حلقة 181: حكم العزل - حكم العادة السرية - اغتسل ونوى الطهارة وصلى ولم يتوضأ ثانية فما الحكم؟ - حكم الصلاة في المساجد التي بداخلها أضرحة - حكم إعطاء المال للقاضي لأخذ أحق - حكم قراءة الفاتحة والذبح والصدقة عن الميت؟ - كتب في الحديث

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

31 / 50 محاضرة

حلقة 181: حكم العزل - حكم العادة السرية - اغتسل ونوى الطهارة وصلى ولم يتوضأ ثانية فما الحكم؟ - حكم الصلاة في المساجد التي بداخلها أضرحة - حكم إعطاء المال للقاضي لأخذ أحق - حكم قراءة الفاتحة والذبح والصدقة عن الميت؟ - كتب في الحديث

1- هل إراقة المني خارج فرج المرأة بالنسبة للرجل المتزوج حرام، وخاصة في حالة الحيض أو الولادة؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله، وخيرته من خلقه، وأمينه على وحينه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين أما بعد: فإراقة المني خارج الفرج إذا كان لمصلحة فلا بأس بذلك، وهذا يسمى العزل، وقد ثبت عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم أنهم كانوا يعزلون، وقد أقرهم النبي عليه الصلاة والسلام، فإذا دعت الحاجة إلى العزل بأن يريق منيه خارج الفرج إما لكونه لا يرغب في الحمل ذلك الوقت، أو لما ذكره السائل من كونه محرم عليه الجماع فيضع ذكره حول فرجها ويريق المني خارج ولا يجامع فلا بأس بذلك، لأن المحرم هو الجماع، قال النبي- صلى الله عليه وسلم- في حق الحائض: (اصنعوا كل شيء إلا النكاح)، يعني إلا الجماع، فله أن يباشرها بالتقبيل والضم إلى نفسه والاستمتاع بفرجها وبطنها وغير ذلك، لكن الأفضل أن يكون عليها إزار أو سراويل إبعاداً عن الخطر فإنه متى باشر حول الفرج فقد ينـزغه الشيطان ويدعوه إلى الجماع المحرم، فالأفضل هو أنه يباشرها من وراء الإزار أو السراويل أو القميص، قالت عائشة رضي الله عنها: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمر إحدانا إذا أراد أن باشرها وهي حائض؛ يأمرها أن تتزر، فيباشرها وهي حائض، هكذا قالت عائشة رضي الله عنها، فالمقصود أن السنة في حق الزوج إذا كانت المرأة حائض أو نفساء أن يباشرها من وراء الإزار أو من وراء السراويل ونحو ذلك، لكن لو باشرها من داخل الإزار ومن داخل السراويل فلا حرج في هذا، فقد جاء في السنة ما يدل على ذلك، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (اصنعوا كل شيء إلا النكاح)، لما قيل له إن اليهود إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها ولا يشاربها ولم يساكونها في البيت، فقال صلى الله عليه وسلم: (اصنعوا كل شيء إلا النكاح)، يعني خالفوا اليهود، معنى إلا النكاح يعني إلا الجماع فإذا وضع فرجه على فخذها وأمنى خارج الفرج فلا حرج، لكن ليس له أن يجامع بل يحرم عليه الجماع، سواء أنزل أم لم ينـزل يجب أن يبتعد عن الجماع، أما كونه يضع ذكره على فخذها، أو قرب فرجها ولكن لا يولجه حتى ينـزل فلا حرج في ذلك، ولكن الأفضل له والأولى والأحوط أن يبتعد عن هذا لئلا يدفعه الشيطان إلى الجماع المحرم، ولهذا أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- النساء أن يأتزرن عند إرادته للمباشرة عليه الصلاة والسلام، هذا هو الأفضل وهذا هو الأحوط.  
 
2- إذا أراق الرجل الأعزب منيه مع نفسه فهل يعتبر هذا زنا، وما حكم ذلك؟
هذا يسمى عند بعض أناس العادة السرية، ويسمى الاستمناء والذي عليه جمهور أهل العلم تحريمه، وهو الصواب، لأن الله جل وعلا قال لما ذكر المؤمنين وصفاتهم قال: والذين هم لفروجهم حافظون، إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين، فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون، والعادي هو الظالم المتعدي لحدود الله، فأخبر سبحانه أن من تجاوز جماع الزوجة وجماع السرية فإنه عادي ولا شك أن الاستمناء خارج عن ذلك، ولهذا استنبط العلماء من هذه الآية الكريمة تحريم هذه العادة السرية وهو الاستمناء باليد، يعني إخراج المني بيده عند تحرك الشهوة، فلا يجوز له هذا العمل وفيه مضار كثيرة قالها الأطباء، وقد ألف بعض أهل العلم في ذلك مؤلفاً جمع فيه مضار هذه العادة السرية، فينبغي لك أيها السائل أن تحذر ذلك وأن تبتعد عن هذه العادة ففيها من المضار الكثيرة ما لا يحصى، ولأنها عادة تخالف ظاهر كتاب الله العزيز، وتخالف ما أباح الله لعباده فيجب اجتنابها والحذر منها، وينبغي لمن اشتدت فيه الشهوة وخاف على نفسه أن يبادر بالزواج ويسارع إلى الزواج، فإن لم يتيسر ذلك فليصم، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم)،ولم يقل فمن لم يستطع فليخرجها بيده أو فليستمني بل قال: (ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر أمرين: أحدهما المبادرة بالزواج لمن قدر، الثاني: الاستعانة بالصوم لمن عجز عن النكاح، لأن الصوم يضعف مجاري الشيطان، والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، والصائم بسبب تركه الأكل والشرب يضيق على الشيطان مجاريه فينبغي لك عبد الله أن تتأدب بالآداب الشرعية، وأن تجتهد في إحصان نفسك بالزواج الشرعي حتى ولو بالاستدانة والقرض فإن الله يوفي عنك سبحانه وتعالى، فإن التزوج عمل صالح وصاحبه ممن يعان، وفي الحديث: (ثلاثة حق على الله عونهم)،وذكر منهم (المتزوج يريد العفاف)، فبادر إلى الزواج ولو بالاستدانة والقرض ويوف الله عنك جل وعلا، (ومن أخذ أموالاً يريد أدائها أدى الله عنه)، واحذر هذه العادة القبيحة واحذر سائر الفواحش فإن أعظم من ذلك الزنا فإنه من الكبائر العظيمة، والذي يتساهل في الزواج قد يفضي به ذلك إلى الزنا أو إلى الاستمناء المحرم، فينبغي لك عبد الله أن تحذر أسباب الشر وأن تبتعد عن وسائله، وأن تحرص على المبادرة في الزواج الشرعي إذا استطعت وأبشر بالعون من الله والتيسير.  
 
3- عند الانتهاء من الاستحمام، هل تصح الصلاة بدون إعادة الوضوء، باعتبار أنه قد تطهر في الاستحمام، وهل في ذلك شرط إذا أردت أن يكفيني الاستحمام عن الوضوء؟
اختلف أهل العلم في ذلك، والأرجح أنه إذا اغتسل للجنابة ناوياً للحدثين إذا اغتسل عن الجنابة ناوياً الحدثين، الحدث الأصغر والأكبر أجزأه ذلك؛ لأن الأصغر يدخل في الأكبر، لكن السنة والأفضل والكمال أن يفعل ما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم-، فيتوضأ أولاً، يستنجي، يغسل ذكره وما حوله، ثم يتوضأ وضوء الصلاة ثم يفيض الماء على جسده، يصبه على رأسه ثم على شقه الأيمن ثم الأيسر ويكمل بقية الجسد، هذا هو المشروع، وهذا هو الكمال يبدأ صاحب الجنابة بالاستنجاء في مذاكيره وما حولها ثم يتوضأ وضوء الصلاة اقتداء برسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم بعد ذلك يفيض الماء على بشرته، هذا هو الأفضل وهذا هو الكمال، فإن نواهما جميعاً واغتسل غسلاً كاملاً ولم يبدأ بالوضوء أجزأه ذلك ولكن السنة مثلما تقدم، أن يبدأ بالاستنجاء ثم الوضوء ثم يكمل الغسل. يعني مدار هذا على النية. إذا نوى كفت؟ نعم، ولكنه يبدأ بالوضوء بعد الاستنجاء، ثم يكمل كفعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا يعيد الوضوء، بعد الغسل لا يعيد الوضوء.  
 
4-   يوجد في بلدنا مسجد داخله ضريح، هل الصلاة جائزة في هذا المسجد أم لا؟ علماً أننا لا نعرف هل بني المسجد أولاً أم الضريح، رجائي الإفادة عن الصلاة في هذا المسجد، مع مـلاحظة أن كثيراً من الناس يأتون من بلادهم لزيارة هذا الضريح والذبح له، ووضع النقود داخله،
المساجد التي فيها قبور لا يصلى فيها، ويجب أن تنبش القبور وتبعد إلى المقابر المعروفة، ولا يبقى فيها قبر، لا قبر ولي ولا غيره، لا ما يسمى ولياً ولا غيره، بل يجب أن تنبش وتبعد إلى المقابر العامة ولا يجوز الذبح للقبور، ولا تقديم النقود إليها ولا تقديم النذور، بل هذا من الشرك الأكبر، فالواجب أن تنبش القبور في المساجد، وأن ينقل رفاتها إلى المقابر العامة في حفرة خاصة، كل قبر في حفرة خاصة، كسائر القبور، أما المساجد فلا يجوز أن يبقى فيها قبور، لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- نهى عن هذه وحذر، وذم اليهود والنصارى على عملهم وثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، قالت عائشة رضي الله عنها: يحذر ما صنعوا، متفق عليه، وقال -صلى الله عليه وسلم- لما أخبرته أم سلمة وأم حبيبة بكنيسة فيها صور، وأنها كذا وكذا، قال: (أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً، وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله)، فأخبر أن الذين يبنون المساجد على القبور أنهم من شرار الخلق، وقال عليه الصلاة والسلام: (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك)، فنهى عن اتخاذ القبور مساجد عليه الصلاة والسلام ومعلوم أن من صلى عند القبر فقد اتخذه مسجداً، ومن بنى عليه ليصلى فيه فقد اتخذه مسجداً، فالواجب أن تبعد القبور عن المساجد وألا يجعل فيها قبور امتثالاً لأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحذراً من اللعنة التي صدرت من ربنا عز وجل، لمن بنى على القبور يقول: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، فعلم بذلك أنه لا يجوز اتخاذها مساجد، بل يجب أن تكون مستقلة، والمساجد مستقلة، فالقبور في ناحية على حدة لا يبنى عليها مساجد، والمساجد تكون بعيدة عن القبور ليس فيها قبور بل تكون سليمة من ذلك، فإذا وجد في المسجد قبر لم يصل فيه حذراً من هذه اللعنة وحذراً من وسائل الشرك، لأنه إذا صلى في المسجد قد يزين له الشيطان دعوة الميت أو الاستغاثة بالميت أو الصلاة له أو السجود له فيقع الشرك الأكبر، ولأن هذا من عمل اليهود والنصارى فوجب أن نخالفهم وأن نبتعد عن طريقهم وعن عملهم السيئ. لكن لو علم أن المسجد بني على القبر وجب هدم المسجد، إذا كانت القبور هي الأصلية ثم بني عليها وجب هدم المسجد، لكن إذا كان لا يعلم فإنها تنبش القبور وتبعد إلى المقابر ويبقى المسجد ويصلى فيه، لأن الأصل وجود المساجد قبل القبور.  
 
5- قال لي أحد الأشخاص إن دفع مبلغ من المال رشوة لأحد الموظفين أو المسئولين الذين يحكمون في القضايا، مثل القضاة أو رؤساء اللجان التي تقوم بالكشف عن الأراضي ليس حراماً في حالة إذا لم يثبت حق الشخص إلا بتلك الرشوة، وإذا لم يدفعها فإنه يضيع حقه، وإذا دفعها فإنه يحصل على حقه من غير ظلم لشخص آخر، فهل هذا الكلام صحيح، وأين نذهب من حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- الذي قال الله فيه: لعن الله الراشي والمرتشي والرائش؟
لا ريب أن دفع الرشوة إلى المسؤولين من قضاة أو أمراء أو لجان تفصل بين الناس، لا شك أنه محرم وأنه من كبائر الذنوب، والذي قال للسائل أنه جائز فقد غلط وأخطأ على نفسه، لا يجوز دفع الرشوة ولا يجوز أخذها من دافعيها، بل يجب على المسؤولين أن يتطهروا من ذلك وأن يبتعدوا عن ذلك وألا يعودوا أنفسهم هذا المنكر العظيم وهذا الفساد الكبير، ومتى دخلت الرشوة على قوم أفسدتهم وضيعت حقوق الناس، وصار صاحب الرشوة والناجح ومن لا يرشي يذهب حقه فهذا من الظلم ومن البلاء العظيم والفساد الكبير، فلا يجوز أن يدفع إلى قاض أو موظف أو أمير أو غير ذلك رشوة حتى يقدمك على غيرك، أو حتى يحرم غيرك أو يعطيك حقه أو غير ذلك مما يكون فيه ظلم للناس وتعدي على الناس أو تقديم بغير حق، أو تأخير بغير حق فالمقصود أن الرشوة من حيث هي محرمة ومنكر وقد لعن الرسول -صلى الله عليه وسلم- الراشي والمرتشي، فعليك يا عبد الله أن تحذر هذه الأقوال الساقطة وأن تبتعد عما حرم الله عليك وأن تطالب بحق، إذا أخر حقك، تطالب بإعطائك حقك أو بإحالة القضية إلى الجهات العليا كالتمييز إذا رأيت من القاضي أنه حكم بشيء ترى أنك مظلوم فيه وأنه أخطأ تطلب إحالة القضية إلى التمييز، أما أن تعطي رشوة أو تدفع رشوة لأحد حتى تساعد على الحكم بما يرضيك وبما يناسبك هذا منكر عظيم لا مع القاضي ولا مع أتباع القاضي، من كتبة وغيرهم كله منكر، وهكذا مع لجان الأراضي أو مع غيرهم ممن يوفق في أمر من الأمور الذي بين الناس، لا يجوز أن يعطى رشوة ليقدمك أو يعطيك حق فلان، أو يزيدك على حقك، بل يجب أن تخضع للأحكام الشرعية وللواقع الذي يقع وتسأل من ولاة الأمور أن ينصفوك إذا رأيت أحداً تعدى عليك، تطلب إنصافك وتبين وجه الظلم الذي حصل عليك وولاة الأمور بحمد الله لن يتركوا حقك فسوف ينصفونك إن شاء الله، ثم لو قدر أنك لم تنصف فما عند الله خير وأبقى، أما أن تقع في أمر لعن الله صاحبه فهذا خطر عظيم ولا حول ولا قوة إلا بالله.  
 
6- ما حكم الفاتحة للميت، وذبح المواشي ودفع الفلوس إلى أهل الميت؟
تقدم في السؤال الأول الذي قبل هذا أن التقرب للأموات بالذبائح أو بالفلوس أو بالنذور أو بغير هذا أن هذا من الشرك الأكبر لا يجوز، هذه من العبادات التي لا تكون إلا لله وحده، فالذبح لله وحده وهكذا النذور وهكذا الصدقات كلها لله وحده، قال الله تعالى: قل إن صلاتي – قل يا محمد – قل إن صلاتي ونسكي – يعني ذبحي – ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له، وقال سبحانه: إنا أعطيناك الكوثر، فصل لربك وانحر، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لعن الله من ذبح لغير الله)، رواه مسلم في صحيحه، من حديث علي رضي الله عنه، فالذبح لغير الله من الأولياء أو الكواكب أو الجن شرك بالله عز وجل، وهكذا الأصنام كله شرك بالله عز وجل، أما الذبح لله فهو عبادة فإذا تقرب إلى الله بالذبائح بالضحايا بالهدايا بالنذور كلها عبادة لله وحده سبحانه وتعالى، فهذه العبادة لا تصرف لغير الله لا للأولياء ولا للأنبياء ولا للأصنام ولا للكواكب ولا لغير هذا من المخلوقات، وكذلك كونه يقدم نقوداً لصاحب القبر فالنقود قربة مثلما يتقدم إلى الله بالصدقات التي يعطيها الفقراء، فإذا أعطى الفقراء نقوداً فهي صدقة يرجى ثوابها من الله عز وجل، فإذا قدمها للميت فقد عبده بهذه الصدقة، عبده بهذه النقود التي يتقرب بها للميت ويأخذها زيد وعمرو، هذا منكر عظيم وشرك فضيع، لا يجوز أبداً، فيجب على المؤمن أن يحذر هذه الشرور، وأن ينبه غيره على ذلك و الله المستعان. أنا فهمت من سؤاله إذا أذنتم لي سماحة الشيخ أنه يقول: ما حكم الفاتحة للميت، يعني لأبيه مثلاً، وذبح المواشي ودفع الفلوس إلى أهل الميت كنوع من المواساة؟ إذا كان أراد هذا فله معنى آخر، أما قراءة الفاتحة فهو بدعة، يقرأ الفاتحة على الأموات أو على قبورهم هذا من البدع، لم يفعلها النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا أصحابه رضي الله عنهم فلا يجوز أن يقرأ على الموتى الفاتحة ولا غيرها، أما كونه يعطى أهل الميت صدقة يساعدون فهذا لا بأس به، إذا مات ميتهم يدفع إليهم عشاء أو غداء لا بأس، فقد ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال لما جاء خبر جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه لما قتل يوم مؤتة في الشام أمر النبي أهله أن يصنعوا لأهل جعفر طعاماً، قال: (اصنعوا لأهل جعفر طعاماً فقد أتاهم ما يشغلهم)، فأمر أهله أن يصنعوا لأهل جعفر طعاماً ويبعث به إليهم لأنهم قد أتاهم ما يشغلهم عن الطعام، فإذا دفع إليهم جيرانهم طعاماً مصنوعاً أو ذبيحة ليستنفعوا بها وقت حزنهم ووقت مصيبتهم، أو يستعينوا بها على حاجاتهم فلا بأس فيما نرى، لكن ليس لهم أن يصنعوا طعام، أهل الميت، ليس لهم أن يصنعوا طعام يدعون الناس إليه ويكون عندهم ولائم في بيوتهم، هذه المآتم ممنوعة لا تجوز، قال جرير رضي الله عنه جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: (كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت، وصنعة الطعام بعد الدفن من النياحة)، فلا يجوز هذا، لكن الأفضل والسنة أن يصنعوا طعاماً يصنع الجيران أو الأقارب طعاماً ويقدم لهم مصنوع، أما تكليفهم بالذبيحة أو بالنقود فهذا خلاف المشروع، إلا إذا فعلوه من باب الصدقة عليهم من غير أن يقيموا وليمة عند أهل الميت، ومن غير أن يكون هناك اجتماع عليها، بل صدقة مجردة، أن ينتفعوا بها لفقرهم وحاجتهم لا بأس، لكن السنة أن يبعث إليهم طعام مصنوع خالص منتهي، يبعث إليهم ليكفوهم المؤونة حتى يأكلون منه من دون كلفة ولا تعب، لأنهم مشغولون عن الطبخ لمصيبة الموت، هذا هو الأفضل وهذا هو المشروع، أما الصدقة عليهم إذا كانوا فقراء بنقود أو ذبيحة أو طعام فلا بأس به، لكن بشرط ألا يكون هذا الشيء لإقامة المأتم في البيت وصنع طعام للناس، سواء كان من أموالهم أو مما يدفع إليهم من جيرانهم، لا يفعل هذا.  
 
7- أرجو أن ترشدوني إلى كتاب أحاديث جيد
من أحسن الكتب في هذا لطالب العلم كتاب بلوغ المرام، كتاب جيد ومفيد ومحرر على أبواب الأحكام، وهو كتاب جيد ومفيد، بلوغ المرام للحافظ بن حجر، هذا ننصح بحفظه وتدبر ما فيه من الأحاديث الصحيحة، وهناك أحاديث فيه ضعيفة قليلة، بين حالها ونبه عليها، ومن الكتب الجيدة أيضاً والمختصرة عمدة الحديث للشيخ عبد الغني المقدسي رحمه الله، فيها جملة طيبة من الأحاديث أربع مائة وزيادة قليلة نافعة مفيدة، ولكن أنفع منها بلوغ المرام لأنه أوفى منها وأكثر.  
8- هناك بعض الناس يصلون في ثوب خفيف جداً وبدون سراويل طويل، وإنما سروال صغير جداً، فهل صلاتهم صحيحة، وبماذا ننصحهم؟
إذا كان الذي يصلي رجل فالواجب أن يستر ما بين السرة والركبة، ويكون عليه سراويل ساترة أو قميص ساتر، وإذا كان ثوبه خفيف يبين معه الفخذ لحمة الفخذ تعرف سوداء أو حمراء فهذا اللباس لا يستر ولا يجزئ ولا تصح الصلاة معه، كأنه مكشوف أما إذا كان اللباس يستر الفخذين والعورة ولكنه خفيف ويستر فلا يضر، أو كان عليه سراويل وافية تستر ما بين السرة والركبة فلا يضر، أو إزار ساتر، أما المرأة فيجب أن تستر بدنها كله في الصلاة بأن تكون ملابسها ساترة صفيقة لا يرى بدنها وإنما تكشف وجهها فقط في الصلاة، وإن كشفت الكفين فلا بأس، لكن الأفضل ستر الكفين أيضاً، ولا يجوز لها أن تصلي في أثواب خفيفة يرى منها لحمها، ويعرف هل هو أحمر أو أسود هذا حكمه حكم العارية ما تصح صلاتها.  
 
9- خطبت فتاة في العشرين من عمرها، وقد قدمت لي مساعدة في أزمة مرضية حيث ساعدتني بدمٍ من دمها، قبل الخطوبة، فهل يصح لي أن أتزوجها؟
الدم لا يؤثر، ليس مثل الرضاع، كون المرأة تزود الرجل من دمها، أو الرجل يزود المرأة من دمه عند الحاجة إلى ذلك، ليس له حكم الرضاع، فلا تحرم عليه ولا يحرم عليها، بما يحصل من الانتفاع بالدم الذي يحتاج إليه المريض، هذا ليس له حكم الرضاع، بل هو أمر خارج عن ذلك من باب الإحسان ولا يمنع الزواج.  
 
10- ما رأيكم في متابعة القرآن الكريم من إذاعة القرآن والتلاوة معه وأنا في أثناء العمل.
لا مانع من متابعة القرآن من إذاعة القرآن لكن بالإنصات لا بالتلاوة فالله يقول سبحانه: فإن قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا، فأنت الآن تستمع وتتدبر ماذا يقرأ القارئ وتستفيد أما أن تقرأه معه لا، السنة أن تنصت وأن تدبر ما تسمع حتى تستفيد من كلام ربك عز وجل، ولكن لا تقرأ مع القارئ أنصت فهذا هو المشروع.  
 
11- يحصل هناك نقاش حول مسألة التوكل، هل يكون التوكل مع الأسباب أو بغير الأسباب؛ لأننا نعلم عن توكل بعض الصالحين كتوكل مريم والتي تأتيها فاكهة الصيف في الشتاء والعكس، ولم تتخذ الأسباب بل انقطعت للعبادة ،
التوكل يجمع الأمرين، التوكل يجمع شيئين أحدهما: الاعتماد على الله والإيمان بأنه مسبب الأسباب وأن قدره نافذ، وأنه قدر الأمور وأحصاها وكتبها سبحانه وتعالى، الشيء الثاني: تعاطي الأسباب، فليس من التوكل تعطيل الأسباب بل من التوكل الأخذ بالأسباب والعمل بالأسباب، ومن عطلها فقد خالف شرع الله وقدره، الله أمر بالأسباب وحث عليها سبحانه وتعالى، وأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم- بذلك فلا يجوز للمؤمن أن يعطل الأسباب، بل لا يكون متوكلاً على الحقيقة إلا بتعاطي الأسباب، ولهذا شرع النكاح لحصول الولد، وأمر بالجماع فلو قال أحد من الناس: أنا لا أتزوج وأنتظر ولداً من دون زواج لعد من المجانين، ليس هذا من أمر العقلاء، وكذلك لا يجلس في البيت أو في المسجد للصدقات ويتحرى ـــ التأثيث، فيجب عليه أن يسعى ويعمل ويجتهد في طلب الرزق الحلال، ومريم رحمة الله عليها لم تدع الأسباب ومن قال ذلك؟ فقد قال لها: وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليه رطباً جنياً، فهزت النخلة وتعاطت الأسباب حتى وقع الرطب، فليس من عملها ترك الأسباب، ووجود الرزق عندها وكون الله أكرمها بها، أتاح لها بعض الأرزاق وأكرمها ببعض الأرزاق لا يدل على أنها معطلة للأسباب بل هي تتعبد وتأخذ بالأسباب وتعمل بالأسباب، وإذا ساق الله لبعض أوليائه من أهل الإيمان شيئاً من الكرامات هذا من فضله سبحانه وتعالى، لكن لا يدل على تعطيل الأسباب، وقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله، ولا تعجزن)، وقال سبحانه: إياك نعبد وإياك نستعين.

873 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply