينٌ أو طلاق رجعي؟ أو يمين وطلاق معاً؟ وبمرور السنين أيضاً حلفت عليها قائلاً: إذا تصرفت في أي موضوعٍ بدون مشورتي لتكوني عليّ حرامٌ كأمي وأختي، أقصد أيضاً تهديدها بعدم التصرف بدون مشورتي وطاعتي، فهل هذا ظهار أم يمين؟
هذا التصرف لا يليق منك، بل ينبغي التثبت وعدم المسارعة إلى الطلاق ولا إلى التحريم أيضاً، ولكن ما دام الواقع هو ما ذكرت وليس قصدك إلا تخويفها وحثها على امتثال أمرك فإن هذه الوقائع الثلاث كلها في حكم اليمين، كل واحدة منها في حكم اليمين، الطلاق الأول والثاني والتحريم الأخير كله في حكم اليمين، وعليك كفارة اليمين عن هذه الوقائع الثلاث، يعني عليك كفارات ثلاث عن كل واحدة كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد من تمر أو غيره، وذلك يقارب كيلو ونصف، أو كسوتهم بما يلبسونه في الصلاة، أو ما هو أكبر من ذلك: مثل إزار ورداء، مثل القميص والعمامة يكفي لكل واحد، وإن عشيتهم في بيتك أو غديتهم في بيتك كفى ذلك أيضاً، وعليك التوبة إلى الله من التحريم، لأنه لا يجوز التحريم لما أحل الله -سبحانه وتعالى-، وهذا الذي قلنا لك هو أصح من أقوال أهل العلم، أن في هذا كفارة يمين ولا يلحقك طلاق ولا تحريم، هذا هو الأرجح من أقوال أهل العلم في هذه المسائل الثلاث، نسأل الله لنا ولك الهداية. المذيع/ في الحلف الأخير بالظهار لا يكون ظهاراً؟ لا, يمين، حكمه حكم اليمين.  
 
5- أملك حلياً ذهبيةً وألبسها وقد اشتريتها منذُ زمن، ولكني كل فترةٍ أزيد عليها، إلى أن بلغ ثمنها الآن حوالي ألف وخمسمائة جنيه مصري، فهل يحق دفع زكاةٍ على هذه الحلي أم أنها تعتبر زينةً أتحلى بها، وكذلك لي طفلة صغيرةً اشتريت لها ذهباً لكي تلبسه، وأنا أحتفظ لها بهذا الذهب حتى تكبر فتلبسه، أي أنه يكون مثل المال المركون، وثمنه حوالي ثمانمائة جنيه مصري، فهل يجب عليه دفع زكاةٍ لهذا الذهب؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- توعد الذين يكنزون الذهب والفضةَ بعذاب أليم إن لم يخرجوا زكاتهما، وإذا لم يكن عليه زكاة فما معنى الكنز إذاً؟
هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم عن حلي المرأة التي تلبسها، والصواب أن فيها الزكاة، هذا هو الأرجح من أقوال أهل العلم، أن فيها الزكاة في حلي المرأة وحلي البنت جميعاً، إذا بلغ كل منهما النصاب، والنصاب عشرون مثقالاً من الذهب، مقداره إثنان وتسعون غرام وهو بالجنيه السعودي إحدى عشر جنيهاً ونصف جنيه، فإذا كان الذهب الذي لديك يبلغ هذا المقدار ففيه الزكاة، وهكذا الذي عند ابنتك إذا بلغ هذا المقدار فيه الزكاة، وهي ربع العشر، من كل ألف خمسة وعشرون، من كل ألف خمسة وعشرون، هذا هو الزكاة في الذهب ولو كان يلبس، ولو كان للزينة، هذا هو المختار لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- للمرأة التي جاءت إليه وفي يدي ابنتها مسكتان من ذهب: (أتعطين زكاة هذا؟) قالت: لا، قال: (أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار) فألقتهما وقالت: هما لله ولرسوله. وكانت أم سلمة -رضي الله عنها- تلبس أضواح من ذهب، فقالت لرسول الله: أكنز هذا! فقال: (ما بلغ أن يزكى فزكي فليس بكنز) فدل ذلك على أن الحلي تعتبر كنزاً إذا لم تزك، فالواجب عليك إخراج الزكاة عن حليك وعن حلي البنت إذا بلغ كل منها النصاب الذي سمعتي، وهو عشرون مثقالاً من الذهب، وبعبارة أخرى اثنان وتسعون غرام، وبعبارة ثالثة أحدى عشر جنيه ونصف ذهب سعودي أو فرنجي الموجود الآن، هذا هو مقدار النصاب، فإذا كان أقل من هذا فليس فيه زكاة، والواجب ربع العشر يعني سهم من أربعين، من كل ألف خمس وعشرون هذا هو الواجب.  
 
6- تزوجت منذُ خمسة عشر سنة من امرأة مسلمة، وأنجبت لي أربعة أولاد وابنتين، إلا أن العلاقة الزوجية بيننا قد ساءت بادئ الأمر، ثم تم الصلح بتدخل الأقارب، ولكن ما لبث أن عاد الخلاف بيننا، وقد حاولت إصلاح أمرها بشتى الطرق ولكن لا فائدة، وذات مرةٍ اشتد غضبي عليها فقلت لها: أنتِ طالق، وقد استفتيت أحد المشايخ فأفتاني باسترجاعها، وفعلاً، ولم يدوم الوفاق بيننا بل عادت إلى ماضيها وإساءتها إلي بكل ما تستطيع فعله، فقلت لها: أنت طالق يا فلانة، وسميتها باسمها، ومرةً ثالثة، وربما رابعة، كلما تسيء إلي أقول لها: أنت طالق دون أن تسمعني، وحدث هذا أكثر من ثلاث مرات، فهل تحرم علي بعد ذلك أم لا؟
إذا كان الطلاق صدر منك وأنت في شعورك وضبط عقلك وكملت الثلاث حرمت عليك، لأن الطلقة الثالثة هي الأخيرة، والله -سبحانه- يقول: فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ[البقرة: 230]، وهذه الطلقة هي الثالثة، فإذا كنت في الطلقات الثلاث قد حضر شعورك وقلتها وأنت ضابط عقلك فإنها تقع هذه الطلقات، إلا إذا كان شيء منها في حال حيض أو نفاس أو طهر جامعتها فيه فإنها لا تقع في أصح قولي العلماء، والمسألة فيها خلاف، وعند الجمهور أن الطلاق يقع حتى في حال البدعة، في حال الحيض والنفاس، ولكن أرجح القولين عدم الوقوع إذا كان الطلاق وقع منك في حال كونها حائضاً أو نفساء أو في طهر جامعتها فيه، ولا يجوز الطلاق في حال الحيض ولا في النفاس ولا في طهر جامعتها فيه، يحرم الطلاق في هذه الأحوال الثلاث لما ثبت من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه طلق امرأته وهي حائض فأنكر عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأمره أن يراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء طلق قبل أن يمس ثم قال النبي -صلى الله عليه وسلم- فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء، يعني في قوله -سبحانه-: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ[الطلاق: 1] فطلاقهن لعدة أن تطلق المرأة في حال طهر لم يجامعها فيه الرجل، أو في حال كونها حاملاً، هذا هو الطلاق الشرعي، أن تطلق المرأة حال كونها حاملاً أو في طهر لم يجامعها الزوج فيه ولم يتبين حملها؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- .......... ابن عمر: (ثم يطلقها حائضاً أو حاملاً)، .......... قبل أن يمسها، هذا يدل على أن الطلاق في حال الحيض أو النفاس أو في طهر جامعها فيه يكون بدعة يكون محرماً. لكن هل يقع أو لا على قولين: أكثر أهل العلم على أنه يقع مع الإثم، والقول الثاني: أنه يأثم وعليه التوبة إلى الله ولكن لا يقع، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لابن عمر: (راجعها) ولم يقله أن الطلاق وقع، فقال: (رجعها) أي ردها، وفي لفظ: (فردها عليه ولم يراها شيئاً)، قال ابن عمر: (فردها علي ولم يراها شيئاً)، أي لم يراها شيئاً واقعاً على الصحيح، ولكن عليك مع هذا التوبة إلى الله إذا كنت راجعتها بعد الثالثة، ولم تتبصر ولم تسأل فالواجب على المؤمن أن يسأل ولا يقدم على شيء إلا على بصيرة، فالطلاق الثالث يحرمها إلا إذا وجد مانع من وقوعه، فعليك أن تتصل بأهل العلم مع المرأة ووليها حتى يحقق في أمركما وحتى يعرف حالها حين الطلاق، وبعد ذلك يفتيك العالم بما يتضح له شرعاً عند حضورك مع المرأة ووليها لديك وسؤالكم جميعاً عما وقع، وقد عرفت من هذا الكلام أن الطلقة الأخيرة الثالثة تحرمها عليك، حتى تنكح زوجاً غيرك، إذا كانت الطلقات الثلاث وقعت في حال طهر لم تجامعها فيه، أو وقعت في حال كونها حاملاً، فإنها تحرك عليك حتى تنكح زوجاً غيرك. أما إن كانت هذه الطلقات وقعت في حيض أو نفاس أو طهر جامعتها فيه فإنها لا تقع، ويبقى لها طلقة إذا كان الطلاق الواقع ثلاثاً وإن كان الواقع أربعاً فهذه أكبر وأشنع، وكيف يحل لك أن تتصل بها بعد الثالثة، ولم تسأل، ولم تستفت أهل العلم فالمقصود أن عليك أن تسأل أهل العلم وأن تتبصر في أمرك ويكون معك وليها والمرأة أيضاً عند السؤال حتى يتوصل العالم مما وقع بينكم وحتى يفتيكم بما يراه شرعاً. نسأل الله للجميع الهداية.

600 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply