حلقة 308: صحة حديث من رآني فقد رآني حقا وحديث من رآني حرم على النار - رؤيا الرسول في المنام هل تعتبر بشارة - هل يصح الحج من شخص عمره ثلاثون عاما - رجل يبلغ من العمر سبعون عاما ولم يصل فما حكمه - صحة قول أن الرسول سيتزوج مريم العذراء

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

8 / 48 محاضرة

حلقة 308: صحة حديث من رآني فقد رآني حقا وحديث من رآني حرم على النار - رؤيا الرسول في المنام هل تعتبر بشارة - هل يصح الحج من شخص عمره ثلاثون عاما - رجل يبلغ من العمر سبعون عاما ولم يصل فما حكمه - صحة قول أن الرسول سيتزوج مريم العذراء

1- ما مدى صحة الحديث المروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والذي معناه: من رآني فقد رآني حقاً. والحديث الآخر الذي معناه: إن من رآني فقد حرمت عليه النار. أرجو إفادتي حول هذين الحديثين

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن واهتدى بهداه أما بعد: أما الحديث الأول وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من رآني فقد رآني حقاً) فهذا الحديث هو صحيح، وله ألفاظ منها قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي). ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من رآني في المنام فقد رأى الحق فإن الشيطان لا يتمثل بي). في عدة ألفاظ جاءت عنه -عليه الصلاة والسلام-، ومعنى ذلك أن عدو الله الشيطان قد حيل بينه وبين أن يتمثل بصورة النبي -عليه الصلاة والسلام- فمن رأى النبي في المنام فقد رأى الحقيقة وقد رآه -عليه الصلاة والسلام- إذا رآه بصورته التي هي معروفة عند أهل العلم، وهو عليه الصلاة والسلام ربعة من الرجال، حسن الصورة، أبيض مشرب بحمرة، كث اللحية سوداء في آخر حياته حصل فيها شعرات قليلة من الشيب عليه الصلاة والسلام، فمن رآه على صورته الحقيقية فقد رآه فإن الشيطان لا يتمثل به عليه الصلاة والسلام. وأما الحديث الثاني: (من رآني حرمت عليه النار). فهذا لا أصل له، وليس بصحيح.  
 
2- هل رؤية الرسول - صلى الله عليه وسلم - في المنام على هيئة ما تعتبر بشارة في حق الرائي، أو أنه من أهل الجنة؟
إذا رآه على صورته كما تقدم فهي خير -إن شاء الله-، ولكن لا تتضمن نجاة ولا سعادة ولا تقوى، فقد رآه في حياته - صلى الله عليه وسلم - الكفرة والمنافقون ولم تنفعهم هذه الرؤيا يوم القيامة، فقد رآه أبو جهل ومات على الكفر بالله وقتل يوم بدر، ورآه عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وقتل على كفرهما ورآه عمه أبو طالب ومات على كفره ورآه عمه أبو لهب ومات على كفره ورآه عبد الله بن أبي رأس المنافقين ومات على كفره، فرؤيته في اليقظة لا تتضمن هداية ولا إسلاماً ولا تتضمن سعادة بأهلها إلا إذا آمنوا به وصدقوه واتبعوه عليه الصلاة والسلام هكذا في المنام من باب أولى من رآه في المنام المؤمن متقي يرجى له الخير إذا رآه على صورته، أما من رآه ولم يؤمن بشريعته ولم ينقاد لما جاء به فإن هذه الرؤيا لا تنفعه بل هي حجة عليه في اليقظة والنوم كما رآه أولئك الكفار في حياته - صلى الله عليه وسلم -، فلم يوفقوا للإيمان به وصاروا أشقياء نعوذ بالله من ذلك هكذا من رآه في النوم ولم يؤمن به ولم يتبع ما جاء به فإنها لا تنفعه هذه الرؤيا، بل تكون حجة عليه.  
 
3- هل يصح الحج من شخص عمره ثلاثون عاماً؟
نعم كل من بلغ الحلم صح حجه عن نفسه، وأدى الفريضة في ذلك ولو كان ابن خمسة عشرة سنة أو أقل أو أكثر. فالمقصود إذا كان مكلفاً المقصود إذا بلغ الحلم بإكماله خمسة عشر سنة أو بإنزاله المني في الاحتلام وفي اليقظة عن شهوة أو بإنباته الشعر الخشن حول الفرج فإنه بهذا يكون مكلفاً، فإذا حج بهذه الحال أو بعدها فإن حجه يكون صحيحاً ومؤدياً للفريضة أما إذا كان حجه قبل البلوغ وهو صغير فإنه يعتبر حجاً تطوعاً متنفل، نافلة، ولا يؤدي عنه حجة الإسلام إلا إذا كان أدائه له بعد البلوغ، وليس له حد محدود من جهة السن المهم أن يكون بالغاً. والبلوغ يكون بأحد ثلاثة أمور: إما إكمال خمسة عشر سنة في أصح قولي العلماء. وقول الجمهور وإما بإنبات الشعر الخشن حول الفرج وإما بالاحتلام بإنزال المني حال النوم أو في اليقظة عن شهوة كالتفكير أو بسبب النظر أو اللمس فينزل المني عن شهوة، فهذا يكون بذلك بالغاً ومكلفاً. والمرأة مثل ذلك إذا بلغت خمسة عشر سنة أو أنبتت شعرة حول الفرج الشعر الخشن أو أنزلت بالاحتلام أو غيره عن شهوة وتزيد أمر رابعاً وهو الحيض، فإذا وجد منها وحد من هذه الأربعة صارت مكلفة، وصح حجها فريضة، وما قبل ذلك يكون نافلة لا يؤدي الفريضة.  
 
4- إن له جداً وهذا الجد يبلغ من العمر سبعين عاماً إلا أنه لم يصل ماذا تقولون سماحة الشيخ؟
الواجب نصيحة هذا الجد قبل أن ينزل به الأجل، وقد بلغ من العمر عتياً، وقد كبرت سنه وهو على خطر من هجوم الأجل، فالواجب أن ينصح ويوجه إلى الخير، ويوعظ ويذكر لعل الله يهديه حتى يؤدي الصلاة، فإذا تاب وصلى فليس عليه قضاء ما فات، ولكن عليه البدار بالتوبة والمسارعة إلى التوبة قبل هجوم الأجل، وعليه أن يصلي من حين يتوب إلى الله وعليه أن يصلي مستقبلاً، ويستغفر ربه -جل وعلا- على ما مضى وينبغي له أن يستكثر من العمل الصالح والله يتوب على التائبين كما قال الله - سبحانه وتعالى - : وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى. وقال - عز وجل - : وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا. فعليه أن يتوب إلى الله توبة صادقة بالندم على ما مضى والإقلاع من ترك الصلاة والعزيمة على أن لا يعود في ذلك، وأن يحافظ عليها في أوقاتها مع المسلمين، وعليه أن يكثر من العمل الصالح لعل الله أن يتوب عليه فيبدل سيئاته حسنات.  
 
5- شقيقتي طالبة وتروي لهم مدرسة اللغة العربية والتربية الدينية إنه عند فناء هذه الدنيا سيتزوج الرسول - صلى الله عليه وسلم - في دار الآخرة كل من مريم العذارء وزجة الفرعون، فهل لهذا الكلام شيء من الصحة، وتقول المدرسة أيضاً: إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال لزوجته عائشة -رضي الله عنها-: سلمي على ضرتك في الآخرة، فقالت له عائشة: هل تزوجت عليّ، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: كلا بل سأتزوج بعد انتهاء هذه الدنيا من مريم العذراء وزوجة الفرعون، فهل لهذا الحديث صحة، علماً أني لم أقرأ في كتاب أو أسمع من عالم ديني كبير مثل هذا الكلام؛
لا أعلم أنه ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديث صحيح في تزوجه بمريم، وتزوجه بآسيا امرأة فرعون لا أعلم بهذا حديثاً صحيحاً. وزوجاته المعروفات - رضي الله عنه - وهن زوجاته في الآخرة التسع المعروفات، وأما مريم وأما آسيا امرأة فرعون فالله أعلم هل يتزوجهما في الآخرة أم لا.  
 
6- أنا منتسبة إلى إحدى هذه الدوائر وهذه الدوائر تعمل من الثامنة صباحاً وحتى الثالثة عصراً وأحياناً أصلي الظهر مع العصر كيف تنصحونني؟
الواجب على المؤمن والمؤمنة أداء الصلاة في الوقت. فالعصر في تؤدى في وقتها والظهر تؤدى في وقتها، ولا يجوز الجمع إلا من علة كالمطر على الصحيح، وكالمرض وكالسفر إذا كان هناك علة شرعية فلا بأس بالجمع وإلا فالواجب أن تصلى كل صلاة في وقتها. الظهر في وقتها والعصر في وقتها والدراسة ليست عذراً في الجمع، فالواجب عليك وعلى كل مسلم وعلى كل مسلمة أداء الصلوات في أوقاتها؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وضحها للأمة وبينها للأمة، وقال بعدما وقت المواقيت: (الصلاة بين هذين الوقتين). أي الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، والله بين -جل وعلا- على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - الأوقات فعلى الأمة أن تسمع وتطيع لما بينه -عليه الصلاة والسلام- وأن تستقيم على ذلك وأن لا تترخص في شيء إلا برخصة شرعية ثابتة عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام-.
 
7- لي مجموعة من أدعية الرسول - صلى الله عليه وسلم - لكني لا أحفظها هل تصح قراءتها من الورقة أو لا؟

 

لا مانع أن يقرأ الإنسان الدعاء من الورقة إذا كان لا يحفظ، وكتب الدعاء في ورقة وقرأها في الأوقات التي يحب أن يقرأ في آخر الليل في أثناء الليل في غير هذا لا بأس، ولكن إذا تيسر حفظ ذلك وأن يقرأه عن حضور قلب وعن خشوع فذلك أكمل وقراءة الدعاء من الورقة لا بأس به. والقراءة سواء كانت أثناء الصلاة أو خارج الصلاة؟. في الصلاة أولى تكون حفظ تكون دعوات مختصرة موجزة تحفظها هذا أفضل، ولو قرئت بورقة مثل التشهد أو بين السجدتين لا يضر ذلك لا حرج في ذلك، لكن كونها تحفظ ذلك كون الداعي يحفظ ذلك يكون أقرب إلى الخشوع. ويقاس على هذا قراءة القرآن سماحة الشيخ؟.. إذا قرأ القرآن من المصحف لا بأس مثل التراويح قيام رمضان يحتاج إلى طول القراءة، فإذا قرأ من المصحف فلا بأس على الصحيح، وقد كان مولى عائشة - رضي الله عنها - يصلي بها من المصحف في رمضان. بارك الله فيك.  

 

 
8- لي صديقة أحبها جداً وهي مثل أختي، وهي ملتزمة بأمور دينها تؤدي الصلاة، وتصوم شهر رمضان، وتبتعد عن أمور الشر، وتتحلى بالأخلاق السامية إلا أنها رغم إصراري عليها لتلبس الحجاب لم تلبسه حتى الآن، كيف تنصحونني وإياها
الواجب على كل مسلمة العناية بالحجاب؛ لأن الله -جل وعلا- أمر بذلك يقول - سبحانه وتعالى - في كتابه العظيم لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ. فإذا كان أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤمرن بالحجاب وهن خيرة النساء فغيرهن من باب أولى والشيطان على غيرهن أجرى ولهذا قال - سبحانه وتعالى - : وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ. وإذا كان الحجاب أطهر لقلوب المؤمنين في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأطهر لقلوب المؤمنات في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ومنهن أزواجه -عليه الصلاة والسلام- فالطهارة لمن بعدهم أشد وأشد، فالحاجة إلى الطهارة في قلوب من بعدهم أشد وأشد؛ لأن أولئك الأخيار أقوى إيماناً وأكمل إيماناً فإذا كان الحجاب أطهر لقلوبهم فهو أطهر لقلوب من بعدهم أيضاً. وكذلك قوله -جل وعلا-: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ. والجلباب يغطى به البدن كله الرأس والوجه والبدن وهكذا قوله - سبحانه وتعالى - في حق النساء: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ. الآية.. فدل ذلك على أن الزينة يجب أن تغطى وتحجب عن الأجانب وإنما تبدي زينتها لمحارمها كزوجها وأبيه وابنه وأبيها وأخيها وعمها ونحو ذلك. ثم أيضاً أمر آخر وهو أن إظهار الزينة من أسباب الفتنة، فينبغي للمؤمنة أن تبتعد عن أسباب الفتنة.  
 
9- هل صحيح أن الإنسان إذا حج مرة واحدة تغفر جميع ذنوبه، وهل في كل مرة يذهب للحج تغفر له جميع ما عمل من الكبائر؟
هكذا جاء الحديث عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- يدل على أن الحج المبرور من أسباب غفران الذنوب، ومن أسباب دخول الجنة إذا تقبله الله من صاحبه، وأداه عن بر وإخلاص وصدق، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: في الحديث الصحيح: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة). متفق على صحته عن النبي عليه الصلاة والسلام. وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه). رواه البخاري في الصحيح. فهذا يدل على أن الحج المبرور وهو الذي ليس معه معاصي حج وقد ترك المعاصي وتاب إلى الله منها، ولم يكن عنده شيء من ذلك فإن البار في الحج هو الذي لم يرفث ولم يفسق كما قال - صلى الله عليه وسلم - والذي أدى حجه عن إيمان وعن صدق وعن رغبة فيما عند الله وعند توبة من جميع المعاصي فإن حجه يكون سبباً لمغفرة ذنوبه وسبباً لدخوله الجنة ونجاته من النار.  
 
10- هل يصح قص شعر المرأة، وما حكم الحناء؟
قص الشعر إذا كان للتخفيف لا للتشبه بالكافرات بل لمجرد التخفيف فلا بأس بذلك، والحناء لا بأس بها هو من جنس المرأة فالمشروع لها والأفضل لها أن تستعمله حتى تبتعد عن مشابهة أيدي الرجال.  
 
11- ما حكم السلام باليد كما هو مشاهد بين كثير من الناس، ولاسيما إذا كان الواحد منهم في سيارته؟
الإشارة بالسلام لا بأس بها عند البعد أو عند كون المسلم عليه لا يسمع، ولكن مع التلفظ يسلم ويشير وقد مر النبي - صلى الله عليه وسلم - على نساء فسلم عليهن وأشار بيده لإفهامهن أنه يسلم عليه الصلاة والسلام فإذا كان المسلم عليه بعيداً أو لا يسمع السلام لمرض في سمعه أو لأسباب أخرى فسلم له باللفظ وأشار حتى يفهم المسلم عليه أن يسلم عليه فلا بأس في ذلك. أما الاكتفاء بالإشارة فلا ما يكتفي بالإشارة لأن هذا فيه تشبه بأعداء الله.  
 
12- عن تفسير قوله تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا [الجن:8] وهل الجن لمسوا السماء حقاً أم لا؟
القرآن أصدق الكلام وهو كلام الله - عز وجل - والأصل في الكلام الحقيقة وهذا هو الأصل والله أخبر أنه قال: وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا. ولم يرد عليهم ولم يقل كذبوا فدل ذلك على أنهم لمسوها صعدوا وارتفعوا حتى لمسوا السماء فإنهم يسترقون السمع، ويركب بعضهم فوق بعض بإذن الله الذي قواهم على هذا - سبحانه وتعالى - فلهذا أخبر عنهم بما أخبر حيث أخبر عنهم بأنهم قالوا:وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا. فالأمر حقيقة وهذا يدل على إمكان ذلك وأنه يمكن لمس السماء لكن لا يمكن دخولها إلا بإذن من الله - عز وجل - ولهذا لما عرج بالنبي - صلى الله عليه وسلم - إلى السماء لم يدخلها إلا بإذنه ومعه جبرائيل -عليه الصلاة والسلام- فاستأذن جبرائيل فأذن له الحرس فدخل جبرائيل ودخل النبي -عليه الصلاة والسلام- في كل سماء بإذنه.  
 
13- ما حكم الإسلام في يمين الطلاق أمام الزوجة أو غيابها؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. نعم الطلاق له صور كثيرة، فإذا كان الطلاق معلقاً على وجه اليمين كأن يقول لها مشافهة إذا كلمت فلاناً فأنت طالق أو إذا خرجت إلى بيت فلان فأنت طالق، أو ما أشبه ذلك مما يقصد منه الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب، فهذا الطلاق يقال له يمين، لأنه في معنى اليمين ولأن مقصوده مقصود اليمين فإذا كان قصد المطلق منعها من شيء أو حملها عليه أو التصديق أو التكذيب فهذا عند أهل العلم عند المحققين من أهل العلم في حكم اليمين، وذهب الأكثرون إلى أنه يقع لأنه في حكم الشرط، حكم المعلق ولكن الصواب الذي عليه جمع من أهل التحقيق أنه في حكم اليمين فعليه كفارتها إذا لم يقصد إيقاعه وإنما قصد منعاً أو حثاً أو تصديقاً أو تكذيباً فإنه يكون له حكم اليمين بعدم الوقوع والاكتفاء بالكفارة، فإذا قال لها إن كلمت فلاناً فأنت طالق قصده أن يمنعها من ذلك وليس قصده إيقاع الطلاق إنما قصده منعها من تكليمه فإنها إذا كلمته يكون على زوجها كفارة اليمين، ولا يقع الطلاق في أصح قولي العلماء. وهكذا لقول لزوجته إن خرجت من بيتك اليوم أو غداً أو قصده دائماً بغير إذني فأنت طالق فمقصوده منعها من الخروج، وليس قصده إيقاع الطلاق فإنها بذلك إذا خرجت بغير إذنه يكون عليه كفارة ولا يقع الطلاق لأنه لم يقصد إيقاعه وإنما قصد المنع. أما إن قصد إيقاع الطلاق فإنه يقع متى خرجت.  
 
14- ما حكم الإسلام في الرجل المسلم الذي يسب الدين؟
سب الدين من أعظم الكبائر ومن نواقض الإسلام نسأل الله العافية والسلامة فمن سب الدين وسب الإسلام أو سب نبي الإسلام أو سب رسولاً من الرسل ارتد عن الإسلام، -نعوذ بالله- فإذا لعن الرسول ولعن الإسلام أو سب الإسلام بأنواع السب بأن قال الإسلام دين جامد أو دين ناقص أو دين الشعوب أو أشباه ذلك من التنقصات فإن هذا يسمى سباً ويكون صاحبه مرتداً عن الإسلام يستتاب فإن تاب وإلا قتل. وذهب بعض أهل العلم إلا أنه لا يستتاب بل يقتل مطلقاً كمن سب الله أو سب رسوله -عليه الصلاة والسلام-. فالمقصود أن السبب لله أو لرسوله أو لدينه ردة عن الإسلام، وقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (من بدل دينه فاقتلوه). فالواجب على من فعل ذلك أن يبادر بالتوبة والرجوع إلى الله والإنابة إليه والندم على ما صدر منه والاستكثار من العمل الصالح لعل الله يتوب عليه. أما ولاة الأمور فالواجب عليهم استتابته وتأديبه على ما فعل وتوبيخه على ذلك وتأديبه بما يردعه وأمثاله عن ذلك. أما قبول التوبة فهي محل نظر وخلاف بين أهل العلم، فمن رأى قبول توبته فله وجه، ومن رأى قتله وعدم قول توبته فله وجه، ردعاً للناس عن التساهل بهذا الأمر، وحماية لدين الله وحماية لجنابه - سبحانه وتعالى - وحماية لجناب رسول الله -عليه الصلاة والسلام-. وعلى كل حال فالسب ردة عن الإسلام أو كونه تقبل توبته في الحكم الظاهر أو لا تقبل فهذا محل خلاف بين أهل العلم. وأما فيما بينه وبين الله فإنها تقبل توبته إذا صدق في توبته ورجع إلى الله وأناب إليه وندم على ما مضى منه، فإن الله يقبلها منه لعموم الأدلة الدالة على قبول التوبة، وهو - سبحانه وتعالى - الذي يقبل التوبة عن عباده وهو القائل -جل وعلا-: وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون. فالتوبة لها شأن عظيم فإذا فعلها العبد صادقاً نادماً مقلعاً تاركاً لما فعل من الذنب كبيراً أو صغيراً واستقام على ذلك فالله يقبلها - سبحانه وتعالى -، لكن هل يقبلها ولي الأمر في الدنيا ولا يقتله هذا هو محل خلاف فمن رأى عدم قبول توبة الساب قال لأن السب عظيم ولأن قبولها قد يجرئ الناس على التساهل بها فلهذا رأى جمع من أهل العلم أنه يقتل ولا تقبل توبته من جهة الحكم حسماً لمادة هذا الشر وحماية لدين الله وحماية لرسوله وحماية لجنابه - سبحانه وتعالى - عن سب السابين وشتم الشاتمين وسخرية الساخرين، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله. جزاكم الله خيراً، لا بد أيضاً لمساحة الشيخ من كلمة للناس عامة حتى لا يقعوا في مثل هذه الكبيرة؟. نعم، نعم سب الدين يقع من كثير من السفهاء، فالواجب على جميع المسلمين أن يحذروا ذلك، وأن يصونوا ألسنتهم عما يتعلق بسب الدين أو سب الله أو سب رسوله أو سب الجنة أو غير هذا مما شرعه الله - سبحانه وتعالى -. وهكذا الاستهزاء لا يجوز الاستهزاء لا بشرع الله، ولا بالجنة، ولا بالنار، وبالله، ولا برسوله، ولا بشيء مما شرعه الله، وباللحية، ولا بشيء مما شرعه الله. يجب أن يصون الإنسان لسانه، وأن تصون المرأة لسانها عن كلما حرم الله من سب أو شتم استهزاء، قال الله قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ* لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [سورة التوبة(65) (66)]. ولما بلغه- صلى الله عليه وسلم – أن شخصاً قتل جاريته كانت تسب النبي - صلى الله عليه وسلم – فقتلها لما استتابها فأبت قتلها، قال عليه الصلاة والسلام: ألا اشهدوا إن دمها هدر). لأنها سبت النبي - صلى الله عليه وسلم –. فالمقصود أن الواجب على أهل الإسلام من الرجال والنساء أن يحذروا هذا الأمر، وهذه الجريمة العظيمة، وأن يحذروها الناس، وأن يصونوا ألسنتهم عن سب الله ورسوله، أو الاستهزاء بالله وبرسوله، أو الاستهزاء بشرعه، أو بما أخبر به عن الآخرة. يجب على أهل الإسلام أن يصونوا ألسنتهم، وأن يحفظوها عن كل ما يتعلق بالسب والشتم، والاستهزاء، رزق الله الجميع العافية والسلامة. سماحة الشيخ في ختام.... 

1.7K مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply