حلقة 272: تفسير قوله تعالى على شفا جرف هار - البكاء على الميت - تفسير قوله تعالى أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت - تفسير قوله تعالى وصل عليهم ان صلاتك سكن لهم - الصلاة والصيام عن الميت - الحكمة من التوضأ من أكل لحم الجزور

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

22 / 50 محاضرة

حلقة 272: تفسير قوله تعالى على شفا جرف هار - البكاء على الميت - تفسير قوله تعالى أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت - تفسير قوله تعالى وصل عليهم ان صلاتك سكن لهم - الصلاة والصيام عن الميت - الحكمة من التوضأ من أكل لحم الجزور

1- يستفسر عن معنى قوله تعالى:(( عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ))[التوبة:109] يقول: ما هو الذي ينهار به في هذا الجرف؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فهذه الآية يفسرها ما قبلها، يقول جل وعلا: وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفَنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (107)-(109) سورة التوبة، يبين - سبحانه وتعالى- أن ما فعله المنافقون من تعمير مسجد الضرار، كان المنافقون بنوا بيتاً سموه مسجداً، وقالوا إنه لذوي الحاجة في الليلة الشاتية والمطيرة وكان هذا عند عزمه- صلى الله عليه وسلم- على التوجه إلى تبوك، وطلبوا منه أن يصلي فيه، فقال: (نحن على سفر ولكن إذا رجعنا صلينا فيه إن شاء الله)، فلما رجع ودنى المدينة جاء خبره من السماء أنه مسجد ضرار، وأنه فعله المنافقون مضارة لمسجد قباء، وقال الله له فيه: لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ -وهو مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم- ومسجد قباء – خيرٌ من هذا المسجد الذي أسسوه على البلاء، والفساد والقصد الفاسد، وكانوا يقولون: أنه يأتي أبو عامر الفاسق الذي كان يقال له الراهب، ويريدون أن ينزل فيه ويكون حرباً للرسول- صلى الله عليه وسلم-ولأصحابه، فأطلع الله جل وعلا نبيه على مقصدهم الخبيث ونهاه أن يقوم فيه، لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَثم قال - سبحانه وتعالى -: أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌكمسجد قباء ومسجد النبي - صلى الله عليه وسلم-، لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ثم قال-سبحانه وتعالى: أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يعني كهؤلاء الذين أسسوا هذا البناء، وهو سببٌ لسقوطهم في جهنم، يعني بنيانهم هذا المقصود وعيدهم هم، وإلا البنيان ليس المقصود بالبنيان، المقصود أنهم أسسوا عملهم الخبيث على شفا جرفٍ هار، فإن هذا الذي أسسوه وقصدهم أن يأتي أبو عامر الفاسق ويحارب النبي-صلى الله عليه وسلم- ويحارب المسلمين أن هذا أساسٌ خبيث، أساسٌ باطل، أساس يقود أهله إلى أن يهوي بهم في جهنم نسأل الله العافية.  
 
2- ما حكم البكاء على الميت بعد موته دون شق الجيوب أو التلفظ بالمحرمات، ولكن بكاء الحزن والخشوع، هل يعذب هذا الميت بهذا البكاء في قبره؟ نرجو تفسير ذلك، مأجورين
البكاء الممنوع هو النياحة، رفع الصوت وشق الثوب، ولطم الخدم، هذا هو الممنوع، يقول النبي- صلى الله عليه وسلم-: (ليس منا من لطم الخدود أو شق الجيوب أو دعا بدعوى الجاهلية)، ويقول النبي-صلى الله عليه وسلم-: (أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة)، الصالقة التي ترفع صوتها عند المصيبة، والشاقة تشق ثوبها عند المصيبة، والحالقة تحلق شعرها عند المصيبة، هذا الذي هو ممنوع، أما دمع العينين والبكاء بدمع العين هذا ليس به بأس، يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح لما مات ابنه إبراهيم: (العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون)، ويقول الرسول - صلى الله عليه وسلم-: (إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، وإنما يعذب بهذا أو يرحم) وأشار إلى لسانه عليه الصلاة والسلام. فالمحرم هو رفع الصوت باللسان والنياحة، أما البكاء العادي من دون رفع الصوت فلا بأس به.   
 
3- أستفسر عن الآية الكريمة: (( أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ))[الغاشية:17]؟
المقصود أن الله جل وعلا يحث عباده على النظر في مخلوقاته لما فيها من العبر والدلائل على قدرته العظيمة وأنه رب العالمين، وأنه مستحق للعبادة، ولهذا يقول: (( أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ))، هذه الإبل التي جعلها الله للناس متاعاً يحملون عليها أثقالهم، ويأكلون من لحومها ويشربون من ألبانها وأبوالها، ويوقدون من بعرها، ويستمتعون بجلودها، لهم فيها منافعٌ كثيرة، وعليها وعلى الفلك تحملون، كما قال جل وعلا: وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (5-7) سورة النحل، فهي آية مخلوقٌ عظيم فيه منافع كثيرة، والله يقول: (( أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ))، يعني وما فيها من المنافع العظيمة والعبر في خلقتها وفي منافعها، وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ(19) سورة الغاشية، هذه الجبال العظيمة وما فيها من الآيات والعبر، كلها من آياته العظيمة التي خلقها لعباده ليعتبروا، وهكذا السماء كيف رفعت هذه السماء فوقنا وزينها الله بالنجوم والشمس والقمر، وهكذا الأرض كيف سطحت وسطحها لعباده، فهذه آيات أربع، إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت، وإلى الجبال كيف نصبت، وإلى الأرض كيف سطحت، وهكذا غيرها من البحار والأنهار والأشجار والشمس والقمر واختلاف الليل والنهار، وهذه كلها آيات،:إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ (190) سورة آل عمران. الله المستعان، الله أكبر، الله أكبر.  
 
4- أيضاً تستفسر عن الآية الكريمة: (( وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ))[التوبة:103] تقول: ما المقصود بالصلاة هنا؟
المقصود الدعاء، أن يدعو لهم، خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ (103) سورة التوبة، يعني يأخذ الصدقات منهم ويدعو لهم بالتوفيق والرحمة والخلف الجزيل، هذا معنى صلّ عليهم، يعني يدعو لهم بالبركة، بارك الله لكم، أثابكم الله، تقبل الله منكم، زادكم الله من فضله وما أشباه ذلك.   
 
5- هل يجوز الصلاة والصيام عن الميت؟
إذا صام عنه إذا كان عليه دين، إذا كان عليه رمضان أو نذور يصام عنه، أو كفارات، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه)، يعني قريبه، يعني صومٌ واجب مثل رمضان، مرض ولا صام ثم عافاه الله وتساهل ولا صام ثم مات يصام عنه، أو الحائض كذلك أفطرت في رمضان أو النفساء، ثم ذهب رمضان وتساهلت ثم ماتت قبل أن تقضي يقضى عنها، وهكذا كفارة الظهار، كفارة الجماع في رمضان، كفارة القتل، إذا مات وعليه صام صام عنه وليه، هذا هو المشروع. أما رمضان نفسه إذا كان معذور فلا، مثل أفطر في رمضان مريض، ولكن مات في مرضه ما يقضى عنه شيء، لأنه معذور مات في مرضه، والتطوع لا يتطوع عن أحد،لا يصوم أحد عن أحد تطوعاً، لا يصوم أحد عن تطوعه، إنما يصوم عنه إذا كان عليه واجب، إذا عليه قضاءه فلم يقضه تساهل، فيتسحب لأولياءه من الورثة أن يقضوا عنه، ولو جماعة يتقاطعونه من رمضان، كل واحد يصوم بعض الأيام، أما الكفارة لا، لابد أن يصومها واحد لأنها متتابعة، كفارة القتل شهرين متتابعين، أو كفارة الجماع في رمضان شهرين متتابعين لمن عجز عن الرقبة، أو كفارة القتل لمن عجز عن الرقبة شهران هذه يصومها واحد لأنها متتابعة، يتسحب لأقاربه أن يصوم منهم واحد، فهذه الكفارة المتتابعة.    
 
6- ما الحكمة من أننا نتوضأ إذا أكلنا لحم الجزور عن بقية الأغنام؟
الله أعلم، المشروع عند العلماء أنها تعبدية أمرنا الله بها تعبداً، فعلينا أن نتمثل أمر الله - سبحانه وتعالى - ولو لم نعلم الحكمة، المشهور عند أهل العلم أن هذا تعبد لا نعلم الحكمة فيه، والله جل وعلا هو الحكيم العليم في كل ما يأمر به وينهى عنه - سبحانه وتعالى - وإن لم نعرف الحكمة، فعلينا أن نعمل بما أمرنا جل وعلا وإن لم نعرف الحكمة.   
 
7- هل يحل للرجل المسلم أن يتزوج من امرأة مشركة كتابية، يهودية كانت أو نصرانية؟
يجوز الزواج من اليهودية والنصرانية أهل الكتاب، إذا كانت محصنة عفيفة معروفة بالعفة وحرة، لقول الله جل وعلا في سورة المائدة: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ (5) سورة المائدة، فإذا كانت محصنة عفيفة وتزوجها الرجل العفيف فلا بأس، ولكن كونه يتزوج من المسلمات أولى وأحوط وأبعد عن الشر، كونه يأخذ مسلمة أسلم، لأنها قد تضر أولادها وقد تدعوهم إلى دينها الباطل، فكونه يتزوج مسلمة حنيفية على دين الإسلام أولى من أن يتزوج الكتابية وإن كانت مباحة.  
 
8- هل علي إثم إذا لم أصلِّ الصلاة المكتوبة في المسجد، علماً بأنني لا أسمع النداء إلا بمكبرات الصوت، أي أن المسافة بيني وبين المسجد هي كيلو متر واحد تقريباً، وأنا أجد مشقة في المحافظة على حضور الصلوات الخمس في المسجد؟
الواجب على من سمع النداء أن يجيب المؤذن وأن يصلي مع الجماعة، لقول النبي-صلى الله عليه وسلم-: (من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر)، قيل لابن عباس: ما هو العذر؟ قال: خوفٌ أو مرض. وجاءه رجلٌ أعمى فقال يا رسول الله: ليس لي قائدٌ يقودني إلى المسجد فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي، فقال: (هل تسمع النداء بالصلاة)، قال: نعم، قال: (فأجب)، هذا أعمى ليس له قائد، ومع هذا أمره النبي - صلى الله عليه وسلم- أن يجيب، إذا كان يسمع النداء بالصوت العادي دون مكبرات، أما إذا كان لا يسمع النداء إلا بمكبر فهو معذور، إذا صلّى في بيته أو صلّى مع جيرانه في بيت أحدهم حتى يوجد عندهم مسجد يكون صوت المؤذن يسمعونه بدون مكبر، أما إذا كان لا يسمع إلا بالمكبر فهو بعيد إذا شق عليه الذهاب إليه لكن إن تجشم المشقة وصبر وذهب بالسيارة أو على رجليه هذا خيرٌ عظيم وفضلٌ كبير، لكن لا يلزمه إذا كان في مشقة، إذا كان بعيد لا يسمع صوت المؤذن إلا بالمكبر فهو لا يلزم، لكن إذا تجشم المشقة وصبر وأحب المشاركة في الخير هذا خيرٌ عظيم، في الصحيح أن رجلاً كان بعيداً عن المسجد، كان أبعد الناس إلى المسجد، وكان يأتي إلى المسجد حافياً، مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم- في المدينة في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم-، فقال له بعض الناس: لو اشتريت حماراً تركبه في الرمضاء وفي الليلة الظلماء، فقال الرجل: إني أحب أن يكتب الله لي أثر خطاي ذاهباً وراجعاً، فأخبر النبي-صلى الله عليه وسلم- بذلك، فقال: (إن الله قد جمع له ذلك كله)، جمع له أثر خطاه ذاهباً وراجعاً، وكان بعيداً، لكن صبر على التعب حرصاً على الأجر، لكن من كان لا يتحمل ويشق عليه ذلك، فلا بأس أن يصلي في بيته أو مع جماعةٍ له إن كان عندهم جماعة يصلي في بيت أحدهم، وإن استطاعوا أن يعمروا مسجد وجب عليهم أن يعمروا مسجد ويصلوا فيه فيما بينهم، في حارتهم، لأن بناء المساجد أمرٌ واجب على المسلمين مع القدرة.
 
9- نصلي في البيت أحياناً الصلاة المكتوبة أنا وإخواني ووالدي وإخوتي، ولكننا نصليها كل واحد لوحده، ولا نصليها مع إمامٍ واحد منا على شكل جماعة، هل علينا إثم في ذلك إذا تركنا الجماعة في نفس البيت؟
نعم، لا يجوز لكم ذلك، الواجب أن تصلوا جماعةً، صلاة الجماعة واجبة وأداؤها في المسجد واجب كله هذا، فالواجب عليكم أن تصلوا جماعةً إذا لم يتيسر الصلاة في المسجد وجب أن تصلوا جماعةً، يؤمكم أقرؤكم وأحسنكم، وإن استطعتم أن تذهبوا إلى المسجد وجب عليكم الذهاب إلى المسجد إذا كنتم تسمعون النداء، يجب الذهاب إلى المسجد والصلاة مع المسلمين لما تقدم من الأحاديث، كقوله - صلى الله عليه وسلم-: (من سمع النداء فلم يأتِ فلا صلاة له إلا من عذر)، وقال ابن مسعود - رضي الله عنه -: لقد رأيتنا وما يتخلف عنها -يعني صلاة الجماعة- إلا منافقٌ معلوم النفاق، فالواجب على المؤمن أن يصلي مع الجماعة وأن يحرص على أن يصلي في البيت؛ إلا إذا بَعُد ولا يسمع النداء فلا بأس، ولكن يجتهد بأن يقيم هو جيرانه مسجد حولهم حتى يصلوا فيه، يلزمهم إذا قدروا أن يقيموا مسجد حولهم ويصلوا فيه.  
 
10- هل يجوز مصافحة المرأة الأجنبية الكبيرة في السن والتي لا ترجو نكاحاً؟
لا تجوز مصافحة النساء، النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: (إني لا أصافح النساء)، وقالت عائشة - رضي الله عنها-: (ما مست يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يد امرأة قط ما كان يبايعهن إلا بالكلام)، فلا تجوز مصافحة النساء ولو عجائز، حسماً لمادة الفتنة وحذراً من الشر.  
 
11- هل نزيف الدم من الأنف وبشكل متكرر يبطل الوضوء، حيث إنه ينزف أحياناً خلال الوضوء نفسه، فهل أعيده من جديد؟ أفيدونا سماحة الشيخ.
إذا كان قليلاً يعفى عنه، وإن كثير فالأحوط الإعادة، وأما إن كان قليل يعفى عنه والحمد لله، وفي نقض الوضوء بالرعاف الكثير خلاف بين العلماء فإذا كثر الدم فالأحوط أن تعيد الوضوء، إذا وقف الدم، وأما إن كان قليل تمسحه ويعفى عنه.  
 
12- سمعنا بأن والد ووالدة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ماتوا وهم على ملة قريش، وذكر بأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- استأذن الله ليستغفر لهم فلم يأذن له، فبكى وأبكى من حوله؟ وجهونا في ضوء هذا السؤال.
نعم، النبي -صلى الله عليه وسلم- استأذن أن يستغفر لعمه أبي طالب فلم يأذن له، واستأذن النبي - صلى الله عليه وسلم- لأمه فلم يأذن له، وقال لما سأل عن رجلٍ مات في الجاهلية قال: إنه في النار، فلما رأى ما في وجه الرجل قال: إن أبي وأباك في النار، وهذا محمولٌ عند أهل العلم على أنهم بلغتهم الدعوة، بلغتهم دعوة إبراهيم الذين ماتوا في الجاهلية وبلغتهم دعوة إبراهيم فقد أقيمت عليهم الحجة، إذا ماتوا على الكفر بالله، فهم من أهل النار، أما الذين ما بلغتهم الدعوة ولا عرفوا شيئاً فهذا أمرهم إلى الله، يعتبرون من أهل الفترة وأمرهم إلى الله، يمتحنوا يوم القيامة فمن نجح دخل الجنة، ومن عصى دخل النار، أما من بلغته الدعوة في حياته دعوة إبراهيم قبل ببعث النبي - صلى الله عليه وسلم- فهذا قد قامت عليه الحجة، وعلى هذا يحمل ما جرى في حق أمه وأبيه، كونه استأذن أن يستغفر لأمه فلم يأذن له، وقال في أبيه: إن أبي وأباك في النار، محمولٌ على أنهم بلغتهم الدعوة، وأما أبو طالب فقد بلغته الدعوة، ودعاه ابن أخيه محمد عليه الصلاة والسلام واجتهد ودعاه في مرضه فأبى وأصر على الكفر نعوذ بالله من ذلك، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- عند ذلك: (لأستغفرن لك ما لم أنه عنك)، فأنزل الله في ذلك قوله جل وعلا: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ(113) سورة التوبة، فدل على أن من مات على الكفر بالله فإنه من أصحاب الكفر والعياذ بالله.  
 
13- إذا دخل الشخص إلى المسجد وقال لشخص آخر يقرأ القرآن: السلام عليكم! فهل يرد الذي يقرأ القرآن السلام أم لا يرد؟
الواجب عليه أن يرد، يقطع القراءة ويرد للسلام، أما إذا كان في الصلاة يرد بالإشارة، إشارة بيده، أما إذا كان في قراءة فقط ليس في صلاة فإنه يقطع القراءة ويرد، يقول: وعليكم السلام.  
 
14- أثناء الصلاة إذا تثاءب شخص فهل يضع يده على فمه، وهل تعتبر هذه حركة زائدة في الصلاة؟
لا حرج في ذلك، لأنه مأمور بذلك، إذا تثاءب في الصلاة يضع يده على فيه، ولا يفغر ويجتهد في أن لا يفغر، ولكن يضع يده على فيه؛ لأن الرسول أمر بذلك عليه الصلاة والسلام، وهذا يعم التثاؤب في الصلاة وفي خارج الصلاة.  
 
15- أنا مصري ومقيم في خميس مشيط وإن شاء الله أريد أن أؤدي فريضة الحج هذا العام، أريد أن أعرف من أي مكان يتم الإحرام للحج؟
يتم الإحرام من ميقات الطائف، من ميقات نجد، إذا جئت من طريق الطائف تحرم من السيل وادي قرن، وإن جئت من طريق اليمن تحرم من يلملم ميقات أهل اليمن، هذا هو المشروع؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لما وقت المواقيت الخمسة: ذي الحليفة والجحفة وقرن المنازل ويلملم وذات عرق، قال: (هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة)، فإذا جئت من طريق الطائف تحرم من السيل، من طريق اليمن تحرم من يلملم ميقات أهل اليمن، وإن بدأت من المدينة تحرم من ميقات المدينة.  
 
16- هل يجوز أخذ الزيادة في الخلع على ما آتاها من الصداق، وما الدليل على ما تجيبونه؟
الأفضل أن لا يأخذ الزيادة، هذا هو الأفضل؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم- قال لامرأة ثابت بن قيس: أتدفعين له الحديقة التي أصدقها إياها؟ قالت: نعم، قال: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة، وجاء في بعض الروايات: ولا تزدد، لكن في إسنادها نظر، وقال قومٌ من أهل العلم: أنه يجوز الزيادة، يعمه قوله: فلا جناح عليهما فيما افتدت به، يعم مهرها ويعم ما كان أزيد، لكن الأفضل، الأحوط له والأفضل أن لا يأخذ إلا ما دفع إليها أو أقل، هذا هو الأحوط والأفضل خروجاً من الخلاف.  
 
17- هل يجوز ذبح أكثر من شاة واحدة في الوليمة، وما معنى حرف لو في الحديث : أولم ولو بشاة ، هذا الحديث متفق عليه، هل هي للتكثير أم للتقليل؟
الحديث في أولم ولو بشاة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم- لعبد الرحمن بن عوف وهي للتقليل يعني ولو كانت الوليمة بشاة، هذا يدل على أن الأفضل أكثر شاتين ثلاث أربع حتى يكون الجمع أكثر في الذين يستفيدون من هذا الزواج ومن وليمة الزواج، وحتى يكون إعلانه أظهر، يكون إعلانه أكثر وأظهر.  
 
18- ما هي الأوقات التي نهي عنها في الصلاة؟
الأوقات خمسة التي نهي عنها في الصلاة، بعد صلاة العصر إلى أن تصفر الشمس، وبعد اصفرارها إلى أن تغيب، هذه وقتان، والثالث عند وقوفها وسط النهار حتى تميل إلى المغرب، وهو وقتٌ قصير، والرابع بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، والخامس بعد طلوعها حتى ترتفع قيد رمح، هذه خمسة، ويجوز لك اختصارها إلى ثلاثة، فيقال ثلاثة: من طلوع الفجر إلى ارتفاع الشمس، ومن صلاة العصر إلى غروب الشمس، هذان اثنان، والثالث عند وقوفها قبيل الظهر حتى تزول، وهو وقتٌ قليل عند توسطها السماء قبل أن تميل.  
 
19- السؤال هو أنني وبعض الأشخاص نذهب يوم الجمعة إلى أداء صلاة الجمعة في مسجد جامع في قرى مجاورة بالرغم من وجود مسجد جامع لدينا وبه خطيب، فهل يجب أن يصلي الشخص في الجامع الموجود في قريته، أم أنه يصلي الجمعة في أي جامع آخر؟
لا حرج على المسلم أن يصلي في أي جامع، وسيما إذا كان الجامع الذي يقصده خطبة صاحبه أحسن وأنفع، أو صلاته أرشد، أو جماعته أكثر لا بأس إذا ترك المسجد الذي حوله لمصلحة شرعية وإن صلاها في مسجدٍ بقربه فلا بأس والحمد لله، لكن إذا ترك في المسجد الأقرب لمصلحة شرعية من أجل كثرة الخطى، أو من أجل أن خطيب ذلك المسجد أكثر فائدة، أو صلاته أكمل إن رآه لأسباب أخرى فلا بأس، أما إذا ترك المسجد القريب على وجهٍ يشق تركه لهم، أو يوجب أنهم يتهمونه بأنه غير راضٍ عن الإمام أو يتهم الإمام ينبغي أن يدفع عن نفسه الشيء الذي يغشى منه، ينبغي أن يصلي مع هذا تارة ومع هذا تارة حتى لا تكون هناك شكوك وأوهام إذا كان إمامه إمام مسجد الذي حوله طيب ولا شبهة فيه، يصلي معه بعض الأحيان حتى لا يظن به السوء وأنه لا يصلح، المقصود أنها إذا كانت صلاته في المسجد البعيد لا يترتب عليها شيء من المضار فلا بأس، ولا سيما إذا كان تجاوز هذا المسجد قد يسبب ظناً بإمامه، وأنه ليس أهلاً للإمامة فينبغي أن يصلي فيه بعض الأحيان حتى تزول هذه الشكوك.  
 
20- من هو راوي هذا الحديث، وما صحة هذا الحديث، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: إن بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة ؟
هذا الحديث رواه مسلم في الصحيح، عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة. أخرجه مسلم في الصحيح، وفي مسند أحمد وفي السنن الأربع بإسنادٍ صحيح عن .... رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر. وهذا وعيد عظيم يدل على كفر تارك الصلاة. نسأل الله العافية، ولو لم يجحد وجوبها، أما إن جحد وجوبها كفر عند الجميع، إذا جحد وجوبها قال إن الصلاة ما هي واجبة صار كافراً عند الجميع نسأل الله العافية، لكن لو قال نعم هي واجبة ولكنه يتخلف ولا يصلي فالصحيح أنه يكون كافر بذلك لهذا الحديث الصحيح وما جاء في معناه. نسأل الله العافية. شكر الله لكم سماحة الشيخ وبارك الله فيكم.. الخ   

438 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply