حلقة 205: طعام أهل الكتاب - التوسل بجاه النبي - هل يجوز لمن يحج بالنيابة أن يتصرف ببقية المال - لمس الكتاب المحتوي على بعض الآيات من قبل المحدث حدثا أكبر - حكم لبس المرأة الملابس الضيقة - حكم ظهور الذراعين من العباءة - قص شعر المرأة

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

5 / 50 محاضرة

حلقة 205: طعام أهل الكتاب - التوسل بجاه النبي - هل يجوز لمن يحج بالنيابة أن يتصرف ببقية المال - لمس الكتاب المحتوي على بعض الآيات من قبل المحدث حدثا أكبر - حكم لبس المرأة الملابس الضيقة - حكم ظهور الذراعين من العباءة - قص شعر المرأة

1- بسم الله الرحمن الرحيم ((وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ ))[المائدة:5]، ولكن الذين يتخذون المسيح ابن الله، وبقولهم: هو ثالث ثلاثة، الابن والأب وروح القدس، هل يؤكل ذبحهم أم لا؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وأمينه على وحيه، وصفوته من خلقه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد: فالسائل لم يذكر الآية على لفظها، ولفظها يقول الله عز وجل: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ) (5 المائدة)، فالله سبحانه وتعالى أحل لنا -معشر الأمة المحمدية- الطيبات من المآكل والمشارب والملابس وغير ذلك، وأحل لنا طعام الذين أتوا الكتاب، والذين أوتوا الكتاب هم اليهود والنصارى، يقال لهم: أهل كتاب، فطعامهم حل لنا، والطعام هو الذبائح كما قال ابن عباس وغيره، طعامهم ذبائحهم، فإذا ذبحوا إبلاً أو بقراً أو غنماً أو غيرها مما أباح الله من الصيود والدجاج ونحو ذلك هو حل لنا، وطعامنا حل لهم، طعام المسلمين حل لهم أيضاً، وهذا كله إذا لم نعلم أنهم ذبحوه على غير الشرع، أما إذا علمنا أنهم أهلوه بغير الله فهو حرام علينا؛ لأن الله حرم علينا ما أهل به لغير الله، إذا علمنا أن هذه الذبيحة ذبحوها للمسيح أو ذبحوها لأمه أو ذبحوها لآلهة معبودة من دون الله لم تحل لنا، وهكذا إذا علمنا أنهم خنقوها خنقاً ما ذبحوها، خنقوها فهي محرمة علينا، وهكذا إذا علمنا أنهم ذبحوها على طريقة أخرى غير شرعية فلا تحل لنا، كالوقيذة التي يضربونها بالعمود أو بغيره أو بالصعق الكهربائي هذه لا تحل لنا، أما إذا كنا لا نعلم فذبيحتهم حل لنا، إذا جاءنا طعامهم من بلادهم أو جلبوه إلينا فإنا نشتريه ونأكله، إلا إذا علمنا أنهم فعلوه على غير الطريقة الشرعية يعني ذبحوه على غير الطريقة الشرعية، وإلا فالأصل أنه حل لنا لقول الله سبحانه وتعالى: (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ) هذا هو المعتمد في هذه المسألة. 
 
2- إذا دعونا الله سبحانه وتعالى وتضرعنا له بالدعاء، وذكرنا في الدعاء أن يستجيب لنا سبحانه وتعالى بجاه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، هذا الدعاء؛ لأن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما أصاب الجزيرة العربية قحط دعا الله بجاه عم محمد صلى الله عليه وسلم العباس أن يفرج عن الأمة، فهل هذا جائز أم لا؟
التوسل بالجاه ليس بمشروع، وإنما المشروع التوسل بأسماء الله وصفاته، كما قال الله سبحانه: (وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) فيسأل الله بأسمائه، كأن يقول الإنسان: اللهم إني أسألك بأنك الرحمن الرحيم بأنك الجواد الكريم اغفر لي ارحمني اهدني سواء السبيل ونحو ذلك؛ لأن الدعاء عبادة وقربة عظيمة كما قال الله سبحانه وتعالى: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) (180 الأعراف)، وقال عز وجل: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) الآية (186 البقرة)، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (الدعاء هو العبادة) ويقول - صلى الله عليه وسلم -: (ما من عبدٍ يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته في الدنيا، وإما أن تدخر له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من الشر مثل ذلك)، قالوا يا رسول الله: إذن نكثر! قال: (الله أكثر). فالمسلم إذا دعا وتضرع إلى الله فهو على خير عظيم مأجور ومثاب، وقد تؤجل دعوته لحكمة بالغة، وقد يصرف عنه من الشر ما هو أعظم من المسألة التي سأل، لكن لا يتوسل إلى الله إلا بما شرع، بأسمائه سبحانه وصفاته، أو بتوحيده سبحانه كما في الحديث: (اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد) أو بأعمالك الصالحة تقول: يا رب أسألك بإيماني بك وإيماني بنبيك محمد عليه الصلاة والسلام، اللهم إني أسألك بحبي لك أو بحبي لنبيك محمد عليه الصلاة والسلام، أو اللهم إني أسألك ببري لوالدي، أو بعفتي عما حرمت علي يا رب، أو ما أشبه ذلك، تسأله بأعمالك الصالحة التي يحبها وشرعها سبحانه وتعالى. ولهذا لما دخل ثلاثة فيمن قبلنا قبلنا غارا بسبب المبيت، وفي رواية أخرى: أنه بسبب المطر، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: إنها انطبقت عليهم صخرة من أعلى الجبال، فسدت عليهم الغار، لا يستطيعون دفعها، فقالوا فيما بينهم: إنه لن ينجيكم من هذه المصيبة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، فدعوا الله سبحانه وتعالى، فتوسل أحدهم بأنه كان باراً بوالديه، ودعا ربه أن يفرج عنهم الصخرة بسبب بره لوالديه فانفرجت الصخرة بعض الشيء، ثم قال الثاني: إنه كان له ابنة عم يحبها كثيراً فأرادها على نفسها فلم تجب، فألمت بها حاجة شديدة وجاءت إليه تطلبه العون، فقال: لا، إلا أن بأن تمكنه من نفسها، فوافقت على ذلك بسبب حاجتها على أن يعطها مائة وعشرين ديناراً....، فلما جلس بين رجليها قالت له: اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه، فخاف من الله وقام وترك الفاحشة وترك الذهب لها، ثم قال: يا رب اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة عنهم بعض الشيء، لكنهم لا يستطيعون الخروج، ثم توسل الآخر بأداء الأمانة، وأنه كانت عنده أمانة لبعض الأجراء، فنماها وثمَّرها حتى اشترى منها إبلاً وبقراً وغنماً ورقيقاً، وكانت آصعاً من أرز أو من ذرة، ثم جاءه الأجير يسأله حقه، فقال له: كل هذا من حقك، كل هذا الذي تراه من حقك من إبل وبقر وغنم ورقيق! فقال له الأجير: اتق الله ولا تستهزئ بي! قال: إني لا أسخر بك هو مالك، فأخذه كله، فقال هذا الرجل: اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (فانفرجت عنهم الصخرة وخرجوا) هذا بأسباب إيمانهم بالله وتوسلهم إليه بأعمالهم الصالحة، فالوسيلة الشرعية هي التوسل بأسماء الله وصفاته، أو بتوحيده والإخلاص له، أو بالأعمال الصالحات، هذه الوسيلة الشرعية التي جاءت بها النصوص. أما التوسل بجاه فلان أو بحق فلان فهذا لم يأت به الشرع، ولهذا ذهب جمهور العلماء إلى أنه غير مشروع، فالأولى تركه، وأن يتوسل الإنسان بالوسائل الشرعية التي جاءت بأسماء الله وصفاته، أو بتوحيده، أو بالأعمال الصالحات، هذه الوسائل الشرعية التي جاءت بها النصوص. وأما ما فعله عمر - رضي الله عنه - فهو لم يتوسل بجاه العباس، وإما توسل بدعائه، قال - رضي الله عنه - لما خطب الناس يوم الاستسقاء عندما أصابتهم المجاعة والجدب الشديد والقحط، صلى بالناس صلاة الاستسقاء وخطب الناس، وقال: اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فأسقنا، فيسقون، وكانوا يستسقون بدعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- في حياته يقولون: ادع لنا، فيقوم هو يدعو لهم يخطب الناس يوم الجمعة ويدعو فيقول: (اللهم أغثنا، اللهم أغثنا)، وهكذا في صلاة الاستسقاء يتوسلون بدعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لربه جل وعلا وسؤاله الغوث، وهكذا قال للعباس: يا عباس قم فادع لنا، فقام العباس ودعا، ورفع يديه ودعا الناس وأمنوا فسقاهم الله عز وجل، فهو توسل بعم النبي - صلى الله عليه وسلم - بدعائه واستغاثته ربه عز وجل وسؤاله إياه سبحانه وتعالى لفضل العباس وقربه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهو عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو من أفضل الصحابة ومن خير الصحابة رضي الله عن الجميع، فإذا توسل المسلمون بالصالحين من الحاضرين عندهم بدعائهم مثل أن يقولوا: يا فلان، يقول الإمام أو غير الإمام كولي الأمر: يا فلان قم فادع الله، من العلماء الطيبين والأخيار الصالحين، أو من أهل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- الطيبين، فقالوا في الاستسقاء: قم يا فلان فادع الله لنا؛ مثلما قال عمر للعباس هذا كله طيب، أما التوسل بجاه فلان فهذا لا أصل له، بل ينبغي تركه؛ لأنه من البدع، والله جل وعلا أعلم. 
 
3- إذا حج شخص عن أحد المسلمين بالنيابة، وأعطاه وليه مبلغاً من المال، وبقي قسم من المبلغ، هل يجوز أن يتصرف به، علماً بأنه قد سامحه به، أم يرجعه؟ أجيبونا بارك الله فيكم
نعم إذا أعطاه المال ليحج به وسامحه في البقية فلا بأس، يتصرف فيه كيف يشاء، ينفق منه والباقي يصرفه في حاجاته. أما إذا أعطاه مالاً وقال له: أنفق منه في حاجاتك ورد الباقي، فإنه ينفق منه حاجاته من غير إسراف ولا تبذير ثم يرد الباقي، أما إذا كان أعطاه المال وقال: هو لك سواء، بقي منه شيء أو لم يبق منه شيء هو لك، وسامحه في الباقي فهذا لا حاجة إلى رده هو معذور إذا تصرف فيه إذا أدى الواجب
 
4- هل يجوز لمس الكتاب الذي توجد فيه آيات قرآنية وأحاديث نبوية من قبل المرأة التي عليها عادة أو جنابة؟
نعم لا بأس بذلك، لا بأس أن تلمس المرأة الكتاب الذي في آيات أو أحاديث مثل صحيح البخاري، مثل غيره من الكتب، مثل زاد المعاد لابن القيم، مثل الكتب الإسلامية التي فيها آيات وأحاديث، ومثل كتب التفسير كذلك، كتفسير ابن كثير وغيره، لا حرج أن تلمسه المرأة الجنب، والرجل الجنب ذلك، وهكذا الحائض والنفساء لا حرج في ذلك، وإنما المنع من القرآن نفسه، ليس للمرأة الجنب ولا الحائض ولا المحدث أن يمس القرآن إلا على طهارة. 
 
5- إذا لبست المرأة ثوباً يبين معالم جسدها من ظهر وأكتاف وما يلي ذلك، هل هو حرام أم حلال؟
إذا كان الثوب ضيقاً تبدي حجم أعضاءها وعورتها فهذا لا يجوز، إما إذا كان وسطاً يستر بدنها ولا يبين حجم أعضائها فلا بأس به، وكذلك لا بد أن يكون ساتراً صفيقاً لا يكون رقيقا؛ لأن الرقيق يبين العورة ويبين لون اللحم من الحمرة والبياض ونحو ذلك، فلا بد أن يكون صفيقاً ساتراً واسعاً بعض السعة ليس بضيق يبين حجم أليتها وفرجها ونحو ذلك، بل يكون وسطاً في الأمور، لا واسعاً ولا ضيقاً، ويكون صفيقاً لا رقيقاً ساتراً للبدن، والله أعلم. 
 
6- هل ظهور الذراعين من وراء العباءة -مع العلم بأنهما عاريتين- حلال أم حرام؟
لا، عورة، الذراعان عورة، والكفان عورة عند جمع من أهل العلم أيضاً، لكن الذراعان لا شك، فالواجب سترهما بغير العباءة إذا كانت العباءة رقيقة تبين ما وراءها فلا بد من سترها بغير ذلك كالقميص ونحوه. 
 
7- هل قص الشعر حرام أم حلال؟
قص الشعر إذا كان وافراً للتخفيف فلا بأس، إذا قصت من شعرها المرأة للتخفيف فلا بأس، فقد ثبت أن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - قصوا من رؤوسهن بعد وفاته للتخفيف، فالمقصود أن القص إذا كان للتخفيف وليس لقصد التشبه بالرجال، ولا لقصد التشبه بالكافرات وإنما تقص ذلك للتخفيف فلا بأس بذلك. 
 
8- ما حكم الإسلام فيمن يزني أو يشرب الخمر أو يسرق في مجتمع لا يطبق الشرع وأراد أن يتوب إلى الله، هل توبته دون أن يقام عليه الحد في الدنيا تستوجب العذاب في الآخرة؟
إذا زنى المسلم أو سرق أو شرب المسكر أو نحو ذلك من المعاصي فإن الواجب عليه التوبة إلى الله سبحانه وتعالى والاستتار بستره سبحانه وتعالى، حتى ولو كان في بلاد تقيم الحدود، ليس عليه أن يبين هذا الشيء ويرفع أمره إلى القاضي، لا، فالواجب عليه التوبة إلى الله والإنابة إليه والندم على ما مضى من عمله السيئ، والعزم الصادق أن لا يعود في ذلك، مع الإقلاع وترك هذا الشيء، عودا إلى الله ورغبة في ثواب سبحانه وتعالى، والله يتوب على التائبين، وليس عليه سوى ذلك، وليس عليه أن يرفع أمره إلى القضاة أو إلى ولاة الأمور حتى يقيموا عليه الحد، لا، حتى ولو كان في بلاد تقيم الحدود، بل يستتر بستر الله مثل ما أمر النبي ماعزاً أن يستتر بستر الله لما جاء إليه يعترف. فالمقصود أن الواجب على المؤمن إذا فعل فاحشة وهكذا المؤمنة، إذا زنى أو سرق أو شرب الخمر أو غير هذا من المعاصي فالواجب عليه التوبة إلى الله والرجوع إليه، والندم على الماضي من سيئاته والإقلاع منها، والعزم الصادق أن لا يعود فيها، فإذا صدق في ذلك تاب الله عليه، كما قال سبحانه: ..وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31) سورة النــور. وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ.. (8) سورة التحريم. فهذا يدلنا على أن التوبة تحصل بها المغفرة ودخول الجنة إذا كان صادقاً، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (التوبة تهدم ما كان قبلها) وقال: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له). فعلى المسلم أن يتقي الله عز وجل دائماً، وأن يحاسب نفسه، وهكذا المسلمة عليها أن تتقي الله دائماً وتحاسب نفسها في جميع المعاصي. ثم البدار والمسارعة إلى الندم والتوبة الصادقة في الإقلاع من الذنب وتركه خوفاً من الله وتعظيماً له، والندم على الفائت منه، والعزم الصادق أن لا يعود فيه. وإن كان هناك مظالم كأن ظلم أحداً في دمه أو في ماله أو في بشرته أو في عرضه، فالواجب البدار بأن يتحلل من ذلك أو إعطائه حقه، ولا تتم التوبة من حق المخلوق إلا بذلك: إما أن يعطيه حقه وإما أن يستحله، وبذلك تحصل التوبة.  
 
9- عقدت قراني على إحدى النساء بعد إعطائها المهر -أي الصداق- وأردت أن أدخل بها فرفض أبوها حتى أجهز لها ثلاث غرف كاملة، وأنا لا أستطيع ذلك، فهل يجوز لي أن أدخل بها دون علم أبيها؟
ليس لك ذلك، ليس لك الدخول بها إلا بعلم أبيها وأهلها؛ لئلا تتهم بالشر؛ ولئلا يقع بينكم فتنة، فالواجب عليك أن تنفذ ما قاله أبوها أو تحتكم مع هؤلاء للشرع، وأما أن تخالف ذلك وتخلو بها وتتصل بها وحدكما، لا؛ لأن هذا يسبب شراً كثيراً وفتناً كثيرة وعواقب وخيمة، فالواجب عليك الصبر وحل المشاكل بالطريقة الحسنة بالتفاهم مع والدها، بتوسيط بعض المصلحين حتى يصلحوا بينكم، فإذا لم يتيسر الصلح يتم الترافع إلى القاضي الشرعي حتى يحل المشكلة التي بينكم، هذا هو الواجب عليك. 
 
10- إذا أفطرت في رمضان وأنا على سفر، ثم وصلت محل إقامتي بعد العصر، فهل يجوز لي الأكل والشرب في محل إقامتي أم لا؟
إذا كانت الإقامة لمدة أربعة أيام فأقل فلك أن تأكل وتشرب؛ لأنك مسافر، أما إذا كانت المحلة التي قصدتها وتقيم فيها هي وطنك، أو تقيم فيها مدة طويلة أكثر من أربعة أيام فلازمتها على ذلك فإذا وصلت إليها فأمسك حتى تغيب الشمس، وهكذا لو كنت مسافرا من بلاد بعيدة ووصلت إلى بلدك في رمضان ضحى أو ظهر أو عصر فالصحيح من قولي العلماء أنك تمسك، لأنه زال العذر في الإفطار فتمسك حتى تغيب الشمس، لأنك صرت من أهل الصيام في هذه الحال. أما إذا كانت البلد التي قدمت إليها لك فيها حاجة فتقيم فيها يوماً أو يومين، ثم ترتحل عنها فأنت مسافر، وهكذا ثلاث إلى أربع، فإذا نويت الإقامة أكثر من أربع فالصواب الذي عليه جمهور أهل العلم أنك تمسك فأنت في سفر، لا تفطر ولا تقصر. 
 
11- هل يجب علي أن أتوضأ قبل كل حصة من حصص القرآن الكريم وأنا في المدرسة؟
ليس عليك الوضوء إذا كنت على طهارة، أو كانت القراءة عن غيب عن ظهر قلب فليس عليك أن تتطهر، إلا إذا كانت القراءة من المصحف وقد أحدثت بعد الحصة الأولى، فعليك أن تتطهر للحصة الثانية وهكذا الثالثة، كلما أردت أن تقرأ من المصحف وأنت على غير وضوء عليك أن تتطهر؛ لما جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (لا يمس القرآن إلا طاهر)، وهكذا أفتى أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن المحدث لا يمس القرآن، وهو الذي عليه جمهور أهل العلم من الأئمة الأربعة وغيرهم. فالواجب عليك -يا أخي- إذا أردت أن القراءة من المصحف وأنت على غير طهارة أن تتوضأ الوضوء الشرعي، أما إن كنت على جنابة فليس لك أن تقرأ، لا عن ظهر قلبك ولا من المصحف حتى تغتسل، والله ولي التوفيق.  
 
12- ما تفسير قول الله سبحانه وتعالى: ((إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ))[القصص:76]؟
هذه الآية في قصة قارون (إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) والمراد بذلك الفرح الذي يصحبه الكبر والبغي على الناس والعدوان والبطر، هذا المنهي عنه، فرح البطر والكبر، أما الفرح بنصر الله وبرحمته ونعمه وإحسانه فهذا مشروع؛ كما قال الله عز وجل: قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ (58) سورة يونس. فالمؤمن يفرح أن الله هداه إلى الإسلام، وأن الله أعانه على صلاة الجماعة، وأن الله أعانه على بر والديه وصلة أرحامه، وأعانه على فعل الخير هذا مشروع، ينبغي له أن يفرح بذلك، ويسر بذلك، بل يجب عليه أن يفرح بذلك ويغتبط بهذا، ويحمد الله على ذلك. أما الفرح المذموم فهو الفرح الذي يصحبه الكبر والتعاظم والبطر واحتقار الناس، هذا هو المذموم. 
 
13- عندما كنت أدرس بالمرحلة المتوسطة طرح لنا أحد الأساتذة سؤالاً وقال فيه: من هو أول رائد للفضاء؟ فأجبنا على سؤاله بأنه سوفيتي الجنسية، وقال لنا الأستاذ: الإجابة خطأ، إن أول رائد للفضاء هو نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه، عندما عرج به إلى السماوات وكانت مركبتهم البراق، هل هذا صحيح،
لا نعلم شيئاً في الموضوع غير ما ذكره أنه فيه، فإنا لا نعلم أحداً عرج به إلى السماء وفرضت عليه الصلوات الخمس سوى نبينا -عليه الصلاة والسلام- فإنه عرج به إلى السماء السابعة حتى كان فوقها وحتى سمع كلام الرب عز وجل. هذا إذا عبر عنه بأنه رائد الفضاء فهذا له بعض الوجاهة، لكن ليس بصحيح أنه رائد فضاء، بل إنما عرج به إلى السماء إلى ربه عز وجل؛ ليفرض عليه ما يشاء سبحانه وتعالى، وليس المقصود من هذه الرحلة أن يجوب الفضاء وأن ينظر في الفضاء، المقصود من هذه الرحلة مع الملك جبريل عليه الصلاة والسلام هو أن يرتفع إلى الله ويجوب السماوات؛ حتى يصل إلى ما فوق السماء السابعة؛ وحتى يسمع كلام ربه، وليس المقصود أن يجوب الفضاء. هذا الذي قال هذا الكلام له بعض الوجاهة، من جهة أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- شق الفضاء كله حتى جاوز السبع الطباق له وجه، لكن ليس هو المعنى المقصود عند الدول الموجودة اليوم، أمريكا والسوفيت وغيرهما، مقصودهم اختبار الفضاء واختبار ما فيه من العجائب وليس المقصود هذا المعنى الذي حصل للنبي صلى الله عليه وسلم فهذا المجيب الذي قال سوفيتي له وجه، والسائل الذي سألكم في قصده وجه ولكن ليس منطبقاً على مراد الناس اليوم وعلى مقصود الناس اليوم لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يترحل ليجوب الفضاء وإنما ارتحل بأمر ربه ليتصل بالله عز وجل فوق السماء السابعة ويسمع كلامه سبحان ويتمثل أمره جل وعلا، فالرسول صلى الله عليه وسلم مأمور يرتحل هذه الرحلة العظيمة ويسمع كلام ربه وليفرض الله عليه هذه الصلوات العظيمة التي هي أركان الإسلام بعد الشهادتين والله ولي التوفيق.

369 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply