حلقة 198: تفيسر قوله وأتموا الحج والعمرة لله - الحج عن الميت والتوكيل في ذلك - وجوب إتباع الكتاب والسنة - الإحصار عن الحج أو العمرة - هل يجوز للمحرم أن يقتل الحيوانات المؤذية؟ - صفة لبس ثياب الإحرام - أنساك الحج الثلاثة والحكمة في ذلك

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

48 / 50 محاضرة

حلقة 198: تفيسر قوله وأتموا الحج والعمرة لله - الحج عن الميت والتوكيل في ذلك - وجوب إتباع الكتاب والسنة - الإحصار عن الحج أو العمرة - هل يجوز للمحرم أن يقتل الحيوانات المؤذية؟ - صفة لبس ثياب الإحرام - أنساك الحج الثلاثة والحكمة في ذلك

1- أرجو أن تعطونا تفسيراً واضحاً لقول الحق تبارك وتعالى:((وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ))[البقرة:196]؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: هذه الآية الكريمة أصل عظيم في الحج والعمرة، يقول الله سبحانه: وأتموا الحج والعمرة لله.. الآية، احتج بها العلماء على أن الواجب على من دخل الحج والعمرة أن يتمهما وأنه ليس له الخروج منهما، بل يجب عليه إتمامهما، فإذا أحرم بالحج وجب عليه إتمام الحج وإذا أحرم بالعمرة وجب عليه تمامها وليس له الخروج منها إلا بالطريقة الشرعية وهي أداء الأنساك التي شرع الله في الحج والعمرة، فإذا لبى في الحج لم يخرج منه حتى يقف بعرفات وحتى يرمي يوم العيد ثم يحلق ويتحلل التحلل الأول، ثم بعد الطواف والسعي يتم له التحلل الكامل هذا هو الذي شرعه الله سبحانه وتعالى، فالحاج حين يحرم بالحج يبقى حراماً ولا يتطيب ولا يقص أظفاره ولا يأخذ من شعره ولا يأت أهله ولا يصيد، إلى غير ذلك مما حرم الله في الإحرام فإذا وقف بعرفات يوم التاسع، بات بمزدلفة ليلة العاشر ثم في الصباح يرمي الجمرات جمرة العقبة بسبع حصيات كما رماها النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم بعد ذلك يشرع له أن ينحر هديه إن كان عنده هدي، ذبْح، وإن لم يكن عنده ذبْح ولم يتيسر له حلق أو قصر وتحلل، يحلق رأسه ويقصر أطرافه بمقراض ويتحلل، وهذا يقال له التحلل الأول، ثم بعدما يطوف ويسعى في يوم العيد أو بعده يتم حله من حجه الحل الكامل، في التحلل الأول يباح له الطيب ولبس المخيط ونحوهما ما عدا النساء، وإذا طاف وسعى بعد الحلق يوم الرمي حل له الحل كله، حل له الطيب والنساء وجميع محظورات الإحرام، وبهذا تم حجه وعليه أن يكمَّل ما بقي من رمي الجمار أيام التشريق وعليه مع ذلك المبيت في منى إن لم يعرض عن ذلك مرض أو نحوه، وعليه مع ذلك طواف الوداع عند كماله حجه وعند إرادته السفر، وهكذا العمرة إذا أحرم بها ليس له التحلل منها حتى يطوف ويسعى ويقصر أويحلق، فإذا طاف بالبيت العتيق سبعة أشواط وصلى خلف المقام ركعتين وسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط وحلق أو قصر تمت عمرته، وهذا معنى قوله سبحانه: وأتموا الحج والعمرة لله، ثم قال تعالى: فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي، إذا أحصر ساغ له حينئذ أن يتحلل لأنه معذور، فساق له أن يتحلل قبل أن يطوف ويسعى مثلما أحصر النبي -صلى الله عليه وسلم- في يوم الحديبية ومنعه كفار مكة أن يدخل مكة فنحر هديه وحلق رأسه وتحلل ومضى أصحابه في ذلك، وفي هذا المعنى يقول الله جل وعلا: فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي، يعني فاذبحوا ما تيسر من الهدي إما شاة واحدة عن الرجل والمرأة، وبدنة عن سبعة وبقرة عن سبعة، هكذا المحصر يفعل، إذا منع من مكة ومنع من دخولها، بعدو أو غيره مما يمنع من دخول مكة، أو مرض منعه حتى لا يستطيع على الراجح الدخول والعمل، يتحلل، ينحر هدياً شاة أو بقرة أو بدنة لكن الشاة عن الواحد فقط، أما البقرة والبدنة فتكون عن الواحد وعن السبعة، إن ذبحها واحد فلا بأس، وإن ذبحها اثنان فلا بأس وإن ذبحها ثلاثة فلا بأس وإن ذبحها سبعة فلا بأس، يعني البدنة والبقرة تجزئان عن الواحد وعن اثنين وعن ثلاثة وعن أربعة وعن خمسة وعن ستة وعن سبعة، أما الشاة الواحدة من الضأن أو من المعز فإنها لا تجزئ إلا عن واحد إما رجل وإما امرأة فقط في الحج، ثم قال: ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله، معناه أن المحصر لا يحلق حتى يذبح هذا المحصر، إذا أحصر فإنه يذبح أولاً ثم يحلق ولا يبدأ بالحلق بل يبدأ بالنحر، ولهذا أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن ينحروا ثم يحلقوا، أما في الحج فله أن يبدأ بالحلق لا بأس يجوز كما بين النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنه سئل عمن حلق قبل أن يذبح فقال: (لا حرج) عليه الصلاة والسلام، لكن الأفضل في الحج أنه ينحر أولاً ثم يحلق هذا هو الأفضل، لكن لو حلق قبل أن يذبح أو حلق قبل أن يرمي أجزأ ذلك أما المحصر فلا، المحصر لا بد أن يبدأ بالنحر ثم يحلق للآية الكريمة، أما قوله سبحانه: فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك، فهذا في حق من أصيب بالمرض ويحتاج معه إلى حلق الرأس أو إلى لبس المخيط أو إلى الطيب فهذا له الرخصة أن يحلق رأسه كما فعل كعب بن عجرة في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنه آذاه رأسه فرخص له النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يحلق رأسه ويصوم ثلاثة أيام ويذبح شاة، أو يتصدق بثلاثة آصع لستة مساكين كل مسكين له نصف صاع وهذا تفسير الآية الكريمة، فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه ففدية من صيام – أي ثلاثة أيام – أو صدقة – ستة آصع لستة مساكين – أو نسك وهي ذبح شاة، هذا في حق من احتاج إلى لبس المخيط أو غيره من المحظورات، بأن يلبس المخيط عند الحاجة أو يتطيب عند الحاجة بسبب المرض أو يحلق رأسه عند الحاجة بسبب المرض وعليه أن يفعل واحدة من هذه الثلاث، إما يذبح شاة وإما أن يتصدق بستة آصع لستة مساكين لكل مسكين نصف الصاع من التمر أو نحوه من الأرز أو الحنطة أو نحو ذلك من قوت البلد أو يصوم ثلاثة أيام، هذه الأشياء الثلاثة التي أرادها الله عز وجل لقوله سبحانه: فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك، فسرها النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث كعب بن عجرة، ثم بين سبحانه وتعالى، حكم التمتع، من تمتع بالعمرة إلى الحج، عليه أن يهدي إذا تمتع إلى الحج، يعني أحرم بالعمرة في أشهر الحج شوال أو ذي القعدة أو ذي الحجة ثم حج من عامه هذا يسمى متمتع فعليه أن يهدي ذبيحة يذبحها أيام العيد عن تمتعه وهي شاة أو سبع بدنة أو سبع بقرة فإن لم يستطع صام عشرة أيام ثلاثة أيام في الحج يعني في مكة أيام الحج قبل عرفات وإن لم يتيسر صامها أيام التشريق على الصحيح، ثلاثة بعد العيد، وسبعة إذا رجع إلى أهله فإن لم يستطع ذلك لمرض أو غيره صام العشرة كلها عند أهله ولا شيء عليه بدلاً من الهدي والله ولي التوفيق.  
 
2- لقد توفيت والدتي قبل أن تؤدي فريضة الحج، هل أنا ملزم بالحج عنها بعد أن وفقني الله بأداء هذه الفريضة عن نفسي، وهل يمكنني تكليف شخص آخر بالحج عن والدتي؟ أرجو إفادتي عن حكم الشرع في مسألة الحج عن الغير بصفة عامة
إذا كانت والدتك تستطيع الحج في حياتها لأنها ذات مال، فإنك تحجج عنها ثقة من الطيبين أو تحج عنها بنفسك وذلك أفضل، لأنك ولدها وأقرب الناس إليها، فإذا حججت عنها بنفسك فذلك أفضل إذا تيسر لك ذلك، وإن حجيت عنها بواسطة الثقات الطيبين فلا بأس، وهذا واجب إذا كانت في حال حياتها مستطيعة، فالواجب أن يحج عنها من مالها أو من نفسك من دون نظر إلى مالها من باب الإحسان إليها والبر بها فأنت مخير إن شئت أخرجت من مالها وإن شئت حججت عنها بنفسك، أو من مالك بواسطة الثقة الطيب المعروف بالديانة والخير والأمانة، والحج عن الغير مشروع وقد يجب إذا كان الغير توفي ولم يحج وهو مستطيع وجب أن يحجج عنه من ماله، أما إن كان لم تجب عليه الحجة لأنه فقير، فإن حج عنه أحد فلا بأس، وإن حج الإنسان عن أبيه أو عن أمه العاجزين فهذا مشكور وطيب ومن البر لكن لا يجب، لا يجب عليك أن تحج عن أبيك ولا عن أمك إلا إذا كانا قادرين في حياتيهما على الحج فتساهلا، فإنك تخرج من مالهما لمن يحج عنهما من الثقات الطيبين أو تحج عنهما بنفسك، وأما إذا كانا قد حجا أو كانا غير مستطيعين للحج فإنه يشرع لك أن تحج عنهما ولا يجب عليك، بل هذا من برهما.  
 
3- أنني من أسرةٍ مالكية، وذهبت إلى المملكة العربية السعودية، وتعلمت التجويد على يد أستاذ سعودي، وتحولت قراءتي من ورش إلى حفص، وأخذت بعضاً من الفقه عن طريق كتاب فقه السنة للسيد سابق، وعندما عدت إلى الوطن انتقد علي بعض الإخوة أشياء كثيرة، أولها: القبض في الصلاة، والتسليمتان بعد الصلاة عن اليمين والشمال، وكثيراً من السنن التي يطيل ذكرها، ويقولون: إن الإمام مالك لم يأمر بها ولم يذكرها، ولا أطيل عليكم، كل السؤال هو: أني أتبع سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- فهل يجوز لي أن اتبع أحد الأئمة الأربعة أم أن أبقى على ما أنا عليه من المذهب المالكي، وتلك هي السنة فقط لا غير،
أسأل الله لنا ولك التوفيق والهداية لما فيه صلاح الدين والدنيا، اعلم يا أخي أن الواجب على المسلمين جميعاً في أقطار المعمورة أن يتبعوا ما دل عليه كتاب الله عز وجل، وسنة رسوله محمد عليه الصلاة والسلام، وليس عليهم أن يتقيدوا بمذهب مالك أو أبي حنيفة أو الشافعي أو أحمد رحمة الله عليهم جميعاً أو الظاهرية، لا، عليهم على العلماء أن يبحثوا ويعتنوا بسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وما كان عليه وأصحابه فما بان لهم أنه هو سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وجب عليهم الأخذ به والتقيد به والدعوة إليه؛ لأن الله جل وعلا يقول في كتابه العظيم: وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا، ويقول عز وجل: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، ذلك خير وأحسن تأويلاً، والرد إلى الله هو الرد إلى كتابه العظيم القرآن، والرد إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو الرد إليه في حياته عليه الصلاة والسلام، ثم إلى سنته بعد وفاته صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه، ويقول سبحانه: وما اختلفتم فيه من شيء فحكه إلى الله، ويقول سبحانه: من يطع الرسول فقد أطاع الله فالرسول -صلى الله عليه وسلم- قَبَضَ، وثبت عنه هذا في صحيح البخاري من حديث سهل بن سعد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يأمر الرجل أن يضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة، قال أبو الحارث الراوي عن سهل: ولا أعلمه ينمي ذلك إلا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وثبت أيضاً في السنن من حديث وائل بن حجر رضي الله عنه أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- يقبض يده اليسرى بيده اليمنى، يضع يده اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد، وجاءت أحاديث تؤيد ذلك هذا هو السنة، وإن لم يذهب إلى ذلك مالك، فالسنة أحق بالاتباع ومقدمة على مالك وعلى غير مالك، فمالك رحمه الله هو أحد العلماء وهكذا أبو حنيفة رحمه الله وهكذا الشافعي وهكذا أحمد وهكذا الثوري والأوزاعي والحافظ بن راهويه، وهكذا غيرهم من أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم، كلهم تعرض أقوالهم وأعمالهم ومسائل مذاهبهم كلها تعرض على الكتاب والسنة، هكذا يجب على أهل العلم الذين أعطاهم الله بسطة في العلم والبصيرة، وإذا هداه الله إلى شيء من السنة فليتمسك بذلك وهكذا التسليمتان، ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يسلم تسليمتين، فالمشروع لنا أن نسلم تسليمتين وقد ذهب بعض أهل العلم إلى وجوبهما وبعضهم إلى أنهما ركن، والجمهور على تسليمة واحدة ولكن الأرجح أن يسلم تسليمتين عملاً بالسنة الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ونسأل الله لنا ولهم التوفيق. ونوصيك بالبقاء على ما عرفت من السنة، نوصيك أيها الأخ بالبقاء على ما عرفت من السنة، وأن تنصح إخوانك في مورتيانيا وغيرها بأن يعتنوا بالسنة، ولا يجوز أن يكون في قلوبهم شيء بعد الله أعظم من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لا يجوز للمؤمن أن يكون في قلبه شيء بعد الله عز وجل، أعظم من رسول الله، فهو قدوة لنا وهو الإمام وهو السيد المتبع عليه الصلاة والسلام، فلا يجوز لعالم أو غير عالم أن يكون في قلبه شيء أعظم من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد الله، فالله هو المعظم جل وعلا فوق كل أحد ولكن بعده سبحانه وتعالى أعظم الناس وأولاهم بالاتباع وأولاهم بالتعظيم الجائز شرعاً هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو الإمام المتبع عليه الصلاة والسلام. أيها الأخوة في الله باسمكم جميعاً نشكر سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء....   
 
4- حكم إذا نوى الحاج بالحج أو العمرة وتوجه للقيام بها، ثم حصل له عارضٌ أو أي عذرٍ قهري منعه من الوصول إلى المشاعر المقدسة وحبسه عنها، ما هو المطلوب منه في هذه الحالة؟
هذا فيه تفصيل، إن كان المانع حصل له قبل أن يحرم بأن حصل في مصر أو الطريق قبل أن يتلبس بالإحرام فلا شيء عليه والحمد لله ويرجع إلى بلاده أو إلى غير ذلك مما أراد، لأنه لم يتلبس بالإحرام ولا شيء عليه، أما إن كان العذر حصل له بعدما أحرم بعدما لبى بالعمرة أو بالحج من الميقات مثلاً أو قبل الميقات بعدما دخل في الإحرام فهذا فيه تفصيل، إن كان العذر يمنعه من أداء النسك إن كان ــ من عدو أو من مرض مرض شديد يمنعه من أداء الحج فإنه ينحر هدياً في مكانه ويتصدق به على الفقراء والمساكين ويحلق رأسه أو يقصر ويتحلل ويرجع مثلما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- في عام الحديبية لما حصره أهل مكة ومنعوه من أداء عمرته فإنه نحر هديه وحلق رأسه وتحلل عليه الصلاة والسلام، فإن كان لا يستطيع هدياً صام عشرة أيام، صام عشرة أيام وتحلل لإحرامه وهذا هو الواجب والحمد لله.  
 
5- قول الله سبحانه وتعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ))[المائدة:95]، ويسأل هل يجوز للمحرم أن يقتل الحيوان الضار؛ ليتفادى شره وأذاه، وكيف يتصرف؟
أما الصيد فليس له قتله، كما نص الله على هذا سبحانه وتعالى: لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم، فالمحرم لا يقتل الصيد كالضبي والأرنب والوعل ونحو ذلك والحبارى ونحو ذلك، ممنوع قتل الصيد حتى يحل من إحرامه أما الحيوان الضار كالذئب والكلب الذي تعدى عليك، أو بعض الطيور الضارة كالغراب والعقاب ونحو ذلك، لا بأس أن يقتله، النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (خمس من الدواب كلهن فواسق يقتل في الحل والحرم، الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور)، وزاد في رواية: (والحية)، وفي بعضها: (والذئب العادي) فالفواسق تقتل، هذه الخمس وما جاء في معناها الغراب وشر منه العقاب والحدأة وأشباهها، والفأرة تقتل والعقرب والكلب العقور والحية وما أشبه ما يؤذي كالذئب وأشباه ذلك مما يؤذي وبقية الحشرات المؤذية كالبعوض والذباب وما أشبه ذلك كل هذا جائز له أن يقتله لأنه من الفواسق، ولا حول ولا قوة إلا بالله.  
 
6- من المتعارف عليه أن طريقة لباس الإحرام هي أن يكشف الحاج عن منكبه الأيمن ويغطي منكبه الأيسر، بحيث تظهر يده اليمنى إلى الكتف، ويغطي الكتف اليسرى من جهة الصدر والظهر، ولكنني رأيت بعض الحجاج يغطون الكتفين معاً، وهناك من يكشف عن الكتفين، فأرجو التكرم بإيضاح هذه المسألة لتعم الفائدة؟
السنة للمحرم أن يجعل ردائه على كتفيه جميعاً، وأن يجعل طرفيه على صدره هذا هو السنة وهذا هو الذي فعله النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإذا أراد أن يطوف طواف القدوم اضبطع فجعل وسط ردائه تحت إبطه الأيمن وأطرافه على عاتقه الأيسر وكشف منكبه الأيمن في حالة الطواف فقط، طواف القدوم خاصة يجعل وسط الرداء تحت إبطه الأيمن وأطراف الرداء على عاتقه الأيسر ويكشف منكبه الأيمن في حال طواف القدوم، أول ما يقدم مكة في الحج أو في العمرة هذا هو السنة التي فعلها النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومن فعل خلاف ذلك فقد خالف السنة الذي يكشف منكبه دائماً هذا خلاف السنة والذي يكشف المنكبين دائماً خلاف السنة، وإنما السنة أن يسترهما برداء هذا هو السنة حال كونه محرماً ولو وضع الرداء ولم يسترهما في جلوسه أو وقت أكله أو تحدثه مع إخوانه لا بأس، لكن السنة إذا لبس الرداء أن يكون على كتفيه وأطرافه على صدره هذا هو السنة، إلا في حال طواف القدوم، أول ما يقدم مكة فإنه يضطبع كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- والاضطباع هو أن يجعل وسط الرداء تحت إبطه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر ويكون المنكب الأيمن مكشوفاً، فإذا انتهى من الطواف عدل ردائه جعله على منكبيه وصلى ركعتي الطواف وهو العد الذي جعله على مكبيه كما كان قبل أن يطوف هذا هو السنة.  
 
7- نحن مجموعة من الحجاج نود أن توضحوا لنا لماذا جعل الإحرام على ثلاث أنواع، هي القران والتمتع والإفراد، وأي الأنواع الثلاثة أسهل للحاج، وكيف كان إحرام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟
الله سبحانه شرع الأنساك الثلاثة لحكمة بالغة، ومنها التيسير على الأمة والتوسعة لهم فإن بعض الناس قد يريد العمرة فقط ولا يريد الحج لأنه قد حج سابقاً فيأتي بالعمرة وحدها، ويتنفع بهذا النسك العظيم والعمرة كفارة لما بينها وبين العمرة الأخرى فيها خير عظيم، والحج مفرداً فيه أيضاً تيسير على الحاج لأنه يؤدي الحج من دون عمرة فلا يكلف بالعمرة ولا يكلف بالدم لأن المتمتع عليه دم، فيأتي بالحج مفرداً ويلبي بالحج مفرداً ويفعل أفعال الحج إذا وصل إلى مكة يطوف طواف القدوم ويسعى مع ذلك ويبقى على إحرامه حتى يقف في عرفات وحتى يكمل حجه وليس عليه دم، ويسمى مفرداً، والنوع الثالث: يسمى قارناً ويسمى متمتعاً وهو الذي بالعمرة والحج جميعاً فإن جمع بينهما من الميقات بقوله: لبيك عمرة وحجاً أو اللهم لبيك عمرة وحجاً، أو اللهم قد أوجبت عمرة وحجاً، فهذا حكمه حكم المفرد، في العمل يطوف ويسعى إذا قدم مكة ويبقى على إحرامه فإذا جاء يوم عرفة وقف مع الناس وبات بمزدلفة ثم رمى الجمرة يوم العيد ثم كمل حجه وعليه دم، لأنه جمع بين الحج والعمرة، ذبيحة أو سبع بدنة أو سبع بقرة تذبح في مكة أو في منى للفقراء والمساكين ويأكل منها ويطعم منها، والنوع الثاني من التمتع أن يحرم بالعمرة ثم يحل منها يطوف ويسعى ويقصر ويحل في أشهر الحج شوال أو ذي القعدة أو ذي الحجة ثم يلبي في الحج مع الناس في يوم الثامن من ذي الحجة أو قبله فيقف مع الناس في عرفات أو في مزدلفة وفي المشعر الحرام أو غير ذلك ويكمل الحج على هذا، فهذا يسمى متمتعاً وعليه كالذي قبله دم، كالقارن عليه دم وهو دم التمتع يذبح في مكة أو في منى ويأكل منه ويطعم كما على القارن، هذا هو الفرق بين هذه الأنساك الثلاثة، والحكمة في ذلك والله أعلم والفائدة والتوسعة والتيسير على الحجاج من أراد الحج وحده أحرم بالحج وحده، ومن أراد العمرة وحدها أحرم بالعمرة وحدها في أي وقت، ومن أراد العمرة والحج جميعاً جمع بينهما بنسك واحد أو أحرم بالعمرة وفرغ منها ثم أحرم بالحج، وإذا قدم قارناً أو مفرداً بالحج قبل وقت الحج، فالسنة له أن يحل، السنة له والمشروع له أنه يحل لا يبقى محرماً، لأن هذا يشق عليه ويتعبه وهو خلاف السنة، النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر الحجاج أمر الصحابة لما قدموا في رابع ذي الحجة، وقد أحرم بعضهم بالقران وبعضهم بالعمرة وتحلل منها أمرهم أن يتحللوا وكان بعضهم قد أحرم بالقران وبعضهم أحرم بالحج مفرداً فأمرهم -صلى الله عليه وسلم- أن يتحللوا يعني يجعلوها عمرة فيطوفوا ويسعوا ويقصروا ويحلوا، فطافوا وسعوا وقصروا وحلوا وأمرهم بالهدي، هدي التمتع، فمن لم يجد صام عشرة أيام، ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله، هذا هو الأفضل، هو أن يحرم بالعمرة فيتحلل منها، ثم يحرم بالحج ويهدي هذا هو الأفضل، وهذا هو الذي أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه وقال: (لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت ولجعلتها عمرة)، تمنى أنه فعل مثلهم، فالأفضل للقادم إلى مكة في أشهر الحج أنه يلبي بالعمرة ثم إذا فرغ منها فإذا جاء وقت الحج أحرم بالحج، ويسمى متمتعاً وهذا هو الأفضل، وهو الذي أمر به النبي الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم وأرشدهم إلى ذلك وتمنى أنه يتمكن من ذلك لولا أن معه الهدي عليه الصلاة والسلام.  

486 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply