حلقة 195: ما هو الشرك؟ - الصلاة خلف من يكتب الحجاب ويتوسل ببركات الصالحين - موقف الإسلام من الموسيقى والغناء - حكم الرسم والألعاب الرياضية - الاختلاط في الجامعة - أرباح اليانصيب

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

45 / 50 محاضرة

حلقة 195: ما هو الشرك؟ - الصلاة خلف من يكتب الحجاب ويتوسل ببركات الصالحين - موقف الإسلام من الموسيقى والغناء - حكم الرسم والألعاب الرياضية - الاختلاط في الجامعة - أرباح اليانصيب

1- ما هو الشرك ؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخيرته من خلقه, وأمينه على وحيه نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله, وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين أما بعد: فإن الشرك هو أعظم الذنوب, وهو أعظم الجرائم وهو الذي جرى بين الرسل وبين الأمم فيه النـزاع, فالأمم كانت على الشرك إلا من هداه الله وحفظ من أفراد الناس والرسل تدعوهم إلى توحيد الله والإخلاص له، وكان هذا الشرك قد حدث في قوم نوح لأسباب غلوهم في ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر، لما غلوا فيهم وعظموهم التعظيم الذي نهى الله عنه, وقعوا في الشرك بعد ذلك وصاروا يستغيثون بهم وينذرون لهم ويذبحون لهم, فلما ظهر فيهم هذا الشرك بعث الله إليهم نوحاً -عليه الصلاة والسلام- يدعوهم إلى توحيد الله وينذرهم عن الشرك ويحذرهم منه, ولم يزل فيهم يدعوهم إلى الله ويأمرهم بالإخلاص لله -سبحانه وتعالى- والتوبة إلى الله من شركهم, ولكنهم استمروا على طغيانهم وضلالهم إلا القليل فبعد ذلك أمره الله أن يصنع السفينة وأن يحمل فيها من آمن معه، ومن كل زوجين اثنين. وأهلك الله أهل الأرض وأغرقهم بسبب كفرهم وشركهم بالله -سبحانه وتعالى-، وهكذا بعد ذلك الأمم من قوم هود وقوم صالح ومن بعدهم أرسل الله إليهم الرسل تدعوهم إلى توحيد الله وتنذرهم الشرك بالله -عز وجل-، ولم يؤمن إلا القليل وأكثر الخلق غلب عليه طاعة الهوى والشيطان. ونبينا محمد -عليه الصلاة والسلام- هو خاتم الأنبياء وهو أفضلهم وإمامهم بعثه الله إلى هذه الأمة ينذرها الشرك بالله ويدعوها إلى توحيد الله -سبحانه وتعالى-، وكان الشرك في وقته قد انتشر في الأرض وعم ولم يبقى على التوحيد إلا البقايا القليلة من أهل الكتاب، فأنذرهم -عليه الصلاة والسلام- من هذا الشرك وكانوا يتعلقون على الأشجار والأحجار والأصنام ويدعون الأنبياء والصالحين ويستغيثون بهم وينذرون لهم ويجعلون يقولون إنهم شفعاؤنا عند الله وأنهم يقربونا إلى الله زلفى، كما ذكر الله ذلك عنهم بقوله سبحانه: وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ, قال الله سبحانه رداً عليهم:قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ(18) سورة يونس. هذا شأن المشركين يعبدون الأصنام والأشجار والأحجار والأولياء والأنبياء، فبهم يستغيثون ولهم ينذرون وإليهم يتقربون بالذبائح هذا هو الشرك الأكبر وهذا هو الذي أنكرته الرسل، وأنكره أتباعهم من دعاة الحق، قال الله فيه سبحانه: وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ(88) سورة الأنعام. وقال فيه سبحانه وتعالى: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ(65) سورة الزمر وقال فيه سبحانه: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ(13) سورة لقمان. وقال فيه عز وجل: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48) سورة النساء. وفي موضع آخر: وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا(116) سورة النساء. وبهذا نعلم حقيقة الشرك وأنه تشريك غير الله مع الله لعباده -سبحانه وتعالى- من أولياء أو أنبياء أو جن أو ملائكة أو أحجار أو أصنام أو شجر أو غير ذلك, هذا هو الشرك الأكبر, وهذا هو الذنب الأعظم الذي نهت عنه الرسل وأنزل الله فيه الكتب-سبحانه وتعالى- وتوعد عليه -عز وجل- بعدم المغفرة وبعدم دخول الجنة, وهكذا يلحق بذلك جميع أنواع الكفر كلها حكمها حكم الشرك, فإذا سب الله أو سب رسوله أو استهزأ بالدين أو تنقص الرسول -صلى الله عليه وسلم- أو طعن برسالته -عليه الصلاة والسلام-، أو جحد بعض ما أوجب الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة كأن جحد وجوب الصلاة، الصلوات الخمس، أو جحد وجوب زكاة المال، أو جحد وجوب صوم رمضان، أو جحد وجوب الحج مع الاستطاعة، أو جحد تحريم الزنا أو جحد تحريم الخمر أو جحد تحريم السرقة أو ما أشبه ذلك كل هذا يسمى كفراً ويسمى شركاً بالله -عز وجل- وصاحبه إذا مات عليه مخلد في النار -نعوذ بالله- الجنة عليه حرام وأعماله حابطة، كما قال سبحانه: وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ(88) سورة الأنعام. وقال -عز وجل-: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا(23) سورة الفرقان. وقال سبحانه: وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ(5) سورة المائدة. فالواجب على جميع المكلفين الحذر من هذا الشرك وأن يخصوا الله بالعبادة عن كل ما سواه, وهذا هو معنى: (لا إله إلا الله) فإن معناها لا معبود حقٌ إلا الله. فهي تنفي العبادة لغير الله، وتثبت العبادة لله وحده -سبحانه وتعالى-، كما قال عز وجل: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ(62) سورة الحـج. وقال سبحانه: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ (36) سورة النحل. وقال عز وجل: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ(25) سورة الأنبياء. وهذا التوحيد هو الذي خلق الله لأجله الثقلين, كما في قوله سبحانه: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ(56) سورة الذاريات. المعنى: إلَّا ليخصوني بالعبادة، يفردوني بالعبادة من صوم وصلاة ودعاء وخوف ورجاء وغير ذلك، هذا هو واجب المكلفين جميعاً, أن يعبدوا الله وحده ويخصوه بعباداتهم دون كل ما سواه, أما الرسل والأنبياء فحقهم الاتباع والمحبة والطاعة أما العبادة فحق الله -سبحانه وتعالى- وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاه(23) سورة الإسراء. إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ(5) سورة الفاتحة. وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء(5) سورة البينة. وهكذا الأولياء حقهم أن يُحَبُّوا في الله وأن يُسلك سبيلهم الطيب في طاعة الله ورسوله, أما أن يعبدوا مع الله لا، العبادة حق الله، لا يعبد مع الله أحد, لا ملك ولا نبي ولا ولي ولا غير ذلك، والواجب على جميع المكلفين أن يكون اهتمامهم لهذا الأمر أعظم اهتمام؛ لأن التوحيد هو أصل الدين وأساس الملة وهو أعظم واجب وأهم واجب؛ ولأن الشرك هو أعظم الذنوب وأكبر الجرائم فوجب أن يكون اهتمام المسلمين واهتمام طلاب العلم بهذا الأمر أعظم من كل اهتمام وأولى من كل أمر، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.. 
 
2- لنا إمام مسجد يقول: إنه يجوز للإنسان أن يسأل الله ببركة فلان، اغفر لي يا رب ببركة فلان، أي أحد الصالحين مثلاً، فهل هذا نوع من الشرك وهل تجوز الصلاة خلفه، في نفس الوقت لا يصرح بها شفهياً إلا إذا سألناه، وهذا الإمام يكتب الحجاب والبخورات للناس بطرق علاج، هل نصلي خلفه أم لا؟
هذا ليس من الشرك ولكنه من وسائل الشرك, التوسل ببركة فلان أو بحق فلان أو جاه فلان أو ذات فلان هذا من وسائل الشرك وليس من الشرك بل هو بدعة عند جمهور أهل العلم؛ لأن التوسل عبادة لا بد لها من توقيف لا بد لها من بيان من الرسول -صلى الله عليه وسلم- أو من الله -عز وجل- والله –سبحانه- بين لنا وهكذا رسوله -صلى الله عليه وسلم- بين وسائل العبادة وأن المشروع أن نتوسل إلى الله في دعائنا إليه بأسمائه كما قال –سبحانه-: وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا(180) سورة الأعراف. وهكذا صفاته –سبحانه- وهكذا التوسل بالتوحيد: (اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت..) كما جاء في الحديث, وهكذا التوسل بالأعمال الصالحات فيتوسل المؤمن بإيمانه بالله ورسوله, بمحبته لله ورسوله, ببره لوالديه, بأدائه الأمانة, بعفته عن الفواحش, بالمحافظة على الصلوات إلى غير ذلك. ومن هذا الباب قصة أهل الغار، وهو الحديث الذي رواه الشيخان -البخاري ومسلم- في الصحيحين عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما-: "أن ثلاثة من الناس ممن كان قبلنا آواهم المبيت -وفي رواية المطر- إلى الغار فدخلوا فيه فانحدرت عليهم صخرة سدت عليهم الباب, يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: " إنهم فيما بينهم قالوا: لن ينجيكم من هذا الأمر إلا أن تسألوا الله بصالح أعمالكم، فقام أحدهم فسأل ربه ببره بوالديه، فانفرجت الصخرة بعض الشيء، وقام الثاني فسأل الله بعفته عن الفاحشة -عن الزنا- فانفرجت الصخرة بعض الشيء وقام الثالث فتوسل إلى الله بأدائه الأمانة فانفرجت الصخرة فخرجوا" فهذا دليل على أن التوسل بالأعمال الصالحات وسيلة شرعية وهكذا التوسل بأسماء الله وصفاته, وهكذا التوسل بتوحيده والإخلاص له. أما التوسل بجاه فلان أو بحق فلان فهذا لا أصل له, ولا يجوز بل هو من البدع ولكن ليس من الشرك, والصلاة خلف الإمام الذي يقول هذا صحيحة, لكن ينبغي أن يعلم ويوجه إلى الخير فإن عرف الحق وامتثل وتاب إلى الله من ذلك, وإلا فالواجب أن يبدل بغيره الواجب على المسؤولين أن يلتمسوا إماماً أصلح منه للمسجد حتى لا يضر الناس، وهكذا إن كان يتعاطى كتابة الحجب وهي التمائم هذا أيضاً منكر والرسول -صلى الله عليه وسلم- أمر بقطع التمائم وقال: "من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له" وأخبر أنها شرك فلا يجوز كتابة التمائم لا من العظام ولا من الخرز ولا من الطلاسم ولا من غير ذلك. واختلف العلماء فيما إذا كانت التمائم من القرآن على قولين: أحدهما: الجواز، والثاني: المنع، والصواب المنع، أنه لا يجوز كتابة التمائم والحجب حتى من القرآن، في أصح قولي العلماء؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- نهى عن التمائم وأطلق وعمم فلا يجوز استثناء شيء من ذلك؛ ولأن تعليق التمائم من القرآن وسيلة إلى تعليق غيرها، فينفتح الباب ويقع الشرك، وسد الذرائع أمر معلوم من الشريعة وأصل من أصولها؛ ولأن تعليقها قد يكون فيها امتهان للآيات القرآنية فوجب نبذ ذلك. وأما البخور فشيءٌ آخر, البخور قد يعالج الأمراض، ولكن بعض من يدعي الطب قد يتظاهر بأشياء وعنده أشياء أخرى، قد يتظاهر بالتمائم أو بالبخور، وهو يتعاطى خدمة الجن وسؤال الجن ودعوى علم الغيب بواسطة الجن, ومثل هذا خطره عظيم فالواجب أن ينكر على هذا وأن يوجه إلى الخير وأن يُعلَّم حتى يستفيد وحتى ينتبه لهذا الخطر،فإن استقام وتاب إلى الله وسار على الطريق السوي وإلا فالواجب إبداله بغيره من أئمة المسلمين, والذين عندهم العناية بأمر الله وعندهم صلاح العقيدة وسلامة الدين، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله. 
 
3- إننا نحب الاستماع إلى الأغاني والموسيقى بأنواعها، وفينا أيضاً من هو عازف فأردنا معرفة الموقف من الإسلام في هذا الموضوع، فهل ذلك حرام أم ماذا؟
الاستماع للأغاني والمعازف والموسيقى من جملة الملاهي المحرمة، والواجب على المؤمن ألا يستمع إليها وألا يكون عاملاً فيها ولا عازفاً، لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- بيَّن لنا أنه يأتي في آخر الزمان قوم يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف. والمعازف هي آلات الملاهي والغناء فيها كله يُسمَّى عزف وآلات الملاهي تسمى معازف والأصل في هذا الباب قوله عز وجل: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ(6) سورة لقمان. قال أكثر أهل العلم: لهو الحديث الأغاني، ويلحق بها كل صوت منكر، من المزامير والموسيقى وغير هذا من أصوات الملاهي وبين الله -سبحانه وتعالى -أن هذه الآلات وهذه المعازف تضل أهلها، ليضل عن سبيل الله، وفي قراءة أخرى: (ليَضِل عن سبيل الله) فدلَّ ذلك على أن اشتراءها يعني: اعتياضها واستعمالها -قد يشتريها بالمال وقد لا يشتريها بالمال قد يختارها ويستعملها- فيضل بها عن سبيل الله يعني عن دينه ويضل بها غيره، فالواجب تركها والحذر منها حفاظاً على دين المؤمن, وحفاظاً على قلبه من ...والرين والانحراف عن الهدى، والله -جل وعلا- ذكر الآية ذماً لأهل هذا العمل، فمن الناس، يعني بعض الناس، فهذا سيق مساق الذم، ومن الناس من يشتري يعني: يعتاظ لهو الحديث، وعرفت من قول أكثر أهل العلم أن هذا هو الغناء وآلات اللهو, لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ* وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ(6-7) سورة لقمان. هذا يبين أن استعمال هذه الملاهي, واستعمال الأغاني والموسيقى وغير ذلك من أنواع اللهو من أعظم الأسباب في الضلالة والإضلال واتخاذ آيات الله هزواً، ومن أسباب أيضاً، استكباره عن اتباع الحق, وعدم انقياده وارتياحه لسماع آيات الله -عز وجل- فاتضح من هذا أن المعازف بأنواعها من أسباب مرض القلوب, ومن أسباب الضلال عن سبيل الله, ومن أسباب الاستكبار عن الحق. روى البخاري في صحيحه -رحمه الله عن أبي مالك الأشعري -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر, والحرير والخمر والمعازف". الحر، هو الفرج الحرام وهو الزنا، والحرير معروف وهو ما حرُم على الرجال، والخمر معروف وهو كل مسكر وهو حرام على الرجال والنساء جميعاً، والمعازف كذلك حرام على الجميع على الرجال والنساء, وعرفت أن المعازف من الأغاني والملاهي وأنواع الطرب كلها من أسباب الضلال عن سبيل الله ومن أسباب اتخاذ آيات الله هزواً، ومن أسباب انحراف القلوب وانحرافها عن الهدى والاستكبار عن سماع آيات الله -عز وجل- فالواجب على المؤمن أن يحذر هذا الأمر وأن يحذِّره غيره, وهذا واجب على الجميع على الرجال والنساء في كل مكان، حرصاً على صلاح القلوب وسلامتها واستقامتها وحذراً من غضب الله, وحذراً مما تجر إليه الأغاني والملاهي من الضلال والإضلال والزيغ عن الهدى, ولا حول ولا قوة إلا بالله. 
 
4- فينا من يحب فن الرسم وهو يرسم مراراً، فنريد –أيضاً- معرفة موقف الإسلام من الرسم، وكذلك من الألعاب الرياضية، وخاصة كرة القدم؟
الرسم له معنيان: أحدهما: رسم الصور ذوات الأرواح، هذا جاءت السنة بتحريمه, فلا يجوز الرسم الذي هو رسم ذوات الأرواح لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: "كل مصور في النار", وقوله -صلى الله عليه وسلم-: " أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون، الذين يضاهئون في خلق الله", ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، فيقال: أحيوا ما خلقتم"؛ ولأنه -صلى الله عليه وسلم- لعن آكل الربا وموكله ولعن المصور، فدل ذلك على تحريم التصوير، وفسر العلماء ذلك بأنه تصوير ذوات الأرواح من الدواب والإنسان والطيور. أما رسم ما لا روح فيه وهو المعنى الثاني فهذا لا حرج فيه كرسم الجبل والشجر والطائرة والسيارة وأشباه ذلك هذا لا حرج فيه عند أهل العلم، ويستثنى من الرسم المحرم ما تدعو الضرورة إليه مثل رسم صور المجرمين حتى يُحذروا وحتى يُمسكوا أو صور صاحب ــ التي لا بد منها ولا يستطيع أن الحصول عليها إلا بذلك فهو معذور؛ لأنه بحاجة إلى ــ وهكذا ما تدعو الضرورة إليه. فإذا رأى ولي الأمر أن هذا الشيء تدعو الضرورة إلى تصويره لخطورته ولقصد سلامة المسلمين من شره حتى يعرف, أو لأسباب أخرى فلا بأس، قال الله -عز وجل-: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ(119) سورة الأنعام. 
 
5- فينا من هو في الجامعة يتلقى العلوم، ولكنه يحب أن يعلم موقف الإسلام منه وهو محيط بالنساء، لأن الدراسة في هذه الكلية مختلطة، أي أنها للذكر والأنثى، مع العلم أن نساءنا -أي الطالبات- أكثرهن من غير المتحجبات، وتلبسن ما يحلُ لهن؟
نصيحتي للطالب هذا: ألا يدرس مع الطالبات وألا يختلط بهن؛ لأن هذا وسيلة إلى الفتنة بهن، فالواجب عليه أن يلتمس طريقاً آخر للتعلم، أما دراسته مع البنات فهي وسيلة إلى خطر عظيم, والواجب عليه الحذر من ذلك، والدراسة المختلطة فيها شر عظيم وفساد كبير، ولا يجوز لولي الأمر التساهل فيها, بل يجب على ولاة الأمور أن تكون الدراسة غير مختلطة -هكذا يجب على ولاة أمور المسلمين- أن تكون الدراسة للبنات على حدة مع الصيانة والتحفظ, وأن تكون الدراسة للبنين على حدة -هذا في مكان وهذا في مكان- مع العناية بأسباب السلامة والله المستعان.  
 
6- هل المال الذي يحصل عليه الشخص، أو أي شيء آخر يحصل عليه الشخص مما يسمى باليانصيب الذي تقيمه بعض المصارف، وبخاصة مصرف الرافدين في العراق، أو ما يحصل عليه الشخص من المسابقات الأخرى في البرامج وهي الحظ حلال أم حرام؟
أما الأموال التي تحصل بطرق الميسر وهو القمار والمسمى باليانصيب, وطريق الحظ ونحو ذلك, هذه الأموال تؤخذ بغير الطريق الشرعي فلا تحل قال الله -جل وعلا-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) سورة المائدة. والميسر هو القمار فما كان من طريق المغالبات في أي لعبة وفي أي عمل هذا هو الميسر وهو القمار, فلا يجوز للمسلم أن يتساهل في هذا الأمر وإنما يحل له المال من طريق الحلال, من طريق البيع والشراء الشرعي وطريق القيمة الشرعية, وطريق .... الشرعي, من طريق الأجرة الشرعية إلى غير ذلك من طرق المعاملة الحلال المعروفة في الشرع المطهر، أما ما يتعلق بالقمار وأنواعه وهو الميسر فلا يجوز للمسلم أن يتعاطاه بل يجب عليه الحذر من ذلك, والكسب من هذا الطريق من طريق الميسر ومن طريق البيع الحرام, وكذلك الخمر والدخان أو ما أشبه ذلك, بل يجب على المسلم التحرز منه, بل يرجو ما عند الله ويخشى عقابه -سبحانه وتعالى- وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ(2-3) سورة الطلاق. والعبد إذا ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه -سبحانه وتعالى- وهو القائل عز وجل: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا(4) سورة الطلاق.

432 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply