حلقة 219: حكم الصلاة خلف الإمام المبتدع أو المشرك - آيات الشرك والكفر - كلمة توجيهيه للخطباء - التخلص مما فيه ذكر لله بالحرق أو الدفن - البسملة ودعاء الاستفتاح - الرائحة الكريهة عذر لترك صلاة الجمعة - قراءة الفاتحة في الصلاة - قطيعة الرحم إذا كانت مؤذية

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

19 / 50 محاضرة

حلقة 219: حكم الصلاة خلف الإمام المبتدع أو المشرك - آيات الشرك والكفر - كلمة توجيهيه للخطباء - التخلص مما فيه ذكر لله بالحرق أو الدفن - البسملة ودعاء الاستفتاح - الرائحة الكريهة عذر لترك صلاة الجمعة - قراءة الفاتحة في الصلاة - قطيعة الرحم إذا كانت مؤذية

1- يوجد إمام مسجد في إحدى القرى من الذين يزورون القباب، ويسألون أصحابها الأموات النفع وجلب المصالح، وكذلك يلبس الحجب ويتبرك بالحجارة التي على الأضرحة، السؤال: هل تجوز الصلاة خلفه؟ وإذا كانت الإجابة بالنفي فماذا نفعل؟ مع العلم أنه ليس هناك مسجدٌ آخر؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد.. فمن شرط الإمامة أن يكون الإمام مسلماً، واختلف العلماء هل يشترط أن يكون عدلاً أم تصح خلف الفاسق على قولين لأهل العلم، والصواب أنها تصح خلف الفاسق إذا كان مسلماً، ولكن لا ينبغي أن يولى مع وجود غيره، بل ينبغي لولاة الأمور أن يتحروا الإمام أن يكون مسلماً عدلاً طيب السيرة حسن العمل؛ لأنه يقتدى به. أما من كان يزور القبور ويدعو أهلها من دون الله ليستغيث بهم، ويتمسح بقبورهم، ويسألهم شفاء المرضى، والنصر على الأعداء، فهذا ليس بمسلم، هذا مشرك؛ لأن دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والنذر لهم من أنواع الكفر بالله، فلا يجوز أن يتخذ إماماً، ولا يصلى خلفه، وإذا لم يجد المسلمون مسجداً آخر صلوا قبله أو بعده، صلوا في المسجد الذي يصلي فيه؛ لكن بعده أو قبله، فإن تيسر عزله وجب عزله، وإن لم يتيسر فإن المسلمين ينتظرون صلاة هؤلاء ثم يصلون بعدهم، أو يتقدمونهم إذا دخل الوقت ويصلون قبلهم إذا أمكن ذلك، فإن لم يمكنهم صلوا في بيوتهم، فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ[التغابن: 16]. وينبغي أن يعلَّم هذا الإمام ويرشد إلى الحق؛ لأنه في حاجة إلى الدعوة إلى الله، والمسلم ينصح للمسلمين وينصح لغيرهم، يدعوا إلى الله، كما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال لعلي -رضي الله عنه- لما بعثه إلى خيبر: (فوالله لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حمر النعم) وقال -عليه الصلاة والسلام-: (من دل على خير فله مثل أجر فاعله) والله يقول -سبحانه-: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ[فصلت: 33] وقال -سبحانه-: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي الآية[يوسف: ]، وقال سبحانه: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ[النحل: 125]، فهذا الإمام يدعى إلى الله، يوجه إلى الخير يعلم أن عمله باطل، وأنه شرك، بالأساليب الحسنة، بالرفق والحكمة، لعله يهتدي، لعله يقبل الحق، فإن لم يتيسر ذلك يتصل بالمسئول عن المسجد، أوقاف أو غير أوقاف، ويبين لهم أن هذا الإمام لا يصلح، وأن الواجب عزله، وأن يولى في المسجد رجل موحد مؤمن مسلم حتى لا يتفرق الناس عن المسجد، وحتى لا يصلي بهم إنسان كافر، هذا هو الواجب على المسلمين أن يتعاونوا في هذا الخير، وأن ينصحوا لولاة الأمور، وأن ينصحوا لهذا الإمام الجاهل لعله يهتدي. بارك الله فيكم وجزاكم الله خيراً  

 

2- هناك من الناس الطيبين من تكلم في المسجد حول هذا الأمر، واستدل بآيات من القرآن وأحاديث من السنة، فقال الإمام: إن هذه الآيات والأحاديث إنما هي في المشركين الأوائل، فهل آيات الشرك والكفر خاصة بالمشركين الأوائل؟ أم تنطبق على كل من يعمل عملهم؟
ليس خاصة بهم، بل هي لهم ولمن عمل أعمالهم، والقرآن نزل لهم ولغيرهم إلى يوم القيامة، فهو حجة الله على عباده إلى يوم القيامة، وقوله -سبحانه وتعالى-: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ[الذاريات: 56] فهذا يعم من كان في زمانه وبعده إلى يوم القيامة، وقوله -سبحانه-: فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا[الجن: 18] هذا يعم أهل مكة وأهل المدينة ويعم جميع الناس، كلهم منهيون أن يدعوا مع الله أحداً، في زمانه -صلى الله عليه وسلم- وبعد ذلك إلى يوم القيامة، وهكذا قوله -سبحانه-: وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ[المؤمنون: 117] عام وهكذا قوله -جل وعلا-: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ[سبأ: 22] هذا يعم جميعاً الخلائق كما يعم الأصنام ويعم جميع ما يعبد من دون الله وهكذا قوله سبحانه: قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً * أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا[الإسراء: 56-57] فهذا يعم جميع الناس، وهكذا قوله -سبحانه-: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ * إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ[فاطر: 13-14] سبحانه وتعالى، فبين -سبحانه- أن المدعوون من دون الله من أصنام أو جن أو ملائكة أو أنبياء أو صالحين لا يسمعون دعاء من دعاهم: إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ[فاطر: 14] وأنهم ما يملكون من قطمير وهو اللفاف التي على النواة، وهم لا يملكون ما يُطلب منهم، ولا يستطيعون أن يسمعوا: إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ[فاطر: 14] هذا كلام الحق -سبحانه وتعالى-، ثم قال: وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ[فاطر: 14] فلو فرض أنهم سمعوا لم يستجيبوا لعجزهم، ثم قال: وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ[فاطر: 14] فسمى دعائهم إياهم شركاً بهم. فوجب على أهل الإسلام أن يدَعُوا ذلك، وعلى كل مكلف أن يدع ذلك، وأن لا يدعوا إلا الله وحده -سبحانه وتعالى- وهذا يعم جميع العصور من عصره -صلى الله عليه وسلم- إلى آخر الدهر. نسأل الله للجميع الهداية. بارك الله فيكم  

 

3- إذا كان إمام المسجد يعتمد في خطبه على كتاب ابن نباته، ومعظم المصلين حفظوا خطبه بالتكرار، فهل يجوز ترك الخطبة والاستماع لخطبة الحرم الشريف من المذياع في الإذاعة، وبعد الفراغ منها أذهب للمسجد لأداء الصلاة؟
لا ما يصلح هذا، فالواجب أنه ينصح حتى ينشئ خطباً مناسبة، أو يعطى كتباً من المؤلفات في الخطب المفيدة؛ لأن هناك كتباً كثيرة مؤلفة في الخطب بحمد لله كثيرة، يمكن أن يستفيد منها، ويعطى بعض الكتب المفيدة، ويوصى بأن يغير تارة كذا وتارة كذا، حتى ينفع الناس، وحتى يأتيهم بشيء جديد، يحرك قلوبهم ويفيدهم، أما أن تتأخر حتى تأتي بعد ذلك لا، فالمشروع لك المسابقة حتى تأتي إلى المسجد قبل الخطبة، وقبل الصلاة بوقت تصلي ما قسم الله، وتنتظر الصلاة، ويحصل لك فضل التبكير. فالمقصود أن الإمام يغير ويستعين بالله، ثم بالكتب التي ألفت في خطب الجمعة، ويستعين بالله ثم بإخوانه الطيبين إذا كان ما عنده خطب، حتى يضعوا له خطباً مناسبة مفيدة، والمسلم أخو المسلم وطلبة العلم أخوة فيما بينهم يتعاونون. بارك الله فيكم  

 

4- أحياناً نجد آيات مكتوبة على ورق ملقاة في الأرض، وأحياناً نريد أن نستغني عن أوراق فيها بسملة أو آيات أخرى، فهل التمزيق يكفي ثم بعد ذلك ترمى، أم أنها تحرق؟ أرشدونا ماذا نعمل.
الواجب إذا كانت هناك آيات في بعض الأوراق أو التسمية أو غير ذلك مما فيه ذكر الله الواجب أنه يحرق، أو يدفن في أرض طيبة، أما إلقاءه في القمامة أو في الأسواق هذا لا يجوز ولو مزق؛ لأن فيه إهانة لأسماء الله وآياته، ولو مزق قد تبقى كلمة الجلالة أو الرحمن أو غيره من أسماء الله في بعض القطع، قد تبقى بعض الآيات في بعض القطع. المقصود الواجب إما أن يحرق تحريقاً كاملاً، وإما أن يدفن في أرض طيبة مثل المصحف الذي تمزق وقل الانتفاع به يدفن في مكان طيب أو يحرق، أما إلقاءه بين القمامات أو في أسواق الناس أو في الأحواش هذا لا يجوز. المذيع/ وبالنسبة إذا أحرق هل هناك حرج من تطاير الرماد؟ لا ما يضر، متى أحرق ذهب حكمه. بارك الله فيكم  

 

5- أنا أبدأ صلاتي بالبسملة قبل الفاتحة وقبل السورة التي تليها في كل ركعة، فهل من حرج في ذلك؟
هذا هو المشروع ، المشروع للمؤمن أن يسمي في أول كل سورة في الفاتحة وغيرها، ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، أول ما يقرأ، ثم يأتي بالتسمية ثم يقرأ الفاتحة، وهكذا في السور الأخرى، يسمي وإذا ...... أن تعوذ فلا بأس، وإن ترك كفاه التعوذ في أول صلاته. وأما التسمية فيسن تكرارها عند كل سورة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يقرأها في أول كل سورة -عليه الصلاة والسلام-، ولكن يسر بها في الجهرية إذا كان إمام يسر بها، الأفضل أن يسر بها؛ لأن الرسول كان يسر بها -عليه الصلاة والسلام-، وإن جهر بعض الأحيان ليعلم الناس أنه يقرأها للفائدة فلا بأس، كما جهر بها بعض الصحابة. بارك الله فيكم.  

 

6- إن والدي كبير ولا يذهب لصلاة الجمعة، ويقول: إنه مريض -عندما سألته عن ذلك- بمرضٍ هو عبارة عن بخر في الفم ورائحةٍ كريهة، وقال: إنه لا يريد أن يؤذي الناس بهذه الرائحة، فهل يجوز فعله هذا؟
نعم هذا عذر شرعي، إذا كان به بخر شديد الرائحة الكريهة ولم يتيسر له ما يزيله، هو عذر كما أن البصل والكراث عذر، فالبخر قد يكون شديد الرائحة الكريهة قد يؤذي من حوله من يمينه وشماله فإذا كان هذا البخر شديداً يؤذي من حوله ولم يجد له دواءً ولا حيلة فهو معذور، أما إن وجد دواء ووجد حيلة تزيله فعليه أن يفعل ذلك حتى لا يتأخر عن صلاة الجمعة والجماعة، ولكن متى عجز عن ذلك ولم يتيسر فهو معذور أشد من عذر صاحب البصل؛ لأن صاحب البصل يستطيع أن يدع البصل والكراث، أما هذا فلا يستطيع إذا عجز عن الدواء. والبخر لا شك أنه يؤذي من حوله إذا كان رائحته ظاهرة، وكذا الصنان في الآباط، إذا كان شديد الصنان ولم يستطيع زوالها بالصابون والدواء، إذا كان يعالج ولم يستطع فهذا عذر أيضاً، أما إذا استطاع إزالته بالغسل والبخور والأدوية الأخرى التي تزيل أثره من الآباط فالواجب عليه فعل ذلك؛ حتى يصلي مع المسلمين، وهكذا صاحب الدخان يجب عليه أن يزيل أثر الدخان من فمه بكل ما يستطيع، وأن يكون قرب الصلاة لا يتعاطى هذا؛ حتى لا يؤذي من حوله، فإذا كان هناك بقية يستعمل ما يزيل بقية الرائحة من الأدوية أو أشياء تمضغ أو غير ذلك مما يزيل رائحتها؛ حتى لا يؤذي أحداً. والدخان قبيح منكر يجب تركه، ولا تجوز التجارة فيه لا بيعاً ولا شراءً، لكن من بلي به فليتقي الله، وليستعن بالله على تركه، وليحذر شره وبلاءه، ومادام يتعاطاه فليحذر أن يأتي به المسجد وهو رائحته ظاهرة، بل يتعاطى ما يزيل الرائحة ويجتهد حتى يعافيه الله من شره، وحتى يجد حيلة في تركه. بارك الله فيكم. المذيع/ الحقيقة سماحة الشيخ أن كثيراً من الرجال يتساهلون في موضوع طيب الرائحة عند الصلاة ومنهم يعني يأتي وعليه ملابس العمل وملابس مثلما تفضلتم فيها رائحة كريهة فلا أدري يعني بماذا توجهون في هذا؟ الواجب على المؤمن أن يحرص على طيب الرائحة، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحب الطيب ويتعاطى الطيب -عليه الصلاة والسلام-، فهذا إذا أمكنه أن يتعاطى ما يزيل الرائحة فليفعل، ولكن في حال العمل قد لا يتمكن فليتق الله ما استطاع، أما إذا تمكن من إزالة الرائحة الكريهة من رائحة الدخان أو الآباط أو البخر فليتق الله، وليعمل حتى لا يتأخر عن جمعة ولا عن جماعة.
 
7- عندنا عادة عندما نريد أن نضع أساساً لبناء جديد أو نضع العتب لهذا البناء، أو نريد أن نضع محلاً جديداً، أو نفتتح دكاناً أو غيره، فإننا نذبح في ذلك اليوم، ونسميه كرامةً لهذا الشيء الذي ذبح من أجله، فما رأي الشرع في ذلك؟
هذا لا يجوز وهذا من جنس عمل كثير من الناس كانوا يفعلون هذا للجن يقولون نتقي شرهم، فإن أرادوا تأسيس مزرعة أو تأسيس بيت ذبحوا عن الأسس عنزاً أو تيساً وقالوا هذا للجن نتقي شر هذه البقة شر سكان هذه البقعة هذا من جنس عمل أولئك فلا يجوز التشبه بأهل الكفر وقد يجرهم هذا إلى أن يفعل فعلهم، وينوا نيتهم، فالواجب عدم ذلك، وأن يحذر ذلك، فلا يذبح للتأسيس شيء. بارك الله فيكم.  
 
8- قرأت في كتاب (صفة الصلاة) للألباني، قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) ، ولفظ آخر: (لا تجزئ صلاةٌ لا يقرأ الرجل فيها بفاتحة الكتاب) ، السؤال: ما معنى الصلاة هنا، هل هي الركعة الواحدة، أم أن الصلاة كلها تبطل؟
إذا ترك الفاتحة بطلت الصلاة، كان إماماً أو منفرداً إذا تعمد ذلك بطلت، أما إذا كان ساهياً قامت الأخرى مقامها وزاد ركعة، أما إذا كان عامداً وتعمده وهو يعلم حكم الشرع في ذلك تبطل صلاته، أما إذا كان ساهياً فإنها لا تبطل صلاته لكن يأتي بركعة، إذا لم ينتبه إلا بعد قضاءه من الركعة يأتي بركعة أخرى بدلاً من التي ترك فيها القراءة. أما المأموم فإن الواجب عليه أن يقرأها على الصحيح، يقرأها مع إمامه، أو في سكتات إمامه، فإن لم يقرأها جاهلاً أو ناسياً أو مقلداً لمن قال: أنه لا تجب على المأموم، فلا شيء عليه، أو لأن المأموم وجد الإمام راكعاً ولم يتمكن من قراءتها، أو قرب الركوع ولم يتمكن من قراءتها فلا حرج عليه؛ لأنه ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه أقر أبا بكر لما جاء والإمام راكعا ركع معه أبو بكر –رضي الله عنه-، ولم يأمره بقضاء ركعة -عليه الصلاة والسلام-، فدل ذلك على أنه معذور، واحتج به الجمهور على أن الفاتحة لا تجب على المأموم، ولكن عموم الأدلة يدل على وجوبها على المأموم؛ إلا أنه معذور إذا فاته القيام أو نسي أو كان ساهياً فيتحملها عنه الإمام. بارك الله فيكم.  
 
9- هناك من يقول: إن الصلاة يختلف حكمها في المسجد الذي فيه قبر عن المسجد الذي فيه قبران، عن المسجد الذي فيه ثلاثة أو أكثر، نرجوا التوضيح في هذا، وكيف الحكم والرسول عليه الصلاة والسلام قال: (لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد). ويسأل أيضاً ويقول: إن كثيراً ممن يعودون من المدينة المنورة بعد الحج، إلى بلادهم يحتجون بجواز الصلاة في المساجد التي فيها قبور، ويقولون: إن قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه رضي الله عنهما موجودان في المسجد، والناس يصلون إليهما! أرجو الإيضاح في هذه النقطة.
الرسول -صلى الله عليه وسلم- لعن من يتخذ المساجد على القبور، وحذر من ذلك -عليه الصلاة والسلام-، قال: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك) رواه مسلم في الصحيح والأول رواه الشيخان. وروى الشيخان أيضاً عن عائشة -رضي الله عنها- أن أم حبيبة وأم سلمة -رضي الله تعالى عنهما- ذكرتا للنبي -صلى الله عليه وسلم- كنيسة رأتاها بأرض الحبشة وما فيها من الصور، فقال: (أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور، ثم قال -عليه السلام-: أولئك شرار الخلق عند الله)، فبين -صلى الله عليه وسلم- أن الذين يبنون المساجد على القبور هم شرار الخلق عند الله، وحذر من فعلهم. فدل ذلك على أن المسجد المقام على قبر أو قبرين أو ثلاثة لا يصلى فيه ولو فرق بين الواحد والعدد، بل يجب ترك ذلك، فإن كان المسجد هو الذي بني أخيراً وجب هدمه، وأن تبقى القبور ضاحية ليس عليها بناء، كما كانت القبور في المدينة في عهده -صلى الله عليه وسلم- وعهد أصحابه، ضاحية، وهكذا اليوم في عهد المملكة العربية السعودية ضاحية ليس عليها بناء، هذا هو المشروع وهذا هو الواجب. أما إن كان المسجد قديم ولكن حدث فيه قبر فالقبر ينبش، يجب على ولاة الأمور وعلى أهل الحل والعقد أن ينبشوا وأن يزيلوا الرفات التي فيه، وينقلوها إلى المقابر العامة، ويبقى المسجد سليماً ليس فيه شيء حتى يصلى فيه، هذا هو الواجب. أما احتجاج بعض الجهلة بوجود قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- وقبري صاحبيه في المسجد فهذا غلط؛ لأن الرسول دفن في بيته -عليه الصلاة والسلام-، ليس في المسجد، دفن في بيته -بيت عائشة-، ودفن معه صاحباه أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما- في البيت، ولكن لما وسع الوليد بن عبد الملك بن مروان المسجد في آخر القرن الأول أدخل البيت في المسجد بسبب التوسعة، وقد غلط في هذا، وكان الواجب أن لا يدخله في المسجد لئلا يحتج بهذا الجهلة وأشباههم، ولكنه غلط في هذا فلا يجوز وإن يتأسى به ويقتدى به في ذلك، ولا يظن ظان أن هذا من جنس البناء على القبور، ومن جنس اتخاذه مساجد، لا؛ لأن هذا بيت مستقل أدخل في المسجد للحاجة إلى التوسعة، وفصل عن المسجد بالجدر، فهذا من جنس المقبرة التي أمام المسجد المفصولة عن المسجد، ما تضر المسجد إذا فصلت عنه بجدار، ما تضره، وهكذا مسجد النبي مفصول محمي بالستر والجدران، فليس من المسجد في شيء، فينبغي أن يعلم هذا، وينبغي أن يبلغ هذا إخوانه حتى لا يغلطوا في هذه المسائل. بارك الله فيكم. المذيع/ يعني أن الأرض التي فيها قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- لم تدخل في المسجد؟ ليس من المسجد، بل مفصولة عن المسجد، وهي بيت عائشة، ثم هو مفصول بالجدران التي أخرجت البيت من المسجد. بارك الله فيكم.  

 

10- إنني متزوجة من رجل يعرف الله ويخشاه ويصل رحمه، إلا أنه لا يصل عمته، وسببه في ذلك هو خوفه من المشاكل؛ لأنها لا تترك أحداً في حاله، وتحاول أن تثير المشاكل بيني وبين أهل زوجي، وفي كثير من الأحيان لا يسلم الناس منها، فزوجي لا يزورها أبداً خوفاً من ذلك، وأنا أقول له: بأن عليك أن تزورها، وأن تصل رحمك ولو كان في ذلك مشاكل،
الزوج ينظر في الأمر إذا كانت عمته تؤذيه وتؤذي أهله، وإذا زارها حصل عليه ضرر بذلك فلا حرج عليه؛ لأنها هي قاطعة هي المؤذية فلا حرج عليه، أما إن كان يستطيع صلتها بالمال إن كانت فقيرة أو بالسلام بالهاتف أو بالمكاتبة أو يزورها بالسلام ولكن لا تأت إلى بيته، يقول: لا تأتينا لأني أخشى من مجيئك مضرة علينا، أو أنا أصلك بنفسي، فلا حرج عليه، يصلها بنفسه ويحسن إليها، وهذا هو الواجب، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا يدخل الجنة قاطع رحم)، ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: (ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعته رحمُه وصلها)، فالواجب عليه أن يصلها بالمال وبالكلام الطيب والزيارة والمكاتبة أو بالهاتف ويكفي هذا، وإذا منعها من بيته لأنها مفسدة بالكلام السيئ أو بالسب أو بالغيبة والنميمة هو معذور إذا منعها من بيته. بارك الله فيكم  

 

11- يوجد في مدينتنا بعض الناس يستفتحون بالسلة، وهذه الطريقة هي: أنهم يأتون بسلة طاهرة ويضعون بداخلها قرآناً ويغلقون فتحتها بسجادة الصلاة، ويضعون فوق السجادة مفتاح، ويضعون على جانب السلة قلم وتحتها ورقة، ويأتي شخصان ويحملان السلة ويحركانها، وآخر يقرأ سورة الجن، وعندما يقرأها تأتي روح ميت، ويسألونها بعض الأسئلة وتجيب بواسطة القلم والورقة، والأسئلة التي في علم الغيب تقول: الله أعلم! والأسئلة التي لا تستطيع أن تجيب عليها كتابةً بواسطة الورقة والقلم تقول فيها أيضاً: الله أعلم! المهم هل هذه فعلاً روح ميت أم أنها جني، وما الحكم في مثل هذا العمل؟
هذا عمل منكر ولا يجوز وهو من الكهانة المحرمة، فلا يجوز فعل هذا بالكلية وهذا العمل من أعمال الشياطين وليس من أرواح الموتى ولكن من أعمال الشياطين التي بها يلبسون على الناس ويأخذون أموالهم بالباطل وهذا العمل لا يجوز بل هو منكر ومن أعمال الكهانة، والواجب على ولاة الأمور منع هذا وتأديب من فعله، حتى لا يعود إلى مثله ولا يجوز للمسلم أن يشارك في هذا ولا أن يسألهم عن شيء يقول - صلى الله عليه وسلم -: (من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً) ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: (من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد) - صلى الله عليه وسلم - فهذا من جنس العرافين والكهنة وهذه الأرواح التي تطلب هي من أرواح الجن والشياطين وليست أرواح الموتى. بارك الله فيكم  
 
12- إذا كان الشخص نائماً واستيقظ، ورأى على ثيابه ماءً أو آثار ماء لكنه لا يدري ما نوعه، وهو لا يفرق بين المني وغيره، وقد صلى ولم يغتسل، ثم تذكر بعد ذلك أنه قد حلم حلماً جعله يحتلم فماذا يجب عليه؟ هل يعيد الصلوات التي صلاها؟ أم ماذا يعمل؟
نعم إذا كان عرف أنه مني يغتسل غسل الجنابة ويعيد الصلاة التي صلى، أما إذا كان لم يتذكر شيئاً من ذلك والماء اشتبه عليه، لا يعرف هل هو مني أو بول؛ فإنه يغسل ثوبه من باب الحيطة، ولا يلزمه غسل الجنابة، إلا إذا غلب على ظنه أنه مني. أما إذا لم يعلم فإنه يدع ذلك ولا يلزمه غسل الثوب ولا الغسل من الجنابة، إلا إذا عرف أنه بول أو عرف أنه مذي يغسل الثوب. المذي يرش الثوب، والبول يغسله غسلاً ويعصره، والمني طاهر لا يجب غسله، لكن إذا فركه أو غسله يكون أولى وأفضل. فإن غلب على ظنه أنه مني وجب عليه الغسل، وإن غلب على ظنه أنه بول وجب عليه غسل الثوب والتنظف من هذا البول الذي أصاب فخذه أو أصاب غير ذلك. فالحاصل أنه إذا عرف أنه مني أو غلب على ظنه أنه مني فإنه يغتسل ويصلي ما فعل من الصلوات بغير غسل، وقد يتبين ذلك إذا كان عن ملاعبة أو تفكير عند النوم فإنه في الغالب يكون منياً أو مذياً، والمني والمذي يختلفان، المذي ماء غليظ يتبين، والمني ماء ضعيف يكون له أثر السهولة في البيت ولا يكون مذياً فهو ينبغي له أن يتحرى هذا الشيء ويحرص فإن ظهرت أماراة المني اغتسل، وإن ظهرت أمارات المذي رش ثوبه وغسل ذكره وأنثييه واستنجي ويكفي هذا، وإن كان بولاً والبول لا يخفى أيضاً غسل الثوب، غسل ما أصاب الثوب وغسل ما أصاب فخذه إن أصابه شيء ويكفي الوضوء الشرعي، والاستنجاء والوضوء الشرعي. بارك الله فيكم. هناك صاحبنا في هذه الرسالة ذكر أنه لا يفرق بين أنواع بعض الماء، لكن هناك من يقول إن هناك نوع ثالث وهو الوذي ما أدري ما تعليقكم؟ الوذي يكون بعد البول، مع البول، في آخر البول، لا يلتبس لأنه في آخر البول، والمذي يقول العلماء أنه له رائحة تشبه رائحة لقاح النخل، قد يستفيد من هذا إذا كان يعرف اللقاح، قد يكون من رائحته يعرف أنه مذي، وبكل حال هو في الغالب يعرف بالغلظة في مكانه.

484 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply