حلقة 167: زكاة ما رصده لبناء بيت أو غيره إذا حال الحول - الحلف بالطلاق ثلاثا على مشكلة ما - ميراث الإخوة لأم والأخ الشقيق - طلاق المكره - تحرم المرأة على زوجها بعد الطلقة الثالثة حتى تنكح زوجا غيره

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

17 / 50 محاضرة

حلقة 167: زكاة ما رصده لبناء بيت أو غيره إذا حال الحول - الحلف بالطلاق ثلاثا على مشكلة ما - ميراث الإخوة لأم والأخ الشقيق - طلاق المكره - تحرم المرأة على زوجها بعد الطلقة الثالثة حتى تنكح زوجا غيره

1- رجل عنده منزلان قديمان فباع أحدهما وهدم الآخر على أن يجدد بناءه، ولكن لعدم توفر المواد المطلوبة للبناء فقد تأخر فيه إلى أن حال الحول على قيمة البيت الذي باعه، وبعد حولان الحول وجد المواد اللازمة لبناء البيت، وقام بإنشاء البيت الجديد، وأكمل بناءه وسكن فيه، هل يلزمه دفع زكاةٍ عن المبلغ الذي حال عليه الحول من قيمة البيت المباع، والتي رصدها لبناء البيت الجديد؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله، وخيرته من خلقه، وأمينه على وحيه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه، ومن سلك سبيله، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد: فالجواب عن هذا السؤال أن النقود التي يرصدها المسلم لتعمير بيت أو لقضاء دين أو للزواج أو لأغراض أخرى متى حال عليها الحول وجب عليه زكاتها لعموم الأدلة، الأدلة الدالة على أن جميع النقود التي يحول عليها الحول، وهكذا جميع السلع والأمتعة، التي يحول عليها الحول وهي للتجارة للبيع كلها فيها زكاة إذا حال عليها الحول، ولو كان صحابها أي النقود أرصدها ليعمر بها بيت لسكن، أو ليشتري بها حاجات للبيت، أو ليتزوج منها أو ليقضي بها ديوناً أو غير ذلك، فالصواب أن فيها الزكاة لعموم الأدلة.  
 
2- هناك أخوان شقيقان حصل بينهما شجار بسبب المال، وحضر جماعةٌ للإصلاح وطلبوا من الصغير إعطاء الكبير شيئاً من المال ويتم التراضي بينهما، ولكنه غضب وقال: طلاق ثلاثاً لا أسامحه لا في الدنيا ولا في الآخرة، فماذا عليه الآن، وهل يقع عليه طلاق بهذا لو سامح أخاه؟
ما كان ينبغي لهذا المسلم أن يتسرع في الطلاق، وكان ينبغي له أن يقدر إخوانه الذين جاءوا للإصلاح، وأن يعرف لهم فضلهم ونبل مقصدهم، وأنهم جديرون بالتقدير والاعتراف بالفضل حيث جاءوا للإصلاح، والله شرع لنا الإصلاح، قال -سبحانه وتعالى-: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ[النساء: 114]، وجاء في الحديث الحث على إصلاح ذات البين، والله يقول -سبحانه-: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ[الأنفال: 1]، فكان ينبغي لهما جميعاً أن يقدرا لهؤلاء الجماعة قصدهم الطيب، ولا سيما الأصغر فإن حق الكبير عليه عظيم. أما وقد وقع ما وقع فإنه ينظر في قصده، فإن كان قصده بالطلاق منع نفسه من المسامحة لأخيه وليس من قصده فراق أهله إن سامح أخاه فهذا حكمه حكم اليمين، وعليه كفارتها، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، أو عتق رقبة، فإن عجز صام ثلاثة أيام، هذا هو الواجب في هذا المسألة، إذا كان هذا المطلق إنما قصد منع نفسه من المسامحة، ولم يقصد فراق زوجته إن سامح أخاه، فهو بهذه النية يكون طلاقه هذا في حكم اليمين في أصح قولي العلماء، وعليه كفارتها إذا سامح أخاه وهو الأولى به، أن يسامح أخاه، وأن يصل رحمه ويتعوذ بالله من الشيطان، ولو كان أخوه قد أخطأ عليه، لو فرضنا أن أخاه الكبير قد أخطأ عليه، فكونه يسامح أخاه الكبير ويتنازل عن حقه هذا خير له في الدنيا والآخرة، وقد قال النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح: (ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها) ، فهذا هو الحكم في هذه المسألة إن كان قصده منع نفسه من مسامحة أخيه، ولم يقصد فراق زوجته إن سامح أخاه. أما إن كان قصده فراق زوجته، قصد منع نفسه وفراق زوجته، إن سامح أخاه هذا قصده، يعنين يقصد منع نفسه من المسامحة ويقصد مع ذلك أنه يفارقها وأن الطلاق يقع إذا سامح أخاه، فهو في هذا الحال ينبغي له أن يسامح أخاه، وتقع عليه طلقة واحدة ويراجعها، لإن الثلاث بلفظ واحد تعتبر واحدة على الصحيح من أقوال العلماء، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من حديث ابن عباس في صحيح مسلم ما يدل على أن الثلاث إذا كانت بلفظ واحد تعتبر واحدة، فيكون له الرجعة، إذا سامح أخاه وقعت طلقة واحدة فقط من هذا اللفظ وله أن يراجعها في العدة، بقوله: راجعت امرأتي، أو أمسكت امرأتي، أو رددت امرأتي، وعليه أن يشهد على ذلك شخصين، هذا هو السنة يشهد عدلين على هذه المراجعة، هذا هو الذي ينبغي إذا كان لم يطلقها قبل هذا طلقتين، أما إن كان قد طلقها قبلها طلقتين تكون هذه الثالثة، يكون ما فيها رجعة، لكن إذا ما طلقها الطلقتين فإنه إذا كان قصد إيقاع الطلاق فإنه يسامح أخاه، وتقع طلقة ويراجع زوجته والحمد لله. فصلحه مع أخيه أسهل من وخير له من مسألة الطلقة، إذا وقعت فإن أمرها لا يضر، ما دام له فسحة في الرجعة، ولم يطلق قبل هذا طلقتين فإن الأولى به أن يسامح أخاه، ولو وقع عليه وقعت على زوجته طلقة، فإن أمره بحمد الله سهل، ومصالحة أخيه مهمة كبيرة وقربة عظيمة، إذا كان أخوه من أهل الخير والإيمان من المسلمين. أما إذا كان أخوه ليس بمسلم أو ممن يظهر الفسوق والعصيان والكبائر فتركه وعدم المصالحة قد يكون خير لأخيه، حتى يسلم من شره، وما لديه من فجور أو كفر، لكن مادام أخوه مسلماً مستوراً فمصالحته مطلوبة وصلة رحم، ولو وقع بها طلقة لا تمنع من مراجعة الزوجة. والله المستعان. المذيع/ لو فرضنا أنه كان يقصد إيقاع الطلاق لو سامح أخاه وفعلاً كان الحكم كما تفضلتم بإيقاع طلقة عليه، لكن لو لم يعلم بهذا الحكم إلا بعد أن انقضت العدة، فكيف العمل؟ يعني سامح أخاه؟ المذيع/ يقصد إيقاع الطلاق لو سامح أخاه، وتفضلتم بقولكم أنه يقع عليه طلقة واحدة. إذا سامح، هي تقع من حين المسامحة، ما هو بسابق، الطلقة تقع حين المسامحة. المذيع/ وليس حين التلفظ؟ تبدأ العدة من حين المسامحة، وتقع الطلقة من حين المسامحة. المذيع/ أقصد إذا كان لم يعلم بهذه الحكم إلا بعد أن وقع الطلاق وسامح أخاه وانتهت عدتها؟ ما راجعها يعني، تصلح بعقد جديد، يتزوجها من جديد إذا كان ما طلقها إلا طلقة واحدة أو ما طلقها إلا هذه الطلقة التي سامح فيها أخاه. المذيع/ يعني إذا كانت الأولى أو الثانية فيسترجعها بعقد جديد إذا انقضت العدة ولم يراجعها؟

 

 
3- والدتي تزوجت برجل قبل والدي وأنجبت منه ابنتين، ثم تزوجت بأبي وأنجبتني أنا وأختاً لي، وقد توفي والدي وترك تسعة فدادين زراعية، فورثت أنا منها ستة وأختي ثلاثة، ثم توفيت أختي بعد أن تزوجت ولم تخلف ذرية؛ فتحاكمت أنا وزوجها وأخوتها لأمها عند القاضي حول تركتها، ولكن الذي حصل أن القاضي أعطى زوجها نصف تركتها وأعطى إخوتها لأم النصف الثاني، وأنا أخوها الشقيق لم يعطني شيئاً منها، فما رأيكم في هذا العمل، وهل أستحق أنا شيئاً من تركتها أم لا؟
إذا كان الواقع هو ما ذكرت، إذا كان الواقع هو ما ذكره السائل، فهذا المفتي أو هذا القاضي قد أخطأ، لأن للزوج النصف، ولأخوتها من الأم الثلث، ويبقى واحد من ستة لأخيها الشقيق عصب، إلا أن تكون أمها موجودة، فإذا كانت أمها موجودة تعطى السدس، وأخواتها من الأم لهن الثلث، وزوجها له النصف، وهذه يقال: لها المشركة، ويقال لها: اليمية، ويقال لها: الحمارية، مسألة مشهورة عند العلماء، والصحيح فيها أن الشقيق يسقط، هذا السائل، إذا كان فيها أم مع الأخوات لأم فإن الزوج يعطى النصف من ستة وهو ثلاثة، وتعطى الأم السدس واحد، يحجبها الأخوة عن الثلث، وتعطى الأخوات لأم الثلث، ما بقي شيء تمت الستة استغرقت الفروض المسألة، فيسقط الأخ الشقيق على الصحيح من أقوال العلماء ومذهب أبي حنيفة -رحمه الله- ومذهب الإمام أحمد -رحمه الله- وهو المروي عن جماعة من الصحابة، مروي عن ابن عباس وأبي موسى الأشعري وأبي بن كعب وجماعة من الصحابة وأهل العلم وهو الصواب، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر) ولعل هذا هو الواقع؛ لأن السائل ما ذكر الأم، ولا ذكر أنها ماتت الأم، فإذا كانت الأم موجودة فالذي فعله القاضي هو الحق وهو الصواب، خلافاً لمذهب الشافعي ومالك. فالزوج له النصف من ستة ثلاثة، والأم لها السدس واحد وأخوات الميتة من أمها لهم الثلث، هذه ستة ما بقي شيء، فالشقيق يسقط، ولو كان عاصباً قوياً، لكن استغرقته الفروض ما بقي له شيء، والرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (اقسموا الميراث بين أهل الفرائض على كتاب الله، فما أبقت الفرائض فهو لأولى رجل ذكر)، وفي لفظ: (ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر)، وأولى رجل هو الشقيق، ولم يبق له شيء فيسقط، فالمقصود أن حكم القاضي صحيح إن كانت الأم موجودة، أما إن كانت الأم مفقودة فهو مخطئ، فالقاضي يعطي الزوج النصف ويعطي الأخوة لأم الثلث ويبقى واحد للشقيق إذا كان ما له أم، لكن أخشى أن السائل نسي الأم فظلم القاضي، المهم. ولو كانت الأم موجودة فلها السدس، وثلث للأخوة لأم فرض وما بقي شيء، فيسقط الأخ الشقيق على الصحيح من أقوال العلماء. المذيع/ إنما لو اتضح أنه فعلاً الأم غير موجودة؟ فله السدس عصبة. الذي هو الباقي تعصيب، ما هو بفرض تعصيب، واحد من ستة.  

 

 
4- تزوجت منذُ أكثر من ثلاث سنين بعد أخذ موافقة الزوجة وأهلها، وبعد مضي هذه المدة طلبت زوجتي الطلاق بحجة أنها غير راضية بي وقت الزواج، وأيدها أخوها في هذا الطلب وأصروا عليه، وهددني أخوها إن لم أفعل، وفعلاً طلقتها تحت وطأة التهديد والخوف من شره، فما الحكم في مثل هذا الطلاق؟
هذا يرجع إلى المحكمة والمحكمة تنظر في الأمر، تنظر في الأدلة والواقع وأدلة الزوج وغير ذلك، تنظر في الأمر والله يوفق القاضي للخير. المذيع/إنما من حيث الحكم الطلاق بالإكراه؟ ما نقول شيء في هذا، نخشى أن القائل ليس بصحيح، ليس بصادق. المذيع/ أقصد كحكم عام؟ المكره لا يقع طلاقه المكره بالضرب والتهديد ممن يظن إيقاعه به لا به، إذا طلق تبعاً لقوله، من قصد الإكراه، لا لأنه طارت نفسه منها، لكن الحكم في هذا يرجع إلى القاضي لأن المدعي قد يكون ما هو مصيب، قد يكون ما أكره.  

 

 
5- أنا رجل متزوج وقبل سبع سنوات تقريباً طلقت زوجتي طلقتين لسبب خلافٍ بينها وبين أهلي، وكنت في ذلك الوقت خارج البلاد، ووقع الطلاق بخطاب بعثته من صورتين وبشهادة اثنين من أصدقائي، صورة للزوجة وصورة لوالدي، وبعد ذلك عدت إلى البلاد وعلمت أن صورة الخطاب لم تصل إليها، ولم تعرف شيئاً عن ذلك الطلاق، وبعد استشارتي بعض الناس عندنا، قيل لي: يمكن إرجاعها بعقد جديد، وتم ذلك، وبعد أربع سنوات حصل خلاف مرةً أخرى، وأمام قاضي المحكمة الشرعية طلقتها طلقة واحدة، والآن بعد مرور سنتين أريد إرجاعها خوفاً على مستقبل أطفالي فهل يجوز لي ذلك أم لا؟
ما دام الطلاق الأولى طلقتين فهذه الثالثة، انتهى ما بقي شيء، إذا طلقها الثالثة حرمت حتى تنكح زوجاً غيره ، مادام طلقها طلقتين ما بقي له إلا واحدة فإذا تزوجها ثم طلقها انتهى، نعم. إذن لا تحل له إن بعد زوج جديد؟

458 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply