حلقة 250: حكم الصلاة خلف الإمام الفاسق - حلف فقال (علي الحرام في أم أولادي) - رضاع الولد من جدته أم أبيه - لمس زوجة الخال وأخت الزوجة هل ينقض الوضوء؟ - الصلاة البتراء - قنوت الوتر - تفسير حديث (إن حيضتك ليست في يدك)

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

50 / 50 محاضرة

حلقة 250: حكم الصلاة خلف الإمام الفاسق - حلف فقال (علي الحرام في أم أولادي) - رضاع الولد من جدته أم أبيه - لمس زوجة الخال وأخت الزوجة هل ينقض الوضوء؟ - الصلاة البتراء - قنوت الوتر - تفسير حديث (إن حيضتك ليست في يدك)

1- ما هو حكم الشرع في الصلاة خلف إمامٍ ظهرت عليه علامات النفاق التي ذكرها الرسول - صلى الله عليه وسلم -، في قوله: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان). وأصبحت مشاهدة معروفة منه تماماً، الكل يعرفها من أهل الحي ومن زملائه في العمل؟ أفيدونا أفادكم الله؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين ، والصلاة والسلام على عبده ورسوله ، وصفوته من خلقه ، وأمينه على وحيه ، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ، ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا الرجل الذي يعرف ببعض صفات المنافقين من كذبه في الحديث ، وخيانته في الأمانة ، وإخلافه للوعد ، هذا على كل حال يجب نصيحته وتوجيهه إلى الخير ، وتحذيره من هذه الصفات الذميمة. أما الصلاة خلفه فإنه تصح ؛ لأنه بهذا يكون فاسقاً لا كافراً ، والصلاة خلف الفاسق تصح ؛ لأنه مسلم مادام لا يوجد منه إلا هذا ما عنده شرك، أما من كان عنده شيء من الشرك الأكبر كعبادة الأموات ، والاستغاثة بالأموات ، أو سب الدين ، أو الاستهانة بالدين هذا كفر أكبر. أما إذا كان مجرد كذبه أو خيانته أو إخلافه للوعد فهذه معاصي وعليك أنت وغيرك من الإخوان أن تنصحوه وأن توجهوه إلى الخير ، وأن تحذروه من هذا الباطل ؛ لأنه أخوكم ، والمسلم أخو المسلم ، والصلاة صحيحة خلفه وأمثاله من العُصاة في أصح قولي العلماء. فالصواب أن الصلاة تصح خلف الفاسق خلف العاصي ، وقد كان ابن عمر - رضي الله عنهما - صلى خلف الحجاج بن يوسف الثقفي، وهو من أظلم الناس، وأفسق الناس. فالحاصل أنه لا بأس، ولا حرج في الصلاة خلف الفاسق ، ولاسيما عند الحاجة إلى ذلك ، أما الكافر فلا ، من عرف بالكفر فلا يصلى خلفه ، وإذا ظهر الفسق في إنسان أو في جماعة ينصحون ويوجهون إلى الخير ؛ لأن المسلم أخو المسلم ، يأمره بالمعروف ، وينهاه عن المنكر ، وينصح له ؛ كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (الدين النصيحة). بارك الله فيكم.  
 
2- لي صديق أحبه وأقدره تقديراً كبيراً، له أختٌ متزوجة، تعرفت عليها معرفة قوية، وتقربت منها، وأصبحت علاقتي بها قوية، لكنني لم أمسسها بسوء، عرف أخوها بهذه العلاقة - الذي هو صديقي - واستدعاني يوم من الأيام فسألني فكانت مفاجئة لي فقلت: عليَّ الحرام في أم أولادي أنني أحب أختك كما أحب إحدى أخواتي، مع العلم أن هذا خلاف الواقع، فلا أحبها أنا كما أحب أخواتي، فما عليَّ في ذلك؟ وهل تحرم عليّ زوجتي، أم أمنع منها، أم عليّ كفارة؟ أفيدوني أفادكم الله؟
هذا منكر ، وعليك التوبة إلى الله من ذلك ؛ لأنه لا يجوز لك التحريم ، تحريم ما أحل الله - عز وجل - ، ولا الكذب ، فأنت في هذا كاذب ، ومحرم أيضاً ، فعليك التوبة إلى الله - عز وجل - ؛ لأنك كاذبٌ فيما قلت ، ولأنك استعملت الحرام ، فالواجب عليك التوبة إلى الله ، والحذر من الاتصال بالمرأة والعلاقة معها إذا كان على وجه الريبة ، أو على وجه تكشف لك فيه، أو تمسها فيه ، أو ما أشبه ذلك ولو كنت لم تفعل الفاحشة، يجب عليك أن تبتعد عن أسباب الفاحشة ، وعن أسباب الفتنة ، وأن تحرص على إحسان سمعتك ، وكمال إيمانك ، وأما قولك أن عليك الحرام أنك تحبها كحب أخواتك ونحو ذلك وأنت كاذب فعليك التوبة إلى الله ويكفي ، عليك التوبة والاستغفار والندم ، والإقلاع لأنك كاذب ، مثل لو قلت والله إنك تحبها وأنت كاذب ، عليك التوبة إلى الله - عز وجل - ؛ لأن اليمين التي فيها الكفارة هي على المستقبل ، والحرام على المستقبل. بارك الله فيكم.  
 
3- لي أخ أكبر مني ماتت أمه وهو في سن الرضاع في الشهر السادس من عمره، فتولت إرضاعه جدته أم أبيه حتى بلغ، والآن يريد أن يتزوج من بنت عمه لأبيه، فهل يجوز له ذلك أم لا؟
إذا كانت أرضعته جدته أم أبيه رضاعاً تاماً مثلما قلت فإنه يكون أخاً لأبيه ، وأخاً لأعمامه ، ويكون عماً لبنات عمه ، فلا يجوز أن ينكح منهن أحداً ، إذا كان الرضاع خمس مرات أو أكثر ، فكيف إذا كان شهوراً؟! فالحاصل أنه يكون أخاً لأبيه ، إذا كانت أم أبيه أرضعته رضاعاً كاملاً خمس مرات أو أكثر فإنه يكون أخاً لأبيه، وأخاً لأعمامه ، وعماً لبنات أعمامه من الرضاعة. بارك الله فيكم.  
 
4- هل زوجة خالي وأخت زوجتي مسهما ينقض الوضوء، أفيدوني أفادكم الله؟
أولاً ليس لك أن تمس زوجة خالك ، ولا أخت زوجتك ولا غيرها من غير المحارم ؛ لأن هذا منكر ، ووسيلة إلى الشر ، فليس لك أن تصافحها ، ولا أن تمس بدنها ، فلو مسست ذلك من غير قصد، يعني مسست رجلك رجلها أو لطمت يدك يدها من غير قصد فهذا لا حرج فيه إذا كنت لم تقصد ذلك ، أما التعمد أن تصافحها أو أن تمس بدنها هذا لا يجوز إنما هذا مع زوجتك ومع محارمك كأختك وعمتك تصافحها لا بأس. وأما الحكم فإن الحكم لا ينقض الوضوء مس المرأة على الصحيح ، الصحيح أن مس المرأة لا ينقض الوضوء هذا هو المعتمد ، وفيه خلاف بين العلماء من أهل العلم من قال ينقض الوضوء مطلقاً ولو من غير شهوة . والقول الثاني أنه ينقض بالشهوة فقط بدون شهوة لا ينقض . والقول الثالث أنه لا ينقض مطلقاً ، وهذا هو الصواب أنه لا ينقض مطلقاً ؛ لأنه ثبت عن رسول الله - عليه الصلاة والسلام - أنه قبَّل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ ، فدل ذلك على أن مس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقاً ولو بشهوة ولو بتلذذ سواءً كان زوجته أو غير زوجته ، فالوضوء لا ينتقض بذلك ، لكن إن كانت زوجته فلا حرج عليه ، أما إن كان ليست بغير زوجته فهذا لا يجوز ، وبكل حال هو لا ينقض الوضوء على الصحيح. بارك الله فيكم.  
 
5- ما هي الصلاة البتراء التي نهى عنها النبي - صلى الله عليه وسلم-؟
لا أذكر في هذا حديثاً صحيحاً. بارك الله فيكم 
 
6- هل لابد من دعاء القنوت ولو في ركعة الوتر الواحدة، إذا كان الإنسان لم يصلّ إلا واحدة؟ أفيدونا أفادكم الله؟.
القنوت مستحب وليس بواجب، إذا أوترت المرأة أو الرجل بواحدة أو بثلاث أو بأكثر فالقنوت مستحب في الركعة الأخيرة الثالثة أو في الواحدة التي أوتر بها الرجل أو المرأة ، وإن لم يقنت بل رفع رأسه من الركوع قال: "سمع الله لمن حمده .. ربنا ولك الحمد" ولم يقنت فلا حرج ، القنوت مستحب وليس بلازم. بارك الله فيكم.  
 
7- في بلادنا كثيراً ما تختلط مياه الشرب بمادة الكلور المطهرة، وهي مادة تغير لون وطعم الماء، فهل يؤثر هذا على تطهيره للمتوضئ؟
تغير الماء بالمطهرات وبالأدوية التي توضع فيه لمنع ما قد يضر الناس مع بقاء الماء واسم الماء على حاله فإن هذا لا يضر ، ولو حصل بعض التغير بشيء من مما يوضع فيه للتطهير فهذا لا يضره مثلما ما يتغير الماء بالطحلب الذي فيه أو بأوراق الشجر وبالتراب الذي يعتريه وما أشبه ذلك هذا لا يضره هو طهور باقٍ على حاله لا يضره إلا إذا تغير بشيء يخرجه عن اسم الماء حتى يجعله شيئاً آخر كاللبن إذا جعل عليه لبن حتى تغير صار لبناً أو صار شاهي أو صار مرقاً خرج عن اسم الماء فهذا لا يتوضأ به. أما مادام اسم الماء باقياً وإنما وقع فيه شيء من المطهرات أو من التراب أو من التبن أو من غير ذلك فهذا لا يضره. أما النجاسات فإنها تفسده إذا تغير بالنجاسة إذا تغير بالنجاسة فسد ، ولا يجوز استعماله. بارك الله فيكم.  
 
8- ورد عن عائشة - رضي الله عنها -، قالت: أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أناوله شيئاً من المسجد، فقلت: إني حائض، فقال: إن حيضتك ليست في يدك). أرجو تفسير هذا الحديث؟ وهل معنى هذا أن الحائض لا تدخل المسجد، ولا تعمل شيئاً؟ أفيدونا أفادكم الله؟.
النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا أحل المسجد لحائض ولا جنب) . والله قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ [(43) سورة النساء]. فاستثنى عابر السبيل من أهل الجنابة، والحائض كذلك ليس لها أن تجلس في المسجد ، ولكن لها أن تعبر ، فالعابرة لا بأس عليها تمر من باب إلى باب أو تدخل تأخذ حاجة من المسجد كخمرة، يعني كحصير أو إناء أو كتاب أو ما أشبه ذلك ، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال لها: ناولني الخمرة. والخمرة مصلى يصلي عليها من الخوص - عليه الصلاة والسلام - ، قالت إنها حائض قال لها: (إن حيضتك ليست في يدك) . فالمعنى أنه ليس هناك مانع من دخولها لأخذ الحاجة فلا بأس، إنما الممنوع جلوسها في المسجد، أما كونها تمر ، تعبر، تأخذ حاجة وتنتهي لا بأس بذلك، فهذا الحديث يدل على ذلك. بارك الله فيكم  
 
9- قرأت في كتاب الحلال والحرام في الإسلام للشيخ: أحمد عساف، ما يلي: نظر المرآة إلى ما ليس بعورة من الرجل، أي ما فوق السرة وتحت الركبة مباح، ما لم تصحبه شهوة أو تخف منه فتنة، واستدل بذلك على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن لعائشة - رضي الله عنها - أن تنظر إلى الحبشة وهم يعلبون بحرابهم في المسجد النبوي، وظلت تنظر إليهم حتى سئمت هي فانصرفت، ويقول صاحب الكتاب: كذلك نظر الرجل إلى ما ليس بعورةٍ من المرأة، أي إلى وجهها وكفيها فهو مباح، ما لم تصحبه شهوة أو تخف منه فتنة، واستدل على ذلك بحديث عائشة - رضي الله عنها - حيث أخبرت أن أسماء دخلت على الرسول - صلى الله عليه وسلم - في لباس رقيق يشف عن جسمها، فأعرض عنها النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: (يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا، وأشار إلى وجهه وكفيه). رواه أحمد ومسلم.. الخ.، وبعد ذلك قال صاحب الكتاب: [إن النظرة البريئة إلى غير عورة من الرجل أو المرأة حلال، ما لم تتخذ صفة التكرار، أو التحديق الذي يصحبه غالباً التلذذ، وخوف الفتنة]. السؤال: ما رأي سماحتكم في مثل هذا الكلام؟ أفيدونا أفادكم الله؟
أما قوله فيما يتعلق بنظر المرأة إلى الرجال من غير شهوة ومن غير تلذذ فيما فوق السرة ودون الركبة فهذا لا حرج فيه؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أذن لعائشة في النظر إلى الحبشة ، ولأن الناس مازالوا يخرجون إلى الأسواق الرجال والنساء ، وهكذا في المساجد تصلي المرأة مع الرجال وتنظر إليهم كل هذا لا حرج فيه إلا إذا كان نظراً خاصاً قد يفضي إلى فتنة أو تلذذ أو شهوة هذا هو الممنوع ، أما إذا كان نظراً عاماً من غير تلذذ ولا شهوة ولا قصد الفتنة ولا خشية الفتنة فلا حرج فيه لما علمت من جواز صلاة المرأة خلف الرجال في المساجد، وخروجها للأسواق لحاجتها ، ونظر عائشة للناس في المسجد وهم يلعبون من الحبشة في المسجد كل هذا من الدلائل على جواز النظر من المرأة للرجال من دون قصد شهوة ولا تلذذ ، وهذا مستثنى من قوله جل وعلا: وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ [(31) سورة النــور]. فالله قال: يغضضن من أبصارهن ما قال : يغضضن أبصارهن من فدل ذلك أن تغض منها، ولا تغضها كلها، لها النظر إلى طريقها إلى ما أمامها إلى الجماعة أمامها لتسمع ما يقال ولتعي ما يقال ولتنظر ما يفعله الإمام أو ما يفعله الناس حتى تقتدي بهن وتنظر أمامها في الأسواق ولو كان أمامها رجال كل هذا لا حرج فيه ، أما إذا كان النظر يفضي إلى الفتنة أو ما التلذذ أو مع تكرار النظر للرجل فهذا هو الذي يمنع منه ، أما نظر الرجل إلى المرأة فهذا لا يجوز ، بل الواجب عليه غض البصر لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما سئل عن نظر الفجأة ، قال: (اصرف بصرك) . وفي اللفظ الآخر قال: (إن لك الأولى وليس لك الثانية). فدل ذلك إلى أن الرجل، لا ؛ لأن الخطر عليه أكبر ، ولأن شهوته أشد ، فالفتنة عليه بهذا النظر عظيمة ، فليس له أن يديم النظر ، وليس له أن يتابع النظر لو صادفها مكشوفة المرأة فعليه غض البصر وعليها أن تحتجب منه وليس لها أن تكشف وجهها ولا رأسها ولا بدنها ، بل عليها أن تستر نفسها وتحتجب ، وعليه أن يغض البصر ومتى صادفها فجأة في شارع أو في باب أو غير ذلك صرف بصره، هذا هو الواجب عليه عملاً بقوله - جل وعلا -: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ [(30) سورة النــور]. وعملاً بالأحاديث الدالة على أن غض البصر أمرٌ لازم من جهة الرجل، حتى قيل يا رسول الله: أرأيت نظر الفجأة؟ قال: (اصرف بصرك). يعني متى فاجئها ولمحها وجب صرف البصر حتى لا يفتن . وأما حديث عائشة في قصة أسماء فهو حديث ضعيف لا يجوز التعلق به فهو حديث رواه أبو داود ما رواه مسلم في الصحيح ، لا ، رواه أبو داود وجماعة لكن ما رواه مسلم في الصحيح ، وله ثلاث علل عند أهل العلم ، معلول بثلاث علل ، إحداها: أن خالد بن دريك الذي رواه عن عائشة لم يسمع منها، فهو منقطع . العلة الثانية: أنه من رواية سعيد بن بشير، وهو ضعيف الرواية لا يحتج به. والعلة الثالثة : أنه من رواية قتادة عن خالد ، وقتادة مدلس وقد عنعن ولم يصرح بالسماع ، والمدلس إذا عنعن لا يحتج به حتى يصرح بالسماع. فهذه ثلاث علل تدل على عدم صحة الحديث وأنه حديث واهي لا تقوم به الحجة ولا يتعلق عليه ، ثم لو صح لكان محمولاً على ما كان قبل الحجاب ، لو صح لكان هذا قبل الحجاب ، أما بعد الحجاب فقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحجاب ، وأمر الله بالحجاب - سبحانه وتعالى - في قوله: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [(53) سورة الأحزاب]. وهذه آية الحجاب. وهكذا قوله سبحانه: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ [(31) سورة النــور]. الآية. والوجه من أعظم الزينة ، فعرفت بهذا أن الحديث حديث أسماء لا حجة فيه لضعفه ، وأنه لو صح على سبيل الفرض لكان محمولاً على ما قبل الحجاب ؛ لأن آية الحجاب صريحة في المنع وما جاء في معناها. بارك الله فيكم.  
 
10- بدأت أصلي وقد بلغت الحادية والعشرين من عمري، واستمريت بأداء الصلاة والحمد لله، لكن ما الحكم فيما قبل الواحدة والعشرين من العمر، هل أقضيها أم ماذا أفعل؟ أفيدونا أفادكم الله؟
تكفي التوبة ، متى منَّ الله عليك بالتوبة فالحمد لله ، التوبة كافية ، وليس عليك قضاء ما مضى ، هذا هو الصواب من قولي العلماء أن الكافر إذا أسلم ثم ارتد فإنه لا يقضي إذا عاد إلى الإسلام ، فلو كان مثلاً أسلم في عام ألفٍ وأربعمائة ثم ارتد في عام ألف وأربعمائة واثنين ثم هداه الله بعد ذلك فإنه لا يقضي ما تركه في السنتين . فالحاصل أن ما مضى قبل توبتك وأدائك الصلاة معفوٌ عنه بالتوبة الصادقة ، متى تبت إلى الله توبةً نصوحاً فإن الله يمحو عنك ما مضى، وليس عليك إعادة؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما أمر المرتدين أن يعيدوا ما مضى ، من رجع إلى الإسلام لم يؤمر بقضاء ما ترك. وهكذا الصحابة لم يأمروا المرتدين أن يقضوا ما فات من صلوات وغيرها. بارك الله فيكم.  
 
11- هل يجوز إفشاء السلام على المسيحي؟ أفيدونا أفادكم الله؟
المسيحي لا يبدأ بالسلام ، وهكذا بقية الكفرة ؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام) . ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم) . فإذا كان اليهود والنصارى لا يبدءون فالكفار الآخرون كذلك من باب أولى ؛ لأن الوثني أكفر من اليهود والنصارى ، فلا يبدأ اليهودي ولا النصراني ولا البوذي ولا الوثني ولا غيرهم ، لكن إذا بدءوا يقال : وعليكم. بارك الله فيكم.  
 
12- هل يلزم المأذون إذا جاءه شخص يريد أن يطلق امرأته أن يرده ثلاث مرات أم أكثر؟ أفيدونا أفادكم الله؟.
لا يلزمه أن يرده، بل ينصحه يقول له: لا تعجل في الطلاق، يا أخي لعلك تتأخر ، لعلك تفكر ، لعلك تنظر ، يعينه على نفسه ، ويشير عليه وينصحه ، إذا صمم الزوج وقال لا أنا عازم وأنا أريد الطلاق فلا مانع من كتابة الطلاق ؛ لأنه لا يلزمه أن يرجع ، قد يكون نفذ صبره ، يعني قد عرف المصلحة في الطلاق . فالحاصل أنه ينصح أن لا يستعجل ، ويشار عليه من المأذون وغير المأذون ، ينصحه بأن لا يعجل لعله يندم ، لعله يرجع عن رأيه ، فإذا صمم وقال لا ، فلا مانع من أن يكتب الحاكم طلاقه، أو المأذون ، أو غيرهم ، لكن لا يطلق إلا واحدة ، يخبر أنه لا ينبغي الطلاق إلا واحدة ، لا يطلق بالثلاث ، يطلق واحدة فقط هذا السنة ، حتى لو أراد الرجوع رجع في العدة وبعدها. بارك الله فيكم.  
 
13- أثناء السجود في الصلاة هل يقدم المصلي ركبتيه أم يديه؟ أفيدونا أفادكم الله؟
هذا فيه خلاف بين العلماء ، وفيه أحاديث ظاهرة التعارض ، والأرجح الذي نفتي به هو أنه يقدم ركبتيه ثم يديه ثم جبهته وأنفه هذا السنة ، وفي الرفع يبدأ بوجهه ثم يديه ثم ركبتيه ؛ لحديث وائل ابن حجر وما جاء في معناه ، وأما حديث أبي هريرة الذي فيه تقديم اليدين فهو حديث فيه نظر من جهة المتن ، وقد قال بعض أهل العلم : أنه منقلب ، وأن الصواب فيه : أن يضع ركبتيه قبل يديه. ويرشد إلى هذا أول الحديث لأن في أول الحديث أن الرسول نهى عن بروك كبروك البعير، وبروك البعير يقدم يديه ، هذا بروكه. فالحاصل أن الأرجح والأقرب والأظهر هو تقديم الركبتين ثم اليدين ثم الجبهة والأنف. ومن ترجح عنده القول الثاني وعمل به فلا حرج ، لكن هذا هو الأولى عندنا ، وهو الذي نفتي به أنه يقدم ركبتيه مع القدرة ثم يديه ثم جبهته وأنفه ، وعند النهوض ينهض أولاً برأسه ثم يديه ثم ركبتيه ، وإذا احتاج إلى أن يقدم يديه لعجزه، لكبر سنه، لمرضه فلا بأس. بارك الله فيكم.  
 
14- قتل أخي في المعركة، وعندما كان على قيد الحياة كان يصلي صلاته المفروضة عليه، ولم يترك ولله الحمد الصلاة في يوم من الأيام، ولكن بعد موته قال لنا أناس كثير: صلوا له كل يوم ركعتين هدية له يصل ثوابها إليه، ونحن الآن نفعل ذلك، ونقرأ له من القرآن كي يصل إليه ثوابه، أفيدونا ما حكم هذا العمل؟ بارك الله فيكم.
ليس على هذا دليل ، فلم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن الصحابة أنهم كانوا يصلوا لأمواتهم ، ولا يقرءوا لأمواتهم ، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى جواز هذا ، لكن الصواب أنه لا يشرع ؛ لأن الشرع يرجع فيه إلى النص إلى النقل عن الله وعن رسوله ، فلم ينقل لنا عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا عن الصحابة أنهم فعلوا هذا ، أنهم صلوا لأمواتهم المسلمين أو قرءوا لهم ، فالأفضل ترك ذلك والأولى ترك ذلك ، لكن الدعاء له ، يدعى له بالمغفرة والرحمة ، ويتصدق عنه بالمال، ويحج عنه، يعتمر عنه كل هذا طيب، أما كونه يصلى له ركعتين أو أكثر، أو يقرأ له القرآن فالأولى ترك ذلك. بارك الله فيكم.   
 
15- سمعت أن للأولياء منزلةً عند الله - عز وجل -، فإذا طلب الإنسان حاجةً وتقرب إلى الله بهم يستجاب له، وتأكدت من هذه الحالة بنفسي وذلك عندما أصبت في يوم من الأيام في موقف حرج وتقربت بأحد منهم إلى الله استجاب الله لي ، فهل يجوز لي أن أتقرب بهم إلى الله ، واهدي لهم النذور ، أفيدوني أفادكم الله ، وما جوابكم على ما حصل لي؟
هذا فيه التفصيل ، أولياء الله لهم منزلة عند الله، ولهم فضل ، ولهم مقام عظيم ، قال تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ [سورة يونس(62)(63)]. هؤلاء هم أولياء الله: أهل الإيمان والتقوى ، الذين عبدوا الله ، واستقاموا على دينه، وعظموا أمره ونهيه وانقادوا لشريعته ، وهم الرسل وأتباعهم ، لهم مقام عند الله عظيم. أما سؤالهم والاستغاثة بهم والنذر لهم فهذا منكر ، هذا من الشرك ، فلا يجوز دعاؤهم ، ولا سؤالهم ، ولا التقرب إليهم بالنذور ولا بالذبائح، بل هذا حق الله ، هذه عبادة الله ، قال سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ [(5) سورة البينة. وقال عز وجل: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [(5) سورة الفاتحة]. وقال سبحانه: فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [(14) سورة غافر]. وقال: فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [(18) سورة الجن]. فالواجب إخلاص العبادة لله وحده ، فلا ينذر إلا له، ولا يستغاث إلا به ، ولا يتوكل إلا عليه ، ولا يتقرب بالنذور والذبائح إلا له - سبحانه وتعالى-، لا للأموات من الرسل ، ولا من المؤمنين ، ولا من غيرهم ، ولا للأصنام ولا للأشجار والأحجار ، بل العبادة حق الله وحده. أما كونكِ دعوت أحد الأولياء، وطلبت منه بعض الحاجة ، وتوسلت إلى الله ببعضهم ، فهذا فيه التفصيل : أما كونه قضيت حاجتك فقد يكون هذا من باب الابتلاء والامتحان ، صادف القدر ، وهذا امتحان لك وابتلاء ، فقد تنتبهين للأمر وقد لا تنتبهين. أما التوسل بهم بجاههم وبمحبتهم فهذا فيه تفصيل : أما الجاه فلا يشرع ، أسألك بجاه فلان، أو بحق فلان هذا غير مشروع ، هذا بدعة. أما التوسل بحبهم ، بحب أهل الإيمان ، فهذا طاعة لله، حبهم حق ، فإذا قال المؤمن أو المؤمنة: اللهم إني أسألك بحبي لأوليائك ولرسلك وإيماني بهم فهذا لا بأس ، وأما دعائهم فلا يجوز ، فلو قال : يا سيدي يا رسول الله أغثني ، أو : يا أبا بكر أغثني ، أو : يا عمر أغثني ، أو اشفني ، فصادف أنه شفي من مرضه فليس هذا من أجل هذا الدعاء ، بل هذا وافق القدر الذي قدره الله أنه يشفى فقد يظن هذا المريض أنه بأسباب دعاءه، أو هذه المريضة وهذا ليس بسبب ذلك، لكن صادف القدر وكان بلاءً وامتحاناً، فالواجب الانتباه، وأن ينتبه المؤمن والمسلم لهذا الأمر، ولا يظن أن الولي هو الذي شفاه، بل الله الذي يشفي سبحانه وتعالى، كما قال عن خليله إبراهيم: وإذا مرضت فهو يشفين. هو الذي يشفي جل وعلا، وهو الذي يقضي الحاجات لعباده لأن يكتب لهم الشفاء، وهداهم العلم . إلى غير ذلك، أما المخلوق الحي الحاضر القادر تطلب منه حاجة يقدر عليها، هذا لا بأس، ليس من الشرك، تقول لأخيك أو لصديقك أعني على كذا بكذا وكذا، أقرضني كذا وكذا، ساعدني على تعمير بيتي على إصلاح سيارتي، هذا لا بأس، أما دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والنذر لهم أو للأصنام أو للكواكب أو ما أشبه ذلك، فهذا هو الشرك الأكبر، الأولياء يحبوا في الله لكن لا يدعون مع الله، هذا هو الواجب على أهل الإسلام، أن يحبوهم في الله، ويعرف لهم قدرهم، لكن لا يدعونهم مع الله ولا يستغيثون بهم، ولا ينذرون لهم، ولكن يتقربون لهم بالذبائح، هذا هو الشرك الأكبر، سواءً مع الأولياء من الرسل أو من المؤمنين أو مع غيرهم من الطواغيت، لا يدعون مع الله ولا يستغاث بهم، فالواجب التنبه لهذا الأمر، وأن تحذري هذا الشرك وأن تعبدي الله وحده بدعائك واستغاثتك ونذرك وغير هذا، كله لله وحده سبحانه وتعالى.

380 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply