حلقة 292: التوبة تجب ما قبلها - حكم تغطية المرأة قدميها - حكم الصلاة بحضرة الطعام ومدافعة الأخبثان - الوسوسة في الصلاة - حكم إغماض العينين في الصلاة - الدعاء بعد الفريضة - مسألة الرسم - حكم الأكل مما تطبخه الخادمة الكافرة

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

42 / 50 محاضرة

حلقة 292: التوبة تجب ما قبلها - حكم تغطية المرأة قدميها - حكم الصلاة بحضرة الطعام ومدافعة الأخبثان - الوسوسة في الصلاة - حكم إغماض العينين في الصلاة - الدعاء بعد الفريضة - مسألة الرسم - حكم الأكل مما تطبخه الخادمة الكافرة

1- لقد ارتكبت كثيراً من المعاصي والمحرمات، والآن أشعر بالذنب -والواقع سماحة الشيخ إنه يسمي الأشياء التي أخطأ فيها تجنبت ذكرها لعله من الأفضل للبرنامج - وأخيراً يقول: دلوني على الطريق الصحيح لأني أبحث عن الطريق إلى التوبة، وبودي أن أقلع عن هذا إن شاء الله؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ، وصلى الله وسلم على رسول الله ، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: ج/ أيها السائل: اعلم أن رحمة الله أوسع ، وأن إحسانه عظيم، وأنه جل وعلا هو الجواد الكريم، وهو أرحم الراحمين، وهو خير الغافرين - سبحانه وتعالى-. واعلم أيضاً أن الإقدام على المعاصي شرٌ عظيم ، وفسادٌ كبير ، وسببٌ لغضب الله، ولكن متى تاب العبد إلى ربه توبة صادقة تاب الله عليه، فقد سأل النبي - صلى الله عليه وسلم- مرات كثيرة عن الرجل يأتي كذا ويأتي كذا من الهنات والمعاصي الكثيرة ، ومن أنواع الكفر ثم يتوب، فيقول الرسول - صلى الله عليه وسلم له -: (التوبة تهدم ما كان قبلها، والإسلام يهدم ما كان قبله). وفي اللفظ الآخر: (الإسلام يجب وما كان قبله، والتوبة تجب وما كان قبلها). يعني تمحوها وتقضي عليها. فعليك أن تعلم يقيناً أن التوبة الصادقة النصوح يمحُ الله بها الخطايا والسيئات حتى الكفر، ولهذا يقول - سبحانه وتعالى -: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [(31) سورة النــور]. فعلق الفلاح بالتوبة. وقال - سبحانه وتعالى -: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ [(8) سورة التحريم]. وعسى من الله واجبة. المعنى أن التائب التوبة النصوح تغفر له سيئاته ويدخله الله الجنة فضلاً منه وإحساناً - سبحانه وتعالى -، فعليك يا أخي بالتوبة الصادقة ولزومها والثبات عليها، والإخلاص لله في ذلك، وأبشر بأنها تمحوا ذنوبك ولو كانت كالجبال ، وشروط التوبة ثلاثة: الندم على الماضي مما فعلت ندماً صادقاً، والإقلاع من الذنوب ورفضها وتركها مستقبلاً طاعةً لله وتعظيماً له، و العزم الصادق أن لا تعود إلى تلك الذنوب، هذه أمورٌ لا بد منها، أولاً: الندم على الماضي منك ، والحزن على ما مضى منك. الثاني: الإقلاع والترك لهذه الذنوب دقيقها وجليلها. الثالث: العزم الصادق أن لا تعود فيها. فإن كانت عندك حقوقاً للناس أموال أو دماء أو أعراض فأدها إليهم، هذا أمرٌ رابع من تمام التوبة، عليك أن تؤدي الحقوق التي للناس، إن كان قصاص تمكن من القصاص إلا أن يسمحوا بالدية، إن كان مال ترد عليهم أموالهم إلا أن يسمحوا ، إن كان عرض كذلك، تكلمت في عرضهم واغتبتهم تستسمحهم، وإن كان استسماحهم قد يفضي إلى شر فلا مانع من تركه، ولكن تدعوا لهم ، وتستغفر لهم، وتذكرهم بالخير الذي تعلمه منهم في الأماكن التي ذكرتهم بالسوء فيكون هذا كفارةً لهذا، وعليك البدار قبل الموت، وقبل أن ينزل بك الأجل، عليك البدار والمسارعة ثم الصبر والصدق، يقول الله - سبحانه وتعالى -: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [(135) سورة آل عمران]. افهم معنى : ولم يصروا يعني لم يقيموا على المعاصي، بل تابوا وندموا وتركوا: ولم يصروا على ما فعلوا مهم يعلمون، ثم قال بعد هذا: أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ [(136) سورة آل عمران]. هذا جزاء التائبين الذين أقلعوا ولم يصروا مغفرة وجنة، فأنت إن شاء الله منهم إذا صدقت في التوبة، والله ولي التوفيق.  
 
2- ما حكم تغطية القدم أثناء الصلاة، وهل كشفه يؤثر على الصلاة أم لا؟
نعم، على المرأة أن تغطي أقدامها في الصلاة عند جمهور أهل العلم ، وقد ورد في هذا عند أبي داود حديث رفعه بعضهم ووقفه على أم سلمة آخرون، وهو أنها سئلت أم سلمة - رضي الله عنها- عن ذلك، عن تغطية المرأة أقدامها في الصلاة، فقالت - رضي الله عنها - قالت للسائلة: هل يجزئ المرآة أن تصلي في درعٍ وخمار؟ فقالت أم سلمة: نعم، إذا كان الدرع ساتراً يغطي ظهور قدميها. وفي رواية: عزت ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم-. فالمقصود أن المرأة عليها أن تستر قدميها إما بإرخاء الثياب الطويلة، وإما بالجورب وليس لها أن تصلي وهي مكشوفة القدمين، بل تكون الثياب ساترة طويلة، أو يكون عليها جوارب.  
 
3- قرأت عبارة بأنه لا يجوز للمسلم أن يصلي وهو يدافع الأخبثين، ولا وهو بحضرة طعام يشتهيه؟ حبذا لو شرحتم لنا هذا سماحة الشيخ؟
هذا حديث صحيح، عن النبي - صلى الله عليه وسلم- رواه مسلم في الصحيح عن عائشة - رضي الله عنها- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان). فالمسلم إذا حضر الطعام ينبغي له أن يبدأ بالطعام حتى لا تشوش في صلاته فيبدأ بالطعام حتى يتفرغ للصلاة وحتى يصليها بقلبٍ حاضر وبخشوع، هذا من تعظيم الصلاة . وفي اللفظ الآخر: (إذا حضر العشاء والعِشاء فابدأوا بالعشاء)، لأنه إذا بدأ به استراح قلبه ، واستراحت نفسه ، وأقبل على صلاته بخشوع، وهكذا إذا كان يدافع الأخبثين البول والغائط ولا يستطيع الصبر فإنه لا يصلي في هذه الحالة ، وإن كان فيها قطعها ، وذهب يقضي حاجته ولو فاتته الجماعة، ثم يصلي ولو وحده ولا يصلي وهو يدافعهما عن شدة، أما إذا كان تأثيرهما خفيفاً لا يسبب شيئاً من المشاكل فلا بأس، أما إن كان يحتاج إلى مدافعة ؛ لأنه يتعبه فإنه يقطعها إن كان فيها ، وإن كان لم يدخل فيها لا يدخل بل يذهب ويقضي حاجته ثم يأتي إلى الصلاة ، فإن أدرك الجماعة صلّى معهم ، وإن فاتتهم صلّى وحده، أو صلّى مع من تيسر ممن فاتته الصلاة مثله. المقدم: الواقع يبرز هنا سماحة الشيخ مجموعة من محاسن الإسلام التي ترعى الحياة الصحية لبني الإنسان، وأنها تجعله يفضل مأكله وغذاءه حتى على أداء الفريضة في وقتها شريطة أن لا يتخذ ذلك عادة فيما أعتقد؟. الشيخ: هذا فيه مصالح ، ...... المصلحة الأولى: وهي العظمى تعظيم الصلاة، حتى لا يدخل فيها مشغول البال، غير خاشع ، وغير مطمئن ، وغير مقبل عليها بقلبه، فإن من يتذكر الطعام الحاضر بين يديه وهو محتاج إليه فيشتهيه سيشغل به، ويستثقل تمام الصلاة، فلا يؤديها كما ينبغي بالخشوع والإقبال وحضور القلب. والأمر الثاني: إذا كان يدافع الأخبثين فإنه سوف سيؤديها بتملل وتثاقل ويحرص على إنهائها ليقضي حاجته. وأمرٌ آخر: وهو أنه قد يضره ذلك قد يضره مدافعته الأخبثين قد يسبب عليه أمراضاً ومشاكل ، فمن رحمة الله أن شرع له أن يبدأ بالتخلص منهما، وأن شرع له أن يبدأ بالطعام الحاضر حتى لا تعلق نفسه به، فلا يكمل صلاته كما ينبغي.  
 
4- أنها كثيرة الوسوسة في الصلاة، بما تنصحونها شيخ؟
الواجب عليك أن تتقي الله - سبحانه وتعالى-، وأن تحذري طاعة عدو الله الشيطان، لأنه عدوٌ مبين؛ كما قال الله - سبحانه وتعالى -: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [(6) سورة فاطر]. وقد أنزل الله فيها سورةً مستقلة، وهي قوله - سبحانه وتعالى -: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ* مَلِكِ النَّاسِ* إِلَهِ النَّاسِ* مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ وهو الشيطان. فالواجب عليك أن تحاربيه، وأن تحذري مكائده ووساوسه، وأن لا تليني له، فإن الإنسان متى لآن لعدو الله طمع فيه، وأشغله في وضوءه وصلاته وسائر أحواله، ولكن عليك بالرفض لوساوسه، إذا توضأتِ فانتهي ولا تعيدي الوضوء، ولا تقولي أخاف كذا ، وأخاف كذا، لا، متى انتهيت وغسلت قدميك فانتهي، واذهبي للصلاة، ومتى صليتِ فلا تعيدي الصلاة تقولي أخاف قصرت في كذا، أخاف كذا، دعي هذه الوساوس ومتى كبرت لا تعيدي التكبير، يكفي التكبير الذي جرى، ولا تقولي: أخشى أخشى كل هذا من عدو الله. فالمقصود من هذا أن الواجب عليك أن تحاربي عدو الله محاربة قوية شديدة حتى تخلصي منه، وحتى لا يطمع فيك بعد ذلك، أما إذا أعطيته الليان ، وتساهلت معه فإنه سيطمع فيك وسوف يضرك ضرراً عظيماً ، وربما صيرك كسائر المجانين في تصرفاتك ؛ لأنه غلب عليك بالوساوس فاتقي الله واحذري عدو الله، وقولي أيضاً: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، تعوذي بالله من الشيطان الرجيم، واسألي الله أن يقيك شر عدو الله، وأن يعينك على محاربته ، واستحضري عظمة الله - عز وجل -، ووجوب طاعة أمره بالتعوذ بالله من الشيطان وعدم الخضوع للوساوس وهذا مما يعينك على طاعة الله وعلى ترك الوساوس.  
 
5- إنها شابة وموظفة وتبلغ من العمر ثمانية وعشرين سنة وغير متزوجة، قدم لها شاب لا يعرف الكتابة ولا القراءة ويعمل نجاراً، فقالت للشاب: روح تعلم كيف تكتب اسمك ثم تقدم للخطبة، وحينئذٍ عاد هذا فانتحر - كما تقول - وبدأ أصدقاؤها وأقرباؤها يلومونها على هذه اللفظة التي طلعت منها، حتى أن البعض قال: لقد ارتكبت رقبة، وهي الآن في قلق كبير، بما تنصحونها سماحة الشيخ؟
ليس عليك بأس يا أختي، ليس عليك بأس، نصحتيه يتعلم شيئاً من الكتابة، وليس عليك بأس وكونه انتحر، هذا من سخافة عقله، ومن جهله وقلة بصيرته، أنت ما قلتي له إلا خيراً ، وتعلم الكتابة القليلة ميسر ليس بصعب، كونه يتعلم عند الكتاب أو عند بعض أصحابه من الإخوان كل هذا ميسر، فنصيحتك له، إذا قلتي له: تعلم الكتابة أو تعلم وتفقه في دينك، أو تعلم القرآن كل هذا طيب ليس فيه شيء، وليس عليك بأسٌ من ذلك، وإثمه عليه، انتحاره، أما أنت فليس عليك شيء واطمئني ودعي قول الناس. ونوصيك أيضاً أن لا تردي الطيب ولو كان عامياً لا يكتب ولا يقرأ، نوصيك في المستقبل إذا خطبك الطيب والمعروف بالاستقامة في دينه وصلاته وسمعته الحسنة فلا ترديه وإن كان لا يقرأ ولا يكتب ، والنصيحة بعد ذلك، بعد الزواج بينك وبينه، فلا تردي الطيب وإن كان لا يقرأ ولا يكتب- وفق الله الجميع-.  
 
6- هل يجوز للمرآة أن تخطب في جمع من الناس فيه رجال ونساء وبواسطة مكبرات الصوت باسم الدين، وتصوير تلك الندوة - كما يسمونها - بأفلام الفيديو، ويتم توزيعها داخل وخارج البلد وكل ذلك باسم الدين، وهل في الإسلام قاعدة اسمها الغاية تبرر الوسيلة؟
هذه الخطبة لا حرج فيها، كون المرأة تخطب الناس وتذكر الناس وإن كان فيهم رجال لا مانع من ذلك بالصوت العادي، لا بخضوع ولا بصوت آخر منكر ، كما قال جل وعلا: يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا [(32) سورة الأحزاب]. فإذا كانت الخطبة قولاً معروفاً ليس فيه شيءٌ مما يعتبر خضوعاً في القول ، والمقصود النصيحة ، فقد نصح الصحابيات وغير الصحابيات نصحوا الرجال ونصحوا النساء، والله – سبحانه- يقول: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ [(71) سورة التوبة]. ويقول - سبحانه وتعالى -: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا [(33) سورة فصلت]. وهذا يعم الرجال والنساء جميعاً، فإذا خطبت وذكرت ودعت إلى الله فلا بأس في ذلك، بشرط الصيانة والبعد عن الخلوة بأي رجل من غير محارمها ومع الحجاب كل هذا لا بأس به. أما التصوير فهذا الذي ينكر فإنها لا تصور إلا إذا كان تصويرها وهي مستورة متحجبة في وجهها وفي كل شيء فلا يضر تصويرها، لكن جنس التصوير ينبغي أن لا يفعل في هذه المسائل، بل ينبغي أن يسجل سماعاً من دون صورة ؛ لأن الصورة أصلها ممنوع ومحرم كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: (أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون). فلا حاجة إلى التصوير ولا حاجة إلى تصويرها ، ولكن يسجل الكلام تسجل الخطبة والموعظة، وينفع الله بها من يشاء من دون حاجة إلى التصوير.  
 
7- إني في صلاتي أغمض عيني، وإني في هذا ألقى خشوعاً، وعندما رآني صديقٌ لي، قال: لا يجوز هذا وإن صلاتك لا تصح، رأيكم لو تكرمت؟
إغماض العينين في الصلاة مكروه عند العلماء، ولكنه لا يضر الصلاة، الصلاة صحيحة، ولا يضر، إذا أغمضت عينيك لا حرج في ذلك، بل قال بعض أهل العلم أنه إذا كان أخشع لقلبه فلا بأس، ولكن الأظهر والأقرب أنك لا تغمض، ويقال أن هذا من فعل اليهود في صلاتهم. فالحاصل أن الأفضل لك أن لا تغمض عينيك مطلقاً ، وأن تجتهد في الخضوع من دون إغماض عينيك، هذا هو الأحوط والأفضل، أما الصلاة فصحيحة، ولو أغمضت عينيك لا يضر، ليس من شرط فتح العينين.  
 
8- هل الدعاء بعد الفرض سنة أم بدعة، كما قال لي بعض الأشخاص؟
الدعاء بعد الفرائض بينك وبين ربك لا بأس به، وقد دعا النبي - صلى الله عليه وسلم- فلا بأس إذا دعوت بعد الفريضة بعد الذكر الشرعي، فلا بأس أن تدعوا والدعاء في آخر الصلاة قبل السلام أفضل وأكمل وأحرى بالإجابة، لكن لا يكون برفع اليدين ولا بالدعاء الجماعي ،لا ، يكون بينك وبين ربك من دون رفع اليدين بعد الفريضة، لأن هذا لم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه رفع يديه بعد الفريضة ولا أن الصحابة رفعوا أيديهم ولا رفعوا رفعاً جماعياً ولا دعوا دعوةً جماعية لا، ولكن الإنسان يدعوا بيه وبين نفسه وبين ربه بعد فراغه من الذكر لا بأس بذلك ولا حرج، في الفريضة والنافلة جميعاً.   
 
9- عندي أخت هوايتها الرسم، وبعد إكمالها دراستها في الثانوية والتحقت بالجامعة نمت هذه الهواية، واستمرت معها، وكانت ترسم الأشياء على حقيقتها أو مطابقة لها إلى حد كبير، وعندما نصحتها بترك هذا الشيء وذكرتها بأحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - في هذا، تقول: إنها هوايتي ولا أستطيع التخلي عنها، ومع ذلك فهي شابة خلوقة متمسكة بأوامر دينها، فأرجو منكم أن تشرحوا في هذا شرح وافياً، لعل الله يدلها إلى الطريق الصحيح؟
الواجب على كل مسلم ومسلمة أن يتحرى أوامر الله ، وأن يطيع أمره وأمر الرسول - عليه الصلاة والسلام-، وأن لا يحتج على هذا بالهواية، فطاعة الله ورسوله مقدمة على الهواية ، فلو كانت هوايته الشرك يشرك بأن هوايته الشرك، أو كانت هوايته شرب المسكرات هل يشرب المسكرات، أو كانت هوايته ترك الصلاة والنوم عنها هل يترك الصلاة؟، كل هذا غلط، الواجب تحكيم الصلاة في كل شيء في الهوايات وغير الهوايات والآراء، فإذا كانت هوايتها التصوير فتصور الشجر والجبل والسيارة ومناظر الحياة، أما تصوير ذوات الأرواح فلا، وعليها أن تدع هوايتها من أجل طاعة الله ورسوله، ولو كانت تزني وتقول هوايتي الزنى هل لها رخصة في ذلك لأنه هواية، عليها أن تدع الزنا طاعةً لله ورسوله، أو كانت تشرب المسكر أو التدخين، فهل تفعل ذلك وتستمر عليه، لا، عليها أن تدع ذلك، وأن تترك هذه الهواية طاعةً لله ولرسوله، وهكذا لو كانت هوايتها ترك الصلاة فعليها أن تدع هذه الهواية وأن تتوب إلى الله وأن تبادر بالصلاة في أوقاتها ، وتدع هذه الهواية الخبيثة، وهكذا بقية الهوايات التي تخالف شرع الله، يجب أن تترك طاعةً لله ورسوله، وأن يلتزم المؤمن والمؤمنة بأمر الله ورسوله.
 
10- ميمونة وأفنان وآسيا من الوشم، أشيجر، يقلن: إن لدينا خادمة كافرة، فهل لنا أن نأكل مما تصنع وأن نشرب مما تصنع، وهل لوالدنا البقاء معها وأن يأكل ويشرب مما تصنع أيضاً؟ أفيدونا في مثل هذا لو تكرمتم؟
الأكل مما صنعت والأكل مما قدمت لكم لا حرج فيه، إذا كانت لا تذبح، وإنما تطبخ وتقدم الطعام لا حرج في ذلك، أما الذبح فيتولاه المسلم، إلا أن تكون كتابية يعني نصرانية فذبيحتها صحيحة، إذا ذكرت اسم الله عليها ولم تتعمد تركها فهذا لا يضر ولو ذبحت أيضاً، لكن لا يجوز لكم بقاءها عندكم، يجب إبعادها ؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم- أوصى بإخراج الكفرة من هذه الجزيرة، وأمر بإخراج اليهود والنصارى من هذه الجزيرة، فالواجب عليكم إخراجها وردها إلى أهلها، واستبدالها بالمسلمة إلا أن يهديها الله على أيديكم فتسلم فالحمد لله، أما أبوكم أيها السائلة فليس له أن يختلي بها بل يحرم عليه كذلك، وهو مثلكم في أكل طعامها ونحو ذلك، لكن ليس له الخلوة بها ولا النظر إلى محاسنها ، بل يجب عليه غض البصر فيما قد يبدوا له منها، وعليه أن لا يخلوا بها كغيرها من الأجنبيات، وهكذا أخوك وهكذا عمك كلهم عليهم الحذر من النظر إليها أو الخلوة بها، وعليكم جميعاً أن تتقوا الله وأن تبعدوها إلى بلادها، وأن تستبدلوها إذا احتجتم بغيرها من المسلمات، إلا أن يهديها الله بأسبابكم إلى الإسلام فالحمد لله.   
 
11-   إنها لحظت عليها عدة أخطاء متكررة، ونبهت والدها ولم يلتفت إلى ما قالت، بل أجابها بأن تغادر البيت إن لم يناسبها الوضع، وفعلاً قامت بمغادرة المنزل نتيجة ما رأت من عمتها هذه، والآن تطلب نصيحة لوالدها ولعمتها في نفس الوقت، ولها هي، كيف تتصرف سماحة الشيخ؟
أما زوجة أبيها المذكورة فعليها أن تتقي الله إذا كانت تتعاطى ما حرم الله عليها أن تتقي الله، سواءً كان ذلك زناً أو شرب المسكر أو خيانة لزوجها في ماله أو غير ذلك، عليها أن تتقي الله فيما انتقدت عليها البنت، من أجل معصية ، عليها أن تتقي الله وأن لا تصر على المعصية، وعلى الزوج الذي هو أبو البنت أن يتقي الله أيضاً وأن يلاحظ الزوجة وأن يحذرها مما حرم الله، وأن يراقبها حتى لا تكون تجر عليه شراً كثيراً، فعليه أن يتقي الله في ذلك حتى يحاسبها وينظر في أمرها ، وعلى المرأة أن تتقي الله في ترك المعاصي، وعلى البنت أن تتقي الله والسائلة أن تتقي الله وأن تحفظ لسانها وأن لا تنقل الفاحشة وتفشيها، بل عليها أن تكتم ذلك وأن تنصح زوجة أبيها ولو طالت المدة ولو كثر النصح، عليها أن لا تيأس، وعليها أن تستمر في النصيحة لعل الله أن يهديها بها، وأما ما جرى من المرأة مع زوجها فهذا الله - جل وعلا - يتولى حسابها إذا كان الزوج لم يعرف، وأنت قد تكونين متهمة فيها لأنها جارة أمك فلهذا لا يصدقك أبوك من أجل تهمته لك بأنك تبغضينها من أجل أنها ضرة أمك. فالحاصل أنك لا تلومين الوالد في كونه لا يصدقك لأنه قد يتهمك، ولكن أنتِ اتق الله واتركي إشاعة الفاحشة وإشاعة المنكر، واستمري في النصيحة مع أبيك ومع زوجة أبيك وإذا كان أحدٌ يعلم ذلك فأشيري عليه أن ينصحها وأن يساعدك في نصيحتها إذا كان عنده علمٌ بذلك، وهذا هو الذي يلزمك وقد أبرأت ذمتك والحمد لله.  
 
12- أشك أنني رضعت زوجتك يا ولدي! وللتأكد من ذلك سألت والدي البنت، ولكنهما قالا: لم نشاهدها على الإطلاق وهي ترضع ابنتنا، والسؤال هو: ما حكم مدى استمراري مع زوجتي مع وجود هذا الشك، وما الحكم إذا قالت أمي إنها رضعت زوجتي ولكنها لم تعرف عدد الرضعات، ثم ما الحكم إذا تأكدت من الرضاعة وعدد الرضعات فيما بعد ، أفيدونا عن ذلك ولكم تحياتي؟
أما أولاً: فإن الشك لا يؤثر على نكاحك، ولا بأس أن تستمع بزوجتك ما دام الوالدة ليس عندها ضبطٌ للرضاعة، ولا تعلم عدد الرضعات وإنما هو شك فالشك لا يحرم الحلال، بل عليك أن تبقى مع زوجتك، وأن تستمر في معاشرتها ولا يضرك هذا الشك من الوالدة ، أما إن جزمت الوالدة بأنها أرضعتها خمس رضعات في الحولين أو أكثر من ذلك فينظر في الأمر، فإن كانت الوالدة تتهمٌ ببغضها وتحب فراقك لها، وهناك علامات تدل على أنها تريد ذلك ، فإنها لا تقبل شهادتها ولا يعمل بذلك، وتبقى زوجتك معك. أما إن كانت الوالدة ثقة وأنت تطمئن إلى قولها، وليس بينها وبين زوجتك ما يسبب التهمة، فإنك تعمل بقولها وتفارق المرأة، متى جزمت أمك بأنها أرضعتها خمساً في الحولين، أو أكثر من الخمس، وهي ثقة معروفة عندك بأنها صدوق، وبأنها لا تُتهم في حق زوجتك بأي وجهٍ من أوجه التهم، إذا اطمأننت إلى شهادتها، وأنها صادقة في ذلك، ففارق المرأة، نسأل الله أن يعوضك عنها خيراً، إذا وقعت المفارقة. بارك الله فيكم سماحة الشيخ: كيد النساء - ولا تؤاخذوني في هذا الباب - أليس له مجال؟ ما في شك، كيدهن عظيم، ولهذا قلتُ: إني أخشى أن يكون بينها وبينها شيء، فلهذا بدى لها أن تقول هذا الكلام؛ لأنها قد سكتت مدة طويلة، فأخشى أن يكون بدى لها شيء؛ لأن المرأة خالفتها في شيء، عاندتها في شيء، فأرادت أن تكيد لها في هذه الدعوى، أو بهذه الشهادة، فإذا كان هناك شك في عدالة هذه الشهادة، أو صدق هذه الشهادة، فالولد لا يلزمه طاعة أمه في هذا. بارك الله فيكم إذاً توصون هذا الزوج بأن يتأكد تماماً، ولا يقدم على فراق زوجته وأولاده إلا بعد التأكد الصحيح المبني على أسس صحيحة؟ نعم. بارك الله فيكم سماحة الشيخ

327 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply