حلقة 191: طلاق السكران - غذاء الرضيع باللبن الصناعي - المساواة بين الذكر والأنثى في العطاء - زكاة الأسهم والإيجارات - زكاة الأرض الموهوبة - زكاة المال المجموع لأجل زواج أو مسكن - قضاء صلاة المغمى عليه بحادث - سب الدين

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

41 / 50 محاضرة

حلقة 191: طلاق السكران - غذاء الرضيع باللبن الصناعي - المساواة بين الذكر والأنثى في العطاء - زكاة الأسهم والإيجارات - زكاة الأرض الموهوبة - زكاة المال المجموع لأجل زواج أو مسكن - قضاء صلاة المغمى عليه بحادث - سب الدين

1-   هل يقع طلاق السكران، فإن كان يقع فهل يحاسب على تصرفاته المتعدية الأخرى، كالزنا والقتل والسرقة، فإن كان كذلك فما الفرق بين الحالين؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله, وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد.. فقد اختلف العلماء في طلاق السكران هل يقع أم لا؟ فذهب الجمهور إلى أنه يقع طلاقه كما يؤخذ بأفعاله، ولا تكون معصيته عذراً له في إسقاط الطلاق، كما أنها لا تكون عذراً له في مؤاخذته بأفعاله من قتلٍ أو سرقة أو زنا أو غير ذلك. وذهب بعض أهل العلم إلى أن طلاق السكران لا يقع، وهذا هو المحفوظ عن عثمان -رضي الله عنه- الخليفة الراشد-؛ لأنه لا عقل له، فلا يؤخذ بأقواله التي تضر غيره، والطلاق يضره ويضر غيره، فلا يؤخذ بالطلاق؛ لأن عقوبة السكران الجلد، وليس من عقوبته إيقاع طلاقه، وهكذا عتقه وتصرفاته الأخرى كالبيع والشراء، والهبة، ونحو ذلك كلها باطلة، أما أعماله وأفعاله فإنه يؤخذ بها، ولا يكون سكره عذراً له، ولا في الزنا ولا في السرقة ولا في القتل ولا غير هذا؛ لأن الفعل يؤخذ به الإنسان عاقلاً أو غير عاقل؛ ولأن السكر قد يتخذ وسيلة إلى ما حرم الله من الأفعال المنكرة وقد يحتج به فتضيع أحكام هذه المعاصي؛ ولهذا أجمع أهل العلم على أخذه بأفعاله. أما القول فالصحيح أنه لا يؤخذ به، فإذا علم أنه طلق بالسكر عند زوال العقل فإن الطلاق لا يقع، وهكذا لو أعتق عبيده في حال السكر أو تصدق بأمواله في حال السكر فإنه لا يؤخذ بذلك، أو باع أمواله أو اشترى فجميع التصرفات التي تتعلق بالعقل لا تقع ولا تثبت من تصرفاته القولية كما بيَّنا، وهذا هو المعتمد وهو الذي نفتي به أن طلاقه غير واقع متى ثبت سكره حين الطلاق وأنه لا عقل له، أما إذا كان غير آثم بأن سقي شراباً لا يعلم أنه مسكر أو أجبر عليه وأسقي الشراب عمداً بالجبر، والإكراه فإنه غير آثم ولا يقع طلاقه في هذه الحال؛ لأن سكره ليس عن قصد فيؤخذ به, بل هو ... أو... فلا يقع طلاقه عند الجميع. بارك الله فيكم وجزاكم الله خيراً  
 
2- إذا غُذِّي الرضيع باللبن الصناعي في الحولين هل يعتبر مفطوماً، وهل يغير ذلك من حكم نجاسته؟
أما بعد الحولين فإنه يعتبر مفطوماً فلو أرضعه أحدٌ بعد الحولين فإنه لا يعتبر رضاع، أما في حال الحولين فإذا ارتضع من امرأةٍ خمس رضعات أو أكثر في حال الحولين فإنه يعتبر ولداً لها وأخاً لأولادها، وابناً لزوجها، وأما حكم بوله في الحولين حال ارتضاعه باللبن غير لبن أمه فهذا محل نظر والأقرب -والله أعلم- أنه كالذي يرتضع من أمه، لا يقال إنه يتغذى بالطعام حينئذ فإنه يتغذى بلبن قام مقام لبن أمه، فالأقرب -والله أعلم- أن بوله يكفي فيه الرش والنضح، كبول الصبي الذي لا يأكل الطعام إذا كان يتغذى بلبن أمه، هذا هو الأقرب والأظهر والله أعلم. بارك الله فيكم  
 
3-   ورد في الحديث: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)، فهل المقصود المساواة المطلقة أو أن للذكر مثل حظ الأنثيين أسوةً بالميراث، فالحديث على ما أظن يقول: (أكلهم أعطيته مثل؟)، فكلمة مثل - إن صحت - توحي بالمساواة المطلقة، اللهم إن كان يتكلم عن الذكور فقط؟
الحديث صحيح رواه الشيخان عن النعمان بن بشير -رضي الله عنه- أن أباه أعطاه غلاماً فقالت أمه: (لا أرضى حتى يشهد رسول الله -عليه الصلاة والسلام-، فذهب بشير بن سعد إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخبره بما فعل، فقال: أكل ولدك أعطيته مثلما أعطيت النعمان؟ قال: لا، قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) فدل ذلك على أنه لا يجوز تفضيل بعض الأولاد على بعض بالعطايا؛ كلهم ولده وكلهم يُرجَى بره فلا يجوز أن يُخَصَّ بعضهم بالعطية. واختلف العلماء -رحمة الله عليهم- هل يسوى بينهم ويكون الذكر كالأنثى، أم يفضل الذكر عن الأنثى كالميراث -على قولين لأهل العلم-. والأرجح أن العطية تكون كالميراث، وأن التسوية تكون لجعل الذكر كالأنثيين؛ فإن هذا هو الذي جعله الله في الميراث، وهو سبحانه الحكم العدل فيكون المؤمن في عطيته لأولاده كذلك, كما لو خلفه لهم بعد موته لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ(11) سورة النساء. فهكذا إذا أعطاهم في حال حياته يعطى الذكر مثل حظ الأنثيين, هذا هو العدل بالنسبة إليهم، وبالنسبة إلى أمهم وأبيهم، وهذا هو الواجب على الأب والأم أن يعطوا الأولاد هكذا (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ) وبذلك يحصل العدل والتسوية كما جعل الله ذلك عدلاً في إرثهم من أبيهم وأمهم والله المستعان. بارك الله فيكم  
 
4- هل الزكاة على قيمة الأسهم بتمام الحول، أم على الخمسة عشر بالمائة التي توزع من الأرباح في مثل شركات الغاز والكهرباء، أم أن الزكاة فقط على الخمسة عشر بالمائة إذا حال عليها الحول، وإذا كان هناك بيت يؤجر فهل الزكاة على قيمة البيت وإيجاره، أم على الإيجار فقط؟
الشركات التي يقصد منها الاستثمار لا البيع، مثل شركة الكهرباء وأشباه ذلك هذه الزكاة فيما يحصل من المال، ما يقسم من المال والأرباح التي يعطاها المساهمون هي التي فيها الزكاة إذا حال عليها الحول بعد حصولها وملك رجلٍ لها، فإذا ملكها وحال عليها الحول يزكيها، أما الأصل في السهام التي في الشركة فليس عليها زكاة؛ لأنها شركة استثمارية يراد منها الربح لا يراد بيع أصولها، بخلاف الأراضي الذي يشترك فيها للبيع، فإن المراد منها بيع أصولها والفائدة من أرباحها، فهذا يزكِّي الأصل والربح جميعاً، في الأرض التي يراد بيعها، والسيارة التي يراد بيعها، وهكذا العمارة وما أشبه ذلك، أما الشركات التي يقصد منها الاستثمار, والأصول باقية فهذه الزكاة فيما يحصل من الثمرة من الفلوس التي تحصل أرباحاً فتزكى من حين اجتمعت وحصلت لأهلها,تُزكَى إذا حال عليها الحال. - وبالنسبة للبيت؟. ج/والبيت كذلك يزكى الأجرة أما الأصل فلا يزكى، إذا كان للاستئجار لا للبيع، وإنما هو معدٌ للإيجار ليؤجره وينتفع بالأجرة فالزكاة في الأجرة إذا حال عليها الحول، أما لو أنفقها ولم يحُل عليها الحول فلا زكاة فيها، أو قضى بها ديناً أو نحو ذلك لا زكاة فيها, إلا إذا حال عليها الحول بعد عقد الإجارة تم عليها سنة بعد تمام العقد. بارك الله فيكم  
 
5- الأرض الموهوبة التي من الإمام هل عليها زكاة إذا كانت معروضةً للبيع، وماذا لو لم تكن معروضة للبيع، أي أنني لم أعلن عنها، ولكن ليس عندي مانع من بيعها فجأةً خصوصاً لو ارتفعت الأسعار، وهل يختلف الحكم لو كنت اشتريتها ولم أعرضها للبيع إلى الآن، وهل لو بعت أزكي حالاً أم لا بد أن يحول الحول؟
الأراضي التي يملكها الإنسان بالهبة من ولي الأمر أو بالشراء أو بالهبة من شخصٍ آخر تختلف، فإن كان أراد بها البيع والتجارة وجبت فيها الزكاة إذا حال عليها الحول، أما إن كان أراد أن يبني عليها سكناً أو يبني عليها محلاً للإيجار أو كان متردداً لم يجزم على شيء هل يبني فيها سكن, هل يبني فيها عمارات للإيجار، هل يبيعها، فإذا كان متردداً فليس عليه زكاة، أو كان ما أرادها للبيع إنما أرادها ليبني عليها سكناً أو محلاً للتأجير فليس فيها زكاة، ولكن متى أجرها أو بنى فيها وأجر وجبت الزكاة في الأجرة إذا حال عليها الحول، أما إذا كان جزم بأنه يريدها للبيع, وانه قصد بيعها والتجارة فيها، فهذا يزكيها إذا حال عليها الحول يزكي القيمة ينظر في قيمتها يسأل أهل الخبرة ماذا تساوي ثم يزكي القيمة بعدما حال عليها الحول بعد ملكه لها بالهبة أوغيرها. بارك الله فيكم  
 
6- أنا شاب موظف لي دخل شهري محدود آخذ منه ما أحتاجه والباقي أضعه في البنك حتى يتكون لدي مبلغ أشتري به أرض أقيم عليها مسكناً أسكنه عندما أتزوج، وفعلاً تكون لدي مبلغ خمسة وخمسون ألف ريال، وكانت قيمة الأرض مائة وخمسة آلاف فاستلفت المبلغ الباقي، وبعد سنة من شراء الأرض كنت قد سددت المبلغ المطلوب، ولكن بعد أيام فكرت في بيع الأرض لأشتري في موقع أقرب من الأول، وفعلاً بعتها ووضعت المبلغ في البنك، وصرت أجمع على ثمن هذه الأرض التي بعتها من رواتبي إلى أن يظهر اسمي من صندوق التنمية العقاري، والآن لي سنة. فالسؤال: هل علي زكاة في هذه السنوات الثلاث، لأنني سمعت أن من يجمع المال حتى يتزوج أو يبني مسكناً يسكنه لا زكاة عليه؟
هذا غلط، الصواب أن عليه الزكاة، إذا جمع مالاً ليتزوج, أو ليبني مسكناً, أو ليوفي ديناً فالزكاة عليها إذا حال الحول على المال المجموع، فإذا جمعت من رواتبك أو ثمن الأرض التي بعتها ورصدتها في البنك أو في غير البنك تنتظر تعمير أو تنتظر شراء أرضٍ أخرى، أو تنتظر الزواج أو ما أشبه ذلك، فإن عليك الزكاة إذا حال الحول، كل مال حال عليه الحول من النقود فإنه يجب عليك زكاته، سواءٌ كان من الرواتب أو ثمن أرض أو ثمن بيت أو غير ذلك، ولو كنت أعددت هذا المال لشراء أرضٍ أو لعمارة أرضٍ أو للزواج أو لغير ذلك، عليك الزكاة إذا حال الحول عن كل مالٍ حال عليه الحول. بارك الله فيكم وجزاكم الله خير  
 
7- رجل أصابه حادث سيارة، وغاب عنه ذهنه، وجلس يومين لا يدري ولا يحكم الفرض، ولا يدري كم فرضاً فاتته، فهل يقضيها؟
نعم، الذي يصاب بحادث يبقى يوماً أو يومين, أو ثلاث لا يشعر إذا صحا وانتبه يقضي الأيام التي ترك الصلاة فيها؛ لأن هذا يُشبَّه بالنوم، ويشبه بالإغماء الذي يحصل لبعض الناس، فيصلي تلك الفروض التي فاتته ولم يشعر بها، أما إذا طال الأمر؛ بأن كانت المدة طويلة أكثر من ثلاثة أيام فهذا فيه خلاف من أهل العلم من قال يقضي كالنائم ومنهم من قال لا يقضي لطول المدة, وهو فاقد العقل فهو أشبه بالمجنون والمعتوه، والأقرب -والله أعلم- أن ما زاد عن الثلاث لا قضاء فيها؛ لأنه أشبه بالمجنون، وأشبه بالمعتوه، أما الثلاث فما كان أقل فهذا أشبه بالنائم فيقضي، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (من نام عن الصلاة أو نسيها فليصليها إذا ذكرها لا كفارة له إلا ذلك) فاليوم واليومين والثلاث هذا يقارب النوم ويشبه النوم فيقضي، أما ما زاد على ذلك كالذي يغيب شهراً أو شهرين أو أكثر من ذلك فهذا لا قضاء عليه إن شاء الله وهو أشبه بالمعتوه. بارك الله فيكم  
 
8- هناك مسجد له إمام، وهناك رجل في بعض الأحيان يصلي ويؤم الناس بدون إذن الإمام الراتب، فهل صلاته صحيحة؟
إذا كان الإمام قد يتأخر عن الموعد المعتاد وتقدم بعض المأمومين وصلى بالناس لا حرج, صلاته صحيحة وصلاتهم صحيحة؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لما تأخر صلَّى عبد الرحمن بن عوف ولم ينكر عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- بل أقره على ذلك وصلَّى ما بقي, صلَّى معه ما بقي من الصلاة، فقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه كان في غزوة تبوك في صلاة الفجر تخلف لقضاء حاجته، فلما حضر وقت الصلاة وتأخر النبي -صلى الله عليه وسلم- أقيمت الصلاة وصلَّى بالناس عبد الرحمن بن عوف الزهري، أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، فجاء النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد صلَّى عبد الرحمن ركعةً, فأراد أن يتأخر فأشار له النبي -صلى الله عليه وسلم- فكمل الصلاة وصلَّى معه النبي -صلى الله عليه وسلم- الركعة التي بقيت فلما سلَّم عبد الرحمن قام النبي -صلى الله عليه وسلم- ومعه المغيرة بن شعبة فقضايا ما عليهما، فدل ذلك على أن الإمام إذا تأخر فإن الجماعة لا يُعطَّلون, بل يقدِّمون من شاءوا من أهل الخير فيصلِّي بهم حتى لا يتعطل الناس، وهذا هو الحق، أما كون بعض الناس يتسرع ويقيم قبل أن يأتي وقت الصلاة هذا غلط, لا يجوز هذا، وليس لأحد أن يتقدم على الإمام الراتب قبل مجيء الوقت المعتاد. بارك الله فيكم وجزاكم الله خير  
 
9- هناك شخص تزوج من حلال وحرام من المال، وبعد أن أخذ فترة من السنين انتبه قلبه وعرف أنه تزوج بحرام، فما حكمه، وماذا عليه أن يفعل؟
الزواج صحيح لا يضره ذلك، ما دام استوفى الشروط بأن تزوجها برضاها وبالولي الشرعي والشاهدين, وهي في حالة ليس فيها مانع من الزواج, فكون المهر فيه حرام لا يضر الزواج، إن كانت الشروط متوفرة في النكاح وإنما اختل بعض المال وصار في المال بعض الحرام فهذا لا يخل بالزواج، وعليه التوبة إلى الله عز وجل مما أخذ من الحرام، وعليه أن يؤدي المال إلى أهله إن كان سرقه من أحد أو غصبه من أحد يرده إلى أهله فإن كان لا يتمكن من ذلك تصدق به عن أهله في وجوه البر كالفقراء والمساكين، وإصلاح الطرقات ودورات المياه, و.... وأشباه ذلك، أما النكاح فصحيح. بارك الله فيكم  
 
10-  أحد الأشخاص يجهل بأمر الدين، ويسب الدين، فما حكمه، وماذا عليه أن يفعل إذا أدرك خطأه؟
سب الدين كفرٌ أكبر وردة عن الإسلام نعوذ بالله، إذا سب المسلم دينه سب الإسلام أو تنقص الإسلام وعابه هذا ردة عن الإسلام أو استهزأ به قال الله جل وعلا: قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ * لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ (65-66) سورة التوبة. وقد أجمع العلماء قاطبةً على أن المسلم متى سب الدين أو تنقصه أو سب الرسول -صلى الله عليه وسلم- أو تنقصه أو استهزأ به فإنه يكون مرتداً كافراً حلال الدم والمال، يستتاب فإن تاب وإلا قتل، وبعض أهل العلم يقول لا توبة له من جهة الحكم بل يقتل، ولكن الأرجح -إن شاء الله- أنه متى أبدى التوبة وأعلن التوبة، ورجع إلى ربه -عز وجل- أنه يقبل وإن قتله ولي الأمر ردعاً لغيره فلا بأس بذلك، أما توبته فيما بينه وبين الله فإنها صحيحة إذا تاب صادقاً فتوبته فيما بينه وبين الله صحيحة، ولو قتله ولي الأمر؛ سداً لباب التساهل في الدين وسب الدين، المقصود أن سب الدين والتنقص للدين أو للرسول -صلى الله عليه وسلم- أو الاستهزاء بذلك ردةٌ وكفرٌ أكبر بإجماع المسلمين، وصاحبها يستتاب فإن تاب قبِلَ اللهُ توبته وعفا عنه، أما كونه يقبل في الدنيا أم لا يقبل هذا محل خلاف بين أهل العلم، فإن قبل وعفا عنه الإمام لتوبته الصحيحة وإظهاره الندم والإقلاع فلا بأس، وإن قتله ولي الأمر سداً لباب التساهل بهذا الأمر العظيم؛ لأن سب الدين وسب الرسول له شأن خطير، فإذا قتله ولي الأمر لسبه الرسول أو سبه الدين فهذا له وجهه وهو قول عظيم وقول جيد لأهل العلم، ردعاً للناس عن التساهل في سب الدين أو سب الرسول -صلى الله عليه وسلم-. بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا  
 
11- أنا شاب تزوجت بنت عمي بمهر قدره مائة وخمسين ألف ريال، واشترط أن نزوج ابنه وفعلاً تزوج ابنه على بنت أخي بنفس المهر، ثم يقول حصل سوء تفاهم، وادَّعى عمه أن بنته قد كمل رشدها و تلك أقل منها بحوالي ثلاث سنوات، فأقسم بالله العظيم أنه لن يعطيني بنته - أي زوجتي - فأفيدوني، هل أترك هذا الزواج، أم أن هذا الزواج حرام؟
الزواج بالمشارطة أن هذا يعطي بنته هذا، وهذا يعطي بنته هذا، أو بنت أخيه أو أخته، هذا يسمى نكاح الشغار، ويسميه بعض الناس البدل، نكاح البدل، وهذا منكر، ولا يجوز، وهو نكاح فاسد وباطل لا يجوز؛ لأن الرسول نهى عن هذا -عليه الصلاة والسلام-، فليس لك أن تدخل هذا المدخل، بل يجب عليك أن تفارق هذه البنت وليس لك أن تتزوج هذا الزواج الفاسد المخالف لشرع الله -عز وجل-. أما النزاع بينكما فهذا إلى المحكمة تنظر المحكمة في أمر النزاع بينكما، لكن إذا اصطلحتما ولم تحتاجا إلى المحكمة فعليك أن تجدد النكاح مع ولي المرأة بدون شرط المرأة الأخرى وهكذا المرأة الأخرى يجدد نكاحها بدون شرط المرأة الأخرى، فإذا جدد النكاح من دون شرط على مهرٍ قليل أو كثير فلا بأس، وأما بشرط أنه يزوجكم وأنتم تزوجونه فهذا لا يجوز وهذا هو نكاح الشغار الذي نهى عنه الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأنكره -عليه الصلاة والسلام-، أما النزاع الذي بينكما والمخاصمة فهذا إلى المحاكم، وفيما تراه المحاكم الخير والبركة -إن شاء الله-. بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا  
 
12- أنا شاب بحمد لله أصلي وأصوم وأحج، ولم أرتكب فاحشة ولله الحمد، إلا أنني أحب النظر إلى النساء والتحدث، ولكن الأكثر هو النظر، فهل عملي هذا يبطل أعمال الخير التي أقوم بها كالصلاة وغيرها؟
المعصية لا تبطل أعمال الخير، ولكن يخشى من المعاصي أنها إذا كثرت أن ترجح بالحسنات، فالواجب على المؤمن أن يحذر جميع المعاصي، ومن جملتها النظر للنساء، والتحدث للنساء للشهوة، هذا منكر، والله -جل وعلا- قال: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ(30) سورة النــور. فعليك أن تغض البصر وأن تجاهد نفسك بالله -عز وجل- وتحذر؛ لأن النظر سهم من سهام إبليس، وربما جرك النظر إلى الفعل، والمعصية الكبرى وهي الزنا، فعليك أن تتقي الله وأن تغض بصرك، وأن تحذر شر نفسك وهواك، وهكذا التحدث إليهن لقصد الشهوة أو لقصد النظر إليهن أو لقصد الخلوة بهن أو لأي قصدٍ فاسد، عليك الحذر، أما التحدث في أمورٍ مباحة كسؤال المرأة عن أهلها أو عن أولادها أو سلعة اشتريتها منها أو بعتها عليها -الأمور العادية المعروفة التي ليس فيها فتنة وليس فيها شهوة، وليس فيها نظر إلى ما حرم الله، وإنما هو حديث مباح أو حديث شرعي هذا لا بأس به- أما التحدث الذي يفضي إلى الفساد أو يقصد منه التلذذ بصوت المرأة، والمعرفة لما لديها أشياء أخرى تتعلق بميلك إليها هذا لا يجوز؛ لأنه يفضي إلى شر، وعلى المؤمن دائماً أن يحذر ما حرم الله عليه، ولكن ليست المعصية تبطل الأعمال، وإنما يبطل الأعمال الكفر بالله, الردة عن الإسلام هي التي تبطل الأعمال، كما قال الله سبحانه: وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (88) سورة الأنعام. وقال سبحانه: وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ(5) سورة المائدة. فالكفر بالله والشرك هو الذي يحبط الأعمال، أما النظر أوالغيبة أو النميمة أو الزنا هذا لا يحبط الأعمال ولكن فيه خطر عظيم من جهة أن السيئات متى كثرت يخشى على صاحبها من الطبع على قلبه، ويخشى على صاحبها أن تكون وسيلة إلى كفره وردته، ويخشى على صاحبها في الآخرة أن ترجح سيئاته بحسناته نسأل الله السلامة. بارك الله فيكم،  
 
13- يعمل خادم في مسجد ويستلم ألف وخمسين ريال وهو لا يعمل في المسجد إلا أنه يعطي أحد الإخوة الباكستانيين مبلغ أربعمائة ريال لينظف المسجد فما الحكم؟
لا بد من مراجعة الأوقاف ومشاورة الأوقاف, إذا سمحت لك الأوقاف بذلك فلا بأس، وإلا فالواجب عليك أن تباشر العمل، وأن تتقيَ الله في ذلك حتى تستحل الأجرة؛ لأن الباكستاني قد لا يقوم بعملك، قد لا يحصل به المقصود؛ ولأن التساهل في هذا يفضي إلى شرٍ كبير، من تعطيل المساجد وعدم تنظيفها وعدم العناية بها، أو تولية إنسان لا يصلح لسوء كلامه أو لسوء أعماله، أو لعدم استقامته مع الإمام ومع أهل المسجد، فالحاصل أن هذا شيء فيه خطر، فالواجب عليك أن تستشير مرجعك فإذا سمحوا لك بأن تستنيب فلان أو فلان بأجرة أو بغير أجرة فلا بأس. بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا.  

333 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply