حلقة 290: حكم إسقاط الحمل - حكم نكاح الشغار - الجن مكلفون (يثابون ويعاقبون ) - حكم التشبه بالكفار والفساق - حكم زكاة الذهب الملبوس - حكم استعمال الحناء مع صفار البيض لتصليح الشعر - الحكمة في تعدد اللغات في العالم - حكم العدل بين الأخوة

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

40 / 50 محاضرة

حلقة 290: حكم إسقاط الحمل - حكم نكاح الشغار - الجن مكلفون (يثابون ويعاقبون ) - حكم التشبه بالكفار والفساق - حكم زكاة الذهب الملبوس - حكم استعمال الحناء مع صفار البيض لتصليح الشعر - الحكمة في تعدد اللغات في العالم - حكم العدل بين الأخوة

1- ما حكم امرأة تعمدت زحف الثلاجة كيما تسقط الحمل من بطنها؟

لا يجوز لها ذلك، المرآة التي بها حمل ليس لها أن تتعاطى ما يسبب سقوط الحمل، لا بحمل الثقيل، ولا بالقفز من مكان إلى مكان، ولا بغير هذا من أسباب سقوط الحمل، يجب عليها أن تجتنب ذلك إلا إذا كان في الأربعين ودعت الحاجة إلى إسقاطه في الأربعين الأولى فقد أجاز هذا جمع من أهل العلم بالطرق الخاصة، بطريق الطبيب الطريق المعتاد الآمن السليم مع أن ترك هذا أفضل وأولى، لكن عند الحاجة كالتي يشق عليها الحمل؛ لأن معها أطفالاً كثيرين أو مريضة يضرها الحمل، فإذا طرحته في الأربعين بطريق سليمة مأمونة لا خطر فيها فلا بأس عند الحاجة في الأربعين الأولى، وأما بعد ذلك فليس لها أن تعمل ما يسقطه بأي وجه من الوجوه، إلا في حالات خاصة إذا راءها الأطباء تضر المرآة وعليها خطر، فهذا يرجع إلى الأطباء الأمناء المختصين عند ادعاء الضرورة إليه.  

 

2- ما حكم ما إذا خطب إنسان ابنة أخ له، ولكن ذلك الأخ اشترط عليه المقابل أن يزوجه ابنته أو موليته، ما حكم ذلك سماحة الشيخ؟
الشغار محرم، ويسميه بعض الناس نكاح البدل، وقد أوضحه النبي - صلى الله عليه وسلم- فيما رواه مسلم في الصحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه نهى عن الشغار، وقال: الشغار أن يقول الرجل زوجني ابنتك وأزوجك ابنتي، أو زوجني أختك وأزوجك أختي. هذا هو الشغار ، وهو نكاح البدل، وهو اشتراط عقد في عقد، اشتراط زواج في زواج، وهو باطل مطلقاً في أصح أقوال أهل العلم حتى ولو شرطوا مهراً، ولو كان المهر مكافئاً لكل واحدة، ما دام الشرط موجوداً أنه يزوجه ويزوجه فالنكاح باطل وفاسد، وليس بصحيح في أصح أقوال أهل العلم. وذهب بعض أهل العلم أنه إذا كان هناك مهرٌ كافي وليس هناك حيلة صح النكاح، ولكنه قولٌ ضعيف ومخالفٌ للأحاديث الصحيحة، وقد روى الشيخان عن ابن عمر - رضي الله عنهما- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه نهى عن الشغار. وكذلك روى مسلم عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم- نهى عن الشغار. وروى أحمد وأبو داود بإسناد صحيح عن معاوية - رضي الله عنه – عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه نهى عن الشغار. وحكم معاوية بذلك في شخصين تزوجا شغاراً وقد سميا مهراً، فكتب إلى أمير المدينة ، وأمره أن يفرق بينهما وقال: هذا هو الشغار الذي نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم-، مع أنهما قد سميا مهراً. فدل ذلك على أن ما حكم به أمير المؤمنين معاوية - رضي الله عنه - هو الحق، وهو مقتضى الأحاديث، ولأن العلة التي من أجلها نهي عن الشغار موجودة، ولو سميت مهراً، لأن هذا الشغار وسيلة إلى ظلم النساء ، والتعدي عليهن وإجبارهن على النكاح بمن لا يرضينه من أجل مصلحة الأولياء وأولاد الأولياء. فالصواب الذي نفتي به ونعتقد أنه الحق أن عقد الشغار باطل مطلقاً، ولو سمي فيه مهرٌ مكافئ، والواجب على من فعله أن يجدد النكاح، وإذا كانت لا تريده المرأة وجب عليه فراقها بطلقة الواحدة، وأما إن كانت تريده والأخرى تريد زوجها فلا مانع من تجديد النكاح بعقد شرعي ومهر شرعي ليس فيه اشتراط المرأة الأخرى في كلا العقدين، فيجتنبها ويبتعد عنها حتى يجدد النكاح في حضرة شاهدين بولي ومهرٍ جديد إذا كانت ترغب فيه ويرغب فيها، أما إذا كانت لا ترغب فيه فإنه يطلقها بطلقة واحدة طاعةً لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم- ، وحذراً مما نهى عنه الرسول - عليه الصلاة والسلام-.  

 

3- من المعلوم أن الجن والإنس مكلفان كما في قوله تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]. وكما في قوله تعالى: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا به [الجن:1)(2)]. أخونا بعد سرد هذه الأجزاء من الآيات الكريمة يقول: على أي طريقة كان يتعبد الجن، ذلك أنهم خلقوا قبل آدم، فكيف كانت عبادتهم قبل أولي العزم من الرسل؟
الذي نعلمه من الشرع أنه مخاطبون بما خوطب به الإنس من الشرائع إلا ما استثني مما لا نعلمه ، فلهم أشياء تخصهم لا نعلمها، والنبي - صلى الله عليه وسلم- اجتمع بهم ، وبلغهم أشياء - عليه الصلاة والسلام - فلا نعلم شيئاً يخصهم دوننا ، فالأصل أنهم مكلفون بما كلف به الإنس من صلاةٍ وغيرها، إلا ما استثناه الشارع في حقهم مما لا نعلم، فنقول: مما كلفوا به وخصهم الله به مما لا نعلمه الله الذي يعلمه - سبحانه وتعالى - وهو سائلهم عنه - جل وعلا-، أما ما كلف به الإسلام جميعاً فهم مسؤولون عنه أيضاً، وقد أنزل الله سورة الرحمن وخاطبهم فيها جميعاً مع الإنس في بعد كل آية: فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [(13) سورة الرحمن]. فهم مسؤولون ومكلفون وموعدون بالجنة والنار، مطيعوهم في الجنة وعاصيهم في النار؛ كما قال - عز وجل -: وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا * وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (14- 15) سورة الجن]. وقال قبل ذلك: وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا [(11) سورة الجن]. فهم فيهم الصالحون وفيهم المبتدعة وفيهم الكفار وفيهم الفساق كالإنس، فليس لنا أن نقول على الله بغير علم. فالأصل أنهم مكلفون بمثل ما كلفنا به إلا ما استثناه الشارع فيما بينهم وبينه وأعلمهم به مما لا نطلع عليه، فعلمه إلى الله - سبحانه وتعالى -، وعليهم أن يؤدوا ما أوجب الله عليهم ومن قصر منهم فله حكم المقصرين من كفر أو عصيان، إن كان كفراً فكفر ، وإن كان عصياناً فعصيان، وهو أيضاً مجزيٌ بعمله يوم القيامة كما دلت عليه سورة الرحمن وسورة الجن، والله - سبحانه وتعالى - أعلم.  

 

 
4- تعلمون أنه يجب على المسلم أن يكون ذو شخصية - كما يقول - أن يكون ذا شخصية مميزة تابعة لتعاليم الدين الحنيف، من المحافظة على هيئته ولباسه وتمسكه بالسنة المطهرة، وعدم التقليد المقيت لعادات مجتمعه، بل يتبع شرع الله وسنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم-، وحيث أنه جاءت في العالم الإسلامي عادات قادمة من الغرب والبلاد النصرانية، بل ودخلت في بعض الأنظمة كالنظم العسكرية، ونظام الخدمة المدنية، وحيث أن الرسول قد أمر بمخالفة اليهود والنصارى في كل شيء وفي الحديث: (لا تشبهوا باليهود فمن تشبه بقوم حشر معهم) . أو كما قال - صلى الله عليه وسلم-، وحيث أن هناك حديثاً يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (لتتبعنَّ سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قالوا : يا رسول الله! اليهود والنصارى؟ قال : فمن!). فهل يأثم المسلم بهذا التشبه؟ أفيدونا جزاكم الله كل خير.
نعم الواجب على المسلم أن يستقل بنفسه، وأن يتباعد عن مشابهة أعداء الله كما أمره الله بذلك، والرسول - صلى الله عليه وسلم- حذر الأمة من اتباع سنن من قبله من الأمم الكافرة اليهود أو النصارى أو المجوس أو غيرهم من الكفرة، فدل ذلك على وجوب استقلال المسلمين بزيهم الخاص وطاعاتهم التي أوجب الله عليهم وشرع لهم إلى غير ذلك، وأن لا تشبهوا بأعدائهم لا في أخلاقهم ولا في أعمالهم ولا في أقوالهم ولا في أعيادهم ولا في أزياءهم ، ولهذا روى الإمام أحمد - رضي الله عنه ورحمه - بإسناد جيد عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال في حديث طويل: (ومن تشبه بقومٍ فهو منهم) . أوله: (بعثت بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده ، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري ، ومن تشبه بقومٍ فهو منهم). فالواجب على المسلمين وعلى المؤمنين أن يبتعدوا عن التشبه بأعداء الله في جميع الأمور، وأن يستقلوا بأنفسهم في جميع أمورهم حتى يتميزوا عن عدوهم وحتى يعرفوا أينما كانوا بزيهم وطرائقهم وعاداتهم الإسلامية وأعمالهم الإسلامية ، لكن لو وجد شيء مشترك بأن فعله المسلمون والكافرون فلا يسمى هذا تشبهاً كما وقع الآن في ركوب الطائرات وركوب السيارات والقطارات، كانت هذه أول عند أعداءنا ثم يسر الله لنا الانتفاع بها، فهذا صار الآن مشتركاً ليس فيه تشبهاً بأعداء الله، ولا يمنع استعمالهم لهذه الطائرات أو لهذه القطارات أو السيارات أن نستعملها. وهكذا ما حدث من القوات التي يستعان بها في الحرب للمسلمين أن يأخذوها حتى يدافعوا بها عن دينهم وعن بلادهم، وحتى يعملوا بقوله تعالى: وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ [(60) سورة الأنفال]. فالأمور التي للمسلمين فيها نفعٌ يجوز أن يأخذها من عدوهم ولا يسمى تشبهاً لما فيه من الإعداد والنفع العام للمسلمين، وهكذا الأشياء التي اشترك فيها المسلمون وصارت من عادة الجميع لا يكون فيها تشبه، وإنما التشبه ما اختصوا به وصار من زيهم فأصل. المقدم: إذن هناك ميزان سماحة الشيخ يبدوا لي أنه في الأمور الدنيوية لا يرى سماحتكم أن في ذلك بأساً؟ الشيخ: إذا كان فيها نفعٌ لنا ولا يختص بها المشركون، أما ما كان خاصاً بالمشركين وليس لنا فيه نفع ما نتزين به ، لكن ما فيه نفع نأخذه منهم، ونحتج بقوله تعالى: وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ [(60) سورة الأنفال]. ويقول جل وعلا: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ [(32) سورة الأعراف]. المقدم: إذن الحذر في أمور الدين؟ الشيخ: الدين التي هي من أزيائهم وأخلاقهم ليس من ديننا، أما ما كان من ديننا نستعمله، ولو تشبهوا في الأخير، ولو شاركونا، كما لو أجمعوا على إرخاء اللحى فلنرخيها نحن ولو أرخوها لا نخالفهم في ذلك، بل نرخيها لأننا مأمورون بإرخائها، وهكذا لو بنوا مساجد وصلوا في مساجد صلواتهم لا نهدم مساجدنا، ما كان من ديننا نلزمه ولو شاركونا فيه. لمقدم: كذلك بعض الأنظمة التي تتخذ للعمل والعمال وما أشبه ذلك؟ الشيخ: التي تنفعنا نأخذ بها، نظام المرور، نظام الشرطة، نظام كذا، نظام كذا الذي ينفع الأمة.  
5- هل يجوز زكاة الذهب الملبوس بالثمن الذي اشتري به؟
المسألة فيها خلاف بين أهل العلم في أصلها، هل يجب إخراج الزكاة عن حلي المرأة التي يلبسها أم ذلك ساقط عنها، هذا محل خلاف بين أهل العلم، والصواب أنه يجب إخراج الزكاة عن الحُلي من الأدلة الدالة على ذلك سليمة من المعارض وقوية وصحيحة، فالواجب على المرأة إخراج الزكاة من حليها إذا بلغت النصاب ، وحال عليها الحول، سواء كانت الحلي أسورة أو قلائد أو غير ذلك من أنواع الحلي، إذا بلغت النصاب وهو عشرون مثقالاً من الذهب ، مقداره بالجنيه السعودي أحد عشر جنيه وثلاثة أسباع جنيه، يعني نصف جنيه إحدى عشر جنيه ونصف، وبالجرام اثنان وتسعون غراماً ، فإذا بلغ هذا المقدار وجبت الزكاة، وإن كان أقل لم تجب فيه الزكاة، وهذا كله على مقتضى أدلة حسب القول الراجح في هذه المسألة ، ولو كان ملبوساً ولو كانت تلبسه ، لكن الزكاة لا تكون بالثمن، بل يراعى فيها القيمة فلو كانت اشترت مثلاً حلي بعشرة آلاف ريال، وعند تمام الحول لا يساوي إلا ثمانية آلاف لا تزكي إلا ثمانية آلاف لأنه نقص، وهكذا العكس، لو كانت اشترته بعشرة وعند تمام الحول تساوي خمسة عشر زاد الذهب غلى، تزكي خمسة عشر القيمة التي موجودة عند تمام الحول، زائدة أو ناقصة. المقدم: لكن الزكاة سماحة الشيخ من نفس المزكى أو لا مانع من إخراج قيمته؟ الشيخ: ما هو بلازم، ولو من ورق المعروف ، العملة الورقية ، أو من الفضة لا بأس.  

 

6- هل يجوز استعمال الحناء مع صفار البيض لتصليح الشعر؟
لا حرج في ذلك، إذا كان فيه فائدة استعمال الحناء مع صفار البيض أو غيره من الأمور المباحة لا بأس إذا كان فيه فائدة للشعر بتطويله أو تمليسه أو غير هذا من مصالحه، أو بقاءه، وعدم سقوطه لا بأس.  

 

7- إنها تقتني بعض الكتب وذكرت منها الإسراء والمعراج، ورياض الصالحين، ورجال حول الرسول - صلى الله عليه وسلم - وترغب أن تتفضلوا بدلالتها على كتب أخرى تفيدها في شؤون دينها - لو تكرمتم سماحة الشيخ -؟
أما رياض الصالحين فهو كتاب نفيس وطيب، ونوصي أن يقتنيه كل واحد لما فيه من الفائدة العظيمة، وأما الإسراء والمعراج فهو كتاب ليس بشيء ولا ينبغي اقتناءه ولا يعتمد عليه. وأما ما يتعلق برجال حول الرسول - صلى الله عليه وسلم- فلم أقرأه ولا أستطيع أن أحكم عليه، ولكن نوصي أختنا المرأة السائلة نوصيها بكتبٍ أخرى مثل كتاب الصحيحين صحيح البخاري ومسلم يكونان عندها لأنهما كتابان عظيمان، وهما أصح الكتب بعد كتاب الله ونوصيها بتفسير ابن كثير فإنه كتابٌ عظيم مفيد، ونوصيها بزاد المعاد لابن القيم في هدي خير العباد كتاب عظيم ومفيد، ونوصيها بفتح المجيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن حفيد الشيخ محمد بن عبد الوهاب مع كتاب التوحيد مع العقيدة الواسطية وشرحها للهراس أو غيره، كل هذه كتب مفيدة.  

 

8- لماذا تعددت اللغات في العالم، مع العلم أن جميع الأمم من أصل واحد هو أبونا آدم وأمنا حواء؟
الله أعلم، - سبحانه وتعالى -، ربك هو الحكيم العليم، ليس عندنا يقين بالحكمة في هذا ولكننا نعلم أن ربنا حكيم عليم، يقول جل وعلا: وإِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ [(83) سورة الأنعام]. ويقول - سبحانه وتعالى -:إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا [(24) سورة النساء]. فلحكمته البالغة جعل اللغات متعددة، وجعل الناس ألواناً كذلك ؛ كما قال - عز وجل -: وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ [(22) سورة الروم]. فقد يكون من الحكمة الدلالة على قدرته العظيمة ، وأنه - سبحانه وتعالى – قادر أن يجعل لهؤلاء لغة ولهؤلاء لغة ولهؤلاء لغة فإن هذا أبين في القدرة العظيمة، وقد يكون من الحكم أشياء أخرى لا نعقلها ولا نفهمها وقد يفهمها غيرنا من أهل العلم. فالحاصل أن من أوضح الحكم في ذلك أنه - سبحانه وتعالى – قدير، ولهذا جعل لغات الناس متعددة، وأخبر أن هذا من آياته: وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ - يعني لغاتكم- وَأَلْوَانِكُمْ [(22) سورة الروم]. فكما جعلهم ألواناً فيهم الأحمر والأسود والأبيض وبين ذلك، وجعلهم أيضاً مختلفين في الأحجام، هذا طويل وهذا قصير ، وهذا بين ذلك، وجعلهم مختلفين في الأخلاق والعقول هكذا مسألة اللغات تدلها على قدرته العظيمة ، وأنه يتصرف كما يشاء - سبحانه وتعالى -، وقد تكون هناك حكمٌ كثيرةٌ لا نفهمها.  

 

 
9- مشكلتي أنني أمية ولا أعرف القراءة ولا الكتابة، وإني أصلي الصلاة في أوقاتها ولا أعرف غير سورة الحمد وقل هو الله أحد، وأعيد هاتين السورتين في كل صلاة، هل ذلك مجزئ، وبما تنصحونني؟
نعم، هذا مجزئ ونسأل الله لك المزيد من التوفيق والثبات على الحق، الفاتحة تكفي وحدها؛ لأنها أم القرآن ولأنها ركن الصلاة، فلما يسر الله لك معها سورة قل هو الله أحد وهي سورةٌ عظيمة سورة الإخلاص وهي تعدل ثلث القرآن فهذه نعمة من الله عظيمة، فيكفيك ذلك، ولو كررتها في الصلوات وفي غير ذلك هذه نعمة عظيمة، فأكثري من قراءتهما في خارج الصلاة ولك بكل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها وهذا خيرٌ عظيم، وإذا تيسر لك من يقرأك بعض السور القصيرة من أخواتك وجاراتك أو زوجك أو بعض محارمك فهذا خيرٌ عظيم مثل: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) سورة الفلق]. قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) سورة الناس]. تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) سورة المسد]. إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) سورة النصر]. قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) سورة الكافرونش]. إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ [(1) سورة الكوثر]. وغيرها من السور القصيرة فهذا خير، وإذا اجتهدتي في ذلك يسر الله لك ذلك. المقدم: تنصحونها سماحة الشيخ بالاستماع إلى الأشرطة التي فيها سور من القرآن لعلها تحفظ؟ الشيخ: ننصحك بسماع إذاعة القرآن من المملكة، ففيها مصالح كثيرة وخير كثير، ونوصيك أيضاً بسماع أيضاً هذا البرنامج نورٌ على الدرب ففيه خيرٌ كثير وعلمٌ كثير فنسأل الله لك التوفيق.  
 
10- لها أخوان توأمان أخت وأخ ، وتسال تقول : هل يجب العدل في التعامل معهما وفي إعطاءها كل شيء ؟
لا يجب، إنما هذا في الأولاد , النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: (اتقوا الله...)..... واعدلوا بين أولادكم) أما الإخوة والخالات والعمات والأقارب والآخرون فلا يجب العدل بينهم، لكن يكون المؤمن حكيماً، إذا كان عدم العدل بينهم قد يسبب مشاكل، وشحناء، فينبغي للمعطي أن يعدل، ويتحرى العدل حتى لا تقع بينه وبين قرابته مشاكل، فإذا كان أخوك وأختك لو أعطيت الأخ وتركت الأخت، قد يكون بينك وبينها مشاكل، فأحسني إن الله يحب المحسنين، أعطيها وأعطيه، وجودي عليهما جميعاً، وهكذا لو أعطيتها وتركتيه قد يكون هناك مشاكل، فأحسني إليهما جميعاً، أما إذا كان لا يترتب شيء ولا يحصل ضرر، فلا مانع أن تعطيها حاجتها، أو تعطيه كذلك هو، أو تخصيه بشيء أو تخصيها بشيء لا بأس بهذا. ربما تنطلق أختنا إلى قضية العدل بين التوأمين خاصة. لا، لا يلزم لا في التوأمين ولا في غيرهما، لا في التوأمين ولا في غيرهما، إنما هذا في الأولاد، ليس لها أن تخص بعض الأولاد دون بعض، لا الذكور ولا الإناث، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم).

468 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply