حلقة 261: حكم من سلط غنمه على مزرعة غيره - حكم من لم يستطع العدل بين زوجتيه - حكم الطعام إذا قدم عند الإقامة - معرفة الواقع لا تناقض ثبات الدين - إسقاط النفقة على إحدى الزوجات - النفقة على الأولاد - آذيت وآنيت

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

11 / 50 محاضرة

حلقة 261: حكم من سلط غنمه على مزرعة غيره - حكم من لم يستطع العدل بين زوجتيه - حكم الطعام إذا قدم عند الإقامة - معرفة الواقع لا تناقض ثبات الدين - إسقاط النفقة على إحدى الزوجات - النفقة على الأولاد - آذيت وآنيت

1- مشكلتي يا فضيلة الشيخ قبل حضوري إلى المملكة كنت أملك غنم في السودان، وفي يوم من الأيام حصل بيني وبين أحد المزارعين خلاف، وعليه حضرت ليلاً إلى المزرعة، وإلى زرع هذا الرجل المذكور بغنمي وأتلفت الزرع عن بكرة أبيه، وهربت ليلاً من ذلك المكان، وكان ذلك قبل ما يقارب من عشر سنوات أو ثلاثة عشر سنة تقريباً، واعترفت بذلك يا فضيلة الشيخ في كل ما فعلت في ذلك الوقت كان عمداً وبقصدٍ مني، ولكن بعد أن منّ الله علي بالهداية ندمت ندماً شديداً لا يعلم به إلا الله عز وجل، واستغفرت الله كثيراً على ما ارتكبت من جرم في حق هذا الرجل، والآن يا سماحة الشيخ أود أن أكفر عن ما فعلت، أنا في انتظار فتواكم، مع العلم بأن هذا الشخص المذكور توفي؟ فأرجو الإفادة حول سؤالي.

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: الواجب عليك يا أخي التوبة إلى الله جل وعلا، لأن هذه جريمة وظلم فالواجب عليك التوبة إلى الله - سبحانه وتعالى – توبة صادقة بالندم على ما مضى منك، والإقلاع والعزم أن لا تعود في مثل هذه الأمور، وعليك أن تغرم له ما أتلفت عليه من قيمته، عليك أن تغرم لورثته قيمته، تعطيهم القيمة وافية مع سؤال الله جل وعلا العفو والتوبة - سبحانه وتعالى -، وهذا منكرٌ عظيم وظلمٌ عظيم فعليك أن تحتاط في معرفة القيمة وتعطيهم قيمة ما أتلفت عليهم، ومع التوبة يغفر الله عما سلف، والحمد لله.  
 
2- متزوج من زوجتين، الأولى تزوجتها دون أن أراها الرؤية الشرعية، وفوجئت بأنها غير جميلة ومريضة لا يرجى شفاؤها، وأيضاً مضى على زواجي منها تسعة أعوام، وأنا أعاني نشوزاً وإعراضاً منها، وبالإضافة إلى أنها غير طبيعية، ولا تفهم أمور الحياة وأبقيتها على ذمتي رحمةً بحالها المريضة وعقلها المتخلف، وكذلك عطفاً على أولادي منها، وهم أربعة أبناء، وزوجتي الأخرى عكس ذلك، ولم أستطع العدل بينهما؛ لكراهيتي لزوجتي الأولى، وحالتي النفسية تزداد سوءاً كل يوم، وتردد في كثيرٍ من الأحوال، وأيضاً فقد ترددت في طلاقها، وهي تعلم بذلك، والآن اشتدت حالتي النفسية سوءاً، فهل أطلقها، ماذا أعمل يا سماحة الشيخ؟
الواجب عليك أن تعمل الأصلح، إن كنت تستطيع العدل والقيام بالواجب في حق الزوجتين فالحمد لله، اجتهد واصبر وصابر واتق الله أما إن كنت لا تستطيع فعليك أن تطلقها طلقة واحدة، وقد صبرت عليها كثيراً، فالمقصود أنك تنظر الأصلح في موضوعها وموضوع الأخرى، فإن استطعت الصبر عليها كما صبرت عليها المدة الطويلة فاصبر ولعل الله أن يهديها وأن يصلح حالها، وإن طلقتها فطلقها طلقة واحدة ولا حرج والحمد لله، وقد صبرت كثيراً، وإن رأيت الأصلح أن تبقيها وتصبر على أذاها وعلى نقصها فهذا لا حرج عليك فيه. 
 
3- سماحة الشيخ: ورد عن النبي- صلى الله عليه وسلم- عدة أحاديث تفيد بتقديم الطعام على الصلاة، منها على سبيل الذكر لا الحصر: ما رواه الشيخان عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: إذا قُدِّم العشاء فابدؤا به قبل أن تصلوا المغرب، وكذلك ما رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا صلاة بحضرة طعام، ولا هو يدافعه الأخبثان. وكذلك ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ، والسؤال يا سماحة الشيخ: في حالة كوني صائماً ودخلت المسجد حين الأذان، هل أصلي تحية المسجد، أم أذهب لتناول الفطور، علماً بأن فطوري داخل المسجد؟ أفتونا في ذلك مأجورين.
أما ما يتعلق بمدافعة الحدث وما يتعلق بالبُداءة بالصلاة بالطعام، فهذا هو السنة لأنه يتفرغ للصلاة حتى يصليها بخشوع، فلا صلاة بحضرة طعام، والحديث الآخر: (إذا حضر الطعام وحضر الصلاة فابدءوا بالعشاء)، والحديث الآخر: (إذا حضر العشاء وحضرت المغرب فابدؤوا به قبل أن تصلوا المغرب)، يبدأ بالعشاء حتى يستريح، يطمئن قلبه، حتى يؤدي الصلاة بخشوع وطمأنينة لا يصلي وقلبه مشغولٌ بالطعام أو بمدافعة الأحدثين، هذا هو الواجب عليه، هذا هو المشروع للمؤمن والأحاديث في هذا صريحة، (لا صلاة بحضرة طعام ولا هو يدافعه الأخبثان)، وكذلك الأمر بالعشاء قبل أن يصلي لأنه بهذا يطمأن، أما إذا دخل المسجد على أذان المغرب فإنه يبدأ بتحية المسجد ولو صائم، يبدأ بالركعتين ثم يفطر والحمد لله، لأن المدة قليلة، دقيقتين ثلاث والحمد لله، الرسول - صلى الله عليه وسلم-: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)، وفي اللفظ الآخر: (ليركع ركعتين قبل أن يجلس)، يبدأ بالركعتين إذا كان على طهارة ثم يجلس، والحمد لله.  
 
4- لا بد من العالِم أن يكون عنده فقه بالواقع لكي يفتي، والحقيقة يا سماحة الشيخ بأنه أصبح عندي تناقض؛ لأن الدين ثابت على مر الأزمان، لأنه دينٌ سماوي من رب العالمين، فهل هذا الكلام صحيح شرعاً؟ وجهونا في ضوء هذا السؤال،
هذا فيه تفصيل فالواجب على المفتي أن يعرف موضع الفتوى، ولا يفتي إلا على بصيرة حتى يُطَبِّق الحكم على الواقع، وهكذا شأن العلماء أنهم لا يفتون إلا إذا عرفوا الواقع، فإذا سأله سائل عن الطلاق يستفصل كيف الطلاق؟ هل وقع الطلاق طلقة أو طلقتين وكيف حال المرأة هل كانت في حيض أو نفاس، يستفصل حتى يطبق أحكام الله كما شرع الله، لا بد أن يكون عنده بصيرة، وإذا فعل إنسان قال: إنسان قتل آخر، يسأل كيف قتله؟ قصاص، أو دفاعاً عن نفسه حين صال عليه، كيف انقتل، إن كان دفاعاً عن نفسه، قد صال عليه ودافع فلم يستطع السلامة إلا بدفعه عنه ما يضمنه لأن الصائل يدفع بالأسهل فالأسهل، إن كان قتله في حد مع القاتلين، مثل الزاني فأمر ولي الأمر بإقامة الحد عليه، فقتله مع الناس ورجمه مع الناس، هذا معذور، مسموح ما عليش، رجمه مع الناس لإقامة الحد. سُأِل عن النفقة، كيف النفقة على الزوجة والأولاد؟ يسأل، كم عدد الأولاد؟ وأيش عادة البلاد حتى يخبرهم بالنفقة الواجبة، ينفق عليها النفقة المعروفة، بالمعروف حتى يعطيهم الحجة واضحة والفتوى واضحة، يعتمد على الدليل ويستفصل حتى تكون الفتوى في محلها، كذلك السلم إذا أراد أن يسلم في شيء يسأل، فلا بد يكون مضبوط السلم، إن كان في طعام يكون بكيل معلوم، وشيء مضبوط، حب، رز، شعير يكون مضبوط، يفهم الواقع أيش هو. سأل عن قصاص مثلاً، القصاص في اليد، القصاص في الرجل، محل القصاص، القصاص في الأصبع، قصاص في الشج في الرأس، يعني يبين كيف القصاص على ما بين أهل العلم، يوضح لهم حتى تكون الفتوى طبق الواقع، وهكذا العلماء أن يفهموا الواقع هذا تحصيل حاصل، المفتي هكذا يكون، من عهد الصحابة إلى يومنا هذا، المفتي لابد يعرف موضع الفتوى، ويكون على بصيرة من الفتوى، حتى لا تقع الفتوى في غير محلها، لا يتسرع في الفتوى على غير بصيرة، لا بد أن يعرف السؤال، ويكون على بصيرة بالسؤال ومحل السؤال حتى تكون الفتوى مطابقة للواقع.  
 
5- أبي تزوج بامرأة غير أمي، وذلك منذ عشر سنوات، وهو الآن لا يراها، ولا ينفق عليها ولا علينا، فما الواجب علينا تجاهه، وبماذا تنصحوننا؟ مأجورين.
إذا كانت راضية ومسامحة لا شيء عليه، إذا سمحت أمك أنها تبقى في عصمته ولا ينفق ولا يراها فلا بأس، الرسول - صلى الله عليه وسلم- أراد أن يطلق سودة، فقالت: يا رسول الله أبقني في حبالك وحقي ساقط، ويومي لعائشة، فوافق النبي - صلى الله عليه وسلم- وبقت في حباله، ولا يأتيها ولا ينظر إليها ولا ينفق عليها، فإذا سمحت أمك أو رضيت عنه فلا حرج، أما إذا قالت :لا أنا معارضة، أنفق أو طلق، يلزمه الطلاق، يلزمه أن يطلق طلقةً واحدة، أما إذا كانت راضية وقالت: أنا صابرة وأبغى عند عيالي وأنت مسامح ولا تجيني ولا تنفق أنا أصرف نفسي فلا حرج والحمد لله، أما إذا كانت تقول: لا، إما اعدل أو طلق، يلزمه العدل أو الطلاق هذا الواجب. 
 
6- بالإضافة إلى هجره لأمنا فهو يعاملنا بقسوة، ولا يعطينا شيئاً، علماً بأنه يملك الكثير من الأموال، مما أحدث في قلوبنا شيء من الكراهية له، فبماذا توجهونه؟
الواجب عليه أن ينفق على أبنائه إذا كانوا فقراء، الواجب عليه أن ينفق عليهم وأن يعاملهم باللطف والإحسان والخلق الحسن، والواجب على أولاده أيضاً أن يعرفوا قدره وأن يبروه وأن يخاطبوه بالتي هي أحسن وإذا دعت الحاجة إلى أن يرفعوا الأمر إلى المحكمة فلا بأس، يقولون: والدنا ونحن فقراء ولم ينفق علينا، يرفعون أمره إلى المحكمة، وإذا توسط لهم بعض الطيبين من الجيران والأقارب لدى الوالد حتى ينفق فهذا أحسن من المحكمة، أحسن من الخصومة، وصيتي للأولاد الرفق والبر بالوالد والكلام الطيب مع الوالد ووصيتي للوالد أن يتقي الله وأن ينفق على أولاده المحتاجين، وأن لا يحوجهم إلى الشكوى إلى المحكمة، أو إلى توسط للناس، يجب أن يعدل من نفسه وأن يعرف ما أوجب الله عليه، وأن ينفق عليهم ما داموا فقراء، وأن يحسن إليهم وأن لا يحوجهم إلى شكوى ولا إلى غيرها، وعلى الولد، الأولاد جميعاً أن يجتهدوا في بر والدهم والكلام الطيب معه ومخاطبته بالتي هي أحسن، وإذا دعت الحاجة إلى أن يطلبوا من أعمامهم أو من بعض جيرانهم أو أصدقاء والدهم أن يتوسطوا لدى والدهم بالإحسان إليهم وإيتاء حقهم بدلاً من الشكوى فهذا أطيب وأحسن. 
 
7- سماحة الشيخ: حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه، وهو قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه)، ما المقصود بالنداء -جزاكم الله خيراً- الوارد في الحديث؟
النداء هو الأذان، لو يعلموا ما فيه من الفضل لاستهموا عليه، لاقترعوا، يعني كل واحد يقول: أنا الذي سؤأذن، دعوني أُأَذن لما فيه من الفضل العظيم، لأنه ينادي الناس بتوحيد الله وتعظيمه وتكبيره ويدعو إلى الصلاة، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (أطول الناس أعناقاً يوم القيامة المؤذنون)، فهم يشهدون لله بالوحدانية ولنبيه بالرسالة، ويدعون الناس إلى الصلاة والفلاح، فهو ذكرٌ عظيم على رؤوس الأشهاد، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (لا يسمع مدى صوت المؤذن شجرٌ ولا حجرٌ ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة)، فضلٌ عظيم فلو أن الناس ... هذا الفضل واستحضروه لاقترعوا، يعني كل واحد يقول: أنا الذي أأذن حتى يحتاجوا إلى القرعة، حتى يؤذن من خرج له القرعة من شدة الرغبة، لكن عند أكثر الخلق ما عنده بصيرة ولا يحرص على الفضائل لكن لو أن الناس عرفوا هذا الفضل وتأكدوه وصارت عندهم الرغبة في الخير لاستهموا على الأذان. ألا يدخل في ذلك سماحة الشيخ إجابة النداء وهو الذهاب إلى المصلى والتبكير ألا يدخل في الأفضلية أيضاً؟ هذا من باب المسارعة إلى الصلاة والمسابقة إليها، مثل قوله جل وعلا: (سابقوا إلى مغفرة من ربكم)، وسارعوا، فاستبقوا الخيرات، لكن (لو يعلمون ما في النداء والصف الأول)، هذا مقصوده النداء يسعى إلى النداء، أما الصف الأول فتكون مسارعة إلى الصلاة حتى يكونوا في الصف الأول، يعني يبكر حتى يكون بالصف الأول، أما إذا تأخر، قد لا يحصل إلا على الصف الثاني أو الثالث إذا كان المسجد كبير فيه ناسٍ كثير، لكن ما يتعلق بالأذان معناه أنهم يتنافسون فيه، حتى كل واحد يقول: دعوني أنا الذي أأذن وقد يحتاجون إلى القرعة.   
 
8- يوجد رجل كبير في السن ومصاب بشلل نصفي، وهو يحرص على الصلاة في المسجد مع الجماعة، ويجلس على كرسي، ويضع أمامه بعض الأشياء المرتفعة عن سطح الأرض؛ ليتمكن وجهه من ملامستها أثناء السجود، فهل هذا صحيح، أم أنه يكتفي بأن يكون السجود أخفض من الركوع مع عدم وجوب ملامسة الوجه؟
لا يحتاج، يومئ إيماء مثل ما جاء في الحديث، حديث مرفوع وموقوف،أن جابر رأى رجلاً يصلي على وسادة، فأمر برفع الوسادة وأن يومئ بركوعه وسجوده، ولا حاجة إلى وسادة يرفعها، بل يركع في الهواء ويسجد في الهواء ويخفض سجوده عن الركوع ويكفي، لكن لو سجد على شيء رفعه وسجد عنه فلا حرج، لكن الأفضل أن يكون بالإيماء، إذا شق عليه السجود يسجد في الهواء بخفضه عن الركوع، هذا هو السنة لمن عجز عن السجود، ولا حاجة إلى وسائد ولا كرسي ولا شيء يسجد عليه.  
 
9- ما حكم خروج المرأة المحادة على زوجها ليلاً أو نهاراً، إذا كان يوجد مناسبة لاجتماع الأقارب، كأيام الأعياد، ومناسبات الزواج، وما حكم مقابلة هذه المرأة للرجال؟ جزاكم الله خيراً.
الواجب عليها بقاءها في البيت حتى تكمل العدة، مثل ما قال النبي - صلى الله عليه وسلم- في المتوفى عنها : (امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله)، ولا تخرج في المناسبات، لزيارة الناس، هذا هوا الواجب عليها، ثم الخروج إلى الناس يفضي إلى تعاطيها الزينة وتعاطيها الطيب وهذا محرم، ممنوعة من الطيب والزينة، فعليها أن تلبس ملابس عادية ليس فيها زينة، وعليها أن تجتنب الطيب والحلي والكحل والحنى، هذا الخروج للمناسبات والزواجات يفضي إلى الحلي والطيب، والمقصود ليس لها الخروج إلا للحاجة، مثل الخروج لحاجاتها من السوق، تجلب حاجة من السوق، تذهب إلى المستشفى عند الحاجة، إلى المحكمة عند الحاجة، لا بأس. 
 
10- رجل يأتي متأخراً إلى الصلاة ويريد أن يدخل في الصف الأول، ويفرق بين الجالسين في الصف الأول ليفسحوا له فرجة، هل يجوز له هذا؟
المشروع أن ينتهي حيث انتهت الصفوف لا يزاحم الناس، فإذا كان الصف الأول انتهى فالصف الثاني، الصف الثاني انتهى فالصف الثالث وهكذا، إلا إذا وجد فرجة ما سدوها هم اللي أخلُّوا يذهب إليها، أما إذا كان ما في فرجة إنما يزاحمهم ويقول تفسحوا، لا يروح لهم، يصف في منتهى الصف الذي وجده اثنين ثلاثة أربعة على حسب الحاجة، ولا يزاحم الناس ولا يقطع الصفوف ولا يتخطى رقاب الناس، إلا إذا كان الصف الأول ما تم وصفوا في الثاني يروح في الصف الأول يكمله، أو تركوا فُرَجْ وهو ذهب إلى فُرْجة يسدها فلا بأس، لأنهم هم الذين قصروا. 
 
11- لدينا أناسٌ يعظمون القبور، ويرجون من أهلها النفع والضر، هل يكون هؤلاء كفار مع أنهم يصلون ويقومون بباقي العبادات؟ وجهونا في ضوء هذا السؤال سماحة الشيخ.
التعلق بالقبور ورجاء نفعها ودفع الضراء منها بدعائها أو التمسح بها أو الاستغاثة بها أو الطواف هذا كله كفرٌ أكبر، هذا شرك المشركين، هذا ضلال الأولين، فلا يجوز التعلق بالقبور، لا بقبور الصالحين ولا بقبور الأنبياء ولا غيرهم، فالذين يتعلقوا بها يطوفوا بها يرجون نفعها أو يستغيثوا بأهلها أو ينذروا لهم أو يتمسحوا بقبورهم، يرجوا منهم النفع، أو يستعين بهم، أو يذبح لهم أو يسجد لهم كل هذا من الكفر، بإجماع أهل السنة والجماعة، بإجماع أهل العلم، وهذا شرك المشركين الأولين، الله يقول جل وعلا: وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117) سورة المؤمنون، سماهم كفار، وقال جل وعلا: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18) سورة الجن، وقال - سبحانه -: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ(13-14) سورة فاطر، فسمى دعاءهم شرك، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: (الدعاء هو العبادة)، فالذي يدعوهم قد عبدهم، فإذا قال: يا سيدي انصرني أو اشف مريضي، أو اشفع لي أو أنا في جوارك، أو أنا في حسبك، أو قال: أنا متوكل عليك، أنا أرجوك أنا أخافك، هذا شرك أكبر، هذا ما يفعل إلا مع الله - عز وجل -، يخاطب الله: يا رب انصرني، اشف مريضي، أنا أخافك. ما يفعل إلا مع الله - سبحانه وتعالى-، أما مع المخلوق؛ هذا شرك أكبر، أو مع النجوم، أو مع الجن، أو مع الأصنام؛ هذا كله كفرٌ أكبر، هذا شرك المشركين، وهكذا ما يفعله عباد الحسين، أو عباد الشيخ عبد القادر الجيلاني أو غيرهما، أو عباد العيدروس أو الست زينب أو غير ذلك، كل هذا كفرٌ أكبر، وإذا دعاه؛ دعا العيدروس أو الحسين أو الحسن أو استغاث بعلي - رضي الله عنه -، أو بالنبي - صلى الله عليه وسلم- أو استعان به، أو قال: يا رسول الله انصرني، أو اشفع لي، أو اشف مريضي، أو ثبتني على الدين، كل هذا كفرٌ أكبر، الشفاعة تطلب منه يوم القيامة بعد البعث والنشور، وفي حياته قبل الموت يقال: اشفع لي يا رسول الله، لا بأس، أما بعد الموت لا، لا يطلب منه لا شفاعة ولا غيرها، حين كان حياً يقول الصحابي يا رسول الله: اشفع لنا، استغث لنا، لا بأس، لأنه قادر، وهو يوم القيامة كذلك، بعدما يبعث الله الناس وعند شدة الهول يذهب المؤمنون إلى آدم يقولون: اشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من كرب الموقف، يقض بيننا، فيتعذر آدم ويحيلهم إلى نوح، يتعذر نوح يحيلهم إلى إبراهيم، يتعذر إبراهيم يحيلهم إلى موسى، فيتعذر موسى ويحيلهم إلى عيسى، فيتعذر عيسى ويقول: اذهبوا إلى محمد عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال صلى الله عليه وسلم: فيأتوني، يأتيه الناس، فأقول: أنا لها، أنا لها، ثم يذهب عليه الصلاة والسلام فيسجد بين يدي الله تحت العرش، ويحمد الله بمحامد يفتحها عليه، يثني عليه كثيراً، حتى يقال: يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع وسل تعطه واشفع تشفع، ما يشفع إلا بعد الإذن، لأن الله يقول: من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه، فإذا أذن له شفع في الناس يقضى بينهم، وشفع لأهل الجنة يدخلون الجنة، ويشفع في أناس من العصاة دخلوا النار أن يخرجوا منها، شفاعته كثيرة عليه الصلاة والسلام، وهذا ... يشفع المؤمنون في العصاة، تشفع الملائكة، يشفع الأفراط، فهذا جاءت به النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم.

575 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply