حلقة 176: حكم من أفطر من رمضان ولم يقض حتى أتى رمضان آخر - حكم استماع الأغاني - صحة حديث عاقر الجار، وضارب الأوتار، والراقصون والراقصات في النار - حكم من قال تحرم عليّ زوجتي مثل أمي وأختي لو عملت هذا

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

26 / 50 محاضرة

حلقة 176: حكم من أفطر من رمضان ولم يقض حتى أتى رمضان آخر - حكم استماع الأغاني - صحة حديث عاقر الجار، وضارب الأوتار، والراقصون والراقصات في النار - حكم من قال تحرم عليّ زوجتي مثل أمي وأختي لو عملت هذا

1- حكم من أفطر في رمضان يومين حتى أتاه شهر رمضان القادم، فما حكم ذلك وأفيدوه؟.

بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله, وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فإن من أفطر في رمضان يجب عليه أن يقضي قبل رمضان الآخر، وما بين الرمضانين فهو محل سعة من ربنا-عز وجل-، إذا قضا في شوال, أو في ذي القعدة, أو في ذي الحجة, أو في المحرم أو ما بعد ذلك إلى شعبان فعليه أن يقضي ما أفطره لمرض أو سفر أو نحو ذلك قبل رمضان, فإن أخره إلى رمضان الأخر لم يسقط القضاء بل يجب عليه القضاء ولكن يلزمه مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم زيادة مع القضاء أفتى به جماعة من أصحاب النبي-صلى الله عليه وسلم-فيقضي ويطعم عن كل يوم مسكيناً نصف صاع من قوت البلد ، كيلوا ونصف من قوت البلد من تمر, أو أرز, أو غير ذلك ,أما إن صام ذلك قبل رمضان القادم فإنه يقضي ولا إطعام عليه.  
 
2- هل الاستماع إلى الأغاني حرام؟
الاستماع إلى الأغاني لا شك في حرمته وما ذاك إلا لأنه يجر إلى معاصي كثيرة, وإلى فتن متعددة, ويجر إلى العشق والوقوع في الزنا, والفواحش, واللواط, ويجر أيضاً إلى معاصي أخرى من شرب المسكرات, ولعب القمار, وصحبة الأشرار, وربما أوقع في الشرك والكفر بالله على حسب أحوال الغنى واختلاف أنواعه, والله-جل وعلا- يقول في كتابه العظيم: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ* وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (لقمان:6-7), فأخبر-سبحانه-أن بعض الناس يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله, قرأ ليُضل وقرأ ليَضل واللام للتعليل, والمعنى أنه بتعاطيه واستعارته لهو الحديث والغنى يجره ذلك إلى أن يضله ويضل غيره، يَضل بسبب ما يقع في قلبه من القسوة والمرض, فيضل عن الحق بتساهله بمعاصي الله, وركوبه لها, وتركه بعض ما أوجب الله, كصلاة في الجماعة, من ترك بر الوالدين من لعب القمار، من الميل إلى الزنا, والفواحش, واللواط إلى غير هذا مما قد يقع بسبب الأغاني, وقال أكثر المفسرين معنى لهو الحديث، معنى لهو الحديث في الآية معناه الغناء, وقال جماعة آخرون يضاف إلى ذلك كل صوت منكر فأصوات الملاهي داخل في ذلك كالمزمار, والعود, والكمان وأشباه ذلك, وهذا كله يصد عن سبيل الله, ويسبب الضلال والإضلال, وثبت عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- وهو صحابي جليل أحد علماء الصحابة- رضي الله عنهم- أنه قال في الآية: "إنها والله الغنى", وقال: "إنه ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل", والآية تدل على هذا المعنى فإن الله قال: يضل عن سبيل الله بغير علم, يعني يعمى عليه الطريق كالسكران يعمى عليه الطريق؛ لأن الغنى يسكر القلوب, ويوقع في الحرام والباطل, ويعمى عن الصواب إذا اعتاد ذلك حتى يقع في الباطل مما يشعر بسبب شغله بالغناء, وامتلاء قلبه به, وميله إلى الباطل, وإلى عشق فلانة وفلان, وإلى صحبة فلانة وفلانة, ومصادقة فلان وفلانة وغير ذلك, ويتخذها هزواً يعني يفضي إلى اتخاذ سبيل الله هزواً, إلى اتخاذ دين الله سبيل الله هو دينه, فالغناء واللهو يفضي إلى اتخاذ طريق الله هزواً ولعباً وعدم المبالاة بذلك, وإذا يتلى عليه القرآن استكبر وثقل عليه؛ لأنه اعتاد سماع الغناء, وآلات الملاهي, فيثقل عليه سماع القرآن, ولا يستريح لسماع القرآن وهذه من العقوبات العاجلة, فالواجب على المؤمن أن يحذر ذلك، وهكذا على كل مؤمنة الحذر من ذلك, وجاء في المعنى أحاديث كثيرة كلها تدل على تحريم الغناء, وآلات اللهو والطرب, وأنها وسيلة إلى شرك كبير والله المستعان. 
 
3- هل هذا الحديث صحيح، إن كان صحيح فمن يكون راويه:(عاقر الجار، وضارب الأوتار، والراقصون والراقصات في النار)؟
هذا الحديث لا أعلم له أصلاً ، هذا الحديث لا أعلم له أصلاً بهذا اللفظ, ولكن للمعنى له معاني, الجار له حق في إكرامه والإحسان إليه كما قال الله-جل وعلا-: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ[النساء 36]. فأمر الله بالإحسان إلى الجار القريب وغير القريب، والنبي-صلى الله عليه وسلم- قال: (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه), وقال-عليه الصلاة والسلام-: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره), وقال: (فلا يؤذي جاره), كذلك ضارب الأوتار كما تقدم، إنما يكون ضرب الأوتار في الأغاني والملاهي أنه في شر عظيم, وأنه يصد عن سبيل الله, وأنه يبغض القلوب ويقسيها, ويورثها النفاق، فالراقصون, والراقصات هؤلاء إذا كانوا في حضرة الرجال, وحضرة النساء كما في اللعب المشترك والمختلط شره عظيم وفساده كبير, فلا يستغرب من أن يتوعدوا بالنار لما يترتب على رقص الرجل بين النساء, ورقص المرأة بين الرجال من غير محارمها وغير نسائها من الشر الكبير، فالمقصود أن الرقص الذي ليس فيه حشمة عما حرم الله الرقص عند الرجال الأجانب, أو مختلط بالرجال والنساء هذا يفضي إلى فساد كبير, وإلى وقوع الفواحش, وهكذا الراقصون من الرجال بين النساء ليعشقوهن، ليعشقنهم وليكن بينهن وبينهم من الفساد كله شره كبير، فالرقص لا يكون للمرأة إلى في مجال النساء, الرقص يكون بين النساء في العرس هذا هو محل الرقص للمرأة بين النساء لا بين الرجال, ولا في كل مكان بل بين النساء في الأعراس لا محضور فيه إذا كان ليس هناك نظر من الرجال، والرجل ليس من أهل الرقص وليس من شأنه الرقص ولا ينبغي له الرقص ولا يجوز له الرقص, وإنما يلعب اللعب الذي يعينه على التدرب في الجهاد لعب المجاهدين والمتدربين ، ليس من شأنه الرقص, وإنما يلعب ويتدرب على السلاح, والكر والفر, لينفع نفسه وينفع المسلمين, ويشارك في الجهاد وحماية الدين, وحماية الأوطان, والأموال هذا هو الذي يطلب من الرجل, أما الرقص الذي هو رقص أهل الشهوات, ورقص النساء فليس من شأن الرجال، بل شأنهم فوق ذلك، شأن الرجال التدرب, والعمل فيما يجعلهم صالحين للجهاد, وحمل السلاح بأنواعه, والبعد عن مشاكل النساء, والاتصال بالنساء والله المستعان.  
 
4- قلت في إحدى المرات: تحرم عليّ زوجتي مثل أمي وأختي لو عملت هذا، فما رأيكم في هذه المشكلة؟
إذا قال الرجل تحرم عليه زوجته كحرمة أمه أو أخته إذا فعالت كيت وكيت فهذا يسمى ظهاراً, وعليه كفارة الظهار, وعليه التوبة إلى الله؛ لأن ذلك منكر من القول وزور ليس له فعله لكن متى قال تحرم عليه زوجته كأمه, أو أخته, أو جدته, أو عمته, أو خالته ونحو ذلك إذا كلمت فلاناً, أو إذا لم تبت عندي, أو إذا فعلت كيت وكيت فهذا يسمى ظهاراً فعليه التوبة إلى الله من ذلك, وإذا فعلت ما منعها منه فإنما يكون عليه كفارة الظهار, والعتق عبد أو أمة مؤمنة, فإن لم يستطع صام شهرين متتابعين, فإن عجز أطعم ستين مسكينا ثلاثين صاعا, والصاع أربع حفنات باليدين ممتلئتين المتوسطتين هذا صاع النبي- صلى الله عليه وسلم- فعليه ثلاثون صاعاً بصاع النبي- صلى الله عليه وسلم- يقسم بين ستين مسكيناً كل مسكين له نصف الصاع, وهو كيلوا ونصف تقريباً بالوزن قبل أن يمسها قبل أن يتصل بها كفارة لما وقع منه من التحريم والظهار, والله المستعان. 
 
5- يسألون في رسالتهم عن الشرك بالمفهوم، ويطلبوا تفسير هذه الآية: قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ [المائدة:35] صدق الله العظيم؟ أفيدونا بالصواب ولكم الأجر والثواب من الله تعالى.
الشرك على اسمه هو تشريك غير الله مع الله في العبادة كأن يدعوا الأصنام يستغيث بهم, ينذر لهم, بهم يصلي لهم, يصوم لهم يذبح, لهم يذبح للبدوي، يذبح للعيدروس، يذبح لفلان يصلي لفلان يطلب المدد من الشيخ عبد القادر، من الرسول - صلى الله عليه وسلم -, من العيدروس في اليمن, ومن أشباه ذلك من سائر المعبودين من دون الله هذا يقال له شرك، وهكذا إذا دعا الكواكب, أو الجن, أو استغاث بهم, أو طلبهم المدد أو ما أشبه ذلك, فإذا فعل شيء من هذه العبادات مع المخلوقين, أو مع الأموات صار هذا شركاً بالله-عز وجل-، قال الله-جل وعلا-: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(الأنعام: من الآية88), وقال-سبحانه-: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (الزمر:65), ومن الشرك أيضاً أن يعبد غير الله عبادة كاملة فإنه يمسى شركاً, ويسمى كفراً ، فمن أعرض عن الله بالكلية, وجعل عبادته لغير الله من الأشجار, أو الأحجار, أو الأصنام, أو الجن, أو بعض الأموات ممن يسمونهم بالأولياء يعبدهم, ويصلي لهم, ويصوم لهم, وينسى الله بالكلية، هذا أعظم كفراً, وأشد كفراً وأشد شركاً نسأل الله العافية, وهكذا من ينكر وجود الله ويقول أنه ليس هناك إله والحياة مادة, كالشيوعيين والملاحدة المنكرين لوجود الله هؤلاء أكفر الناس وأضلهم, وأعظمهم شركاً وضلالاً نسأل الله العافية، المقصود أن هذا وما أشبهه من الاعتقاد وأشباه هذه الاعتقادات وأشباهها كلها تسمى شركاً وتسمى كفراً بالله-عز وجل-، وقد يغلط بعض الناس لجهله فيسميها فيسمي دعوة الأموات, والاستغاثة بهم وسيلة هذا غلط, فهذه وسيلة كفر ما هي وسيلة مباحة فالله-جل وعلا- يقول: اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ(المائدة: من الآية35), الوسيلة القربة إليه بطاعة هذه الوسيلة عند أهل العلم جميعاً, الوسيلة التقرب إلى الله بالطاعات ، فالصلاة قربة إلى الله وسيلة ، الذبح لله وسيلة كالضحايا والهدايا, الصوم وسيلة, الصدقات وسيلة, ذكر الله وقراءة القرآن وسيلة، هذا معنى قول الله- تعالى-: اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ(المائدة: من الآية35), يعني ابتغوا القربة إليه بطاعته, هكذا قال ابن جرير, وابن كثير, والبغوي وغيرهم من أئمة التفسير، المعنى التمسوا القربة إليه بطاعته, وابتغوها اطلبوها, أينما كنتم فيما شرع الله لكم من صلاة, وصوم, وصدقات, وغير ذلك، وهكذا قوله في الآية الأخرى:أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ(الإسراء: من الآية57) ليبتغوا من ربهم القربة بطاعته ويرجون رحمته ويخافون عذابه، هكذا الرسل وأتباعهم يتقربون إلى الله بالوسائل التي شرعها من الجهاد, من صوم, من صلاة, من ذكر من قراءة قرآن إلى غير هذا من وجوه الوسيلة، أما ظن بعض الناس أن الوسيلة هي التعلق بالأموات والاستغاثة بالأولياء فنقول لهم هذا خطأ وظن باطل وهذا اعتقاد المشركين الذين قال الله فيهم-سبحانه-: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ(يونس:18), هذا عمل المشركين يدعون الأموات, ويستغيثون بالجن, ويستغيثون بالملائكة, ويظنوا أنهم وسائلهم إلى الله, وقال-تعالى في كتابه الكريم-: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى(الزمر: من الآية3)، قال الله-سبحانه-:إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ(الزمر: من الآية3)) فسماهم كذبة كفرة، كذبة في قولهم أنها تقربهم من الله ، وكفرة في قولهم إن الله أمرهم بهذا أمرهم أن يعبدوهم, فالله-سبحانه-لم يأمر بهذا فهم كذبة في قولهم كفرة في فعلهم، ولهذا قال-جل وعلا-: إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ(الزمر: من الآية3) ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ، فهي لا تقربهم ولا تدنيهم من الله بل تبعدهم من الله- سبحانه وتعالى-, فهم كذبة في هذا القول كفرة في هذا الفعل الذي نسبوه إلى الله وجعلوه ديناً له-سبحانه وتعالى-, والله يقول: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ(الزمر: من الآية2) ويقول: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (الفاتحة:5) وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ(الإسراء: من الآية23) وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ(البينة: من الآية5) فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ(محمد: من الآية19). 
 
6- لنا إمام مسجد يقول: إنه يجوز للإنسان أن يسأل الله ببركة فلان أحد الصالحين مثلاً، أغفر لي يا رب، فهل هذا نوع من الشرك، وهل تجوز الصلاة خلفه، في نفس الوقت لا يصرح بها شفهيا إلا أن المسألة، وهذا الإمام يكتب الحجب ويعطي المحو والبخور للناس لطرق علاج، هل نصلي خلفه أم لا؟
التوسل بجاه فلان, وببركة فلان, وبحق فلان هذا بدعة وليس من الشرك, فإذا قال اللهم إني أسألك بجاه أنبيائك, أو بجاه فلان, أو بعبدك فلان, أو بحق فلان, أو ببركة فلان، هذا من البدع؛ لأنه ما ورد عن النبي-صلى الله عليه وسلم-,ولا عن الصحابة فيكون بدعة, والله يقول- سبحانه-: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا(لأعراف: من الآية180), ما قال ببركة فلان وفلان قال فادعوه بها، بالنسبة للتوسل يكون بأسماء الله, وبصفاته, وبتوحيده كما قال في الحديث الصحيح : ( اللهم إني أشهدك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت), ويكون أيضاً بالأعمال الصالحات كسؤال أهل الغار لما سألوا ربهم ، فواحد سأله ببر الوالدين, والثاني سأله بعفته عن الزنا, والثالث سأل بأداء الأمانة, فالتوسل بالأعمال الصالحات اللهم إني أسألك بالإيمان بك، وبمحبتي لنبيك, وباتباعي لشرعك, بعفتي عما حرمت علي, فتوسل صحيح شرعي, أما اللهم إني أسألك بجاه فلان, أو بجاه النبي فلان, أو بحقه فهذا بدعة لا أصل له, وليس من الوسائل الشرعية, أو ببركة فلان كل هذا لا أصل له, وليس من التوسل الشرعي بل هو بدعي ولكن لا يسمى شركاً بل يقال له بدعة, ويقال أنه من وسائل الشرك، وكذلك ما يتعلق بعمله الآخر كونه يكتب الحجب هذا لا يجوز؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: ( من تعلق تميمية فلا أتم الله), والحجب هي التمائم فلا يجوز تعلق التمائم ولا تعليقها, فالذي يعلقها ينكر عليه, والذي يكتبها للناس ينكر عليه حتى ولو كانت من القرآن, كان عبد الله بن مسعود وغيره من السلف ينكرون ذلك من القرآن أو من غير القرآن, والأحاديث عامة (من تعلق تميمة فلا أتم الله ، ومن تعلق ودعة فلا أودع الله له) (إن الرقى والتمائم والتولة شرك), فالرقى المجهولة, أو الرقى بالأسماء المنكر والمجهولة أو الشركية كلها ممنوعة, وإنما تجوز الرقى الشرعية فقط، والتولة صرف..... السحر ممنوع, والتمائم كذلك ممنوعة, وهي الحجب تسمى الجوامع, وتسمى الحروز هذا الإمام ينكر عليه ويعلم أن هذا لا يجوز ، ولأنها إذا علقت وسيلة للتعلق بها, وجمع القلوب عليها ونسيان الله- سبحانه وتعالى-, ومن حكمة الله في هذا أنه نهى عنها -سبحانه وتعالى- حتى تكون القلوب معلقة به لا بغيره- سبحانه وتعالى- ، وتعليق القرآن وسيلة لتعليق غيره ، فلهذا منع الجميع ، الصواب منع الجميع ، ولا يعلق شيء على المريض, ولا على الصبي لا من القرآن ولا من غير القرآن, بل يعلم الدعاء الشرعي يتعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق وهكذا ، يعلم التعوذ الشرعي, وقراءة آية الكرسي عند النوم, وقراءة قل هو الله أحد والمعوذتين عند النوم, بعد الصلوات يعلم الأشياء الشرعية, والأذكار الشرعية, والتعوذات الشرعية, أما المحو وهي أن يكتب آيات بالزعفران فهذا فعله كثير من السلف إذا كان في نفسه صالحاًَ كونه يكتب آيات في صحن نظيف, أو في قرطاس بالزعفران آيات ودعوات طيبة, ثم تنسخ ويشربها المريض لا حرج فيه, لكن تركه أولى والاكتفاء بالقراءة على المريض, كونه يقرأ على المريض ويدعو له أفضل من المحو له، ولكن المحو عند أهل العلم ليس بمنكر, بل فعله كثير من السلف, ولا حرج فيما نعلم، لكن الحجب لا الحجب ممنوعة, فينبغي نصيحة هذا الإمام وتوجيهه فإن استقام وإلا يعزل حتى يلتمس صاحب سنة. 
 
7- في عيني شعراً لا بد من أخذه بالمنقاش فإذا تركته آذاني وأتعبني، فهل يجوز لي أخذه وأنا محرم أم لا؟
لا حرج في ذلك إذا كان الإنسان محرماً ووقع في قلبه شعرات منكسرة تؤذيه فإنه يأخذها بالمنقاش مثل ما لو انكسر ظفره أزاله؛ لأن هذا متعب ومؤذي فلا يضره أخذه, ومن شرع الله التيسير والتسهيل يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ(البقرة: من الآية185), فإذا انكسرت شعرة أو شعرات في عينه جاز أخذها بالمنقاش وهو ولا حرج في ذلك, والحمد لله وهكذا لو كسر ظفر أزاله.  
 
8- حصل بين والدي وشخص منازعات في أرض لا يُعرف من هو صاحبها الأحق أهو والدي أم الشخص الآخر، فحضر المشكلة أهل الخير، فأرادوا الإصلاح بينهما، ولم يستطيعوا ذلك، فأصر والدي أن الأرض هي له، وهي ليست له حقاً كلها، فحاولت إقناع والدي بأن يرضى بالصلح أو يأخذ من خصمه اليمين، فرفض كل المحاولات، فطلعت مني كلمة مع الزعل، فقلت لوالدي: أنت كاذب، فما هو الحكم في ذلك، وما هي كفارتها؟
عليه التوبة إلى الله من ذلك, واستسماح والدك, عليك أن تستغفر الله, وتتوب إليه من هذه المجابهة, وعليك أن تستبيح والدك وتستحله, تقول سامحني يا والدي فهي زلة مني, والله يسامحك, وعليك أن تنصحه إذا كنت تعلم أن بعض الأرض ليس له فعليك أن تنصحه وتبين له, الأسباب الذي جعلت هذا الشيء ليس له, وإنه لخصمه؛ لأن هذا حق والمؤمن يقول بالحق على نفسه وعلى أبيه وعلى غيره, كما قال- سبحانه في كتابه العظيم-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا )(النساء: من الآية135), فالمؤمن يقول الحق على نفسه, وعلى أبيه, وعلى أمه لكن بطريقة حسنة, وبأسلوب حسن لا بمجابهتك القبيحة, تقول يا والدي أنا عند علم أشهد أن فلان, أو قال لي فلان, أو علمت كذا وكذا تنصح بينك وبينه حتى يهتدي إن شاء الله وحتى يقنع بالحق وحتى يعطي الحق لصاحبه من دون أن تجابهه مجابهة تسيء إليه وتكدر حالك معه, فإن هذا لا يليق من الولد مع الوالد, فتستغفر الله-جل وعلا-وتتوب إليه, وتستسمح أباك, ... لا يمنعك هذا من نصحه والشهادة بالحق ولو عليك. والله المستعان وهو ولي التوفيق. ولا حول ولا قوة إلا بالله . 
 
9- كنت أعمل عامل بقالة مع أحد الرجال، وقام أحد الناس بشراء بعض المقاضي بالدين، وصاحب البقالة يعلم بذلك، ووعد المدين بسداد الدين عندما يتيسر له ذلك، وقمت بإجازة سنوية لبلدتي، وفي ذلك الوقت طالب صاحب البقالة المدين بالدين الذي عليه، فأنكر ذلك وقال: إنه لم يستدن شيء من البقالة، انتهز فرصة غيابي، وعند عودتي من الإجازة لم أجد الرجل المستدين وقد ترك المنطقة نهائياً، وقام صاحب البقالة بمطالبتي لسداد المبلغ المطلوب من الرجل، هل الدين الذي أنكره الرجل أصبح في ذمتي، وهل يجوز أن نقتسم المبلغ بيننا، باعتبار صاحب البقالة عنده علمٌ بالدين؟
هذا فيه تفصيل إذا كان صاحب البقالة قد أذن لك أن تدين الناس إذا كان قد أذن لك وسمح لك بهذا فلا حرج ولكن عليك مع ذلك أن تثبت الدين إذا كنت أبيت ألا تدين ولم تثبته في دفتر ولا بشهود فأنت تضمن، أنت مفرط، وإذا كان ما أذن لك أن تدين أحداً فأنت تفعل ـــ أما إذا ــ فلا بأس عليك لكن تثبت الدين إما بالشهود أو بالكتابة يكتبها على نفسه وتأخذ توقيعه حتى لا يخدعك وحتى لا يضيع المال فإذا كنت ما أشهدت ولا كتبت عليه أو كان صاحب البقالة ما أذلك لك في إدانة الناس فإنك تضمن هذا المال وإن كان بقي إشكال فالمحكمة تنظر في أمرك، إذا كان هناك إشكال غير ما ذكر فالمحكمة تنظر في الأمر والله المستعان.

551 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply