حلقة 289: حبوب منع الحمل - تحديد النسل - حكم قطع الصلاة عند الشك في القراءة - حكم حلق اللحية - حكم القرض ممن يتاجر بمال محرم - حكم كتابة آيات من القرآن وشربها للعلاج

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

39 / 50 محاضرة

حلقة 289: حبوب منع الحمل - تحديد النسل - حكم قطع الصلاة عند الشك في القراءة - حكم حلق اللحية - حكم القرض ممن يتاجر بمال محرم - حكم كتابة آيات من القرآن وشربها للعلاج

1- قضية منع الحمل، أو تحديد النسل، أو تنظيم النسل، ماذا يقول عنها سماحة الشيخ لو تكرمت؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله, وصلى الله وسلم على رسول الله, وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فهذه قضية هي قضية الوقت والسؤالات عنها كثيرة، وقد درس هذه المسألة مجلس هيئة كبار العلماء في دورة سبقت وقرر فيها ما يرى في ذلك, وخلاصة ذلك أنه لا يجوز تعاطي هذه الحبوب لمنع الحمل؛ لأن الله-جل وعلا-شرع لعباده تعاطي أسباب النسل وتكثير الأمة, وقال-عليه الصلاة والسلام-: (تزوجوا الودود الولود فإني مكاثرٌ بكم الأمم يوم القيامة)، وفي رواية: (الأنبياء يوم القيامة)؛ ولأن الأمة في حاجة إلى كثرتها حتى تعبد الله, وحتى تجاهد في سبيله، وحتى تحمي المسلمين بإذن الله وتوفيقه من مكائد أعداءهم، فالواجب ترك هذا الأمر, وعدم استجازته واستعماله إلا للضرورة، فإذا كان هناك ضرورة فلا بأس، كأن تكون المرأة مصابة بمرض في رحمها, أو غيره يضرها معه الحمل فلا حرج في ذلك على قدر الحاجة، كذلك إذا كانت ذات أطفال كثيرين, قد تراكموا وكثروا ويشق عليها الحمل, فلا مانع من أخذها الحبوب مدةً معينة كسنة أو سنتين مدة الرضاع, حتى يخف عنها الأمر, وحتى تستطيع التربية كما ينبغي. إذن للتربية هذا لا بأس به كما تفضلتم، للمرض أيضاً لا بأس به إذا كان هناك من شخص المرض وكان طبيب مسلماً ويقصد الخير؟ إذا كان هناك طبيب يوثق بعلمه, وأمانته وقرر أنه يضرها الحمل. إذا كان من أجل التفرغ للوظيفة؟ لا ما يجوز، أو للرفاهية، أو للتفرغ للوظيفة, أو ما أشبه ذلك مما يتعاطاه النساء اليوم لا يجوز.  
 
2- توفي والدانا ولم يؤديا فريضة الحج ولم يوصيان بها، هل نحج عنهما وكيف يكون ذلك؟
إن كانا مؤسرين في حياتهما يستطيعان الحج من أموالهما وجب عليكم أن تحجوا عنهما من مالهما, وإن حججتم عنهما من غير مالهما تبرعاً منكم فلكم الأجر في ذلك، أما إذا كانا معسرين فليس عليكم حجٌ عنهما، أو كان أحدهما معسراً فليس عليكم حج عن المعسر، لكن إذا تبرعتم وحججتم فلكم أجرٌ عظيم وهذا من البر.  
 
3- توفيت والدتنا رحمها الله وعليها صيام خمسة أشهر أفطرتهم بسبب رضاعتها لأطفالها الخمسة، ولم تستطع صيامهم في حياتها نتيجة إصابتها بأمراض عديدة كالسكر وغيره، رغم هذا فقد كانت مصممة على الصيام، وفعلاً بدأت بثمانية أيام ولكن فاجأها الموت، السؤال: كيف يتم قضاء ذلك عنها، وماذا يجب أن نقوم به للقضاء عنها في الصيام؟
ما دام التأخير حصل من أجل العجز عن الصيام لأمراض تتابعت عليها, أو من أجل الرضاع الذي هي تقوم به فإنه لا يلزم عنها قضاء ولا إطعام، لا يلزمكم أيها الورثة لا قضاء ولا إطعام؛ لأنها معذورة، والله - سبحانه وتعالى – يقول: وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ(البقرة: من الآية185)، فهذه لم تدرك العدة ولم تستطع العدة فلا شيء عليكم لا من جهة الصيام ولا من جهة الطعام إذا كانت معذورة، أما إذا كنتم تعلمون أنها متساهلة وأنها غير معذورة، بل تستطيع أن تقضي, فالمشروع لكم أن تقضوا عنها أنتم، ولو تعاونتم كل واحد من أولادها, أو من أقاربها يفعل شيئاً يصوم أياماً, كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه)، متفق عليه من حديث عائشة -رضي الله عنها- فإذا صمتم عنها فلكم أجرٌ عظيم, إذا كانت في اعتقادكم مقصرة متساهلة، وإن أطعتم أجزأ الإطعام لكن الصوم أفضل لهذا الحديث الصحيح، (من مات وعليه صيام صام عنه وليه)، وفي المسند وغيره بإسناد صحيح عن ابن عباس - رضي الله عنهما- أن امرأة قالت: يا رسول الله! إن أمي ماتت وعليها صوم رمضان أفأصوم عنها، قال: (أريت لو كان على أمك دينٌ أكنت قاضيته، اقضوا فالله أحق بالوفاء ) فهذا الحديث وما جاء في معناه كلها تدل على أن الصوم يقضى عن الميت سواء كان نذراً, أو صوم رمضان, أو صوم كفارة في أصح أقوال أهل العلم, وإذا لم يتيسر القضاء أطعم عن كل يوم مسكين، هذا كله إذا كان المريضُ إذا كان الذي عليه الصيام قصر في القضاء وتساهل، أما إذا كان معذوراً بمرضٍ أو نحوه من الأعذار الشرعية فلا إطعام, ولا صيام على الورثة. من أجل الإرضاع كما يذكر أخينا؟ الرضاع عذر، والحمل عذر.  
 
4- أنا الحمد لله أقرأ القرآن جيداً بدرجة أقرب للحفظ رأساً، ولكن مشكلتي إذا جهرت بالقراءة بدون مصحف كثيراً ما أغلط، فهل قراءة السر فيها جرح أو عدم ثواب؟
السر أفضل، للحديث الذي رواه الجماعة بإسناد حسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (المسر بالقرآن كالمسر بالصدقة، والجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة)، هذا يدل على أن السر أفضل كما أن الصدقة في السر أفضل، إلا إذا دعت الحاجة والمصلحة إلى لجهر كالإمام الذي يصلي بالناس، والخطيب الذي يخطب بالناس، والذي يستمع له فإنه يجهر ليستمع الناس ويستفيدوا، فإذا كان السر أنفع لك وأعون لك على حفظ القرآن وعلى القراءة الحسنة فالسر لك أفضل، إلا إذا احتاج إليك إخوانك لتسمعهم فأسمعهم من المصحف حتى لا يكون عليك غلط أسمعهم من المصحف, أو يكون مصحف إذا غلطت تنظر إليه، أو يكون فيهم من يحفظ فيفتح عليك لا بأس، المقصود إذا كان هناك مصلحة في الجهر فهو أفضل، فإن كان ما هنا لك داعي للجهر فالسر لك أفضل حتى تستطيع أن تقرأ قراءة جيدة. بارك الله فيكم، يبدوا لي سماحة الشيخ من سؤال أخينا أنه يرى أن خطأه في الجهر ناتجٌ عن كون السر أفضل؟ إذا جهر يغلط، فإذا أسر لم يغلط، يقرأ سر أفضل له حتى لا يغلط.  
 
5- مس المصحف بدون وضوء، أو إدارته من مكان إلى آخر، علماً بأنه طاهر في جسمه كما يقول، فما الحكم، وما الحكم في القراءة أيضاً على الصورة التي ذكرت؟
أما مس المصحف وهو على غير وضوء فلا يجوز عند جمهور أهل العلم، وهو الذي عليه الأئمة الأربعة-رحمة الله عليهم- وهو الذي كان يفتي به أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه لا يمس القرآن إلا طاهر، وقد ورد في ذلك حديث صحيح لا بأس به من حديث عمرو بن حزم - رضي الله عنه – أن النبي - صلى الله عليه وسلم- كتب إلى أهل اليمن أن لا يمس القرآن إلا طاهر, وهو حديث جيد له طرق يشد بعضها بعض، هذا هو الواجب أن لا يمس القرآن إلا طاهر، وهكذا نقله من مكان إلى مكان لا ينقله من مكان إلى مكان إلا إذا كان طاهراً إلا إذا كان بواسطة، كأن يأخذه في لفافة، أو يكون في لفافة هو فيأخذه بالعلاقة لا بأس به، أما أن يأخذه مباشرة بيديه وهو على غير طهارة فلا يجوز على الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم، وأما القراءة فلا بأس، كونه يقرأ وهو محدث عن ظهر قلب لا بأس، أو يقرأ ويمسك عليه القرآن من يرد عليه ويفتح عليه لا بأس، لكن الجنب لا يقرأ الجنب صاحب الحدث الأكبر لا يقرأ؛ لأنه ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه كان لا يحجزه شيء عن القراءة إلا الجنابة، وروى أحمد بإسناد جيد عن علي - رضي الله عنه – أن النبي - صلى الله عليه وسلم- خرج من الغائط وقرأ شيئاً من القرآن وقال: (هذا لمن ليس بجنب، أما الجنب فلا ولا آية) ، فالمقصود ذا الجنابة لا يقرأ لا من المصحف ولا عن ظهر قلب حتى يغتسل، وأما المحدث الحدث الأصغر وليس بجنب فهذا يقرأ عن ظهر قلب ولا يمس المصحف، وهنا مسألة تتعلق بهذا، وهي الحائض والنفساء هل تقرآن أم لا تقرآن فيه في ذلك خلاف بين أهل العلم، منهم من قال لا تقرأ وحكاه بعضهم قول الجمهور، والقول الثاني: أنهما تقرآن عن ظهر قلب من دون مس المصحف؛ لأن مدتهما تطول، مدة الحيض والنفاس تطول، وليس مثل الجنب الجنب يغتسل في الحال ويقرأ، لكن صاحبة الحيض قد تطول مدتها إلى عشرة أيام ونحو ذلك، والنفساء كذلك تكون تطول أكثر، فالصواب أنه لا مانع من قراءتها عن ظهر قلب، هذا هو الأرجح؛ لأنه ليس في الأدلة ما يمنع ذلك، بل فيها ما يدل على ذلك، فقد ثبت في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال لعائشة لما حاضت في الحج افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري، والحاج يقرأ القرآن ولم يستثنه النبي - صلى الله عليه وسلم-، فدل ذلك على جواز القراءة لها، وهكذا قال لأسماء بنت عميس لما ولدت محمد بن أبي بكر في الميقات في حجة الوداع، هذا يدل على أنها تقرأ لكن من غير مس المصحف, وأما حديث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن) فهو حديث ضعيف, في إسناده إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة, وأهل العلم من الحديث يضعفون رواية إسماعيل عن الحجازيين, ويقولون إنه جيد في روايته عن أهل الشام عن أهل بلاده, ولكنه ضعيف في روايته عن أهل الحجاز, وهذا الحديث من روايته عن أهل الحجاز فيكون ضعيفاً.  
 
6-   في إحدى المرات بعد أن دخلت في الصلاة وقرأت الفاتحة وعند قراءة الصدرة أشكلت علي ورددتها أكثر من مرتين ولم أفلح، وأخيراً قطعت الصلاة وأعدت تكبيرة الإحرام وقراءة ثانية، فهل صلاتي هذه صحيحة، وماذا أفعل إذا تكرر ذلك مرة ثانية؟
ما كان ينبغي لك أن تقطع الصلاة، فإن العمدة في القراءة الفاتحة, فإذا قرأ الإنسان الفاتحة فقد حصل الفرض، وما زاد عليها فهو مستحب، وقولك الصدرة لم نعرف المراد بالصدرة، إن كان مراده الصدرة قراءة سورة زائدة, أو آيات زائدة فهذه الصدرة غير واجبة مستحبة، وإذا تركها الإنسان وركع ولم يقرأ زيادة الفاتحة أجزأ، أما إن كان مرادك بالصدرة شيئاً آخر فينبغي أن توضحه في سؤالٍ آخر، المقصود أنه مثل هذا لا يقطع الصلاة، إذا كان المقصود من كلامك أنك التبس عليك الأمر في قراءة زيادة على الفاتحة، ولم يتيسر لك قراءة آيات ولا سورة بل اشتبه عليك الأمر, فإنه ليس لك أن تقطع الصلاة بل الحمد لله تركع ولا بأس وتكفيك الفاتحة. إذا كانت الصدرة سماحة الشيخ هي دعاء الاستفتاح؟ هذا يقول بعد الفاتحة، الاستفتاح قبل الفاتحة، لا هذا يقول بعد الفاتحة. فيما إذا كانت الصدرة هي دعاء الاستفتاح؟ الاستفتاح أيضاً ما هو بواجب دعاء الاستفتاح سنة ليس بواجب.  
 
7- ما هو حكم الإسلام في حلق اللحية، وهل صحيح أنه لا يجوز للمسلم أن يصلي وراء إمام حالق للحيته في الصلاة، باعتبار أنها بدعة؟
حلق اللحية محرم عند أهل العلم لا يجوز للمسلم قصها, ولا حلقها، لما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمرو - رضي الله عنهما- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين)، وفي الرواية الأخرى قال ابن عمرو: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- (بإحفاء الشوارب وإعفاء اللحى)، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة-رضي الله عنه – عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: (جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس)، فهذان الحديثان دليلان على وجوب إعفاء اللحى, وتوفيرها, وإرخائها, وعلى وجوب قص الشوارب وإحفائها, وأن الواجب على المؤمن أن يتباعد عن مشابهة المجوس عباد النار, وعن مشابهة بقية المشركين، وفي حديث عائشة عند مسلم: (من سنن الفطرة قص الشارب وإعفاء اللحية)، فإعفاء اللحية من الفطرة التي فطر الله العباد عليها، على استحسانها, وجمالها, وهي نور المؤمن, وجماله، وهي وجه الرجل التي تبعده عن مشابهة النساء, وعن مشابهة الكفرة، ولو فرضنا أن بعض الكفرة أعفاها فإننا لا نقصها, ولا نحلقها من أجل إعفاؤهم لها, فإذا وافقونا لا يضرنا، إنما يضرنا أن نوافقهم في أزيائهم وطرائقهم، فالمؤمن يتقي الله ويمتثل أمر رسوله- عليه الصلاة والسلام-، أما الصلاة خلف الحالق فالصواب أنها صحيحة, الذي عليه المحقق من أهل العلم أن الصلاة خلف الفاسق صحيحية، فإذا صلّى المؤمن خلف حالق أو قاصٍ لبعض لحيته فالصلاة صحيحة, وهكذا لو صلّى خلف فاسقٍ آخر, كالعاق لوالديه, أو المرابي, أو ما أشبه ذلك من العصاة فالصلاة صحيحة على الصحيح من أقوال أهل العلم، لأحاديث جاءت في الباب منها قوله - صلى الله عليه وسلم- في الأمراء: (يصلون لكم فإن أحسنوا فلكم ولهم، وإن أساؤا فلكم وعليهم)، ولم يأمر بقضاء الصلاة إذا صلّى خلف أمير فاسق، ومن جملتهم الحجاج بن يوسف الثقفي الظالم المعروف أمير عبد الملك بن مرون كان من أفسق الناس، وكان سفاكاً للدماء، وكان ابن عمر وجماعة من السلف الصالح يصلون خلفه, وصلّى خلفه ابن عمر في حجته عام ثلاثة وسبعين, فالمقصود أن هذا هو الصواب، أن الصلاة خلف العاصي صحيحة، ولكن خلف الكافر لا، لا تصح خلف من كان محكومٌ بكافر، وأما من كان قصاره أنه فاسق فإن الصلاة خلفه صحيحة، لكن ينبغي أن لا يتخذ إماماً, ينبغي لولاة الأمور والمسئولين عن الأئمة أن لا يتخذوا فساق أئمة, وأن لا يتخذوا في الإمامة إلا المعروفين بالعدالة, والاستقامة هكذا ينبغي لولاة الأمور.  
 
8- هل يجوز أن استلف من شخص تجارته معروفة بالحرام وأنه يتعاطى الحرام؟
لا ينبغي لك يا أخي أن تقترض من هذا ولا أن تعامل هذا، ما دامت معاملته بالحرام, وهو معروف بالمعاملات المحرمة ربوية أو غيرها فليس لك أن تعامله ولا أن تقترض منه، بل ينبغي لك التنزه من ذلك والبعد من ذلك، لكن لو كان يتعامل بالحرام و بغير الحرام يعني معاملته مشبوهة مخلوطة، فيها الطيب والخبيث فلا بأس، لكن تركه أفضل، لقوله - صلى الله عليه وسلم-: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)، ولقوله- عليه الصلاة والسلام-: (من اتق الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه)، ولقوله - صلى الله عليه وسلم-: (الإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس)، فالمؤمن يتباعد عن المشتبهات, أما إذا علمت أن كل معاملاته محرمة وأنه يتجر في الحرام فمثل هذا لا يعامل، ولا يقترض منه.  
 
9- إذا أرت أن أعمل بعمل معين لكن اشترط عليَّ حلق اللحية، فماذا أعمل؟
يقول النبي - صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: (إنما الطاعة في المعروف)، ويقول-عليه الصلاة والسلام-: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)، فعليك أن تتقي الله وأن تؤثر رضاه وأن لا توافق على هذا الشرط، وأبواب الرزق كثيرة، ليست منغلقة والحمد لله، بل مفتوحة، والله يقول - سبحانه وتعالى -: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً(الطلاق: من الآية2)، فأي عملٍ يشترط فيه معصية الله فلا توافق عليه، سواء كان هذا العمل في الجندية, أو في غير ذلك من الأعمال، فدع ذلك والتمس عملاً آخر مما أباح الله - عز وجل -، ولا تعاون معهم على الإثم والعدوان؛ لأن الله يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ(المائدة: من الآية2), رزقنا الله وإياك التوفيق. الآمرون بمثل هذا لعلهم يستحقون كلمة في هذا المقام سماحة الشيخ؟ الواجب على ولاة الأمور، وعلى جميع المسئولين في الدول الإسلامية أن يتقوا الله, وأن لا يلزموا الناس بما حرم الله، عليهم أن يتقوا الله, وأن يحكموا شريعة الله في كل ما يأتونه وما يذرون، لأن الله يقول - سبحانه وتعالى -: فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا[ (65) سورة النساء]، ويقول - سبحانه وتعالى -: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ [(50) سورة المائدة]، ويقول -جل وعلا-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً [(59) سورة النساء]، فالواجب طاعة الله ورسوله وما أشكل من أمور الناس يرد إلى الله ورسوله، فما حكم الله به في كتابه العظيم, أو في السنة المطهره عن يد الرسول - صلى الله عليه وسلم- وجب الأخذ به وتنفيذه وترك ما خالفه، هذا هو الواجب على المسئولين في مسألة اللحى, وفي مسألة الربا, وفي مسألة الحكم بين الناس، وفي جميع الأمور، عليهم أن يحكموا شرع الله, وذلك والله هو طريق عزهم, وهو طريق نجاتهم, وهو طريق سلامتهم في الدنيا والآخرة، ولن يبلغوا العز الكامل, ورضا الله على التمام إلا بطاعته - سبحانه وتعالى – واتباع شريعته، نسأل الله لنا ولهم التوفيق لما يرضيه, والعافية من مضلات الفتن.  
 
10- هل يجوز كتابة القران وشرابه للعلاج ؟
لا نعلم مانع من ذلك، وإن كان الأفضل أن يقرأ على المريض, وينفث على نفسه, أو يقرأ عليه أخوه على يده أو رجله أو موضع الألم منه كما النبي يفعل-عليه الصلاة والسلام-، لكن إذا قرأ في ماءٍ وشربه أورش به، أو كتب آيات ودعوات في إناء في الزعفران أو في ورقة وغسله وشربه لا بأس فعل جمع من السلف وذكره ابن القيم وغيره من السلف، فلا حرج في ذلك، ولكن الأفضل والأولى والأنفع هو ما كان فعله الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه، كان يقرأ على المريض وينفث على المريض، وكان يقرأ على نفسه وينفث على نفسه إذا أحس بشيء عليه الصلاة والسلام، وكان إذا أراد النوم نفث على يديه ومسح بهما ما أقبل من جسده، ولما مرض مرضه الأخير عليه الصلاة والسلام، صارت عائشة تفعل ذلك، تأخذ بيديه وتقرأ في يديه وتمسح بهما على ما أقبل من جسده عليه الصلاة والسلام، عملاً بما كان يعمل في صحته عليه الصلاة والسلام. وقد قرأ النبي صلى الله عليه وسلم في ماء لثابت بن قيس بن شماس، ثم صبه عليه، عليه الصلاة والسلام.

451 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply