حلقة 207: حكم التهنئة في أول العام - سرقة اليهودي المحارب وأخذ ماله - حكم من طلق في شدة الغضب - حكم الأرباح الربوية - حكم الطلاق بسبب المرض - كفارة اليمين - من قال أنا لا أصلح أن أكون مسلما هل يكفر - قتل اللائط والملوط به

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

7 / 50 محاضرة

حلقة 207: حكم التهنئة في أول العام - سرقة اليهودي المحارب وأخذ ماله - حكم من طلق في شدة الغضب - حكم الأرباح الربوية - حكم الطلاق بسبب المرض - كفارة اليمين - من قال أنا لا أصلح أن أكون مسلما هل يكفر - قتل اللائط والملوط به

1- نحن في مطلع العام الهجري الجديد، ويتبادل بعض الناس التهنئة بالعام الهجري الجديد، قائلين: (كل عام وأنتم بخير)، فما حكم الشرع في هذه التهنئة؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله، وخيرته من خلقه، وأمينه على وحيه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله، واهتدى بهداه إلى يوم الدين. أما بعد: فالتهنئة بالعام الجديد لا نعلم لها أصلاً عن السلف الصالح، ولا أعلم شيئاً من السنة أو من الكتاب العزيز يدل على شرعيتها، لكن من بدأك بذلك فلا بأس أن تقول وأنت كذلك إذا قال لك كل عام وأنت بخير أو في كل عام وأنت بخير فلا مانع أن تقول له وأنت كذلك نسأل الله لنا ولك كل خير أو ما أشبه ذلك أما البداءة فلا أعلم لها أصلاً.
 
2- ورد إليّ سؤال من فلسطين طلب مني السائل عرضه على سماحتكم، وهو: هل يجوز سرقة اليهودي، وما الدليل على ذلك؟
اليهود الآن الذين هم حرب للمسلمين في فلسطين هؤلاء على المسلمين أن يعملوا كل ما يستطيعون من نهب أموالهم ومن قتلهم وغير ذلك لأنها حرب للمسلمين والحرب قائمة وليس بينهم وبين المسلمين صلح، فهم الآن حرب للمسلمين في بلادهم مع المسلمين هناك فلا مانع من مساعدة الفلسطينيين على حربهم ولا مانع من نهب أموالهم وأخذ أولادهم ونحو ذلك إذا كان ذلك ممكناً بدون مضرة على المسلمين الذين لديهم أما إذا كان أخذ أولادهم أو أموالهم يترتب عليه ما هو أعظم وما أهو أكبر شراً على المسلمين الذين عندهم فينبغي ترك ذلك حتى لا يضر إخوانه المسلمين المقيمين بين أظهرهم. والمقصود أو الواجب جهادهم في الله - عز وجل - حتى تستنقذ البلاد من أيديهم هذا الواجب على المسلمين أن يستنقذوا البلاد من أيديهم وأن يتكاتفوا ضدهم حتى تستنقذ بلاد المسلمين من أيدي أعداء الله، وحتى يرد إليها أهلها الأصليون وأما ما يتعلق بأخذ أموالهم أو أولادهم في بلادك فهذا فيه تفصيل إن كان ذلك ممكناً بدون مضرة على المسلمين فلا بأس بذلك أما إن كان نهب أموالهم أو أخذ أولادهم يترتب عليهم ضرر المسلمين المقيمين بينهم فلا ينبغي ذلك لئلا يترتب على إضرارهم ما هو أضر على غيرهم من المسلمين، والشريعة جاءت بمراعاة المصالح وتكثيرها وتعطيل المفاسد وتقليلها كما جاءت الشريعة بارتكاب أدنى المفسدتين لتفويت كبراهما إذا لم يتيسر دفعهما جميعاً، وتحصيل أعلى المصلحتين ولو بفوات الدنيا منهما، إذا لم يتيسر تحصيل المصلحتين، أو المصالح، فلا بد من مراعاة هذه القواعد الشرعية فيما يتعلق بحرب اليهود. بارك الله فيكم وجزاكم الله خير 
 
3- أفيدكم بأنه قد جرى بيني وبين زوجتي سوء تفاهم، وكان عندي منها في ذلك الوقت بنت، وقد طلقتها طلقةً واحدة وراجعتها من وقتها، واستمرت معي في العشرة الزوجية أربع سنوات، وتكرر منها نفس الكلام والخطأ حتى غضبت غضباً شديداً فقدت أعصابي ولم أتحمل هذا الكلام؛ فطلقتها ثلاث طلقات في آن واحد، علماً أنه يوجد لدي منها الآن ثلاثة أطفال، وبعد أربعٍ وعشرين ساعة ذهبت إلى أهلها للمراجعة فطلبوا مني أن أستفتي فضيلتكم في أمري هذا، زوجتي تريدني وأنا أريدها، وهي أم أطفالي وشريكة حياتي؟
تكتب لنا غير هذه الكتابة وتحضر أو تحضر بنفسك حتى يكتب معك قاضي البلد التي تقيم فيها بحضور الزوجة ووليها معك عند القاضي حتى يسأل الجميع عما وقع وعن صفة الواقع في السابق واللاحق، ثم تكون فتوى على ضوء ذلك. 
 
4- إن عمي أخي والدي له مال يشغله بالأرباح الربوية على الناس بزيادة خمسين بالمائة، في مدة ثلاثة أشهر فقط، حتى ازداد المال بشدة، هل هذا المال حلال، وإذا لم يكن حلالاً فماذا يفعل؟
الواجب على المسلم أن يبتعد عن أعمال الربا وأن يحذرها؛ لأن الربا من أكبر الكبائر يقول الله -جل وعلا-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ [سورة البقرة (278)(279)]. ويقول الله - عز وجل -: وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ [سورة البقرة(275)(276)]. فالربا أمره خطير، فالواجب الحذر منه، وهذه المسألة التي سألت عنها فيها تفصيل فإن كان يبيع النقود بالنقود المائة بالمائة وخمسين، والعشر بخمسة عشر إلى أجل أو يد بيد فهذا ربا صريح، محرم عند جميع أهل العلم. أما إن كان قصدك بأن يشتري السلعة ثم يبيعها بزيادة فهذا له شأن آخر فإذا اشترى السلعة بمائة فبعدما يحوزها وتكون في ملكه يبيعها على المحتاج إلى أجل معلوم بمائة وخمسين أو بمائة وأربعين أو بمائة وستين أو بأكثر أو بأقل إلى أجل معلوم فهذا لا بأس به على الصحيح ولا حرج في ذلك عن جمهور أهل العلم؛ لأن المسألة تدعوا لها الحاجة، وليس كل أحد يجد حاجته بالهدية أو بالقرض فيحتاج إلى أن يشتري السلع إلى أجل معلوم ولو بالزيادة وقد يحتاجها للاستعمال كما يشتري سيارة ليستعملها وكما يشتري البساط ليفرشه ويجلس عليه، وكما يشتري الطعام ليأكله وقد يشتري ذلك ليبيعه بنقد لحاجته إلى النقد ليسدد ديناً عليه أو ليعمر بيتاً له، أو ليتزوج له أو لأغراض أخرى، فهذه الصور كلها جائزة إذا كان البائع قد ملك المبيع وقبضه وحازه لديه من سيارات أو أراضي أو أشياء أخرى قد حازها وملكها وقبضها ثم باعها إلى أجل معلوم باع ما يساوي مائة بمائة وخمسين أو ما يساوي ألفاً بألف وخمسمائة أو أكثر أو أقل، فالصحيح أنه لا حرج في ذلك سواءً أراد بذلك الاستعمال أو أراد أن يبيع السلعة بنقد ليستعمل النقد في حاجته، وهذا الأخيرة تسمى التورق أن تشتري السلعة لأجل ليبيعها بالنقد ثم ينتفع بالنقد هذه يسميها بعض أهل العلم مسألة التورق، ويسميها العامة الوعذة مسألة الوعذة وهذه صحيحة لا بأس بها في أصح قولي العلماء لما عرفت من الأسباب. بارك الله فيكم. 
 
5- إن أخي متزوج من بنت خالته، وأنجبت له طفلين، لكنها ظهرت له بأنها مريضة بمرض كريه لا يعالجه الدكاترة ولا الأولياء، ويرميها في النار، وتأكد هذا الأخ بأن هذه الزوجة مريضة قبل الزواج لكنه لا يعرفها، وأراد طلاقها، فماذا عليه؟
لا حرج في طلاقها إذا أحب أن يطلقها لمرضها المذكور فلا بأس، لكن إذا كان ليس لها من يقوم بحالها ويؤويها ويعالجها ويصبر عليها، فالأولى له أن يصبر هو ويحتسب الأجر حتى يصونها وحتى يحميها عن وقوعها في النار وعما يضرها، فهذا الذي ينبغي له، ينبغي للمؤمن أن يرحم زوجته ولاسيما أم أولاده ويعطف عليها حتى يشفها الله من فضله أو يختار لها الموت، لكن إذا كان لها أهل يقومون عليها ويعطفون عليها ويتولونها فلا مانع من طلاقها أما إن كانت ليس لها أحد فالأفضل له والأولى به الصبر لعله يستطيع أن يعمل شيئاً معها من المعروف من علاج وغيره وأقل شيء أن ينفق عليها ويحسن إليها حتى يتم شفاءها أو يختار الله لها الوفاة. وقوله لا يستطيع علاجها لا الأطباء ولا الأولياء هذا فيه تفصيل فإن الأولياء هم المؤمنون. وبعض الناس يظن أن الأولياء أناس لهم خصوصية يتصرفون في الناس أو لهم كرامات خاصة أو لهم تصرف في الكون هذا غلط عظيم، فأولياء الله هم أهل الإيمان هم أهل التقوى كل من كان مسلماً مؤمناً هو ولي لله؛ قال تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ* الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ [سورة يونس (62)(63)]. وقال تعالى في سورة الأنفال: وَمَا كَانُواْ أَوْلِيَاءهُ إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ [(34) سورة الأنفال]. فأولياء اللهم هم أهل التقوى هم أهل الخير والاستقامة هم صالح المسلمين فينبغي لك أن تعلم ذلك فليس الولي شخصاً له خصوصية في التصرف في الكون أو في شفاء المرضى أو في علم الغيب أو ما أشبه ذلك هذا يظنه الجاهلين، ويظنه بعض الصوفية الغالطين الجاهلين، فالأولياء هم المؤمنون ليس لهم خصوصية أخرى غير المؤمنين، هم المؤمنون هم مطيعون لله ولرسوله، هم أهل التقوى والهدى، يقال لهم أولياء الله ويقال لهم المسلمون ويقال لهم الأبرار، ويقال لهم الصالحون وهم ليس في أيديهم شيء من علم الغيب، ولا من شفاء المرضى، ولا من التصرف في عباد الله بما ليس في طوق العبد، وإنما قد يدعوا فينفع الله بدعائهم قد يدعوا للميت فينفع الله بدعائهم كسائر المؤمنين، ليس لهم صفة خاصة بل كل مؤمن فهو ولي لله - عز وجل -، وليس في أيديهم تصرف في العباد أو في الكون كما يظن بعض الجهلة من الصوفية وغيرهم فمن ظن أو اعتقد أن بعض الناس يتصرف في الكون مع الله، يدبر الكون، يشفي المرضى يعلم الغيب، فهذا كفر وضلال، كفر أكبر -نعوذ بالله من ذلك- وإنما شفاء المرضى بيد الله، وعلم الغيب إلى الله - سبحانه وتعالى -، والتصرف في العباد بيده - سبحانه وتعالى - ، لا أحد يتصرف في العباد غيره - سبحانه وتعالى-، فينبغي للسائل أن يعلم هذا وأن يكون على بينة حتى لا يقع فيما أوقع فيه الجاهلون من اعتقادات فاسدة حين يسمونهم بالأولياء -نسأل الله للجميع التوفيق والهداية-. بارك الله فيكم. 
 
6- حلفت والدتي بالله العظيم بأن ابنتها لا تأخذ شخصاً أردتُ أنا أن أزوجه أختي، وبعد حين جاء أحد الأقارب، أقارب والدتي وطلب أختي وزوجها من الشخص الذي حلفت عليه أمي أنه لا يأخذ ابنتها، وقد عقد له عليها، وبعد ذلك اتضح بأن الذي زوجناه رضيع لأختي فأخلى سبيلها، السؤال: هل عليها كفارة، أو أي شيءٍ آخر، فهي محرجة تماماً من أقاربها بسبب زواج الشخص المذكور؟
عليها كفارة اليمين؛ لأنما حلفت عليه وقع، حلفت أن لا يزوج منها الشخص أن لا تزوج ابنتها من هذا الشخص، ثم سمحت بذلك ووافقت على ذلك، أو زوجته من غير انشراح. بكل حال مادام زوجت عليه فعليها كفارة اليمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، كل مسكين نصف صاع من التمر أو من الأرز أو من أي نوع من أنواع قوت البلد، أو تكسوهم كسوة على قميص قميص، أو على إزار ورداء هذه هي الكفارة، أو عتق عبد مؤمن أو أمة مؤمنة. بارك الله فيكم. 
 
7- لقد فعلت ما يغضب الله - تبارك وتعالى - : فعلت فعل قوم لوط، وبعدما فعلت هذه الفعلة أقسمت بالطلاق أن أسافر إلى بلدي في شهر كذا، لكنني ندمت على الطلاق الذي أقسمت به وأنا في حالة غضب؛ لدرجة أنني نظرت المرآة وبصقت على وجهي وقلت: أنا لا يصح أن أكون مسلماً، سؤالي: هل يقع الطلاق إذا لم أسافر في الوقت المحدد؟
أما: أولاً فعمل قوم لوط من أكبر الكبائر، ومن أعظم الفواحش -نسأل الله العافية- قد قال الله في ذلك في قوم لوط: وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ [(28) سورة العنكبوت]. وفي الحديث: (لعن الله من عمل عمل قوم لوط، لعن الله من عمل عمل قوم لوط، لعن الله من عمل عمل قوم لوط). فهي فاحشة عظمى ونكراء- نسأل الله السلامة-. وعليك التوبة إلى الله من ذلك، التوبة الصادقة المتضمنة للندم على ما مضى منك، والإقلاع من ذلك تعظيماً لله وخوفاً منه - سبحانه وتعالى - وطاعة له، مع العزم الصادق أن لا تعود إلى ذلك، هذا هو الواجب عليك -نسأل الله أن يمن عليك بالتوبة-، ولعلك تبت -إن شاء الله- من ذلك. والمقصود أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، و... من الله عليك بالتوبة الصادقة، فأنت على خير، وعرفت التوبة الصادقة هي المتضمنة لأمور ثلاثة: الأمر الأول: الندم على ما مضى منك من هذا العمل القبيح المنكر. الثاني: الإقلاع منه والحذر منه. الثالث: العزم الصادق أن لا تعود فيه، وينبغي لك مع هذا ويشرع لك أن تتبع هذا بالعمل الصالح؛ لقول الله - عز وجل - : وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [(31) سورة النــور]. ولقوله - سبحانه وتعالى - لما ذكر الشرك والقتل والزنا في سورة الفرقان قال: إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ [(70) سورة الفرقان]. وقال في الآية: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا [سورة الفرقان (68)(69)]. هذا العذاب لهؤلاء للمشرك والقاتل بغير حق والزاني، وإذا كان هذا العذاب للأليم للزاني وهؤلاء الذين معه، فلآئط أشد من ذلك -نسأل الله العافية- ثم قال بعد ذلك - سبحانه وتعالى-: إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا [(70) سورة الفرقان]. فعليك يا أخي بالتوبة الصادقة والعمل الصالح وأبشر بالخير -إن شاء الله والله-، يقول - سبحانه وتعالى - أيضاً في الآية الأخرى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [(82) سورة طـه].. أما الطلاق فعلى حسب نيتك على الصحيح إن كنت أردت أنك إن لم تسافر فامرأتك طالق، وقع عليها طلقة بكلامك هذا. أما إن كنت أردت حث نفسك والعزم عليها بالسفر ولم ترد إيقاع الطلاق بزوجتك إذا لم تسافر وإنما أردت بهذا أن تسافر أن تحث نفسك وأن تلزمها بالسفر وأن تؤكد عليها حتى تسافر ولم ترد إيقاع الطلاق إلا لتسافر ولم يخطر ببالك إيقاع الطلاق إذا لم تسافر فعليك كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة وإطعامهم يكون بنصف صاع، كيلوا ونصف تقريباً من التمر، أو من الأرز، أو من الحنطة، أو غيرها من قوت البلد أو كسوة الفقراء عشرة كل واحد يعطى قميصاً، وهو المدرعة، أو إزار ورداء أو عتق رقبة مؤمنة من ذكر أو أنثى فإن عجزت وكنت فقيراً لا تستطيع هذه الأمور فعليك أن تصوم ثلاثة أيام، هذه كفارة اليمين. والطلاق لا يقع ما دامت ما أردت إلا الحث والتحريض على السفر ولم ترد إيقاع الطلاق فعليك الكفارة ولا يقع الطلاق أما إن كنت أردت إيقاع الطلاق إن لم تسافر أردته فإنه يقع الطلاق عليها ولك أن تراجعها إذا كنت لم تطلقها قبلها طلقتين فإذا كنت لم يسبق منها طلاق قبل ذلك مرتين فلك أن تراجعها فإن كنت طلقتها قبل ذلك مرتين فهذه الثالثة فلا تحل لك إلا بعد زوج.
 
8- هل أكون خرجت من الإسلام بمجرد قولي عندما نظرت في المرآة: أنا لا يصح أن أكون مسلماً؟
لا تكون خرجت من هذا لأنك تلوم نفسك تلوم عملك السيئ وتستقبح منك هذا العمل لأنه من عمل الكفار ليس من أعمال المسلمين والمسلم الذي يخاف الله يأبى ذلك فأنت بهذا الكلام تريد أن توبخ نفسك وأن تستشعر بأنك قد فعلت أمراً قبيح العمل قبيح الفعل فنسأل الله لك التوفيق للتوبة.  
 
9- هل قتل الشخص الذي تفعل به الفاحشة مني أو من غيري، وقتل نفسي آخذ عليه ثواب؟
بل المنكر، قتلك إياه وقتلك نفسك منكر آخر، فاللواط والزنا منكر، وإذا قتل اللائط الملوط به أو المزنية بها صار فعل منكراً آخر جريمة عظمى أشد من الزنا وأشد من اللواط القتل أشد -نسأل الله العافية- جريمة عظمى هي دون الشرك وليس بعد الشرك أعظم من القتل -نسأل الله العافية-، فإذا قتل الملوط به لئلا يخبر عنه أو لأسباب أخرى أو قتل المزنية بها صار قد جمع بين كبيرتين ومنكرين عظيمين الثاني أعظم من الأول. القتل أعظم من الزنا، وأعظم من اللواط، فالواجب الحذر من ذلك وأن لا يجمع بين الشرين -نعوذ بالله- من ذلك. الصحفي المذيع: هو يقول وقتل نفسي، يظن أنه يريد التطهير؟ الشيخ: وكذلك قتل نفسك لا يجوز هذا منكر، هذا انتحار منكر، ولا يكون تطهيراً بل يكون توسيخاً وزيادة في النجاسة والنكارة فليس لك قتل نفسك بسبب المعصية بل عليك التوبة إلى الله ولا تقتل نفسك، والله -جل وعلا- يقول: وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ [(29) سورة النساء]. والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة). لكن إن تقدمت إلى ولي الأمر وطلبت إقامة الحد عليك فلا بأس. ولكن الأفضل لك أن تستر بستر الله وأن لا تبوح بهذا العمل، وأن لا تفضح نفسك، وأن تتوب إلى الله توبة صادقة بينك وبين الله - سبحانه وتعالى -، والله يتوب على التائبين إذا صدقوا وتابوا توبة نصوحاً. المذيع: نفهم من هذا سماحة الشيخ أنه ليس من حق الشخص أن يقيم الحد على نفسه ولا على غيره؟ الشيخ: لا، ليس له أن يقيم الحد على نفسه ولا على غيره، الحد إلى لولاة الأمور. جزاكم الله خير وبارك الله فيكم. 
 
10- تزوجت من بنت خالي، وهي راضعة من والدة أمي، وفي هذه الحالة تكون أخت والدتي من الرضاعة، ولي منها طفلان، وأنا لا أعلم في هذا الشأن أو بهذا الشأن إلا بعد أن صار لي منها طفلان؟
إذا ثبت أن جدتها أرضعتها خمس رضعات معلومات أو أكثر فإنها تكون خالتك أخت أمك. إذا ثبت أن جدتك أم أمك أرضعت زوجتك خمس رضعات أو أكثر حاله كونها في الحولين حال كون زوجتك في الحولين صغيرة. إذا ثبت هذا بشهادة الثقات، أو باعتراف المرضعة وهي ثقة تقول إنها أرضعتها خمس مرات وهي ثقة، واطمأنوا إليها عدل، فإن هذه الزوجة تكون خالتك أخت أمك، وأولادك منها شرعيون يلحقون بك لأنك لم تتعمد الباطل فزوجتك هذه معذورة وأنت معذور لأنكما لم تتعمدا ما حرم الله ولكنكما جهلتما هذا الرضاع، فالأولاد شرعيون ولا حرج عليك في وطئها فيما ما مضى وجماعها في ما مضى واعتبارها زوجة فيما مضى بسبب الجهل، والله يقول: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ [(5) سورة الأحزاب]. ويقول الله - سبحانه وتعالى- : رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [(286) سورة البقرة]]. فقال الله: قد فعلت. فهذا من الخطأ المعذور عنه لأنك لم تعلم، وأولادك لاحقون بك شرعيون؛ لأنه وطئ بشبهة النكاح لم تعلم أنها خالتك، فاطمئن يا أخي ولا يكون في صدرك حرج وفارقها وأحسن إليها لأنها أم ولديك فأحسن إليها واسأل ربك أن يعطيك خيراً منها وأن يعطيها خيراً منك -والله المستعان-. بارك الله فيكم.  
 
11- أنا متزوج ووالدتي متوفية ولي زوجة أب ظالمة علي وعلى زوجتي، ودائماً تحرض والدي علي، وتختلق المشاكل والفتن، ولا تدعنا نعيش بوئام وسلام، وأنا موظف وراتبي لا يكفيني، ومع هذا فنصف الراتب أعطيه لوالدي، وأكون مديناً كل شهر لبعض الناس ووالدي لا يعلم، وهذا كله بفعل زوجة أبي ومكرها، وأنا دائماً أدعو الله أن يفرج هذا الهم عني وأقول: لولا مخافة الله لأقتلنها شر قتله، وللأسف هي تصلي، أريد من فضيلتكم توجيهي بما أفعل؟
هذا من البلاء والامتحان، والله يقول -جلا وعلا- في كتابه العظيم: وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [(168) سورة الأعراف]. ويقول - سبحانه وتعالى- : وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [(155) سورة البقرة]. ويقول -جل وعلا-: وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ [(35) سورة الأنبياء]. هذه من البلايا والمحن قد يبتلى بها الناس ولاسيما المسلم قد يبتلى بمثل هذا، فعليك أن تعاملها بالخير، وأن تصبر على هذا الأذى حتى يفرج الله وأن تدعوا الله لها بالهداية، وأن يكفيك شرها إذا أساءت إليك فادعوا الله أن يصلح حالها وأن يهديها وأن يكفيك شرها وأن يعافيك من بلائها وعاملها بالكلام الطيب واللطف وهكذا زوجتك مرْها بأن تعاملها بالخير لعل الله يكفيكم شرها بسبب عملكم الطيب وإحسانكم وهي زوجت أبيك ولها حق عليك ولأبيك حق عليك فراعي حق والدك وأحسن إليه وإليها بالكلام الطيب والفعل الطيب منك ومن زوجتك، وأبشر بأن الله سيفرج الحال إما بموتها وإما بهدايتها وإما بطلاق أبيك لها، أنت إذا أحسنت فأبشر بالخير، الله -جل وعلا- يقول: هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ [(60) سورة الرحمن]. ويقول - سبحانه وتعالى - : إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ [(128) سورة النحل]. فربك - سبحانه وتعالى - عليم جواد كريم يعلم حالكما ولا تخفا عليه حالكما، فأحسن إلى هذه المرأة المسيئة، وادعوا الله لها بالهداية واصبر على ما حصل منها وأوصي زوجتك بالإحسان إليها والرفق بها والكلام الطيب معها حتى يفرج الله الكربة، فإن لم يتسر رجوعها إلى الصواب ولم تكف شرها فأخبر والدك بشأنها، واستأذن منه أن تكون في بيت وحدك حتى يعذرك، تنتقل إلى بيت وسوف يعينك الله، واصبر، ولو تدينت، ولو أخذت ديناً من الناس. انتقل على بيت وحدك حتى تتخلص من شرها، وأخبر والدك بالحقيقة، وأن رأيت في إخباره مضرة عليك فلا تخبره، وأستأذنه بأنك محتاج إلى الانتقال لأسباب لا تستطيع أخباره بها، وانتقل وأسأل ربك العون والتوفيق، ولو تدينت من الناس بعض الدين، فقد قال المصطفى - صلى الله عليه وسلم - : (من أخذ أموال الناس يريد أدائها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله). خرَّجه البخاري في الصحيح. فإذا اقترضت من إخوانك ما يعينك على البيت وأنت في نيتك أنك توفي، فإن الله يقضي عنك - سبحانه وتعالى – ويرضي عنك أباك، فاستعن بالله، واستخر الله، واعمل ما تراه الأصلح،- نسأل الله لنا ولك التوفيق-

537 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply