حلقة 169: حكم من جامع أخت زوجته التوأم التي زفت إليه فلم يفرق بينهما - الاستفسار عن كتاب الدعاء المستجاب - دم الإجهاض ودم الحيض والنفاس - وضع المساحيق والزينة على وجه المرأة تجملا - قضاء ما أفطرته المرأة من رمضان

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

19 / 50 محاضرة

حلقة 169: حكم من جامع أخت زوجته التوأم التي زفت إليه فلم يفرق بينهما - الاستفسار عن كتاب الدعاء المستجاب - دم الإجهاض ودم الحيض والنفاس - وضع المساحيق والزينة على وجه المرأة تجملا - قضاء ما أفطرته المرأة من رمضان

1- رجل تقدم لخطبة إحدى الفتيات ولها أخت توأم، وبعد أن تم العقد على الفتاة التي اختارها وبشهادة الشهود فوجئ في ليلة الزفاف بأن زفت إليه أختها، ولكنه دخل بها ولا ندري هل كان بعلمٍ منه أو بدون علم، فما الحكم في الحالتين، وعلى من يقع الإثم، وماذا عليه إن يفعل؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله، وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فهذا المقام مقام تفصيل: فإن كان وقع بها يظنها زوجته التي عقد عليها فلا شيء عليه، ولا إثم عليه، وإن حملت فالولد منسوب إليه؛ لأنه وطأ بشبهة وهو معذور. أما الذين أدخلوها عليه فكذلك فيهم تفصيل: إن كانوا غلطوا فلا شيء عليهم، وإن كانوا تعمدوا فعليهم الإثم، ويستحقون العقوبة على هذا العمل السيئ المنكر، ثم هو بعد ذلك بالخيار إن شاء طلق أختها وعقد عليها؛ لأن أختها لا عدة لها، فهي مطلقة غير مدخول بها، فله أن يطلقها ويتزوج أختها التي أدخلت عليه في الحال، وإن شاء ترك هذه التي أدخلت عليه؛ لأنها ليست غير زوجة إذا أخبر وعلم، وزوجته باقية التي عقد عليها، ولا بأس بدخوله عليها، لأن هذه موطوءة بشبهة وليست زوجة له، ولا ....... بعقده، وقد يقال: أنه يمتنع من وطأ الثانية من أجل وطئ أختها ولكن ليس هذا بظاهر، لأن هذا الوطء وطء شبه وليس وطء متعمداً وليس وطء نكاح، فهو معذور في هذا نعم. قلنا له أن يتمتع بزوجته التي عقد عليها إذا لم يرغب في التي أهديت إليه، ولم يرغب في نكاحها، ولو كان قد وطئها، ولكن بدا لي في هذا شبهة وهو إذا كان قد وطئها هل يستمتع بأختها التي عقد عليها أم لا محل نظر، ولعل هذا يأتي في الحلقة الآتية حتى ننبه إلى هذا بعد مراجعة كلام أهل العلم في ذلك، والتأمل في هذا الموضوع والحيطة في هذا الشيء، هل يجوز له أن يطأ زوجته التي عقد عليها مع وطئه لأختها التي اهتديت إليه غلطٌ أم لا؟ هذا محل إشكال، قلنا: أنه لا بأس أن يطأ زوجته التي عقد عليها وإن كان قد وطء أختها غلطاً هذا هو المتبادل الآن والظاهر، ولكن بدا لي أن هناك شيء من الشبهة في الموضوع يحتاج إلى إعادة نظر، فيمكن أن نبين هذا إن شاء الله في الحلقة القادمة في الأسبوع القادم إن شاء الله، ووفق الله الجميع.  
 
2- هناك بعض الكتب الخاصة بالأذكار والأدعية الواردة عن رسول -صلى الله عليه وسلم-، منها مثلاً: كتاب الدعاء المستجاب، وقد وجدت فيه أدعية لكل يوم من أيام الأسبوع، فهناك أدعية وأذكار ليوم الجمعة، وأخرى ليوم السبت وهكذا، فهل الالتزام بهذه الأذكار بدعة أم هو من السنة؟
هذا كتاب غير معتمد وصاحبه حاطب ليل، يجمع الغث والسمين والصحيح والضعيف والموضوع فلا يعتمد عليه، ولا يجوز أن يخصص أي يوم أو أي ليلة بشيء إلا بدليل عن المعصوم -عليه الصلاة السلام-، فالكتاب هذا لا يعتمد عليه، ولكن تراجع الكتب الأخرى فما ثبت عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- من أذكار الصباح أو المساء، أو أدعية تقال في الصباح والمساء شرع ذلك، وما لا فلا، أما هذا الكتاب -الدعاء المستجاب- فلا يعتمد عليه لأن صاحبه ليس بأهلاً لذلك، ولأنه يجمع بين الغث والسمين والصحيح والضعيف والموضوع، فلا يعتمد على هذا الكتاب.  
 
3- إذا أجهضت المرأة فما حكم دم الإجهاض، هل حكمه كالنفاس أم كالحيض، وما هي أكثر مدته وأقلها؟
إن كان الإجهاض بعدما تخلق الطفل ووجد فيه علامة الإنسان من رجل أو رأس أو يد ولو خفياً فإنه نفاس، حكمه حكم النفاس، عليها أن تبقى حتى تطهر، ولو إلى أربعين يوم، لأن هذه نهاية النفاس أربعون يوماً، فإن طهرت قبل ذلك بعشرين أو بشهر اغتسلت وصلت وصامت وحلت لزوجها، فإن استمر معها الدم تركت الصلاة والصوم ولم تحل لزوجها حتى تكمل الأربعين، فإذا كملت الأربعين اغتسلت وصلت وصامت، وحلت لزوجها ولو كان معها الدم؛ لأنه دم فساد حينئذ، فإن النفاس نهايته وأكثره أربعون يوماً، فما زاد عليه يعتبر دم فساد، تصلي وتصوم بعد الغسل وتحل لزوجها وتتحفظ بقطن ونحوه، وتتوضأ لكل صلاة، كالمستحاضات وصاحب السلس، أما لو طهرت بأقل من ذلك بعشرين أو لخمسة عشر أو ثلاثين فإنها تغتسل وتصلي وتصوم، ولو كانت في أثناء الأربعين، وتحل لزوجها أيضاً، أما إن كان هذا الجهاض ما تخلق ...... بل دماً أو لحمة ليس فيها خلق إنسان بين، فإن هذا يعتبر دم فساد، تصلي وتصوم كصاحب السلس وتتوضأ لوقت كل صلاة إذا دخل الوقت، وتعتبر نفسها كالمستحاضة أو كصاحب السلس وكالمريض، إذا شق عليها ذلك تصلي الظهر والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء جميعاً من أجل كثرة الدم، فالمقصود أنها في هذه الحالة كالمستحاضة وكصاحب السلس، تصلي وتصوم وتحل لزوجها؛ لأنه ليس بنفاس، حتى ينقطع عنها ذلك، وتتوضأ لوقت كل صلاة كما تقدم.  
 
4- ما حكم المساحيق التي يضعها النساء على وجوههن للزينة، هل هن يعتبرن من المغيرات لخلق الله بذلك، حتى إذا وضعت بقصد الزينة للزوج فقط، وهل صحيح أن عطر النساء في صدر الإسلام كان له لونٌ وليس له رائحة؟
المساحيق فيها تفصيل: إن كانت يقصد بها الجمال والنور ولكن لا تضر الوجه ولا تسبب شيناً فيه، فلا بأس بها ولا حرج. أما إن كانت تسبب شيناً فيه، بقع، مثل سوداء أو ...... في الوجه فإنها تمنع من أجل الضرر. وأما الطيب فهو قديماً وحديثاً قد يكون له لون مع الريح، وقد لا يكون له لون، ويكون له ريح، فإذا تعاطت المرأة الطيب فالأولى والأفضل بها أن تتحرى الذي ليس له رائحة جيدة قوية، و إلا فالنساء يتعاطين في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- ماله ريح وله لون كالمسك، قالت عائشة -رضي الله عنها-: (كنا نضمد جباهنا بالمسك مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في الإحرام)، فالأولى بها أن تتحرى الشيء الذي ليس له رائحة قوية لئلا تفتن الرجال، وتبعد عن المرور على الرجال والمخالطة للرجال مع وجود الطيب الذي له رائحة، وقد يكون له لون ولكن ليس له رائحة شديدة، مثل بعد الأطياب التي لها لون أصفر أو نحوه ولكن ليس له رائحة قوية، هذا نوع من الأطياب، ولا يكون طيب إلا وله رائحة، لكن قد تكون قوية وقد تكون ضعيفة، ولكن إذا تحرت الطيب الذي ليس له رائحة قوية إذا كان قد تبتلى بالرجال الذين من أحمائها أو غير أحمائها فيكون هذا أولى، وإذا فعلته وكانت مع النساء وفي حقل نساء، لا في حقل رجال فلا حرج.  
 
5- في العام الماضي لم تستطع أن تصوم رمضان؛ لأنها كانت حاملاً، وبعد ذلك لم تستطع قضاء ذلك الشهر بسبب الرضاعة حيث أن صحتها ضعيفة، فماذا تفعل قبل دخول رمضان هذا العام، وكذلك هناك سنين مضت لم تقضِ فيها الأيام التي أفطرتها بسبب الحيض، فماذا تفعل الآن تكفيراً لهذا، وخاصةً أنها لا تعرف عدد تلك الأيام، وقد صامت بعضاً منها، وكثيراً ما كان يمنعها المرض من أن تكمل ما تبقى؟
عليها أولاً أن تصوم ما تبقى عليها من الأيام، وتتقي الله في ذلك، مع التوبة عما أخرته عن رمضان السابق، عليها التوبة إلى الله مما أخرته من صيام الذي قبل رمضان السابق. وأما ما يتعلق بالسنة الأخيرة رمضان الأخير فعليها أن تصوم في بقية هذه الأيام قبل رمضان، وعليها أن تصوم ما بقي عليها من الأيام الماضية ولو بعد رمضان، فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ[التغابن: 16]، وعليها أن تطعم عن كل يوم مسكين من الصيام السابق الذي قبل رمضان الماضي، لأن التأخير عن رمضان المستقبل يوجب عليها الفدية على الصحيح، فما كان قبل رمضان السابق فهذا تقضيه مع الفدية، وما كان من رمضان السابق القريب فهذا فيه القضاء من دون فدية، رمضان عام 1403هـ فيه قضاء من دون فدية، وأما ما كان قبله من الرمضانات فإنها تقضي مع الفدية عن كل يوم نصف صاع تمر أو رز، يعطاه بعض المساكين، يجمع ويعطى بعض الفقراء، وأما كونها لا تحفظ الأيام فعليها أن تتحرى غالب الظن، تجتهد وتعمل بغالب ظنها بالأيام التي عليها مع التوبة والاستغفار على ما حصل من التأخير الذي ليس لها فيه عذر. أما ما كانت فيه معذورة من أجل مرض أو الرضاع فليس عليها فيه فدية، إذا كانت تأخرت من أجل مرض أو الرضاع الذي يشق عليها معه الصيام، فهي معذورة ولا شيء عليها وليس عليها فدية، لكن إذا كانت تساهلت وأخرت من دون عذر هذا هو محل الفدية. لو بقي عليها شيء من الأيام التي من رمضان الماضي إلى ما بعد رمضان الحالي تقضيها فقط أو تقضي وتفدي؟ مثلما تقدم، إن كان قبل رمضان الماضي رمضان 1402هـ أو رمضان 1401هـ، أو ما أشبه ذلك، تقضي وتفدي إلا إن كانت معذورة، إذا كانت معذورة بأن أخرت من أجل الرضاع من أجل المرض والعجز عن القضاء فهذه ليس عليها إلا القضاء، ليس عليها فدية، لأنها معذورة. أما إن كانت تساهلت، أخرت تساهلاً وكسلاً هذا عليها مع القضاء التوبة, وعليها مع القضاء أيضاً الفدية، عن كل يوم نصف صاع من التمر أو الأرز كيلو ونصف تقريباً، يدفع للمساكين والفقراء عما حصل من التأخير مع القضاء. أما ما كان من رمضان هذا العام عام ثلاثة فهذا ليس فيه فدية، تقضيه الآن هذه الأيام، الحمد لله. المذيع/ الفدية يجوز أن تجمع بعدد الأيام التي أفطرت؟ نعم وتعطى الفقراء. المذيع/ دفعة واحدة. نعم، دفعة واحدة. 
 
6- هو متزوج من امرأة وقد أنجبت له سبعة أولاد ذكور وإناث، وقد سافر عنها وتركها في بلده، وبعد مدة علم بأمرٍ حصل منها أغضبه منها فطلقها طلقتين بينه وبين نفسه، ولم يخبر أحداً بذلك، فهل يقع مثل هذا الطلاق؟
نعم مادام تكلم به يقع، مادام نطق به يقع، يبقى لها واحدة، يبقى لها طلقة ويقع عليها طلقتان.  
 
7- أثناء إقامتي في مكة المكرمة أقوم كل يوم خميس بالإحرام بنية العمرة، وأؤدي عمرة، ولكني سمعت أن هذا لا يجوز، فلا بد من أن يكون بين العمرة والعمرة أربعون يوماً، فهل هذا صحيح أم لا؟
ليس بصحيح، ولا يشترط أن يكون بين العمرة والعمرة أربعون يوم، هذا كلام لا أصل له وإنما هو من كلام بعض العامة، ولا حرج في عمرته في الأسبوع مرتين، ما بين الخميس والخميس، أو السبت والسبت، أو أكثر من ذلك في كل عشرة أيام أو نصف شهر، المقصود ليس فيه حد محدود لا أربعون ولا غيره، ولم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما نعلم حداً محدود، فقد قال -عليه الصلاة والسلام-: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما)، يروى عن علي -رضي الله عنه- أنه قال: (العمرة في كل شهر) ولكن ليس هذا على سبيل التحديد، قد يكون قال ذلك على سبيل الأفضلية والرفق بالإنسان, وإلا فليس هناك حد محدود فيما نعلم، وإذا اعتمر في كل شهر أو في كل شهرين أو في كل نصف شهر فلا نعلم في هذا بأساً.  
 
8- أثناء إقامتي في بلدي حلفت على زوجتي لو ذهبت إلى المكان الفلاني تكون محرمة علي، ووقت بقائي هناك لم تذهب، ولكن الآن في غيابي لو ذهبت فما الحكم، وعلى من يكون الإثم، وماذا أفعل لو ذهبت وأنا لم أعلم بذلك؟
إذا لم تعلم فالإثم عليها؛ لأن عليها السمع والطاعة وعدم الخروج إلى المحل الذي منعتها منعه، إلا بأمر شرعي ومسوغ شرعي، فإذا خرجت ولم تعلم فإن الإثم عليها. أما إذا علمت فالأمر فيه تفصيل: إن كنت أردت بهذا تحريمها إن فعلت هذا الشيء فعليك كفارة الظهار، وإن كنت أردت منعها فقط أردت أن تمنعها من هذا الشيء لا تحرمها فعليك كفارة يمين، إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، عشرة يطعمهم، يعطى كل واحد نصف صاع من التمر، من قوت البلد: من التمر أو من الأرز أو من الحنطة أو من الذرة إن كانت قوت البلد ويكفي عشرة، كل واحد نصف صاع يعني كيلو ونصف تقريباً، لأنه حكمه حكم اليمين، إذا كان قال: هي محرمة إذا فعلت كذا وكذا، إذا كان المقصود المنع وليس المقصود تحريمها تحريم الظهار فإن عليه كفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، مقداره كيلو ونصف تقريباً، أو كسوتهم على قميص، قميص، أو إزار ورداء. أما إن كان المقصود تحريمها تحريم الظهار، تكون حرام عليه إذا فعلت، فعليه كفارة الظهار، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن عجز صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً ثلاثين صاعاً، كل مسكين له نصف صاع، كيلو ونصف تقريباً، قبل أن يمسها، إذا كان قصده تحريمها، قبل أن يمسها. أما إن كان قصد الطلاق، قصد بهذا الطلاق أنها متى فعلت تطلق فهذا يقع به طلقة واحدة، إذا كان قصده الطلاق، وأنها متى فعلت تطلق ويقع به واحدة. أما إن كان أراد المنع لم يرد طلاقاً ولا تحريماً وإنما أراد المنع فعليه كفارة اليمين فقط كما تقدم. المذيع/ لو فعلت ذلك وكان يقصد الطلاق فعلاً فتكون طالقاً من وقت الفعل أو من وقت الطلاق؟ إذا كان أراد إيقاع الطلاق يكون الطلاق من وقت الفعل، أما إذا كان أراد منعها فقط وتخويفها ولم يرد طلاقها ولا تحريمها فهذا فيه كفارة يمين.  
 
9- كنت أقرأ في كتاب "آداب الزفاف" تأليف: محمد ناصر الدين الألباني، فوجدت في هذا الكتاب حديثاً لا أعلم مدى صحته، وهو قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (من أحب أن يحلق حبيبه بحلقة من نارٍ فليحلقه حلقة من ذهب، ومن أحب أن يطوق حبيبه طوقاً من نارٍ فليطوقه طوقاً من ذهب، ومن أحب أن يسور حبيبه سواراً من نارٍ، فليطوقه طوقاً، وفي وراية: فليسوره سواراً من ذهب، ولكن عليكم بالفضة، فالعبوا بها، العبوا بها، العبوا بها)، أخرجه أبو داود وهذا سند جيد، فهل هذا الحديث صحيح، فإن كان كذلك فإن معناه تحريم الذهب على النساء، فإن محمد ناصر الدين الألباني قد حرمه،
هذا الخبر في صحته نظر وصححه جماعة، والصواب أنه شاذ وليس بصحيح، ولو فرضنا صحته فهو منسوخ بإجماع أهل العلم، فإن أهل العلم أجمعوا على أن الذهب حل للنساء ومحرم على الرجال، وهذا الخبر بين أمرين: إما أن يكون شاذاً قد خالف الأحاديث الصحيحة، والشاذ حكمه حكم الأحاديث الضعيفة، ولو صح سنده، فإنه متى خالف الأحاديث الصحيحة يكون شاذاً حكمه حكم الأحاديث الضعيفة؛ لأن من شرط الصحيح أن لا يكون شاذاً، وما شذ من الأحاديث بأن خالف الأحاديث الصحيحة التي هي أصح منه فإن حكمه حكم الأحاديث الضعيفة، فيحكم عليه بأنه ضعيف، وهذا من هذا الباب، ثم هو مع هذا منسوخ لو صح سنده وسلم من الشذوذ فإنه منسوخ بإجماع أهل العلم الدال على أن الذهب محل للنساء محرم على الرجال، وأن ما جاء فيه من النهي كان قبل ذلك ثم نسخ، وقد كتبنا في هذا مقالاً نشرناه قريباً وجواباً أرسلناه إلى مجلة الدعوة وغيرها، للنشر لبيان هذا الحكم، وأن الحديث هذا وأشباهه مما جاء فيه تحريم الذهب على النساء كلها على افتراض صحتها منسوخة للإجماع الذي حكاه أهل العلم، فإنه حكى الإمام الجصاص والبيهقي والنووي وجماعة إجماع أهل العلم على حل الذهب للنساء وعلى تحريمه للرجال. وأما هذه الأخبار الذي فيها ما يدل على تحريمه على النساء فهي أخبار إما شاذة وإما منسوخة كما بينا في الكلمة، وأخونا العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني وهم في هذا غفر الله له، ورأى أن يكون المحلق محرماً على النساء دون غير المحلق، وهذا ليس بصحيح، والصواب أن جميع أنواع الذهب سواءً محلق أو غير محلق حل للنساء، وقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه أذن للنساء في لبس الأسورة، وفي لبس الخاتم من الذهب، وهو محلق والأسوار محلقة، فالمقصود أن الصواب في هذا أن الحديث هذا بين أمرين، بين ضعفه لشذوذه، وبين نسخه لو فرضنا صحته بإجماع أهل العلم، وبالأحاديث الصحيحة الدالة على حله للنساء. وما ذكره أخونا الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني في آداب الزفاف من الجمع بين الأحاديث الواردة في هذا الباب بحمل الأحاديث التي فيها النهي على المحلق والأحاديث الدالة على الإباحة على غير المحلق ليس بصحيح وقد بينا ذلك في الكلمة التي كتبناها من باب النصيحة وبيان الصواب في هذا الباب، وهو لا شك مجتهد جزاه الله خيراً وبارك فيه ولكن كل واحد يخطيء ويصيب كل عالم له أغلاط وله أخطاء ونسأل الله أن يوفق الجميع، لما فيه صلاح النية والعمل.

3.2K مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply