حلقة 165: حكم الصلاة على النبي في الصلاة والدعاء - ميراث الأخ الشقيق والأخ لأم - الطلاق بالثلاث تهديدا والندم على ذلك - مسألة في الطلاق والظهار - كيفية صلاة الجنازة وحكمها

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

15 / 50 محاضرة

حلقة 165: حكم الصلاة على النبي في الصلاة والدعاء - ميراث الأخ الشقيق والأخ لأم - الطلاق بالثلاث تهديدا والندم على ذلك - مسألة في الطلاق والظهار - كيفية صلاة الجنازة وحكمها

1- هل الصلاة المفروضة أو الدعاء إذا لم يذكر فيها الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- تكون صحيحة أم لا؟ فإن أحد الأشخاص قال لنا: إن الصلاة والدعاء لا تقبل إذا لم يذكر فيهما الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-،

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فإن الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- مشروعة في صلاتنا: في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر وفي جميع النوافل، يشرع للمصلي أن نصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- في التحيات في آخر الصلاة، بعدما يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، يقول: اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، هذا نوع من الصلاة الإبراهيمية الثابتة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهناك أنواع أخرى منها قوله: (اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد)، ونوع ثالث (اللهم صلى على محمد، وعلى وأزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد). وهناك أنواع أخرى من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-. وإذا أتى المسلم المصلي أو المرأة بنوع منها بما ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صح وكفى، ثم بعد هذا يقول: (اللهم إني أعوذ من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال)، ويدعوا بما أحب من الدعوات الطيبة قبل أن يسلم، وهذه الصلاة تشرع أيضاً في التشهد الأول على الصحيح، وقالها جمع من أهل العلم أنها لا تقال إلا في التشهد الأخير، ولكن الصحيح أنه يؤتى بها أيضاً في التشهد الأول بعد الثنتين في الظهر والعصر والمغرب والعشاء، إذا جلس في الثانية وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، يصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم ينهض للثالثة، أما بقية الدعاء فهو في الأخير في التشهد الأخير، وهذا القول أصح، فعلى هذا نصلي على النبي في صلاتنا مرتين في الظهر والعصر والمغرب والعشاء مرتين في التشهد الأول والتشهد الأخير، هذا هو الأفضل. واختلف العلماء هل هي فريضة وركن في التشهد الأخير أم لا؟ على أقوال: منهم من قال أنها ركن لا بد منها ولا تصح الصلاة إلا بها، وهذا هو المعروف من مذهب الإمام أحمد بن حنبل وجماعة. وقال آخرون: بل هي واجبة لا ركن بل واجبة، إن تعمد تركها بطلت الصلاة، وإن نسيها لم تبطل الصلاة، ولكن يسجد السهو، وهذا قول وسط. وقال آخرون: إنها سنة لا تبطل الصلاة بتركها لا عمداً ولا سهواً، بل هي سنة مؤكدة لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يفرضها على الناس، ولكن لما سألوه قالوا: كيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: (اللهم صلى على محمد.. إلخ)، ولو كانت فرضاً لفرضها عليهم قبل أن يسألوه، وبينها لهم مع التشهد. وبكل حال فالذي ينبغي هو المجيء بها؛ لأن الرسول أمر بها -عليه الصلاة والسلام- وقال: (قولوا: اللهم صلى على.. إلخ) وهذا أمر، والأمر يقتضي الوجوب، فلا يبنغي للمؤمن أن يدعها في التشهد الأخير، أما التشهد الأول فالأمر فيها واسع إن أتى بها فهو أفضل، وإن لم يأتي بها فلا حرج عليه، ولكن ليس شرطاً للقبول إذا قلنا بها في التشهد الأول إنما هي مستحبة، أما في التشهد الأخير فقد سمعت الخلاف، بعض أهل العلم قال: إنها لابد منها، ومن تعمدها بطلت الصلاة، كما لو تعمد ترك التشهد أو تعمد ترك الركوع أو السجود تبطل الصلاة. وقال آخرون من أهل العلم: إنها لا تبطل الصلاة بذلك، ولكن يستحب له أن يصلي على النبي في آخر الصلاة، فإن تركها لم تبطل صلاته. في أقوال أهل العلم معروفة، فلا ينبغي للمؤمن أن يدعها بل ينبغي أن يحافظ عليها، ويجتهد في فعلها بعد التحيات، بعد قوله: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، قبل أن يسلم، يصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى تصح صلاته عند الجميع، وحتى لا يعرضها للبطلان. وأما الدعاء فهي مستحبة في الدعاء لكن ليس شرطاً في القبول، لو دعا ولم يصل على النبي -صلى الله عليه وسلم- يرجى قبول دعائه، ولكن الأفضل أن يصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل الدعاء، وبعد الدعاء، هذا هو الأفضل، لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لما رأى رجلاً دعا ولم يحمد الله ولم يصل على النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (عجل هذا) ثم قال: (إذا دعا أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه والثناء عليه، ثم يصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم يدعوا بما شاء) فأرشدنا إلى أن نحمد الله أولاً، ثم نصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم ندعو، هذا هو الأفضل وهذا هو الأقرب إلى الإجابة، لكنه ليس شرطاً. وإذا ختم الدعاء بالصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- كان أيضاً أفضل وأكمل وهو من أسباب الإجابة، لكن لو ترك لا يقال لا يجاب الدعاء، بل الدعاء قد يجاب، قد يحصل به المقصود ولو لم يحمد الله في أوله، ولو لم يصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- في أوله ولا في آخره، لكن فعل ذلك، يعني كونه يحمد الله أولاً، ويصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم يدعوا، ويلح بالدعاء، ثم يختم بالصلاة، فهذا كله من باب السنن، من باب الفضائل، وهو من أسباب الإجابة، ولكن ليس شرطاً في القبول، فلو دعا ولم يصل على النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن آثماً، ولا يرد دعائه بل يرجى قبوله، إذا أخلص في ذلك، وسلم من الموانع التي تمنع من الإجابة. والموانع كثيرة، فالمعاصي من أسباب الموانع، من أسباب عدم الإجابة، وأكل الحرام من أسباب عدم الإجابة، والغفلة عن الله وأن يدعو بقلب ساهي غافل من أسباب عدم الإجابة، فعدم الإجابة له أسباب، فينبغي للمؤمن أن يحرص على أسباب الإجابة، بأن يكون طعامه حلالاً، وأن يكون بعيداً عن المعاصي عما حرم الله، وأن يدعو الله بقلب حاضر مشفق راغب راجي يرجوا ربه ويخافه، قد حضر بين يديه -سبحانه وتعالى-. ويتحرى أوقات الإجابة: كآخر الليل، وآخر الصلاة قبل السلام، والسجود، فإن الدعاة بالسجود حري بالإجابة أيضاً، وهكذا بين الأذان والإقامة من أسباب الإجابة. نسأل الله للجميع التوفيق.  
 
2- لي أخت شقيقة وقد ماتت ولم تترك مولوداً، ولنا إخوة من الأم وأنا الأخ الشقيق لها، وحرموني من الميراث، وقال الإخوة من أمها هم الذين يستحقون تركتها، وأنا أخوها الشقيق منعوني منها، فهل لي من حق معهم أم لا؟
كأن السائل أخفى بعض الشيء، إذا كانت الميتة ماتت عن زوج وعن أم أو جدة، وعن إخوة من أم فليس لك شيء، لأن التركة تكون من ستة سهام للزوج النصف ثلاثة، وللأم أو الجدة السدس واحد وللأخوة من الأم الثلث، تمت الستة ما بقي لك شيء، والعاصب يسقط إذا ما بقي له شيء، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (ألحقوا الفرائض بأهلها، فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر)، فمعناه أنها إذا ما أبقت شيئاً مثل هذه الصورة ما يكون له شيء. المذيع/ لكن الأخ الشقيق أليس أقرب من الأخ لأم؟ الأخ لأم صاحب فرض، والأخ الشقيق صاحب عصب، فإذا اجتمعت الفروض ولم يبقى شيء سقط العاصب في هذه الحالة عند جمع من أهل العلم وهو الأرجح، وقال قوم بالمشرَّكة، أنه ...... يشرك معهم لأنه شاركهم في الأم، ولكنه قول ضعيف؛ لأنه عاصب ليس بفرض، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر) وهذه الفرائض لما أعطينا الزوج النصف والأم والجدة السدس والأخوة لأم أعطيناهم الثلث والله أعطاهم الثلث بنص القرآن، ما بقي للأخ الشقيق فيسقط، كما لو كان أخاً لأب، هذا هو الصواب لهذا الحديث الصحيح. أما إن كان ما وراه إلا الإخوة لأم فقط فلا يمكن أن تحرم، بل يعطى للأخوة لأم الثلث والباقي لك، إذا كان ما وراء الأخت إلا إخوتها لأمها يعطون الثلث والباقي للشقيق، لا يمكن أن يفتي مفتٍ من أهل العلم بإسقاطه، أو كانت خلفت زوجاً وإخوة لأم فإنه يبقى واحد من الستة يعطاه الأخ الشقيق أو خلفت أماً أو جدة وأخوة لأم فإن الأم تعطى السدس أو الجدة والأخوة لأم يعطون الثلث والباقي له، وهو النصف تعصيب، لكن السائل لعله أخفى الحقيقة ليشوش على المفتي الذي أفتى بإسقاطه، والمفتي الذي أفتى بإسقاطه مصيب إذا كان الورثة زوج وأم أو جدة وأخوة لأم فإنه لا حق له لعدم وجود شيء من المال بعد الفروض كما سمعت في الحديث في ذلك.  
 
3- رجل غضب غضباً شديداً وقال لزوجته: أنت طالقٌ ثلاث مرات في مجلس واحد، وبعد ذلك ندم على فعله وقال: ما كنت أريد الطلاق وإنما قصدي التهديد، فهل له أن يراجعها بعد ذلك أم لا؟
هذا إذا كان عقله معه ضابطاً لنفسه ولم يقصد إلا التهديد فمعناه أن غضبه ليس بمستغرق فيقع عليه الطلاق يقع عليه في هذه الحالة، قال: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، أو أنت طالق، ثم طالق، ثم طالق يقع طلاق الثلاث في هذه الحال، إذا كان غضبه ليس بالشديد جداً بحيث يعقل ما يقول ويفهم ما يقول بل قصد تخويفها وتهديدها على ما قال ولم يغلب عليه الغضب هذا يقع، أما إذا كان اشتد معه الغضب وصار كالمكره الذي غلق عليه قصده، ولم يستطع ملك نفسه بسبب شدة النزاع الذي جرى بينهما، والمسابة والمشاتمة بينها وبينه، أو كونها عيرته بأشياء أوجبت شدة غضبه، أو ما أشبه ذلك مما يدل على صحة الدعوى، فإن الحادث يفهم منه صدق المدعي وعدمه، فإذا كان الحادث منازعات شديدة أو مضاربة أو مسابة أو ما أشبه ذلك مما يدل على شدة الغضب وصدقه في شدة الغضب فإن الطلاق لا يقع على الصحيح من أقوال أهل العلم، وهو القول بأن شدة الغضب تمنع وقوع الطلاق، وهو مرتبة ثانية من المراتب الثلاث، فإن الغضب له ثلاثة مراتب: إحداها أن يكون مزيلاً لعقله قد زال عقله بسبب شدة الغضب، حتى صار كالمجنون فلا يقع طلاقه عند الجميع، المرتبة الثانية: يكون اشتد معه الغضب وغلب عليه وأفقده ضبط نفسه حتى صار كالمعتوه من شدة الغضب فهذا أيضاً لا يقع طلاقه على الصحيح، والحالة الثالثة: الغضب العادي الذي لا يفقده شعوره، ولا يكون غلب عليه غضبه، ولا أغلق عليه قصده، بل هو غضب عادي لا شدة فيه، فهذا لا يمنع وقوع الطلاق بل يقع معه الطلاق. ولكن ينظر في حال المرأة أيضاً إذا كانت حائضاً في حال حيض أو نفاس أو طهر جامعها فيه فإنه لا يقع الطلاق أيضاً على الصحيح، لأنه يكون طلاقاً بدعياً، فإن الطلاق الشرعي هو الذي يكون في طهر لم يجامعها فيه أو في حال ظهور الحمل، هذا هو الطلاق الشرعي الواقع، أما إذا كان في حيض أو نفاس أو في طهر جامعها فيه فإن القول المختار أنه لا يقع، وإن كان خلاف قول الجمهور لكنه هو الأرجح من جهة الدليل؛ لأنه حينئذ طلق لغير العدة والله يقول: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ[الطلاق: 1] والعدة فصلها أهل العلم بأن تكون طاهراً من غير جماع ولا حمل، هذه العدة التي تطلق لها النساء تكون طاهراً أو حاملاً، فإذا طلقها طاهراً أو حاملاً ولم يجامعها في حالة طهر وهي ........ فإن الطلاق شرعي. أما إذا طلقها في حال حيض، أو حال نفاس، أو في طهر جامعها فيه ولم يستبن حملها، فإنه يكون طلاقاً بدعياً مخالفاً لقوله -تعالى-: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ[الطلاق: 1]، وما خالف أمر الله لا يقع لقوله -صلى الله عليه وسلم- (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد). فالحاصل أن هذا السائل يحتاج إلى أن يتصل بأهل العلم هو وزوجته ووليها حتى ينظر في أمره، وفي شدة غضبه، وإذا كان في الرياض أو في غير الرياض وأحب أن يتصل بي لننظر في موضوعه فلا بأس.  
 
4- أنا رجل متزوج وقد حصلت خصومةٌ ذات يومٍ مع زوجتي فطلبت منها فعل شيء ولكنها رفضت، فكررت عليها وهي مصرةٌ على رفضها، فقلت لها: لو رفضت فأنت محرمة عليّ كما حرمت عليّ أمي، ولكنها أصرت على رفضها ثم استمرت حياتنا الزوجية بعد ذلك دون أن أكفر، علماً أنني كثيراً ما أحلف بالطلاق على أشياء وأحنث في يميني ولا أكفر، ولكني لا أقصد الطلاق وإنما نتيجة الغضب والحماقة، والآن لي مع زوجتي أربع سنين، ولي منها طفلان، فماذا علي الآن؟
أولاً: لا ينبغي لك تعاطي هذه الأمور، ينبغي لك يا أخي أن لا تتعاطى هذه الأمور، لا التحريم ولا الطلاق، بل تخاطبها بغير ذلك، وتأمرها وتنهاها بغير ذلك، وينبغي أن تنزه نفسك ولسانك عن هذا حتى لا تقع في مشاكل وفي أمور قد تحرم عليك زوجتك وأنت لا تشعر، فعليك أن تجتنب هذه الألفاظ تماماً. أما حكم ما وقع فإذا كان الواقع منك بقصد التخويف وحثها على أن تعمل ما قلت لها وليس القصد من ذلك فراقها فإنه عليك كفارة يمين، وليس عليك طلاق ولا ظهار، إذا كان المقصود حملها على العمل وأن تنفذ ما قلت لها وليس قصدك إيقاع الطلاق وفراقها إن لم تفعل فإن عليك في هذا كفارة يمين، وإن كفرة كفارة ظهار لأنك قلت كأمي من باب الاحتياط فحسن، ولكن يكفي هذا كفارة يمين؛ لأن المقصود حملها على ما قلت لها حتى تفعل، وهكذا لو تلفظت بلفظ الطلاق عليك الطلاق أن تفعلي كذا، أو إن لم تفعلي كذا فأنت طالق والمقصود حملها على الفعل وحثها وتخويفها فهذا كله ليس فيه إلا كفارة يمين، وهو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، والإطعام نصف صاع من التمر أو الرز أو الحنطة، كيلو ونصف تقريباً من قوت البلد والكسوة إزار ورداء أو قميص يستره في الصلاة هذه هي الكسوة، أو عتق عبد أو عبدة تحرير عبد أو عبدة هذه هي الكفارة، فإن عجزت عن هذا كله كفاك صيام ثلاثة أيام، كما في نص عليه كتاب الله في سورة المائدة في كفارة اليمين، لكن بكل حال ننصحك أن تحذر هذه الألفاظ، وتحذر التساهل بها دائماً، وعليك أن تبادر بالكفارة عما فعلت، كفارة الأيمان عما فعلت سابقا، عن كل واحدة تطعم عشرة مساكين خمسة أصواع من التمر أو الرز أو الحنطة، كل واحد له نصف الصاع يعني كيلو ونصف من هذه الأطعمة، أو تكسوا عشرة بإزار ورداء أو بقميص كفارة يمينك، لأن هذه الأشياء في حكم اليمين.  
 
5- صفة صلاة الجنازة وحكمها، وهل تشرع أيضاً للنساء كما هي للرجال؟
صلاة الجنازة مشروعة للجميع للرجال والنساء، وهي فرض كفاية إذا قام بها واحد كفى وأجزأت، لكن السنة أن يصلي عليها جمع غفير، وقد صح عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (ما من مسلم يصلي عليه أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيء إلا شفعهم الله فيه)، وفي لفظ آخر يقول -صلى الله عليه وسلم-: (ما من رجل مسلم يصلي عليه أمة من الناس يبلغون مائة كلهم يشفعون فيه إلا شفعهم الله) أو كما قال -عليه الصلاة والسلام-، فكلما زاد الجمع كان خيراً له، يدعون له، ويترحمون عليه. وصفتها أن الإمام يكبر أربع تكبيرات، يقف عند رأس الرجل وعند وسط المرأة، أما قول بعض الفقهاء عند صدر الرجل فهو قول ضعيف لا أصل له، وإنما السنة أن يقف عند رأس الرجل، وعند وسط المرأة، هذا ما جاء في السنة من حديث سمرة بن جندب في الوقوف وسط المرأة، ومن حديث أنس في الوقوف عند رأس الرجل وعجز المرأة، فالسنة الثابتة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تدل على أنه يقف الإمام عند رأس الرجل وعند وسط المرأة ثم يكبر، يقول: الله أكبر، ثم يقرأ الفاتحة يتعوذ بالله من الشيطان ويسمي ويقرأ الفاتحة، وليس فيها استفتاح على الأرجح؛ لأنها مبنية على التخفيف، فيقرأ يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ويسمي ويقرأ سراً الفاتحة، وإن جهر بعض الشيء حتى يعلم من وراءه أنه يقرأ حتى يستفيدوا بعض الأحيان يكون حسن كما فعل ابن عباس للتعليم، ويقرأ سورة مع الفاتحة قصيرة لما جاء في الأحاديث الكثيرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب فصاعداً) يعني فأكثر، فإذا قرأ سورة زيادة، وجاء في بعض الروايات أنه -صلى الله عليه وسلم- قرأ بسورة بالفاتحة وسورة، هذا أفضل، وإن اقتصر على الفاتحة كفى، وإذا قرأ معها بالعصر أو بقل هو الله أحد وما أشبه ذلك كان حسناً حتى يجمع بين الفاتحة وزيادة، ثم يكبر الثانية: الله أكبر، ويصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم-، مثلما يصلي في الصلاة: اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد، والمقصود أنه يصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- مثلما يصلي في الصلاة، ثم يكبر الثالثة ويدعو للميت، ويأتي بالأذكار الشرعية، بالدعوات الشرعية: اللهم اغفر لحينا، وميتنا، وشاهدنا، وغائبنا، وصغيرنا، وكبيرنا، وذكرنا، وأنثانا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان، اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، وغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم أبدله دارا خيرا من داره، وأهل خيرا من أهله، اللهم أدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار، وفسح له في قبره، ونور له فيه، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تضلنا بعده، واغفر لنا وله. وإن زاد دعوات، مثل اللهم إن كان محسناً فزد في إحسانه، وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته، أو قال: اللهم اغفر له وثبته بالقول الثابت أو ما أشبه ذلك من الدعوات الطيبة كله حسن، ثم يكبر الرابعة: ويسكت قليلاً لأنه هذا جاء في بعض الروايات عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم يسلم تسليمة واحدة، هذا هو المحفوظ عن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- على هذا الوجه، فالشريعة عامة للرجال والنساء في الصلاة، لكن الخروج مع الجنازة إلى المقبرة هذا خاص بالرجال، وهكذا زيارة القبور خاص بالرجال، وقد قال -عليه الصلاة والسلام-: (من شهد جنازة حتى يصلى عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان، قيل: يا رسول الله ما القيراطين قال: مثل الجبلين العظيمين) فهذا يدل على الفضل العظيم، وقال أيضاً -عليه الصلاة والسلام-: (من تبع جنازة مسلم إيماناً واحتساباً وكان معها قبل يصلى عليها ويفرغ من دفنها فإنما هي من قيراطين كل قيراط مثل جبل أحد وهذا فضل عظيم فالمشي مع الجنائر فيه جبر للمصابين وتعزية لهم ومواساة لهم فإنه إذا خرج معهم جبر قلوبهم وعزاهم بعمله وقوله جميعاً ولهذا شرع الله الصلاة على الموتى واتباع الجنائز لهذه الفوائد الكثيرة للإحسان إلى الميت والدعاء له ولجبر المصابين ومواساتهم ولتذكر الموت وما يكون بعد الموت من العجائب والأهوال والأخطار حتى يستعد المؤمن للموت وما بعده، نسأل الله العافية والسلامة.

435 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply