حلقة 173: لا يعرف النسب بالفحوصات الطبية - سمعت طلاقها عبر تسجيل كاسيت فلم تصدق - عقد شراء صوري - هل في ذهب الزينة زكاة - إيجار الدار يزكى عليه - ميراث أولاد البنت - هل يقع الطلاق بالكتابة - الأعمال التي يعملها الإنسان هي من إرادة الله؟

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

23 / 50 محاضرة

حلقة 173: لا يعرف النسب بالفحوصات الطبية - سمعت طلاقها عبر تسجيل كاسيت فلم تصدق - عقد شراء صوري - هل في ذهب الزينة زكاة - إيجار الدار يزكى عليه - ميراث أولاد البنت - هل يقع الطلاق بالكتابة - الأعمال التي يعملها الإنسان هي من إرادة الله؟

1- إذا كشف طبيب على طفل مجهول النسب وقرر أنه ابن فلان، فهل يقبل كلامه وينسب ذلك الطفل لمن نسبه إليه أم لا؟.

بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله, وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فقول الطبيب أن الطفل المجهول النسب ابن فلان لا يكون معتبراً على إطلاقه بل لا بد من النظر في حال الطفل فإذا كان معروفاً أنه ولد على فراش فلان من زوجته, أو من سريته فإنه محكوم له بذلك, لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (الولد للفراش وللعاهر الحجر), أو كان معروفاً أنه ابن فلان بالبينة بشاهدي عدل يشهدان بأن هذا هو ابن فلان، فإنه يحكم به بالبينة الشرعية, فإن كان الحال ليس في ذلك فراش, ولا شهادة عدلين فإنه يعرض على القافة بحضرة جميع من يدعيه بوجه شرعي, وإذا كان له منازع كذلك يحضر عند القافة العارفين بالشبه, فتلحقه القافة بمن هو أقرب به شبهاً عند فقد الفراش وعند فقد البينة العاجلة, وأما الطبيب فلا يكفي، القافة العارفين بأشباه الناس هم الذين اعتبرهم الشارع, وقد سر النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قال القائف في أسامة بن زيد مع أبيه، وهما تحت قطيفة لم يبدو منهما إلا أرجلهما قال: "إن هذه الأقدام بعضها من بعض" فسر النبي بذلك-عليه الصلاة والسلام-وقد عمل المسلمون بهذا، فالحاصل أن القافة مقدمة على الطبيب الذي يعتبر الدم أو نحوه, فالقافة العارفون بالأشباه هم المقدمون في هذه المسألة عند فقد البينة التي أقوى منهم وهي الفراش, وشهادة عدلين يشهدان بنسبه لفلان، فإذا كان مجهولاً, ولا بينة, ولا فراش فإن القافة هي المعتبرة نعم. 
 
2- رجل متزوج وهو في بلد آخر غير البلد التي فيها زوجته، ولأمر ما حدث أراد أن يطلق زوجته، فبعث إليها شريطاً مسجلاً عليه كلمة أنت طـالق من يوم وصول هذا الشريط إليك، وبعد مضي ستة أشهر رجع إلى بلده فوجد زوجته أمامه في بيته تنتظر عودته، ولم تصدق بطلاقه المسجل على الشريط، وهو بعد ذلك يريد استرجاعها، فما العمل بعد مضي مدة ستة أشهر على إرسال الشريط؟
ما دام الشريط وصل إليها فإنه يقع عليها طلقة بذلك. ولا ينفعها اعتقادها عدم صحة ذلك, فإنه يقع بها طلقة فإن صادفها في العدة حين وصل ولم يمضي عليها ثلاث حيض راجعها من دون حاجة إلى عقد جديد, فإن كان قد مضى عليها ثلاث حيض وهو الغالب في الستة الأشهر يكون فيها عدة حيض أكثر من ثلاث في الغالب، فإذا كانت قد مرت عليها ثلاث حيض بعدما وصل إليها الشريط فإنها لا تحل له إلا بعقد جديد، برضاها ومراعاة بقية الشروط وليس له قربانه إذا وصل وهي في بيته حتى يتم العقد, إذا كانت قد حاضت ثلاث مرات بعد وصول الشريط إليها, لكونها مرور ثلاث حيضات بانت منه بينونة صغرى تملك بها نفسها, لكن إذا راجعها بعقد جديد لا بأس. إنما العبرة هي بثلاث حيض باعتبار أن كل حيضة في كل شهر . نعم بالحيضة نفسها. حتى لو استغرقت ثلاث أشهر أو أربعة ؟ نعم ، نعم ، هذا إذا كانت تحيض نعم, أما إذا كانت امرأة كبيرة أو صغيرة لا تحيض, أو امتنع عنها الحيض لأسباب فالعبرة بمرور ثلاثة أشهر إذا مر عليها ثلاثة أشهر وقد مرت ستة أشهر وقد مرت ثلاثة أشهر تكون قد بانت منه البينونة الصغرى إذا كانت الطلقة واحدة فقط ما قبلها طلقتان، فإنها بهذا تكون قد بانت منه بينونة صغرى لا تحل له إلا بعقد جديد هذا هو الحكم الشرعي نعم، أما أن تكون حبلى، كانت حامل ولم تضع حملها فهي في عدة ما زالت في عدة وله مراجعتها من دون عقد جديد, إذا كانت طلقة واحدة فقط ولم يسبقها طلقتان نعم.   
 
3- أنجب والدي ستة أولاد وبنتاً واحدةً، ولقد جاهد رحمه الله حتى أتم تعليمناً إلا واحداً من أخوتي شاء الله ألا ينال حظه من التعليم مثلنا، وذلك لرغبة من الوالدة في أن يظل مع والده يعمل معه في فلاحة الأرض، حيث أننا من أبناء الريف، وقبل وفاة الوالد طلبت أنا من والدي أن يخص أخي المذكور بقدر معينٍ من الأرض التي يملكها عوضاً له عن جهده طوال سنوات عدة، ولكونه لم ينل حظه من التعليم مثلنا، والحقيقة أنه رحمه الله رفضَ ذلك مراراً، ولكنه أمام إلحاحي وإلحاح الوالدة وبعض الإخوة وافق على أن يحرر لأخي عقد بيع وشراء صوري لقطعة محددة من الأرض، ولكن دون أن يقبض منه أي ثمنٍ بل أخذ عليه صكٍ بمبلغ سبعمائة جنيه، فما مدى صحة هذا العقد الذي تم بين الوالد وبين أخي، علماً بأن العقد موجودٌ عندي بصفة أمانة لحين إتمام الإجراءات، وهل الصك الذي أخذه والدي على أخي يدخل ضمن تركته ويطالب به أخي أم لا؟
إذا كان الواقع ما ذكره السائل فالصك المذكور لا عبرة به؛ لأنه كذب وحيلة فلا وجه له, لكن إذا سمح إخوته والورثة جميعاً بهذه القطعة لهذا الأخ للسببين المذكورين لكونه ساعد أباه ولكونه لم يتعلم فلا بأس إذا سمحوا له بهذه القطعة, أو سمح بعضهم ، فمن سمح منهم سقط حقه من هذه القطعة والذي لم يسمح فهو على حق, أما هذا العقد المزور فلا قيمة له. ولا يلتفت إليه ومن لم يسمح فهو على حق. 
 
4- تحتفظ زوجتي بقدرٍ من الذهب بقصد الزينة، فهل تجب عليه الزكاة، خاصةً وأننا سمعنا في هذا الموضوع أراء عدة؟
اختلف العلماء في الحلي المعدة للبس و الملبوسة والصواب في ذلك أن فيها الزكاة هذا هو الصواب؛ لعدة أحاديث وردت في الباب، فإذا بلغ مجموع الحلي من القلائد والأسورة ونحو ذلك نصاب الزكاة وهو عشرون مثقالاً من الذهب وجبت فيه الزكاة, ومقدارها في العملة الموجودة أحدى عشر جنية سعودي ونصف, ثلاثة أسباع جنيه ولكن ثلاثة أسباع قرب النصف والنصف أوضح للناس, فالحاصل أنها أحدى عشر جنيه ونصف, إذا بلغت الحلي هذا المقدار أو أكثر من ذلك ففيها الزكاة, فإن كانت أقل من هذا فلا زكاة فيها, ولو كانت ملبوسة هذا هو الصواب من أقوال العلماء. 
 
5- أملك داراً مؤجرة للغير للسكنى فيها، وعند تقدير قيمة الدار لإخراج الزكاة المستحقة عليها بواقع ربع العشر أجد أن مقدار الزكاة الواجب إخراجه يزيد على ريع هذه الدار، علماً بأن ريعها يمثل جزءاً من مصاريف حياتنا اليومية؟
إذا كانت الدار معدة للتأجير لا للبيع فليس فيها زكاة وإنما الزكاة في الأجرة إذا حال عليها الحول على الصحيح تزكى، بعض أهل العلم قال تزكى من حين قبضها ، ولكن الصواب أنها تزكى إذا حال عليها الحول, يخرج ربع العشر هي أو بعضها إن كان الباقي نصاباً فإنه يخرج منها ربع العشر من كل ألف خمسة وعشرون هذا الواجب, أما نفس الدار فليس فيها زكاة إذا كانت معدة للتأجير أو للسكن ما فيها زكاة أما لو عدت للبيع ففيها الزكاة، كلما حال الحول عليها ينظر في قيمتها ويزكيها صاحبها على حسب القيمة، فإذا بلغت مليون زكاها زكاة مليون, وإذا كان أقل أو أكثر على حسب ذلك ربع العشر, أما مادامت معدة للتأجير يستفيد من الأجرة ويستغلوها فليس فيها زكاة وإنما الزكاة في الأجرة إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول. كان يبدو من سؤال السائل أنه كان يريد زكاة عن قيمة الدار ككل ؟ ليس فيها زكاة. بينما المفروض أن يزكي ما تحصل من الأجرة وما تبقى من بعد مصاريفه منها؟ الدار نفسها ليس فيها زكاة لأنها مازالت معدة للتأجير لا للبيع، وإذا قبض الأجرة ،وإذا سمى العقد مضى على الأجرة عاماً كاملاً زكى عن الباقية أو ما بقي منها, وإن كان قد أنفقها في حاجاته قبل تمام الحول فلا شيء فيها. 
 
6- ما مدى أحقية أبناء الأخت المتوفاة في تركة جدهم لأمهم؟
لا يرثون، أبناء البنت لا يرثون؛ لأنهم من ذوي الأرحام ، فإذا مات الإنسان عن عصبة أو عن بينين وهم أعظم العصبة, أو مات عن أصحاب الفروض, فليس لأولاد البنت شيء من الإرث ، أما لو قدر أنه مات عن غير عاصب, وعن غير فرض فلذوي الأرحام أحكام معروفة في توريثهم، لكن مادام له وارث من ذوي الفرض غير الزوجين, أو من العصبة فأولاد البنت ليس لهم شيء نعم من جده لأمه نعم.  
 
7- أنا رجل متزوج من امرأة عاصية لأوامري فلا تطيعني في شيء، ودائماً تخرج من البيت بغير إذني إلى جانب ارتكابها بعض الأعمال التي أثارت غضبي، مما جعلني أفكر في طلاقها، وفعلاً كتبت ورقة طلقتها فيها طلقتين وسميتها باسمها واسم أبيها، وكنت آنذاك، في البيت بمفردي وليس عندي أحد، ولكني بعد ذلك مزقت الورقة ولم يعلم أحدٌ بما حصل ولا هي، وكان ذلك قبل حوالي خمسة أشهر، فهل يقع طلاق بهذا أم لا؟.
نعم يقع بها طلقتان إذا طلقتها كتابة أو لفظاً ولو ما علمت, ولو لم تشهد فإنه يقع الطلاق لكن يبقى لك واحدة، إذا كنت لم تطلقها قبل ذلك بقى لك واحدة فلك مراجعتها, ولك العقد الجديد عليها إذا كانت قد خرجت من العدة المقصود أنه بقي لك واحدة إذا كنت ما طلقتها أيها السائل قبل هذا الطلاق المكتوب . هو يقول أنه مضى خمسة أشهر من وقت الكتابة أفلا تكون قد خرجت من العدة؟ نعم الغالب أنها قد خرجت من العدة بالحيض وبالأشهر إن كانت بالأشهر إلا إذا كانت حبلى ولم تضع فهي في العدة، لكن إذا كان وطأها يعني على نية الرجعة صارت رجعية بالوطء الذي حصل منه قبل أن تخرج من العدة، لو كانت لما رجعت إلى البيت وطأها بعد الطلقتين ونوي مراجعتها تعتبر رجعة إذا كان هذا قبل مرور ثلاث حيض عليها. لكن ناحية وقت كتابته ورقة الطلاق فيما لو كانت مثلاً في طهر جامعها فيه ؟ الصحيح إذا كانت في طهر جامعها فيه أو في حيض لا يقع على الصحيح, وهو قول جمع من أهل العلم خلاف رأي الجمهور. 
 
8- ما الحكم في رجل مسلم استخرج لزوجته صك ترمل باسم رجل آخر؛ ليصرف لها راتب من الضمان الاجتماعي، وما الحكم في الشهود الذين شهدوا في هذا الصك؟.
إذا كان الواقع هو ما ذكر هذا منكر, وهو آثم والشهود آثمون, وإن كان أخبر عن طلاق سابق من شخص سابق طلقها ثم تزوجها بعده فهو إن كان صدق أنها قد طلقت لكنهم عموا المسألة وأخفوا الحقيقة, فهي طلقت ثم تزوجت, وهي زوجة للذي أخذ لها الصك فعلى كل حال هو زور ومنكر, إما في الحقيقة, وإما في ظاهر الأمر بالنسبة إلى المقصود, فهو تدليس وكذب على المحكمة حتى يحصل لهم مرادهم من المال بغير حق فعلى كل حال يستحقون عليه العقوبة؛ لأنه منكر وتدليس وتلبيس على المحاكم والدولة, وهذا المال لا يجوز؛ لأنه أخذ بغير حق بطريق غير شرعي . 
 
9- ما الحكم في رجل مسلم يقدم على استخرج صك طلاقٍ لزوجته باسم رجل آخر وهي في ذمته؛ ليصرف لها معاش من الضمان الاجتماعي؟.
مثلما تقدم كله منكر ، كله منكر ومن المال الحرام إذا صرف لها بهذا الصك المزور.  
 
10- ما حكم امرأةٍ طلقت وتزوجت رجلاً آخر، وبعد مدةٍ طويلة طلبت من زوجها الأول صك طلاقٍ لتحصل على معاش من الضمان الاجتماعي، رغم أنها لا زالت في ذمة الرجل الحالي
مثلما تقدم وإن كان حق في نفس الواقع أنها مطلقة, لكنها أخفت الحقيقة من كونها مزوجة بعد ذلك, فهذا منكر ملبس فيه وفيه حيلة وخداع نعم. نسأل الله العافية ولا حول ولا قوة إلا بالله أخذ المال بغير حق أمر منكر وسحت نعم. 
 
11- هناك قسم من الناس يقولون إن كل الأعمال التي يعملها الإنسان هي من إرادة الله، رجاءً أن توضحوا هذه المسألة ، هل الإنسان مخير أم مسير ؟
هذه المسألة قد يلتبس أمرها على بعض الناس والإنسان مخير ومسير مخير؛ لأن الله أعطاه إرادة اختياريه وأعطاه مشيئة يتصرف بها في أمور دينه ودنياه, فليس مجبراً ومقهوراً لا، بل له اختيار وله مشيئة وله إرادة كما قال-عز وجل-: لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (التكوير:29), وقال-سبحانه- فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (المدثر:55) وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ(المدثر: من الآية56), وقال-سبحانه-:تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ(لأنفال: من الآية67), وقال-سبحانه-: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ(الإسراء: من الآية18), فالعبد له اختيار وله إرادة وله مشيئة لكن هذه الإرادة وهذه المشيئة لا تقع إلا بعد مشيئة الله-سبحانه وتعالى- فهو-جل وعلا- المصرف لعباده، والمدبر لشئونهم فلا يستطيعون أن يشاءوا شيئاً أو يريدوا شيئاً إلا بعد مشيئة الله له وإرادته الكونية القدرية-سبحانه وتعالى-، فما يقع في العباد وما يقع منهم كله بمشيئة من الله سابقة وقدر سابق, فالأعمال, والأرزاق, والآجال, والحروب, وانتزاع الملك, وقيام الملك, وسقوط دولة, وقيام دولة كله بمشيئة الله-سبحانه وتعالى-كما قال-جل وعلا-: قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (آل عمران:26)-سبحانه وتعالى-, فالمقصود أنه-جل وعلا- له إرادة في عباده و مشيئة لا يتخطاها العباد, ويقال له الإرادة الكونية والمشيئة فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن, ومن هذا قوله-سبحانه-: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ(الأنعام: من الآية125) قال-تعالى-: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ(يّـس:82), فالعبد له اختيار وله إرادة ولكن اختياره وإرادته تابعتان لمشيئة الله وإرادته-سبحانه وتعالى-، فالطاعات بقدر الله والعبد مشكور عليها ومأجور, والمعاصي بقدر الله والعبد ملوم عليها ومأزور، آثم ، والحجة قائمة، والحجة لله وحده-سبحانه وتعالى-: قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ(الأنعام:149)-سبحانه وتعالى-، وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ(الأنعام: من الآية35)، فهو-سبحانه-لو شاء لهداهم جميعاً ولكن له الحكمة البالغة حيث جعل لهم قسمين كافراً ومسلماً, وكل شيء بإرادته-سبحانه وتعالى-ومشيئته، فينبغي للمؤمن أن يعلم هذا جيداً وأن يكون على بينة في دينه، فهو مختار له إرادة وله مشيئة يستطيع يأكل يشرب ، يضارب, يتكلم ، يطيع, يعصي, يسافر, يقيم, يعطي فلان ويحرم فلان ، إلى غير هذا هو له مشيئة في هذا وله قدرة، ليس مقهوراً ولا ممنوعاً، ولكن هذه الأشياء التي تقع منه لا تقع إلا بعد سبقها من الله، بعد أن تسبق إرادة الله-جل وعلا-ومشيئته لهذا العمل لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (التكوير:29), وهو-سبحانه- الذي مسير لعباده، كما قال-عز وجل-:هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ(يونس: من الآية22), فهو مسير لعباده, وبيده نجاتهم وسعادتهم، وضلالهم وإهلاكهم، هو المتصرف بعباده يهدي من يشاء ويضل من يشاء-سبحانه- يعطي من يشاء ويحرم من يشاء، يسعد من يشاء ويشقي من يشاء، لا أحد يعترض عليه-سبحانه وتعالى-، فينبغي لك يا عبد الله أن تكون على بصيرة في هذا الأمر, وأن تتدبر كتاب ربك, وسنة نبيك- عليه الصلاة والسلام- حتى تعلم هذا واضحاً في الآيات والأحاديث، فالعبد مختار وله مشيئة وله إرادة, وفي نفس الأمر ليس له شيء من نفسه بل هو ملك لله عز وجل مقدور لله سبحانه وتعالى، ينبئه كيف يشاء سبحانه وتعالى مشيئة الله نافذة وقدره السابق ماض فيه ولا حجة له في القدر السابق فالله يعلم أحوالهم ولا تخفى عليه خافية سبحانه وتعالى، وهو المستحق للعبادة والمدبر لشؤونهم جل علا، وقد أعطاهم إرادة ومشيئة واختياراً يتصرفون بها.

441 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply