حلقة 297: نساء أكملن أعمال الحج بعد فقد محرمهن - للمسافر الجمع والقصر - جمع صور ذوات الأرواح - مشاهدة التماثيل والمسلسلات - حد اللحية - حكم إسبال الإزار - الصلاة خلف من يحلق لحيته أو يشرب الدخان - القتل خطأ في حادث سيارة

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

47 / 50 محاضرة

حلقة 297: نساء أكملن أعمال الحج بعد فقد محرمهن - للمسافر الجمع والقصر - جمع صور ذوات الأرواح - مشاهدة التماثيل والمسلسلات - حد اللحية - حكم إسبال الإزار - الصلاة خلف من يحلق لحيته أو يشرب الدخان - القتل خطأ في حادث سيارة

1- لقد حجت والدتي مع ولد أخيها وأمه، وعندما بدءا في طواف القدوم ومع شدة الزحام تفرقوا، وذهب الولد بعيداً، وأصبحت والدتي ووالدته بدون محرم، إلا أنهن أتممن بقية النسك مع أناس معروفين لدينا في القرية، إلا أنهم -كما قلت- ليسو بمحارم، ولكن خوفاً عليهن من الضياع، ولكبر السن حيث يتجاوزن (45) عاماً، ولبعد مكاننا عن مكة المكرمة وخوفهن من ضياع الوقت في البحث عن ذلك الولد أكملن الحج، ولم يتقابلن مع الولد إلا بعد انتهاء الحج، فما حكم ما فعلن؟ وهل تأثر حجهن أو لا؟ نرجو توضيح ذلك ولكم الأجر والثواب.

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فإذا كان الواقع هو ما ذكره السائل فحجهن صحيح، وليس من شرط الطواف أو السعي أو رمي الجمار أو الوقوف بعرفة أو بمزدلفة ليس من شرط ذلك المحرم، المحرم إنما هو شرطٌ في السفر لا يسافرن إلا بمحرم، أما كونهن يؤدين الأنساك بدون محرم فلا يضرهن ذلك، فإذا وقفت المرأة بعرفات وليس معها محرمها أو في مزدلفة أو رمت الجمار أو طافت أو سعت وليس معها محرمها فلا حرج في ذلك، وحجهن صحيح، ورميهن صحيح، ووقوفهن صحيح والحمد لله.  
 
2- إذا سافرت لمسافة تزيد عن (150) كيلو مترا وأدركني وقت الظهر، ولظرف ما أخرته إلى وقت العصر، فهل يجوز لي الجمع والقصر في وقت العصر، أو لا يصح ذلك، وإنما الجائز جمع فقط بدون قصر؟ أرجو توضيح ذلك، ولكم الشكر.
المسافر يجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، ويقصر الظهر والعصر والعشاء، هذا من سنة السفر، أن يقصر يصلي الظهر اثنتين والعصر اثنتين والعشاء اثنتين، أما المغرب فيصليها ثلاثاً تماماً والفجر كذلك اثنتين، وله أن يجمع بين الظهر والعصر ما دام في السفر فيصليهما في وقت الأولى وهي الظهر، أو في وقت الثانية وهي العصر، أو بينهما، وله أن يجمع بين المغرب والعشاء فيصليهما في وقت المغرب جمع تقديم أو في وقت العشاء جمع تأخير، أو بين الوقتين في آخر الوقت الأول وأول الوقت الثاني كل هذا لا بأس به والحمد لله، الأمر واسع.  
 
3- ما حكم تجميع الصور الفوتوغرافية لذوات الأرواح للذكرى؟
لا يجوز جمع الصور ذوات الأرواح للذكرى بل يجب إتلافها؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال لعلي -رضي الله عنه-: (لا تدع صورةً إلا طمستها)، ولما ثبت في حديث جابر عند الترمذي وغيره أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الصور في البيت، وأن يصنع ذلك، فجميع الصور التي للذكرى تتلف، بالتمزيق أو الإحراق، وإنما يحتفظ بالصورة التي لها ضرورة، كالصورة التي في التابعية وما أشبه ذلك مما يكون هناك ضرورة لحفظه، وإلا فالواجب إتلافها، نعم.  
 
4- ما حكم مشاهدة التماثيل التي تعرض في الفيديو أو السينما، أو ما في حكم ذلك، ولا سيما وهو معروف أن في تلك التمثيليات كثير من النساء المتبرجات؟
مشاهدة الصور في التلفاز أو في الأفلام، الصور الخليعة للنساء أو للرجال الذين لم يتستروا أو على فعل الفاحشة أو على فعل بعض المنكرات كل هذا لا يجوز، فلا يجوز للمسلم أن يشاهد صور النساء غير المتحجبات ولا شبه العاريات ولا صور الرجال الذين قد كشفوا أفخاذهم، أو يلعبون بما حرم الله من القمار أو بالملاهي: آلات الملاهي، أو يتعاطون الغناء المحرم، كل هذا يجب تركه والحذر منه، لأنها منكرات مشاهدتها لا تجوز، ولأن مشاهدتها أيضاً قد تجر إلى فعلها واستحسانها، فينبغي للمؤمن أن يصون نفسه عن ذلك، وإنما يرى من التلفاز ما فيه مصلحة، كمشاهدة ندوات علمية أو صناعية أو غير هذا مما ينفع المشاهد، أما كونه يشاهد أشياء محرمة فلا يجوز.  
5- ما حكم حلق العارضين وترك الذقن؟
اللحية عند أئمة اللغة هي ما نبت على الخدين والذقن يقال لها: لحية، اللحية بالكسر هي التي في الشعر النابت على الخدين من الذقن، فلا يجوز للمسلم أن يأخذ شعر خديه ولكن يجب توفير ذلك مع الذقن، توفير هذا مع هذا، هذه اللحية، واللحية وجه الإنسان، تقول العرب: ظهر وجه فلان، يعني ظهرت لحيته، فهي وجه الرجل المميز له عن النساء، فلا يجوز له حلقها ولا قصها لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (قصوا الشوارب واعفوا اللحى خالفوا المشركين)، ولقوله -عليه الصلاة والسلام-: (قصوا الشوارب ووفروا اللحى خالفوا المشركين)، رواه البخاري في الصحيح. وقال ابن عمر -رضي الله عنهما-: إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمرنا بإحفاء الشوارب، وإرخاء اللحى)، متفقٌ على صحته. وروى مسلم في الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (جزوا الشوارب، وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس)، فيجب على المؤمن توفير اللحية وقص الشارب كما أمر بهذا نبينا، وإمامنا محمد -عليه الصلاة والسلام-، وفي ذلك الخير العظيم وفي ذلك إحياء السنة، وفي ذلك التأسي بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وامتثال أمره، وفي ذلك البعد عن مشابهة النساء والكفرة، فالواجب على المؤمن أن لا يغتر بهؤلاء الحليقين وأن لا يتأسى بهم، وأن ينظر من الذي أمره، من هو الذي أمره؟ أمره الرسول -صلى الله عليه وسلم- الذي بعثه الله هادياً ومبشراً ونذيراً، والذي قال فيه -جل وعلا-: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ[الحشر: 7]، وقال فيه -سبحانه وتعالى-: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[النــور: 63]، وقال فيه -عز وجل-: وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ[النساء: 13-14] في آيات كثيرات.  
 
6- ما حكم إطالة الإزار من غير كبر ولا مخيلة؟
يجب على المؤمن أن يتأدب بالآداب الشرعية، وأن تكون ملابسه إلى الكعب فقط، لقول المصطفى -عليه الصلاة والسلام-: (ما أسفل الكعبين من الإزار فهو في النار)، رواه البخاري في الصحيح، ولم يقل إذا كان متكبراً أو إذا كان من الخيلاء، بل أطلق وعمم، وقال -عليه الصلاة والسلام- فيما رواه مسلم في الصحيح من حديث أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل إزاره، والمنان فيما أعطى، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب)، ولم يقل إذا كان متكبراً، بل قال: (المسبل إزاره)، والقميص والبشت من جنس الإزار، وهكذا السراويل يجب أن تكون كلها فوق الكعب لا تنزل عن الكعب، وإذا كان إسبالها عن كبر صار الإثم أعظم لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (من جره ثوبه خيلاء لم ينظر الله إلى يوم القيامة)، وهذا لا يقيد بقية النصوص، بل بقية النصوص على حالها ومن قيدها فقد غلط، هذا له شأن وهذا له شأن، فإذا فعلها كبراً وخيلاء صار إثمه أكبر، وإذا فعلها عن تساهل صار إثمه أسهل، ولكنه قد فعل محرماً. ثم إرخاء الملابس وسيلة للكبر، والغالب أن من أرخاها وتعمد ذلك الغالب عليه التكبر والخيلاء والتعظم، ثم هذا الإرخاء وسيلة إلى إفساد الألبسة بالأوساخ وتعريضها للنجاسات، ثم هو أيضاً نوعٌ من الإشراك لا وجه له ولا داعي له، فالواجب رفعها والحذر من إرخاءها تحت الكعب، وقد جاء في حديث جابر بن سليم عند أهل السنن يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إياك والإسبال فإنه من المخيلة)، فجعل الإسبال كله من المخيلة قصد أو لم يقصد، جعل الإسبال كله من المخيلة، لأنه إن لم يقصد فهو وسيلة إلى القصد، ما الذي حمله واستمر على هذا تعمداً، لماذا؟ لولا أن في نفسه شيئاً فالحاصل محرمٌ مطلقاً، هذا هو الحق والصواب وإن لم يتكبر، لكن إذا قصد التكبر كان الإثم أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله. سماحة الشيخ: هناك من يبالغ في تقصير الثياب مبالغة لدرجة أنها أصبحت كالممقوتة، ماذا يقول الشيخ لمثل هؤلاء؟ السنة في هذا أن تكون الثياب من نصف الساق إلى الكعب، فإذا رفعها فوق النصف تركه أو لا ينبغي، لأنه وسيلة إلى التكشف، ولأنه فيه نوعٌ من الشهرة والازدراء، وسحبها تحت الكعب لا يجوز، ولكن بين ذلك، أما العورة فحدها الركبة، لكن إذا نزلها إلى الركبة وجعلها إلى نصف الساق يكون أولى وأبعد عن الشهرة، وأبعد عن ظهور العورة، لأنه إذا كانت حول الركبة قد تظهر العورة بتساهلٍ منه أو غفلةٍ منه أو ريح تهب فتظهر العورة، فإذا أنزلها إلى النصف كان هذا أسلم وأبعد عن ظهور العورة، فإزرة المؤمن إلى نصف الساق، وإذا نزل إلى الكعب فلا بأس، ولا يجوز تحت الكعب، ويكره فوق النصف.   
 
7- أيهما الصحيح: أن أصلي خلف إمام يحلق لحيته، أم خلف إمام يشرب الدخان، ولماذا؟ أفيدونا أفادكم الله
إذا تيسر لك أن لا تصلي خلف هذا ولا خلف هذا فهو أولى، لا تصلي خلف المدخن ولا خلف الحليق، إذا تيسر لك إمامٌ آخر في مسجدٍ آخر، لأن هذا أسلمُ لصلاتك وأسلم لدينك، ولكن الحليق إثمه أظهر لأنها معصية ظاهرة، والمدخن قد تختفي معصيته، قد يكون أسباب تخفيها من التنظف والتطيب حتى لا يظهر ريح الدخان، أما اللحية فهي معصية ظاهرة ومجاهرة بما حرم الله -عز وجل-، فإثمه أكثر وأكبر وشره أعظم، وإن كان كلاهما محرماً هذا وهذا، التدخين محرم وفيه مضار كثيرة ولكن صاحبه قد يختفي به، أما حلق اللحية فلا حيلة في الاختفاء بيها لأنها معصية ظاهرة وتشبه بالمشركين وبالنساء فجيب الحذر من هذا ومن هذا جميعاً. والواجب على المسؤولين عن المساجد أن لا يولوا من كانوا بهذه الصفة وأن يختاروا للإمامة أهل الاستقامة الذين لا يتظاهرون بالمعصية، وذلك بإعفاء اللحية، وبالبعد عن التدخين، وهكذا وغير ذلك من المعاصي الظاهرة، نسأل الله للجميع الهداية. الواقع الإمامة الشيخ عبد العزيز كثيراً ما تنصحون بأن يكون الإمام على ما هو كذا وكذا من الصفات، وكثيرٌ من إخواننا أصبحوا يشتكون من هذا الموضوع فيقولون: أصبح يؤمنا أناسٌ كانوا معروفين بأنهم من القبوريين وآخرون يشكون من أئمة يعرفون أنهم من فرقة كذا وكذا من تلك الفرق التي اختلفت في الأسماء والصفات كالأشاعرة مثلاً، وهلم جرا، يشرحون كثيراً من هذه الأمور، كلمة حول هذا لو تكرتم سماحة الشيخ؟ الواجب على وزارة الحج والأوقاف والمسؤولين فيها أن يخافوا الله -عز وجل- وأن يحذروا التساهل في هذا الأمر، وأن يبذوا قصارى جهدهم في اختيار الأئمة، وأن لا يولى إلا المعروف بالعقيدة الصحيحة السلفية، وأن لا يولى إلا من هو بالمظهر الشرعي، فقد عفى لحيته، وترك الإسبال حتى يكونوا أبرؤوا الذمة، هذا هو الواجب عليهم، يعني الواجب على ولاة الأمور ومنهم وزارة الحج والأوقاف والمسؤولين فيها الواجب عليهم أن يتحروا الأئمة وهكذا المؤذنون، ولكن الإمام أعظم، فيجب أن يتحروا في أن لا يولوا إلا من هو صالح للإمامة في عقيدته وفي مظهره الشرعي، والعقيدة أهم وأعظم، فالواجب على المسؤولين في الأوقاف أن يعنوا في الأمر، وأن يتقوا الله، وأن يتعاونوا مع المحاكم ومع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، ومع الهيئة ومع كل من يظنون فيهم الخير، أن يختار لهم الإمام وأن يعينهم وأن يدلهم وأن يرشدهم على الأئمة، والواجب على أهل العلم أن يستجيبوا، الواجب على أهل العلم من المدرسين والقضاة أن يستجيبوا للإمامة حتى يسدوا هذا الفراغ العظيم الذي أحرج الأوقاف أن تستورد من لا يرضى في دينه ولا في خلقه، فالواجب على القضاة وعلى العلماء أن يشاركوا في الإمامة وأن يحتسبوا الأجر، وأن يصبروا حتى يسدوا فراغاً عظيماً في هذه المسألة، وهنا عزمٌ من الدولة في إيجاد معاهد للأئمة والخطباء وهذا متى تحقق إن شاء الله سد هذه الثغرة وسد هذا الفراغ، وقد تمت الموافقة على افتتاح معهد للأئمة والخطباء في الرياض، ونرجوا أن يفتتح مثله في المدينة ومكة، وهكذا في المدن الأخرى كالقصيم وحائل وأبها ونحو ذلك حتى يسد هذا الفراغ، الضرورة داعية إلى هذا الأمر، فنسأل الله أن يوفق الدولة للبدار بهذا الأمر، وهذا المعهد سيكون من طريق جامعة الإمام محمد بن سعود وهي أهلٌ لهذا الأمر، فنسأل الله أن يسهل افتتاحه في هذا العام، وقد تمت في اللقاءات فيما بلغني ولم يبق إلا الشيء اليسير، بل نرجوا أن يتم في هذه الأيام حتى يفتح إن شاء الله هذه الأيام، ثم يفتح بعده إن شاء الله معاهد أخرى في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وغيرهما من المدن التي ينبغي أن يفتح فيها هذا المعهد، والحاجة ماسة بل للضرورة، ماسة إلى هذا الأمر، هذا لا يعفي العلماء من المدرسين وغيرهم ولا يعفي القضاة من الاستجابة، بل عليهم فيما أعتقد أن يستجيبوا وأن يؤموا في المساجد المحتاجة وأن يحتسبوا الأجر حتى يوجد من يقوم مقامهم ويسد عنهم هذا الفراغ، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية. الواقع هذه بشارة سماحة الشيخ وإذا تكرمتم أرجوا من سماحة الشيخ المتابعة أيضاً حول هذا الموضوع، لعل -سبحانه وتعالى- أن يحقق على أيديكم هذا الأمل الكبير الذي ينتظره المسلمون. إن شاء الله، وأنا متابعٌ لهذا ونسأل الله أن يحقق ذلك في هذا العام وفيما بعده، نعم.  
 
8- شاءت مشيئة الله تعالى أن أتعرض لحادثةٍ بسيارتي، راح ضحيتها اثنين من الركاب الذين كانوا معي بالسيارة، واتضح أن السيارة التي داهمتنا هي التي وقع منها الخطأ، سؤالي: هل علي كفارة من صيام أو صدقة؛ لأن المتوفين كانوا معي بالسيارة، علماً بأنني -كما ذكرت- لم يكن الحادث نتيجة خطأ مني، وكل ذنبي أن المتوفيين كانوا معي بالسيارة، فإذا كانت علي صدقة أرجو التكرم بتوضيحها من حيث مقدارها وكيفيتها؛ لأنني أحس بتأنيب الضمير، وأريد منكم الإجابة حتى أكون على بينة من الأمر، ولسماحتكم الشكر بعد الله -سبحانه وتعالى-، وجزاكم الله خير الجزاء عن أمة الإسلام.
أولاً قول السائل: شاءت مشيئة الله ليس بسديد، والصواب أن يقال: شاء الله -سبحانه وتعالى-، بعض الناس يقول: شاءت الأقدار، شاء القدر، شاءت إرادة الله، كل هذا التعبير ليس بجيد، والواجب أن تنسب الأمور في مثل إلى الله -سبحانه وتعالى-، فيقول: شاء الله -سبحانه وتعالى-، أو قضت حكمة الله -جل وعلا- كذا وكذا، أو قدر الله علي كذا وكذا. أما ما يتعلق بسؤالك فإنه لا شيء عليك، ما دام الخطأ من غيرك وأنت مظلوم فالكفارة والدية على الذي أخطأ عليك، ما دمت لزمت الطريق المعروف النظامي ولم تسرع وإنما أخطأ عليك من صدمك، فالإثم عليه والكفارة عليه والدية عليه، أما أنت فليس عليك شيء إذا كان الأمر كما قلت، والله ولي التوفيق. تقرير المرور سماحة الشيخ هل يعتبر في هذه المواقف؟ يعتبر نعم، لأنهم مسؤولون وليس هناك طريقٌ آخر فهم الذين يعتمد عليهم في هذا.  
 
9- عندنا في قريتي حصن ريمان، الناس يذهبون إلى جبل ويأخذون معهم ذبيحة، ويذبحونها في الجبل من أجل الله -سبحانه وتعالى-، ولعل الله يرحمهم وينزل عليهم المطر، فهل هذا يحل أم لا؟ أفيدونا أفادكم الله
هذا العمل فيه تفصيل: فإذا كان الذبح لله وحده، وليس هناك مقصودٌ آخر، ليس هناك قبر يذبحون عنده، وليس هناك اعتقادٌ آخر في الجبل، وإنما فعلوا كذا صدفة من غير قصد فلا حرج والذبيحة لله وحده، ولكن لا حاجة لمجيء الجبل لأن هذا يوهم أن هناك أشياء، يذبحنها في بيوتهم أو في أي مكانٍ تذبح فيه الدواب، ويكفي تقربا إلى الله -جل وعلا-، ثم يوزع هذا اللحم على الفقراء والمساكين، أو يأكلونه إن كانوا أرادوا أكله، وإن كانوا أرادوا الفقراء قسموه بين الفقراء، أو أعطوا الفقراء منه ما شاء، المقصود أن قصدهم الجبل فيه شيء من الإيهام، فإذا كان المقصود من مجيء الجبل إظهار الذبيحة وأنها تذبح لله على رؤوس الأشهاد فلا حاجة إلى قصد الجبل، يذبحونها في مكانٍ بارز ويقسمونها بين الفقراء في قريتهم ويكفي، ولا يقصدون الجبل هذا الذي يوهم أنهم أرادوا شيئاً. أما إن كانوا أرادوا في الجبل أن هناك ميتاً مدفوناً هناك، أو أن هناك محلاً لرجالٍ صالحين جلسوا فيه أو غار جلس فيه أناس صالحون فهم يتبركون به فهذا لا يجوز، فيجب التنبه لهذا. وإذا كان المقصود فقط إظهار الذبيحة فإظهارها يكون في أي مكان سوى الجبل ما حاجة إلى الجبل، ولو في بيوتهم يذبحونها في محل الذبح أو في حوش عندهم في محل الذبح أو في محلٍ حول الطريق يراه الناس ولا يؤذي أحداً من الناس لا بأس، المقصود إظهارها بأي طريقٍ لكن لا يوهم، لا يكون إظهاره يوهم أن هناك قصداً كقصد جبلٍ معين أو شجرة معينة حتى لا يتهم بالشرك أو بالبدعة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.  
 
10- كانوا يأخذون الأبقار ويلفون بها حول الجبال وحول الأودية، وبعد ذلك يذبحون واحدةً منها، وهم بذلك يريدون الاستسقاء، فلعل هذا شبيه بذلك سماحة الشيخ .
ما هو ببعيد، ليس هذا ببعيد، وهذا غلط لا أصل له، بل هذا من البدع، المقصود التقرب إلى الله بصلاة الاستسقاء والدعاء يستغيثون الله ويصلون الصلاة الشرعية، وإذا ذبحوا ذبائح وتصدقوا بها أو صاموا أو تصدقوا بنقود أو بأطعمة من الحبوب أو من التمور، كل هذا طيب، لكن لا يقصدوا مكاناً يوهموا أنهم يتعبدون فيه لأنه قد سكنه رجلٌ صالح، أو أقام به رجلٌ صالح، أو دفن به رجلٌ صالح، أو دفن فيه رجلٌ صالح، لا، لا يوهمون هذه الأشياء، ولا يقصدون هذه الأشياء، أما كونهم يدورون بها في الوادي أو في الجبال هذا لا أصل له، بل بدعة ولا حاجة إلى هذا، المقصود التقرب إلى الله في أي مكانٍ ذبحوها كفى، بقرة أو ناقة أو غنم كل هذا طيب إذا قصدوا به الصدقة والتقرب إلى الله، رجاء أن يرحمهم الله كما رحموا الفقراء وأحسنوا فيهم فالصدقة في الاستسقاء مطلوبة، الصدقة أيام الاستسقاء مطلوبة، لأن الله -جل وعلا- يرحم عباده الرحماء، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إنما يرحم الله من عباده الرحماء)، (من لا يرحم لا يُرحم)، فإذا تصدقوا على الفقراء بالنقود أو بالذبائح أو بالملابس أو بالأطعمة وقت الحاجة كجدب هذا من أسباب الرحمة، من أسباب رحمة الله لهم لما رحموا عباده.  
 
11- كم هي شروط الإسلام؟
شروط الإسلام شرطان: شرطٌ أول: الإخلاص لله، وأن تكون قصدت بإسلامك ودخولك في دين الله وأعمالك وجه الله -عز وجل-، هذا لا بد منه، كل عمل تعمله وليس لوجه الله سواء كان صلاة أو صدقة أو صيام أو غير هذا ما يكون نافعاً ولا مقبولاً، حتى الشهادتين، لو فعلتهما رياءً أو نفاقاً ما تنفع، تكون من المنافقين، فلا بد أن يكون قولك أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، صدقاً من قلبك تؤمن بالله وحده وأنه المعبود بالحق وأن محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- صادق، وأنه رسول الله حقاً، وأنه خاتم الأنبياء فإذا كان صدقاً إخلاصاً نفعك ذلك، وهكذا في صلاتك تعبد الله بها وحده، هكذا صدقاتك، هكذا قراءتك، تهليلك صومك حجك يكون لله وحده. الشرط الثاني: الموافقة للشريعة، لا بد تكون أعمالك موافقة للشريعة، ما هو من عند رأيك، أو من اجتهادك، لا بد تتحرى موافقة الشريعة، تصلي كما شرع الله، تصوم كما شرع الله، تزكي كما شرع الله، تجاهد كما شرع الله، تحج كما شرع الله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) والله يقول في كتابه الكريم: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ (21) سورة الشورى، يعيبهم بهذا، ويقول سبحانه: ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18) سورة الجاثية، إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيئًا (19) سورة الجاثية، فالواجب اتباع الشريعة التي شرعها الله على يد رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وعدم الخروج عنها في جميع العبادات التي نتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى. هذه شروط الإسلام، شرطان، الأول: الإخلاص لله في العمل، والثاني: الموافقة للشريعة، هذا هو الذي به تنتفع بعبادتك، ويقبل الله عباداتك إذا كنت مسلماً. 

327 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply