حلقة 341: هل الحاسد رجل منافق - كيفية عملية الاستنباط - وهل يصلح إطلاق كلمة إن الله سبحانه وتعالى مع خلقه بعلمه وبقدرته وإرادته - ما حكم امتشاط المرأة في العشر الأول من شهر ذي الحجة

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

39 / 48 محاضرة

حلقة 341: هل الحاسد رجل منافق - كيفية عملية الاستنباط - وهل يصلح إطلاق كلمة إن الله سبحانه وتعالى مع خلقه بعلمه وبقدرته وإرادته - ما حكم امتشاط المرأة في العشر الأول من شهر ذي الحجة

1- أرجو أن تتكرموا بإشعار سماحة الشيخ عبد العزيز بأننا نحبه في الله، ثم بدأ يسرد عدداً من الأسئلة، في سؤال له يقول: قرأت في زاد المعاد (باب الطب) دعاءً لدفع العين نصه: (بسم الله حبس حابس وحجر يابس وشهاب قابس، رددت عين الحاسد عليه وإلى أحب الناس إليه، فارجع البصر هل ترى من فطور، ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسير)، انتهى. فما معنى هذا الدعاء؟ وهل الحاسد رجل منافق أو رجل سوء، وما نصيحتكم لهذا النوع من الناس، وما رأيكم أيضاً فيما أورده صاحب الزاد؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فأولاً أقول: أحبك الله الذي أحببتنا له، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: يقول الله جل وعلا: (وجبت محبَّتي للمتحابين فيَّ والمتزاورين فيَّ والمتباذلين فيَّ والمتجالسين فيَّ) خرَّجه الإمام مالك رحمه الله في الموطأ بإسناد صحيح. وخرَّج مسلم في صحيحه عن النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه قال: (يقول الله جل وعلا يوم القيامة: "أين المتحابون بجلالي! اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي") وفي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه)، فهذه الأحاديث العظيمة تدل على فضل التحاب في الله وأن ذلك من أسباب ظل الله لهم يوم القيامة في ظله ومحبته لهم سبحانه، فينبغي لكل مؤمن أن يحب في الله ويبغض في الله، كما قال عليه الصلاة والسلام: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار). أما هذا الدعاء الذي ذكرته عن (زاد المعاد) فلا أعلم له أصلاً، ولا أرى أنه يعتمد عليه، لأن الأصل في الدعوات والتعوذات لا بد فيها أن تكون ثابتة الإسناد عن الرسول عليه الصلاة والسلام، وإلا فلا يكون لها ميزة خاصة، فهذا الذي ذكره ابن القيم إن ثبت عن الصحابة أو الأخيار فعله وتجربته وأنه نافع فلا بأس، لكن فيه إشكال من جهة طلب رد العين إلى أحب الناس إليه! هذا فيما يظهر ظلم، لماذا يدعى على أحب الناس إليه؟ لم لا يدعى عليه فقط الحاسد المؤذي الظالم؟ فهذا مما يبين نكارة هذا الدعاء وهذا الكلام وأنه ليس صادراً من جهة يعتمد عليها، فالذي أراه والله أعلم أن لا يعتمد على هذا وأن لا يستعمل، وأن يستعمل ما شرعه الله من آية الكرسي، قراءة آية الكرسي، قراءة الفاتحة (قل يا أيها الكافرون) (قل هو الله أحد) سورة المعوذتين، وغيرها من الدعوات الشرعية المعروفة، مثل: "اللهم رب الناس أذهب البأس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاءً لا يغادر سقماً) رواه مسلم في الصحيح، ومثل: (باسم الله أرقيك من كل شر يؤذيك ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك باسم الله أرقيك) وما أشبه هذه الدعوات الطيبة التي ليس فيها ظلم لأحد، ومعناها ظاهر، والله سبحانه وتعالى أعلم. 
 
2-   الواقع كثيراً ما تستشهدون بكتب ابن القيم وكثيراً ما تستشهدون بكتب ابن تيمية وما ورد في كتبهما من أقوال، ويلاحظ المستمع أن لكم رأياً ولله الحمد رأياً يدعمه الصواب إن شاء الله تعالى، حبذا لو قلتم كلمة لطلبة العلم، كيف يكون الاستنباط، ومتى يكون الاستدلال بأقوال الناس والأئمة والعلماء؟
نعم، شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله وتلميذه العلامة ابن القيم رحمه الله، وهكذا تلميذه الحافظ ابن كثير رحمه الله، وابن مفلح وغيرهم، نُجلِّهم ونعرف لهم قدرهم وفضلهم وعلمهم ونستعين بكتبهم في مسائل العلم، وننظر إليها ونعتني بها ونعرف لهم فضلهم الكبير، ولكن لا يجوز أن نقلدهم في كل شيء، يجب على طالب العلم أن يكون له حرية النظر والاستدلال، وأن لا يقبل من زيد أو عمرو بدون حجة، بل يكون عنده العناية وعند النظر، فإذا قال العالم الكبير شيئاً لا وجه له أو لا سند عليه فليقف ولينظر لما هو أولى منه، ولا يمنع كون ذلك العالم جليلاً عند طالب العلم ومعروفاً عنده بالفضل العظيم، لا يمنع ذلك أن يختار خلاف قوله وأن يرجح غير قوله إذا قام عليه الدليل. وهذا الذي أدركنا عليه مشايخنا رحمة الله عليهم يأخذون من أقوال العلماء ما وافق الدليل، ومن جملتهم أبو العباس بن تيمية وابن القيم وغيرهما، ويتركون ما خالف الدليل حتى ولو كان مع من هو أكبر من أبي العباس كالصحابة والتابعين وكبار التابعين وأشباههم والأئمة الأربعة، إذا قام الدليل على خلاف قول أحدهم وجب الأخذ بالدليل، وترك ما خالف الدليل، وإن كان قاله بعض الصحابة أو بعض الأئمة الكبار، وهذا هو عمل الأئمة هذا هو عمل الأئمة أحمد والشافعي ومالك وأبي حنيفة والثوري والأوزاعي وغيرهم هكذا يعملون، يختارون من الأقوال التي فيها الخلاف يختارون ما يرجحه الدليل، وهكذا أوصوا من بعدهم من تلاميذهم وأتباعهم أوصوهم بهذا المنهج، وقالوا: لا تقلدونا ولا تقلدوا فلاناً وفلاناً وخذوا من حيث أخذنا، فهذا هو الواجب على أهل العلم مع التريث ومع التثبت ومع طيب الكلام في حق الأئمة والترضي عنهم، وعدم الاعتراض عليهم بما يوهم أو يشير إلى الازدراء أو التنقص، فهم خير منا وأفضل بأضعاف مضاعفة، بدرجات كثيرة، ولكن لا يمنع ذلك أن ننظر في الأقوال وأن نختار منها ما هو الأرجح بالدليل، سواءً كانت تلك الأقوال للمتأخرين أو للمتقدمين رحمة الله على الجميع.  
 
3- قرأت كثيراً في كتب التوحيد، فما إرشادكم للكتاب الجامع للأسماء والصفات، واعتقاد أهل السنة والجماعة، وهل يصلح إطلاق كلمة إن الله سبحانه وتعالى مع خلقه بعلمه وبقدرته وإرادته، وأقصد بذلك الباء، لأني أقول الباء تقتضي الملاصقة، أرجو التوجيه في هذه القضايا؟
أحسن كتاب وأشرف كتاب وأعظم كتاب في بيان أسماء الله وصفاته وحقه على عباده هو كتاب الله، هو القرآن العظيم، ليس بعده كتاب، هو أشرف كتاب وأعظم كتاب وخير كتاب وأعلى كتاب لمن أراد الحق، وليس فوقه كتاب، وفيه الهداية وفيه البيان وفيه الدلالة على كل خير، ثم سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- الصحيحة مثل ما في الصحيحين وما ثبت في السنن وغيرها من الأحاديث الصحيحة، فهي أيضاً العمدة في هذا الباب، ثم الاستعانة بكتب أهل العلم التي فيها الخير الكثير من السلف، ككتب الأئمة المعروفين، وموطأ مالك، ومسند أحمد، وغيرها لأنها كتب تروي الأحاديث الصحيحة، تروي الآثار عن السلف الصالح، ثم ما ألفه بعدهم العلماء في كتب الأسماء والصفات مثل (كتاب التوحيد) لابن خزيمة (كتاب السنة) لعبد الله بن أحمد (كتاب الدارمي) عثمان بن سعيد في الرد على بشر المريسي، وما أشبه ذلك من الكتب التي ألفت في السنة، كتب البيهقي وإن كان فيها بعض التأويل الذي وافق فيه الأشاعرة! لكنها في الجملة كتب مفيدة، لكن يجب التنبه لما فيها من بعض الخلل والتأويل، ومن أحسن الكتب المتأخرة كتب شيخ الإسلام بن تيمية، كتب ابن القيم والذهبي هؤلاء من خيرة العلماء في القرن الثامن وشيخ الإسلام أيضاً من أعيان القرن السابع فقد جمع بين القرنين فهو من أعيان الثامن والسابع جميعاً، أما ابن القيم والذهبي وأشباههم فهم من أعيان القرن الثامن وهم من أئمة الهدى فكتبهم فيها خير كثير، وهكذا أشباههم من أهل السنة كالحافظ ابن كثير وغيره وابن رجب، ومن المتأخرين شيخ الإسلام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه، فإنه من أهل السنة، وممن ألف في السنة في القرن الثاني عشر، وهكذا تلاميذه وأتباعه: كالشيخ عبد الرحمن بن حسن صاحب (فتح المجيد) الشيخ سليمان بن عبد الله صاحب (تيسير العزيز الحميد) وكلاهما حفيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب، وهكذا كتب أئمة الدعوة الذي سلكوا مسلك الشيخ محمد في الدعوة إلى الحق، وفي إثبات أسماء الله وصفاته. والقاعدة في هذا أن كل من عرف بإتباع السنة وتعظيم السنة والسير على منهج السلف الصالح فهو الذي ينبغي السير على منهاجه والاستعانة بكتبه والثناء عليه وحث الناس على الاستفادة من كتبه، هكذا لا يختص بواحد معين، كل من عرف بأنه يعتني بالسنة ويعظم كلام الله وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام ويَحذر كلام أهل البدع ويُحذِّر منه ويسير على منهج السلف الصالح فهو جدير بالاتباع وجدير أن يعظ على كتبه بالنواجد، سواءً كان شافعياً أو مالكياً أو حنفياً أو حنبلياً أو ظاهرياً أو لا ينتسب لأحد، وفق الله الجميع. - أيضاً يسأل عن القضية الأخيرة سماحة الشيخ وهي قضية المعيَّة فيما يبدو؟ ج/ نعم المعية حق وهذا الكلام هو كلام أهل السنة، الله مع عباده بالمعيَّة كما قال -تعالى-: ..وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ.. (4) سورة الحديد، وهو مع أوليائه أيضاً بالمعيَّة لكنها معصية خاصة تقتضي نصره لهم وحفظه لهم وكلاءته له كما قال سبحانه في حق موسى وهارون: ..إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46) سورة طـه، يعني بالنصر والتأييد والكلاءة وحمايتهما من شر فرعون، وقد فعل سبحانه، فقد تكلم على فرعون وناظراه وبينا له الحق ولم يخافا في الله لومة لائم، والله حماهما من كيده، وهكذا قوله سبحانه في حق محمد -صلى الله عليه وسلم-: ..لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا.. (40) سورة التوبة، لما كان في الغار مع صاحبه أبي بكر وهكذا قوله واصبروا إن الله مع الصابرين إلى غير هذا من آيات المعية، وليس في الباء شبهة، الله معنا بقدرته بعلمه ليس فيه شبهة المعنى أنه فوق العرش، فوق السماوات السبع، بائن من خلقه وهو معنا سبحانه بقدرته يعني أنه قادر علينا، يعني معنا أنه قادر علينا عالم بأحوالنا يرانا ولا يخفى عليه مكاننا، وهو فوق العرش سبحانه وتعالى، وهو معنا أيضاً بإحسانه إلينا وبكلاءته لأوليائه وبحفظه لهم، كما أنه مع الناس كلهم بالعلم والإحاطة والقدرة والتصرف سبحانه وتعالى. - إذاً الباء لا تقتضي الملاصقة كما يعبر أخونا؟ ج/ أبداً لا، كل مقام له مقال، (امسحوا برؤوسكم) له الملاصقة، سرت مع زيد ما يلزم منه الملاصقة سار معه وجنبه ولكنه لا يلزمه الملاصقة، سافرت مع زوجتي كذلك، سافرت مع فلان كذلك، أو سافرت بفلان، أو سافرت بصحبة فلان مثل مع فلان، لا يقتضي الملاصقة كل شيء بحسبه، سرت مع القمر أو سرت بالقمر سرت بالشمس يعني بالاستمتاع بها والانتفاع بها. أيضاً مع الفارق في التشبيه (ولله المثل الأعلى) سماحة الشيخ: فيما إذا قال فلان لأخيه أنا معك حيثما كنت؟ ج/ لا يلزم منه الملاصقة ولا المخالطة أبداً، فإذا كان هذا في حق المخلوق فالله أولى وأولى وأجل، ويقول الناس مثلاً في العهد الأول: فلان مع معاوية، يعني ميله مع معاوية ولو كان في الشرق أو في الغرب، وفلان مع علي يعني ميوله مع علي وفي مناصرة علي وإن كان ليس في الكوفة ولا معه في جيشه، ويقال: فلانة مع زوجها وفلان معه فلانة، وإن كان بينهما مسافات طويلة يعني في عصمته. هذا في جانب المتساويين أو في جانب إذا كان الكبير يميل إلى الصغير، فيما إذا كان مثلاً لنَقُل الراعي والرعية مثلاً؟ ج/ كذلك، الراعي مع الرعية والرعية مع الراعي كلها معية نسبية، وإذا جاز هذا في المخلوقين وفي بعضهم من بعض فيجوز في حق الخالق مع عظيم البينونة مع كون البينونة عظيمة، فالله لا يشابهه شيء، وهو سبحانه لا يخالط خلقه ولا يكون في خلقه شيء منه، ولا في خلقه شيء من ذلك، ولا في ذاته شيء من خلقه سبحانه وتعالى.  
 
4- هل قول اللهم أنت السلام وإليك السلام، بدلاً عن قول ومنك السلام، هل هذا مُخلٌ في العقيدة؟
السنة (اللهم أنت السلام ومنك السلام) هذا السنة (تباركت يا ذا الجلال والإكرام) معناه: أنه سبحانه هو السلام، يعني الكامل من كل نقص والسالم من كل نقص، وقيل معناه: المسلم لغيره مع كونه سالماً في نفسه هو مسلمٌ لغيره أيضاً، فالسلامة تطلب منه ولهذا قال: (ومنك السلام) يعني منك السلامة والخير والعافية كلها من الله، فهو السلام يعني الكامل السليم من كل نقص وعيب، وهو أيضاً الذي يمد عباده وخلقه بالسلام سبحانه وتعالى، أما (وإليك السلام) فقد جاءت في بعض الروايات، ولا أذكر الآن صحتها، ولكني لا أعرف مدى الرواية التي جاءت بذلك، هل هي من قبيل الحسن أو من قبيل الصحيح أو من قبيل الضعيف تحتاج إلى مراجعة أما (وعليك السلام) فلا تجوز، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا تقولوا السلام على الله فإن الله هو السلام)، ما قال: لا تقولوا: السلام إلى الله، قال: (لا تقولوا السلام على الله) فلا يقال: السلام على الله من عباده، أو السلام عليك يا ربنا، أو عليك السلام يا ربنا، هذا لا يجوز؛ لأنه سبحانه المسلِّم لعباده، وهو الذي بيده السلام سبحانه وتعالى، وأما إليك السلام فلها وجه إن صحت، يعني ينتهي إليه السلام، إليك يعني ينتهي إليك، فأنت الذي بيدك السلام وأنت الذي تعطي السلام، وأنت الذي تتصرف بعبادك بالسلام، فإليك معناها صحيحة إن صح بالرواية.  
 
5- هل يجوز للمرأة أن تستعمل الحناء وهي في عذرها؟
لا حرج أن تستعمل المرأة الحناء وهي في الحيض أو في النفاس، وهكذا يسأل بعض الناس عن استعمال الحناء في الصوم لا بأس أن يستعمل الحناء في الصوم، تستعمل المرأة الحناء وهي صائمة أو وهي في حال الحيض أو النفاس كل هذا لا بأس به، وهكذا يجوز للصائم الادِّهان بالكريم أو بأي شيء آخر أو بأنواع من الدهن، لا بأس أن يدهن رأسه أو رقبته أو بدنه عن شيء من الأذى كل هذا لا بأس به، ولا بأس أن يكتوي عند الحاجة لا بأس أن يتعاطى بعض الأدوية التي تستعمل دهوناً ومروخاً للبدن كل هذا لا بأس به، وهكذا الإبر بعض علماء العصر لا يراها، وبعضهم يفصل بين إبرة الوريد وإبرة العرق، ولكنها من باب الدواء فلا تقدح بالصوم، لكن استعمالها في الليل أولى خروجاً من الخلاف وأحوط، ولاسيما إبر العرق الوريد كونها تستعمل في الليل، ويستغنى عنها إذا أمكن ذلك فهو أولى وأحوط لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (دع ما يريبك إلى مالا يربيك) وإبر العضل أسهل وأيسر، وكل ذلك إذا كان في الليل يكون أولى وأفضل، وهكذا الكحل والتقطير للعين كله مثل هذا إن دعت الحاجة إليه في النهار فلا بأس، وإن جعل في الليل فهو أحوط وأولى خروجاً من خلاف من منع ذلك إذا كان قد يصل الحلق منه شيء، أما إذا كان ما يصل إلى الحلق منه شيء فهو لا يضر. - الواقع القطرة يشعر الإنسان بطعمها سماحة الشيخ، والكحل أيضاً يشعر الإنسان بتأثيره؟ ج/ قد يقع، لكنه عند جمع من أهل العلم ما يعفى عنه، مثل ما قد يشعر الإنسان بطعم الشيء في حلقه وهو ما أكل شيئاً ... ونحوه، قد يشعر الإنسان، حتى قالوا أن الإنسان قد يضع رجله على بعض الأشياء فيحس بالمرورة مثل الشري هذا المعروف، قالوا: إنه إذا جعل رجله عليه عندما تجعل عليه النار وتكون حارة يحس الإنسان بالمرارة في ريقه ويتأثر بها جوفه، فالحاصل مثل هذا لا يؤثر.  
 
6- يسأل أخونا عن حكم امتشاط المرأة في العشر الأول من شهر ذي الحجة؟
إذا كانت تضحي فلا بأس بامتشاطها، لكن لا تقطع الشعر تمتشط تنقض رأسها مثل ما قال النبي لعائشة: (انقضي رأسك وامتشطي) لا بأس، لكن لا تقطع الشعر تتعمد قطع الشعر، أما إذا نقضته وسقط بعض الشعر بسبب النقض فهذا لا يضر؛ لأنه شعر ميت أو في حكم الميت لا يضر سقوطه، الممنوع أن تتعمد قطع الشعر أو الظفر لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا دخل شهر ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئاً) وفي اللفظ الآخر: (ولا من بشرته شيئاً) يعني من جلده، فإذا كان يضحي بعد دخول الشهر رجل أو امرأة فلا يأخذ من شعره ولا من ظفره ولا من جلدته شيئاً، ولا يسمى محرماً لكن ممنوع من هذا، وليس بمحرم، له أن يتطيب له أن يأتي زوجته وليس بمحرم، ولكنه يمنع من هذا الشيء إذا أراد الضحية عن نفسه أو عن نفسه وأهل بيته فيمنع، وهكذا المرأة إذا أرادت الضحية عن نفسها أو عنها وأهل بيتها أو والديها لا تأخذ شيئاً من الشعر ولا من الظفر ولا من البشرة حتى تضحي، أما كونها تغسل رأسها تنقض رأسها تمشطه فلا حرج في ذلك، ولو سقط بعض الشعر لا يضر ذلك. وهنا مسألة قد تشكل على بعض الناس وهي إذا أراد الرجل أن يضحي، هل يلزم زوجته وبناته الكف ويكن في حكم المضحيات، بعض الفقهاء الذين قالوا إنهن في حكم المضحيات، والصواب أنهن لا يلحقن بذلك، إنما الحكم مناطٌ بصاحب البيت الذي يسوق المال الذي يشتري الضحية، هو الذي لا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئاً، أما أهل بيته من زوجة وبنت وولد فلا يلحقهم ذلك، ولا يمنعون من أخذ الشعر والظفر؛ لأنهم غير مضحين، بل مضحىً عنهم، فلا يعمهم الحديث، والحديث: قال: (أن يضحي) بعض الناس الذي ما يعرف الحديث يقول: أو يضحى عنه، وليس هذا في الحديث، إنما هذا من كلام بعض الفقهاء أو يضحى عنه، أما الحديث فليس فيه إلا قوله: (أو أراد أن يضحي) والحديث الصحيح رواه مسلم من حديث أم سلمة رضي الله عنها. بارك الله فيكم سماحة الشيخ في ختام... 

534 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply